ثماني سنوات من إدارة أوباما: انكفاء عسكري ونجاح اقتصادي

تاريخ الإضافة الخميس 27 تشرين الأول 2016 - 6:38 ص    عدد الزيارات 1315    التعليقات 0

        

 

ثماني سنوات من إدارة أوباما: انكفاء عسكري ونجاح اقتصادي
الحياة...محمد سيد رصاص ...* كاتب سوري
يقوم مجتمع المهاجرين على إدارة الظهر للموطن الأصلي، وبالتالي تكون النزعة الانعزالية عن العالم القديم أساسية. في الولايات المتحدة الأميركية كان مبدأ مونرو عام 1823 تعبيراً عن ذلك. ولم يكسر هذا المبدأ إلا عام 1917 حين شاركت أميركا في الحرب العالمية الأولى ما كان مدخلاً للمشاركة في الحرب العالمية الثانية ثم الحرب الباردة ضد موسكو.
عند الانتصار على الكرملين عام 1989 ونشوء القطبية الأميركية الأحادية للعالم كان هذا يعني ليس انخراط واشنطن في شؤون العالم القديم فحسب، وإنما أبعد من ذلك أن تكون أميركا مديرة للعالم. وقدم المحافظون الجدد في عهد بوش الابن تصوراً برنامجياً لهذه الإدارة من خلال نزعة رسالية يمينية، شبيهة بالتروتسكية الماركسية القديمة، لتحويل العالم عبر القوة الأميركية من خلال برنامج بجناحين: الديموقراطية السياسية واقتصاد السوق.
وأعطى ضرب برجي نيويورك ومبنى البنتاغون في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 إشارة الانطلاق لذلك، أو كان عامل تحفيز لبرنامج موجود، من خلال قراءة مفادها أن كرات اللهب التي انطلقت من العالم القديم إلى قلب الجديد لا يمكن إطفاء نارها من دون الذهاب إلى هناك وإعادة صياغة أميركية عبر ذلك البرنامج لمجتمعات ذلك العالم القديم. وكان غزو أفغانستان 2001 والعراق 2003 ودعم التحركات الداخلية في جورجيا 2004 وأوكرانيا 2004 ولبنان 2005 على وقع ذلك البرنامج للمحافظين الجدد.
انتصر باراك أوباما في انتخابات 2008 بعد فشل برنامج المحافظين الجدد في العراق وأفغانستان ولبنان والعالم السوفياتي القديم، وأضيف إلى ذلك انفجار الأزمة المالية- الاقتصادية الأميركية من نيويورك في أيلول 2008...
عند أوباما هناك شيء من انعزالية مونرو، وقد اتبع سياسة الخروج العسكري من الشرق الأوسط، وعندما أجبر على الانخراط في انفجاراته مع «الربيع العربي» عام 2011 كان هذا من دون تخطيط بل عبر تخبط بالخطط السريعة، التي بلغت بين 25 كانون الثاني (يناير)2011 وسقوط حسني مبارك بعد سبعة عشر يوماً ثلاث خطط أميركية متناقضة: دعم الرئيس المصري، ثم طرح عمرو سليمان بديلاً، قبل دعم المجلس العسكري بديلاً. وحتى بعد أن استقر الأخير تبنت واشنطن الإخوان المسلمين قبل أن تتخلى عنهم بعد 11 أيلول 2012 إثر مقتل السفير الأميركي في بنغازي على أيدي إسلاميين.
في «الربيع العربي» كان الانخراط الأميركي غير مباشر بل عبر دعم بدائل محلية: الإسلاميون، ثم العسكر، وعند الحاجة إلى تدخلات اتبع أوباما مبدأ القيادة من الخلف، وفق تعبيره، في ليبيا 2011 وراء الفرنسيين، وفي سورية 2011-2013 وراء الأتراك، قبل أن يسلم الملف السوري للروس في اتفاق 7 أيار (مايو) 2013 في موسكو، وهو ما تم تجديده في فيينا بعد شهر من الدخول العسكري الروسي إلى سورية في 30 أيلول 2015.
وفي العالم السوفياتي القديم لم يكن أوباما تدخلياً وانخراطياً، فعندما انفجرت الأزمة الأوكرانية في شباط (فبراير) 2014 عبر سقوط الرئيس الموالي لموسكو من خلال تحرك الشارع كان وضع الرئيس الأميركي مثل وضعه في «ثورة يناير» المصرية: خطط على عجل كان أكثرها على وقع التطورات الداخلية هناك ثم على وقع خطوات موسكو التصعيدية عبر دعم الأقلية الروسية في شرق أوكرانيا، أو من خلال ضم فلاديمير بوتين لشبه جزيرة القرم.
