أخبار لبنان....تفاؤل وحذر على سطح الحكومة بانتظار 48 ساعة!...حجز أموال المعرقلين في الخارج كإجراء عقابي.. و«التدقيق الجنائي» يفجّر خلافات بعبدا وعين التينة...الحكومة الأسبوع المقبل؟..."غموض" أديب يربك 8 آذار... وباريس تنتظر "التزاماً بالتعهدات والمهل"...جعجع يرفع التحدي: تسليم السلاح و"لامركزية موسّعة"...سلامة يستعدّ للرحيل: تعاميم المجلس المركزي لا الحاكم...واشنطن تستعد للتعامل مع لبنان... كـ«دولة فاشلة»....هنية يهدّد إسرائيل من لبنان: نملك صواريخ لندكّ بها تل أبيب وما بعدها...

تاريخ الإضافة الإثنين 7 أيلول 2020 - 4:26 ص    عدد الزيارات 2609    القسم محلية

        


تفاؤل وحذر على سطح الحكومة بانتظار 48 ساعة!.....

حجز أموال المعرقلين في الخارج كإجراء عقابي.. و«التدقيق الجنائي» يفجّر خلافات بعبدا وعين التينة...

اللواء....يوم الأربعاء في 9 أيلول الجاري، يكون مضى أسبوع كامل، على مغادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بيروت، بعد مؤتمر صحفي، حدَّد فيه رزنامة خارطة الطريق، بأوقاتها ومهلها، والمطلوب في الزمان والمكان، مع تكليف كبار مستشاريه ومنظري السياسة الفرنسية الجديدة- القديمة في لبنان والشرق الأدنى بالمتابعة. الرئيس المكلف مصطفى أديب، من المفترض ان يحمل في هذا التاريخ (الأربعاء بعد غد) مسودة حكومة مصغرة (14 وزيراً إلى بعبدا)، في خطوة وصفت بالجدّية، لإنجاز هذا الملف. ومع ان الرئيس المكلف يحتفظ بقدر من الصمت، حيال مسعاه تشكيل الحكومة، الا انه قال لـ«اللواء» أمس انه «متفائل، وأن شاء الله يحصل خير قريباً». وحتي مساء أمس، لم تكن الاتصالات قد حسمت شكل الحكومة وطبيعتها، وعلم ان لقاء آخر سيجمع الرئيس المكلف بكل من المعاونين السياسيين لرئيس المجلس النيابي وللامين العام لحزب الله النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل ورئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل، بعد اللقاء بهما مطلع الأسبوع الماضي، كما سيلتقي قوى أخرى، وهو لم يطلب حتى الآن أكثر من التعاون والتسهيل لإنجاز التأليف، مشيرا حسب المتابعين إلى «اننا لا نملك ترف إضاعة الوقت». وقد سمع أديب من بعض الأطراف نصيحة مفادها ان تولي الوزير الواحد حقيبتين تقلل انتاجيته لعمل واداء وزارته. وأكدت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة ان الرئيس المكلف يواصل اتصالاته ومشاوراته مع مختلف الاطراف لبلورة صورة التشكيلة الحكومية بصورتها قبل النهائية ضمن المهلة الطبيعية، لافتة الى ان مايجري هو ضمن الاطار المرسوم وليس خارجه. ولم تنف المصادر ما تردد من معلومات عن مطالبة البعض في الاعلام وخارجه بحكومة موسعة من أربعة وعشرين وزيرا،الا انها أكدت أن الرئيس المكلف يصر على تشكيل حكومة انقاذ غير فضفاضة تستطيع أن تتحرك بسرعة وفاعلية وتقوم بالمهمات والواجبات الملقاة على عاتقها حسب الاولويات، وان ترضي اللبنانيين على اختلافهم، في حين ان ما يتردد عن حكومة من٢٤ وزيرا قد يعيد الى الاذهان نماذج وأساليب الحكومات السابقة والمرفوضة من اللبنانيين. وشددت المصادر على ان الرئيس المكلف مصر على موقفه بأن يكون اعضاء الحكومة جميعهم من الاختصاصيين الكفوئين والمشهود بنجاحاتهم وغير مرتبطين بمصالح مباشرة اوغير مباشرة مع احزاب وشخصيات سياسية وان توكل لكل وزير الحقيبة التي تقع ضمن اختصاصه او على دراية واطلاع على الاقل ليستطيع القيام بالمهمات المنوطة به بفاعلية. بالمقابل، افادت مصادر مواكبة لملف تأليف الحكومة لـ «اللواء» ان ضبابية تحيط بهذا الملف لأن لا مسودة حكومية بعد حتى وان كان رئيس الحكومة المكلف الدكتور مصطفى اديب يعمل بعيدا عن الأضواء ضمن ثوابت اعلنها تتصل بفريق عمل متجانس ما يعني بكل صراحة ان هذا الفريق لن يكون بعيدا عن توجه الدكتور اديب الذي يستند الى ما ذكرته الكتل النيابية بشأن تسهيل مهمته. ولفتت المصادر الى ان لا اسماء مرشحة فإذا كانت رغبة رئيس الجمهورية بحكومة من اختصاصين ومسيسين فذاك امر على الرئيس المكلف اخذه بالإعتبار حتى وان كانت رغبته حكومة اختصاصين فقط تفاديا لأي تصادم مع العلم ان حركة اديب يواكبها اشراف فرنسي مباشر. وفهم انه في خلال الأسبوع الطالع يفترض ان تتبلور الصورة بحيث يحاول الافرقاء المعنيون الخوض في التفاصيل انطلاقا مما قد يضعه اديب حول شكل الحكومة وماهيتها وتوزيع الحقائب. واعادت التأكيد ان مهمة الحكومة الإصلاحية تبقى المنطلق وعلى هذا الأساس لا بد من ان يكون شكل الحكومة مراعيا لهذه المهمة. لكن النائب آلان عون استغرب ما يُحكى عن شروط وشروط مضادة، متسائلاً: لا أحد يعرف تصوّر الرئيس المكلف، وأن أي اتصال لم يجر مع التيار الوطني الحر. فرنسياً، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أنّ «الوقوف إلى جانب لبنان يأتي نتيجة العلاقة المتينة التي تجمع البلدين على مختلف الأصعدة، ثقافياً واجتماعياً وفرانكوفونياً، وعلى مستوى العلاقات الشخصية أيضاً». ورداً على سؤال حول تدخّل الدولة الفرنسية في الشؤون اللبنانية، خلال مقابلة مع «راديو إنتر» الفرنسي، شدد لودريان على أنه «عندما لا يقوم هذا البلد بإصلاحات في زمن الانهيار، ويطلب في الوقت نفسه المساعدة الدولية، من الطبيعي أنّ تكون فرنسا في طليعة الدول التي ستقوم بمساعدته». ولفت إلى أن «الرئيس إيمانويل ماكرون كان رئيس الدولة الوحيد الذي زار بيروت في اليوم التالي لانفجار مرفأ بيروت»، لافتاً إلى أنه على «كل فريق أن يقوم بدوره، على اللبنانيين تنفيذ الإصلاحات وعلى فرنسا التأكيد عليها»، مؤكداً أنّ «المجتمع الدولي ثمّن جهود الرئيس ماكرون ودعمها، إن كان على مستوى الأمم المتحدة أو حتى الفاتيكان». كما شدد على «وجوب التمييز بين الشق العسكري لـ«حزب الله» الذي تدينه باريس وأوروبا ويعتبره منظمة إرهابية، و«حزب الله» السياسي الذي انتخبه اللبنانيون. في التعامل مع هذه القضية ثمة عوامل مختلفة منها السياسي والطائفي والتاريخي».

بومبيو وسلاح حزب الله

وفي المواقف، كرّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ان أنظمة الصواريخ الموجهة بدقة والتي يمتلكها حزب الله في جنوب لبنان، تذكرنا بتاريخ لبنان، وأن الجميع تخلى عن سلاحه باستثناء حزب الله هذا هو التحدي الذي يطرح نفسه. وأولئك الأشخاص الذين يعتبرون جزءاً من ذلك يجب ان يعلموا ان ذلك لن يجدي، وليس هذا ما يريده الشعب اللبناني، وليس هذا ما يتطلبه الوضع الأمني الإقليمي. وبصرف النظر عن الدعم الأميركي للشق المباشر في المبادرة الفرنسية، لا سيما أجندة الإصلاحات، قالت مصادر فرنسية على اطلاع على الخطط المطروحة للضغط على القيادات الرسمية اللبنانية بعدم عرقلة تشكيل الحكومة، تحت طائلة اتخاذ العقوبات، بالتنسيق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بدءاً من حجز أموال المعرقلين، الموجودة في المصارف الأجنبية.

