عام على روسيا في سورية... هل تملك موسكو القرار في دمشق؟

تاريخ الإضافة السبت 1 تشرين الأول 2016 - 6:19 ص    عدد الزيارات 1284    التعليقات 0

        

 

عام على روسيا في سورية... هل تملك موسكو القرار في دمشق؟
تقرير / ماذا تغيّر... وما النتائج؟..
الرأي...تقارير خاصة ...  كتب - ايليا ج. مغناير
عندما قرّر الدب الروسي التدخل في الحرب الدائرة رحاها في سورية، أرسل أسراباً قليلة من طائراته وزجّ بالجزء البسيط جداً من قوّته العسكرية القادرة أساساً على تدمير العالم بأجمعه مرات متعددة. الا ان هذه القوة الصغيرة جداً ولكن الفعالة على الساحة السورية، استطاعت رسْم حدود متحرّكة وقلبتْ الميزان العسكري لمصلحة النظام السوري وحلفائه فانتقلوا من موقع دفاع الى موقع الهجوم على جبهات متعددة ومحاور اشتباك متنوعة من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب.
ولكن هل تملك روسيا القرار في سورية؟
عندما قرّرت الولايات المتحدة بدء الحرب على سورية وإرسال المقاتلات والقوات بدعم بعض حلفائها الأوروبيين في بداية عام 2015 وعلى خلفية اتهام دمشق باستخدامها أسلحة كيماوية، لم يكن حينها لروسيا النية بالتدخل في الحرب السورية، بل عملت كوسيط بين ايران والولايات المتحدة، قبل ان تبلغ طهران الى موسكو أنها مستعدة للزجّ بكل قواتها في سورية وانها ستفتح باب جهنّم على اسرائيل وسيكون «حزب الله» اللبناني جزءاً لا يتجزأ من المعركة التي لا سقف لها ولا خطوط حمرا. وعندها اضطرت الدول العظمى لإيجاد مخرج للأزمة بسحب السلاح الكيماوي من سورية نهائياً.
وفي منتصف السنة، زار الجنرال الايراني وقائد الحرس الثوري قاسم سليماني موسكو مرات عدة ليبلغ روسيا ان حلفاء دمشق سينسحبون الى داخل المدن الكبرى: اللاذقية - طرطوس - حمص - حماة - دمشق، وكذلك أبلغ الطرف الايراني ان اللاذقية في خطر وان القاعدة العسكرية الروسية لن تكون بمنأى عن الصواريخ التي تملكها المعارضة ومعها الجهاديون، وان النظام السوري لم يعد يملك المبادرة العسكرية على الجبهات. ووجدت موسكو ان هناك المئات من التنظيمات السورية ذات المشارب المختلفة لا يجمع بينهم سوى العداء للرئيس بشار الأسد وعدم اكتراثهم للبنية التحتية السورية ولا لمصير سورية كدولة موحدة. واستخلص الطرفان ان سورية أصبحت مشروعاً اميركياً بامتياز لتقسيم البلد الى دويلات وان «الشرق الاوسط الجديد» تتسارع خطاه وان المصالح الاستراتيجية الروسية - الايرانية في خطر، ولا سيما انه لا توجد معارضة موحدة الأهداف والقيادة للتفاوض معها والتعرف على أهدافها عن كثب. فأرسلت موسكو تسونامي «السوخوي» الى سورية، لتبدأ المعركة الاقليمية - الدولية في بلاد الشام. وعندما تدخلت روسيا لتنقذ اللاذقية وأريافها وحلب وأريافها ودمشق وأريافها وأوقفت الهجوم في الجنوب السوري، عمدت وسائل الاعلام الغربية - خصوصاً الاميركية منها - الى نشر عشرات المقالات والدراسات ان «روسيا فشلت» وان «روسيا دخلت المستنقع السوري»... وان «التدخل الروسي سيحوّل كل المعارضة الى جهاديين لينضموا الى تنظيمي»الدولة الاسلامية«(داعش) او القاعدة (النصرة سابقاً)».
