الحلقة(7): فرنسوا ميتران يشكو من استفراد أميركا بمبادرات من دون تنسيق مع حلفائها

تاريخ الإضافة الجمعة 10 كانون الثاني 2014 - 7:47 ص    عدد الزيارات 1929    التعليقات 0

        

الحلقة(7): فرنسوا ميتران يشكو من استفراد أميركا بمبادرات من دون تنسيق مع حلفائها
ثاتشر أكثر حرصا في انتقاداتها
لندن: عبد اللطيف جابر
القمة بين الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران ورئيسة وزراء بريطانيا مارغريت ثاتشر عقدت في نوفمبر (تشرين الثاني) 1984. وتناولت، حسب الوثائق المفرج عنها بناء على قانون السرية المعمول به بخصوص الأوراق الرسمية، قضايا أساسية مثل العلاقات التجارية مع الصين وتوقيع اتفاق مشروع غوانغونغ للطاقة. وكانت بريطانيا تريد توجها ثنائيا في المفاوضات لأنها كانت متخوفة من أن يقوم الصينيون باستعمال طرف ضد الآخر وبالتالي يصبح المشروع غير مجد من الناحية الاقتصادية. وتبين الوثائق الاختلاف في الموقفين، البريطاني والفرنسي، بخصوص الولايات المتحدة التي تتهمها فرنسا بالقيام بمبادرات من دون تنسيق مع حلفائها في أوروبا، خصوصا فيما يخص أفريقيا. كما أن هناك تباينا في المواقف بين الدولتين بخصوص مفاوضات سباق التسلح. فرنسا تريد أن تكون الولايات المتحدة أكثر مرونة في الموضوع من أجل الوصول إلى اتفاق. ورغم أن الوثائق في الأيام الماضية بينت أن ثاتشر كانت قلقة من موقف الولايات المتحدة تجاه سباق التسلح في الفضاء الخارجي فإنها لم تفصح عن ذلك خلال لقائها مع الرئيس الفرنسي، وفضلت أن تبقى انتقاداتها محصورة ضمن الدوائر السياسية البريطانية. بعض الوثائق يتناول تدخلات القذافي في مناطق نفوذ فرنسا، في أفريقيا وحوض الكاريبي والمحيط الهادي. لكن فرنسا كانت تعرف تماما كل مناوراته السياسية وعملائه في تلك الدول التي كانت تحصل على أمواله من أجل القيام بزعزعات داخلية.

* الحذر في المفاوضات التجارية مع الصين لأنها تستعمل طرفا ضد آخر

* في القمة التي عقدتها في الإليزيه مع الرئيس الفرنسي أصرت رئيسة وزراء بريطانيا على تنسيق أكبر بين البلدين بخصوص مشروع غوانغونغ للطاقة مع الصين. وقالت: «إذا لم تقم الحكومتان بتنسيق مواقفهما في المفاوضات بخصوص شروط الائتمان، فإن الصينيين سيتجهون إلى استعمال طرف ضد الآخر والتقليل من الشروط إلى درجة تجعل المشروع غير مجد لأي منا». وقال الرئيس بأن «فرنسا تريد تنسيق موقفها مع بريطانيا في القضايا التجارية لأنها متخوفة من من أن العلاقات التجارية مع الصين ستميل أكثر لصالح اليابان». وقال ميتران بأن زوجته، التي قامت بزيارة منفردة للصين، التقت الرئيس الصيني دينغ جياوبنغ الذي تكلم كثيرا عن الشروط التجارية مع أوروبا «لكنها شعرت أن نبرة صوته أوحت بنوع من التهديد». إلا أن بريطانيا كانت واثقة بأن الصين تميل أكثر إلى أوروبا بعيدا عن طوكيو لأسباب تاريخية وسياسية. كما أن بريطانيا طمأنت فرنسا بأن الصين لم تبد أي مرونة خلال مفاوضات هونغ كونغ في البداية إلا في المراحل الأخيرة للمفاوضات.

الرئيس الفرنسي يشكو من استفراد الولايات المتحدة بمبادرات من دون تنسيق مع حلفائها وقالت ثاتشر بأنها تريد تعاونا ثنائيا أكبر مع فرنسا وباقي الدول الأوروبية في قضايا الدفاع وإلا ستخسر أوروبا المنافسة في السوق مع الولايات المتحدة التي تتمتع بقاعدة صناعية دفاعية أكبر. وأظهرت في قمتها مع الرئيس ميتران أنها تريد تعاونا أكثر من القائم حاليا في مشروع «إيرباص».