على ان الموقف بدا قاتماً بعض الشيء، في ظل عقبات محلية طارئة، تعبّر عن «التشاطر اللبناني»، وحسابات زعماء الكتل، الذين يعمل بعضهم على طريقة «زعماء الاحياء»، ومنها:

1 - استمرار التباين حول عدد الوزراء، ففريق التيار الوطني الحر وبعبدا، يرغبان بحكومة لا تقل عن 20 أو 24 وزيراً، فيما يفضل الرئيس المكلف حكومة من 10 وزراء.

2 - الرئيس المكلف يُصرّ على تأليف الحكومة من «وزراء اختصاص»، يمثلون، ولا يفرضون، في حين تتحدث معلومات (الجديد) ان كل زعيم سياسي سيقدم ثلاثة أسماء لاختيار واحد منها.

3 - الرئيس نبيه برّي يتمسك بحقيبة المال، والرئيس ميشال عون وفريقه يتشوقان إلى حقيبة المال وحقيبة الداخلية.

والمثير للاهتمام المعلومات حول حقيقة موقف «الثنائي الشيعي» من المبادرة الفرنسية، من ان هذا الثنائي يتعاطى بحذر مع المبادرة، ويدرس بدقة خلفياتها. ويمضي قيادي بارز ان «المبادرة الفرنسية قد تسقط في أي لحظة، إذ لا أسس دولية متينة تحميها، وما يحصل الان هو توافق «دولي - اقليمي» برعاية فرنسية لمنع الانهيار اللبناني بشكل كامل، ولكن في المقابل هناك اجندة مطلوب من لبنان وحكومة الرئيس المكلف مصطفى اديب تنفيذها، والجانب الفرنسي جزم خلال المحادثات المباشرة وعبر الوسطاء انه لا بنود مخفية في المبادرة والمطلوب من لبنان تطبيق الاصلاحات فقط، في حين ان اية معالجة للملفات السياسية سوف تاتي في مرحلة لاحقة وتحديدا في مرحلة التحضير الرسمي والجدي للعقد السياسي الجديد في لبنان. ضمن هذه الاحتمالات، يستمر التلاعب بسعر صرف الليرة، فوق سقف الـ7000 ليرة لكل دولار، أو بين 7000 و8000 في الصباح والمساء، وهذا مؤشر سلبي، ليس على المستوى الاقتصادي والنقدي، بل على المسار السياسي لعملية تأليف الحكومة، أو على الأقل، انتظار ما سيحدث على الجبهة الحكومية.

دولار.. وتدقيق جنائي مؤشران سلبيان

وفي السياق المالي، أو ما عرف بـ«التدقيق الجنائي» في حسابات مصرف لبنان. لفت نظر الأوساط المالية والسياسية بالبيان الصادر عن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، وفيه ينفي ما يمكن تسريبات تولتها جهات رسمية، عن قيامه بتعديلات جوهرية وأساسية في عقد التدقيق المالي.. وفيه بعد النفي، يوضح ان هيئة التشريع والاستشارات تتولى إبداء الرأي النهائي في عقود الدولة، ورأيها «غير ملزم»، مشيرا إلى ان الوزير أخذ بغالبية ملاحظاتها، باستثناء المتعلقة بمجوعة Egmont, وأن الحكومة فوضته توقيع عقد التدقيق مع شركة Alvarez ولم تطلب منه التفاوض مع طرف ثالث عبر مجموعة ايغمونت. مشيرا إلى «فضيحة كبرى» تتعلق بمن أصرّ على زج اسم مجموعة Egmont في العقد، وما هي أهدافه واسبابه؟

وختم بيان وزير المال ان الوزير «لن يطلب من شركة Alvarezالمباشرة في عملها، ولن يُشكّل اللجنة الثلاثية التي نص عليها العقد لمتابعة التدقيق المالي وسيترك هذه المهمة للحكومة الجديدة، مشيرا إلى ان «رئاسة الجمهورية كان لديها أربع نقاط، وقد تمّ الأخذ بها كلها». وتحدثت مصادر ان وزني في العقود التي وقعها مع شركة Alvarez& Marsal لم تلحظ ما طلبته رئاسة الجمهورية، مما شكل امتعاضاً لدى الرئاسة الأولى. عند هذا الحد، دخل النائب جميل السيّد على الخط، وغرّد: «إذا كان وزير المال غازي وزني قد تلاعب بعقد التحقيق خلافاً لقرار مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، فعلى الرئيسين عون ودياب تحريك دعوى بالتزوير ضده فوراً! ثم هذا تحقيق جنائي، يعني رياض سلامة مشتبه به، يعني بينحّوه عن مركزه لينتهي التحقيق، وإلا تقريقة...». وفي السياق المالي، كشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن «البنك المركزي لديه في الوقت الحاضر سيولة بحدود 19.5 مليار دولار ويمكنه أن يستخدم كل ما يفوق الاحتياطي الالزامي الذي هو بحدود 17 مليار دولار». وفي حديث عبر قناة الـ«MTV»، قال: «أمامنا وقت وقد بلغنا الحكومة انه لا يحق لنا استخدام الاحتياطي الالزامي لتأمين الدعم». وأضاف: طلبنا من وزارة الطاقة أن تحدد حاجات البلاد من المحروقات وكيف سيتم توزيع هذه الكميات بهدف أن يكون أمامنا أطول مجال ممكن لتلبية الحاجات وهناك جهد لترشيد الامر بالنسبة للسلة الغذائية لا سيما وأن هناك عمليات تهريب تحصل واستغلال من قبل بعض التجار. وأشار الى «أننا اقترحنا اعطاء بطاقات للبنانيين تسمح بدعم المواطن بدلا من التجار للحفاظ على القدرة الشرائية والقرار يتمّ العمل عليه».  ورداً على سؤال عمّا إذا كان هناك مصرف قد يتعرض للإفلاس وعن مصير ودائع المواطنين فيه في حال حصل ذلك، طمأن سلامة قائلاً: «لن يفلس أيّ مصرف واتّخذنا قراراً مفاده أنّ المصرف الذي لا يمكنه تأمين المتطلّبات من حيث السيولة أو رأس المال سيقوم مصرف لبنان بتملّكه، والحقوق تبقى محفوظة». 

جعجع: لا مانع من مؤتمر تأسيسي شرط اللامركزية أولاً

سياسياً، رحب رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بالمؤتمر التأسيسي، شرط ان تكون اللامركزية الإدارية أوّل نقطة على جدول الأعمال. وقال: لا سبيل إلى محاربة الفساد علي يد من كانوا سبباً وصناعاً له، والأمر يتطلب إعادة إنتاج سلطة سياسية جديدة، وتحويل الانتخابات إلى منصة للتغيير والمحاسبة والمساءلة. واضاف: أردنا من اتفاق معراب، بالإضافة إلى كونه مصالحة وجدانية، ان يكون منطلقاً لشراكة مسيحية- إسلامية، لكن الطرف الآخر أراده مجرد مصلحة سياسية آنية بحتة.. واليوم، تواصل الفرق الهندسية العسكرية عمليات الكشف على الوحدات السكنية في محيط وسط بيروت: السان جورج، الصيفي فيلاج، ميناء الحصن، باب ادريس وبرج المرّ. ودعت قيادة الجيش المواطنين للتواجد في منازلهم. وامام شركة قاديشا في البحصاص، نفذ عدد من الناشطين اعتصاماً امام شركة كهرباء قاديشا، احتجاجاً على «التقنين القاسي للتيار الكهربائي في طرابلس، إذ بلغ عدد ساعات التقنين 22 ساعة في اليوم». صحياً، ابدت مصادر نيابية استغرابها لعدم تجهيز العديد من المستشفيات الخاصة لتستطيع استيعاب تزايد المصابين بفيروس كورونا،وطالبت بايضاحات وتفسيرات عن تلكؤ المسؤولين عن القيام بهذه المهمة بالوقت المناسب، في الوقت ألذي كان يتحسب وزير الصحة وغيره من احتمالات تفشي الوباء على نطاق واسع منذ الربيع الماضي. وذكرت المصادر النيابية بسلسلة الوعود والادعاءات التي اغدقها البعض بتجهيز المستشفيات الخاصة من الهبة المالية المقدمة من البنك الدولي لهذه الغاية وعما اذا كانت هذه الاموال قد صرفت في مكانها ام انها اهدرت وذهبت الى جيوب منتفعين معينين، وهذا يتطلب أكثر من توضيح، بل تاكيدات قاطعة من المسؤولين بان الاموال صرفت في محلها.

20426

وكان وزارة الصحة العامة سجلت أمس في التقرير اليومي إصابة 415 شخصاً بالكورونا، و4 حالات وفاة، ليرتفع العدد إلى 20426 إصابة.

