لبنان...."الجمهورية": تسمية الصفدي تُصعِّد الإنتفاضة.. و"المستقبل" لا يشارك في الحكومة....اللواء....لحظة التسوية الميِّتة: الإتفاق على ترشيح الصفدي وإنهاء الحَراك بالقوّة.....الاخبار....ترشيح الصفدي: مناورة أم استفزاز؟.....نداء الوطن....السلطة تهوّل بـ"الحرب الأهلية"....«حزب الله» يتوقّع... السيناريو الأسوأ..طفل يشيع أبيه... عريس الانتفاضة اللبنانية..وزير الدفاع اللبناني: الأزمة «خطيرة» تعيد للأذهان بدايات الحرب الأهلية...

تاريخ الإضافة الجمعة 15 تشرين الثاني 2019 - 3:36 ص    عدد الزيارات 2392    القسم محلية

        


"الجمهورية": تسمية الصفدي تُصعِّد الإنتفاضة.. و"المستقبل" لا يشارك في الحكومة..

تمخّض التفاوض مع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري في آخر جولاته مساء أمس حول الإستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً، عن عزوف الحريري عن العودة الى رئاسة الحكومة وتسميته الوزير السابق محمد الصفدي «خياراً قوياً» لتأليف حكومة «تكنوسياسية»، وأيّد هذا الخيار رئيس «التيار الوطني الحرّ» الوزير جبران باسيل حيث تبيّن أنّ الصفدي كان خياره الأوّل أثناء مفاوضاته والحريري ولم يمانع «حزب الله» وحركة «أمل» هذا الخيار الذي بدأت ردود الفعل المعارضة له بدءاً من ليل أمس من طرابلس مسقط رأس الصفدي الى بيروت فبقية المناطق، حيث توجّه متظاهرون الى منزله في طرابلس مرددين شعارات تعارض تكليفه، فيما عاود متظاهرون آخرون إقفال أوتوسترادات وطرق رئيسة في عدد من المناطق، ما دفع كثيرين من المراقبين الى التساؤل عمّا إذا كان اختيار الصفدي «فخاً» يصعّد الأزمة أم «حلاً» لها. وفيما لم يصدر عن الصفدي أي تعليق مباشر على تسميته، علّق مصدر قريب منه، فقال: «إنّ تسمية رئيس الحكومة الجديدة تتم خلال الاستشارات النيابية الملزمة احتراماً للدستور والموقع». وأكد «أنّ أي حكومة يجب أن تلبّي تطلعات الناس ومطالبهم». وكان قد انعقد مساء أمس إجتماع في «بيت الوسط» ضمّ الحريري الى المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، وصف بأنّه حاسم على مستوى تحديد الحريري خياره النهائي قبولاً بالعودة الى رئاسة الحكومة أو تسمية شخصيّة بديلة منه لهذا المنصب، وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري اختار إسم الصفدي من بين مجموعة أسماء عرضت خلال الاجتماع الذي دام بضع ساعات وتخللته وأعقبته اتصالات شملت برّي، وقيادتي حزب الله والتيّار الوطني الحرّ. وكانت تعددت الروايات والسيناريوهات حول ما سيؤول اليه الاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً، اذ انّ المشاورات التي جرت على وقع الحراك الشعبي، والذي بدأ بعض المشاركين فيه يتعرضون لهيبة الجيش في عدد من المناطق، مثل ما حصل امس في محلة الكولا في بيروت وتعلبايا وسعدنايل في البقاع وقبلها في محلتي جل الديب ونهر الكلب، أعطت إشارات خطرة وكأنّ التفاوض على الاستحقاق الحكومي يجري «تحت النّار». وعلمت «الجمهورية» أنّ الخليلين اجتمعا معاً قبل توجّههما الى بيت الوسط للإجتماع بالحريري، والحصول منه على اسم مرشحه لرئاسة الحكومة الجديدة تمهيداً لإنطلاق عجلة استشارات التكليف ومن ثمّ التأليف. وفيما لم يصدر عن الحريري أيّ شيء رسمي حول تسميته الصفدي، قالت مصادر اطلعت على ما دار في الإجتماع أنّ الحريري اختاره من بين مجموعة أسماء طرحت خلال الإجتماع، وأنه أبدى تحفظاً عن مشاركة تيّار «المستقبل» في الحكومة الجديدة. وعلمت «الجمهورية» انّ المشاورات التي تسارعت في الساعات الاخيرة، كانت قد لامست بعض الإيجابيات التي يمكن ان تفضي الى ولادة حكومية في وقت قريب جداً. وتوقّعت مصادر بعبدا توجيه الدعوى للاستشارات النيابية الملزمة اليوم، مرجّحة أن يكون موعدها غداً أو بعد غد. وفي سياق متّصل، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام زواره أمس «أن الاتصالات في سبيل تشكيل حكومة جديدة قطعت شوطاً بعيداً»، آملاً في «إمكانية ولادة الحكومة خلال الايام المقبلة بعد إزالة العقبات امام التكليف والتأليف». وقال «انّ المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة، وستكون من اولى اهداف الحكومة العتيدة التي نعمل لتتشكّل في القريب العاجل».

«القوات»

وكانت مصادر «القوات اللبنانية» أسفت للتأخير في اصدار مراسيم التكليف من اجل التأليف، واعتبرت أنّ «التعامل مع هذا الموضوع يتم ببطء شديد وكأن لا أزمة مالية واقتصادية خانقة في لبنان، وكأنّ الناس ليست منتفضة وغير موجودة في الشارع». وقالت لـ«الجمهورية: «بدلاً من ان تكون هناك اجتماعات مكثفة ليلاً ونهاراً وبلا انقطاع لأجل الخروج سريعاً بتكليف وتأليف يستوفي شروط المرحلة الاقتصادية والمالية ويجسّد طلبات وتمنيات وتطلعات الناس المنتقضة في الشارع، نرى وللأسف انّ هناك تعاملاً مع الواقع المالي الكارثي ومع مطالب الناس بشكل بعيد كل البعد عن خطورة المرحلة واللحظة التي تمر بها البلاد». وأكدت أنه «في كل يوم تعطيل وفراغ تنزلق الامور نحو الأسوأ، كنا نتوقع ان يصار الى تأليف بسرعة قياسية نسبةً للوضع الاقتصادي المالي الكارثي ونسبة للناس المنتفضة في الشارع، ولكن ويا للأسف يبدو وكأنّ هنالك من لا يأبه للوضع المالي ولا يأبه ايضاً لصوت الناس، وبالتالي هذا التأخير والتمادي بهذا التأخير يشكل خطيئة بحق لبنان واللبنانيين وبحق الاقتصاد والوضع المالي في لبنان».

الراعي

واستقبل البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الراعي صباح اليوم، في بكركي، وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، وكان عرض لآخر التطورات على الساحة المحلية وتشديد على وجوب تشكيل حكومة تحظى بثقة الشعب اللبناني في أسرع وقت.

الموقف الفرنسي

وعلى صعيد الموقف الفرنسي رأى مدير دائرة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية السفير كريستوف فارنو، في ختام محادثاته في بيروت، أنّ «الصعوبات التي يواجهها لبنان كبيرة وهي مدعاة قلق الجميع». ودعا إلى «تشكيل حكومة سريعاً»، مطالباً «بحكومة سريعة، كفوءة، وفعالة، قادرة على اتخاذ قرارات تستجيب لتطلعات الشعب اللبناني وقادرة على إعادة الثقة». وقال: «لطالما وقفت فرنسا إلى جانب لبنان في الأوقات الجيدة وفي الأوقات الصعبة، ونحن مدركون للأزمة التي يواجهها لبنان، وهي أزمة اقتصادية سياسية واجتماعية. والهدف من زيارتي هو الاستماع وفهم ما يريده اللبنانيون وليس لفرض الحلول». وقال: «الحل يجب أن يكون لبنانياً ولا حلول لدينا. ويجب أن تكون المساعي الجارية مرتكزة على 3 نقاط: السرعة، الفعالية والمصداقية». ومن المتوقع أن يلتقي فورنو مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شينكر في باريس. وأضاف: «من طبيعة عملنا ان نتبادل آراء من صلب مسؤولياتنا». وعندما سئل فارنو عمّا اذا التقى احد مسؤولي حزب الله، أجاب: «إلتقيتُ بعدد من الأطراف».

شينكر

الى ذلك أعلن شينكر أنّ دعم الجيش اللبناني بمبلغ يصل إلى 105 ملايين دولار هو «استثمار جيد». وقال إنّ بلاده لن تحقق حالياً الطلب الإسرائيلي، الذي يشترط التصدي لمحاولة «حزب الله» الحصول على صواريخ دقيقة التوجّه مقابل المساعدات. وأضاف: «نحن نعتبر تمويل الجيش اللبناني استثماراً جيداً. بالطبع نستمع إلى حليفتنا إسرائيل وسنأخذ طلبها في الاعتبار». وذكر شينكر انّ الولايات المتحدة لم تجمّد إلى الآن أي مساعدات للبنان. وحسب موقع الخارجية الأميركية فإنّ الأموال «تدعم تقوية مؤسسات الدولة اللبنانية بعد سنوات من الهيمنة السورية، وتعزيز الخدمات العامة الحيوية، والحفاظ على الطابع متعدد الطوائف في لبنان، ومكافحة رواية حزب الله ونفوذه». وقال إنّ «للولايات المتحدة ثقة كبيرة في الجيش اللبناني، وتعتقد أنه شريك ممتاز في محاربة الإرهابيين الجهاديين السنّة، وأنّ هذا الترتيب الأمني الثنائي ذو قيمة، ونعتزم الاستمرار فيه»، حسب موقع «تايمز أوف إسرائيل». وقال شينكر إنه «على رغم من العدوان الإيراني المتزايد، تظل الولايات المتحدة منفتحة على حل النزاع بالطرق الديبلوماسية». وأضاف: «هذا صبر استراتيجي مذهل لا يمكن تصوّره من جانب الرئيس. لكن على المرء أن يسأل ما إذا كان هذا الصبر بلا حدود».

