أردوغان يملك أوراقاً رابحة في... سورية...

تاريخ الإضافة الخميس 26 أيار 2022 - 8:44 م    عدد الزيارات 950    التعليقات 0

        

أردوغان يملك أوراقاً رابحة في... سورية...

الراي... إيليا ج. مغناير...

بات من الواضح أن الأولوية القصوى لأميركا هي فوزها بـ«الجائزة الأوروبية»، وإشغال روسيا في أوكرانيا بعدما نجحت بتوحيد «الناتو»، والتحضر لإدخال فنلندا والسويد إلى الحلف، الذي من أهم أهدافه محاصرة روسيا والوقوف في وجهها وإضعافها وصولاً إلى هزيمتها إذا قدر له ذلك.

وفي خضم هذا الصراع الكبير، بدا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يرفض انضمام فنلندا والسويد إلى «الناتو»، لن يتخلى عن هذه الفرصة الذهبية لابتزاز واشنطن وتحقيق أهداف لم تكن أميركا تستمع إليها أو تلتفت نحوها.

ثمة اقتناع بأن اتهام تركيا للسويد، بإيواء 11 مسؤولاً من «حزب العمال الكردستاني» (PKK) الموجود على لائحة الإرهاب الأميركية والأوروبية، ودعم فنلندا والسويد لهذا الحزب لا يشكلان السبب الرئيسي للفيتو التركي على انضمام دول جديدة للحلف المعادي لروسيا، والذي تقوده أميركا، خصوصاً أن هناك من يعتبر أن واشنطن هي أكبر داعم لـ»PKK» ولفتح الله غولان. ولذلك فإن العذر التركي في شأن «دعم الإرهاب» ما هو إلا مفتاح للبازار الذي تريد أنقرة من خلاله رفع المطالب التركية إلى من يعنيهم الأمر وإلى كل من يجد نفسه مضطراً للمقايضة.

أول هذه المطالب يتعلق باللاجئين السوريين الذين يشكلون الوقود لجسر دخول «الناتو». فتوطين مليون ونصف المليون سوري من أصل 4 ملايين لاجئ موجودين في تركيا، يشكلون حاجزاً مهماً بين تركيا وأكراد شمال - شرق سورية، حيث توجد القوات الأميركية المحتلة للمزارع وحقول الطاقة. وهي أول خطوة للتوسع التركي في حديقة أنقرة الخلفية بعدما كانت أنقرة أعربت عن رغبتها بإنشائها منذ عام 2011، أي في بداية الحرب السورية.

وتعلم أنقرة أنها في موقع قوي تطرح أهدافها الإستراتيجية في المزاد، خصوصاً أن أميركا لا تمتلك أي خطة إستراتيجية في سورية لأن إدارة الرئيس جو بايدن أبقت الوضع كما كان عليه إبان رئاسة دونالد ترامب. وستضطر أميركا لتقديم تنازلات معقولة لتركيا، التي تعتبر الشمال السوري جزءاً من أمنها الإستراتيجي وهي التي كانت تعتبر حلب وإدلب محافظتين تركيتين وليستا سورية.

وتسيطر تركيا على 9 في المئة من الأراضي السورية بالتنسيق مع جميع جماعات المعارضة السورية. ولن تتخلى أنقرة عن هذه المطامع ما دام أردوغان في السلطة، وهو الذي يعتبر أن الرئيس السوري بشار الأسد منعه من تحقيق أهم أهدافه، أي انتشار «الإخوان المسلمين» في بلاد الشام ومنها إلى العراق ولبنان.

ويجب عدم إغفال العلاقة القوية التي تربط تركيا بأوكرانيا وإمدادها بالطائرات المسيرة «بيرقدار» وتمنياتها الا تنتصر روسيا في هذه الحرب وأن تدوم طويلاً كي لا تتفرغ روسيا إلى اتفاق «أستانة» والعودة للمطالبة بتطبيق الاتفاقات وانسحاب تركيا من سورية للحفاظ على وحدة أراضيها. ولم تكن المناورات التركية التي يتحضر لها أردوغان على طول الحدود الجنوبية التركية (سورية) إلا جزء من هذه الخطة التوسعية في وقت تنشغل فيه روسيا في أوكرانيا.

ولم يكن عابراً منع تركيا الطائرات الروسية العسكرية والباصات الحربية من استخدام المجال الجوي التركي وكذلك مضيق البوسفور والدردنيل. ما دفع موسكو للاستعاضة عن ذلك باستخدام الأجواء الإيرانية لنقل وتبديل الجنود وشحن المعدات العسكرية، خصوصاً عبر مطار همدان العسكري الإيراني، الذي خُصص أيضاً للطائرات الروسية.