الحكومة الأسبوع المقبل؟

الاخبار...المشهد السياسي .... نهاية أسبوع هادئة أمضتها عملية تأليف الحكومة. لا تطور مهماً، بانتظار الأسبوع الحالي، الذي يُتوقع أن يحمل معه بدء النقاش الفعلي في التركيبة الحكومية. الرئيس المكلف مصطفى أديب عمد خلال الأيام الماضية إلى وضع تصوره الأولي لشكل الحكومة، على أن يبدأ الاتصالات مع الأطراف الأساسيين هذا الأسبوع، وخاصة أن المداورة في الحقائب السيادية لم تحسم بعد، كما لم تحسم مسألة التعامل مع الحقائب المسيحية؛ من يسمّيها إن كان القوات والتيار خارج الحكومة؟ وقبل هذه وتلك لم يحسم حجم الحكومة، وسط تأكيد لسعي الرئيس المكلّف إلى تأليف حكومة مصغّرة تضم اختصاصيين. لكن ثمة من يبدو واثقاً من أن أياً من العقد لن يطول، على أن تكون فترة الأسبوعين كافية لإنجاز مهمة التأليف. ويذهب البعض في تفاؤله إلى حد الجزم بأن الحكومة ستبصر النور مطلع الأسبوع المقبل، مؤكداً أن القوى السياسية الداعمة لأديب لن تعرقل مساعيه. وأشارت مصادر سياسية رفيعة المستوى إلى أن رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، يحث أديب على الالتزام بفترة الأسبوعين التي حدّدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتأليف الحكومة، معتبراً أن هذا الأمر أسياسي لنيل الدعم الفرنسي، ومن خلفه الغربي. إلى ذلك، بدأ أمس قرار رفع الدعم يسلك طريق التنفيذ. وزير الاقتصاد راوول نعمة قرر وقف دعم السلع المتعلقة بالإنتاج الحيواني والزراعي، بحجة أن الأسعار لم تنخفض، بل ارتفع بعضها ضعفي الأسعار السابقة للدعم. وبدلاً من اللجوء إلى البحث عن سبل لخفض الأسعار ومراقبة حسن إفادة المستهلكين من الدعم، استسهل نعمة اللجوء إلى الخيار الذي يفضّله، وهو وقف الدعم. وفي السياق نفسه، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن هناك جهداً لـ«ترشيد» السلة الغذائية. وقال لمحطة «أم تي في» إنه يجري العمل على أن يكون هنالك بطاقة لكل مواطن للشراء بقيمة ١٥١٥ للدولار، من دون أن يحدد الفئات التي تستفيد من البطاقة. وأكد سلامة أنه طلب من وزارة الطاقة تحديد حاجات البلد من الفيول والمحروقات، إلى حين يصبح هنالك خطة واضحة. وفي سياق منفصل، أشار سلامة إلى إنه «لن يفلس أيّ مصرف في لبنان، ونحن اتّخذنا قراراً مفاده أنّ المصرف الذي لا يمكنه تأمين المتطلّبات من حيث السيولة أو رأس المال سيقوم مصرف لبنان بتملّكه والحقوق تبقى محفوظة»....

"غموض" أديب يربك 8 آذار... وباريس تنتظر "التزاماً بالتعهدات والمهل"

جعجع يرفع التحدي: تسليم السلاح و"لامركزية موسّعة"... جعجع في قداس شهداء المقاومة اللبنانية: "صفقة مار مخايل" سبب كل ما وصلنا إليه

نداء الوطن.... نهاية أسبوع وبداية آخر، وعقارب الساعة الفرنسية تواصل تقدّمها باتجاه لحظة انقضاء مهلة السماح الممنوحة لتأليف "حكومة مهمة" اختصاصية مستقلة خلال 15 يوماً من تاريخ انعقاد اجتماع قصر الصنوبر الأخير. ومع انتصاف هذه المهلة، بدأ عملياً العد العكسي للوصول إلى لحظة "الامتحان" حين سيُكرم من أوفى بالتعهدات ويُهان من أخلّ بها، وعليه فإنّ الأسبوع الجاري سيكون الفيصل بين إطلاق الوعود والالتزام بها على طاولة الملف الحكومي تمهيداً لاتضاح معالم المرحلة اللبنانية المقبلة ومآلاتها حكومياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً ومالياً ودولياً. أما من منظور "معراب" فلا أمل يُرتجى من "شلة الخارجين عن القانون والفاسدين" لحل الأزمة "الوجودية الكيانية" التي يمرّ بها لبنان، سيّما وأنّ رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع شخّص مكمن العلّة في ما وصل إليه البلد واختصرها بـ"كلمة سحرية تختصر أسباب كل ما وصلنا إليه: "تفاهم مار مخايل المشؤوم"، رافعاً السقف والتحدي في مواجهة طرفي هذا التفاهم "الصفقة"، ليطلق من جهة رصاصة الرحمة المسيحية على العهد العوني و"اتفاق معراب المطعون"، ويتوجه من ناحية أخرى مباشرةً إلى "حزب الله" بطلب تسليم السلاح وقرار الحرب والسلم للدولة، مع وضع "اللامركزية الموسعة" كشرط محوري رئيسي على طاولة أي "مؤتمر تأسيسي أو عقد اجتماعي جديد".... ففي الشكل والمضمون، حرص جعجع على أن تكون كلمته خلال قداس شهداء المقاومة اللبنانية هذا العام فاصلة في مضامينها بين الأبيض والأسود... ففي العلاقة مع "التيار الوطني الحر" بدا جعجع كمن يستأصل خناجر التيار من ظهر اتفاق معراب، بعدما تبيّن أنّ العونيين أرادوه "مجرد مصلحة سياسية آنية بحتة" وما أن وصل "العمّ إلى الرئاسة حتى سارع الصهر إلى تمشيط ذقنه وتعريض كتفيه" لخلافة الرئيس ميشال عون على كرسي الرئاسة الأولى. أما لـ"حزب الله" فكانت رسالة مباشرة بلا قفازات: "سلّم قرار الحرب والسّلم للدّولة، وكفّ عن تدخّلاتك الخارجيّة السّافرة غير المبرّرة في شؤون أكثر من دولة عربيّة، وكفّ عن لعب دور رأس الحربة للمشروع الإيرانيّ المتمدّد والمتوغّل في المنطقة العربيّة، وضع نفسك في خدمة لبنان وشعبه وأمنه ومصالحه بدل أن تبقى في خدمة الجمهوريّة الإسلاميّة ومصالحها". واستطراداً، في مقابل من يطرحون إكمال تطبيق اتفاق الطائف، طالب جعجع بوجوب "البدء بتطبيقه" انطلاقاً من بنده الأول الذي ينصّ على "حلّ جميع الميليشيات اللّبنانيّة وغير اللّبنانيّة وتسليم أسلحتها الى الدولة اللّبنانيّة"، محذراً في الوقت نفسه من "محاولة لتمرير قانون انتخابات لا يراعي خصوصيّة التّركيبة التّعدّديّة للبنان ويهدف إلى الإطاحة بخصائصه وتوازناته وتركيبته المجتمعيّة والوصول تحت ستار إلغاء الطائفيّة السّياسيّة إلى تطبيق الديمقراطيّة العدديّة".

حكومياً، لا جديد في المعطيات والمعلومات خارج دائرة الشك والتشكيك بوجود نوايا رئاسية وسياسية مبيتة تهدف إلى تدجين الرئيس المكلف مصطفى أديب وحرف مسار التأليف عن سكة التخصّص والاستقلالية إلى سكة المحاصصة والتبعية، غير أنّ الجهود المبذولة في سبيل تحقيق هذه الغاية لا تزال تصطدم بأداء يحكمه "الغموض" من جانب أديب، وهو ما "فاقم من إرباك قوى 8 آذار ومن ريبتها إزاء تضاؤل إمكانية إخضاعه وتقييده بشروط مقنّعة، بما سيؤدي حكماً إما إلى رضوخ هذه القوى لشروطه أو إلى التصدي لجهوده وظهورها علناً بموقع المعرقل لمبادرة ماكرون"، وفق ما لاحظت مصادر مواكبة لعملية التأليف من خلال حصيلة الاتصالات التي جرت خلال الساعات الماضية، مؤكدةً لـ"نداء الوطن" أنّ الرئيس المكلف لم يحسم موقفه بعد من أي طرح أو مطلب ولا زال منكباً على ترجمة تصوره للحكومة التي ينوي تأليفها "وفق ما يرتئيه من مقتضيات المرحلة لا حسبما تقتضيه مصلحة الأفرقاء السياسيين".