ميدانياً

شهدت الطرق أمس محاولات من الجيش لفتحها منذ ساعات الصباح، لكن بعضها استعصى عليه، وبعضها فتح ثم أقفل مجدداً، فيما فتح الاوتوستراد الساحلي حتى طرابلس. البداية مع نهر الكلب، إذ وضع المتظاهرون الورود على فاصل النفق كرسالة محبّة، وأزالوا الحجارة من وسط الطريق ونظّفوا النفق. وفي جلّ الديب وصلت بعد الظهر قوّة من الجيش اللبناني، فحصل تدافع بين المعتصمين والجيش لرفض المعتصمين فتح الطريق. وعملت جرافة تابعة للجيش على إزالة الأتربة والخيم وكلّ العوائق من الأوتوستراد. أمّا ساحة النور في طرابلس فانشغلت باستقبال عائلة الشهيد حسين حسن العطار، حيث توجّه «أبو حسين» بكلمة داعمة للمعتصمين. أمّا المفاوضات التي أجراها الجيش مع المحتجين الذين قطعوا أوتوستراد طرابلس - بيروت عند جسر البحصاص، فلم تنجح. وعند دوّار إيليا، أقفل المحتجّون الطريق مجدّداً. كذلك احتشد المئات من المواطنين، وأعادوا إقفال مستديرة زحلة. وحصل تشابك وتدافع بين الجيش والمتظاهرين ادى الى وقوع جريح ويدعى جوزف قبرصلي. وشهدت الطريق الرئيسية في تعلبايا عمليات كر وفر بين عدد كبير من المتظاهرين وبين الجيش اللبناني، كما رشق بعض المتظاهرون الجيش بالحجارة. من جهةٍ ثانية، تقبّلت عائلة علاء ابو فخر مساءً التعازي في ساحة الشهداء، وحضر عدد من أقربائه وشاركوا بوقفة رمزية مقابل جامع الأمين حيث أضيئت الشموع تكريماً لذكراه، كذلك أضيئت الشموع أمام بيت الكتائب في الصيفي حيث وضع رئيس الكتائب سامي الجميّل إكليلاً من الورد.

اللواء....لحظة التسوية الميِّتة: الإتفاق على ترشيح الصفدي وإنهاء الحَراك بالقوّة...

الدعوة إلى الإستشارات الملزِمة اليوم .. وتصاعُد الاحتجاجات في الشوارع إعتراضاً على تحدّي الإرادة الشعبية....

آخر، ما وصلت إليه بورصة مساعي التكليف، المرتبطة على نحو غير دستوري، بالتأليف، بعد مضي 28 يوماً على انتفاضة الشعب اللبناني بوجه الطبقة الفاسدة، المريضة، والعاجزة عن إيجاد جسر للعبور إلى الحل، بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، هو بقاء كل فريق على موقفه على الرغم من الكلام المنقول عن رئيس الجمهورية ان التأليف سيكون خلال أيام.. مصدر واسع الاطلاع، كشف لـ«اللواء» ان اتصالات الساعات القليلة الماضية، أسفرت بعد اجتماع وزير المال في الحكومة المستقيلة علي حسن خليل والمعاون السياسي لحزب الله حسين خليل مع الرئيس الحريري في بيت الوسط، والذي انتهى إلى ولادة تسوية سياسية تقضي بالاتفاق على:

1- ترشيح النائب محمّد الصفدي لرئاسة الحكومة.

2- وهذا الترشيح يدعمه حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل وتيار المستقبل..

3- على ان تؤلف حكومة تكنو-سياسية يرجح ان تكون من 24 وزيراً، يكون فيها وزراء الدولة سياسيون، اما الباقون فتكنوقراط.

وعليه، كشفت مصادر قصر بعبدا ان الدعوة للاستشارات الملزمة ستصدر اليوم، مرجحة ان تبدأ هذه الاستشارات بدءاً من غد السبت، ولغاية الاثنين المقبل. ولم تستبعد المصادر إذا وافق النائب الصفدي ان لا يتأخر تأليف الحكومة. وكان الرئيس الحريري التقى مساءً رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام. وكشفت جهات سياسية تتابع عملية تشكيل الحكومة الجديدة، أن الاتصالات طوال الأيام الماضية،لم تؤد الى أي حلحلة لإقناع الرئيس سعد الحريري لتغيير موقفه الرافض لتشكيل حكومة تكنو سياسية، بل اصر على موقفه هذا وأكد لمن تواصل معه تشبثه بتشكيل حكومة انقاذ وطني مؤلفة من شخصيات مشهود لها وموثوق بها، تستطيع العمل بانسجام وتحقق صدمة ايجابية فعلية وتحظى برضى الحراك في الشارع، في حين لايمكن لحكومة تكنو سياسية أو على غرار الحكومة المستقيلة ان تفعل فعلها في هذا المجال. وقد أظهرت الوقائع استحالةتكرار هذه التجربة الفاشلة مرة أخرى، أن كان بالممارسة أو بالشارع الذي اسقطها. وابلغ الرئيس الحريري كل الاطراف السياسيين موقفه النهائي هذا ضمن جملة واسعة من الاتصالات اجراها في الساعات الماضية،ولكنه أبدى بالمقابل استعداده لتأييد أي شخصية قادرة وموثوق بها يمكن تسميتها لهذه المهمة بدلا منه، من الدخول في طرح تسميات محددة بهذا الخصوص. الا انه وبرغم موقف الرئيس الحريري هذا ترددت معلومات ان هناك محاولة جديدة يبذلها الوزير علي حسن خليل وحسين خليل في زيارتهما الليلة الماضية لبيت الوسط ويحملان معهما أفكارا جديدة لعرضها على الرئيس الحريري ومن بينها اشراك بعض الوجوه السياسية غير المستفزة وباعداد محدودة جدا لعلها تقنع الرئيس الحريري بتغيير موقفه ويعدل عن رفضه رئاسة الحكومة المقبلة. من جهة ثانية، لوحظ أن الوزير جبران باسيل قام بتحرك مفاجئ باتجاه بكركي بهدف استيعاب نقمة البطريرك الراعي لجهة تأخير الرئاسة الاولى في تحديد موعد الاستشارات النيابية والتباطؤ الملحوظ في انطلاق عملية تشكيل الحكومة الجديدة وحاول قدر الإمكان امتصاص هذه النقمة والتأكيد بان عملية تشكيل الحكومة الجديدة قاربت على نهايتها خلافا للواقع، ومحاولا في الوقت نفسه اعطاء انطباع باهمية دوره في عملية التشكيل وإعادة تعويم نفسه بعد الاعتراض والرفض الذي يعم الحراك الشعبي ضده ولاسيما بالوسط المسيحي تحديدا. لكن مصادر بيت الوسط لم تخرج بالسير في هذا الاقتراح، سواء لجهة صيغة الحكومة، أو حتى المشاركة في أية حكومة جديدة. وكان نقل عن الرئيس نبيه برّي انتظاره انفراجات على الصعيد الحكومي، والمالي أيضاً الأسبوع المقبل، مشيراً إلى ان الموفد الفرنسي أبلغه ان مقررات مؤتمر سيدر ما تزال سارية المفعول. في بعبدا، حسم الرئيس عون امره، وأعطى الأوامر إلى قيادة الجيش اللبناني بفتح الطرقات، ولكن من دون ان يؤثر هذا على الحراك، وسط تشديد على تأليف الحكومة، خلال الأسبوع المقبل. وشدّد الرئيس عون على ضرورة عودة العجلة الاقتصادية في القريب العاجل، وهذا ما أكّد عليه أيضاً امام وفد الهيئات الاقتصادية والمجلس الاقتصادي- الاجتماعي. وكانت صدرت امس، من قصر بعبدا وبكركي اشارات عن ايجابيات بقرب تشكيل الحكومة،حيث قال الرئيس عون امام وفود دبلوماسية: أن المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة وستكون من اولى اهداف الحكومة العتيدة التي نعمل لتتشكل في القريب العاجل. وأكد ان التعاطي مع المستجدات يتم انطلاقاً من المصلحة الوطنية التي تقتضي التعاون مع الجميع للوصول الى تحقيق الاهداف المرجوة، لاسيما وأن الكثير من المطالب التي رفعها المعتصمون سبق أن احالها بموجب اقتراحات قوانين الى مجلس النواب وتبنتها الحكومة قبل أن تقدم استقالتها، ويبقى على مجلس النواب ان يقرّها من اجل تسهيل عملية مكافحة الفساد ومحاسبة المرتكبين ورفع الحصانات وغيرها من الاجراءات الضرورية. ‏كما إن الوزير جبران باسيل ابلغ البطريرك بشارة الراعي خلال زيارته له امس، «أن التشاور بشأن تشكيل الحكومة بلغ مرحلة متقدمة، وأن التيار الوطني الحر قدّم كل التسهيلات وهو من أكثر المستعجلين لتشكيل الحكومة التي تلبي مطالب الناس وتحظى بالثقة النيابية، والمهم بالنسبة الى التيار الوطني الحر هو ولادة الحكومة وتفادي أي خطوة ناقصة قد تدخل البلاد في المجهول او تسبب مشكلة يصعب الخروج منها». دبلوماسياً، اعرب مدير دائرة شمال افريقيا والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية السفير كريستوف فارنو، خلال مؤتمر صحفي عقده في قصر الصنوبر، عن أمله في تشكيل سريع للحكومة لاتخاذ قرارات سريعة. وردا على سؤال عن مهمته في المرحلة المقبلة بعد ان استمع الى اللبنانيين وهل ستقوم فرنسا بوساطة مع عدد من الدول المعنية بالشأن اللبناني، قال: «المرحلة المقبلة هي لتشكيل حكومة جديدة، صحيح ان فرنسا هي في قلب المجموعة الدولية ونحن نساند قدر الأمكان، ولكن الأولوية الان هي في تفكيك حالة الجمود التي تحدثنا عنها ولانسياب الأمور وللتمكين من استنباط حلول لإيجاد حكومة وهذه ستكون بمثابة الإشارة القوية التي ينتظرها الجميع». واذا كان سيبحث الموضوع اللبناني مع نظيره الأميركي شينكر خلال زيارته الى باريس، قال: «أعتقد اننا سنتحدث عن الموضوع حتما اذا زرت باريس، كما سنتحدث عن شؤون المنطقة. ان المجموعة الدولية تهتم بما يحصل في لبنان، ومن المهم ان نتحدث عن الموضوع ولكن في اطار بناء». على صعيد عمل المصارف، أعلنت نقابة موظفي المصارف استمرار الإضراب اليوم «إلى حين تبلّغنا الخطة الأمنية والإجراءات الواجب اتباعها في ما خص التعاطي مع العملاء»، لكن مع استمرار تلبية حاجات الزبائن من السيولة عبر أجهزة الصرّاف الآلي، وتأمين خدمات مراكز الاستعلام Call Center للردّ على استفسارات الزبائن وطلباتهم. وأكدت المصادر حرص نقابة الموظفين الشديد، على «ضمان ظروف جيّدة لعملهم من قِبَل الأجهزة الأمنية المعنيةّ، من هنا شددت على ضرورة انتظار ردّ وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن في شأن مشاوراتها مع القيادات الأمنية الأخرى».

