لبنان...."الجمهورية": "مصرف لبنان" يدقّ جرس الإنذار.. والمحتجّـــون يضغطون.. والسلطة تُفضِّل "التفعيل"...حاكم مصرف لبنان يطالب بـ«حل فوري» لتفادي الانهيار..مناطق «الثنائي الشيعي» تخرق إضراباً عاماً يشلّ لبنان...الراي....لبنان على أبواب «مُكاسَرةٍ» والسلطة تتّهم الثورة بتنفيذ انقلاب....نداء الوطن....السلطة تعاند... والثوّار ثابتون على الطرقات... باريس تلغي اجتماعاً لـ"سيدر"....اللواء....مأزق السلطة يفاقم ازمة الشارع... من يصرخ اولاً..حزب الله لسلة كامل... حكومة اخصائيين ولا تفاوض تحت ضغط قطع الطرقات.......الاخبار....هلأ لوين؟...

تاريخ الإضافة الثلاثاء 29 تشرين الأول 2019 - 5:17 ص    عدد الزيارات 2299    القسم محلية

        


"الجمهورية": "مصرف لبنان" يدقّ جرس الإنذار.. والمحتجّـــون يضغطون.. والسلطة تُفضِّل "التفعيل"...

بات من المسلّم به أن إنهاء الأزمة الراهنة، أو بمعنى أدق بدء سلوك هذه الازمة الطريق الى الحل، يحتاج الى ثمن، ولكن ليس أيّ ثمن. والسؤال البديهي الذي يطرح نفسه في هذا الاطار: ما هو هذا الثمن؟ من سيدفعه؟ مِن حساب مَن سيُدفع؟ وعلى حساب من سيُدفع؟ ومِن حساب مَن سيُسحَب؟ إلّا انّ السؤال الأكبر من كل تلك الاسئلة: ما هو الثمن الذي سيدفعه البلد، اذا ما استمر هذا الانحدار الحالي سياسياً واقتصادياً ومالياً وفي الشارع؟ على أنّ كل هذه الحركة السياسية والشعبية تتواكب مع وقائع متدحرجة على كل المستويات، تقترن بتحذيرات مالية على شاكِلة الصورة القاتمة التي رسمها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول الوضع اللبناني، وأكد فيها الحاجة الى حل فوري وخلال أيام، تجنّباً للأسوأ. وهو كلام أثار ذعراً، سواء على المستوى الشعبي، وكذلك على المستوى السياسي، حيث أكد مرجع كبير لـ«الجمهورية» انّ «صورة لبنان تقترب من السواد الحالِك. ولذلك، ومهما كلّف الأمر، صار من الواجب أن يتبلور مخرج سياسي هذا الأسبوع، والّا فإننا سنندم جميعاً». الناس، وعلى رغم الطقس الماطر، ماضية في تحركها ضد السلطة، فغَصّت الساحات بجموع المحتجّين، فيما استمر قطع الطرقات الرئيسية في العديد من المناطق، بالتوازي مع تأكيد المحتجّين الاستمرار في قطع الطرقات لإرغام السلطة على الاستجابة لمطالبهم التي ما زالت تتجاهلها منذ 12 يوماً، في مقابل دعوات الى فتح الطرقات تحت عنوان: إذا كان التعبير عن الرأي حقاً مُصاناً، فحرية تنقّل المواطنين حق مُصان أيضاً.

معايير متناقضة

ومع إصرار المحتجين على البقاء في الشارع، علمت «الجمهورية» أنه في الوقت الذي أكد رئيس الجمهورية أولوية معالجة الوضع الأمني وفتح الطرق اللذين يجب أن يتقدّما على المسارات الأخرى، فإنّ أوساط «بيت الوسط» أعطت الأولوية للمسار السياسي. فالحراك في الشارع ما زال سلمياً، ولا يجوز استدراج الموجودين في الشارع الى أي مواجهة أمنية أو ما يؤدي الى توتير الوضع، فالحراك كان سلميّاً وسيبقى كذلك، ومن المهم التعاطي معه على هذه الأسس.

«تطنيش»!

على الأرض، تكفي جولة على ما عَبّر ويعبّر عنه الناس من مطالب وأوجاع في انتفاضتهم المستمرة منذ 12 يوماً ضد السلطة الحاكمة، وعلى واقع هذه السلطة وكيفية مقاربتها لهذه الانتفاضة الشعبية المشتعلة ضدها في الشارع، للوقوف على مُسلّمتين لدى المحتجين:

- الأولى، انّ الترقيع التقليدي الذي كان مُتّبعاً في مقاربة أزمات ما قبل 17 تشرين الاول 2019، لم يعد اللغة التي يفهمها الناس أو التي يريدون أن يسمعوها بعد، في ذروة انتفاضة صَدّعت السلطة وأصابتها بأوجاع سياسية ومعنوية في كافة مفاصلها.

- الثانية، انّ محاولة البحث عن «كبش فداء»، تُنسَف من خلاله انتفاضة الشارع، هي في نظر الناس محاولة خبيثة، تَنمّ عن أنّ السلطة مُصرّة على المنحى الاحتيالي الذي تسير عليه، بل هي في أحسن الاحوال، محاولة عبثية تواجه فيها الناس بلعبة مكشوفة وخاسرة سلفاً، لن يكون من شأنها إلّا إشعال الشارع أكثر فأكثر في وجه السلطة.

ما هو الثمن؟

في المقابل، فإنّ السلطة التي تتجاهل منذ 12 يوماً الاستجابة لأي مطلب من مطالب المحتجين، فإنّ وضعها، كما دَلّت وقائع الأيام الاخيرة بما شَهدته من مشاورات واتصالات على مستويات سياسية ورئاسية مختلفة، هو في حال من الإرباك الشديد، وهذا ما تعكسه الاقتراحات التي طرحت حول «الثمن» الذي يتوجّب دفعه إرضاء لجموع المحتشدين في الشارع، وبالتالي إنهاء الأزمة. وبحسب المعلومات، فإنّ أيّاً من هذه الاقتراحات لم يجد له مساحة قبول لدى القوى السياسية من شأنها أن تضعه موضع التنفيذ، بدءاً من طرح تغيير الحكومة، وهو كما باتَ معلوماً، الطرح الذي تصدّر مطالب المحتجين، إلّا انّ مشكلته، وكما عكست الاتصالات على الخطوط السياسية والرئاسية، أنه مرفوض لدى مكوّنات سياسية أساسية لأنه قد يؤدي الى وقوع البلد في الفراغ المحظور، وبالتالي صُرِف النظر عنه. ولخّصت مصادر وزارية عاملة على خط الاتصالات بين المقرّات السياسية والرئاسية، الصورة السياسية والحكومية، وقالت لـ«الجمهورية»: إنّ تغيير الحكومة لا يصطدم فقط بالتحذير من مجهول ينتظر لبنان فيما لو استقالت الحكومة الحالية، بل يصطدم أيضاً بعدم القدرة السياسية على الاتفاق على «نَوع» الحكومة التي ستتشكّل. فإذا كان بقاء الحكومة يشكل مشكلة للشارع المُطالِب بتغييرها، فإنّ بدائلها المطروحة يؤدي كلّ منها الى مشكلة، مثل الطرح القائل بحكومة تكنوقراط صافية بلا سياسيين. فمثل هذه الحكومة لا تستطيع أن تواكب واقعاً معقداً معيشياً واقتصادياً، ومنقسماً بشكل حاد سياسياً. وكشفت المصادر انّ من ضمن الافكار والطروحات التي جرت مناقشتها في الايام الاخيرة، إنما بصورة غير رسمية، فكرة تشكيل حكومة سياسية مطعّمة باختصاصيين، أو تشكيل حكومة تكنوقراط مطعّمة بسياسيين على مستوى وزراء دولة بلا حقائب، وأكدت انّ هذه الفكرة لم تجد من يتبنّاها. وخلاصة الأمر، كما أكدت المصادر لـ«الجمهورية»، أنّ تغيير الحكومة كان مجرّد فكرة تمّت مناقشتها سريعاً ولم تعد مطروحة، وقد ساهم في إحباطها دخول بعض القوى السياسية على خط تغييرها، والمناداة بتبديلها بحكومة تكنوقراط أو اختصاصيين».