وإذ ستتكثف الاتصالات والمشاورات مطلع الأسبوع لرسم الخطوط العريضة الأولية لشكل الحكومة وتركيبتها، تعتبر المصادر أنّ مسار ملف التأليف سيتضح أكثر من خلال الاجتماع المرتقب خلال الأيام المقبلة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وأوضحت أنّ الأخير "سيكون واضحاً في هذا الاجتماع لناحية التأكيد على الثوابت والأهداف التي ارتكزت عليها عملية تكليفه بموجب المبادرة الفرنسية"، مشيرةً إلى أنّ أديب يبدو حاسماً في عزمه على "إسقاط المواصفات التي يضعها بنفسه على الحقائب والأسماء بغية أن تكون حكومة مصغّرة ذات مهمة إصلاحية بحتة، كما جاء في جوهر مبادرة الرئيس الفرنسي وفي صلب الأهداف التي كُلّف على أساسها".

وتوازياً، يسود الترقب والانتظار على الضفة الفرنسية لرصد مفاعيل التزام الأفرقاء اللبنانيين بالوعود المقطوعة أمام ماكرون، وبينما آثرت مصادر ديبلوماسية عدم الخوض في أي استباق للنتائج المتوخاة على صعيد عملية التأليف، اكتفت بالقول لـ"نداء الوطن": "باريس تريد أن ترى ترجمة عملية على أرض الواقع لكل ما تم الاتفاق عليه في بيروت، سواءً لناحية البُعد الإصلاحي أو المعيار المستقل للتشكيلة الوزارية المرتقبة، وهي الآن تنتظر التزاماً بالتعهدات السياسية وبالمهل الزمنية لكي يُبنى على الأمر مقتضاه".

من هرّب 5 مليارات دولار في ثمانية أشهر؟ سلامة يستعدّ للرحيل: تعاميم المجلس المركزي لا الحاكم

الاخبار....ابراهيم الأمين .... يبدو القطاع المصرفي في مرحلة الاستعداد لـ«ساعة الحساب». هذه المرة، لن تنفع كل محاولات التضليل الإعلامي التي قادتها ماكينة يُشرف عليها أصدقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير. وهي ماكينة توزّع نفوذها في أكثر من دائرة مؤثرة، سواء داخل القطاع نفسه وداخل مصرف لبنان ووزارة المالية، أو داخل مجلس الوزراء والمجلس النيابي وحتى الإدارة العامة. إضافة إلى النفوذ المتوقّع بين السياسيين والإعلاميين. المواجهة السابقة كان هدفها تعطيل خطة الحكومة للإصلاح المالي. صحيح أن مصرفيين أساسيين حاولوا في الأيام الأولى من عمر حكومة حسان دياب الدخول في نقاش مع الحكومة من أجل التوصل إلى صيغة قابلة للتطبيق. إلّا أن الحكومة لم تُظهر استعداداً عملانياً للسير في اتفاق يحظى بتوافق أطرافها، بينما كان أرباب القطاع المصرفي ينتظرون إشارة الحاكم الذي لم يتأخّر في إبلاغهم: اصمدوا، هذه الحكومة غير قادرة علينا!...... الذي حصل باختصار، أن مشروع إقالة رياض سلامة تعطّل بقوّة، لا سيما بعدما تراجع النائب جبران باسيل مُذعناً لرغبة الفريق الذي يضمّ الرئيسَين نبيه بري وسعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط والذي عارض إقالة سلامة بحجّة أن الفراغ ممنوع الآن. باسيل كان ينتظر أن يقود حزب الله المعركة ضدّ سلامة. الحزب غير المعجب على الإطلاق بسياسات سلامة لن يبادر. لديه ثوابته التي تحول دون قيادة المعركة، لكنه مستعدّ دوماً لدعمها متى اندلعت. الذين رفضوا إقالة سلامة، لديهم أسبابهم الكثيرة. ظاهريّاً، المشكلة عندهم تبدأ من كون بديله سيُعيّن برضى وبركة الرئيس ميشال عون. لكنّ الأساس، هو الشراكة الفعلية بين هؤلاء وبين سلامة الذي - للأمانة - لم يَخَف يوماً من هذه المنظومة، فهو يعرفها أكثر من نفسها وله عليها الكثير. ما فجّر الأزمة فعلياً، ليس الخلاف على الأرقام كما جرت محاولة اختزال القصة. لأن عملية احتساب الخسائر مهما جرى التلاعب بها، إنما تبقى في نهاية الأمر خسائر، وأي مقاربة جديدة لإدارة المالية العامة أو السياسة النقدية كانت ستكشف ما يُعمل دوماً على إخفائه. ولذلك فإن المعركة الحقيقية تركزت على سُبل منع التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان والمؤسسات التابعة له. وهو تدقيق كان ليشمل أيضاً حركة التحويلات المالية الكبيرة في السنوات الأخيرة، وهو ما كان سيؤدّي عملياً إلى إسقاط السرّية المصرفية عن نسبة الـ2.5 بالمئة من المودعين والذين يحملون غالبية الودائع الموجودة لدى المصارف. عدا عن كون التدقيق كان سيكشف من تلقاء نفسه عن «حكاية الصفقات» التي تملأ كلّ دوائر الدولة اللبنانية وفي القطاعَين الخاص والعام على حدّ سواء. ولو أن التدقيق تم على طريقة شركة «كرول»، لكنّا أمام مادة لسلسلة تلفزيونية شيّقة تمتدّ حلقاتها لأعوام. في أيام الاشتباك القوي، لم تكن المؤسسات الدولية تقف بعيداً عن النقاش. من البنك الدولي الذي صار محرجاً إزاء فضائح ستصيب فريقه الإداري أيضاً، نظراً إلى الأرقام الهائلة من المصاريف الإدارية التي كانت تُنفق، إلى صندوق النقد الدولي الذي كان أقرب إلى وجهة نظر الحكومة لاعتقاده الراسخ بأن حاكم مصرف لبنان كما المشرفين على المالية العامة إنما يتلاعبون بكل شيء ومنذ فترة طويلة. وصولاً إلى الجهات المانحة، ولا سيما فرنسا التي أُوكل إليها ملفّ الدعم الإنمائي من خلال برنامج «سيدر». كل هذه الجهات أوفدت مَن ناقش ودرس وسمع ودقّق. ومن المفارقات أنه في ظلّ الانقسام السياسي اللبناني حول تقييم موقع ودور حاكم مصرف لبنان، إلّا أن إجماعاً دولياً ظهر فجأة، على ضرورة تنحية الرجل، وتحميله مسؤولية رئيسية عن الأخطاء الكبيرة، سواء بسبب خضوعه لطلبات السلطات السياسية ثم شراكته معها، أو بسبب مشاركته أرباب القطاع المصرفي ألاعيبهم التي تمّت برعايته. علماً أنه للمرة الأولى، يوجّه موفدون دوليون نقداً لسلامة على خلفية استمرار عمله في الأسواق المالية العالمية بواسطة شركات مستقلة يديرها مقربون منه أو أقرباء، وهي الأعمال التي جعلت ثروته تكبر بصورة لافتة. علماً أنه يدافع عمّا قام به، وأنه كان يقوم باستثمار ما يملكه نتيجة عمله السابق، بصورة لا تتعارض مع موقعه ودوره، وأنه لم يستفِد بقرش واحد من العمليات الجارية ضمن نطاق عمله. ما يجري اليوم هو تثبّت الجهات على اختلافها، محلياً وإقليمياً ودولياً، من أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يعمل شخصياً على إطاحة سلامة. وهو يتجنّبه بصورة كاملة، والفريق الاستشاري العامل إلى جانب الرئيس الفرنسي لا يكنّ أي احترام - مهنيّ وحتى شخصي - لسلامة. مع الإشارة إلى أن فريق ماركون جلّه من المصرفيين الكبار، وبينهم سمير عساف، المصرفي الذي رُشّح مراراً لخلافة سلامة في حاكمية المصرف المركزي. ولو أن روايات كثيرة من أوروبا، لا تميّز عساف كثيراً عن سلامة. ومع ذلك، فإن ماكرون يعرف أنّ ليس بمقدوره القيام بخطوة كهذه بالطريقة التقليدية. و يعرف أنّ من الصعب عقد تسوية مع النافذين في بيروت لأجل الإطاحة بسلامة، فوجد أن الحلّ يكون بتسوية مباشرة مع سلامة نفسه، والذي أبلغ للمرة الأولى، من يهمّه الأمر، بأنه مستعدّ لمغادرة منصبه. لكنّه صارح محدّثيه بأنه لا يثق بأي من المسؤولين اللبنانيين في السلطة وخارجها، وأنه يعرفهم واحداً واحداً على حقيقتهم. وهو يخشى تعرّضهم لملاحقة سيعملون على تحويلها صوبه، ليس بقصد محاسبته، بل لتحويله إلى «كبش فداء». الجديد أن سلامة أبدى استعداداً للمباشرة في عملية تدقيق بالتعاون مع مصرف فرنسا المركزي، تشمل عمليات المصرف المركزي ومشروع إعادة هيكلة القطاع المصرفي، بالإضافة إلى أنه في حال ضمان الرئيس الفرنسي شخصياً عدم ملاحقته، فهو مستعدّ لترك منصبه ومغادرة لبنان فوراً. وسلامة الحريص على تكرار هذه اللازمة أخيراً، يعرف مسبقاً أن الجهات الدولية التي تدفع باتجاه التدقيق، إنما تستهدف الوصول إلى أرقام موحّدة حول الواقع المالي والنقدي في لبنان. يتصرف سلامة على قاعدة الثقة بأن هدف التدقيق محصور في هذه النقطة وليس هدفه تحميل المسؤوليات أو الإدانة والعقاب. أكثر من ذلك، فإنّ الـ«السنفور غضبان» ديفيد شينكر لم يترك جهة إلّا التقاها، بما في ذلك مندوبون أو متصلون بالقوى السياسية التي قال إنه لن يجتمع مع قياداتها. وكان للمصرفيين نصيب بارز من اللقاءات، وهو حرص على إبلاغهم بأنه يجب عدم المراهنة على عمليات التدقيق ولا حتى على العقوبات. لافتاً إلى أنه يخشى إحباطاً إضافياً عند الناس جراء مبالغة قوى سياسية حيال ملف العقوبات، لأن ما هو مطروح حتى الآن لن يطال الصف الأول بالتأكيد، بل سيطال مجموعات يمكن ربطها بقوى وجهات. لكن شينكر صار ميّالاً الى الحديث عن «انتهاء أيام رياض سلامة» على ما يقول أحد الملتقين به، وأن واشنطن متوافقة مع باريس على هذا الأمر، لكنها لا تمنح فرنسا أيّ تفويض بتعيين أو اقتراح تعيين حاكم بديل. وأن الرأي الخارجي الحاسم سيكون بيد صندوق النقد الدولي قبل أي جهة أخرى. لكن، ما لا يُقال أو لا يُشار إليه على أنه اتفاق ضمني، هو ما يبدو أن سلامة تعهد به، لجهة القيام بخطوات عملانية هدفها إنجاز بعض الأمور. يردّد أحدهم أن «سلامة سيقوم بخطوات تزعج حلفاءه في السوق، لكنها ضرورية لضمان الخروج المشرّف». بتعبير أوضح، يبدو أن سلامة وافق على تنفيذ عدد من طلبات الحكومة المستقيلة، لكن ضمن الإطار الذي يراه هو الأنسب. وخطة تعديل التموضع لديه، بدأت منذ صدور قرارات تعيين الأعضاء الجدد للمجلس المركزي لمصرف لبنان. دخول نواب الحاكم الجدد والآخرين من الأعضاء الحُكميين في المجلس المركزي، سمح بإشاعة أن المجلس المركزي الذي ظل معطّلاً لربع قرن، عاود العمل كفريق موسّع في الأسابيع الاخيرة. وأن سلامة نفسه بادر إلى إبلاغ أعضاء المجلس المركزي، أنه ينتظر منهم أفكارهم وتصوّراتهم لأجل الشروع في خطوات «إصلاحية».