ورد الرئيس ميتران أن التعاون مع بريطانيا خارج دائرة حلف شمال الأطلسي غير كاف، لكنه لا يريد أن تتحمس أوروبا أكثر من اللازم للمبادرات الأميركية خارج دائرة ناتو. وشكا الرئيس ميتران بأن «في مناسبات كثيرة قامت الولايات المتحدة بمبادرات سياسية وعسكرية، من دون الرجوع أو التنسيق مع حلفائها في الحلف وفقط أخبرتهم بخططها بعد فوات الأوان».

وردت ثاتشر قائلة «الخطورة أن الولايات المتحدة قد تتجه نحو منطقة المحيط الهادي وتبتعد قليلا عن أوروبا، إلا إذا أظهرت الدول الأوروبية اهتمامها بمناطق خارج دائرتها في أوروبا». وأعطت ثاتشر مثالا على ذلك قائلة بأن بريطانيا قامت أخيرا بالتنسيق مع «الولايات المتحدة وأصدقائنا في الخليج حول الوضع هناك. اتفقنا على التحرك سريعا بكاسحات الألغام قريبا من المنطقة، وهذا ساعدنا في التأثير على السياسة الأميركية في هذا الخصوص، وساعد في منعها من اقتراف الأخطاء». وكانت قد أظهرت الوثائق السابقة أن صدام خلال محادثاته مع البريطانيين اتهم إيران وليبيا وراء زرع الألغام في البحر الأحمر وخليج السويس.

* يد القذافي تجدها في كل مكان لكنه أصبح أقل خطورة بسبب أوضاعه الداخلية

* وقالت ثاتشر بأن الحكومة البريطانية طلبت المساعدة من فرنسا عندما وجدت طائراتها صعوبة في الوصول إلى إثيوبيا بعد أن «ناقشنا مع حلفائنا في دول الكومنولث كيفية الدفاع عن بعض الجزر الصغيرة في المحيط الهندي التي كانت تواجه تهديدا خارجيا وداخليا بتشجيع من العقيد القذافي».

ورد الرئيس ميتران قائلا إنه رغم أننا نرى «يد القذافي أصبحت موجودة في مناطق كثيرة من العالم، فإن انطباعه أن القذافي يفتقد إلى الأموال لشراء الولاء في مناطق كثيرة في العالم بسبب العقوبات الاقتصادية، كما أن الوضع الداخلي والمعارضة لحكمه من داخل الجيش، جعله أقل خطورة من السابق».

وقال الرئيس بأن «القذافي حاول خلق بعض المتاعب لفرنسا في غواديلوب (مجموعة من الجزر في البحر الكاريبي)، وقامت مجموعات سياسية من الجزر بالاتصال به من أجل المساعدة، إلا أنه رفض ذلك لأنه أعطانا تعهدات بخصوص ذلك وقال لهم بأنه لا يريد أي متاعب مع فرنسا. كما أنه (القذافي) زرع 17 عميلا في كاليدونيا (أرخبيل من الجزر) في المحيط الهادي، وكانت تعرف فرنسا هوية هؤلاء، وأخبرنا القذافي أننا نعرف من هم وأننا سنراقب تحركاتهم». إلا أن الرئيس الفرنسي يعتقد أن أشخاصا مثل كاسترو والقذافي لا يشكلان خطورة مثل الاتحاد السوفياتي في جزر الكاريبي على الولايات المتحدة.

* تباين في المواقف بين بريطانيا وفرنسا تجاه الولايات المتحدة

* وعبر الرئيس الفرنسي عن قلقه اتجاه الأوضاع في القارة الأفريقية، وقال إن لفرنسا اتفاقيات مع الكثير من الدول الأفريقية، وباستثناء زائير والكاميرون وربما نيجيريا، لا يوجد جيش في أي من الدول الأفريقية قادر على مجابهة 500 مرتزق بقدرات قتالية عالية وأضاف «هذا مقلق بالنسبة لفرنسا لأن لها اتفاقيات مع عدد من الدول الأفريقية، وهذا قد يجرها إلى الانخراط في أوضاع يكون فيها التهديد غير واضح المعالم، نتيجة لصراع داخلي».

