الحلقة الخامسة الوثائق البريطانية: ثاتشر تعبر عن فرحها العميق لانتخاب حليفها ريغان حتى يكملا المشوار معا

تاريخ الإضافة الأربعاء 8 كانون الثاني 2014 - 7:10 ص    عدد الزيارات 1885    التعليقات 0

        

الحلقة الخامسة الوثائق البريطانية: ثاتشر تعبر عن فرحها العميق لانتخاب حليفها ريغان حتى يكملا المشوار معا
الوثائق البريطانية: العلاقات البريطانية ــ الأميركية
لندن: عبد اللطيف جابر
العلاقات البريطانية ــ الأميركية كانت دائما توصف بالخاصة والأقرب بين أي دولتين في دول المعسكر الغربي خلال فترة الحرب الباردة أو بعد انتهائها مع انهيار الاتحاد السوفياتي ودول معسكر أوروبا الشرقية، لكن هذا لا يعني أن علاقاتهما لم يكن يشوبها أحيانا التشنج والتنافس السياسي الذي يفرضه بين الحين والآخر اختلاف المصالح والتناقضات السياسية في العلاقات الدولية، إلا أن فترة الثمانينات شهدت مرحلة متميزة في العلاقات بينهما، بسبب وجود إدارتين وصفتا باليمينيتين في البلدين، حكومة مارغريت ثاتشر في بريطانيا، التي دامت 11 عاما في السلطة (من 1979 إلى 1990)، وإدارة رونالد ريغان في الولايات المتحدة التي حكمت هي الأخرى من 1981 إلى 1989. الوثائق البريطانية المفرج عنها تتناول العلاقات بين البلدين في أوج عزها بسبب هذه العلاقة الخاصة التي جمعت مارغريت ثاتشر مع الرئيس ريغان بعد عدد من السنين خلال وجود كل منهما في السلطة. كما أن الملفات تتناول اللقاء الخاص الذي جمع ثاتشر مع جين كيركباترك المعروفة بشخصيتها القوية، وبعدائها للشيوعية وكانت فترتها كممثلة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة مميزة. أحد الملفات يتناول قضايا سباق التسلح و«المبادرة الاستراتيجية الدفاعية»، أو ما أصبح يعرف بـ«حرب النجوم»، التي أطلقها الرئيس ريغان.

على هذه الخلفية جاءت رسالة ثاتشر لريغان بعد فوزه في الانتخابات تفضي فيها بعواطفها الجياشة اتجاهه بعد انتخابه لفترة ثانية. «يا له من انتصار!»، كتبت في رسالة خاصة نشرها الأرشيف الوطني كاملة، مع إعطاء الصحافة الحق بنشر صورة عنها، وهذا عادة لا يسمح به، أي أن يقوم أحد بنشر صور للوثائق.

وتحت «سري وشخصي جدا»، تبدأ الرسالة التي بعثت بها ثاتشر في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 1984 إلى الرئيس ريغان تهنئه بفوزه بفترة ثانية في البيت الأبيض، وتخاطبه باسمه الأول المختصر قائلة: «عزيزي رون»، مما يعكس العلاقة الحميمة والشخصية جدا بينهما.

* ثاتشر: يا له من انتصار!

* «يا له من انتصار. إنني عاجز عن أعبر لك عن فرحتي. إن ذلك سيشكل دافعا وطمأنينة لجميع أصدقاء أميركا، ويعطيهم الثقة الكاملة بقيادة الولايات المتحدة. أنا ودنيس (زوج مارغريت ثاتشر) نبعث لك ولنانسي (زوجة ريغان) بأحر التهاني».

