«ليبرمان المعتدل» طامح إلى إطاحة نتانياهو: تجميد الاستيطان ... واستئنافه قريباً

تاريخ الإضافة الثلاثاء 22 تشرين الثاني 2016 - 5:51 ص    عدد الزيارات 1157    التعليقات 0

        

 

«ليبرمان المعتدل» طامح إلى إطاحة نتانياهو: تجميد الاستيطان ... واستئنافه قريباً
الحياة..القدس المحتلة - امال شحادة 
لم يتوقع أحد أن يخرج وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في خضم الحرب الضروس التي تدور في أروقة الحكومة والمؤسسة الإسرائيليتين، حول الاستيطان وتشريعه في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين، بموقف يشكل اعتدالاً غريباً عنه ومفاجئاً للحلبتين السياسية والحزبية. موقف أحرج رئيس حكومته بنيامين نتانياهو الذي كان يريد اتخاذ موقف مشابه، لكنه عجز عن ذلك بسبب ضغوط المستوطنين ممن هم في حزبه الليكود وفي معسكره اليميني.
فقد اتخذ ليبرمان موقفاً تراجعياً حول الاستيطان يدعو بموجبه الى التوصل الى صفقة مع الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب. الصفقة التي يقترحها ليبرمان تقضي بتجميد البناء في المستوطنات المعزولة، مقابل الاعتراف الأميركي بما يعرف بـ «الكتل الاستيطانية»، وهي التجمعات التي تقوم فيها كمية كثيفة من المستوطنات والتي تصر إسرائيل على أن تبقى ضمن حدودها وسيادتها في إطار أية تسوية مع الفلسطينيين، ولذلك تطلب الاستمرار في البناء عليها بلا قيود.
ويأتي موقف ليبرمان في وقت تتصاعد فيه المعركة مع اقتراب موعد إخلاء مستعمرة عمونة، القائمة على أراض خاصة للفلسطينيين. فالمعروف أن المحاكم الإسرائيلية تسمح للحكومة بمصادرة الأراضي الفلسطينية العامة والمشاع منها، ولكنها تمنع البناء على الأراضي الخاصة. ووفق هذا النهج، قررت محكمة العدل العليا في القدس الغربية التجاوب مع طلب الفلسطينيين بهدم تسعة من بيوت المستوطنين في هذه البؤرة الاستيطانية في موعد أقصاه 25 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وهذا القرار أثار حفيظة المستوطنين ومناصريهم في اليمين الحاكم. وهم يحاولون الالتفاف على قرار المحكمة، لكي لا يضطروا الى إخلاء المستوطنين. ونتانياهو لا يجد الشجاعة لتنفيذ قرار المحكمة خوفاً من اعتراض المستوطنين الذين بدأوا يستعدون لهذا الاحتمال بسلسلة إجراءات ويهددون بالتصدي بالقوة لقوات الإخلاء. ويقولون أن ستة آلاف مستوطن من المستوطنات المجاورة سيهبون لنصرتهم في يوم الإخلاء ليمنعوه بالقوة.
لكن ليبرمان، اليميني المتطرف صاحب المواقف المعروفة بتوسيع الاستيطان وتعزيز الاحتلال في الضفة والقدس، وهو أيضاً صاحب المواقف المتهورة وأبو مخططات الترانسفير والداعي الى أرض إسرائيل الكبرى، خرج اليوم بموقف يظهر فيه وكأنه أكثر عقلانية من رئيس حكومته نتانياهو، فأعلن أنه لن يكون هناك مفر من إخلاء المستوطنين وهدم تسعة من بيوتهم. ونصحهم بعدم المقاومة. ووعدهم بنقلهم الى بيوت أخرى أفضل في مستوطنة مجاورة. وأطلق اقتراحاً لإبرام صفقة مع إدارة الرئيس الأميركي القادم، دونالد ترامب، يتم فيها السماح بالبناء في الكتل الاستيطانية التي تشكل 80 في المئة من المستوطنات، مقابل تجميد البناء في المستوطنات النائية التي تشكل 20 في المئة من المستوطنات في الضفة الغربية.
ليبرمان، الذي بدأ يستعد لمعركة الانتخابات المقبلة، خطط هذه المرة للوصول الى رئاسة الحكومة، فظهر في نظر الإسرائيليين مسؤولاً أكثر من نتانياهو. فهو كان صريحاً مع مستوطني عمونة، ولم يخش من القول أنهم سيضطرون الى الرحيل والالتزام بتنفيذ قرار المحكمة. ولم يتردد في الظهور كشخصية ودودة للأميركيين.