الوضع الميداني

ولليوم الثامن والعشرين على التوالي، في حراك الانتفاضة الشعبية في الشارع، ينتقل من ساحة إلى ساحة على وقع استمرار الاتصالات السياسية للتوافق على مرشّح لتأليف الحكومة.. وعاد المتظاهرون إلى الشوارع مجدداً وحصلت إشكالات بينهم وبين الجيش في مناطق عدة عمد فيها إلى فتح طرق عدة أغلقوها في استراتيجية متبعة منذ بداية حراكهم. وخلال التشييع في بلدته الشويفات شرق بيروت، انضم متظاهرون إلى عائلة الشهيد علاء أبو فخر الذي لف نعشه بالعلم اللبناني. وهتف مشيعون «ثورة، ثورة» و«ثوار أحرار سنكمل المشوار»، ونثروا الأرز والورود على جثمانه. وخلال قطع الطريق في منطقة خلدة جنوب بيروت، وقع إشكال بين المتظاهرين وسيارة تقل عسكريين تطور الى إطلاق نار من جانب أحد الجنود ما تسبب بمقتل أبو فخر (38 عاماً) أمام زوجته وطفله. وأعلنت قيادة الجيش بدء التحقيق مع مطلق النار. واعتبرت منظمة العفو الدولية ما حصل «انتهاكاً لحقوق الإنسان»، داعية السلطات إلى إحالة القضية إلى القضاء المدني. وأشارت إلى حادثة أخرى الشهر الماضي استخدم فيها الجيش الرصاص الحي ضد المتظاهرين في منطقة البداوي (شمال)، ما أسفر عن إصابة محتجين إثنين على الأقل بجروح. وقالت هبة مرايف، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، إن «مقتل علاء أبو فخر والإصابات التي وقعت أثناء الاحتجاج في البداوي هي انتهاكات لحقوق الإنسان، يجب أن ينظر فيها القضاء المدني». وأضافت إن «محكمة مستقلة تماماً هي وحدها كفيلة بتحقيق العدالة لعلاء وعائلته، ولمنع وقوع حوادث مماثلة مستقبلاً في سياق الاحتجاجات المستمرة». وتدخلت وحدات الجيش اللبناني بعشرات العناصر لفتح الطريق في جل الديب، شرق بيروت، ووقعت مواجهة بين العناصر العسكرية والمتظاهرين وأوقف الجيش ثلاثة متظاهرين في جل الديب عرف منهم جوزف وجوليان روحانا. وليلاً تحرّكت الجموع المحتشدة في ساحة النور في طرابلس باتجاه منزل الصفدي، اعتراضاً على احتمال تكليفه تأليف الحكومة، فضلاً عن التجمعات الليلة في الزيتونة بي التي تعود ملكيتها للصفدي.

الاخبار....ترشيح الصفدي: مناورة أم استفزاز؟

الأخبار .... حتى الساعات الأولى من فجر اليوم، لم يكن واضحاً ما إذا كانت قوى السلطة قد توافقت فعلاً على ترشيح النائب السابق محمد الصفدي لرئاسة الحكومة، أم ان ما جرى لا يعدو كونه مناورة لتحقيق هدف لا يزال مجهولا. قرار تسمية الصفدي يعني استفزازاً للشارع المنتفض، ولكثيرين من الذين لم ينزلوا إلى الشوارع، لكنهم كانوا يأملون ان تشكّل الهبّة التشرينية أداة للضعط على قوى السلطة لتغيير سلوكها وسط الانهيار النقدي والمالي والاقتصادي العام. فالصفدي، في نظر الجمهور، هو بطل فضيحة «الزيتونة باي»، وهو احد المشتبه في تورّطهم بصفقة اليمامة الذائعة الصيت في الفساد بين بريطانيا والسعودية، وهو من نادي وزراء الأشغال العامة القليلي الانتاجية والسيئي السمعة الذين مروا على الوزارة، وكان نائباً «شبه مستقيل»، ووزيراً للمالية «أكثر استقالة». هو من أقل الوزراء والنواب «انتاجية». حتى رئيس الحكومة المستقيل، سعد الحريري، يبدو أكثر انتاجية منه. أمام هذه الصورة، لماذا اختير الصفدي؟ هل هي مناورة من الحريري الذي يريد إحراق جميع المرشحين ليعود بشروطه هو لا بشروط الآخرين؟ أم ان ثمة من يتعمّد استفزاز الشارع لأهداف لا تزال مجهولة؟ الأسئلة تبدو غير منطقية، لكنها مشروعة في ظل اللجوء إلى خيار «غير منطقي» كترشيح الصفدي. مَن اتخذ قرار ترشيح النائب الطرابلسي السابق، في ما لو صحت الاخبار عنه، يبدو غير مدرك لما يدور في الشارع، ولحجم الاحتقان بين الناس. حتى ما بعد منتصف الليل، لم يخرج سوى إعلام تيار المستقبل ليؤكد تسمية الصفدي. مسؤولو حزب الله وحركة امل التزموا الصمت. اما مصادر التيار الوطني الحر، فأكّدت الاتفاق، مشيرة إلى أن رئاسة الجمهورية قد تعلن اليوم مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس للحكومة، التي يُتوقع ان تكون نهاية الأسبوع الجاري. وبحسب المصادر، تمنّى المجتمعون في منزل الحريري أمس (رئيس الحكومة المستقيل والوزيران جبران باسيل وعلي حسن خليل، والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل) أن يختار كل فريق سيشارك في الحكومة وزراء «غير استفزازيين»، إضافة إلى اختصاصيين. الغضب على تسريب اسم الصفدي أتى من مكانين: الناس المنتفضون الذين تجمهر عدد منهم في خليج «مار جرجس في بيروت («الزيتونة باي»)، وفي محيط منزل الصفدي في طرابلس، احتجاجاً؛ والقوات اللبنانية التي وجدت نفسها مرة جديدة خارج دائرة القرار، فنزل انصارها إلى الشارع في أكثر من منطقة في جبل لبنان الشمالي، إلى جانب عدد كبير من المواطنين، ما حال دون قدرة الجيش على منع إقفال الطريق في جل الديب. وبدا لافتاً أن مناطق نفوذ تيار المستقبل، باستثناء مدينة طرابلس، التزمت التهدئة، بعدما كان الحريري قد أبلغ جميع القوى الامنية، ومسؤولي تياره، ببذل كل جهد ممكن للتوقف عن قطع الطرقات. في الاتصالات السياسية، تبيّن أن حركة امل وحزب الله كانا، حتى في الاجتماع الذي عقد في وادي أبو جميل ليل أمس، متمسكين بعودة الحريري لترؤس الحكومة. لكن الأخير كان حاسماً بالرفض. في المقابل، توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحريري على اسم الصفدي.

المصارف تستمر في التحكم بالمودعين وأموالهم

وفيما لم يتضح بعد شكل الحكومة العتيدة، استمرت المصارف في إغلاق أبوابها لليوم السابع على التوالي. وخلافاً للسبب المعلن، أي إعلان اتحاد نقابات موظفي المصارف الإضراب إلى حين الوصول إلى خطة أمنية تحمي سلامة المستخدمين والمودعين، فإن أحداً لا يشك في أن القرار هو قرار جمعية المصارف، التي تتلطى خلف الموظفين، لإقفال المصارف في وجه المودعين وضبط حركة سحب الأموال وتحويلها. وقالت مصادر مصرفية لـ«الأخبار» إن البحث يتركّز حول إمكان إعادة فتح المصارف أبوابها يوم الإثنين المقبل، بعد تأمين السيولة الكافية للاستجابة لطلبات الزبائن. وأعلن المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف، في بيان أمس، الاضراب والتوقف عن العمل اليوم أيضاً، مثمّناً في الوقت نفسه «الجهود التي يبذلها رئيس وأعضاء مجلس ادارة جمعية مصارف لبنان مع الجهات الامنية ومصرف لبنان، بهدف ايجاد خطة أمنية تحمي سلامة المستخدمين والمودعين على السواء». كما أمل، من جهة أخرى، أن يتبلّغ من مجلس إدارة الجمعية «آلية تخفّف من الاجراءات التي طبقتها إدارات المصارف مؤخرا وأدت الى حالة من الهلع والخوف لدى المودعين».

هل المراد تغيير شامل للنظام أم تغيير لسلوكه؟ صراعات القوى الناشطة في الحراك... وبرامج الرعاة الخارجيين