إختلاف في التفسير

على أنّ اللافت للانتباه، وفق ما أشارت اليه تلك الاتصالات السياسية، هو اختلاف التفسير بين مكوّنات السلطة للطرح الصادر عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والذي قال فيه إنه «صار من الضروري إعادة النظر في الواقع الحكومي الحالي حتى تتمكّن السلطة التنفيذية من مُتابعة مسؤوليّاتها»، وأيّده فيه رئيس الحكومة سعد الحريري. فبعض السلطة قرأ فيه دعوة الى تغيير الحكومة، وهو أمر نَفته دوائر بعبدا، مؤكدة أنّ رئيس الجمهورية لم يأت على ذِكر هذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد، فضلاً عن أنه محل اعتراض شديد من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يؤكد انّ تغيير الحكومة لا يحل الأزمة بل يعقّدها أكثر، الى حَدّ تنعدم معه إمكانية تشكيل حكومة في المدى المنظور، وهذا يفتح البلد على مصير مجهول. لذلك، المطلوب بإلحاح، في رأي بري، استمرار الحكومة، والشروع فوراً بخطوات إصلاحية ملموسة. وتضيف المعلومات أنّ تَبايناً شديداً حصل بين مستويات السلطة حول فكرة تعديل الحكومة، وبحسب مصادر موثوقة فإنّ رئيس الجمهورية مع فكرة التعديل تِبعاً لِما أعلنه حول ضرورة إعادة النظر في الواقع الحكومي، الّا أنّ الفكرة التي تم تداولها، والتي تنطوي على إخراج بعض الاسماء التي توصَف بالمُستفزّة، هي محل رفض قاطع لها من قبل رئيس الجمهورية، وحتى رفض مجرّد سماعها أو البحث فيها، كونها تتناول بالدرجة الاولى وزير الخارجية جبران باسيل، وعلى نحو يصوّره وكأنه هو المسؤول عن الأزمة، فيما أنّ هذه الازمة تَتبدّى واضحة في أماكن أخرى، علماً أنّ هذه الفكرة تنطوي على إساءتين جارحتين: الأولى إساءة ظاهرة بشكل مباشر للوزير باسيل، والثانية إساءة مباشرة للعهد، ربطاً بالرمزية التي يمثّلها باسيل بالنسبة الى رئيس الجمهورية. وإذ تؤكد المصادر أنّ سائر المراجع السياسية في الدولة هي في صورة الرفض الرئاسي لفكرة التعديل هذه على النحو المطروح، لفتت الى أنّ رئيس الحكومة هو مع تغييرها إذا تم الاتفاق على ذلك، ومع تعديلها اذا قُيّضَ له ذلك أيضاً، إلّا أنّ هذا التعديل هو محل رفض أيضاً لدى رئيس المجلس النيابي، لأنه يعتبر انّه ليس هو الحل ولا يؤدي الى إنهاء الازمة، فضلاً عن أنه طرح مرفوض أصلاً من قبل المعتصمين.

هدف السلطة: التفعيل

الى ذلك، ومع سقوط طرح تغيير الحكومة، وكذلك التعديل أو التبديل، يبدو أنّ قرار السلطة في موازاة ما يجري في الشارع هو التفعيل، بمعنى المقاربة الفاعلة والسريعة لمجموعة من البنود التي تعتبرها إصلاحية ومُلحّة، ووضعها موضع التنفيذ السريع، وبعضها خلال فترة قصيرة جداً، على شاكِلة قانون استعادة الاموال المنهوبة والتهرّب الضريبي، وصولاً الى قانون العفو العام الذي تراهن السلطة على أن يأتي طرحه في هذا الوقت ومن ثم إقراره، منفِّساً لجانب كبير من الشارع المُحتقِن ضدها.

موازنة... معطلة

الّا انّ كل ذلك متوقّف على عبوره الهيئة العامة لمجلس النواب، بالتوازي مع إقرار موازنة العام 2020، علماً انّ مشروع الموازنة معطّل حالياً، على رغم وصوله الى المجلس النيابي، وذلك لعدم وجود لجنة مال وموازنة تدرسه، خصوصاً أنّ ولاية اللجنة السابقة قد انتهت منذ أكثر من أسبوع، أي في مُستهلّ العقد العادي الثاني للمجلس النيابي الذي بدأ اعتباراً من أول ثلاثاء بعد 15 تشرين الاول الجاري، وهو الموعد الدستوري الذي يوجِب على المجلس النيابي مع افتتاح هذا العقد أن يُعيد انتخاب لجانه الدائمة مع أعضاء هيئة مكتب المجلس، أي انتخاب أمينَي السر والمفوضين الثلاثة. وهو أمر لم يتم جرّاء التطورات الاخيرة والاعتصامات التي شهدها وسط بيروت والطرقات المؤدية الى مبنى مجلس النواب في ساحة النجمة، والتي حالت دون وصول النواب الى المجلس، برغم الدعوتين اللتين وجّههما رئيس المجلس لعقد جلسة الانتخاب، وتم تأجيلهما ربطاً بتلك التطورات، علماً أنّ هذه التطورات قد تفرض تأجيلاً ثالثاً لهذه الجلسة. وتِبعاً لذلك، فإنّ كل تأخير إضافي في انتخاب اللجان النيابية، ومن بينها لجنة المال والموازنة، سيقابله تأخير في دراسة مشروع الموازنة وإنجازه في وقت سريع، ربطاً بالوعود التي أطلقت حيال ذلك. كما أنّ هذا التأخير لا يرتَدّ فقط شللاً في عمل اللجان النيابية، بل هو يشلّ أيضاً هيئة مكتب المجلس النيابي، المحصورة عضويتها حالياً على الرئيس نبيه بري ونائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي، وهو أمر يُعيق عَقد جلسة تشريعية، لأنه يجب أن يسبقه اجتماع هيئة مكتب المجلس لتحديد جدول أعمالها.

«عاصفة» سلامة

من جهة ثانية، أثار الكلام الذي نسبته شبكة CNN الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس، عن انّ «الانهيار مسألة أيام»، بلبلة ورعباً. ومع انّ سلامة عاد وأوضَح كلامه في تصريح لوكالة «رويترز»، إلّا انّ القلق ظل مسيطراً. وأكد سلامة لـ«رويترز» أنّ «لبنان يحتاج إلى حل خلال أيام لاستعادة الثقة وتفادي الانهيار في المستقبل». وقال: «لا أقول إننا في صدد انهيار خلال أيام، ما قلته هو أننا نحتاج حلاً فوريّاً خلال أيام». وتابع: «عنوان شبكة CNN: «لبنان على بعد أيام من الانهيار الاقتصادي»، لا يتماشى مع ما قلته في مقابلة معهم»، مؤكداً «اننا سنحافظ على ربط العملة المحلية بالدولار، ولدينا الوسائل لذلك». وجَزم سلامة بأنّ «المصارف ستفتح أبوابها مجدداً بمجرّد أن يهدأ الوضع، ولم نطالبها بالإغلاق»، مشيراً إلى أنه «عندما تفتح المصارف أبوابها لن تكون هناك قيود على حركة الأموال ولا خفض لقيمة الديون». وكانت شبكة CNN قد نقلت عن سلامة قوله «انّ لبنان على وشك الانهيار الاقتصادي ما لم يتم إيجاد حل فوري لإنهاء الاحتجاجات التي أصابت البلاد بالشلل، وانّ الانهيار مسألة أيام، لأنّ التكلفة باهظة على البلاد».

جمعية المصارف

الى ذلك، يعقد مجلس إدارة جمعية المصارف اجتماعاً اليوم للبحث في الوضع النقدي، والإجراءات التي يمكن اللجوء إليها في حال انتهى الحراك الحالي الى حلّ سياسي أو أمني، فلكلا الحالتين شروطها وظروفها. وقالت مصادر مصرفية لـ«الجمهورية»: لا بد للمصارف من أن تكون جاهزة للحالتين، وبالتعاون مع مصرف لبنان على خلفية حماية أموال المودعين.

أزمات محروقات وخبز

على صعيد الداخل، أطلّت أمس أزمتان معيشيّتان. تتعلّق الاولى بنفاد المحروقات في بعض المحطات واعتماد أخرى التقنين بسبب عدم فتح اعتمادات لاستيراد المحروقات، وتتعلّق الثانية ببدء مخزون القمح في النفاد للسبب نفسه. وفي التقديرات التي تحدث أصحاب العلاقة عنها الى «الجمهورية»، فإنّ مادة المحروقات المتوافرة لا تكفي لأكثر من أسبوعين، في حين أنّ احتياطي الطحين يكفي لحوالى 18 يوماً. ويقول مسؤولون في قطاعَي المحروقات والقمح انّ تعميم فتح اعتمادات لاستيراد المادتين بالسعر الرسمي للدولار لم يبدأ تنفيذه حتى الآن، وبالتالي فإنه يتعذّر استيراد المادتين.

حاكم مصرف لبنان يطالب بـ«حل فوري» لتفادي الانهيار..

البنوك ملتزمة تأمين رواتب موظفي القطاع العام رغم الإغلاق المتواصل لأبوابها...