في هذا السياق، يعرف سلامة أنه مضطر إلى عمليات قد تتسبب بأذية بعض أصدقائه المصرفيين. وربما تصيب مصالح بعض كبار المودعين الذين يعرفهم سلامة تمام المعرفة بالأسماء والأرقام الموجودة في حساباتهم. وهو أيضاً «خبير محلّف» بالقوانين المالية، وكيفية التطبيق الدقيق أو الجانبي لجميع بنود قانون النقد والتسليف، بالإضافة إلى خبرته الطويلة في لعبة التعاميم المصرفية التي يجب جمعها في كتاب لأجل تاريخ لبنان.

التعميم 154 ورسملة المصارف

جديد الوضع المصرفي، التعميم الذي أصدره الحاكم يوم 27 آب الماضي، ويحمل الرقم 154، والذي يفرض بموجبه على المودعين الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج بين تموز عام 2017 والشهر الماضي، إعادة تحويل جزء منها تتراوح نسبته بين 15 و30 بالمئة إلى المصارف اللبنانية من الخارج. على أن يجري تجميد هذه المبالغ لخمس سنوات لدى القطاع المصرفي وترك أمر الفوائد للتفاوض بين المودع والمصرف. على أن تعمد المصارف إلى استعمال هذه الودائع الجديدة في تغذية السوق العطِش للأموال الطازجة، خصوصاً أن مصرف لبنان بدأ يرفع الصوت من عدم قدرته على توفير دولارات كافية لتغطية الدعم المطلوب لسلع رئيسية من قمح ومحروقات ودواء. بالإضافة إلى ذلك، ذكّر سلامة المصارف بوجوب زيادة رساميلها من خلال توفير مبالغ إضافية تصل إلى عشرين بالمئة من قيمة الرساميل الحالية، على أن يكون هناك جدول زمني لتوفير هذه المطلوبات ينتهي مطلع العام المقبل. وأرفق هذا الطلب بتوضيح أن المصارف التي لا تقدر على تنفيذ هذه العملية ستحال إلى المجلس المركزي لاتخاذ القرار بشأن أن تبقى أو تخرج من السوق.

تضارب في التقديرات حول حجم الأموال الممكن إعادتها حسب التعميم 154 وخبراء يخشون انهياراً إضافياً لليرة

ردة الفعل على التعاميم لن تكون متطابقة، الأمر هنا لا يتعلق بالحسابات المباشرة فقط، بل في كيفية تعامل الجمهور مع الأجراء. في الشكل، سيبدو لقسم من الجمهور، أن التعميم الهادف الى إعادة استقطاب دولارات طازجة من الخارج، يمثل استجابة من الحاكم لمطالب قوى سياسية وتيارات شعبية التي تقع تحت بند «استعادة الأموال المنهوبة». والفكرة تصبح مغرية - أيضاً في الشكل - كون التعميم يشمل كل الذين حولوا أموالهم من صيف عام 2017. والمهم في هذه الفترة، هو حجم الأموال التي خرجت من لبنان إثر اعتقال السعودية الرئيس سعد الحريري في الرياض. ثم الأمر نفسه الذي تعاظم في عامي 2018 و 2019 ربطاً بالتدهور المتسارع للأحوال النقدية والمالية والاقتصادية في لبنان، وصولاً إلى ما جرى في الأشهر الأخيرة التي سبقت أزمة القطاع بعد 17 تشرين. في هذا السياق، يتحدث مصرفيون عن مبالغ كبيرة جداً، وأن الآلية التي تفرض استعادة بين 15 و 30 بالمئة، يقدّر لها أن تعيد مبالغ كبيرة. وهنا يُظهر مصرفيون تفاؤلاً مبالغاً فيه حيال إمكانية استعادة نحو خمسة مليارات دولار، بينما يرى خبراء أن مثل هذه العملية لن تعيد إلا بضع مئات من ملايين الدولارات. المصرفيون يعتقدون أن القرار قابل للتطبيق. وأن النقاش حول قانونيته لن يغيّر من قوته. صحيح أن المبدأ يقول بأنه لا يمكن لمصرف أن يُجبر مودعاً على إعادة أمواله إلى المصرف وتجميدها، لكن تعميم سلامة يخيّر المودعين بين أمرين: إما إعادة هذا الجزء، أو إحالة الملف إلى هيئة التحقيق الخاصة لأجل التدقيق في الأموال وأصولها وأسباب تحويلها إلى الخارج. وبحسب المصرفيين أنفسهم، فإن هذه العملية تعني عملياً رفع السرية المصرفية عن هذه الحسابات، وهي خطوة شديدة الحساسية بالنسبة إلى عدد كبير جداً من كبار المودعين. كما أن الاشتباه بالملف من قبل هيئة التحقيق الخاصة سيؤدي إلى مضاعفات يعتقد البعض أنها كافية للضغط على أصحاب الودائع الكبيرة من أجل إعادة بعض ما حولوه إلى الخارج.