وعلى مدار سنة كاملة، استطاعت عشرات الطائرات الروسية - التي تشكل جزءاً لا يذكر من الترسانة الروسية - وأقل من عشرة ضباط روس قُتلوا على الارض السورية، تغيير كل المعادلات على الأرض لمصلحة الجيش السوري وحلفائه، لتُحرج واشنطن وتظهر على انها لم تعد الشرطي الوحيد في العالم بل استيقظ الدب الروسي من نومه العميق ليستعيد مركزه الدولي وفي الساحة الشرق اوسطية.
ولمبدأ المقارنة، فقد تدخلت الولايات المتحدة منذ عامين، مع حلفائها العرب والغربيين، بقصف «داعش» في سورية ليخسر هذا التنظيم 20 في المئة من الاراضي المسيطَر عليها. الا ان هذه الاراضي تشمل كويرس وتدمر والبادية وريف حمص التي استعادتها دمشق بمساعدة روسيا والحلفاء. بينما أوقفت روسيا جزءاً كبيراً من الحرب في الجنوب السوري واستعادتْ مساحة كبيرة لمصلحة الأسد ودخلت في المفاوضات الديبلوماسية لتحاول النجاح على رغم بذل واشنطن كل الجهد لإفشال روسيا في مسعاها.
واستطاعت موسكو فرض وقف النار على دمشق وطهران وحلفائها مرتين وسط امتعاضهم. ففي المرة الاولى، اشترت واشنطن الوقت الكافي للمعارضة والجهاديين واستطاعوا قلب موازين متعددة في الميدان العسكري السوري، ولا سيما حول حلب وفي ريف حمص وارياف اللاذقية. ولم تكترث موسكو لتململ حلفائها وقالت لهم انها ليست طرفاً دينياً ولا عقائدياً بل لديها مصالح دولية تتعامل معها وانها تعلن وقف النار حين ترى هي الوقت المناسب لذلك او تطلب دفع المزيد من القوات حسب مقتضيات المعركة. وقبِل الحلفاء كلهم من دون استثناء بذلك، لتكون لموسكو الكلمة الموحدة في سورية.
إلا ان روسيا رفضت ان تستغلّ اميركا رغبتها بوقف الحرب وفهمت ان واشنطن - بعد كل اتفاق وقف نار - تتألّم لخسارة المعارضة والجهاديين لا سيما في مدينة حلب ومحيطها، وان الولايات المتحدة تبذل كل جهدها لإعطاء هؤلاء الوقت الكافي لوقف الأعمال العسكرية وإعادة تنظيم صفوفهم وتسليحهم لتبقى لغة السلاح هي السائدة. وعندها قرر الرئيس فلاديمير بوتين توجيه رسالة الى نظيره الاميركي لإفهامه ان موسكو لن تفشل في سورية وهي مستعدة لكل شيء لحماية مصالحها فيها مهما كلف الامر.
الا ان واشنطن لا تزال تراوغ: فقد قال نائب وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن، ان «وكالات الامن القومي تبحث خيارات جديدة لايجاد حل للأزمة السورية». لكن موسكو تستخف بهكذا تصريح لانها تعتبر ان اميركا ترفض الوقوف ضد الجهاديين وممارسة نفوذها لفصل المعارضة المعتدلة عنهم، وهي تسلّح وتدرّب وتسمح بمرور كل انواع الأسلحة والمدرعات والآليات الى جميع معارضي النظام وحلفائه منذ مدة طويلة، وهي - اي موسكو - موجودة بطلب رسمي من نظام دمشق الذي تعترف به الامم المتحدة وتتفاوض معه بينما تتواجد قوات اميركية بجنودها وطائراتها من دون اي تفويض او قانون يسمح لها بالوجود في سورية. اذاً لا حدود للتدخل الروسي حتى ولو ادى ذلك الى توسيع رقعة الحرب.
رفع بوتين سقف الحرب وهو مستعد وقادر على وقفها بشروط تلحظ مكاناً للمعارضة المعتدلة من دون الجهاديين، كما هو قادر على الاستمرار بها من دون حدود. فهل يستطيع اوباما مجابهة روسيا والذهاب الى أقصى الحدود وهو سيخرج من البيت الأبيض بعد أشهر قليلة؟
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,719,454

عدد الزوار: 6,910,190

المتواجدون الآن: 111