ملف مؤتمر فتح..

تاريخ الإضافة الأربعاء 30 تشرين الثاني 2016 - 5:51 ص    عدد الزيارات 1137    التعليقات 0

        

 

عشية مؤتمر «فتح»: ضرورة الفعل الاستراتيجي
الحياة...مرزوق الحلبي 
يُصادف أنني وُلدت في السَنة التي انطلقت فيها حركة فتح التي ستعقد مؤتمرها السابع بعد يومين. وبينما لا ينتظر مني أحد أي شيء أللهم سوى أداء واجباتي في العمل والكتابة والعلاقات الأسرية والاجتماعية، ينتظر جيلان كاملان من الفلسطينيين ما سيتمخّض عنه هذا المؤتمر. فالقضية الفلسطينية على نار هادئة الى حدّ تحولها إلى رماد، والمشروع السياسي الفلسطيني تآكل تماماً الى حد ضياع معالمه تقريباً. فكأني بالمؤتمر القريب حدث بقوة الدفع ومحصّلة حاصل لا أكثر أخذاً في الاعتبار «النقاشات» التي شهدتها الساحة الفلسطينية عشية المؤتمر، وهي في معظمها ملاسنات ومشاحنات واشتغال بمواضيع تقادمت تكشف تكلّس شرايين القضية وابتعاد المشتغلين بها عن راهنها لأنه من ألأسهل الاشتغال بالماضي المشرق لحركة «فتح» أو رموزها أو بالتاريخ القابل للتأويل دائماً وفق عقيدة المؤوّل.
مع هذا أشير بارتياح كبير إلى المناقشات التي تشهدها الساحة الفلسطينية خارج فتح وخارج الفصائل الأخرى. في المحافل المثقفة المتنورة والأكاديميا ومؤسسات المجتمع المدني. وقد أنتجت هذه الأوساط مجتمعة ما هو مُشرق من اجتهادات في كل ناحية من نواحي المسألة الفلسطينية. ولا أعتقد أن هذه الاجتهادات غائبة عن أعين القيادات الفتحاوية الميدانية والرسمية وصولاً إلى ديوان الرئاسة.
لكن ككل حركة مُزمنة عقائدية فإنها تبدو لي ضحية التوتّر غير العقلاني بين الحرس القديم وجيل تسلّم القيادة في بعض مفاصل الحركة والسلطة الوطنية بحكم العضوية في «الجهاز الحركي» أكثر منه بحُكم الجدارة والاقتدار. ومن هنا، فإن حركة فتح في جهازها الحالي وكوادرها التي بقيت هي تدوير النهج والفكر الذي تأزّم ليس إلا. لأن التجربة الفلسطينية في فتح أكثر من غيرها دفعت بقيادات وكوادر وقدرات فكرية وعملية ألمعية إلى خارج الجهاز ـ إلى هامش الحركة أو المجتمع أو «السلطة». ستجد في كل مدينة وبلدة أن الخارجين من صفوف الحركة أكثر من الداخلين وأن الطاقات البشرية المهنية التكنوقراطية والفكرية والمثقفة الواعدة هجرت الحركة من زمان وإن ظلّت على عهد الالتزام بالقضية واستحقاقاتها.
أقدّر بناء على ما أتابعه من سجالات أن النقاشات في المؤتمر ستتمحور حول الثانوي والتنظيمي بدل أن تنفتح على المسألة الوطنية وراهنها وآفاقها. وأقدّر مما أقرأه من مداخلات أن عصب الحركة لم يعد قادراً على حمل القضية الوطنية أبعد مما أوصلها. ففي كل مكان أسمع هذا الحديث عن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين. وفي كل مكان أسمع عن حق العودة غير القابل للتصريف أو التقادم. وعن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلّة. وهذا خطاب أخشى أنه لم يعد نافذاً ولا صالحاً إلا بوصفه تراثاً لحركة فتح وسواها وليس برنامجاً سياسياً أو مشروعاً فلسطينياً متجدداً.
من هنا أهمية أن يُصغي المؤتمر ليس لصوت نفسه ومداخلات كوادره التي ستكرر نفسها أو ستميل إلى المسايرة والمحاباة، أو شخصنة القضية كأنها تتجسّد في فلان من القيادة أو علان، بل إلى صوت أوساط واسعة شعبية ومثقفة ومتخصصة، كانت هناك وخرجت إلى الفضاء الرحب تقرأ قراءة موضوعية غير أيديولوجية ولا غائية.