التدقيق في حسابات مصرف لبنان هدفه توحيد أرقام الخسائر... ولا توقّعات بالمحاسبة

وبحسب أصحاب هذا الرأي فإن المصارف نفسها صارت أمام مسؤولية لم تكن تواجهها من قبل. فهي الآن مضطرة لإجراء جردة واسعة وشاملة ودقيقة ورسمية لكل عمليات التحويل التي تمت في الفترة الواردة في التعميم. والآلية تفرض على المصارف المسارعة إلى إبلاغ المودعين بالتعميم والطلب إليهم الالتزام بإعادة المبالغ وفق النسب المفروضة. وفي حال لم يجرِ الالتزام فإن المصارف ملزمة بإبلاغ مصرف لبنان بأسماء من رفض الالتزام، وهي لائحة ستذهب فوراً الى هيئة التحقيق الخاصة، والتي يتوقع أن تطلب رفع السرية المصرفية عن حسابات هؤلاء وعن كامل حركة حساباتهم خلال فترة زمنية تحددها الهيئة وقد لا تكون مقتصرة على الفترة الزمنية الواردة في التعميم. وعندها ستكون المصارف ملزمة بالتعاون، لأن الإحالة من هيئة التحقيق الخاصة تعني الاشتباه بوجود عمليات احتيال على القانون الضريبي أو حصول علميات تبييض للأموال. ويعتبر المدافعون عن التعميم، أنه يحقّق عملياً هدف الحكومة المستقيلة من بعض الوارد في خطتها، لكن الفارق أن قرار الحكومة كان يتطلّب إدخال تعديلات على 31 قانوناً مرتبطاً بالأمر النقدي والمالي. بينما يتيح هذا التعميم تنفيذ العملية، برغم كل النقاش حول قانونيته.

تهريب أموال جديدة؟

ما يرفض المصرفيون الإقرار به، أو حتى تقديم إجابات حاسمة حوله، هو المعلومات التي يجري تداولها على نطاق ضيق منذ أسابيع، حول حصول عمليات تحويل لمبالغ ضخمة تخص فئات محددة من رجال السياسة والأعمال والمال إلى الخارج. ويفيد مصدر واسع الاطلاع على هذه العمليات، أنّ نحو 5 مليارات دولار أميركي تم تحويلها إلى الخارج منذ مطلع عام 2020 حتى أواخر آب الماضي. وأن هذه المبالغ تعود إلى سياسيين ورجال أعمال وأصحاب أسهم في المصارف أو أعضاء في مجالس إدارتها. حتى إن بعض الجهات صار لديها لوائح بأسماء غالبية الذين أجروا تحويلات بسبب نفوذ سياسي أو وظيفي أو خلافه. وإن مصرف لبنان يحاول إخفاء الفضيحة من خلال التعميم 154 الهادف الى توفير ما يغطي هذه الفجوة. ويقول المصدر إن هناك معلومات موثوقة عن أن مصرف لبنان خسر أقل من 2.8 مليار دولار من الاحتياطي الموجود لديه في عملية الاستيراد للمواد المدعومة منذ مطلع العام، بينما أرقامه المعلنة تفيد عن خسارة خمسة مليارات إضافية من هذا الاحتياطي من دون شرح. صحيح أن المصرف المركزي حاول سابقاً فرض شروط قاسية على المصارف لأجل توفير سيولة لها بالدولار الأميركي، لكنه عملياً وفّر لها كميات كبيرة من الأموال الموجودة في الخارج، وهي الأموال التي استخدمتها المصارف لإجراء عمليات التحويل لعدد من المحظيين. بالإضافة الى سؤال قائم اليوم حول قدر الأرباح التي حققها تجار كبار في البلاد، استفادوا من برنامج الدعم، لكنهم لم يخفّضوا الأسعار على الإطلاق.

سعر الدولار

على أن الأهمّ اليوم، هو الحديث عن قبول سلامة ومسؤولين في الدولة التزام وصفة صندوق النقد لجهة سياسة الدعم. وهذا يعني ليس وقف دعم السلع الأساسية من قِبل مصرف لبنان كما هو حاصل اليوم، بل رفع القيود أيضاً عن السعر الرسمي للدولار الأميركي، خصوصاً في حال لجأ مصرف لبنان والمصارف مرة جديدة الى محاولة إرضاء المودعين بصرف حقوقهم المودعة بالدولار الأميركي، لكن بالليرة اللبنانية. وهذا سيؤدي حكماً إلى البحث من جديد عن كميات أكبر من الدولارات في الأسواق وفي البيوت أيضاً، ما يعني أن سعر الدولار الفعلي سيترفع بنسبة 35 بالمئة على الأقل عن سعره المتداول اليوم في السوق السوداء. مع العلم، أن أحد أبرز الخبراء في السياسات النقدية يرفض فكرة «استشارة أحد» حول مستقبل سعر العملة الوطنية. ويقول: المشكلة أنّ لبنان يحتاج الى عشرات مليارات الدولارات حتى يستعيد توازنه، لكن ذلك لن يعالج أزمة الثقة الهائلة بالدولة والقطاع المصرفي، ما يعني أن إعادة الدماء إلى القطاع المالي في لبنان أمر غير متوقع في القريب، حتى ولو انطلقت الإصلاحات.

واشنطن تستعد للتعامل مع لبنان... كـ«دولة فاشلة»

إمكانية الإصلاح تبدو منعدمة... ووكالاتها تتحضّر للتعامل مع انهيار كبير

الراي....الكاتب:واشنطن - من حسين عبدالحسين .... قد لا يقولها المسؤولون الأميركيون صراحة. وقد تقتصر تصريحات مساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر، أثناء زيارته إلى بيروت، على تصريحات سياسية حول كيفية التعامل مع «حزب الله»، الذي تصنفه الولايات المتحدة، تنظيماً إرهابياً، ومع حلفاء للحزب، هدد بفرض عقوبات عليهم. ما لا يقوله المسؤولون علناً، ولكن تعكسه تصرفات الحكومة الأميركية إدارياً، أن واشنطن بدأت تستعد للتعامل مع لبنان كـ«دولة فاشلة». في العقد الماضي، كانت الولايات المتحدة تخصص برامج مساعدات للحكومة والمنظمات غير الحكومية، على اعتبار أن لبنان دولة نامية. المشاريع الأميركية تضمنت رعاية التنمية الاجتماعية وإصلاح مؤسسات الدولة. مثلاً، منحت واشنطن عقوداً لجمعيات تنموية قامت بدراسات حول وضع المرأة في لبنان، وعقدت مشاريع لتدريب القادة من النساء اللبنانيات. كما موّلت الإدارات المتعاقبة مشاريع تدريب على إدارة الانتخابات، وتطوير عمل الجمعيات التي تقوم بمراقبة الانتخابات. على مدى السنة الماضية، تغيرت رؤية البيروقراطية الأميركية تجاه الوضع اللبناني، وقامت الإدارة - بقرار تقني بحت وغير سياسي - بتغيير المشاريع التي تدعمها في لبنان، من تنمية مجتمعية وإصلاحات إدارية، إلى مشاريع احتواء الأزمات والكوارث، من انفجار مرفأ بيروت، في الرابع من أغسطس الماضي، إلى الفقر والجوع الذي يصيب، حاضراً ومستقبلاً، عدداً كبيراً من اللبنانيين والمقيمين في لبنان. هكذا، لم تعد «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» (يو اس ايد) تستدرج عروضاً من مؤسسات التنمية الأميركية المتخصصة بشؤون الانتخابات، أو شؤون المرأة، أو الإصلاح الإداري، بل قامت بنقل الأموال المرصودة للبنان إلى «مكتب المبادرات الانتقالية» (أو تي آي)، المعني بمكافحة الأزمات في مناطق الصراع وتقديم المساعدات الإنسانية الطارئة. وعلى موقعه، يعرّف المكتب الأميركي عن نفسه بأنه يقدم «مساعدة سريعة، ومرنة، وقصيرة الأجل، تستهدف التحول السياسي الأساسي واحتياجات الاستقرار». وتضيف الصفحة التعريفية أن «مكتب المبادرات الانتقالية» تم تصميمه بشكل إستراتيجي للتعامل مع كل حالة على حدة، ودعم التنمية من خلال تعزيز المصالحة، وتحفيز الاقتصادات المحلية، ودعم وسائل الإعلام المستقلة الناشئة، وتعزيز السلام والديموقراطية… «في البلدان التي تنتقل من الاستبداد إلى الديموقراطية ومن العنف إلى السلام»، أو في الدول التي تعيش في «سلام هش». ولا تعتقد الوكالات الحكومية الأميركية، أن لبنان يعاني من اهتزاز الأمن السياسي فيه، لكنها تخشى اهتزاز الأمن الاجتماعي وارتفاع معدلات الفقر والجريمة، وهو ما يحوّل البلاد إلى أرض خصبة لنشوء تنظيمات إرهابية في السنوات المقبلة. لهذا، سارعت وكالات التنمية في إيفاد مدير «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» جون برسا إلى بيروت، في الأيام التي تلت انفجار المرفأ، الذي نجم عن نحو 2700 طن من مواد نيترات الأمونيوم. وذكرت الوكالة في بيان، أنه أثناء تواجده في لبنان، قام برسا بالإشراف على جهود الوكالة في استجابتها للكوارث، وعمل على تقييم الوضع على الأرض، والتقى فريق الاستجابة للمساعدة في حالات الكوارث، والذي تم نشره في بيروت في السابع من أغسطس لقيادة جهود الاستجابة الإنسانية الأميركية. وأضافت أن فريق الوكالة يعمل على «تقييم الضرر وتحديد الاحتياجات الإنسانية وتنسيق الجهود لتقديم المساعدة الفورية». في هذا السياق، التقى المسؤول الأميركي في بيروت مع مسؤولي «برنامج الأغذية العالمي»، وتم التنسيق لتقديم مساعدات غذائية لـ 300 ألف شخص تضرروا من انفجار المرفأ. كما قدمت الوكالة «إمدادات طبية طارئة لدعم 60 ألف شخص لمدة ثلاثة أشهر». قد ينشغل السياسيون والمعلقون في لبنان، كما في عواصم العالم، بالعناوين السائدة حول سلاح «حزب الله» والفساد الإداري والانهيار الاقتصادي. لكن وكالات الإغاثة والتنمية في الولايات المتحدة وحول العالم، تدرك أن الأزمة التي يواجهها لبنان أعمق بكثير من الأزمات السياسية، وأن الأزمة المعيشية قد تتطلب تدخلاً إغاثياً دولياً واسع النطاق للحد من إمكانية اندلاع مجاعة. ويعتقد الخبراء الأميركيون، أن الأمور في لبنان ستمضي بالتدهور بوتيرة أسرع مع مطلع العام المقبل، وهو الموعد الذي تتوقع فيه غالبية الاقتصاديين اللبنانيين والدوليين نفاد آخر احتياطات النقد الأجنبي في لبنان، وهو ما سيؤدي إلى رفع الدعم الحكومي عن المواد الغذائية الأساسية، ويضع هذه المواد خارج متناول مئات الآلاف، بل الملايين، في لبنان. ومع مضي العملة اللبنانية في التراجع، يصبح راتب القوى الأمنية والموظفين الحكوميين بلا قيمة، وهو ما يفاقم من الفساد ويسرّع من كل أنواع الجرائم. لهذا السبب، تستعد وكالات واشنطن للتعامل مع انهيار كبير، وهو ما يتطلب تدخلاً على غرار التدخل في «الدول الفاشلة» حول العالم والتي يتهدد الجوع سكانها الذين يعانون من الفقر وارتفاع معدلات الجريمة. أما إمكانية الإصلاح في لبنان، فتبدو منعدمة - حسب رأي الخبراء ومسؤولي وكالات الإغاثة الأميركيين - لأنها ترتبط بأزمة إقليمية كبرى، أي سلاح «حزب الله»، الذي يراه الخبراء، غير دستوري، والذي يدفع الحزب إلى تقديم الحماية للمسؤولين الفاسدين للسكوت عنه، ويمضي السلاح والفساد في حماية بعضهما البعض. المسؤولون الأميركيون من أمثال شينكر، ومن هم أرفع منه مرتبة، يتحدثون في شؤون السياسة المرتبطة بالمنطقة ولبنان، لكن مسؤولي وكالات الإغاثة الأميركيين والأممين يتباحثون - بعيداً عن الأضواء - في كيفية احتواء ما يرونها كارثة إنسانية مقبلة على اللبنانيين، «من دون ضوء في آخر النفق»، وهو التعبير الأميركي الموازي لـ «من دون حل في الأفق».....

