الديمقراطية اللبنانية على الطريقة الايرانية...

تاريخ الإضافة الجمعة 13 تشرين الثاني 2020 - 3:17 م    عدد الزيارات 1510    التعليقات 0

        

الديمقراطية اللبنانية على الطريقة الايرانية...

بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات... حسان القطب...

منذ العام 2005، ولبنان يعيش حالة غير مسبوقة، على مستوى كيفية ادارة انتخاب وتعيين وتولي مواقع السلطة التنفيذية، من رئاسة الجمهورية، الى رئاسة الوزراء، وهي المواقع غير الشيعية، في هرمية السلطة اللبنانية الدستورية، في حين ان موقع رئاسة مجلس النواب، لا يواجه هذه المشكلة مطلقاً.. فالتسمية والانتخاب يتم خلال لحظات... !!

لذلك نرى ان تعقيد وتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية عند كل استحقاق، اصبح امراً بديهياً ومتوقعاً ونتعايش معه بكل بساطة ودون تعمق موضوعي في فهم وادراك اسبابه، ومن هو الذي يمارس التعقيد ويقف وراء هذا التعطيل ولماذا...؟؟؟ إذ لا يتم الانتخاب الا عندما يتم الاتفاق في الكواليس وبعد إطلاق وشن حرب شبه اهلية، كما جرى عام 2008، حيث تم انتخاب الجنرال ميشال سليمان رئيساً، خلفاً للجنرال اميل لحود بعد تعطيل دام اكثر من سبعة اشهر، وبعد عملية 7 آيار /مايو الشهيرة، والتي قام بها حزب الله لفرض شروطه وتأكيد هيمنته، وانتهت العملية باتفاق الدوحة الذي توج بانتخاب الجنرال سليمان رئيساً وتشكيل حكومة جديدة خاضعة لمنطق بند الثلث المعطل، والعنوان يدل على المضمون والهدف، ثلث الوزراء للتعطيل وليس للانتاج والبناء والاعمار والاستثمار وتفعيل العمل الحكومي....؟؟

عقب انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، كان التعطيل الاخر الذي لم ينته الا بعد تدخلات ومداخلات ووساطات، اقليمية ودولية، ودام اكثر من سنتين، الى ان تمت التسوية الرئاسية وجاءت بالجنرال ميشال عون رئيساً... ببندقية وبشروط حزب الله كما قال النائب السابق نواف الموسوي...في مجلس النواب...؟؟

وما عشناه ولمسناه وعانيناه، مع استحقاق الانتخابات الرئاسية، يتم تكراره مع كل استحقاق حكومي، فالاتفاق على تسمية الرئيس المكلف، واسماء الوزراء، والتشكيلة الحكومية، وتوزيع وزاراتها يتم خارج الاطر الدستورية...فالرئيبس فؤاد السنيورة، تمت تسميته اول مرة بعد موافقة نصرالله وفريقه في قيادة حزب الله...وكذلك تسميته مرة ثانية لتشكيل حكومة ما بعد اتفاق الدوحة.. والرئيس نجيب ميقاتي تمت تسميته من قبل الثنائي الحاكم بعد اسقاط حكومة الرئيس الحريري بقرارٍ من الثنائي الحاكم ايضاً وباستخدام سلاح الثلث المعطل، والرئيس حسان دياب تمت تسميته من قبل الثنائي الحاكم بعد تجربة ناجحة معه في السمع والطاعة، عندما كان وزيراً للتربية، في حكومة الرئيس ميقاتي...

وعملية تشكيل الحكومة لا تتم من خلال تنفيذ الآلية الدستورية التي تنص على الاستشارات الملزمة، لتسمية الرئيس المكلف، ولا على ممارسة الاستشارات النيابية غير الملزمة، لتشكيل الحكومة وتسمية وزرائها والحقائب التي سوف يتسلمونها...بل بمشاورات غير معلنة تجري في غرف مغلقة، بعد مراجعة اصحاب السلطة الفعلية ومن يملك قوة البطش وفرض الشروط...والتلويح بتكرار افعال 7 آيار يتردد باستمرار من قبل جمهور الغوغاء وبطلب رسمي من مرجعيته ولو انكرت هذه المرجعية ذلك...؟؟ وكل حكومة تم تشكيلها طوال هذه السنوات الصعبة استغرق تشكيلها اشهر طويلة كلفت لبنان واللبنانيين مليارات الدولارات من الخسائر الاقتصادية وتراجع الثقة الدولية باستقرار لبنان ودوره...