ومن المهم القول إن لعبة أردوغان لا تخلو من أبعاد ترتبط بالسياسة الداخلية في بلاده. فهو يضرب على أوتار إعادة اللاجئين السوريين، أو جزء منهم، ليستغل الأمر في انتخابات السنة المقبلة عندما تتحقق هذه الخطوة، خصوصاً بعد التململ الداخلي التركي من وجود المهجرين السوريين وأعبائهم.

أما حيال أوروبا، فإن الدفع بالمهجرين السوريين نحو سورية وقضم جزء من بلاد الشام لن يقض مضاجع القارة الأوروبية التي تبارك أي خطوة تُبعد عنها جزءاً مهماً وتريحها من الابتزاز التركي والتلويح بدفع المزيد من المهجرين نحوها، خصوصاً بعد تدفق أكثر من خمسة ملايين مهاجر أوكراني إلى أوروبا في الأشهر الأخيرة.

وقد وردت معلومات أن مسؤولين من الاستخبارات الأوروبية (والأميركية) التقوا أمير تنظيم «داعش» سابقاً وأمير تنظيم «القاعدة» سابقاً أيضاً أبومحمد الجولاني، الذي أصبح جزءاً من «الباب العالي» التركي وتحت وصاية أنقرة. وثمة من يعتقد أن هذا التنسيق بين أوروبا والجولاني ليس مستغرباً خصوصاً أن تقسيم سورية يخدم مصلحة دول عدة على رأسها تركيا وإسرائيل وأميركا وأوروبا.

ومن غير المفاجئ القول إن ما يجري يصب أيضاً في أهداف إضعاف إيران بإبقاء مستوى الفقر في سورية مرتفعاً لكي ترهق كاهل طهران والحؤول دون استعادة دمشق قوتها ومطالبتها بأراضيها المحتلة (الجولان) ومنع دمشق من إقامة معادلة الردع مع إسرائيل التي تشن المئات من الغارات دون رادع. وهذا ما يشكل استنزافاً لإيران ومنع روسيا من الوجود في دولة قوية بل في دول محتاجة اقتصادياً بغية إظهار عجز موسكو عن إنعاش الدولة التي توجد فيها قواتها وتعتبر من مناطق نفوذها. بالإضافة إلى ذلك، فإن إبقاء سورية فقيرة ومحتاجة يمنع وجود دول قوية ضمن «محور المقاومة» وهذا من شأنه تخفيف العبء على إسرائيل.

إذاً فإن تل أبيب وأنقرة (الحليفتين لأميركا) تستفيدان من المطالب التركية التي من شأنها أيضاً أن تؤدي إلى إما صدام وإما عدم رضى روسي عن الأهداف التركية وطموحاتها التوسعية.

وبدأت تركيا بإعادة الحرارة للعلاقات مع الدول العربية المركزية لأنها تحتاج إلى الدعم المالي لتحقيق طموحاتها تحت عنوان «منع التمدد الإيراني». إلا أن دول المنطقة تعلم جيداً أن هذه الأهداف ستساعد على تعاظم القوة التركية دون إضعاف إيران ونفوذها في المنطقة، خصوصاً أن دولاً عدة عربية تتحضر لإعادة الحرارة إلى العلاقة مع طهران.

لن يتغير وضع الأسد مهما انشغلت روسيا عن سورية ومهما قضم أردوغان أجزاءً منها. وقد دانت دمشق ما تقوم به أنقرة من «مساومات دنيئة وتصريحات أردوغان في شأن المنطقة الآمنة التي تكشف ألاعيبه ضد وحدة الأراضي السورية وشعبها وأن الهدف هو تطهير عرقي».

إلا أن ذلك لن يغير من قواعد اللعبة التركية شيئا فأنقرة تتحضر لفرض شروطها في وقت تعلم أن في يدها السكين القاطع. وهذا ما سيعطي أردوغان الضوء الأخضر وسيسمح له بالوصول إلى بعض أهدافه، أو على الأقل أكثرها، بقبول دولي ولكن على مضض. فقد اعترضت أميركا على قرار تركيا القيام بعملية عسكرية لإقامة منطقة عازلة بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية. إلا أنها سترضخ لمطالب تركيا التي ستعتبر ثمنها مقبولاً، يضمن خروج أردوغان و«الناتو» رابحين.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,045,218

عدد الزوار: 6,749,442

المتواجدون الآن: 105