عون يواصل تجميع النقاط لـصرفها في الانتخابات النيابية معركة الصلاحيات: شغب منظّم لاستعادة الحقوق المسيحية

تاريخ الإضافة السبت 25 تشرين الأول 2008 - 7:45 ص    عدد الزيارات 1151    التعليقات 0

        

خضر طالب

ربما تشكل الحركة »المطلبية« لنائب رئيس الحكومة عصام أبو جمرا بعضاً من الحيوية السياسية في الوقت اللبناني التائه بحثاً عن تثبيت الاستقرار المعلّق على نتائج الأسابيع المقبلة في المنطقة، لكن ذلك »الشغب« المدروس بعناية في استهدافاته وتردداته وميادين استثماره لم يبلغ مرحلة العبث السياسي، باعتبار أن إدارته ما تزال منضبطة تحت السقف، وأن القوى الحليفة لا تريد إقحام نفسها في معركة غير قادرة على تحمّل وزرها في ساحة لم تعرف كيف تلملم حتى الآن ذيول ما تركته احتجاجاتها السابقة، ولا تستطيع السير حتى النهاية خلف ذلك الاقتحام الذي يقترب في أسلوبه النمطي من المناورة »بالذخيرة الحية«... وبرغم كل ذلك، فإن »شغب« أبو جمرا حقق غايته، وأصابت رصاصاته الهدف الرئيس: إرباك الخصوم في الشارع المسيحي وإحراجهم... وقع خصوم العماد عون في الكمين الذي نصبه لهم في ظل الحصار الذي فرضه عليهم، وساد الارتباك معظم ردود فعلهم التي حاولت مواكبة »الحركة المطلبية« بخجل »لا يغني ولا يسمن« مما زاد في إحكام الطوق عليهم... لم يكن خصوم عون قادرين على الاختيار بسهولة بين ثلاثة من »أهون الشرور«:
١ ـ مجاراة العماد عون في معركته الجديدة »لاستعادة الحقوق« المسيحية بالحصول على صلاحيات لنائب رئيس الحكومة كبدل عن ضائع في مطلب إعادة صلاحيات رئاسة الجمهورية، وبالتالي اضطرارهم للوقوف خلفه مصفقين والتسليم بقيادته لهذه المعركة وبالتالي للشارع المسيحي، بما يسحب البساط من تحت أقدامهم في المعارك الانتخابية المقبلة داخل هذا الشارع.
٢ ـ التزام الصمت والاكتفاء بمراقبة حركة عون مع ما يمكن أن يحققه من اختراق في مسألة تشكل حنيناً دائماً للشارع المسيحي بإمكانية استعادة بعض الصلاحيات، وخصوصاً للشارع الأرثوذكسي الذي يريد الخروج من دائرة الحصار في »مناصب الشرف« التي يتولونها في السلطة من غير شراكة مباشرة، وبذلك يكونون قد تنازلوا للعماد عون ببساطة عن دورهم في »معركة« تحويل الحصة المسيحية الأرثوذكسية في السلطة من »مواقع شرفية« إلى مواقع رئيسة في توازن السلطات. فضلاً عن أن أي انكفاء من خصوم عون من مسيحيي ١٤ آذار، سيكون بمثابة »تخاذل« في معركة انتزاع الصلاحيات، سوف يعرف العماد عون وفريقه الطريقة المثلى لاستثماره في الأشهر الحساسة الفاصلة عن الانتخابات النيابية.
٣ ـ مواجهة العماد عون بتولي مهمة الدفاع عن رئاسة الحكومة ورفضهم لأي تعديل في صياغة صلاحيات نائب رئيس الحكومة، بما يظهرهم أنهم قد استسلموا للفريق المسلم على حساب »المصالح المسيحية«، وهذا ما يحقق أغلى أمنيات العماد عون الذي سرعان ما سيصورهم على أنهم مجموعة من »يهوذا« بعدما كانوا شبيهين بملك الفرس »داريوس«...
