التهديد اللبناني يتصدر سلم أولويات الجيش الإسرائيلي

تاريخ الإضافة الثلاثاء 24 تشرين الثاني 2009 - 6:24 ص    عدد الزيارات 763    التعليقات 0

        

 

عاموس هرئل
أطلق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عدة مواقف مثيرة للاهتمام يوم الثلاثاء الماضي، لكن وسائل الإعلام قللت من التطرق اليها. فقد قال نتنياهو أن إسرائيل هي " الدولة الأكثر عرضة للخطر في العالم". وأضاف " يقف مقابلنا أعداء لا يخفون نواياهم ويتسلحون وفقا لذلك. هم يهاجموننا ماديا، وبعد ذلك يهاجمون حقنا في الدفاع عن أنفسنا".
الذي بلوره الخصم ـ بداية من خلال العمليات الانتحارية، وفي السنوات الأخيرة من خلال التركيز على اطلاق المقذوفات الصاروخية ـ يقلص الفجوة التي فتحها مقابله الجيش الإسرائيلي بفضل التفوق التكنولوجي. فقد تغيرت أوجه المواجهة.
في السابق كان يتعين على العدو احتلال الأرض كي يحقق انجازا عسكريا وسياسيا في نهاية الحرب. لكن في العقد الحالي، تغيرت الفكرة القتالية للطرف العربي. فالتركيز الآن يتمحور على استخدام الارهاب في عمق الدولة، تجاه أهداف تُعتبر نقاط ضعف فيها. ففي الحرب، يحصل اطلاق النار المنحني المسار، ثمنا من السكان المدنيين، من أجل فرض وقف للنار على إسرائيل على أساس شروط صعبة. في المقابل، تُستخدم منظومات الصواريخ والقذائف الصاروخية من أجل تشويش استخدام قواعد سلاح الجو، مركز التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي.
قائد المنطقة الشمالية، غادي آيزنكوت، قال الاسبوع الماضي أثناء محاضرة له في حيفا، أنه من الأفضل لإسرائيل التحرر من صورة الحروب السابقة. لا يمكن خوض حرب محدودة وأن يًُطلب في الوقت ذاته من الجيش الإسرائيلي تحقيق الحسم كما يحصل في الحرب الشاملة، وفق صيغة حرب الأيام الستة. حرب قصيرة مع قليل من الاصابات في جانبنا وإنجازات خيالية؟ هذه معادلة غير موجودة، بحسب قول آيزنكوت.
في مطلع العقد الحالي، بدا كأن الفلسطينيين وجدوا طريقة مثالية لتفتيت القوة الإسرائيلية، بواسطة ارهاب الانتحاريين. لكن الجيش الإسرائيلي والشاباك بلورا ردا مناسبا بشكل تدريجي. فالدمج بين التفوق الاستخباري، حرية العمل الميداني في الضفة الغربية وبناء الجدار الفاصل، سد الطريق أمام الانتحاريين، الذين كفوا عن أن يكونوا عنصرا جوهريا في النزاع منذ 2005. مقارنة بالانتحاريين، ألحقت القذائف الصاروخية حتى اليوم عددا أقل من الاصابات: 54 قتيلا جراء سقوط 4200 صاروخ خلال 33 يوما في حرب لبنان الثانية. ونحو 20 قتيلا جراء سقوط نحو 12 ألف قذيفة صاروخية أُطلقت من قطاع غزة منذ بداية العام 2001.
كبح الانتحاريين، إلى جانب الردع الذي تحقق بسبب حرب لبنان وحملة " رصاص مصهور" في قطاع غزة، حققا للإسرائيليين سنة هادئة جدا في المناطق الفلسطينية وعلى الحدود، هي الأكثر هدوءاً منذ عقد. لكن بلورة الرد على القذائف الصاروخية يبدو أمرا مركبا وطويلا. وهذا الأمر سيتطلب دمجا معقدا بين الردع، التهديدات، التحصين المادي ( من الكمامات الواقية وحتى المجالات المحصنة)، منظومات دفاع فعالة متعددة الطبقات ( صواريخ مضادة للصواريخ)، وعمليات هجومية عند الضرورة.
اتصالات لإقامة ائتلاف
من شأن التوازن الدقيق الحالي أن يُخرق نتيجة تطور الأحداث حول إيران، والتي لا يزال الغموض يخيم على مصير الخطوة الدولية لكبح مشروعها النووي. فخلال اللقاء الأخير بين نتنياهو وأوباما، أوضح الضيف أنه مصمم على معالجة التهديد الإيراني بعمق، وأن دور إسرائيل في هذه المرحلة هو أن لا تعرقل المسعى الأميركي.