الرسالة أخذت الطابع الشخصي جدا وعبرت عن العلاقة التي تطورت بينهما خلال سنين وجودها في الحكم. ولهذا تضيف الرسالة: «إننا الآن دخلنا الفترة الثانية في الحكم ولهذا نواجه معا التحديات الصعبة. أملي الكبير أن نستمر عن قرب في العمل معا، كما عملنا خلال الأعوام الأربعة الماضية، وأن يستشير بعضنا بعضا بصفة شخصية، ولكن بصراحة، حول المشكلات الدولية الكبيرة. عندما التقيت جورج شولتز (وزير الخارجية) في دلهي، أقترح أن تعقد لقاء مصغرا بيننا، في بداية الفترة الثانية من إدارتك، يتناول بالتحديد قضايا سباق التسلح بالتحديد. أنا مستعد لهذا الاقتراح إذا قررت أنت متابعة هذا الموضوع».

وفي الفقرة الأخيرة من الرسالة تبين أنها تريد اللقاء به في أقرب فرصة، إذ تقول: «فورا سأكون في بكين بين 20 و21 ديسمبر (كانون الأول) من أجل التوقيع على اتفاق هونغ كونغ. لو حصل أنك حضرت إلى كاليفورنيا في ذلك الوقت، فسوف أتوقف هناك، خلال رحلة الرجوع إلى لندن، لمدة ساعة أو ساعتين في 22 ديسمبر. ستكون فرصة جيدة لنتكلم. ومرة أخرى، لك أحر التهاني والتمنيات للفترة الثانية».

ووقعت الرسالة بخط يدها واسمها الأول فقط: «المخلصة دائما مارغريت».

* لقاء ثاتشر ـ جين كيركباترك: الاتحاد السوفياتي متخوف من ضربة نووية مفاجئة

* اللقاء بين ثاتشر وكيركباترك سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة يلقي الضوء على أهمية العلاقات بين البلدين. وعلى الرغم من أن ثاتشر التقت كيركباترك في نيويورك قبل فترة قصيرة كما تبين رسالة وزارة الخارجية للسكرتير الشخصي لثاتشر، التي تقول: «إننا لا نطالب ولا نرى أن على رئيسة الوزراء لقاءها، كما أن السفارة الأميركية لم تطالب ذلك»، فإن رئيسة الوزراء وجدت الوقت الكافي، رغم انشغالها في تلك الفترة كما تبين وثائق أخرى، للاجتماع معها خلال وجود كيركباترك في لندن لإلقاء محاضرة حول العلاقات الدولية نظمها منتدى العلاقات الخارجية.

وفي مساء 8 أبريل (نيسان) اجتمعت السيدتان في مقر رئاسة الوزراء، وأول نقطة نوقشت كانت موضوع «الأسلحة الكيماوية». ويقول محضر الجلسة إن «رئيسة الوزراء كانت قلقة جدا من أن الغرب في الوقت الحالي غير قادر على الرد على ترسانة الاتحاد السوفياتي في ما يملكه من أسلحة كيماوية فتاكة، وأن أي استخدام لهذه الأسلحة من قبل الاتحاد السوفياتي سيجبر الغرب على الرد بالأسلحة النووية. وردت كيركباترك قائلة إن وزير الخارجية الفرنسي قال لها إن فرنسا لن تتردد في الرد بأسلحة نووية إذا تعرضت لهجوم كيماوي، مضيفة أن مجلس الأمن القومي الأميركي ناقش حديثا الموضوع واستخلص أن الأسلحة الكيماوية فتاكة ومدمرة بقدر الأسلحة النووية لكنه من الصعب احتواؤها.. الحكومة الأميركية لم تتمكن من إيجاد طريقة يمكن من خلالها التحقيق من القدرات النووية».

وقالت ثاتشر إن الحكومة البريطانية طرحت مفهوم «التحدي بالتفتيش»، وردت كيركباترك بأن الحكومة الأميركية تقبل بهذا الطرح. لكن يقول المحضر إن استخدام العراق للأسلحة النووية برهن على أن المواد المستخدمة في صناعة الأسلحة الكيماوية يمكن الحصول عليها من عدة مصادر، وأصبح من السهل تجميعها، وهذا جعل عملية التحقيق فيها صعبة للغاية.. وقالت ثاتشر: «إن الرأي العام قد يقبل امتلاك الأسلحة النووية من أجل استخدامها كرادع، إذا كان ذلك سيشكل بديلا لاستخدام الأسلحة النووية في الرد».