بيروت: {الشرق الأوسط}... تصاعدت المخاوف اللبنانية حيال الوضع المالي والاقتصادي المتأزم، فيما أثارت تصريحات منسوبة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة حذّرت من «انهيار خلال أيام» قبل أن يعود ويوضح تصريحاته قائلا: «إننا نحتاج حلاً فورياً خلال أيام» لتجنب الانهيار الاقتصادي في المستقبل إذا استمرت الاحتجاجات ولم يتم إيجاد حلّ سياسي للأزمة التي تعصف بالبلاد. وكانت قناة «سي إن إن» نقلت عن سلامة قوله إن لبنان «يبعد أياماً قليلة عن الانهيار إذا استمرت الاحتجاجات ولم يتم إيجاد حلّ سياسي»، ما اضطره للتوضيح في مقابلة مع وكالة «رويترز» قال فيها إن «عنوان سي إن إن: لبنان على بعد أيام من الانهيار الاقتصادي، لا يتماشى مع ما قلته في مقابلة معهم»، مشدداً على: «إننا نحتاج إلى حل خلال أيام لاستعادة الثقة وتفادي الانهيار في المستقبل». وشدد سلامة على: «إننا سنحافظ على ربط العملة المحلية بالدولار، ولدينا الوسائل لذلك»، لافتاً إلى أن «البنوك ستفتح أبوابها مجدداً بمجرد أن يهدأ الوضع»، مؤكداً: «إننا لم نطالبهم بالإغلاق». وقال: «هدفنا حماية أموال المودعين»، لافتاً إلى أنه «عندما تفتح البنوك أبوابها لن تكون هناك قيود على حركة الأموال ولا خفض لقيمة الديون». ويأتي تصريح سلامة في ظل تنامي المخاوف من انهيارات اقتصادية في البلاد، بفعل الأزمة المعيشية والإقفال المستمر منذ 12 يوماً إثر الاحتجاجات. والتقى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في بيت الوسط حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعرض معه الأوضاع المالية والنقدية العامة في البلاد. كما التقى وزير المال علي حسن خليل وعرض معه آخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة. وشدد سلامة في حديثه لـ«رويترز» على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة، قائلاً: «الثقة ستتراجع في غياب حل وهو ما لن يكون جيداً للاقتصاد». وقال رداً على سؤال عن التوجه إلى صندوق النقد أو مؤسسات مالية دولية أخرى: «على الحكومة أن تقرر ما ينبغي القيام به». ولفت إلى أن مساهمة القطاع المصرفي البالغة 3.4 مليار دولار لتقليص العجز ضمن الورقة الإصلاحية التي أقرتها الحكومة وأعلنها الحريري الأسبوع الماضي: «تشمل مدفوعات البنك المركزي للحكومة من فائدة سنداته بالعملة المحلية، إضافة إلى الضريبة على أرباح البنوك». وكان سلامة لفت سلامة في حديث لـCNN إلى أن الخسارة الكبرى «تتمثّل في خسارة الثقة أكثر فأكثر يوماً بعد يوم». وتابع: «يعتمد لبنان على التحويلات الأجنبية بشكل أساسي من دول الاغتراب، وإن لم ير المغتربون اللبنانيون إجراءات حقيقية توحي بالثقة فإن التحويلات ستنخفض». وأضاف: «لإنقاذ الوضع يجب علينا اتخاذ إجراءات سريعة». في غضون ذلك، تعهدت جمعية مصارف لبنان أمس «بتأمين رواتب موظفي القطاع العام، وبخاصة ضباط وعناصر الجيش والقوى الأمنية الذين يشكلون ضمانة للوطن والمواطنين ويحظون باحترام الجميع وتقديرهم»، لافتة إلى أن «المصرف المركزي قام بتأمين السيولة اللازمة لهذا الغرض رغم الأوضاع الصعبة وانقطاع الطرقات». وذكرت الجمعية، في بيان عقب اجتماع استثنائي لمجلس إدارتها، أن أعمال الصيرفة الإلكترونية مستمرة في مختلف المناطق وأن المصارف جاهزة للإجابة عن استفسارات الزبائن من خلال الاتصال بمكاتب الاستعلام، أي مكاتب Call Centers التابعة لها. وأكدت الجمعية أن الهم الأساسي للمصارف «يبقى تأمين الخدمات الضرورية والملحة لزبائنها وتسيير شؤونهم الحياتية، وأنها لن تتوانى عن بذل كل جهودها للتخفيف من وطأة الأزمة على المواطنين». وقالت: «في ظل استمرار التحركات الشعبية وبانتظار استقرار الأوضاع العامة في البلاد، تبقى أبواب المصارف مقفلة الثلاثاء (اليوم)». وغداة توضيح مصرف لبنان للقرار الصادر عن المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، بالاهتمام بمنع عمليات إخراج الدولارات من لبنان أو منع تحويل العملات العربية إلى دولار أميركي في لبنان وإخراجها منه، في محاولة من البنك المركزي لضبط السوق النقدية بعدما تم إخراج كمية من الدولارات إلى خارج لبنان، نقلت وكالة الأنباء «المركزية» عن مصادر مصرفية إن «تعميم انتقال الأموال من داخل لبنان أو خارجه، هو لضبط عمليات التحويل، لكن ذلك لا يعني تقييد حرية الانتقال بل تنظيمها وضبطها وتطبيق التعميم الصادر في العام 2015». وأوضحت أن «القانون يسمح بإخراج 15 ألف دولار أو إدخال المبلغ نفسه من دون التصريح عن ذلك، ولكن في حال تجاوز هذا الرقم، فمن المفترض أن يتم التصريح عن ذلك وأن يدفع الأمر السلطات الأمنية في مطار بيروت وعلى الحدود البرية إلى السؤال عن أسباب حمل هذا المبلغ». في غضون ذلك، أسف المجلس التنفيذي في اتحاد نقابات موظفي المصارف في بيان «لاستمرار الحملة المبرمجة على المصارف التي من شأنها أن تضر بسمعة القطاع المصرفي لدى المؤسسات المالية الدولية وتهجر ما تبقى من استثمارات أجنبية وعربية في المصارف»، مناشداً «القوى السياسية عدم إقحام القطاع المالي في صراعاتهم التي لا تنتهي والتي ألحقت الضرر بالبلاد والعباد على مدار السنين الماضية، فالمصارف بإداراتها ومستخدميها كانت صمام الأمان للاقتصاد الوطني وللدولة اللبنانية في أصعب الظروف ومن غير الجائز تحميلها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع المالية في البلاد». ويعاني لبنان وضعاً اقتصادياً صعباً. وإثر الاحتجاجات تفاقم الوضع، وهدد إقفال الطرقات بإمكانية إيصال السلع الأساسية إلى المناطق. وأقفل عدد من محطات الوقود في الضنية في شمال لبنان أمس ورفعت خراطيمها بسبب نفاد الكميات الموجودة لديها من المحروقات، وعدم تسليم الشركات الموزعة كميات جديدة، بسبب قطع الطرقات، وعدم قدرة الصهاريج على الوصول إلى المنطقة. كما تشهد الضنية نقصاً في عدد من المواد والسلع الغذائية والتموينية، إضافة إلى حليب الأطفال وبعض الأدوية، ما دفع بالمواطنين إلى المناشدة لفتح الطرقات.

مناطق «الثنائي الشيعي» تخرق إضراباً عاماً يشلّ لبنان وخريطة انتشار جديدة للقوى الأمنية لتخفيف الضغط عن الجيش..

