استراتيجية ما بعد الإنتخابات

تاريخ الإضافة الجمعة 17 تموز 2009 - 6:03 ص    عدد الزيارات 898    التعليقات 0

        

في الثامن من تموز أصدر المشاركون في قمة مجموعة الثماني بياناً عبروا فيه عن "قلقهم الكبير" إزاء الأفعال التي قامت بها الحكومة الإيرانية عقب الإنتخابات، فوصف باراك أوباما الوضع بـ "المرعب"، بالإضافة الى تشديد كل من أوباما والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على أنّ طهران سوف تواجه عواقب خطيرة إن لم تبدأ بالتعاون في موضوع برنامجها النووي بحلول أيلول. وفي هذه الأثناء، ينبغي على الولايات المتحدة وأوروبا أن تركّزا على إنتهاكات النظام الأخيرة لحقوق الإنسان، وأن تبعثا بإشارات الى المعارضين الإيرانيين بأنهم ليسوا وحيدين، وبأنّ العقوبات الحالية أو المستقبلية على إيران ليس المقصود منها معاقبتهم بسبب نظام لم ينتخبوه ولا يدعمونه، بل المقصود منها هو إعلام القيادة الإيرانية بأنّ فشلها في التوصل الى تسوية في المسائل المهمّة – لا سيما البرنامج النووي – يمكن أن يقضي على شرعية النظام المتقلقلة أصلاً داخل إيران.

الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الحكومات

على الحكومات أن تظهر لقادة إيران المتعسفين بأنه على الرغم من احتمال استمرار الحوار معها، إلا أنّ احتمال إجراء "صفقة كالمعتاد" غير وارد. فمن الأهمية بمكان أن يدرك المعارضون الإيرانيون أنّهم ليسوا وحيدين في نضالهم.

لن تتقبّل إيران، التي تعوّل كثيرًا على قيم "الشرف والكبرياء" كثيراً، استمرار الشعب بإعلان عصيانه لقادتها وإظهار قلة احترامه لهم. فقد عمد النظام مثلاً الى استبدال سفيره الى روما بآخر عقب فشله بتأمين أي لقاء بين المسؤولين الإيطاليين والرئيس محمود أحمدي نجاد خلال قمة منظمة الغذاء والزراعة عام 2008 التي كانت تستضيفها إيطاليا. ولذلك يجب عدم الإستهانة بموضوع شعور النظام بالخزي والإحراج نتيجة ما يحصل، أو تجاهله كـ "إشارة سياسية".

وبما أنّه من غير الوارد أن لا يقوم كبار مسؤولي إيران بزيارات الى البلدان الغربية – مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستجري في نيويورك – يمكن للمدن [التي سيزورونها] أن تقوم بأعمال بارزة كتوجيه تحية الى المعارضين الإيرانيين البارزين، من خلال إطلاق أسمائهم على بعض الشوارع الموجودة أمام السفارات، أو القنصليات الإيرانية، أو حتى بعض أقسام المرافىء العامة. (خلال حكم إدارة ريغن، سمّت مدينة واشنطن العاصمة المبنى في الشارع 16 أمام السفارة السوفياتية باسم "طريق أندريه شاخاروف" تكريماً لهذا المعارض المسجون). وبالطريقة نفسها، يمكن أن تقوم وسائل الإعلام المحلية بحملات تطفي وجهاً إنسانياً للمآسي التي تحصل في إيران.

وفيما يلي بعض الأمثلة الأخرى لإجراءات فعالة يمكن أن تتخذها الحكومات دعماً لحقوق الإنسان في إيران:

· يجب على الحكومات الغربية أن تحدّ بشكل كبير عدد وإمكانية زيارات كبار قادة إيران إليها. يجب أن لا يُفرش السجاد الأحمر لهم، وأن تكون اللقاءات الرفيعة المستوى استثناءًا وليس قاعدة. كما ويجب منع الوفود التجارية المرافقة لهم من الحصول على تأشيرة دخول.

· يجب أن تقوم الولايات المتحدة بالتنسيق مع دول الإتحاد الأوروبي من أجل حظر سفر المسؤولين الإيرانيين إليها، وتجميد حساباتهم المصرفية فيها، كما فعلت مع المسؤولين الصرب المسؤولين عن إنتهاك حقوق الإنسان. من شأن هذه الخطوات أن تزيد من القيود التي يفرضها حالياً مجلس الأمن من خلال القرارات 1737، و1747، و1803، على الإيرانيين المتورطين في البرامج النووية أو الصاروخية.

· يجب أن تبذل الحكومات كل ما في وسعها من أجل إغلاق المكاتب الدولية التي يستخدمها النظام الإيراني من أجل الترويج لجدول أعماله. وعليه، يجب التدقيق مليّاً في تلفزيون Press TV، المحطة الفضائية التابعة للحكومة الإيرانية، الموجودة في لندن، والتي تبث باللغة الإنكليزية.

وفي حال ازدادت إلإنتهاكات لحقوق الإنسان، يجدر بنا التفكير بالمزيد من الإجراءات، هي:

· إعلان الشخصيات الرئيسة المسؤولة عن أعمال القمع داخل إيران، شخصيات غير مرغوب بها. وحرمانها من الاستحصال على تأشيرات دخول، أو إمكانية العبور للقيام بزيارات غير رسمية الى البلدان الغربية.