وفق ليبرمان، فإن مستشاري ترامب حولوا رسائل الى إسرائيل طلبوا فيها عدم ترسيخ وقائع على الأرض قبل دخول الإدارة الجديدة. وبطرح صفقته يسعى ليبرمان الى اتفاق مع ترامب على إعادة رسالة بوش- شارون حول الاستيطان، وفي حال تمت المصادقة الأميركية عليها، سيدعو الى التوقف عن البناء خارج الكتل الاستيطانية، وهو أمر شكل ضربة قوية لليمين والمستوطنين الذين يخوضون معركة تشريع الاستيطان والإبقاء على البؤر الاستيطانية، في كل بقعة أقيمت في الضفة والقدس. وليبرمان، المفاجئ في موقفه، راح يدعو، على غير عادته، الى التأني وعدم التهور الى حين تشكيل الإدارة الأميركية الجديدة والتوصل الى سياسة متفق عليها. وشكلت مواقف ليبرمان هذه رداً أكثر تطرفاً من مجلس المستوطنات، الذي راح يدعو الى العودة الى البناء في القدس. ولكن الرد الأكثر وضوحاً على ليبرمان جاء في المصادقة على قانون التسويات في القراءة الأولى في الكنيست، وهو قانون يمنح الشرعية للمستوطنات، وينافي قرار القضاء الإسرائيلي والقوانين الدولية، ما قد يحول المعركة الى المحافل الدولية، وقد تدخل إسرائيل من خلالها في أزمة دولية جديدة.
رسالة بوش - شارون حول الاستيطان
الصفقة المقترحة، تتضمن في الأساس العودة الى رسالة بوش- شارون التي تعود الى العام 2001، عندما أصدر رئيس لجنة التحقيق الدولية، جورج ميتشل، تقريراً طالب من خلاله إسرائيل بالوقف التام للبناء في المستوطنات بما في ذلك لأغراض «النمو الطبيعي». وأعلن أرييل شارون قبوله تقرير ميتشل، لكنه سعى إلى التفاهم مع إدارة بوش حول استمرار الاستيطان وعرض موقف إسرائيل الداعي الى إقامة مستوطنات جديدة والتوقف عن مصادرة أراض أخرى بحجة أغراض البناء وتجميد البناء خارج المناطق المبنية في المستوطنات، لكنه ربط تنفيذ هذه المبادرة بتنفيذ بقية البنود المتعلقة بالفلسطينيين وفي مركزها «وقف العنف».
وأبلغ شارون الأميركيين يومها أن البناء في المستوطنات يتم لـ «الأغراض الجارية» و «متطلبات التكاثر الطبيعي». هذه الرسالة لم تخرج الى حيز التنفيذ ولكن بعد عامين صيغت «خريطة الطريق» لقيام الدولة الفلسطينية. وطالبت الخريطة إسرائيل بالوقف التام للاستيطان وخصوصاً لأغراض النمو الطبيعي وإخلاء المواقع الاستيطانية التي أقيمت في عهد شارون. وأبدت إسرائيل تحفظها إزاء التجميد التام للاستيطان. وفي عام 2003 عرضت إسرائيل أمام الإدارة الأميركية من جديد تعهداتها التي تضمنت: التوقف عن إنشاء مستوطنات جديدة وعن مصادرة أراض فلسطينية، وعدم تخصيص موازنات عامة للبناء في المستوطنات، واستمرار البناء ضمن خط البناء القائم في المستوطنات. وحاولت الإدارة الأميركية في صيف العام 2003 إحياء العملية السياسية على أساس «خريطة الطريق»، لكن المحاولة فشلت. وسارع شارون للالتفاف على مأزق التسوية بالإعلان عن إخلاء المستوطنات في قطاع غزة، فطالب الأميركيون بإخلاء أربع مستوطنات أخرى في شمالي الضفة. ولكنه طالب مقابل ذلك برسالة من الرئيس بوش وجاء فيها أنه ليس من الواقعي العودة للخط الأخضر «في ضوء الواقع الجديد على الأرض، وفيه مراكز سكانية إسرائيلية قائمة». وفي رسالة بوش أشير الى أن الحديث هو عن مراكز قائمة وليس عن البناء المستقبلي. وفي مقابل هذه الرسالة، بعث شارون برسالة أخرى جاء فيها أن إسرائيل، وضمن المبادئ المتفق عليها للنشاط الاستيطاني، ستبذل الجهود لتحديد أفضل لخط البناء في مستوطنات الضفة.
النموذج القبرصي