وانتشار اصحاب القمصان السود قبل تسمية الرئيس نجيب ميقاتي، لتشكيل حكومة حزب الله الاولى، كانت علنية وعلى مرآى من جمهور المواطنين....مما يؤكد استخدام هذه الميليشيات والجمهور لتنفيذ استعراضات تخدم توجهات طائفية ومذهبية وليس اهداف وطنية..؟؟

ثم إنه في سلوك ونهج غير مألوف في العمل الديمقراطي وتشكيل الحكومات واحترام نتائج الانتخابات النيابية... كانت بدعة تشكيل الحكومات التوافقية.. التي تضم الموالاة والمعارضة في حكومة واحدة، بحيث تتعدد الرؤوس وينعدم العمل الجماعي بما يتعارض ويتناقض مع روح الديمقراطية واحترام نتائج الانتخابات النيابية .. ولكن الهدف الحقيقي من هذه الرغبة والهدف والتوجه هو ضرب الصيغة الديمقراطية، وتعطيل العمل الحكومي وجعل اداء الحكومة خاضع للتوافق مما يستدعي ضرورة العودة الى مرشد الجمهورية عند اتخاذ قرارات تتطلب منه مراجعة وموافقة، او ممارسة ابتزاز، وذلك للحصول على موافقته وبركته ومسحته الدينية..

واذا كانت الحكومة التوافقية .. اية حكومة توافقية عاجزة او ممنوعة من اتخاذ قرارات ذات اهمية لا يوافق عليها الثنائي الحاكم ومرشده، الا ان الثنائي الحاكم وتحت ادارة مرشد الجمهورية... يستطيع شن حرب، دون عودة للسلطة التنفيذية والمؤسسات الدستورية اللبنانية، كما ان بإمكانه التفاوض على ترسيم الحدود، طوال عشر سنوات دون اعلان، وبواسطة رئيس مجلس النواب الشريك الاساس في التعطيل والهيمنة على المؤسسات الدستورية، بما يخالف روح الدستور ونصوصه، ومن ثم القاء كرة التفاوض في ملعب رئيس الجمهورية، باعتباره راس السلطة التنفيذية، والمؤتمن على احترام الدستور، وهذا الموقف عبارة عن مسرحية متاخرة، تمت للتعمية على المخالفة الاساس والتي تصيب الدستور اللبناني في الصميم من عدم احترام القوانين والنصوص الناظمة لعمل الهيئات الدستورية واحترام المواقع الرسمية ودورها...

كما انه وفي تصرف مضحك آخر ينم او يدل على الاستهزاء بالمفاهيم الديمقراطية... فقد رفض حزب الله تسمية مرشح لتشكيل الحكومة، والتيار الوطني الحر رفض التسمية ايضاً، والقوات اللبنانية كذلك، وكان بالامكان تسمية اي شخصية يجد فيها اي فريق من هذه القوى امكانيات مناسبة لتشكيل حكومة او قيادة سفينة الحكومة... ولكن الاكثر اسفافاً واستخفافاً.... هو ان يطالب هؤلاء بان يكون لهم تمثيل وازن في حكومة رفضوا تسمية رئيسها ..؟؟؟؟ فكيف من الممكن ان يتعاون هؤلاء مع رئيس حكومة لا يثقون به ..؟؟؟؟؟

والاكثر غرابةً هو ان الرئيس المكلف يقوم بالتفاوض معهم... على حصص وزارية... ومقاعد حكومية...؟؟؟ فهل يدرك الرئيس المكلف ان مهمته انقاذ لبنان مما يعيشه من ازمات... او انه يرى ان واجبه هو في ارضاء رغبات وطلبات هذه القوى...!!!