ثاتشر قالت إنها تعتقد، كما بينت التقارير التي وصلت إليها من لجنة الاستخبارات المشتركة، أن الاتحاد السوفياتي متخوف من أن الولايات المتحد قد توجه ضربة نووية مفاجئة ضده. وأضافت ثاتشر بأنه وصل إليها تقرير من رجل دين (اسمه ميشال بوردو - وحولت نسخة من التقرير للحكومة الأميركية) حول تأثير الحرب الإعلامية على الرأي العام السوفياتي واعتقاده بأن الغرب قد يقوم بتوجيه ضربة نووية ضده. وقالت إنها عندما زارت هنغاريا حاولت إقناع رئيس الوزراء (كادار) بأن «الديمقراطيات الغربية ترغب في السلام، وأن الرئيس ريغان يفضل السلام والحد من الأسلحة النووية، لكن انطباعها أن المضيف لم يقتنع بالموقف. ولهذا يجب علينا أن نأخذ هذه المخاوف بجدية، ونحاول أن نبدد هذه المخاوف لدى الاتحاد السوفياتي والدول الشرقية».

* أي تدخل في الخليج يجب أن يكون فقط لحماية الممرات المائية

* وتناول النقاش بعد ذلك دور الاتحاد السوفياتي في منطقة الخليج. وقالت ثاتشر إنها «سألت اخيرا وزير الدفاع الأميركي كاسبر وينبيرغر إذا اتصل مع الأميركان حول الوضع في منطقة الخليج». وقالت إنه «من المهم جدا إيصال رسالة واضحة إلى موسكو أن أي تدخل في منطقة الخليج هو فقط لتأمين الممرات المائية والملاحة في الخليج وليس من أجل أن يكون للغرب اليد العليا على حساب الاتحاد السوفياتي» في المنطقة. في نفس الفترة، كما بينت الوثائق أمس وقبل أمس، فإن بريطانيا بدأت نقاشا جديا مع الولايات المتحدة حول خطة للتدخل في منطقة الخليج في حالة تدهور الأوضاع بسبب الحرب وانقطاع إمدادات البترول.

وردت كيركباترك قائلة إنها لاحظت أن «الصحافة في نيكاراغوا نشرت بيانا موقعا من قبل إيران ونيكاراغوا، بعد أن قام أحد أعضاء الطغمة العسكرية الحاكمة بزيارة طهران»، مضيفة أن «الأهمية ليست بمحتوى البيان وإنما بالتوقيع عليه»، وأن «الولايات المتحدة قلقة من النفوذ السوفياتي في إيران، وهنا تكمن أهمية العامل النيكاراغوي في الموضوع». وقبلت كيركباترك بالموقف البريطاني وهو توخي الحذر في التعامل مع موسكو. «يجب أن نتوخى الحذر في تعاملنا مع الاتحاد السوفياتي هذه الأيام، لأن مزاج موسكو يبدو غريبا هذه الأيام». وقالت إن «السفير السوفياتي الذي اعتاد ولعدد من السنين حضور عشاء سنوي في واشنطن، على غير عادته اعتذر الحضور هذا العام قبل 24 ساعة من الحدث دون أن يعطي أي أسباب لذلك. وفي نفس الأسبوع اعتذرت موسكو عن استقبال الجنرال سكوكروفت. لم نفهم الأسباب، وقد يعني صراع قوى داخل موسكو».

وقالت لثاتشر في اجتماعها معها في أبريل 1984 إن الغرب لم يكن يعرف الكثير عن فترة يوري أندروبوف (نوفمبر 1982 إلى فبراير (شباط) 1984) «لم نكن نعرف إذا كان متزوجا أم لا، أو حالته الصحية، أو طبيعة مرضه، وبعد ثلاثة شهور من وجوده في الحكم قالت (سي آي إيه) إنها لاحظت أن الاتحاد السوفياتي قد صعد من حملاته التضليلية في المعلومات».