هل سيعترف المؤتمر وحركة فتح مثلاً بأن خيار الدولتين صار فخّاً أكثر منه حلاً؟ وهل ستعترف حركة «فتح» إن الإبقاء على الوضع القائم خطر وأن عليها الحسم في خيار الذهاب إلى المحافل الدولية وهيئات الأمم المتحدة فوراً؟ هل ستحسم أمر استراتيجيات النضال والإقرار علناً بالتحوّل إلى النضالات الشعبية المدنية والعزوف في شكل واضح واستراتيجي عن العمل المسلّح؟
على «فتح» أن تحسم هذه الأمور وأمور أخرى تتصل بفرضيات العمل السياسي على المستوى الدولي كما في مقابل المجتمع الإسرائيلي المتحوّل. وأقترح مثلاً أن يأخذوا في الاعتبار النزعة اليمينية في العالم كتطوّر يحتوي إسرائيل بصيغتها الحالية ـ الاحتلال والاستيطان والعنصرية. وأقترح ألا يُراهنوا على تغيير الحكم في إسرائيل كمفصل للعودة إلى طاولة المفاوضات. فإسرائيل اليوم هي الأقلّ ديموقراطية، وتبدّل السلطة يبتعد بسبب من انحسار اللعبة الديموقراطية وآلياتها بفعل ضغط اليمين القومجي وتشريعاته التي تستهدف تغيير الواقع الدستوري والسياسي والشعبي دفعة واحدة. هذا يعني أن هناك ضرورة في تعديل فرضيات العمل والتوجهات أخذاً في الاعتبار ما تغير وتبدّل في كل المستويات.
مع معرفتي كمستشار تنظيمي واستراتيجي لديناميات مثل هذه المؤتمرات، أرجّح أنه لا يأتي بأي اختراق للوضع العام. فهناك ميل إلى تكريس الوضع القائم وانتظار ما يُمكن أن يتطوّر بعد تسلّم ترامب كرسي الرئاسة أو بعد اتضاح آفاق الأزمات العربية من العراق وسورية إلى اليمن وليبيا ومصر. مثل هذا التوجّه يعني كتابة نهاية حركة فتح بأيدي كوادرها. وهو ما أسمعه من أصدقاء وصديقات كانوا هناك وتركوا الصفوف لمصلحة مؤسسات المجتمع المدني والعمل الأكاديمي. فإما أن يكون المؤتمر انطلاقة جديدة للمسألة الفلسطينية والمشروع الوطني أو أنه سيكون حدثاً توثقه الصحافة ويغطيه الإعلام ليس إلا. أن يكون مناسبة لانطلاقة جديدة لحركة فتح تطوّر لا يكفي ولا يُرضي، فما الفائدة لو تنشطت فتح من دون مشروع وطني جديد يتخلّص من أعباء الأفكار المتقادمة والقراءة المُبتسرة لمصلحة البناء من جديد على أساس التفكير والتخطيط الاستراتيجي. وهو فعل يحدد الأهداف من جديد واستراتيجيات الوصول إليها. وهو فعل تحريري بامتياز، وأولاً وقبل كل شيء من قبضة القديم، أكان ذلك حرساً أو فكرة أو برنامجاً أو فرضية عمل.
 الأسئلة الراهنة أمام مؤتمر «فتح»
الحياة...نبيل السهلي ..* كاتب فلسطيني
مع انطلاق أعمال المؤتمر السابع لحركة «فتح»، في مدينة رام الله، تبرز أسئلة عدة حول قدرة الحركة على قراءة تحولات المشهد السياسي، ناهيك عن التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، وأقلها النشاط الاستيطاني المتسارع في الأراضي الفلسطينية وعلى وجه الخصوص في مدينة القدس التي تواجه محاولات إسرائيلية لـ «قوننة» إسكات الأذان في مساجدها.
يلاحظ المتابع أن حركة «فتح» والثورة الفلسطينية مرّتا بمفاصل سياسية مهمة منذ انطلاق الأخيرة كان أهمها انتقال الثقل من الأردن إلى بيروت بعد عام 1970، وبعد 12 عاماً وبالتحديد في صيف عام 1982 تم ترحيل منظمة التحرير الفلسطينية عن بيروت إلى أكثر من عشرة منافٍ عربية جديدة، وفي نهاية عام 1991 عقد مؤتمر مدريد للسلام مع تمثيل فلسطيني في إطار الوفد الأردني ثم ما لبث أن أصبح مستقلاً.