او ربما انه اصبح على قناعة كاملة بان السلطة اللبنانية اصبحت خاضعة بالكامل لسلطة الثنائي الحاكم التزاماً بالوصاية الايرانية التي تحتل وتهيمن على الواقع اللبناني بالشكل والمضمون... واستنساخ هذا النظام اصبح امراً واقعاً، فهي بالشكل سلطة يتم انتخابها وتعيينها وتتسلم زمام الامور...ولكن في الواقع نحن نخضع لسلطة مرشد الجمهورية.. فنحن في الواقع نعيش تحت سلطتين:

  • سلطة رسمية ولكن شكلية... تحكم بالشكل وليس بالفعل على طريقة النظام الايراني الذي تقول المادة السادسة منه التالي....

المادة السادسة من الدستور الايراني...

يجب أن تدار شؤون البلاد في جمهورية ‌إيران الإسلامية بالاعتماد على رأي الأمة الذي يتجلى بانتخاب رئيس الجمهورية، وأعضاء مجلس الشورى الإسلامي وأعضاء سائر مجالس الشورى ونظائرها، أو عن طريق الاستفتاء العام في الحالات التي نص عليها الدستور.

  • في حين ان هناك سلطة حقيقية تحاسب ولا تتم محاسبتها وتسال ولا يمكن مساءلتها...تمسك بالسلطة من خلال ادارة السلطات المنتخبة والدستورية ولكن بقوة الامر الواقع والهيمنة الالهية... ولذلك يريد حزب الله تكريس قدسية قيادته وامينه العام الذي هو في واقع الامر مرشد الجمهورية اللبنانية على الطريقة الايرانية....الذي يحاسبنا جميعا ولا نستطيع محاسبته..؟؟؟ وهذا ما اشارت اليه المادة الخامسة من الدستور الايراني...؟؟؟

المادة الخامسة من الدستور الايراني...

في زمن غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، ‌ البصير بأمور العصر، ‌الشجاع القادر على الإدارة والتدبير وذلك وفقاً للمادة (107).....

-  وبما انه لا يمكن تحويل الجيش اللبناني والمؤسات الامنية اللبنانية الى اداوات بيد مرشد الجمهورية على الطريقة الايرانية، كان لا بد من ابقاء سلاح الميليشيات المذهبية حاضراً وجاهزاً ليشكل اداة ضغط وترهيب وفرض شروط وتسويات والابتزاز عند الضرورة او التهديد بإثارة الفوضى اذا لزم الامر... وكذلك لحماية النظام الايراني واستقراره بابقاء لبنان ساحة صراع وليس واحة استقرار واستثمار...

ونرى هذا يتجلى فيما نقراه في تفاصيل ودور الجيش العقائدي في الدستور الايراني....

في مجال بناء القوات المسلحة للبلاد وتجهيزها، يتركز الاهتمام على جعل الإيمان والعقيدة أساساً وقاعدة لذلك، وهكذا يصار إلى جعل بنية جيش الجمهورية الإسلامية وقوات حرس الثورة على أساس الهدف المذكور ولا تلتزم هذه القوات المسلحة بمسؤولية الحماية وحراسة الحدود فحسب، بل تحمل أيضاً أعباء رسالتها الإلهية، وهي الجهاد في سبيل الله، والنضال من أجل بسط حاكمية القانون الإلهي في العالم «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم».

الخلاصة.... هو ان ما يجري منذ العام 2005، منهجي ومبرمج ومخطط له، حتى نصل الى ما وصلنا اليه من الاعتياد وحتى بالقبول بالواقع السياسي القائم على هيمنة سلطة مرشد الجمهورية على الواقع اللبناني من مختلف جوانبه ... والامساك بكافة مؤسساته.. ووزاراته.. ومع الاسف لا زال البعض يراهن على تشكيل حكومات وينتظر وساطات فرنسية وعربية واستخدام لغة الاقناع مع فريق عقائدي يؤمن... بانه يسعى لبسط السلطة الالهية على العالم باسره...؟؟؟؟؟ لذا يمكن القول اننا نعيش الديمقراطية الوهمية على الطريقة الايرانية... وبفهم ومنقوص وملتوي وخاطيء ومقصود للديمقراطية الحقيقية... ولا ديمقراطية في ظل الوصاية والاحتلال المقنع بسلاح الوصاية...؟؟؟

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,096,091

عدد الزوار: 6,752,473

المتواجدون الآن: 104