وعبر الرئيس عن عدم رضاه عن التحركات الأميركية في بعض الدول الأفريقية، والتي تعكس نظرتهم تجاه مصالحهم الاستراتيجية. «روسيا تعاملت هي الأخرى بنفس الطريقة في أفريقيا، لكن دون نجاح. «لا يجب أن تكون أفريقيا نقطة صراع بالنسبة للقوتين، اللتين تعرفان أقل بقليل من فرنسا وبريطانيا عن الدول الأفريقية. المنافسة التقليدية بين بريطانيا وفرنسا التي تعود إلى الفترة الاستعمارية لا يجب أن تشكل عائقا أمام تعاونها في أفريقيا».

وعدت رئيسة الوزراء أن الوضع في أفريقيا هو معركة بين العالم الحر والشيوعية. واتفق معها الرئيس قائلا إن فرنسا وبريطانيا هما أقرب إلى الولايات المتحدة من الاتحاد السوفياتي، وأن فرنسا عملت ما بوسعها لمحاربة التغلغل الروسي في المنطقة، لكنه مقتنع بأن الولايات المتحدة تحاول الحفاظ على مصالحها في أفريقيا»، مضيفا أنهم تدخلوا في تشاد من دون دعوة، وهذا خلق أجواء معادية للولايات المتحدة هناك. «رئيس النيجر، الذي يعده صديقا له، قال ميتران بأنه سيقوم بزيارة واشنطن قريبا»، و«أتمنى أن لا يقوم الأميركان بخطوات معه في هذا الخصوص لا ترحب بها الحكومة الفرنسية».

* الموقف في تشاد

* قال الرئيس الفرنسي بأن فرنسا قامت في ثلاث مناسبات بعمليات عسكرية في تشاد. الأولى كانت تحت قيادة شارل ديغول والرئيس جورج بومبيدو، والثانية خلال رئاسة الرئيس فاليري جيسكار ديستان، والثالثة حاليا خلال وجوده في السلطة. «عندما تسلمت الرئاسة كانت ليبيا تسيطر على تشاد. وقلت للرئيس التشادي غوكوني عويدي بأن فرنسا ستستمر بتقديم المساعدة لتشاد إذا تخلصت من الليبيين، ووافق عويدي على هذا الشرط، ووقعنا معاهدة مع تشاد تطالب جميع القوات بالانسحاب من تشاد. هذا الوضع استغله حسين حبري وسيطر على السلطة في البلد، في غياب قوات فرنسية وليبية، إلا أنه اختلف مع القذافي الذي أرسل قواته ثانية إلى تشاد. أرسلت بعد ذلك فرنسا قوة من 3000 جندي أجبرت القوات الليبية على التراجع إلى الشمال، العلاقات مع المعسكر الشرقي وسباق التسلح طلبت رئيسة الوزراء من الرئيس الفرنسي توضيح موقفه بخصوص ما يمكن عمله من أجل التأثير على الرئيس الأميركي رونالد ريغان خصوصا مع اقتراب الجولة الجديدة من المفاوضات حول سباق التسلح. وقالت: إن اقتراح ريغان بخصوص «إيجاد مظلة دفاعية» ما زال غامضا. وقالت إنها تريد الاستمرار بالمفاوضات ولا تريد إهمال قضية الأسلحة الكيماوية، والتي أصبحت تشكل قلقا لها. وقال الرئيس بأنه زار الرئيس السوفياتي قسطنطين تشيرنينكو ووجده هو الآخر قلقا بخصوص الأسلحة البيولوجية وسباق التسلح في الفضاء الخارجي. وقالت ثاتشر بأن الأميركيين يستخدمون قضية الفضاء من أجل الضغط على الاتحاد السوفياتي للاستمرار في المفاوضات. وقال الرئيس بأنه «من الأفضل أن تأخذ المفاوضات مسارا لا يقحم قدرات الردع النووية في بريطانيا وفرنسا في المفاوضات مع الاتحاد السوفياتي. أفضل طريقة هو الدخول بالمفاوضات حول مجموع الأسلحة النووية، لأن ما تملكه فرنسا وبريطانيا من أسلحة صغير جدا مقارنة مع المجموع العام». وقال إن «على الولايات المتحدة تقديم تنازلات من أجل الاستمرار في المفاوضات، لأن الدول الأوروبية الأخرى تريد تسوية ومصالحة، لكن ليس على حساب أمنهم».

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,120,893

عدد الزوار: 6,754,510

المتواجدون الآن: 108