انعزالية
عند أوباما انعزالية تأتي من عدم اقتناعه بنظرية إعادة صياغة العالم بواسطة الجيوش، بل بأن الجندي الأميركي الأقوى هو الدولار. لهذا كان انخراطه الفعلي في السياسة الخارجية خلال السنوات الثماني الماضية مسرحه الشرق الأقصى، بعدما بدأ الثقل الاقتصادي العالمي ينزاح عن شاطئي الأطلسي للمرة الأولى خلال خمسة قرون، وحيث هناك عملاق صيني ينمو هو برأي غالب في واشنطن اليوم مصدر الخطر الحقيقي، لا روسيا ذات الرقم الاقتصادي وراء دول مثل الهند وإيطاليا.
سياسته في الشرق الأقصى هجومية انخراطية: قواعد عسكرية أميركية، معاهدات عسكرية مع اليابان وكوريا الجنوبية، تقريب دول من واشنطن بعد حرب وتباعد لاستخدامها ضد الصين (فيتنام، الهند، بورما)، اتفاقية الشراكة عبر الهادئ التي تضم شاطئي المحيط باستثناء الصين وروسيا وكوريا الشمالية لتبادل حر للبضائع ورؤوس الأموال. وتأتي هجومية أوباما في الشرق الأقصى من نزعة وقائية تجاه عملاق اقتصادي ينمو يمكن أن يترجم ذلك لاحقاً إلى مجالي العسكرة والسياسة، كما فعلت ألمانيا بعد وحدة 1871 عندما ترجمت ذلك إلى حربين عالميتين في 1914 و1939. يتعزز هذا عند أوباما مع السلاح الرديف للدولار: انتشار عالمي للنمط الأميركي للحياة في اللباس والمأكل وفي كثير من النواحي الاجتماعية مع تفوق كبير للنمط التعليمي الأميركي في المدارس والجامعات.
من هنا نلاحظ مدى تركيز إدارة أوباما على الاقتصاد وعلى عملية شفاء أميركا من الأزمة المالية- الاقتصادية التي بدأت أميركية ثم تحوّلت عالمية. وهنا يلاحظ أن الاقتصاد الأقوى عالمياً، أي الأميركي، كان الأسرع في الشفاء، فيما الاقتصادات الضعيفة، وبخاصة في الجنوب الأوروبي، كانت الأبطأ في التعافي.
أوروبياً تجنب أوباما سياسة بوش الابن في الصدام مع «القارة العجوز» والتي أنتجت يوم غزو العراق محوراً مضاداً فرنسياً – ألمانياً – روسياً منع البيت الأبيض من تشريع الغزو بالأمم المتحدة، وهو الآن يضع برلين والأوروبيين في مواجهة الروس في المسألة الأوكرانية منذ 2014.
وفي أميركا اللاتينية اضمحل في عهد أوباما صعود اليسار الذي حصل مع هوغو تشافيز الفنزويلي ولولا دا سيلفا البرازيلي. وفي أفريقيا أصبحت واشنطن ذات نفوذ اقتصادي- سياسي يفوق ما لدى باريس.
نجاح اقتصادي
في الاقتصاد كان نجاح أوباما هو الأبرز، يلي ذلك نجاحه في الشرق الأقصى، فيما تبقى سياسته الشرق أوسطية موضع جدل في واشنطن، وإن كان الرئيس الأميركي يفسر «الأوسط» بـ «الأقصى»، بما في ذلك انفتاحه الاحتوائي على موسكو من أجل إبعادها عن بكين.
على الأرجح أن نجاحات أوباما ستجعل الحزب الديموقراطي يكسر قاعدة الولايتين التي كانت منذ عام 1992 بين الحزبين الأميركيين المتنافسين: عندما كانت تحصل نجاحات كانت تكسر هذه القاعدة نحو ولاية ثالثة، كما حصل بين ولايتين لرونالد ريغان نحو ولاية لنائبه جورج بوش الأب، وعندما فشل الأخير في الاقتصاد لم يستطع الحصول على ولاية ثانية أمام المرشح الديموقراطي بيل كلينتون. أما فشل جيمي كارتر أمام السوفيات فجعله يهزم أمام المرشح الجمهوري المتشدد حيال السوفيات رونالد ريغان عام 1980.
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,251,598

عدد الزوار: 6,942,173

المتواجدون الآن: 134