بيروت: «الشرق الأوسط».. أقفل محتجون الشوارع الرئيسية في المناطق اللبنانية، منفذين إضراباً عاماً شل مساحات واسعة من البلاد، باستثناء الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق في الجنوب حيث يتمتع «الثنائي الشيعي»، «حركة أمل» و«حزب الله» بنفوذ كبير. ولم تعمد القوى الأمنية والعسكرية إلى فتح الطرقات بالقوة، تنفيذاً لالتزامها بعدم استعمال العنف لفتح الطرقات، وذلك غداة الاجتماع الأمني الذي عُقد ليل الأحد بحضور قائد الجيش العماد جوزيف عون، ورؤساء الأجهزة الأمنية، وأفضى إلى توزيع مواقع انتشار الأجهزة الأمنية لتخفيف الضغط عن الجيش الذي ينفذ انتشاراً في كافة المناطق اللبنانية. وفيما سجل الطلاب القوة الأكبر في إقفال الطرقات في بيروت، تابع الرئيس اللبناني ميشال عون التطورات السياسية والأوضاع الأمنية في ضوء المستجدات الأخيرة. واستقبل في قصر بعبدا رئيس الجامعة الأميركية في بيروت فضلو خوري ورئيس جامعة القديس يوسف في بيروت الأب سليم دكاش، واستمع عون إلى وجهتي نظر رئيسي الجامعتين من التطورات الأخيرة، كما شرح رؤيته للوضع الراهن وسبل معالجته. وجاء ذلك بعد ثلاثة أيام على بيان مشترك أصدره رئيسا الجامعتين دعما فيه حقوق المتظاهرين، واعتبرا فيه «أنّ جامعتينا اللتين التزمتا تاريخيّاً بناء الكيان اللبناني الكبير منذ نشأة دولته في سنة 1920 لا يمكنهما إلا المشاركة في إسهام الأساتذة والطلاب والإداريين والخرّيجين الذين هم اليوم على أرض الوطن من أجل حقوق كلّ اللبنانيين من دون استثناء». وواصلت القوى الأمنية والعسكرية تنفيذ التزاماتها بمنع التصادم مع المحتجين والتعامل معهم بالحسني، تنفيذاً لقرار اتخذ في اجتماع موسّع عُقِد في قيادة الجيش، وحضره إلى جانب العماد جوزيف عون، مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، ومدير المخابرات في الجيش اللبناني ونائب رئيس الأركان للعمليات في الجيش اللبناني وكبار الضباط. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن التعليمات التي صدرت من الاجتماع تقضي بعدم الاحتكاك مع المتظاهرين، ولا فتح للطرقات بالقوة، لافتة إلى أن الجميع يجمعون على أن فتح الطرقات يجب أن يتحقق كي تتدبر الناس أمورها، ولا مشكلة في أن تتحول الاعتصامات إلى الساحات ومواقع الإدارات الحكومية والوزارات وتحييد مصالح الناس من تداعيات إقفال الطرقات. وخلال الاجتماع، ظهر إجماع على أن التطورات الأخيرة فرضت ضغوطاً عالية على الجيش بالنظر إلى أن وحداته تنتشر على رقعة واسعة جداً وأنه يُستنزف ويجب التعاون معه كون العبء الأكبر يقع عليه. ولذلك، جرى الاتفاق على توزيع المهام بين الجيش والقوى الأمنية، بحيث تنتشر عناصر الأمن العام على طريق المطار وساحة ساسين في الأشرفية، بينما تنتشر وحدات أمن الدولة في بعض المناطق في المتن الشمالي وكسروان. أما قوى الأمن الداخلي فتنتشر إلى جانب الجيش وتنسق معه، وتوجد في بيروت ومنطقة الأسواق التجارية والساحات القريبة، كما توجد على مداخل الطرقات الرئيسية، وتنسق مع الجيش في كافة المناطق اللبنانية لتسهيل مرور الحالات الإنسانية والإمدادات الغذائية، وتبقي خط التنسيق مفتوحاً مع الجيش في كل المناطق لمواكبة التطورات. وتحدثت مصادر مطلعة عن أن بعض القوى السياسية ومنها من الفريق الوزاري التابع لـ«التيار الوطني الحر» ضغط لمنح أمن الدولة مهمات إضافية لفتح الطرقات، لكن هذا الاقتراح جرى استيعابه ولم يسفر عن نتيجة. في غضون ذلك، أشار وزير الدفاع إلياس بوصعب إلى أن «الجيش اللبناني موجود على الطرقات ولا يفتحها حتى لا يحدث صدام مع المتظاهرين، ولكن هذا الموضوع يجب أن يعالج بوقت سريع». وأضاف في حديث تلفزيوني أنه يجب معالجة وضع إقفال الطرقات سريعاً مع الحرص على عدم تصادم الجيش مع المواطنين. وفي اليوم الثاني عشر للاحتجاجات المستمرة، صعّد المحتجون بقطع الطرقات التي فتح الجيش اللبناني بعضها، حيث قطع المعتصمون في بيروت طريق جسر الرينغ، الصيفي، ساحة ساسين، فردان (تقاطع دار الطائفة الدرزية). وبلغت موجة الاحتجاجات مصرف لبنان في الحمرا وفروعه المنتشرة على امتداد الخريطة اللبنانية. ولاحقاً، أُعيد فتح الطريق أمام مصرف لبنان في اتجاه شارع الحمرا، بعدما أنهى المعتصمون تحركهم أمام المصرف، فيما سيبقون على خيمتهم في محاذاة الطريق لتأكيد تمسكهم بمطالبهم. وتواصل الاعتصام في جل الديب في جبل لبنان، كذلك في تقاطع الشفروليه، واستمر كذلك في جبيل وامتد شمالاً على أوتوستراد كفرحزير في الكورة حيث قطعت الطريق بالعوائق، وأكد المتظاهرون «استمرار الاعتصام السلمي حتى تحقيق المطالب». وفي طرابلس، أعيد فتح طريق الضنية - طرابلس جزئياً أمام المواطنين. وبعدما فتحت الطريق عند مفرق بلدة كفرحبو (الضنية)، أعيد فتحها أيضاً على مسار واحد في بلدة مرياطة، وعلى مسار واحد أيضاً في بلدة أردة، ما سهل حركة تنقل المواطنين وتأمين حاجاتهم. وأعيد فتح الطرق عند مداخل مدينة الميناء ودوار البركة والطريق المؤدية من الميناء باتجاه البحصاص وعند مستديرة الغروبي. وفي حلبا (عكار)، أقفل المعتصمون الدوائر الرسمية، مؤكدين أن الطرقات والمداخل في المنطقة مفتوحة ولكن تم إقفال إدارات الدولة فقط. واللافت أن المناطق التي يتمتع فيها الثنائي الشيعي «حزب الله» و«حركة أمل» بنفوذ كبير، عادت الحياة فيها إلى طبيعتها. فإلى جانب الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث فتحت معظم المدارس أبوابها، لم يسجل أي قطع للطرق العامة في الهرمل وسُجل دوام عادي في سائر الدوائر الرسمية والمؤسسات العامة، وشهدت المصارف زحمة على الصراف الآلي في حين تعذر على المواطنين الذين لا يحملون بطاقة دفع من القبض مما شكل حالا من الغضب والشلل في الأسواق. وقد سُجل دوام جزئي في بعض المدارس الخاصة، واستمر التعطيل في المدارس الرسمية. واستعادت مدينة النبطية حركتها الطبيعية، وفتحت الإدارات الرسمية في السراي الحكومي فيها بشكل طبيعي بدليل أن الموظفين الذين وصلوا إلى مراكز عملهم لتسيير أمور المواطنين. كذلك، فتحت أبواب الجامعة اللبنانية والخاصة أبوابها أمام الطلاب، كما معظم الثانويات والمدارس والمعاهد الخاصة، فيما أقفلت المدارس الرسمية التزاماً بقرار وزير التربية. وفي صور، تجمع المتظاهرون أمام مصرف لبنان في المدينة ونظموا وقفة احتجاجية طالبوا باستمرار الحراك. ومساءً، انطلقت مسيرة تضامنية مع الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل، في منطقة جونية، أعلن المشاركون فيها رفضهم قطع الطرقات وناشدوا الدولة العمل على فتحها. وحمل المتظاهرون الأعلام اللبنانية، وطالبوا بقانون لمحاسبة الفساد ورفع الحصانة ورفع السرية المصرفية.

حركة سياسية لمواجهة المخاطر الاقتصادية وإقرار تشريعات مكافحة الفساد

بيروت: «الشرق الأوسط».. استأنفت الحركة السياسية جزءاً من نشاطها، بعد 12 يوماً من الاحتجاجات التي شلّت لبنان. وتحركت كتل نيابية ووزراء في أكثر من اتجاه لتفعيل تشريعات متعلقة بمكافحة الفساد، وأخرى وزارية متعلقة بالملفات المالية والاقتصادية، وسط معلومات عن أن الأزمة يمكن أن تكون طويلة، في مقابل ارتفاع أسهم احتمالات تفعيل العمل الحكومي. وفي عين التينة، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وفداً من نواب تكتل «لبنان القوي» الذي قال أمين سره النائب إبراهيم كنعان بعد اللقاء، إن «الهدف من الزيارة هو عرض للمواضيع الاستثنائية المطروحة من زاوية عمل المجلس النيابي، ونحن نعرف أن هناك تشريعات مهمة جداً، ويحكى الكثير في هذه المرحلة عن مكافحة الفساد؛ لكن مكافحة الفساد والمحاسبة واسترداد الأموال المنهوبة بالإضافة إلى رفع الحصانات كلها اقتراحات قوانين تقدمت بها كتلتنا وكتل أخرى، وأعتقد أن الوقت قد حان. وقد وافقنا دولة الرئيس على أن نخطو خطوة جدية لإقرارها». وأشار كنعان إلى أنه «تم الاتفاق مع الرئيس بري الذي أبدى تجاوباً كبيراً، وعرفنا منه أنه سيبدأ خلال أيام بعد الجلسة النيابية المخصصة لانتخاب اللجان ورؤسائها وهيئة المكتب لتجديد شرعيتها، من أجل البدء بدراسة كافة اقتراحات القوانين». وقال: «طبعاً هناك موازنة وهذه مسؤوليتي لدعوة لجنة المال؛ لكن دولة الرئيس سيكون له قرار بتفعيل عمل الهيئة العامة، تحديداً بمواضيع تتعلق بالقوانين التي طرحناها، والطلب من اللجان النيابية المباشرة دراستها، وألا يحصل أي تأخير، وإلا ستحال فوراً إلى اللجان المشتركة، كما قال دولة الرئيس، من أجل الإسراع وليس التسرع في عملية إقرار هذه القوانين». وكانت مصادر نيابية قد أكدت لمحطة «LBCI» أنه «ما دامت الحكومة موجودة، فالمسؤولية تقع عليها لجهة إحالة مشروعات القوانين التي ترغب في إقرارها إلى مجلس النواب». وقالت المصادر نفسها إن «إقرار بعض مشروعات القوانين لا يتم بين ليلة وضحاها، إذ يحتاج لنقاش في اللجان النيابية المختصة». وأشارت إلى «ضرورة انعقاد لجنة المال والموازنة للبدء بدرس مشروع موازنة عام 2020». ولم تر هذه المصادر مانعاً من انعقاد الجلسة العامة لمجلس النواب، والمقررة في الخامس من الشهر المقبل. وفي بعبدا، أعلن النائب أدكار طرابلسي، في بيان، أنه زار الرئيس ميشال عون، ونقل له «شكوى المواطنين من إقفال الطرق العامة، والإهانات التي يتعرضون لها على حواجز تذكرهم بأيام الميليشيات». وناشده «أن تتحمل السلطة السياسية والقوى الأمنية مسؤولياتها بفتح الطرق وتأمين حرية الحركة وحماية المواطنين، حقناً لتفاقم نقمة الناس وتحاشياً للمواجهات في الشارع». في غضون ذلك، لا تزال الحلول السياسية للأزمة مقفلة. وأفادت قناة «الجديد» بأن الأزمة يمكن أن تكون طويلة، والحل السياسي لم يتبلور بعد؛ حيث برزت تجاذبات بين فريق رئيس الحكومة وفريق رئيس الجمهورية، علماً بأن هناك توافقاً تاماً بين الرئيسين حول وجوب إعادة النظر في الواقع الحكومي. وأشارت إلى أن «الحديث يدور عن تفعيل العمل الحكومي وإمكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، وجلسة 5 نوفمبر (تشرين الثاني) ما زالت على موعدها».

الراي....لبنان على أبواب «مُكاسَرةٍ» والسلطة تتّهم الثورة بتنفيذ انقلاب

الكاتب:بيروت - «الراي» ... باسيل «القفل والمفتاح» في أي مخْرجٍ حكومي ... تخوّف من مواجهات تجد في الساحة المسيحية أرضاً خصبة لها ...

