استراتيجية ترامب في سورية كارثية... وتنقذ إيران من الهزيمة

تاريخ الإضافة الأربعاء 23 تشرين الثاني 2016 - 5:36 ص    عدد الزيارات 1146    التعليقات 0

        

 

استراتيجية ترامب في سورية كارثية... وتنقذ إيران من الهزيمة
الحياة...شارلز ليستر 
* باحث، عن «فورين بوليسي» الأميركي، 17/11/2016، إعداد منال نحاس
في الأسبوع الماضي، فسر دونالد ترامب، الرئيس الأميركي المنتخب، موقفه من الأزمة السورية، وأعلن عزمه على رفع وتيرة الحرب على داعش ووقف دعم من يقاتل نظام بشار الأسد، قائلاً: «تقاتلون سورية، في وقت تقاتل هي داعش... وروسيا في جبهة واحدة مع سورية، واليوم إيران صارت نافذة بسببنا (الفضل يعود لنا)، وهي تحالفت مع سورية... ونحن ندعم ثوار لا نعرف من هم في قتالهم سورية». والكلام هذا تبسيط لافت لأزمة بالغة التعقيد. وعلى رغم أن لسان حال موقف الرئيس المنتخب هو تدمير داعش، أبرز ما ستؤدي إليه سياساته المزمعة هو القضاء على المعارضة المعتدلة لنظام الأسد وزيادة نفوذ المتطرفين. ولا تقوم قائمة لمسوغاته. والاطلاع على جزء يسير من التاريخ ودروسه يظهر أن نظام الأسد غير مؤهل لمكافحة الإرهاب. فاستخبارات هذا النظام أنشأت إنشاء منهجياً «القاعدة» في العراق، وبعدها «الدولة الإسلامية في العراق» لتتحولان إلى قوة إرهابية هائلة تقاتل القوات الأميركية بين 2003 و2010. ومئات الجنود الأميركيين كانوا ليكونوا بيننا اليوم، لو لم يدعم الأسد أسلاف داعش.
واقتراح ترامب شراكة مع روسيا في «تدمير» داعش لا سند له. فالحملة الروسية لا تشغلها المجموعات الجهادية. و8 في المئة فحسب من المناطق التي استهدفتها الغارات الروسية بين 12 تشرين الأول (أكتوبر) و8 تشرين الثاني (نوفمبر) هي تحت سيطرة داعش. وفيما خلا استعادة تدمر من «الجهاديين» خلال هدنة فرضها المجتمع الدولي- انصرف الكرملين إلى قتال المعارضة، وليس داعش. وشطر راجح من هجماته استهدف معارضين لهم صلة بالولايات المتحدة.
وعلى خلاف زعم ترامب، تعرف واشنطن حق المعرفة من هم «أولئك» الذين تدعمهم في سورية. فوكالة الاستخبارات المركزية أرست شبكة علاقات معقدة مع عشرات مقاتلي «الجيش السوري الحر» منذ نهاية 2012. واليوم، تدعم، من طريق برنامج اسمه «تيمبر سيكامور»، 80 مجموعة سورية بالتنسيق مع حلفاء دوليين وإقليميين. وأرست الولايات المتحدة آلية ضبط الدعم الدولي للمعارضة السورية، وقيدت خطر وصول أسلحة المعارضة ومقاتليها إلى داعش. وعلى خلاف قول شائع، لا يسلم مقاتلو هذه المجموعات، وهم «مدقق» في أمرهم، الأسلحة الأميركية إلى «الجهاديين» ولا يلتحقون بصفوفهم. وركن مساعي الـ «سي آي أي» هو مد المجموعات المعارضة بصواريخ موجهة مضادة للدبابات، «بي جي أم-71 تاو». وهذا الإمداد ساهم في بقاء المعارضة المعتدلة عنصراً وازناً في النزاع. وبحسب معلومات منشورة، أرسل، على الأقل، 1073 صاروخاً إلى سورية واستخدمت الصواريخ هذه في القتال. وعدد الصواريخ التي وصلت إلى أيدي مجموعات «لم يدقق بأمرها» يقتصر على 12 صاروخاً، أي 1.1 في المئة من الصواريخ. ولم تهزم مجموعات مرتبطة بـ «القاعدة» غير مجموعتين من المجموعات «المدقق في أمرها».
ويبدو أن ترامب عاقد العزم على مكافحة أعراض الأزمة – أي الإرهاب- وترسيخ سببها الأول: ديكتاتورية الأسد ورفضها التفاوض. وعلى رغم أن المعارضة السورية المعتدلة ليست كاملة الأوصاف، يقوض سحب الدعم الأميركي والمشروعية الدولية المصالح الأميركية في سورية.
تعزيز قبضة «القاعدة»
المجموعات المتحدرة من «القاعدة» أعدت العدة لقطف ثمار تقليص الدعم الأميركي للمعارضة المعتدلة. فـ «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) أمضت أكثر من 4 سنوات وهي تزرع نفسها في تربة الثورة السورية وهي تقدم نفسها للمعارضة والمدنيين على أنها شريكة حركتهم الوطنية ومن حماتها. ومنذ بروزها في كانون الثاني (يناير) 2012، تصر «جبهة فتح الشام» على أن الولايات المتحدة لن تنقلب على الأسد وأن السنّة السوريين المسلمين هم ضحايا مؤامرة دولية ترمي إلى استتباع حكم الأقلية لهم. ولتعاسة الأمور، كثير من التطورات (مثل إفلات نظام الأسد من العقاب إثر الهجوم بغاز السارين في آب (أغسطس) 2013، وتدخل روسيا لإنقاذ الأسد في نهاية 2015) تحمل السوريين على تصديق هذه السردية. وثمة حسبان شائع أن واشنطن لا تأبه بمعاناة السوريين. والرأي هذا حمل عناصر من المعارضة السورية على اعتبار أن «القاعدة» ترغب في حمايتهم وأنها تحمي مصالحهم أكثر من أميركا، قائدة «العالم الحر» المزعومة. واقتراحات ترامب السياسية تساهم في انزلاق سورية إلى أسوأ مما كانت عليه أفغانستان قبل هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر). وهذا المآل يقلق كل من يهتم بالأمن الدولي. فسورية قريبة من أوروبا.