هنية يهدّد إسرائيل من لبنان: نملك صواريخ لندكّ بها تل أبيب وما بعدها

مَراكب مُهاجرين إلى قبرص والطبقة السياسية لم تغادر «مرْكب» صراعاتها

الراي....الكاتب:بيروت - من وسام أبو حرفوش,بيروت - من ليندا عازار .... ... في الوقت الذي تحاول المبادرة الفرنسية «رفْعَ أنقاضِ» الواقعِ اللبناني المتداعي على كل المستويات مع تسليمٍ اضطراري بالتعاطي مع الطبقة السياسية «المنزوعة الثقة» الدولية لإطلاق المرحلة الانتقالية - التقنية من مسار النهوض الصعب، تلوح في الأفق عملية «حفْرٍ» حول مسعى باريس وعلى طريقة «ربْط نزاع» وأكثر مع المرحلة الثانية السياسية التي تنتظر أن تتسلّم الولايات المتحدة «العصا» لإكمال السباق نحو تغييرٍ في وضعية «حزب الله» خارج الدولة... وفي الوقت الذي يعمل الرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة مصطفى أديب على استيلاد تشكيلةٍ تعطي الإشارة الأولى إلى أن «الزمن الأوّل تحوّل» في اتجاه حكومة إصلاحاتٍ مُجَدْولة زمنياً وفق أجندة الرئيس ايمانويل ماكرون بما يفتح الباب أمام «تمويلٍ تشغيلي» للدولة التي باتت في خانة المُفْلِسة، يَبْرُزُ أكثر من مؤشّر إلى أن السلطةَ ما زالت في «المقْلب الآخَر» لضفة الإنقاذ المشروط الذي يُخشى أن لا يقوى على «الثقب الأسود» من الفساد والمحاصصة المتوحّشة. هكذا بدا المشهد أمس في بيروت التي تلقّت بارتياب كبيرٍ تطوريْن يثيران القلق من أفق المرحلة المقبلة، وهما:

  • الإطلالةُ النافرة لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية من لبنان على واقع الصراع مع اسرائيل من الزاوية الفلسطينية، وتحت جناح «محور المقاومة» ومن ضمن تَمَحْوُرٍ بوجه التطبيع مع تل ابيب، في ما بدا أنه رسائل مبكرة برسْم «التتمة» الأميركية للمسعى الفرنسي والتي لن تغيب أساساً عن فرصة الأشهر الثلاثة التي ترغب باريس خلالها بتحقيق اختراقٍ في مسار الإصلاحات الإدارية والمالية والسياسية، وهو ما سيتجلى في العقوبات الأميركية المرتقبة هذا الأسبوع على بعض الشخصيات ورجال الأعمال من حلفاء «حزب الله» على وهج تأكيد واشنطن أنها لا ترغب بحكومةٍ يشارك فيها الحزب.

ورأت مصادر متابعة في زيارة هنية التي جاءتْ أساساً للمشاركة في المؤتمر الذي عقدتْه الفصائلُ الفلسطينية على مستوى الأمناء العامّين في رام الله وبيروت بالتزامن، رمزيةً كبيرةً في الوقت الذي يصارع لبنان لالتقاط حبْل النجاة الخارجي واستعادة شيء من التوازن بقوةِ الحضور الدولي العائد بعدما كانت البلادُ انزلقتْ إلى غزة ثانية بفعل انكشاف سقوطها في المحور الإيراني، معتبرة أن شكل الزيارة ومضمون مواقف القيادي الحمساوي فيها لا يمكن قراءتهما إلا على أنهما محاولة لتوريط لبنان الرسمي وتفخيخِ أقلُّه الشق الثاني من المبادرة الماكرونية عبر المزيد من إغراق بيروت في التمحور الاقليمي خارج السياق العربي وتثبيت التموْضع الاستراتيجي وتعميقه. وفي موازاة اللقاء البارز لهنية مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والذي خلص إلى «تأكيد ثبات محور المقاومة وصلابته في مواجهة كل الضغوط والتهديدات» و«متانة العلاقة بين حزب الله وحركة حماس والقائمة على أسس الايمان والأخوة والجهاد والمصير الواحد، وتطوير آليات التعاون والتنسيق بين الطرفين»، لم تقلّ دلالة الزيارة الأولى لقيادي من هذا المستوى في «حماس» لمخيم عين الحلوة في صيدا حيث كانت مظاهر احتفالية كبيرة وعراضة مسلّحة احتفاءً بالزائر الذي كان له استقبال شعبي حاشد وحُمل على الأكتاف وقيل إن محطته جاءت بالتنسيق مع حركة «فتح». ولم يتوانَ هنية من عين الحلوة عن وصْف المخيمات بأنها «قلاع المقاومة وستبقى»، معلناً في «رسائل صاروخية»: «أتيناكم من غزة نظريات الردع، غزة صواريخ القسام وصواريخ فصائل المقاومة، غزة الحرة رغم المؤامرات والحصار، أتينا لنقول لكم من عين الحلوة، من عين اليقين، من عين النصر من مخيمات لبنان إن الأرض لنا والقدس لنا وفلسطين لنا. والمقاومة في قطاع غزة تملك صواريخ لتدكّ بها تل أبيب وما بعد تل أبيب».

  • المعركة المتجددة بين فريقيْ رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري على تخوم ملف يُعتبر محورياً بالنسبة لفرنسا وصندوق النقد الدولي في عملية الإصلاح ويتمثّل في التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان.