الاخبار...ابراهيم الأمين .... للبنانيين حكاية خاصة مع الأرقام. لم يخرج، بعد، محلّل نفسي أو عالم اجتماع يشرح السبب الفعلي لهذه المبالغة الدائمة في لغة الارقام: من الـ 12 مليوناً المنتشرين في أصقاع الأرض، الى الملايين المنتشرين في الشوارع، الى الـ 15 مليار دولار التي تكبّدها لبنان جراء حرب تموز، الى الـ800 مليار دولار المسروقة من جيوب الناس، الى دوامة أعداد المشاركين في تظاهرات 8 و 14 آذار... وانتهاءً بأن أحداً ما قرّر أن مليونين من اللبنانيين يتظاهرون في الشوارع. وأي محاولة لأي نقاش علمي، هنا، لا فائدة منها. هناك مليونان ونقطة على السطر! لم يخرج الجمهور العفوي بجديد عندما رفع الشعار البديهي بطلب استقالة السلطة. وحتى عندما ترد عبارة إسقاط النظام على ألسنة الناس، غالباً ما يكون المقصود إسقاط السلطة الحاكمة، وخروج السياسيين الذين يتولون مناصب رئيسية في هذه السلطة، ليصبح هذا المطلب، في نهاية الأمر، على شاكلة طلب تغيير الحاكم. لكن الغريب هو مسارعة بعض ممن يعرفون ان الوضع يتطلب تغيير النظام كله أو من يسعون الى التناوب على السلطة، إلى وضع الناس في إطار منفصل عن الواقع وموازين القوى على الارض. ولأن اللعبة الافتراضية، هنا، أكثر حضوراً وقوة من أي لعبة أخرى، تتردد منذ مدة عبارة أن مليوني لبناني يتظاهرون في الشوارع. هناك من يهتم بلعبة الارقام لتحقيق هدف ما. أما المهتم بتحقيق مطالب تتعلّق بتعديل الواقع القائم وتحسين وضع الناس، فلا يمكنه التورّط في هذه اللعبة. لكن، قد يكون مفيداً لفت الانتباه الى أن الناشطين ومسؤولي المجموعات المنخرطة في الحراك لا يجيدون قراءة الارقام، ولا فهم طبيعة التحاق الناس بالتحركات. في الانتخابات البلدية الأخيرة، خلق محتجّون من المنظمات غير الحكومية إطاراً محلياً، وخاضوا انتخابات في مواجهة السلطة، وحقّقوا نتائج كبيرة. لكنهم تفرقوا بعد يوم واحد من فتح صناديق الاقتراع، ولم يحفظوا الاطار الذي كان يمكن تطويره بوجهة قطاعية، لأن التسييس بالمعنى المتعارف عليه لبنانياً، يحتاج الى سياقات تاريخية مختلفة. أساساً، وعلى سبيل المثال، رفض القائمون على مشروع «بيروت مدينتي» انتقاد فكرة «سوليدير»، وهو المشروع الأقذر في تاريخ لبنان، خشية أن يفهم الناخبون الأمر من وجهة سياسية تتعلّق برمزية رفيق الحريري. وكان هدف هؤلاء اجتذاب ناخبين من أناس «اعتبروا مضللين بالتحاقهم بالسلطة بناءً على عصبيات طائفية ومذهبية». والمشكلة الاكبر كانت في اعتبار غالبية اعضاء هذه اللائحة ان هذا التصويت قابل للتجيير سياسياً. لذلك سارعوا، في الانتخابات النيابية، الى البحث عن وسائل استثمار مباشر. وفاتهم ان التصويت المحلي لا يطابق التصويت العام، وهو ما كشفته نتائج الصناديق، إذ فشل هؤلاء في حصد ثلث ما حصدوه في الانتخابات البلدية، عدا عن تشرذمهم بفعل الطموحات المتضاربة لاعضاء هذا الفريق. اليوم، من يطلق شعار «المليونين» يعتقد أنه بذلك يزرع في أذهان الناس أن نصف الشعب اللبناني، على الاقل، يلتحق بالتحركات الشعبية القائمة. ويعتبر هؤلاء كل اعتراض على أداء السلطة تفويضاً لهم بتوليها. لذلك، يسعون ليكون برنامجهم المعارض قائماً على فكرة قلب السلطة تماماً. وهنا - وهذا ما يجب قوله بصورة واضحة وصريحة، رغب من رغب ورفض من رفض - يفتح الباب أمام تدخلات خارجية تحمل أجندات لا علاقة لها مطلقاً بمطالب الناس. وقد سبقت الاشارة الى النشاط المحموم للمنظمات غير الحكومية من أجل فرض برنامج قائم على تقديم لائحة شخصيات بديلة للسلطة. وهؤلاء ذهبوا، في المرحلة الاولى، الى رفع شعار اسقاط الحكومة. لكنهم تصرّفوا من موقع ان في إمكانهم تجيير اعتراضات الناس لمصلحتهم. وعندما انتبهوا الى ان الامور لا تجري على هذا النحو، وجدوا أنفسهم أسرى برنامج يحتاج الى خطوات من نوع مختلف. وهنا أصل الحكاية. من يقل إنه يريد الاصلاح، ولا يثق بفريق الحكم الحالي، فهذا يعني أنه يريد تغييراً كبيراً وشاملاً. وهذا يعني، مباشرة، ان اصحاب هذا الطرح ينشدون إما انقلاباً يطيح السلطة القائمة بالقوة ويأتي بسلطة بديلة منها، وهو أمر غير ممكن (أشير هنا الى مقال الزميل سركيس نعوم في «النهار» أمس في نقاش لما أوردته من نقد للقوى الامنية والعسكرية، وأنا أوافقه الرأي باستحالة الانقلاب العسكري في لبنان. وربما لا يعرف الناس ان للنظام الطائفي فائدة وحيدة، وهي عدم القدرة على قيام حكم ديكتاتوري يتمثل بجهة واحدة، بما فيها الجيش نفسه الذي لم يكن يوماً تعبيراً مغايراً لصورة السلطة).

ما الذي يقيم تحالفاً غريباً بين سلطة ويسار ويمين ضد شربل نحاس؟

وبالتالي، اذا كان الانقلاب غير ممكن، فإن الاصلاح سيكون من خلال تسوية، ولو قسرية، بين فريقين: بين المعترضين والموجودين في الحكم. وهذا يتطلب مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الطرفين. وهو أمر مرفوض الآن. ففي واقع الحراك القائم، صار واضحاً أنه ممنوع تشكّل هيئة قيادية تفوّضها غالبية الناس التفاوض وادارة شؤونها. في هذه الحال، سنجد ان من يمنع تشكّل هذه الهيئة، ليس السلطة على الاطلاق، بل من هو صاحب مصلحة في ادارة تفاوض مواز، وعبر قنوات موازية، من اجل صفقات لا علاقة لها بمطالب الناس، بل بمطالب هذه الجهات الساعية فقط الى احتلال مواقع في السلطة لا اكثر ولا اقل! في هذا السياق، وفي مسح سريع للقوى الناشطة في الشارع، نجد «النادي اليساري» الذي يضمّ مجموعات بينها الحزب الشيوعي بكل فئاته، من القيادة الرسمية الى معارضين لها الى الاتحاد النقابي المعترض على بعض سياسات القيادة الى منشقين او مطرودين من الحزب الى شباب انضووا إلى مجموعات ترفع شعارات مطابقة لشعارات الشيوعيين لكنهم يعتقدون ان الحزب اقل جذرية في المبادرة الى تحقيقها. وبين هؤلاء، مجموعات لا تضمّ أكثر من عشرين شاباً او صبية وأخرى تضمّ المئات، وصولاً الى الآلاف كحالة الحزب الشيوعي. والى جانب هؤلاء جميعاً، هناك تيار من «اليسار المتقاعد»، اي اولئك الذين صاروا يرفضون الاطار الحزبي التقليدي في ادارة القضايا العامة. وهؤلاء يفكرون - عند كل حدث - بالوسيلة الانجع لإبراز حضورهم، تارة عبر النقابات المهنية، وأخرى عبر جمعيات حقوقية، وثالثة عبر منظمات متخصصة، وصولاً الى الاندية المفتوحة. وهم يتكلون على مواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق مواقفهم، ويقيمون - عادة - في «عالم افتراضي» لا يمكن تحويله الى واقع مستدام. لذلك يتنقلون من منبر الى آخر عند كل حدث، ومعركتهم المباشرة هي البحث عن مكاسب يعتقدون أنها محقة. وجلّ ما يؤرقهم ليس الخصوم الاساسيين، بل منافسوهم من الشارع نفسه، كما هو ديدنهم، مثلاً، مع ظاهرة نجاح واكيم التي لم ولن يقبلوها، فيما لا يملك الرجل أي إبداع يتيح له التجديد الضروري في بناء حالة شعبية تتجاوز شعارات المرحلة السابقة.

كيف يتجاهل الشيوعيون الهوية الوطنية للأهداف ويقبلون بدور «العتال»؟

وهناك، أيضاً، تجمّعات أخرى، فيها من سبق أن مرّ بأحزاب يسارية، وتضمّ جيلاً من المتعلّمين ممن يبحثون عن عدالة اجتماعية واسعة. ويمكن ملاحظة هؤلاء، بوضوح، في تنظيم مثل «مواطنون ومواطنات في دولة» الذي يبدو أنه نجح أكثر من غيره في استقطاب جزء من الشباب المشارك في الحراك. فهذا التنظيم لا يتصرف كجمعية مدنية، بل كحزب سياسي، وهذا ما يجعله يقدم طرحاً متكاملاً، وهو أيضاً، ربما، ما يجعل التنسيق بينه وبين الآخرين صعباً، إذ يتهم كثير من القوى، اليسارية وغير اليسارية، هذا التنظيم ومسؤوله الأبرز شربل نحاس، بالفوقية وعدم الاستعداد لعمل منسق في إطار قيادي عام، فيما يتبين، مع الوقت، ان أبرز الانتقادات تأتي من قيادات في «النادي اليساري»، ومن جانب قيادات «المنظمات غير الحكومية»، وصولاً الى «نادي رجال الاعمال». والواضح أن سبب حملة هؤلاء هو قدرة هذا التنظيم (على كل مشاكله) على استقطاب جمهور يساري من الباب الوطني العام ومن باب العدالة الاجتماعية، كما أن في إمكانه منافسة الليبراليين لكونه يضم في صفوفه حشداً غير قليل من الخبراء ممن عملوا في قطاعات عامة وخاصة، ويملكون تجارب ترشّحهم لدور عام على صعيد السلطة. (من المفيد، هنا، الاشارة الى أن موجة التحريض ضد نحاس على خلفية الفيديو الذي ظهر فيه منتقداً بيئة حزب الله، أطلقها أساساً الموجودون معه في الساحات). أما على الجبهة اليمينية المباشرة، فهناك حشد هائل من «الفنّاصين»، أو لصوص الهيكل، ممن يعملون اليوم في مؤسسات ومنظمات وشركات هي جزء من النظام الاقتصادي المحلي والعالمي الذي يتسبّب في القهر الذي يسود لبنان والعالم. وبينهم من تولى مناصب في الدولة والمؤسسات العامة، ومن كان - ولا يزال - شريكاً في قطاع خاص لم يحافظ على منسوب ربحيته في ظل النظام الحالي. وهؤلاء يريدون للجمهور أن يفوّضهم إدارة البلد، فقط لأنهم يلبسون بطريقة أفضل، ويختارون بشكل مختلف أين يسافرون وأين يعيشون وكيف يأكلون. وفوق كل ذلك، يريدون من الجمهور أن يمنحهم الثقة لكونهم «يعرفون التواصل مع المجتمع الدولي». وبين هؤلاء من يرفض اليوم التحاور مع السلطة، لكنه مستعد للتحاور مع وسطاء خارجيين (لو تجاهلت «الأخبار» خبر التحضيرات والدعوات للقاء بين ممثلين عن هذه المجموعات ومندوب الاستعمار الفرنسي الى لبنان، لما خرج كثيرون منهم ينفون أو يعتذرون). وعلى صورة هذه التشكيلة العجيبة، تجد الانقسام واضحاً على الارض. فـ«هيئة تنسيق الثورة» لا تشمل اياً من القوى اليمينية. وحتى حزب سبعة الذي يشارك فيها، فهو إنما يفعل ذلك لأنه غير مرغوب فيه من الآخرين. على أن اللافت كيف أن الحزب الشيوعي يذهب للتنسيق مع مجموعات لا تشبهه على الاطلاق - لا طبقياً ولا حتى على مستوى الهوية الوطنية - ولا تعترف بالشيوعيين إلا كـ«عتالة» الحراك. وهذا ما واجهه شيوعيّو 14 آذار عندما أُوكل اليهم أمر التنظيم والتحشيد والتحريض، ولكن عندما حان موعد الحصاد، تمّ تجاهلهم بصورة كاملة (لم يجر اختيار الياس عطا الله نائباً عن اليساريين، بل جرى اعتباره واحداً من كتلة عامة تخص الوجهات الطائفية لقوى 14 آذار، وهذا ما حصل خلال كل تجربته النيابية، كما هي حال أمين وهبي). والبلبلة التي تسود موقف الحزب الشيوعي من الحراك ليست في أصل موقفه، بل في قوة مبادرته، وقدرته على منع الآخرين من فرض أجندة سياسية على جدول أعمال حراك مطلبي جامع، إلا إذا كان الشيوعيون قرروا أنه حان الوقت لتغيير موقع لبنان سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ايضاً. يتدرج الشعار من تغيير الحكومة الى إسقاط عون الى انتخابات جديدة وسط هذه الغابة من الفوضى لدى الأكثر حضوراً في الشارع، يجب مراجعة الشعارات والبرامج الفعلية للحراك، وهنا بيت القصيد:

- في الايام الاولى، ظل الجميع يصرّ على الطابع المطلبي، والسعي الى تغيير في أداء السلطة أو وجوهها لإنجاز إصلاحات واسعة.

- في الايام التي تلت، تولت منصات التواصل الاجتماعي نشر برامج وشعارات جديدة تقوم على فكرة تعميم المسؤولية. وصار شعار «كلن يعني كلن» وكأنه برنامج متكامل، يردّده الناس بسذاجة لافتة، فيما يعرف واضعوه أن التفاعل معه سيتيح الانتقال سريعاً الى البند الجديد.

- بعد التركيز على استقالة الحكومة جرى الانتقال الى إسقاطها. ومفردة الإسقاط لها بعدها النفسي والعملي أيضاً، لأنها سرعان ما ترافقت مع شعار إسقاط العهد. وهنا يُقصد إسقاط رئيس الجمهورية. ولم يتورع من يقفون في المشهد الخلفي عن استخدام عناصر مذهبية في التحريض، من خلال استمالة أنصار سعد الحريري للانضمام الى الحراك تحت شعار أنه صار مطلوباً إسقاط الرئيس الشيعي والرئيس الماروني.

- في هذه الأثناء، كان يجب ابتداع تصور عند الإجابة عن سؤال: وماذا بعد؟ الحيلة الاساسية لا تزال قائمة، وهي الادعاء أن الناس هم من يقررون. لذلك، لا يمكن تشكيل وفد يفاوض هذا المسؤول أو ذاك، و«لا نقبل أن يمثلنا من يمكن استمالته»، أو أن «مطلب تشكل قيادة يعني دفعنا الى الخلافات والمحاصرة». لكن الجواب الحقيقي هو ترك الامور ضبابية، ما يتيح لـ«من بيده الأمر» تحديد البرامج والخطوات. فعندما يدبّ التعب بين الناس وتتراجع الحشود في الساحات، يتم اللجوء الى قطع الطرقات. وفي حالة تعبير الناس عن ضيقهم من تقطيع أوصال البلاد، يتم اللجوء الى إقفال المدارس. وفي الوقت نفسه، «يصدف» ما لم يحصل في التاريخ، إذ إن القطاع المصرفي والتجاري المفترض أنه هدف رئيسي للحراك، صار شريكاً في لعبة الضغط من خلال الاضراب العام، علماً بأن لكل من الطرفين أسبابه، لكن مع الوقت صار يمكن السؤال عمّا إذا كان هناك من يعتقد أن «تعطيل البلاد» من شأنه دفع الآخرين الى تغيير استراتيجيتهم.

- مع اقتراب المواجهة من لحظة قاسية بسبب الفشل في تشكيل حكومة، فإن من في الحكم يحاول التوصل الى تسوية بين قوى السلطة لإنتاج حكومة بديلة. وعند إعلان تكليف رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة، سنسمع الشارع وهو يعلن سحب ثقته المسبقة بأي سلطة جديدة. ومع نجاح تعطيل الجلسة النيابية الثلاثاء الماضي، سيكون الشعار العملاني الوحيد المقبل هو: انتخابات نيابية مبكرة!

لكن لنسأل من الآن: كيف ستجري الانتخابات، ووفق أي قانون، وبإشراف من؟

ناشطون يقبلون بعصبية مذهبية بهدف استمالة جمهور الحريري الى الشارع

الجواب ممن يجيدون رفع الشعارات سيكون أن الانتخابات لن تحصل وفق قانون أقرّه المجلس الحالي، أو أنهم سيشترطون لجنة مستقلة لا نعرف من يشكّلها تتولى الإشراف على العملية الانتخابية. وسيطالبون بإشراف ورقابة دوليين لضمان نزاهة الانتخابات. وسيصرّون على فرض نتائج للانتخابات تحقق الهدف الأهم بالنسبة إلى الرعاة الخارجيين، وهو إحداث تبدّل جوهري في طبيعة السلطة الحاكمة في لبنان. هنا، لا بأس من العودة الى لعبة الارقام. من يصرّ على رقم المليونين، يريد أن يقول لنا، من الآن، إن أي انتخابات نيابية جديدة، يجب أن تخرج 50 في المئة من النواب الحاليين بما يمثلون وليس بالوجوه فقط. وإذا لم يحصل ذلك، فهذا يعني ان الانتخابات مزوّرة؟ لكن، لتحقيق هذه الاهداف مجتمعة، يبدو أن من يغامر باللعبة الكاملة يحتاج الى عناصر توتر اضافية، والى مستوى أعلى من العنف والفوضى، وهذا ما سيلاحظه الناس في البرامج والشعارات، وفي النشاط الجاري على الارض... الله يستر!

نداء الوطن....السلطة تهوّل بـ"الحرب الأهلية"...

وحدات عسكرية تُطوّق المتظاهرين لمنعهم من قطع الطريق في جلّ الديب أمس

من طهران إلى لبنان، لغة تهويلية واحدة تضع الثوار اللبنانيين أمام خيارين لا ثالث لهما: الانكفاء طوعاً أو قسراً عن الشارع تحت طائل التلويح باستنساخ "الحرب الأهلية". فبين حديث الرئيس الإيراني حسن روحاني عن "السعي إلى حرب أهلية في لبنان" وبين إضفاء "حزب الله" على مشهد الثورة اللبنانية الطابع المؤامراتي حسبما جاء على لسان نائب الأمين العام لـ"الحزب" الشيخ نعيم قاسم من العاصمة الإيرانية، مروراً بترويج إعلام الممانعة أنباء وشائعات ممنهجة تضخ أجواء الذعر والخوف في النفوس وتدق ناقوس الاقتتال الداخلي بين اللبنانيين، وصولاً إلى عودة وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة الياس بو صعب بالذاكرة إلى "الحرب الأهلية وما حصل العام 1975" في معرض توصيفه مشهد قطع الطرق من قبل اللبنانيين المنتفضين في المناطق، كلها تصريحات ومؤشرات تؤكد ان السلطة الحاكمة لجأت إلى سلاح التخويف من الحرب الأهلية للتعمية على سياسة التسويف في مقاربة الحلول المطلوبة منها على قاعدة: قمع التحركات الشعبية الميدانية لا بد أن يسبق أي مخرج سياسي للأزمة كي لا يتم تحت ضغط الشارع. وعلى هذه القاعدة جاء تحذير بو صعب من أنّ "الأجهزة الامنية لم يعد بوسعها مراعاة ظروف أي شخص"، في وقت كانت التوقيفات تتوالى في صفوف المتظاهرين مع توثيق آثار الضرب الذي تعرضوا له، وليس الناشط خلدون جابر بكدماته الظاهرة على وجهه وظهره بعد إطلاق سراحه إثر توقيفه أمام قصر بعبدا واقتياده إلى وزارة الدفاع، سوى دليل حسّي على التوجه القمعي للسلطة في مواجهة المتظاهرين وصولاً إلى استخدام القوة العسكرية المفرطة لفضّ عقد المعتصمين على الطرقات العامة في مختلف المناطق وأبرزها ليلاً في منطقة جل الديب حيث لقي عدد من المتظاهرين نصيبهم من الضرب الدموي على أيدي عناصر عسكريين لإجبارهم على مغادرة وسط الطريق. وفي المعلومات المتوافرة، أنّ قراراً حاسماً اتخذه رئيس الجمهورية ميشال عون بالتنسيق مع "حزب الله" ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقضى بوجوب فتح الطرقات المقطوعة وفض الاعتصامات عنها في مختلف المناطق ولو بالقوة، سيّما وأنّ "حزب الله" كان قد أبلغ المعنيين خلال الساعات الأخيرة رسالة حازمة بأنه في حال عدم إقدام الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية على فتح الطرقات فإنه سيضطر إلى حل الموضوع "على طريقته"، حتى أنّ مصادر مطلعة نقلت لـ"نداء الوطن" أنّ هذا الموضوع كان قد طُرح على مسامع الموفد الفرنسي كريستوف فارنو من زاوية تأكيد عزم السلطة على إعادة فتح الطرق والانتظام إلى الحياة العامة خلال الأيام القليلة المقبلة. غير أنّ مصادر مطلعة على أجواء قصر بعبدا أكدت لـ"نداء الوطن" أن "إيلاء الرئيس عون أهمية كبرى خلال ساعات الأمس لموضوع إقفال الطرقات لا يعني أنّ مطالب الحراك الشعبي قد وضعت جانباً إنما ذلك أتى من منطلق تشديده على ضرورة عودة العجلة الاقتصادية إلى البلد في القريب العاجل". في الغضون، تستمر لعبة "الكرّ والفرّ" لتحسين الشروط الحكومية بين قوى الثامن من آذار ورئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري في سياق بات يشبه المطاردة السياسية والإعلامية تأكيداً على تمسك الثنائي الشيعي بتولي الحريري شخصياً الحكومة المنوي تأليفها دون سواه وإقفال كافة المنافذ التي يمكن أن ينفذ منها للتملص من مسؤولية تشكيل حكومة ذات طابع سياسي مطعّمة بالتكنوقراط، برئاسته أو برئاسة من يزكّيه لخلافته في سدة الرئاسة الثالثة. وفي هذا الإطار، تمخّض لقاء "الخليلين" مساءً مع الحريري في "بيت الوسط" عن تصاعد دخان أبيض قضى بتسمية الوزير السابق محمد الصفدي لتكليفه تشكيل حكومة "تكنو- سياسية"، وسرعان ما توالت الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي في طرابلس إثر شيوع الخبر للتظاهر اليوم أمام مكتب الصفدي القريب من ساحة النور رفضاً للاتفاق السياسي الذي حصل على تسميته. وكانت دوائر قصر بعبدا و"التيار الوطني الحر" قد حرصت طيلة نهار أمس على ضخ أجواء تفاؤلية بقرب تذليل عقبات التكليف والتأليف، وسط تشديد المصادر المطلعة على أجواء القصر على أنّ "التأخير في التكليف هو لحماية عملية التأليف وإزالة الإلغام من أمام الحكومة العتيدة"، مع تأكيدها في الوقت نفسه أنّ "الوقت ليس وقت وضع شروط وشروط مضادة إذ لم يعد هناك من ترف لذلك في ظل الظرف الاستثنائي الراهن الذي يتطلب حكومة استثنائية".