مبدئياً، يمكن القول إن العماد عون نجح عبر »رأس الحربة« عصام أبو جمرا بتسجيل هدف صريح في مرمى خصومه في الساحة المسيحية، خصوصاً أن الفريق المسلم، بجناحيه السني والشيعي واصطفافيه الخصم والحليف، انكفأ عن هذه المواجهة لعلمه المسبق أن عون يستهدف خصمه المسيحي أكثر مما يستهدف موقع رئاسة الحكومة في مناورته التي ربما يقبل بأي انتصار شكلي فيها، لعلمه سلفاً أن الظروف غير مهيأة لأي اختراق في دستور الطائف، وهو ما تيقن منه في اتفاق الدوحة الذي لم يغير حرفاً من اتفاق الطائف، فضلاً عن أن أي محاولة للمس بالتوازنات الوطنية القائمة سيدفع حلفاءه للتصدي له وحصول شرخ كبير معهم لن يكون سهلاً ترميمه، وقد ظهرت سابقاً نماذج من تلك الردود التي تصدت لمحاولات سابقة شبيهة.
هل يستطيع العماد عون السير حتى النهاية في »الشغب المنظّم« الذي يتولاه أبو جمرا بصفته »المتقدّم في الجنرالات« عند العماد عون عن الأرثوذكس؟
لا يحتاج العماد عون إلى أكثر من طرح قضية الصلاحيات لنائب رئيس الحكومة على مجلس الوزراء، لأنه سيكون بذلك يطلق رصاصة الرحمة على الخصوم الذين سيضطرون إلى حسم خياراتهم: إما السير خلفه بالتصويت لمصلحة صلاحيات نائب الرئيس وتقع الواقعة بينهم وبين حليفهم الرئيس تيار المستقبل، وإما التصويت ضد صلاحيات نائب رئيس الحكومة وتقع الواقعة بينهم وبين الشارع المسيحي، ولا يهم بعدها أن يسقط مشروعه في مجلس الوزراء... ومن الواضح حتى الآن أن عون قد افتتح معاركه الانتخابية على أحد المحاور التي يستطيع أن يشغل به خصوماً ثابتين وحلفاء سابقين، من أجل استدراجهم إلى الانشغال بترميم »الأضرار« التي تركتها مناورته خلف خطوطهم، قبل أن يحدد الزمان والمكان والطريقة التي يفتح فيها معركة أخرى على محور آخر ليثبت أنه يمتلك زمام المبادرة بتنفيذ استراتيجية إنهاك الخصم واستعادة »المبتعدين« إلى كنف التحالف معه بشروطه... لكن المفارقة التي لا يمكن القفز فوقها حتى الآن، أن شظايا معركة عون لم تبلغ الساحة الإسلامية السنية التي لا تزال تتعامل بشيء من الهدوء اللافت مع الهجوم المركّز لفريق العماد عون، ليقينها أن الحصانة التي منحها اتفاق الدوحة لاتفاق الطائف وتوازناته لا تزال تشكل درع الحماية لموقع رئاسة الحكومة كما لكل الرئاسات والمواقع الأخرى، وصمام أمان لا يملك أحد من فرقاء الداخل مفتاح تفكيكه... ربما يكون العماد عون قد ربح الآن بالنقاط معركة صلاحيات نائب رئيس الحكومة، بغض النظر عن النتائج التي سيحققها في هذه المعركة، وهو يراكم النقاط حتى موعد الانتخابات النيابية فضلاً عن أنه »يستبدل« قسماً منها ببعض العثرات، الواقعية أو المبالغ فيها، لكن الأكيد أن عون يشن من ضمن مناورته هجوماً مضاداً على خصومه الذين استهدفوه في غيبته »الاضطرارية« إلى بلاد كان يحكمها في التاريخ ملك اسمه »داريوس« وهزمه »الاسكندر«...

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,076,222

عدد الزوار: 6,933,828

المتواجدون الآن: 104