إزاء الصراع حول قانون التسويات، والتحذير من خطر ابعاده، لما يتضمنه من بنود تشرع ما هو مرفوض من الناحية القانونية الدولية، وحتى القضاء الإسرائيلي، يسعى المستشار القضائي للحكومة الى إيجاد بديل عن هذا القانون يضمن تشريع المستوطنات، ويبحث حالياً حلولاً قانونية تمنح شرعية للمستوطنات بينها تبني النموذج القبرصي المتبع منذ تجزئة الجزيرة عام 1974، الى شمالية يسيطر عليها الجيش التركي، وجنوبية يسيطر عليها القبارصة اليونانيون. وفي أعقاب ذلك تم تشكيل آلية لتحديد التعويضات المستحقة عن أملاك السكان في القسم الآخر من قبرص. وتحدد الآلية التي صودق عليها في 2005، أنه يمكن التوجه الى لجنة أقيمت في شمال قبرص وتقديم دعاوى تعويضات، وفي سبيل الحصول على التعويض ويجب الإثبات أن العقار كان في حوزة المتوجه في سنة 1974، وأنه اضطر الى تركه بسبب أحداث غير خاضعة لسيطرته، ولا يوجد شخص آخر يطالب بملكية العقار.
وقد رفضت المحكمة الأوروبية في 2010، دعوى قدمها مواطن من جنوب قبرص ضد الحكومة التركية، وحدد أن آلية التعويض في شمال قبرص ناجعة ويمكن التوجه اليها.
وتفحص وزارة القضاء الإسرائيلية فكرة إنشاء آلية مشابهة في إسرائيل، على أمل أن يعترف بها المجتمع الدولي كما اعترف بالآلية القبرصية. ووفق هذا النموذج يتم اعتبار المستوطنين اليهود سكاناً محليين في الضفة الغربية، مثلما حصل للقبارصة اليونانيين الذين رحلوا عن قبرص التركية أو القبارصة الأتراك الذين رحلوا عن الجزء اليوناني واعترف المجتمع الدولي بمكانتهم القانونية وبناء على ذلك حصلوا على تعويضات.
كما يطرح للبحث قانون «أملاك الغائبين»، بحيث يجرى فحص إمكان اعتبار المستوطنين في الضفة الغربية جمهوراً محلياً، تماماً كالفلسطينيين. أما الحل الثالث المطروح على طاولة المستشار القضائي للحكومة، فهو إنشاء آلية تعويض مشابهة للآلية التي تم اتباعها في قبرص والتي حظيت بتأييد المجتمع الدولي. وتفحص وزارة القضاء إمكان الإعلان عن المستوطنين كجمهور محلي في منطقة يمكن السيطرة عليها حربياً وفق القانون الدولي. ويعني مثل هذا الاعتراف منح الحكومة صلاحية القيام بأعمال في الضفة، من بينها مصادرة الأراضي لمصلحة المستوطنات – حتى من خلال المس بمصالح السكان الفلسطينيين، لأنه سيتم أخذ مصالح المستوطنين في الاعتبار كجزء من المصلحة العامة.
وإذا كان المستشار القضائي للحكومة يسعى الى إنقاذ إسرائيل من ورطة دولية جديدة، فإن رجالات نتانياهو وقيادة اليمين يقودون الى مزيد من تجاوز القوانين الدولية المتعارف عليها. فرئيس بلدية القدس وجد البيوت الفلسطينية في القدس ورقة ضغط لضمان تنفيذ قانون التسويات وشمله مستوطنة «عمونة»، فهدد نير بركات بالرد على هدم عمونة بهدم بيوت وعمارات فلسطينية في القدس الشرقية. ووضع في قائمة البيوت المدرجة في قائمة الهدم 14 بناية تقيم فيها 40 عائلة فلسطينية في بيت حنينا، بادعاء أن البيوت أقيمت على أراض خاصة يهودية، تدار من جانب الوصي على الأملاك. وادعى بركات أن هناك مئات العائلات الفلسطينية التي تقيم على أراضٍ ليهود تدار من جانب الوصي على الأملاك، وتم في السنوات الأخيرة تقديم دعاوى ضد أصحابها، بل صدرت أوامر هدم ضد بعضها.
على هذا النمط، يصر اليمين المتطرف على مشروعه لتوسيع الاستيطان، خصوصاً في عهد ترامب الذي كان صرح بأنه لا يرى في هذا الاستيطان عقبة في طريق السلام. ويصبح ليبرمان، المعروف بتطرفه، «شخصية معتدلة».
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,174,449

عدد الزوار: 6,758,898

المتواجدون الآن: 119