وفي اليوم 12 على «الثورة البيضاء» في لبنان، تزداد المخاوفُ من مؤشراتٍ متشابكةٍ تشي بأن «الأرضَ باتت تغلي» تحت أقدام الجميع، وسط ملامح «غبارٍ سبّاق» يُخشى أن يكون مقدّمةً لانزلاقٍ نحو «المواجهةِ» بين أطراف في السلطة وبين «الانتفاضة» من خلف ظهْر المحاولات الشاقة للخروج من المأزق الكبير الذي دخلتْه البلاد منذ 17 أكتوبر الجاري. فرغم تدرج الحِراك الشعبي في وسائل الضغط على الائتلاف الحاكِم وصولاً إلى تنفيذه أمس «اثنين السيارات» الذي جرى خلاله قطْع الطرق الرئيسية بمئات السيارات التي شكّلت «جبهة متراصة» بوجه القوى الأمنية وفرضت استمرار الشلل في مختلف القطاعات، إلا أن ما يرْشح عن دوائر قريبة من السلطة وتحديداً فريق الرئيس ميشال عون و«حزب الله» يعكس أن «ثورة مضادة» تلوح في الأفق، لاعتباراتٍ سلْطوية داخلية وأخرى إقليمية تتقاطعان لتضعا لبنان «في فم» «مكاسَرةٍ» وقطوع قد يكونا الأخطر منذ أعوام. وفي حين تراجعتْ أمس نهاراً مشهديةُ الساحاتِ بفعل الأمطار الغزيرة ومن ضمن ما يشبه تنويع «جرعات الانتفاضة» وتَفادي «تنويمها»، شخصتْ الأنظار على الجانب السياسي من المعالجات كما «المُراكمة» الإعلامية و«الميدانية» لفريق السلطة تحت سقف «مضبطة الاتهام» التي حوصر بها الحِراك وأعطى «حزب الله» إشارتها الأولى ولاقاه فيها فريق عون. وفي هذا الإطار بدا واضحاً أن «الهدف الرقم واحد» للتظاهرات المتمثّل في إسقاط الحكومة الحالية وتشكيل أخرى غير سياسية من اختصاصيين يصطدم بـ«حائط صدّ» شكّله رئيس الجمهورية و«حزب الله» أمام أي تعديلٍ أو تغيير يكون من «أثمانه» إخراج رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل من الحكومة، لأن ذلك سيعكس (بالنسبة إليهما) «تَفَلّت» الواقع الداخلي من يد الحزب وخسارة مزدوجة لعون عبر «إنهاء» عهده باكراً وضرْب حظوظ صهره (باسيل) لخلافته. ولم يعد سراً أن تحالفَ «حزب الله» وفريق عون أقفل الباب أمام أي مخارج من شأنها تجنيب البلاد خيارات صعبة قد تفْضي إلى المجهول في ظل شبح الانهيار المالي - الاقتصادي الذي يقْرع الأبواب، إذ توالى إسقاطُ صيغ التعديل الوزاري والتغيير الحكومي بسبب الرفض الحاسم لـ«التضحية» بالوزير باسيل الذي تردّد اسمه في الساحات كرمزٍ لفشل السياسات التي اعتُمدت منذ التسوية التي جاءت بالعماد عون رئيساً.

وتقاطعتْ المعلومات في هذا السياق، عند مجموعة من الوقائع المتدرّجة التي جعلتْ من باسيل القفل والمفتاح في أي مبادرة لإعادة النظر في الواقع الحكومي استجابةً لمطلب الثورة وتلافياً للفوضى عبر ترْك الناس في الشارع والرهان على انهاكهم، وأبرزها:

* تَدارُك «حزب الله» لـ«ليونة» أبداها عون للوهلة الأولى بدخوله القوي على الخط ومنْع مطلب «تسليم رأس» باسيل عبر إقناع رئيس الجمهورية بأنه سيكون (أي عون) «الهدف التالي» للانتفاضة، إذ لم يرُق للحزب رؤية انهيار تركيبةٍ (عون - باسيل) استثمر فيها طويلاً، وشكّلت ذراعه المسيحية في الداخل وتبنّت خياراته في الاقليم.

* انتقال تحالف عون - «حزب الله» في هجومه لحماية باسيل ورفْض أي تغيير حكومي، إلى ربْط أي خروج للأخير من ضمن الصيغ المطروحة لحكومةٍ بديلة بخروج الرئيس سعد الحريري نفسه من السرايا، وهو ما نُسب إلى عون في قوله للحريري «انت كباسيل رئيس تيار سياسي، وحكومة من دون جبران يعني حكومة من دونك»، وما نُقل عن «حزب الله» من أن باسيل يوازي بمكانته كرئيس للكتلة الحاكِمة الحريري في إشارة إلى أنهما يبقيان معاً أو يخرجان معاً، وسط كلام عن محاولاتٍ من تحالف عون - الحزب لفرْض معايير في أي حكومة جديدة تفضي عملياً إلى إقصاء الحريري، وذلك في إطار السعي لقطْع الطريق على أي سيناريوات خارج ترميم الحكومة الحالية بتعيين بدلاء لوزراء «القوات اللبنانية» الأربعة. وكان لافتاً أمس ما نُقل عن أوساط متابعة لاتصالات الحريري أن الأخير يعمل على خط الحل السياسي وضرورة ترجمة الدعوة التي صدرت عن بعبدا بإعادة النظر في الوضع الحكومي عملياً «فالبلد لم يعد يحتمل المزيد من الانتظار وهدر الوقت»، ومشيرةً رداً على سؤال حول أن بعبدا تطرح معايير موحّدة لأي تبديل حكومي إلى «ان طرح المعايير بهذا الشكل هو مشاريع إشكالية وليس مشاريع حلول والحريري يحتفظ بموقفه الذي يحمي المصلحة العامة ويمنع التدهور ويؤمن سلامة الاقتصاد، الوقت الآن هو للمصلحة الوطنية وليس التجاذبات». وفي موازاة ذلك، مضى فريق عون و«حزب الله» في «شيْطنة» الانتفاضة ووضْعها في سياق «مؤامرة» خارجية، في ظلّ اندفاعة على خطيْن تشي بأن وقت «التصدي» للثورة ربما اقترب، الأمر الذي يجعل موقف الحريري «الحامي» لحرية التظاهر والتعبير عن الرأي والرافض أي مواجهة مع المتظاهرين أمام اختبار حقيقي. وفي هذا السياق، يرتفع منسوب الترقب لكيفية ترجمة تحالف «التيار الحر» - «حزب الله» الرغبة الكبيرة بفتْح الطرق وانتزاع سلاح الضغط الأقوى من يد الانتفاضة، وسط ملاحظة أن هذا التحالف يصرّ على اعتبار انهاء قفل الطرق مدخلاً لأي إعادة نظر في الواقع الحكومي إلى جانب تشكيل وفد من المتظاهرين لمحاورة العهد. ويترافق هذا الضغط مع «سيناريوات» تهديدية للحِراك، تجلّت بما أوردته وسائل إعلام قريبة من «حزب الله» حذّرت من أن قطْع الطرق «المنظّم في جغرافيات بالغة الدّقة، بات لعباً مكشوفاً لإحلال فوضى أهلية كبرى»، معتبرة ما يجري في لبنان من ضمن «سيناريو يشبه الانقلاب»، وملوّحة بمواجهة ستحصل في الشارع «بين قاطعي الطرق وبقية اللبنانيين». وإذ ذهب بعض الإعلاميين المؤيّدين لـ«حزب الله» إلى رسْم مشهد «مُرعِب» لما قد يكون في البلاد استحضر معه «زومبي» حيث «الناس قد تأكل بعضها ويسود النهب في مناطق» خارج سيطرة «حزب الله» في حال طال أمد الاحتجاجات، كان بارزاً ما أوردته «وكالة الأنباء المركزية» نقلاً عن مصادر قريبة من العهد من «ان الخارج يقف وراء ما يحصل في لبنان وهو يتلطّى خلف الثوّار لتحقيق مآربه، وبما ان هؤلاء الثوّار يرفضون الدعوة الى الحوار التي أطلقها رئيس الجمهورية، فالمنطق يفرض التعاطي معهم (كثوّار انقلابيين) وقمعهم قبل تحقيق غاياتهم، لانهم يقوّضون حركة الناس بالتنقّل»، ومتخوفةً من «مواجهات مسلّحة تجد في الساحة المسيحية ارضاً خصبة لها (...) وخصوصاً في ظل تلكؤ السلطة العسكرية والأمنية في فتح الطرق».

نداء الوطن....السلطة تعاند... والثوّار ثابتون على الطرقات... باريس تلغي اجتماعاً لـ"سيدر"