«حزب الله» يتوقّع... السيناريو الأسوأ

الراي...الكاتب:ايليا ج. مغناير .... حذّر الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله من أن الاحتجاجات المستمرّة في لبنان قد تؤدي إلى «فوضى وانهيار وحرب أهلية»، وهو الأمر الذي فتح شهية أسئلة من نوع: هل هذا الاستنتاج احتمالٌ واقعي؟ وأي سيناريو يمكن أن يقود إلى حربٍ أهلية؟ الذين يعرفون عقل «حزب الله» واستراتيجياته يقفون عند خلاصاتٍ تحمّل الولايات المتحدة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان. فالضريبة الشهرية على «الواتساب» التي قيل إنها فجّرت الاضطرابات لم تكن لتأخذ هذا البُعد لولا الأزمة المالية - الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأميركية على بنوك وأثرياء اتُّهموا بعلاقتهم بـ«حزب الله»، وسط معلومات عن أن عقوبات مماثلة ستُفرض على مصارف أخرى وعلى حلفاء «حزب الله» المسيحيين. وفي اعتقاد هؤلاء أن الذعر الذي يصيب المستثمرين مردّه إلى عواقب استهداف أميركا للبنان ما يهزّ الثقة بالنظام المصرفي، وهو ما يفسر هروب رؤوس أموال إلى الخارج وسحْب مودعين أموالهم من المصارف ووضْعها في المنازل. ورغم التعتيم والنفي، فإن الرئيس ميشال عون مارس ضغوطاً جدية على مدى مدة ليست بقصيرة على المصرف المركزي لمنع تدهور قيمة الليرة من 1500 ليرة للدولار الواحد إلى 3000 وربما أكثر، لأن من شأن ذلك التأثير على «سمعة الرئيس» وحكمه في بلادٍ يُستخدم فيها الدولار حتى في المحال الصغيرة والمقاهي وتعاني مصاعب فعلية، فالدين العام بلغ 85 مليار دولار، والاستيراد يصل إلى 16 مليار دولار، أما عائدات التصدير فتقتصر على نحو ملياري دولار، في حين أن العجز وصل إلى 155 في المئة من الناتج المحلي. وتبيّن معطيات إحصائية أن عدد اللبنانيين وصل إلى نحو 6 ملايين نسمة من المقيمين، أما الذين يعيشون في الخارج فيراوح بين 8 و9 ملايين شخص، لذا فإن غالبية الأسر المقيمة تعتمد على دعم أقاربها الذين يعملون في الخارج، لكن العقوبات الأميركية على «حزب الله» وتَشَدُّد واشنطن في الرقابة على المصارف أفضى إلى تراجع التحويلات خوفاً من اتهام أصحابها بـ«الإرهاب». وفي تقدير «الخلاصات» التي لا تستبعد حرباً أهلية أن حِراك الشارع في لبنان جاء لأسباب مُحِقَّة ولكنه قد يأخذ البلاد وعن غير قصد إلى تلك الحرب، فهو جاء في اللحظة التي انخفضت قيمة الأصول اللبنانية ومع إقفال عشرات الشركات أبوابها، ونتيجة لافتقار الناس لخدمات مثل الكهرباء ومياه الشفة واهتراء البنى التحتية وتعذر جمع القمامة وانتشار النفايات والروائح الكريهة وازدياد الاختناقات المرورية وزحمة السير وتلوث البحر... وفي اعتقاد «حزب الله» أن الدول الخارجية تعمل على استغلال الحراك الشعبي لتصفية الحسابات معه ومع حلفائه، الأمر الذي يشرّع البلاد على احتمالات صعبة. فالخارج، بحسب أنصار «السيناريو الأسوأ» امتنع عن تقديم الدعم المالي للبنان، كما جرت العادة، لأسباب عدة أهمّها اتهام الحكومة بالانصياع لإرادة «حزب الله» وخياراته الإقليمية بعدما سئمت واشنطن وحلفاؤها من محاولاتٍ لم تنجح لإضعاف «المحور الإيراني» في المنطقة ومنع امتلاكه لأوراق القوة كالصواريخ الدقيقة الكاسرة للتوازن، وهو ما يفسر ذهاب نصرالله إلى حد التحذير من حرب أهلية.

هل من آفاق لمثل هذه الحرب في لبنان؟

رغم أن من الصعب تقديم إجابات حاسمة، فإن دوائر على بيّنة من الدوافع التي أمْلت على «حزب الله» ترجيح هذا الاحتمال، أن الجيش اللبناني، الذي يتلقّى أسلحة خفيفة ولا يُسمح له بالحصول على أسلحة دفاعية متطورة تعوق الانتهاكات الإسرائيلية، تشترط عليه الدول المانحة (أميركا وبريطانيا) عدم تخزين أسلحته في مناطق سيطرة «حزب الله»، وتالياً فإن مخازنه تقع في مناطق ذات الغالبية المسيحية. ولأن رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري لم يمتثل لطلبات بتحجيم «حزب الله» لعدم قدرته على ذلك، بحسب تلك الدوائر، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها تراهن على جهات مسيحية (في غمْز من قناة حزب «القوات اللبنانية») يمكن أن تنخرط في تحركات ومَعارك لإضعاف حلفاء «حزب الله»، الذي سيكون مضطراً للعمل على حماية حلفائه من المسيحيين (التيار الوطني الحر) الذين أدركوا أنه يصعب التعويل على الجيش، الذي سيكون في حال اندلاع حرب أهلية عرضة لما أصابه خلال حرب العام 1975 من تفكُّك. وفي رأي هؤلاء أنه عندما اندلعتْ الحرب في سورية وأصبح النظام مهدَّداً، أرسلتْ إيران قوات لها ولحلفائها من باكستان وأفغانستان والسودان والعراق ولبنان لحماية مكتسباتها ولتقف سداً منيعاً أمام الأهداف الأميركية وإفشالها، مشيرين إلى أنه رغم أن قوة «حزب الله» لا يُستهان بها في لبنان إلا أن ذلك لا يمنع أن تندفع هذه القوات (التي جاءت بها إيران إلى سورية) إلى لبنان لدعم محور المقاومة وتمكينه من السيطرة على الوضع ودحْر مَن يقف في وجهها.

وفي ضوء هذا السيناريو تَطرح هذه الدوائر أسئلةً «صعبة» في حال انتصار «حزب الله» وحلفائه المسيحيين وفرضت أميركا حصاراً على لبنان، ماذا يمكن أن يحدث؟

لقد استطاعت روسيا وضْع حد للحرب السورية ومنعت تغيير النظام، لذا من السهل أن تتجه إلى لبنان، بحسب هذه الدوائر، لتأخذ زمام المبادرة في معاودة ترتيب الأوضاع، لأن موسكو تتمتع بمقبولية لدى غالبية الأطراف. وتستطيع تطوير حقول النفط والغاز كما وضْع حد للخروق الإسرائيلية وتالياً فرْض سلام في المنطقة عجزت عنه أميركا. ويذهب هؤلاء إلى حد القول إن إيران التي بدأت بناء محطات كهربائية في سورية ومصانع للأدوية وللمعدات الطبية، تستطيع نقل خدماتها إلى لبنان ودعم الجيش لمنْع إسرائيل من الاعتداء على لبنان. وتستعد الصين لمشاريع عدة في دول المنطقة، وهي حاضرة لتطوير البنى التحتية في لبنان ليصبح جزءاً من «طريق الحرير». وإستناداً إلى هذا السيناريو فإن «حزب الله» سيخرج قوياً. وإذا لم تشأ روسيا التدخل في الصراع بين حلف المقاومة وإسرائيل، يستطيع هذا الحلف إيقاف تل أبيب عند حدّها من دون قفازات، وتالياً من الخطأ القول ان حرباً داخلية مستبعَدة او أنها لا تصبّ في مصلحة «حزب الله» إذا أرادت أميركا جرّه إليها. وعلى الرغم من عدم رغبة اللبنانيين بالحروب مجدداً، إلا أنها، إذا وقعتْ، فإن حزب الله لن يكون من الخاسرين.