يبدو أنه في نظر الأميركيين، إيران عالقة في معضلة. فهي تجد صعوبة في التعايش مع المسودة، لكنها تعرف أن رفضها السافر سيعرضها لخطر العقوبات الشديدة. فقد حدد الأميركيون فترة زمنية للحوار مع إيران، تنتهي نهاية كانون الأول، لكن في الواقع، يبدو أن المفاوضات قد تستمر قليلا بعد هذا التاريخ.
إذا فشلت المفاوضات، ثمة احتمال في ان ينجح أوباما بضم روسيا إلى مبادرة فرض العقوبات على إيران. بالنسبة للصين، لا يمكن التعويل عليها. ذلك أن واشنطن، الغارقة في معركة ثأر اقتصادية إشكالية على نحو خاص مع بكين، ستجد صعوبة في الضغط عليها. الاتجاه سيكون منصبا على تشكيل ائتلاف يضم الولايات المتحدة، بعض الدول البارزة في الاتحاد الأوروبي وربما روسيا، والذي سيعلن فرض عقوبات شديدة على المشتقات النفطية، التأمين والعلاقات المصرفية مع إيران.
الملاحقة أم الضرب
عادت إسرائيل للقول للأميركيين بأن " كل الخيارات مطروحة على الطاولة" إزاء معالجة الموضوع الإيراني، لكن ثمة عين واحدة بقيت مفتوحة باتجاه الشمال. فالوضع على حدود لبنان معقد. فمقابل ترسانة السلاح الضخمة التي راكمها حزب الله ـ عشرات آلاف الصواريخ ذات المدى القصير، وآلاف الصواريخ ذات المدى المتوسط ومئات الصواريخ البعيدة المدى ـ يقف معطى آخر: عدم وقوع أية إصابات جراء نشاط الحزب على الحدود منذ انتهاء الحرب في صيف 2006.
النهج الإسرائيلي إزاء التهديد من لبنان خضع لعدة هزات وتنقلات، لا سيما تحت تأثير الصدمة التي تركتها الحرب والمس الواسع نسبيا بالجبهة الداخلية. أحد الاستنتاجات من الحرب تمثلت في أن القيادة العليا لم تول أهمية كافية لتهديد صواريخ الكاتيوشا للجبهة الداخلية، ولضرورة إزالته بسرعة. بعدها جرى الحديث كثيرا عن وجوب المعالجة النوعية والخاصة لصواريخ الكاتيوشا ولمنصات الإطلاق ومشغليها على الأرض، إدخال اليد داخل المستنقع. والآن يبدو أن "البندول" (رقاص الساعة) ينتقل مجددا إلى أهمية المناورة، التقدم البري، على حساب ما وُصف بأنه " ملاحقة آخر صاورخ كاتيوشا". مثل هذه الخطوة من شأنها أن تُخرج حزب الله عن توازنه وأن تلحق به إصابات كثيرة.
في المقابل، منذ انتهاء الحرب، تحسن كثيرا استعداد الجبهة الداخلية، وكذلك وعي القادة. من يزور غرف العمليات خلال التدريبات، يكتشف هناك يافطة بارزة : " أربعة ايام من قصف الجبهة الداخلية"، " 8 أيام" وهكذا دواليك. السؤال الحاسم خلال الحرب، الذي يبرز في معضلة الفرق بين المناورة واصطياد مطلقي الصواريخ سيكون تحديدا طول نفس المستوى السياسي. هل ستوافق الحكومة، عندما تدق ساعة الحقيقة، على قبول موقف هيئة الأركان القائل بأنه ثمة أهمية اكبر لضرب حزب الله من أجل الوصول إلى تفوق جوهري في نهاية القتال، أم سيطلب من الجنرالات التركيز على منصة الإطلاق النوعية التي تقصف حيفا ـ ولتذهب المناورة إلى الجحيم.
هذا التخبط، الذي من شأنه أن يتحول في السنة القادمة من أمر نظري إلى أمر عملي على الرغم من ميزان الردع، يتركز في الشمال. ذلك أن غزة، على الرغم من أن حماس هناك تتسلح وتزيد من أمداء صواريخها، موجودة في مرتبة أدنى بكثير من التهديد اللبناني على سلم أولويات الجيش الإسرائيلي. الشمال، مقابل ذلك، من شأنه أن يشتعل في الربيع أو الصيف القادم.
 
("هآرتس" 20/11/2009)
ترجمة: عباس  إسماعيل

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,726,037

عدد الزوار: 6,910,618

المتواجدون الآن: 96