بين صمود شعب وعناد سلطة، يتراوح المشهد اليوم، وبينهما، لبنان في قلب الانهيار. إلا أن السلطة تبقى مأزومة، والمبادرة بيد الشارع، فهي وحدها من يتحمّل مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي، وقد بدأ قبل الثورة، والثورة اليوم هي نتيجة سياستها، مهما حاولت تسييسها. ويبقى الكباش على أشده، بين شعب لم تغمض له عين منذ 13 يوماً، وسلطة لم يرفّ لها جفن، بل تتصرّف وكأن شيئاً لم يكن، وتصمّ آذانها عن مطالب الناس، وصرخات المتظاهرين في الساحات لم تتردّد اصداؤها في أرجاء القصر الجمهوري في بعبدا ولا في السراي الحكومي أو في "بيت الوسط"، لا بل يمضي رئيس الحكومة قدماً في عقد الاجتماعات وترؤس اللجان الوزارية، في وقت تعلن الهيئة السياسية في "التيار الوطني الحر" رفع السرية المصرفية عن نواب التيار ووزرائه في عرض مسرحي أجمع الخبراء على كونه فاقد الاثارة. وعلى وقع انسداد الأفق السياسي تعرض اللبنانيون أمس الى صدمتين إقتصاديتين خطرتين أضيفتا الى الأزمة التي تشهدها البلاد جراء تعنت السلطة في تلبية مطالب الشعب الثائر. فقد علمت "نداء الوطن" أن مسؤولين فرنسيين اتصلوا أمس برئيس الحكومة سعد الحريري وأبلغوه إلغاء اجتماع لمناقشة تفاصيل "سيدر"، كان مقرراً عقده في العاصمة الفرنسية في 13 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وقالت مصادر مطلعة إن باريس أبلغت السراي أن لا جدوى من انعقاد الاجتماع في ظل الواقع السياسي المستجد، خصوصاً أنها لم تلمس إصلاحات جدية حتى الآن. وأبدت رغبتها في رؤية واقع سياسي جديد مدخله تشكيل حكومة جديدة. ورأت المصادر في حدث إلغاء الاجتماع مؤشراً الى أن المجتمع الدولي بدأ يتحرك ويضغط لتحريك الجمود الحالي وتفادي تفاقم الاوضاع. في موازاة ذلك كان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يفجّر قنبلة من العيار الثقيل أطلقت في كل اتجاه. فقال: "إنها مسألة أيام قبل الإنهيار"، وذلك في مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، قبل أن يشير إلى أن رئيس الحكومة أراد الإستقالة ولكنه يتلافى الفراغ عبر العمل على تشكيل فريق حكومي جديد يعيد الثقة ويبعد شبح الإنهيار. المهم في ما قاله حاكم مصرف لبنان ليس تبريره تأخر الحريري في إعلان إستقالته، ولكن اعترافه للمرة الأولى بقرب الإنهيار الوشيك. كذلك فإن في كلام الحاكم إقراراً ضمنياً بأن الحل "لا بد أن يمر بتغيير الواقع الحكومي كما جاء في رسالة كلمة رئيس الجمهورية". أما على ارض الواقع، فـ"حزب الله" لا يزال متمسكاً بخيار "لا تعديل ولا تغيير"، مراهناً إما على تعب الثوار أو على حلول أمنية لها محاذير خارجية وداخلية على السواء. ولكن في الحالتين وفي غياب أي تسوية سياسية في الأفق، يتوقع أن ينتقل الضغط من الشارع إلى المصارف. فقرارها باستمرار الإقفال يربحها بعض الوقت، ولكنه بدأ ينفد. فهناك قطاعات مهددة بالإنهيار لأنها انقطعت عن شركائها ووكلائها ومورديها في الخارج وانعزلت عن الأنظمة المالية والمنصات التجارية العالمية. فماذا لو فتحت المصارف ولا بوادر حل في الأفق؟ الترجمة الأولى لسيناريو من هذا النوع ليس فقط تراجع تحويلات اللبنانيين من الخارج، كما قال سلامة لـ "سي إن إن"، إنما ايضاً في سحب مرتفع الوتيرة للودائع بما فيها ودائع المقيمين في الخارج، أضف إلى ذلك إقبال المواطنين إلى كونتوارات المصارف طالبين إسترداد ما لديهم من مدخرات. سيناريو من هذا النوع لا قدرة للمصارف على مواجهته خاصة في ظل الوضع الدقيق جداً الذي تمر به، حيث تقلصت سيولتها إلى أقصى الحدود بسبب سياسات مصرف لبنان وهندساته المالية الرامية إلى تمويل عجز الخزينة المتنامي. وهكذا، فإذا كانت المصارف غير قادرة فالضغط سيتحول إلى مصرف لبنان. ولكن هو أيضاً ليس بأفضل حال. فتقارير وكالات التصنيف خير دليل على ذلك. وكان آخرها تقرير "موديز" الصادر في أول الشهر الجاري ويشير الى أن إحتياطي مصرف لبنان القابل للإستعمال يتراوح بين 6 و 10 مليارات دولار. الارقام أقل بكثير مما كان يتداول في الفترة الأخيرة، ذلك إذا تجاهلنا أن هناك إستحقاقات على الأبواب من فوائد على اليوروبوند وما جاء في خطة الحريري لخفض كلفة الدين عبر مساهمة القطاع المصرفي، أي مصرف لبنان عملياً، بمبلغ 3.2 مليارات دولار. أزمة سيولة حقيقية ستطيح بالليرة ولن يوقفها سوى صدمة إيجابية كبيرة تتمثل بفريق حكومي جديد كامل الصلاحيات وخارج نظام المحاصصة وقادر على إنجاز الإصلاحات بسرعة هائلة، وإعادة ربط الثقة مع شعبه ومع المجتمع الدولي لا سيما شركاء "سيدر". باختصار، البلاد ذاهبة إلى الإنهيار إذا ما بقي أركان السلطة على عنادهم. فعبثاً يحاول إعلامهم تحميل المسؤولية للحراك الشعبي كما لو أن الأمور كانت على أحسن حال قبل الثورة، أو إلى القطاع المصرفي في محاولة يائسة لإيجاد كبش محرقة غير السلطة.

اللواء....مأزق السلطة يفاقم ازمة الشارع... من يصرخ اولاً..حزب الله لسلة كامل... حكومة اخصائيين ولا تفاوض تحت ضغط قطع الطرقات.....

.....في اليوم 12 لحركة الإحتجاجات المنتظمة التي تملأ شوارع بيروت ومربعاتها، ومراكز المحافظات من طرابلس إلى صيدا، وزحلة وبعلبك وصيدا وصور وحلبا والنبطية، وسائر المناطق، بدا المشهد أكثر ضغطاً:

1 - تتباطأ الطبقة السياسية في اجتراح حلول للمشكلات القائمة، واهمها الاقدام على خطوة إنقاذية ليس أقلها، ولادة حكومة انتقالية تخرج «الرموز السياسية» الأكثر استفزازية لمشاعر النّاس وكراماتهم، وتحترم خيار التغيير الذي ينشدونه.

2 - إزاء هذا التباطؤ ترتفع لدى المحتاجين، صيحات الرد على الإستهتار، والذهاب الى خطوات، بعضها يتعلق بشل قطاعات العمل في الوزارات والإدارات بما في ذلك القطاع الخاص..

3 - تتطاير اخبار أو خبريات عن «انهيار هنا» وتكالب على إخفاء الحاجات الضرورية، التي تهم المواطن..

4 - في وقت تمضي فيه المصارف، إلى المضي في الاقفال، وتزويد المصارف، عبر نوافذ السحوبات اليومية (ATM) بما لا يكفي، أو لا يسمن ولا يغني من جوع..

5 - وفي السياق، خرجت تداعيات الحراك اقتصادياً إلى الشارع، فمن جهة نفد الوقود من محطات المحروقات في عكار وصيدا، ومن جهة أخرى ارتفعت أسعار الأدوية المدعومة، وغير المدعومة، وكذلك، رفع أصحاب بيع «تلي Carte»، أسعار بيع وحدات «3إلى الضعف وأكثر..

وهكذا بدا ان الأزمة تراوح مكانها، لا الحكومة ماضية إلى تعديل وزاري يقلص عدد وزرائها الى النصف تقريباً، ولا الناس في الشارع على استعداد للانسحاب وفتح الطرقات. وفي السياق، تتساءل قوى من 8 آذار ومن بينها «حزب الله» عن أسباب تلكؤ القيادات الأمنية عن فتح الطرقات. اما في الشق السياسي لمعالجة ازمة الحراك الشعبي، فثمة ثابتة تشدد عليها المصادر في ادارة هذه الازمة وتتعلق برفض حزب الله ومن خلفه حلفائه اية حلول مجتزأة، وتؤكد على ان موافقة الحزب على اي طرح فيما خص اعادة النظر بوضع الحكومة يجب ان يكون في سلة واحدة تشمل انهاء حركة الحراك في الشارع وفتح الطرقات والتزام كل القوى والجهات بتنفيذ الورقة الاصلاحية وتأمين كل الموارد اللازمة لعدم انهيار الوضع الاقتصادي، مع تحفظ المصادر الوازنة عن الشروط السياسية المطلوبة لاتمام هذا الطرح. وتتحفظ المصادر عن التعليق حول امكانية قبول الحزب باستقالة الحكومة وعدم توزير رئيس التيار الحر جبران باسيل في اية حكومة جديدة او معدلة اذا جاء ذلك في سياق سلة الحل المطلوبة. وفيما نفت مصادر في «التيار الوطني الحر» ان يكون التيار طرح قبول استقالة الوزير باسيل مقابل استقالة قائد الجيش جوزيف عون، أكّد مصدر واسع الاطلاع لـ«اللواء» ان من ضمن الطروحات ان تضمن «قوة نافذة» رئاسة الجمهورية لباسيل، في المرحلة المقبلة، إذا ما خرج الآن من الحكومة.. لكن معلومات موثوق بمصادرها، قالت لـ «اللواء» ليلاً ان البحث في حكومة اختصاصيين تقدّم بين الرئيس الحريري وحزب الله وأطراف أخرى. لكن لا شيء نهائياً بعد، بانتظار تبريد الشارع ضمن السلة الواحدة. وفي السياق، قالت المعلومات ان الطرح بأن خروج باسيل من الحكومة يقابله خروج الحريري، يقابله طرح آخر هو ان الحريري يقابله الرئيس ميشال عون مباشرة. ومع تفاقم أزمة السلطة العاجزة عن تقديم مخارج يتفاقم الوضع في الشارع، ويتحول إلى مأزق أيضاً، طارحاً السؤال: مَنْ يصرخ أولاً! وفي السياق ذكرت مصادر إعلامية قريبة من حزب الله ان استراتيجية حزب الله قائمة على عناصر ثلاثة هي «الصبر والهدوء والصمود»، مشيرةً الى «أننا في مرحلة عض أصابع، والفراغ ممنوع، فلا مفاوضات تحت ضغط اقفال الطرقات، أمّا المسار المقبل فهو العمل على تفعيل مجلس الوزراء». فتجزم المصادر «أن لا تفاوض ولا تغيير حكوميًا ولا حتى تعديل وزاريا على الاطلاق، ولا مباحثات تجري من تحت الطاولة في هذا الشأن، والثبات هو سيّد الموقف». وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة «اللواء» ان الموضوع الحكومي قابل للنقاش في أي لحظة إنما في ظل أجواء أمنية غير ضاغطة ورأت ان الكلام حول هذا الموضوع لا يزال في الإطار العام وثمة دوران في الحلقة نفسها، كما ان ما من تداول في العمق بالموضوع، نافية ان يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد رفض أي اقتراح جرى عرضه عليه في هذا المجال. وأكدت المصادر ان ما ليس نهائياً بعد هو تطعيم الحكومة الحالية أو استقالتها وتأليف حكومة جديدة، وكررت القول ان هناك وجهين للوضع القائم، وجه سياسي وآخر أمني والتلازم قائم بينهما. واعتبر ان معالجة الوجه السياسي لما هو حاصل في لبنان يتزامن مع الوجه الأمني، ملاحظة ان هناك تمييزاً بين المعتصمين المتواجدين في الساحات، وبين من يقطع الطرقات منهم على المواطنين..