وفي 13 أيلول (سبتمبر) 1993، عقدت اتفاقات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وتمَ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في نيسان (أبريل) 1994، وتبعاً لذلك انتقلت «فتح» من مرحلة الثورة إلى مرحلة بناء السلطة مع الإبقاء على رفع شعارات تؤكد الثوابت الفلسطينية، بخاصة حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية على مناطق الضفة الفلسطينية وقطاع غزة كافة.
وفي 28 أيلول 2000، انطلقت انتفاضة الأقصى ليعبر الشعب الفلسطيني عن رفض سياسة الإملاءات وفرض الأمر الواقع الإسرائيلي، وخلال سنوات الانتفاضة خسر الشعب الفلسطيني حوالى ستة آلاف شهيد وحوالى أربعين ألف جريح. وبعد مفاوضات عبثية استمرت أكثر من عقدين مع الطرف الإسرائيلي ولم تفض إلى أي حق من الحقوق الفلسطينية، انطلقت هبة القدس في بداية تشرين الأول (أكتوبر) 2015 ليؤكد الشعب الفلسطيني من جديد استمرار رفضه سياسات الاحتلال الإسرائيلي.
صحيح أن فلسطين أصبحت عضواً في الكثير من المنظمات الدولية خلال السنوات الأخيرة، واعتبر هذا نصراً جزئياً على الصعيد القانوني والديبلوماسي، إلا أن الفلسطينيين واجهوا وما زالوا يواجهون أخطاراً جمة، أقلها القوانين الإسرائيلية العنصرية بحق الشعب الفلسطيني.
رزمة من التحديات والأسئلة برسم المؤتمر السابع لحركة «فتح»، وبغض النظر عن عدد المؤتمرين (1400 عضو) تقريباً من أقاليم الحركة كافة، وما سيتمخض عن المؤتمر من هيئات تنظيمية وسياسية، فمن المحتمل أن تؤكد الأدبيات السياسية الصادرة حق الشعب الفلسطيني في الكفاح الوطني وعدم التركيز على الكفاح المسلح في شكل جوهري، كما ستؤكد الثوابت الفلسطينية حول قضايا جوهرية مثل: قضية اللاجئين والقدس والمستوطنات والدولة الفلسطينية والحدود، لكنها ستؤكد كذلك إمكانية التفاوض مع إسرائيل بعد سنوات بائسة من التفاوض. لهذا، ستواجه الحركة بعد انتهاء المؤتمر سيلاً من الانتقادات سواء من داخلها أو من فصائل فلسطينية أخرى ممثلة في منظمة التحرير وهيئاتها المختلفة ومن فصائل غير ممثلة في المنظمة، ناهيك عن تحليلات مرتقبة من وسائل الإعلام العربية. كما ستشهد الساحة السياسية الإسرائيلية تحليلات متشعبة قد تصل إلى حد المطالبة بتفكيك السلطة الفلسطينية.
بكل تأكيد سيتم انتخاب مجلس ثوري ولجنة مركزية في المؤتمر، لكن الثابت أن مقاليد الأمور ستبقى في يد الحرس القديم – وحركة «فتح» شأنها في ذلك شأن الفصائل والقوى الفلسطينية كافة في إطار النظام السياسي الفلسطيني وخارجه، لهذا قد تشهد الساحة الفتحوية تشظيات عريضة وبيانات معارضة لتوجهات الحركة السياسية والتنظيمية في حال لم يتم تجديد الخطاب السياسي وزج الكثير من الكفاءات الشبابية العلمية والعملية في الأطر القيادية، وقد تصل الأمور إلى حد تخوين بعض الرموز الفتحوية القيادية التي شاخت في ظل غياب الرمز الجامع التيارات كافة داخل الحركة.
ويبقى السؤال المطروح: هل تبتكر حركة «فتح» خطاباً جديداً يأخذ في الاعتبار تحولات المشهد السياسي العربي والدولي، بخاصة بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، والدعم المنتظر وغير المحدود لإسرائيل، والذي تجلى في شعاراته الانتخابية، التي تؤكد أمن إسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى مدينة القدس.
 
 
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,787,763

عدد الزوار: 6,914,983

المتواجدون الآن: 88