فقد أثار توقيع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني ثلاثة عقود، تتعلّق بالتدقيق الجنائي مع شركة Alvarez& Marsal والتدقيق المالي والحسابي مع شركتي Oliver Wyman وkpmg، من دون الأخذ بطلب الرئيس عون تعديل العقد مع الأولى وإدخال مجموعة egmont الدولية كعضو في اللجنة اللبنانية الموكل إليها مراقبة متابعة عمل شركة التدقيق الجنائي، استياءَ قصر بعبدا وسط تسريباتٍ عن اتجاهٍ لطلب إعادة التفاوض مع الشركة «لتحسين الشروط التعاقدية» مع اتهامٍ لوزني بإدخال تعديلات جوهرية وأساسية في عقد التدقيق الجنائي وعدم الأخذ بجميع ملاحظات هيئة التشريع والإستشارات.

وقد ردّ وزني أمس موضحاً انه «أخذ بغالبية ملاحظات هيئة التشريع باستثناء الملاحظة المتعلقة بمجموعة إيغمونت ذلك أن الحكومة فوّضت وزير المال توقيع عقد التدقيق الجنائي مع Alvarez ولم تطلب منه التفاوض مع طرف ثالث اي Egmont وهي منتدى أو منظمة عالمية مثل مجموعة العمل المالي وصندوق النقد الدولي مؤلفة من 165 وحدة استخباراتية مالية هدفها تبادل المعلومات المالية والتدريب وعمليات تبييض الاموال وتمويل الارهاب ولبنان عضو فيها عبر هيئة التحقيق الخاصة. هذه المجموعة ليس لها علاقة بالتدقيق الجنائي وغير معنية بالعقد. والفضيحة الكبرى هي مَن أصرّ على زج اسم Egmont في العقد وما أهدافه وأسبابه»، كاشفاً أنه لن يطلب من Alvarez «المباشرة في عملها ولن يشكل اللجنة الثلاثية التي نصّ عليها العقد لمتابعة التدقيق المالي وسيترك هذه المهمة للحكومة الجديدة».

وتعرب أوساطٌ سياسية عبر «الراي» عن مخاوف من أن تكون عودة التجاذبات حول التدقيق الجنائي مؤشراً إلى أن النهج الذي يحكم تعاطي الطبقة السياسية مع مجمل الملفات لم يتبدّل رغم وهج المبادرة الفرنسية وضغط الحدّ الأقصى لتأليف حكومةٍ بذهنية جديدة ومَهمة إصلاحٍ بنيوي وهيكلي كما في السلوك السياسي، وهو الضغط الذي تواكبه باريس على نحو حثيث عبر خلية الأزمة الديبلوماسية الثلاثية التي شكلها ماكرون لضمان الالتزام بالجدول الزمني المحدد الذي يبدأ بتشكيل الحكومة خلال 15 يوماً (بقي منها 9 أيام) بما يعكس روحية التغيير. وإذ كان الملف الحكومي يراوح أمس في دائرة الاستطلاع التي تنتقل في الأيام المقبلة إلى محاولة حسْم هيكل الحكومة وطبيعتها في ظلّ تَرَقُّب كبير لما إذا كان الحَذَر المتبادل بين مختلف الأفرقاء المعنيين بهذا الملف هو في إطار انتظار أوّل مَن سيطرح ما يريده وفق زمنِ ما قبل المبادرة الفرنسية ليُلقى على عاتقه تبعة جرّ الآخَرين للثبات في مواقعهم وحصصهم، ترى الأوساط أن لبنان يقف على مشارف مرحلة صعبة فمسار تمويل وقف موته السريري عبر مؤتمرات الدعم يمرّ حكماً ببلوغ اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي بالشروط الإصلاحية المعروفة التي يتعيّن على الطبقة السياسية - «الداء» أن تجد لها «الدواء»، في حين أن تمويل النهوض الفعلي، بدعم عربي وخليجي، له مسارٌ آخَر يرتكز على أبعاد سياسية وفي مقدّمها الحدّ من تأثير «حزب الله» في القرار اللبناني ووقف انخراطه في أزمات المنطقة وهو ما بدا أن عملية تطويقه بدأت مع مَظاهر انتقال غزة إلى لبنان. وفي حين كان لبنان ينشغل أمس بارتسام مشهد مراكب المهاجرين غير الشرعيين من أبنائه إلى قبرص اليونانية التي انتشرت صور لشبان قيل إنهم من طرابلس توجهوا إليها بحراً عبر التهريب قبل أن يُعلن أن السلطات القبرصية قامت بإرجاعهم (30 لبنانياً وثلاثة سوريين) وأن مجموعة ثانية من 51 مهاجِراً كانت وصلت السبت ونزلت في المنطقة العازلة في منطقة كاباريس وعبروا إلى المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة القبرصية، لفت كلام وزير الخارجية الفرنسي جان - ايف لودريان أمس الذي كرر أن على «كل فريق أن يقوم بدوره، وعلى اللبنانيين تنفيذ الإصلاحات وعلى فرنسا التأكيد عليها»، مشدداً على أنّ «المجتمع الدولي ثمّن جهود الرئيس ماكرون ودعمها، إن كان على مستوى الأمم المتحدة أو حتى الفاتيكان».

هنية يلتقي نصر الله: صواريخنا تطال ما بعد تل أبيب

الاخبار...تقرير قاسم س. قاسم .... للمرة الأولى، يزور قيادي فلسطيني من الصف الأول مخيمات اللاجئين في لبنان؛ إذ رغم زيارة قيادات فلسطينية سابقة للبنان، إلا أنه لم يجُل أي منهم في أزقة المخيمات. رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، وابن مخيم الشاطئ الواقع غرب مدينة غزة، سار في أزقة مخيم عين الحلوة، أكبر المخيمات في الشتات، وزار بعض منازله حيث التقى بلاجئين مثله، ليطّلع على أحوالهم عن كثب. توجه هنية الذي كان في استقباله سكان المخيم إلى جامع خالد بن الوليد. هناك تحدث بلهجته الغزاوية معهم وقال إن «شعوب المنطقة تعيش همومها الخاصة، لكنها تجتمع على فلسطين والقدس»، معتبراً أن «قطار التطبيع لا يمثل شعوب الأمة». وأكد أن «حق العودة حق مقدس ولا يحق لأي مسؤول أو زعيم أن يتنازل عنه»، مشيراً الى أن مخيمات الشتات هي «مخيمات الثبات ورمز القضية ومقاومة الشعب، رغم ما تعانيه من إجراءات الفقر والألم والجوع». وشدد على أن «مخيمات الشتات هي قلاع المقاومة ومنها صنعت الأحداث الكبرى وخرج منها الأبطال، وفيها ظلت القضية حية»، مؤكداً أن «المقاومة في غزة تمتلك صواريخ لتدك بها تل أبيب وما بعد تل أبيب». وسبق زيارة هنية للمخيم، لقاء جمعه والوفد المرافق بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، حيث جرى استعراض مفصل لمجمل التطورات السياسية والعسكرية في فلسطين ولبنان، وما تواجهه القضية الفلسطينية من صفقة القرن ومشاريع التطبيع الرسمي العربي مع العدو. وأكد المجتمعون «ثبات محور المقاومة وصلابته ومتانة العلاقة بين حزب الله وحركة حماس، والقائمة على أسس الإيمان والأخوة والجهاد والمصير الواحد، وتطوير آليات التعاون والتنسيق بين الطرفين». إلى ذلك، ينهي «أبو العبد»، بحسب البرنامج الرسمي، زيارته إلى لبنان، اليوم، بلقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

 



السابق

أخبار وتقارير.....فورين بوليسي: الأمل انتهى في الشرق الأوسط.. ولا سيناريو إيجابيًا للبنان....غوتيريش يحذّر من خطر المجاعة في 4 دول منها اليمن...الهند والصين تتفقان على تخفيف التوتر على الحدود... واشنطن تنجح في «تطبيع تاريخي» بين صربيا وكوسوفو....برلين تهدد بيلاروسيا بعقوبات جديدة ..تركيا تطلق اليوم مناورات «عاصفة البحر المتوسط»....أكاديميون: أي حرب باردة تعني ظهور كتلتين عالميتين جديدتين..الصين تحاول إنهاء نظام الهيمنة الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة...

التالي

أخبار سوريا....تمشيط البادية السورية بحثاً عن خلايا «داعش» بإسناد مكثف من الطيران الروسي...وفد روسي بارز لمحادثات «استثنائية» اليوم في دمشق بهدف إحياء العملية السياسية وإنقاذ الاقتصاد السوري...الحرائق تلتهم قلب سوريا.....

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,063,510

عدد الزوار: 6,750,872

المتواجدون الآن: 109