هل يقترب لبنان من حكومة «يُبارِكُها» الحريري و... ينأى عنها؟

عون يأمل ولادتها خلال الأيام المقبلة... وقرارٌ سياسي بفتْح الطرق الرئيسية

الكاتب:بيروت - «الراي» ... بو صعب: إغلاق الطرق يعيد إلى الأذهان الحرب الأهلية ... «زفّة الوداع» لعلاء أبو فخر

تَتَدافَعُ السيناريواتُ حول مآلِ الأزمة المتعدّدة البُعد التي يعيشها لبنان، وسط عدم بروز مؤشراتٍ إلى أن «ثورة 17 أكتوبر» سـ«تنطفئ» أو تنكفئ قبل تحقيق مَطالبها بدءاً من تشكيل حكومة من اختصاصيين مستقلّين تمهّد لانتخابات نيابية مبكّرة، في موازاة إصرارِ السلطة على تشكيلةٍ وزارية، بين معيارِ «التكنوقراط» وبين التمثيل السياسي ولو من «عيارٍ غير ثقيل». وفيما ساد البلاد أمس ولليوم الثاني على التوالي، شلل شبه كامل في ظل استمرار قفْل المؤسسات التربوية ومضيّ نقابة موظفي المصارف في إضرابها، اتجّهت الأنظار إلى مساريْن متوازييْن:

* الأوّل ارتسام ملامح قرارٍ سياسي جديد بفتْح الطرق الرئيسية التي أعيد قفْلها ليل الثلاثاء بعد مقتل علاء أبو فخر في محلة خلدة (جنوب بيروت).

وتوقّفتْ أوساطٌ سياسية عند ما نُقل عن أوساط القصر الجمهوري، من أنّه «يجب فتح الطرق بشكل فوري لعودة العجلة الاقتصادية ومتابعة مطالب الحِراك»، وتأكيد وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة الياس بو صعب بعد زيارته رئيس البرلمان نبيه بري، أن ما حصل في جل الديب ومحاولة متظاهرين بناء جدار داخل نفق نهر الكلب (بالتوازي مع محاولة مماثلة على الاوتوستراد في حارة الناعمة جنوب بيروت) «ذكّرنا بالحرب الاهلية» في العام 1975، مشيراً إلى ان «هذا أمر خطير»، ولا يمكن للاجهزة الامنية «مراعاة اي شخص يذهب بتفكيره الى هذه المرحلة الاليمة».

وفيما كانت عمليات فتْح الطرق من الجيش تشهد كراً وفراً في أكثر من منطقة وسط مواجهات محدودة (كما في سعدنايل - تعلبايا بقاعاً)، لاحظت هذه الأوساط أن السلطة انتقلتْ إلى مرحلة أشد حزماً في التعاطي مع المتظاهرين، مثل توقيف خلدون جابر على طريق القصر الجمهوري (مساء الاربعاء) حتى يوم أمس، وصولاً إلى توقيفات (لساعاتٍ) لعدد من المنتفضين في أكثر من منطقة بينها جل الديب، الأمر الذي اعتُبر «رسالةً» برسم المرحلة المقبلة استوقفتْ كثيرين وذلك من خلف «زنار الحزن» والغضب الذي لفّ منطقة الشويفات وجوارها مع تشييع علاء أبو فخر الحاشد في حضورٍ حزبي لقيادة «التقدمي الاشتراكي» (يتزعمه وليد جنبلاط)، قبل أن تشهد ساحتا الشهداء ورياض الصلح في بيروت مساءً «زفّة الوداع» لـ«شهيد الثورة» الذي ارتفعت صورة عملاقة له في وسط العاصمة اللبنانية.

* أما المسار الثاني فسياسي ويرْمي إلى بلوغ تَفاهُم حول الحكومة الجديدة تحت سقف التلازم بين التكليف (لرئيس الوزراء) والتأليف (للحكومة)، ومعادلةٍ واضحة باتت تحكم هذا الملف بالنسبة إلى الرئيس المستقيل سعد الحريري وقوامها: إذا قرّرتْ القوى السياسية السير بحكومة اختصاصيين فالحريري مستعدّ لترؤسها باعتبار أنها تلاقي مطالب الشارع ويمكنها انتشال البلاد من المأزق المالي - الاقتصادي، وإذا رفضتْ هذه القوى صيغة التكنوقراط فهو مستعدّ لتسهيل الأمور برئيسٍ مؤهَّل «وخلاف ذلك يعود للاكثرية النيابية لأن تقرّر».

وبدا واضحاً أمس تَقَدُّم خيار الحكومة التكنو - سياسية نتيجة تَصَلُّب تحالف الرئيس ميشال عون - «حزب الله» حيال حكومة الاختصاصيين المستقلين، وسط ضخّ معلومات عن أن مشاورات تجري حول شخصية رئيس الحكومة الجديد، وأن الحريري مستعدّ لتسهيل التوافق على شخصية تكون مؤهّلة لمواجهة تحديات المرحلة اقتصادياً على قاعدة «أنّ رئاسة الحكومة ليس موقعاً تقنياً أو إدارياً بل ركن من أركان النظام السياسي والحريري يبني مقاربته على هذا الأساس». يأتي ذلك في موازاة إشاراتٍ إلى عملية «شدّ حبال» ما زالت دائرة على تخوم هذا السيناريو عبّرت عنها التقارير عن أن الحريري سلّم لائحة من 6 أسماء يوافق عليها لترؤس الحكومة وما نُقل عن مصادره من أن «الكلام عن أن الآخَرين ينتظرون جواباً منه على أسماء مقترحة غير صحيح مطلقاً، لان كل أجوبته أصبحت في عهدة المعنيين بالمشاورات»، وأن القول «إن بعبدا وغيرها تنتظر جواب الحريري على وليد علم الدين (عضو سابق في لجنة الرقابة على المصارف) محاولة لرمي الكرة في ملعب الحريري، وهو إيحاء غير صحيح، وجميع المعنيين الذين يشاركون بالمشاورات يعرفون جيداً موقف الحريري ورأيه بمروحة الأسماء التي طرحها وجرى التداول فيها بما في ذلك اسم علم الدين». وإذ لم تُسْقِط الأوساط السياسية من حساباتها بالكامل أن يُفْضي مخاض المفاوضات، الذي لا يرجَّح معه تحديد موعد للاستشارات النيابية لتكليف رئيس الحكومة قبل الأسبوع المقبل، إلى العودة لخياراتٍ تبدو الآن مستبعَدة او عصية، فهي طرحتْ علامات استفهام حول المدى الذي سيبلغه الحريري في أي تغطيةٍ لحكومة تكنو - سياسية بلا أسماء مستفزة، وهل سيكتفي بتغطية رئيس الوزراء الجديد أو أن تياره السياسي (المستقبل) سيكون جزءاً من الحكومة مع ما قد يحمله ذلك من مخاطر سياسية وشعبية عليه، أم أنه سيختار انطلاقاً من ذلك التكافل والتضامن مع حزبيْ «التقدمي» و«القوات اللبنانية» اللذين كانا أكدا عدم المشاركة في أي حكومةٍ في المرحلة الحالية. وكان عون أعلن أمس «أن الاتصالات في سبيل تشكيل حكومة جديدة قطعت شوطاً بعيداً، معرباً عن أمله في إمكانية ولادة الحكومة خلال الايام المقبلة بعد إزالة العقبات أمام التكليف والتأليف. وشدد على ان «المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة وستكون من اول اهداف الحكومة العتيدة».

وزير الدفاع اللبناني: الأزمة «خطيرة» تعيد للأذهان بدايات الحرب الأهلية...

الكاتب:(رويترز) ... قال وزير الدفاع اللبناني اليوم الخميس إن البلاد في وضع «خطير للغاية» وقارن بين الاضطرابات التي شهدتها البلاد في الأيام القليلة الماضية وبين بدايات الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. ورغم سلمية الاحتجاجات إلى حد كبير، إلا أن محتجا لقي حتفه بالرصاص في جنوب بيروت يوم الثلاثاء. وقال الوزير إلياس بو صعب وهو حليف سياسي للرئيس ميشال عون إن التوتر في الشارع وإغلاق الطرق يعيد إلى الأذهان الحرب الأهلية التي وقعت في عام 1975 واصفا الوضع بأنه «خطير للغاية». وأشار إلى حوادث عدة منها محاولة محتجين إقامة جدران على طريق سريع ساحلي رئيسي. وقال الوزير للصحفيين إن اللوم لا يقع على عاتق «الحركة الديموقراطية» التابعة للمحتجين وإن المتظاهرين لهم الحق في الاحتجاج والحماية. لكنه أضاف أن الجيش وأجهزة الأمن لا يمكنها القبول بأي شخص يفكر في ارتكاب أعمال عنف.

الجيش يعيد فتح طرق رئيسية أغلقها المتظاهرون

قام الجيش اللبناني اليوم بإعادة فتح الطرق الرئيسية في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية التي قطعها المتظاهرون في احتجاجهم المستمر لليوم الـ29 على التوالي. وقالت وزارة الداخلية في بيان إن الطريق الذي يربط بيروت بالشمال قد أمست سالكة بعد إزالة العوائق في مناطق (جبيل وغزير ونهر الكلب وجل الديب). كما فتحت الطريق من بيروت الى الجنوب بإزالة العوائق في مناطق (خلدة والناعمة). وذكرت إن الطريق أعيد فتحها في مدينة (زحلة) في البقاع بشرقي البلاد الى جانب فتح المدخل الشرقي للعاصمة في (الحازمية). وشهد لبنان تشييع أحد الناشطين في التظاهرات الذي سقط بنيران أحد عناصر الجيش اللبناني في منطقة (خلدة) بجنوب بيروت بمشاركة شعبية وسياسية مع استمرار المصارف والمدارس بالإقفال.

اتحاد نقابات المصارف يدعو لمواصلة الإضراب غدا

من جهة ثانية، دعا اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان لمواصلة الإضراب إلى أن يتلقى تفاصيل الخطة الأمنية. وقال رئيس الاتحاد إن إضراب موظفي المصارف سيستمر غدا.