سلامة: الإسراع بالحل يمنع الإنهيار

إقتصادياً، أبلغ حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة رويترز أمس الاثنين أن لبنان بحاجة إلى حل سياسي خلال أيام للأزمة التي تعيشها البلاد من أجل استعادة الثقة والحيلولة دون انهيار اقتصادي في المستقبل. وقال إن عنوانا نشرته سي.ان.ان أمس لا يتماشى مع ما قاله في مقابلة معهم. وتابع «لا أقول إننا بصدد انهيار في غضون أيام. أقول إننا بحاجة إلى حل خلال أيام لاستعادة الثقة وتفادي حدوث انهيار في المستقبل». وكتبت سي.إن.إن يوم الاثنين تقول «لبنان على بعد ’أيام‘ من انهيار اقتصادي». وبنوك لبنان مغلقة منذ تسعة أيام عمل في ظل موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات في أرجاء البلاد ضد الحكومة. وتقول البنوك إنها تغلق أبوابها لاعتبارات أمنية. وقالت جمعية مصارف لبنان إن البنوك ستظل مغلقة اليوم الثلاثاء. وقال سلامة لرويترز إن البنوك ستفتح أبوابها مجددا «فور أن يهدأ الوضع. لم نطلب منهم الإغلاق». وأضاف أن ربط العملة المحلية بالدولار سَيُصان وأنه «لن يكون هناك قيود على حركة الأموال أو خفض لقيمة الديون» عندما يعاد فتح البنوك. وقال صندوق النقد الدولي إنه يعكف على تقييم حزمة إصلاحات طارئة أعلنها رئيس الوزراء سعد الحريري الأسبوع الماضي، لكنها أخفقت في تهدئة غضب الرأي العام أو طمأنة المانحين الأجانب. وبسؤاله عن التوجه إلى صندوق النقد أو مؤسسات مالية دولية أخرى طلبا للمساعدة، قال سلامة إن على الحكومة أن تقرر. وقال سلامة إن المساهمة البالغة 3.4 مليار دولار تشمل سداد البنك المركزي للحكومة الفوائد المدفوعة له عن ديون بالليرة اللبنانية في حوزته، إضافة إلى ضريبة أرباح البنوك. وقال «يسيطر البنك المركزي اليوم على 53 بالمئة من الدين المقوم بالليرة اللبنانية وبالتالي يتلقى 53 بالمئة من خدمة هذا الدين. سيجري سداد هذا للحكومة».

الساحات على وهجها

وفي الوقائع، لم تحل الأمطار الغزيرة التي هطلت في كل المناطق اللبنانية دون استمرار الحراك الشعبي في انتفاضته على الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاستمرار ايضا في قطع الطرقات واقفال الساحات التي شهدت حشوداً لم تختلف عن تلك التي كانت منذ انطلاقة الانتفاضة قبل 12 يوماً، وهي كل يوم تشهد توهجاً، مع استمرار الاعتصامات في ساحتي الشهداء ورياض الصلح في بيروت، وساحة الزوق في جونية، وعند جسر جل الديب، وجبيل وساحة النور في طرابلس، وتقاطع الشفروليه في العاصمة، وساحة ايليا في صيدا والعلم في صور وخليل مطران في بعلبك. ولم يخل «اثنين السيارات» الذي أطلق المتظاهرون هذا اليوم، أمس، عليه من بعض الحوادث، لكنها بقيت في إطار المعقول، حيث أفيد عن سقوط 7 جرحى في احتكاك بين الجيش ومتظاهرين في صيدا فجر أمس وتوقيف عدد من الناشطين أثناء قطع الطريق في المدينة بالاطارات المشتعلة، ثم جرى اطلاقهم ليلا. كذلك، تمكن عدد من الناشطين من اجتياز السياج الأمني امام السراي الحكومي في ساحة رياض الصلح من دون ان يحصل صدام مع القوى الأمنية التي تمكنت من اعادتهم إلى مكان تجمعهم امام السياج. وتجنبت هذه القوى الاحتكاك بالمعتصمين الذين افترشوا الأرض سواء عند تقاطع الشيفروليه او عند جسر «الرينغ» فبقي مغلقاً لليوم الثاني على التوالي، لكن قطعه لم يُشكّل عائقاً امام حركة العبور من وسط بيروت إلى الأشرفية، عبر المسارب الجانبية، وهي الوسيلة التي يعتمدها المعتصمون على كل الطرقات الدولية، ولا سيما اوتوستراد الشمال باتجاه طرابلس، واتوستراد الجنوب بإتجاه صيدا، وان كانت تحدث ازدحاماً في الطرقات الفرعية. لكن إحدى سلبيات قطع الطرق بدأ تظهر من خلال نفاذ المواد الأساسية مثل الطحين والبنزين في بعض المناطق، كما هو حاصل في الضنية وصيدا، حيث أقفلت عدد من محطات البنزين فيها نتيجة نفاذ مخزونها من المحروقات، وكذلك نفاذ الطحين لدى الأفران في طرابلس، لكن اتصالات عاجلة استطاعت ان تؤمن 15 شاحنة تمّ إيصالها إلى الأفران، أمس، بعد السماح لها بالمرور عند نقطة قطع الطريق في محلة البحصاص. وأفادت محطة «أم.تي.في» ان مجموعة من المتظاهرين من جل الديب والزوق وغزير زارت بكركي أمس للقاء البطريرك بشارة الراعي بطلب منه، وهو ذكرّهم ببيان بكركي جدد مطلبه بضرورة فتح الطرقات، الا انهم أكدوا ان الطرقات لن تفتح الا بعد إسقاط الحكومة.

نصر الله الجمعة

في غضون ذلك، يطل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله يوم الجمعة المقبل لمناسبة مرور أسبوع على وفاة السيّد جعفر مرتضى، وينتظر ان يتناول مجددا، موضوع انتفاضة الحراك الشعبي، وما إذا طرأ أي تعديل على موقف الحزب، سواء بالنسبة إلى الحراك أو إلى موضوع الحكومة، أو بالنسبة إلى اللاءات الثلاثة التي طرحها في ذكرى أربعين استشهاد الامام الحسين.

حبيش ينتفض

وفي السياق، انضم رئيس بلدية جونيه إلى الانتفاضة، داعياً للعيش في كرامة، مناشداً اللبنانيين عدم قطع الطرقات والشوارع، والدعوة إلى محاصرة منازل السارقين والفاسدين واداراتهم.. وذلك في نداء تحت عنوان: «لبنان حقاً لن يموت».

الاخبار....هلأ لوين؟

بالتهويل والتهديد، دخل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي - وزير المالية السابق جهاد أزعور، على خطّ الحراك - قوى السلطة. سلامة يبحث عن مخرج يرفع عنه مسؤولية إيصال البلد إلى الانهيار وتحميل نتائجه للناس التي انتفضت في الشارع، فيما أزعور بدأ يحدّد شروط صندوق النقد الدولي، مروّجاً لاستعادة الثقة عبر خصخصة قطاعي الاتصالات والطاقة.

هلّأ لوين؟ [1/2]

الاخبار....ابراهيم الأمين ..الواقعية أفضل السبل لمعالجة أي مشكلة. والواقعية، هنا، ليست دعوة إلى فقدان الحس ولا إرادة التغيير، بل لفهم عناصر الأزمة القائمة، ودرس موازين القوى الموجودة، والبحث في آليات العمل لتحقيق ما يريده هذا الطرف أو ذاك. الانقسام السياسي القائم حول الحراك وقيادته وبرامجه ونتائجه انقسام حقيقي، سواء عُبّر عن ذلك في الشارع أم لا. ومن لا ينتبه الى حجم المشاركة العامة في النقاش حول تفاصيل الحراك، لا يمكنه التعامل مع الوقائع الجديدة. وأخطر الأمور لا أن يحبط المتظاهرون فحسب، بل أن يلقوا بالمسؤولية على خصومهم، وكأنهم أنجزوا كل ما يقدرون عليه. لذلك، على من يريد مصلحة الحراك والبلاد التصرف بواقعية مع وقائعنا الآن. لنحسم سريعاً قراءة واقع السلطة. هنا، لا توجد مؤشرات جدية على نية أركان السلطة التنازل ابتداءً، أي من تلقاء أنفسهم. هم لن يتراجعوا إلا تحت الضغط. وكلما شعروا بأن الضغط ناجم عن ناس، لا عن جهات سياسية، اقتربوا أكثر من الحلول. وكلما شعروا بأن القوى السياسية الشريكة لهم في السلطة هي من يقبض على الأمر، تريّثوا وثبتوا على مواقفهم، وبالتالي تكون النتيجة مزيداً من قهر الناس. بالتالي، فإن أركان السلطة اليوم ليسوا في وضع يمكن الرهان فيه على أخلاقياتهم لتحقيق تقدم. بل يمكن فهم أن الضغط عليهم يقوى بقدر ما يبتعد الحراك عن قوى متورطة في السلطة تحاول اليوم تعزيز مكاسبها أو كسر خصومها. وفي مقدم هؤلاء، القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي وبقايا 14 آذار. وكل محاولة من حراكيين لتقليل أهمية هؤلاء، لا تمثل إلا سذاجة أو مكابرة، علماً بأن الفاعلين في الحراك - متى تنظّموا - قادرون على منع هذه القوى من استغلالهم أو النطق باسمهم، وصولاً الى إخراجهم من الشارع ودفعهم الى الركون حيث تقف قوى السلطة نفسها.