القوى الإقليمية
ويقوض سحب أميركا دعمها للمعارضة السورية أمن الحلفاء الأوروبيين ويغضب الشركاء الإقليميين الذين سعوا إلى تسليح المعارضة السورية المسلحة منذ أول أيامها. والدعم هذا، كان غير منظم وفوضوي. وفي 2011 و2012، ساهم في إخفاق الجيش الحر في الاندماج تحت راية موحدة. وساهم الدعم الأميركي في تنظيم المعارضة المسلحة. فمنذ نهاية 2012، شاركت الولايات المتحدة في غرف العمليات في تركيا والأردن، وكان لها دور بارز في ضبط تدفق العتاد العسكري والتمويل.
وإثر تغيير «جبهة النصرة» اسمها إلى «جبهة فتح الشام»، قد تدعمها دول إقليمية يائسة من مآل الأمور، إثر سحب الدعم الأميركي. وقد ترى دول إقليمية أن انتهاك الحظر الأميركي على مد وكلائها في سورية بأسلحة مضادة للطيران مثل «MANPADS»، مسوغ. وتدفق مثل هذه الأسلحة بدأ، إثر اعتبار أن أميركا لا تستعمل قوتها في الحؤول دون هجمات عنيفة على شرق حلب المحاصر.
فرصة جديدة لداعش
ويهدد تحالف أميركي- روسي إمساك داعش بالأرض في سورية، في الأمد القصير. ولكن مثل هذه الشراكة تنفخ في البروباغندا الداعشية في الأمد الطويل. فـ «الدولة الإسلامية» تعافت في العراق بين 2010 و2014 على وقع النقمة السنّية مما ترى أنه قيادة مذهبية في بغداد والحرب الأهلية في سورية المجاورة. وانبعاثها المستقبلي سيعود إلى غضب السنّة من عنف الهجوم الأميركي – الروسي على سكان إقليم داعش في 2017.
تقوية إيران
وترامب هو معارض شرس للاتفاق النووي الإيراني، لذا، يقع وقع المفاجأة أن يقترح سياسات في سورية تنقذ إيران من هزيمة إقليمية وتقوي قبضة نفوذها. وطوال سنوات قبل الربيع العربي، كانت سورية في مثابة «صمغ» يشد أواصر دوائر نفوذ إيران- من طهران إلى بغداد إلى دمشق وصولاً إلى بيروت. ودور النظام الإيراني في حماية نظام الأسد يفوق الدور الروسي في ميدان المعارك. فهزيمة الأسد في سورية تفكك امبراطورية إيران الإقليمية، وتخلف فجوة عميقة في قلبها، وتهدد «حزب الله»، وهو منظمة إرهابية صارت قواته المسلحة معترف بها في دولة – أمة.
روسيا
أعلن ترامب أن فلادمير بوتين رجل «عظيم» يبادر إلى خطوات عظيمة لتحسين صورة بلاده. ولكن الكلام هذا يغفل أن بوتين يسعى إلى بروز بلاده على حساب القوة الأميركية ونفوذها، وليس من طريق الشراكة مع واشنطن. وحسبان ترامب أن مواجهة الأسد تقوض مساعي مكافحة داعش، في غير محله. فالتحالف الأميركيالروسي سيحمل المعارضة السورية على استنتاج أن شركاءها في المفاوضات ينتظرون منها الاستسلام والصدوع بـ «فوز» الأسد. ومثل هذه الشراكة تفضي إلى تواطؤ أميركي يطلق يد الأسد وروسيا وإيران و «حزب بالله» والميليشيات الحليفة في معاملة المعارضة السورية كلها على أنها صنو داعش، ويشجع على ارتكاب مزيد من جرائم الحرب. فتتعاظم العدائية الروسية في سورية والعالم، على خلاف المصالح الأميركية.
أزمة اللاجئين
ما تقدم كله يفاقم أزمة اللاجئين، فتتعذر عودة شطر راجح من 5 ملايين السوريين إلى بيوتهم. ويبقى ربع سكان سورية ما قبل الحرب خارجها. وتترك دول الجوار لمصيرها في تحمل أعباء تفوق قدراتها في تأمين مسكن لهم، في وقت يسعى كثر من اللاجئين إلى بلوغ أوروبا. فتنفخ أعدادهم الكبيرة في شعبية الحركات اليمينية الشعبوية المتطرفة، فتتعاظم الاضطرابات، وتسنح الفرص أمام الإرهابيين والحكومات العدائية. وقد يأمل الرئيس المنتخب في تقليص الالتزامات المالية والعسكرية الأميركية في الخارج، ولكن مثل هذه التطورات يفاقم أعباء الولايات المتحدة.
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,049,039

عدد الزوار: 6,749,824

المتواجدون الآن: 116