رصاصة في قلب الكنيسة

تاريخ الإضافة الجمعة 15 كانون الثاني 2010 - 5:06 ص    عدد الزيارات 788    التعليقات 0

        

بقلم تسفي برئيل

يتصل اسم نجع حمادي في الذاكرة الاسرائيلية بالعملية الجريئة جدا لسلاح الجو ودورية المظليين الذين فجروا في 1968 سد نجع حمادي وجسر قنا. "الضربة 1" و "الضربة 2" سببتا آنذاك قطع الكهرباء عن جميع اقاليم مصر الجنوبية، وسببتا ضربة عظيمة للقيادة المصرية التي فاجأتها العملية في عمق الارض المصرية. أثار نجع حمادي في الاسبوع الماضي زعزعة جديدة في مصر.
في المدينة، التي تقع على نحو من 700 كلم جنوب القاهرة، قتل رميا بالرصاص ستة مسيحيين وشرطي مسلم واحد على يد مسلحين مسلمين، أطلقوا النار على مصلين عندما خرجوا من صلاة عيد الميلاد القبطي الذي كان في السابع من كانون الثاني. قررت وزارة الداخلية المصرية التي بادرت الى بدء تحقيق، على الفور تقريبا ان الحديث هو عن قتل على خلفية جنائية لا دينية. وأرجعت ذلك الى انتقام لعمل اغتصاب نفذه شبان مسيحيون في شابة مسلمة. لكن هذا التفسير لا ينجح في تهدئة الجمهور القبطي في مصر الذي يبلغ نحوا من عشرة ملايين مواطن، والمقتنع ان الامر هو تعبير عنيف آخر عن التوتر السائد في الدولة بين المسيحيين والمسلمين.
نجع حمادي مدينة مختلطة. فـ 35 في المئة من سكانها الـ 300 ألف مسيحيون. في شارع "حسني مبارك" الواسع تقوم جنبا الى جنب المساجد والكنائس، وتختلط اصوات الاجراس بآذان المؤذنين. يسيطر على اقليم قنا الذي تتبع المدينة له، مجدي ايوب الحاكم المسيحي الوحيد من بين حكام الاقاليم الـ 29 في مصر، لكن المسيحيين خاصة يبغضونه ويرون سلوكه سبب التوتر في المنطقة. فبحسب الرسائل والردود التي ارسلها سكان مسيحيون الى مواقع الانترنت القبطية، كانوا يفضلون الحاكم السابق المسلم، عادل لبيب الذي "اعتاد ان يخصص يوما في الاسبوع للحديث الى المواطنين، في مقابل ايوب الذي ينغلق في مكتبه ولا يهتم بالمواطنين". "يريد ايوب فقط ان يعجب المسلمين. فهو يبني لهم مساجد ويمنع بناء كنائس لاخوانه المسيحيين"، يزعمون.
يرى المسيحيون ان بناء الكنائس هو أحد الامتحانات لأي رئيس مصري، في ما يتعلق بالمساواة بين المسلمين والمسيحيين في الدولة. قال رئيس الكنيسة القبطية، البطريرك شنودة الثالث، ذات مرة في مقابلة صحافية، إن الرئيس انور السادات وعده في السبعينات بأن يبني خمسين كنيسة، لكنه بدل ذلك أجلاه الى منطقة بعيدة، وعفا عنه الرئيس مبارك فقط وأعاده الى مكان اقامته الدائمة في القاهرة. في مقابل السادات، الذي رأى نفسه "رئيسا مسلما لدولة مسلمة"، وساهم بذلك في الشقاق الديني في الدولة، يجهد مبارك في اظهار الارادة الخيرة على الاقل. فقد أقر في سنة 2003 رأس السنة المدنية القبطية كيوم عيد رسمي، ويجهد ابنه جمال مبارك في حضور مراسم عيد الميلاد، وكذلك يطلب الى وزراء في الحكومة المصرية المشاركة في مراسم اعياد مسيحية.
أمر رئيس الازهر، الشيخ سيد الطنطاوي في 2003 بالكف عن استعمال تعبير "الحرب الصليبية" كوصف للحرب في العراق، لان "لهذا التعبير سياقات عنصرية بعيدة عن الاسلام والمسيحية"، واقترح ان يتم تغيير تعبير "الحملات الصليبية" الى "الحروب الاوروبية".
يوجد لتغيير توجه مبارك ايضا اسباب عملية. لقد احدث الضغط الاميركي الشديد الذي كان يرمي الى تليين سياسة حقوق المواطن في مصر "غضبا" بين مبارك والادارة الاميركية، لكنه خرج هذه السنة – بفضل سياسة مد اوباما يده للمسلمين وبسبب رغبة مبارك في ان يورث ابنه جمال نظام علاقات سليما بالولايات المتحدة – خرج عن طوره ليظهر معاملة عادلة للمسيحيين.
بيد أن تصريحات مبارك وممثليه الكبار الحسنة عن مساواة الحقوق للمسيحيين تلقى بيروقراطية محبطة. في كل ما يتصل بالتعيينات في مكاتب الحكومة، وقسمة المنح الدراسية على الطلاب وتقديم المحاضرين في الجامعات يوجد تمييز عميق. يخضع بناء الكنائس الجديدة في الحقيقة للحكام ولم تعد ثمة حاجة للحصول على رخصة من الحكومة وتلك مسيرة تطول زمنا طويلا ولا تنتهي الى نتائج على نحو عام. لكن عندما تمنح الرخصة تُراكم الصعاب في طريق تحقيقها. في عدد من الحالات استصدر مواطنون مسلمون أمر وقف الاعمال بسبب خلاف في ملكية الارض، وبني مسجد في المكان الى وقت بت المحكمة القضية. حتى لو كان قرار الحكم آخر الأمر في مصلحة المسيحيين لم يمكن تحقيقه لانه لا يَحِل بطبيعة الامر هدم مسجد.
لا يوجد في مجلس الشعب المصري أي عضو مسيحي منتخب. إن اعضاء مجلس الشعب الاقباط الخمسة عينهم الرئيس على انهم جزء من نصاب التعيينات الذي يملكه. "أي مسلم يمنح مسيحيا صوته حتى لو كان المسيحي يقترح مبادرات ممتازة؟" تساءل محاضر في الجامعة الاميركية في القاهرة في حديث لصحيفة "هآرتس"، "يصوت المسيحيون للمسلمين لكن ليس العكس". ويعلن أبناء زوجين مختلفي الدين انهم مسلمون ايضا حتى لو تلقوا تعليما مسيحيا في البيت. للمناسبة يمكن ان يتم الزواج المختلط هذا خارج مصر فقط، لان المؤسسة الاسلامية والمسيحية ايضا ترفضان إتمامه.
اعتادت مصر أن تتهم اسرائيل وجماعة الضغط اليهودية في الولايات المتحدة بأنهما تستغلان وضع حقوق المواطن في مصر كرافعة مضادة. يشير ممثلون مصريون ايضا الى التعاون بين جماعة الضغط اليهودية وجماعة الضغط القبطية في الولايات المتحدة، ويرونهما مذنبتين في سياسة الادارة الاميركية السابقة نحو مبارك. لكن طرح التهمة عن التوتر مع الولايات المتحدة على منظمات خارج مصر لا ينجح في ملاشاة التوتر العظيم في داخل مصر. إن نجع حمادي مثال فقط. والخوف ان يكون الحادث المقبل أشد فقط.
 

"هآرتس" ترجمة "المصدر" – رام الله

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,345,627

عدد الزوار: 6,887,671

المتواجدون الآن: 82