الواقعية تقول إن السلطة لا تبني حساباتها اليوم على أساس ما يجري في الشارع فقط، بل وفق ما تراه من خلف الستارة. وهذا قد لا يهم الناس في الشارع، لكنه أمر حقيقي وليس مفتعلاً من الخصوم، وحقيقته نابعة من الحماسة غير المقنعة لقوى وشخصيات وشركات ووسائل إعلام لدعم الحراك وإدارة بعض تفاصيله، علماً بأنها قوى ليست صاحبة مصلحة في الإصلاح الكامل، لأنها مستفيدة، بأشكال مختلفة، من واقع السلطة اليوم. وهو حال وسائل الإعلام (بالمناسبة، من المفيد لإدارة قناة «الجديد» إطلاع الناس على واقع القروض المالية التي تخصّ القناة نفسها، أو تخص أصحابها، ولا سيما القروض التي أُخذت تحت عنوان دعم الإنتاج الوطني برعاية ودعم مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة، إضافة الى ملفات النزاع حول العمل في قطاعات الكهرباء في لبنان، وعلاقة عقود العمل الخاصة بهم في العراق وسوريا وليبيا بالنزاع السياسي لإدارة المحطة مع قوى في البلاد، وهذا توضيح ضروري بدل التلهّي ببيانات وعبارات لا تنفع حتى في مقدمة إخبارية).

لنعد الى الواقعية المتصلة بما يجري. إذا كانت السلطة غير مؤهلة الآن للقيام بخطوة نوعية، فإن النقاش المجدي والفعال والأصدق هو مع المعنيين، من الحراك نفسه، والصادقين من ناشطيه وناسه.

الأيام الأولى للحراك لم يكن ممكناً أن تضج إلا بالفقراء الذين لا يملكون غير أصواتهم للتعبير عن غضبهم وضيقهم من إجراءات الحكومة. لكن مرور أيام قليلة على حراك صمد واستمر، ومن دون عنف حقيقي مقابل، شجّع آخرين من فئات اجتماعية أخرى على التقدم صوب الشارع. وفي غضون أسبوع، ملأت الجمعيات والمنظمات والقوى الساحات بحشد من «المؤثرين» الذين انتشروا الى جانب المواطنين ممن ليسوا بحاجة إلى من يدعوهم الى النزول. لكن اللافت، هو أن الحشد جذب لاحقاً فئة جديدة من الناس، وهم أفراد من طبقات اجتماعية غير مقهورة. واستمر تعاظم حضور هؤلاء، مع تراجع حضور المعدمين الذي تأثروا بعناصر عديدة، منها خطب الأمين العام لحزب الله، أو بضغوط أهلية واجتماعية وجهوية، وبعضهم تأثر بأشكال مختلفة من الترهيب. لكن هذه الكتلة هاجت وماجت ربطاً بآليات التعبير في الشارع، من طريقة تعامل الميديا والمنابر المفتوحة، الى الطابع الاحتفالي الذي ساد الساحات.

يجب التوضيح أن هذه المشاركات طبيعية ومنطقية وعادية. ويجب على الناطقين باسم المقهورين إدراك أن الاحتجاج يشمل الأغنياء أيضاً، ليس لنقص في الرواتب، بل لشعورهم القوي بأن الدولة منهارة، وأنهم يبحثون عن استقرار عام، سياسي وأمني وقضائي وحقوقي ومصلحي. وهؤلاء، كما غيرهم، من المنضوين إلى طبقات وسطى، لهم مصلحة في مكافحة دولة الفساد والرشوة والابتزاز والمحسوبيات، إضافة الى المشاكل البيئية والصحية والتربوية. وبين المتظاهرين المحتجين، فئات جرى تهميشها عنوة من خلال قوانين الانتخابات القطاعية، لأن قوى السلطة الإقصائية والاستحواذية لم تترك مجالاً إلا وطالته أيديها السوداء، من البلديات الى المحافظات الى نقابات المهن الحرة الى المؤسسات العامة والاندية والجمعيات الاهلية. وبين الذين تعرضوا للإقصاء من وجد فرصته في الحراك.

بناءً على هذه التشكيلة الواسعة، قام الحراك بعمل كبير يستهدف تغييرات كبيرة في الدولة. لكن الذي لا يمكن تجاوزه هو الدور الإضافي الذي لعبته قوى سياسية هي من صلب السلطة، وشخصيات سياسية واجتماعية ونقابية وإعلامية هي جزء من المنظومة الحاكمة في البلاد. هنا، كان يفترض بمن يقول إن الحراك له ويمثله، المبادرة الى محاصرة تأثير هؤلاء، والعمل على منع تمددهم بين الجموع، والحد من أدوات العمل المباشرة أو غير المباشرة لهم بين الناس.

ألا نعرف، مثلنا مثل المشاركين في الحراك، أن فكرة قطع الطرقات بالعوائق، وأن يتم ذلك صباحاً فقط من قبل «شباب»، ثم قرار إقفال الطرقات بالسيارات والحشود لاحقاً، هي فكرة لم تتداول بها أي من المجموعات الأكثر نشاطاً في الحراك، وأن فريقا منظّماً تولى تنفيذها (القوات اللبنانية شمال بيروت، والحزب الاشتراكي على الطريقين الساحلي والجبلي)؟ ثم لماذا الإصرار على هذه الخطوة في هذه اللحظة، علماً بأن السلطة هي من يعمد عادة الى قطع الطرقات لمنع وصول الناس الى الساحات، فلماذا تلجأ المعارضة الى هذه الخطوة، وهي عملياً تعيق وصول الناس الى الساحات... أم هناك من بدأ يشعر بالقلق من تراجع الحماسة للنزول الى الساحات؟

يتحمل كثيرون من الناشطين في الحراك الحقيقي المسؤولية عن حماية حركتهم ومنع اللصوص من العمل براحة بينهم

إذا كانت منطقية مشاركة كل لبناني مستاء من الدولة في الحراك، فإن من المنطقي القبول برأيه خارج المشترَك من المَطالب. وهذا يعني أن من يقبل بأصوات تعتقد أن المشكلة سياسية بالاساس، وأن حزب الله هو من يقف خلف هذه المشكلة (لنفترض أنه حر برأيه وليس من المرتزقة)، هل من المنطقي ألا يقبل رأي آخرين، يرفضون وجوداً مباشراً أو غير مباشر لكل القوى التي شكلت 14 آذار، أو من المنظمات غير الحكومية التي «يصادف» أن كل مواقفها ضد حزب الله حصراً؟ وليس بين هؤلاء من هو متضرر من ضيق حذائه على قدمه أو تراجع دخله أو بطالته. وهؤلاء يرفضون التصريح عن مصادر دخلهم، كما يرفضون إبلاغنا بنتائج عملهم على مدى عشر سنوات، أو الاسباب التي تجعلهم اليوم مجتمعين في منظمة ثم يتوزعون غداً على مجموعات أكبر، ثم لا نعرف أين يختفون؟

بهذا المعنى، يتحمل كثيرون من الناشطين في الحراك الحقيقي المسؤولية عن حماية حركتهم، ومنع اللصوص من العمل براحة بينهم. وإذا كانت غالبية هؤلاء لا تريد للسياسة الخلافية مكاناً، فليس منطقياً السماح لهذه المجموعات بالتحرك بصورة عادية. ثم كيف يمكن فهم أن أكثر من 250 ناشطاً من قوى الحراك الحقيقي، لم يكن بمقدورهم انتزاع ميكروفوناً واحداً من جيوش المراسلين والتحدث عن حقيقة الازمة التي يواجهها لبنان والتي تستوجب التحرك؟ وكيف لم يكن بالامكان إقناع ألف شخص بالتوجه الى مقار جهات رسمية وسياسية واقتصادية ومالية ودينية تخص مواقع وأشخاصاً من نادي المسؤولين عن قهر الناس؟ هل صارت جلسة رياضة يوغا على جسر الرينغ أجدى للحراك من الاحتجاج أمام المصرف المركزي؟

أمر أخير يخصّ الحراك وقواه الرئيسية، من الشيوعيين المنقسمين على أنفسهم رغم كل مصائبهم، الى متقاعدي اليسار المنتشرين على شاشات افتراضية ومع جمهور افتراضي، الى أحرار ينظرون بقلق الى مستقبل لبنان لكنهم لا يجدون حلاً غير تولّيهم هم مقاعد السلطة: هلّا وقفتم للحظة واحدة أمام المسؤولية التاريخية في حماية الحراك من نفسه؟ هل صحيح أن العجز كبير الى حدود عدم القدرة على إنتاج ورقة أهداف وليس هيئة ناطقة؟ هل العجز كبير الى حدود أن الضياع هو المسيطر على المشهد، وأن السؤال الأكبر السائد منذ أمس هو: هلأ لوين؟......

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,710,972

عدد الزوار: 6,909,796

المتواجدون الآن: 93