عون يأمل في تشكيل الحكومة اللبنانية خلال أيام

المصدر: RT + وكالات... قال الرئيس اللبناني، ميشال عون، اليوم الخميس، إن لديه أملا في إمكانية تشكيل الحكومة الجديدة خلال الأيام المقبلة بعد إزالة العقبات أمام التكليف والتأليف. وأكد الرئيس اللبناني أن "المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة وستكون من أول أهداف الحكومة العتيدة التي نعمل لتتشكل في القريب العاجل". وأفاد عون بأن "التعاطي مع المستجدات يتم انطلاقا من المصلحة الوطنية التي تقتضي تعاونا مع الجميع للوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة". ودعا في السياق إلى فتح الطرقات فورا لتحريك عجلة اقتصاد البلاد. هذا، وكان عون قد استقبل وفد الهيئات الاقتصادية واطلع على ملاحظاته واقتراحاته لمعالجة الأوضاع الاقتصادية في البلاد والسبل الآيلة إلى تحسينها والخروج من الأزمة الراهنة. كما استقبل وفد "المجلس الاقتصادي والاجتماعي"، وعرض معه اقتراحات لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. والأربعاء، صرح الرئيس اللبناني بأن "الأوضاع الاقتصادية تزداد ترديا نتيجة ما تمر به البلاد"، مشددا على أن "بدء التنقيب عن النفط والغاز سيساعد على تحسن الوضع تدريجيا". ويواصل المتظاهرون في لبنان، اليوم الخميس، احتجاجاتهم لليوم الـ29 على التوالي، إذ أعلنوا الإضراب العام وأعادوا قطع الطرقات الرئيسية، ما أدى إلى شل الحركة في البلاد، مطالبين الحكومة باتخاذ الإجراءات لتحسين الأوضاع المعيشية "التي أثقلت كاهل المواطن اللبناني"....

طفل يشيع أبيه... عريس الانتفاضة اللبنانية.. مشاركة شعبية حاشدة من كل المناطق في الجنازة

اندبندنت....محمد غندور ..... على وقع هتاف "ثورة ثورة" و"ثوار أحرار حنكمّل المشوار"، حُمل نعش شهيد الانتفاضة اللبنانية علاء أبو فخر اليوم الخميس، مزيناً بالعلم اللبناني للصلاة على روحه ومن ثم نقله إلى مثواه الأخير في مقابر بلدة الشويفات جنوب بيروت، في مأتم شعبي حاشد، وحضور رسمي وحزبي. مشهد وحيد خلال الجنازة، قد يبقى طويلاً في ذاكرة كل من حضرها: طفل بملامح جميلة، يبكي ويصرخ فوق رأس الضحية الممددة في نعش وطني. يحاول الطفل الجميل، احتضان أبيه، شمّ رائحته لمرة واحدة وأخيرة. ويحاول عمر الطفل الذي تحوّل فجأة إلى رجل بعينين غاضبتين، الانتقام ممن لا يعرفهم، ممن يتّموه باكراً. أنين عمر، جرح كل من سمعه. كم هي موجعة، الطريقة التي تلمس بها والده. كأن الطفل يحاول الصراخ، لكن الصوت يخونه، كأنه يحاول الغضب ولا يعرف. انتقل عمر بين ليلة وضحاها، من طفل عمره ثماني سنوات، إلى رجل بالغ، يريد ذبح قاتل والده. هذا التحول يتحمل مسؤوليته من حمل الطفل على الأكتاف طالباً منه القول "بدي اذبحه بإيديي للقاتل (سأذبح قاتل والدي بيدي)". لا يعرف عمر ماذا يفعل غير البكاء، يريد البقاء إلى جانب جثة والده. يريد الحديث معه وإخباره عن كل ما حصل معه بعد غيابه. عن الليلة التي قضاها وحيداً في سريره، عن صباح لم يكن علاء موجوداً فيه. يحاول الطفل الجميل، أن يتلمّس ما يدور حوله، بكاء ونحيب وصراخ وتهديد ووعيد. تشعر أن الطفل – الرجل، حائر بين الحزن والاشتياق واللعب مع رفاقه. مرحلة من الاشتياق بدأت ولن تنتهي. هي لحظة مؤلمة شعر بها كل أب وجد في التشييع، كل أب خاف أن يصيب ابنه ما أصاب عمر. وما مشاركة كثير من الآباء والنساء في التظاهرات إلا للمطالبة بمستقبل أفضل لأبنائهم. يمشي عمر خلف نعش أبيه المحمول على أكتاف أصدقائه ورفاقه. يمشي ولا يعد خطواته، بل يحاول القفز عالياً لرؤية أبيه مرة جديدة، عله يلمح ابتسامة أخيرة. كبر عمر قبل أوانه، انتُزِع من طفولته بسبب طلق ناري لم يكن ضرورياً، لكن هذا الطلق أصاب رأس علاء ليكون أول شهيد في الانتفاضة اللبنانية.

مراسم الدفن – العرس

شارك في تشييع شهيد الانتفاضة اللبنانية علاء أبو فخر، آلاف المواطنين الذين حضروا من كل المناطق، ونقل عبر وسائل إعلام محلية وأجنبية، وفتحت الطرق لتسهيل المشاركة في الجنازة. وأثنت الكلمات على حسن خلق الراحل، وصفاته وحماسته الثورية. وقال النائب تيمور جنبلاط خلال التشييع "إنّه ليس لنا سوى الدولة التي ناضل من أجلها علاء". وأضاف "نلجأ إلى العقل ونرفع نداءً من الشويفات مع جميع اللبنانيين لنقول، القضاء العادل المستقل ينصف دماء علاء". في المقابل، اعتبر شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن أن "فقيدنا هو فقيد الوطن، وتمنياتنا أن تكون عبرة ودعاؤنا للوطن بالسلامة ولأهل الحكم بالتعقل". وما عكر صفو التشييع الوطني، بعض الكلمات التي حاولت إخراج المناسبة من رمزيتها الوطنية، إلى زواريب الأحزاب، فعلاء ينتمي إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، لكن تمرد على قرارات حزبه بعدم المشاركة في التظاهرات والتريث لاتضاح الأمور. ومن يعرف علاء، يدرك مدى معارضته نهج النائب السابق والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، خصوصاً أن الشهيد كان ناشطاً وشارك منذ اليوم الأول في الانتفاضة اللبنانية، مخالفاً بذلك قرار حزبه. وتكريماً للراحل، قررت بلدية الشويفات إطلاق اسم علاء أبو فخر على مثلث خلدة حيث سقط شهيداً.

تشييع رمزي

في سياق متصل، أقام الحراك في ساحة إيليا في مدينة صيدا جنوب لبنان، تشييعاً رمزياً لأبو فخر حيث تجمع المحتجون وسط الساحة حول نعش مفترض ملفوف بالعلم اللبناني ورفعوا صورة كبيرة لعلاء، وطافوا بالنعش في الساحة بعدما نثروا الورود عليه على وقع النشيد الوطني اللبناني والأغاني الثورية حاملين الأعلام اللبنانية والبالونات البيضاء بعدما كتب كل واحد منهم عليها مطلبه، مثل لا للطائفية، لا للبطالة وغيرها من المطالب المحقة، إضافة إلى كلمات وجدانية لعلاء أبو فخر قبل أن يطلقوها في السماء، في رسالة إلى أن مطالبهم وصلت حدود السماء ولم يسمعها المسؤولون بعد . ولفتت إحدى المعتصمات في كلمة إلى "أن التشييع اليوم هو رمزي بالتزامن مع تشييع الشهيد أبو فخر في الشويفات ومن أجل توجيه تحية وجدانية وتحية محبة لروحه الطاهرة الذي قدمها لأجل هذا الوطن".

تعب

تعب عمر من كل هذا الحزن في قلبه الصغير، رما جسده الضئيل في حضن أمه. شكا لها بعينيه ما يعانيه. احتضنته الأم كثيراً وطويلاً. اعتصرته بين يديها، علها تعوضه عن غياب أبيه. تبكي الأم أيضاً، تنظر إلى ابنها الجميل، تقبّل عينيه، يديه، تشم شعره، تسقط دمعة من عينها على صدر عمر، يرفع الطفل رأسه كأنه انتقل إلى مرحلة الرجولة فجأة، يحتضن أمه، ترمي بثقلها على حضن ابنها الصغير. يصبح عمر رجلاً فجأة، تنهار الأم الشقراء، تصرخ، تئن، تتعذب، تحترق، لكن الابن يواسيها. يداعب شعرها في محاولة لتصبيرها على مصابها. لارا التي سالت دماء زوجها على قدميها، يوم الحادث – الاغتيال. لم تتوقف عن مطالبة المتظاهرين بالنزول إلى الساحات، في محاكاة لوصية زوجها الثائر، الذي تمرّد على قرار حزبه بعدم المشاركة في الاحتجاجات، مطبقاً قناعاته، ممارساً ما يؤمن به من أفكار. هي بداية حياة جديدة لعمر ولارا، حياة من دون الأب والزوج والرفيق والحبيب والصديق. ينظر عمر إلى أمه ودمع في عينيه، ينظر إليها طويلاً، كما لو أراد القول: لا تخافي يا ماما، سأكون إلى جانبك دوماً، سنبكي معاً ونشتاق معاً، ونعود إلى الضحك معاً حين تنتصر الانتفاضة التي أرادها والدي، لتكون مستقبلاً أفضل لنا.



السابق

أخبار وتقارير....بالفيديو... اختطاف مسؤول أمنى عراقي في بغداد...أين ذهبت عائدات النفط العراقي؟.....بعد سقوط عشرات الشهداء.. إسرائيل والجهاد الإسلامي توافقان على التهدئة.....مقتدى الصدر.. إصلاحي أم متصالح مع هيمنة طهران على العراق؟.....السويد توقف إيرانيا يُشتبه بارتكابه جرائم حرب وقتل في بلاده عام 1988....لبنان دخل منعطفاً خطيراً... وضغوط كبيرة..موسكو تدعو إلى «عدم التصعيد» بعد العثور على يورانيوم في منشأة إيرانية....موسكو تتهم أميركا بملاحقة الروس..12 قتيلاً في انفجار سيارة مفخخة في كابل....تركيا تؤكد موافقة ألمانيا وهولندا على تسلم مواطنيهما من عناصر «داعش»....إدانات عربية للعدوان الإسرائيلي على غزة..

التالي

العراق.....قتلى في بغداد عشية «جمعة الصمود»... إضراب في النجف ومظاهرات تغلق المؤسسات جنوب العراق....القضاء العراقي يطلق حملة لملاحقة الفساد...المتظاهرون يشبهون عبد المهدي بـ"الصّحاف"... والأنظار الى "مليونية ساحة التحرير"...قنابل الغاز تعود للفتك بالمتظاهرين.. قتلى وعشرات الجرحى في بغداد.....«سائرون»: الحكومة مستمرة بارتكاب الجرائم «الحكمة»: لمحاكمات علنية لـ«الرؤوس الكبيرة»...

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,673,350

عدد الزوار: 6,907,892

المتواجدون الآن: 103