· تقليص تبادل العلاقات الرسمية الرفيعة، وتعليق زيارات وزراء وكبار قادة الإتحاد الأوروبي والدول الغربية الى إيران. فيمكن للوفود البرلمانية من الديمقراطيات الغربية أن تؤجّل زياراتها الكثيرة الى إيران لحين تحسّن أوضاع حقوق الإنسان فيها، في حين يجب وقف توجيه الدعوات الى النواب الإيرانيين – أو على الأقل ربطها بشرط إتخاذ الحكومة الإيرانية إجراءات صارمة بشأن حقوق الإنسان. ورداً على الاستفزازات الإيرانية الصارخة لها، يمكن للدول الغربية التي لديها تمثيل دبلوماسي في إيران أن تستدعي كبار دبلوماسييها منها.

· رفع قضيّة حقوق الإنسان كأوّل بند على جدول أعمال أي لقاء ثنائي، والأفضل أن يتم ذلك من خلال بيان مشترك تفصّل فيه الإنتهاكات المحدّدة، والتحرّكات المطلوبة.
 وعلى الدبلوماسيين الغربيين مثلاً أن يتسلحوا بشكل خاص بالاعتقالات التعسّفيّة، أو الرقابة على المطبوعات، بدل اعتمادهم على مطالب عامّة بالمزيد من الحريات في السياسة والصحافة. كما وينبغي على الدبلوماسيين الغربيين أن يشيروا الى نظرائهم الإيرانيين بأنّ عدم قيامهم بأي تصرّف حيال هذه القضايا قبل تاريخ محدّد من شأنه أن يستدعي منهم رداً، كإصدار بيانات تنديد في الإجتماعات الدولية، أو تعليق رحلات كانت مخطّطة سابقاً.

أبعد من فنّ إدارة شؤون الدولة

إن دعم حركات حقوق الإنسان الناشطة في إيران يجب أن يتعدّى المبادرات الرسميّة. فانفتاح المواطنين في بلد ما من خلال منظمات المجتمع المدني على المعارضين الإيرانيين يشعر هؤلاء بأن العالم يدرك مصيبتهم، وأنه مستعد للقيام بخطوات ملموسة. إذ يمكن للمنظمات غير الحكومية، وغيرها من الجمعيات أن تبادر الى إنشاء، أو رعاية، أو تعزيز قيام:

· تواصل بين الأفراد. إذ ينبغي على المؤسسات التخصصيّة (مثل مؤسسات الإعلام والصحة) أن تنخرط في حوار مع نظرائها في إيران في جهد مشترك لتحسين حقوق الإنسان في إيران.

· التعبير عن الدعم. فعلى الاتحادات الوطنية والإتحادات الفيدرالية الدولية أن تدعم حقوق العمل في إيران من خلال احتضان المأزق الذي يوجد فيه أعضاء اتحاد المعارضين الإيرانيين. كما ينبغي على جماعات حقوق المرأة الدولية أن تحتفل بالدور المهم الذي لعبته المرأة الإيرانية في المظاهرات الأخيرة التي أعقبت الانتخابات، وأن تجمع الدعم للحركات النسوية الإيرانية مثل قيامها بحملة جمع "المليون توقيع".

· تنظيم مؤتمرات وورش عمل. يمكن للجمعيات الدولية البارزة أن تعمل على رفع الوعي العام بما يحصل في إيران من انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان، مثل قمع النظام الوحشي لمثليي الجنس.

· إقامة حملات إعلامية دعماً للمعارضين الأفراد. إذ بإمكان تصوير قصص بعض الأفراد، أو نشرها في الصفحات المهمة من الصحف، تسليط الضوء على انتهاكات حقوق بعض الأقليات، مثل ملاحقة "البهائيين" في إيران بشكل دائم.

هذه الأشكال من المبادرات غير الحكومية من شأنها أن تجعل المجتمع المدني الغربي ينخرط ككل في الكفاح من أجل حقوق الإنسان في إيران، ويمكن أن يوسّع ترسانة الضغط الأوروبية على إيران بشكلٍ كبير.

خاتمة

على الرغم من الأحداث الأخيرة فإنّ الإنفتاح على إيران لا يزال هدفاً سياسياّ جديراً بالمحاولة. فالإنفتاح يوفّر للولايات المتحدة الوقت لإقناع حلفائها المحتملين بأنّ جميع سبل التوصّل الى تسوية قد استُنفذت. وهي تمنح النظام فرصة لتغيير سلوكه. وتوصل  لإيران رسالة مفادها أنّ الغرب مستعد للإنفتاح على النظام قبل أن يُلحق بالشعب أذى إقتصاديًا، وربما الأهم من ذلك، أنه يضع عبء الفشل بشكل محكم على النظام. رغم ذلك، يجب على الحكومات ان لا تقوم بالإنفتاح الدبلوماسي على إيران وأن لا تقع تحت إغراء الإدعاء بأنّ الأمور تسير على ما يرام في طهران؛ فلا مكان للإدعاء في وجه القمع.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,785,188

عدد الزوار: 6,914,863

المتواجدون الآن: 103