وقالت إن استخدام موسكو لحق الفيتو بخصوص «قرار لبنان» كان أيضا غريبا، وكان التقييم الأميركي يقول إن موسكو لن تستخدم الفيتو بخصوص القرار، وكان السفير السوفياتي في باريس قد قال قبل التصويت إن موسكو ستمتنع. وحتى ممثل موسكو في نيويورك قال نفس الشيء قبل يومين من التصويت، كما جاء على لسان هنري كيسنجر.

وقدمت ثاتشر شرحا واسعا لضيفتها حول زيارتها الأخيرة لهنغاري. وسألت كيركباترك رئيسة الوزراء إذا كانت تعتقد بأن موسكو بإمكانها الاعتماد على دول أوروبا الشرقية في أي حرب، وهل يعتقد الاتحاد السوفياتي أنه قادر على أن يعتمد على هذه الدول أن تأخذ جانبه؟ وقالت ثاتشر إن هذا سؤال تصعب الإجابة عليه، لكن وجود قوات سوفياتية في هنغاريا يعني أن موسكو تشك بذلك.

* الخلافات حول سباق التسلح في الفضاء الخارجي وبرنامج حرب النجوم

* يتناول الملف الموقف البريطاني تجاه خطاب الرئيس ريغان في مارس (آذار) 1983 والذي تضمن خططه لتطوير منظومة دفاعية في الفضاء الخارجي، الذي أصبح يعرف بحرب النجوم، وهذا لم تكن راضية عنه بريطانيا. وصيغت ورقة مشتركة من قبل وزارتي الدفاع والخارجية البريطانيتين تقول إن الغرب سيخسر الكثير في سباق تسلح من هذا النوع والذي يفتح المجال للجميع ويصبح «الفضاء لم يرغب». وتضيف الوثيقة بأن هذا النوع من الأنظمة الدفاعية البالستية لن يقلل من خطر الأسلحة النووية التي تحملها الغواصات النووية والطائرات. وتقول الورقة إن وجهة النظر العلمية في أوروبا والولايات المتحدة تميل إلى أن هذه الأنظمة الدفاعية المقترحة لن تشكل رادعا لاستخدام الأسلحة النووية وإنما ستزيد من سباق التسلح، «ولن يكون هناك نظام دفاعي محكم، وهذا من الصعب إيجاده». وكتب مستشار مارغريت ثاتشر للشؤون الخارجية السير بيرسي كرادوك يعلق أن الاستراتيجية الدفاعية الأميركية، التي أصبحت معروفة بحرب النجوم هي مجرد تكهنات دفاعية وليست استراتيجية، أضف إلى ذلك أنها مكلفة جدا، وستشكل عاملا للزعزعة بين القوى العظمى وليس عامل توازن.

رئيسة الوزراء كانت حذرة ولا تريد الظهور بأنها على خلاف مع الولايات المتحدة وإدارة الرئيس ريغان المفضلة لديها. وفي اجتماع في يوليو (تموز) 1984 قالت إنها «لا تريد أن تظهر وكأنها تملي على الولايات المتحدة بشروطها في هذا المجال العلمي الذي يتفوق فيه الأميركان على غيرهم، وفي النهاية ستغضبهم دون أن يكون هناك سبب وجيه».

وتقول مذكرة لوزارة الخارجية إن خطاب الرئيس ريغان في مارس 1983، عندما أعلن عن خططه: «جاءت مثل الصاعقة على دول المعسكر الغربي والمستشارين في الوزارة». وتضيف المذكرة: «وبخط قلم ودون أي مشاورات مع حلفاء أميركا قدم الرئيس مقترحات راديكالية تنسف التفكير الأميركي والعقيدة المعمول بها».

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,138,875

عدد الزوار: 6,756,379

المتواجدون الآن: 131