انتخابات لبنان... التكليف الوطني في مواجهة التكليف الشرعي...

تاريخ الإضافة الخميس 21 نيسان 2022 - 6:37 م    عدد الزيارات 1114    التعليقات 0

        

انتخابات لبنان... التكليف الوطني في مواجهة التكليف الشرعي...

بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات.. حسان القطب..

الانتخابات النيابية او غيرها من المناسبات والاستحقاقات الانتخابية، تعتبر محطة اساسية في تقديم تصور سياسي او مشروع اقتصادي لادارة شؤون المواطنين، وهي فرصة لكل القوى المتنافسة للتواصل مع المواطنين والناخبين لاقناعهم، بمشروعها السياسي وشرح تصورها للانتقال بالوطن والمواطنين من حالة الى اخرى..

ومن المفترض ان تكون الانتخابات وخاصةً النيابية المقبلة.. محطة تنافس وطني، خاصةً ونحن نمر في اخطر ازمة اقتصادية وحالة انهيار مالي لم يمر بها لبنان من قبل... ولكن من يعرف في قرارة نفسه ان سلوكه ومواقفه وممارساته وسياساته سواء في الداخل او في الخارج، وتحالفاته السياسية وتغطيته للفساد والفاسدين، كانت سبباً اساسياً في الوصول الى ما وصلنا اليه من انهيار.. تدفعه للبحث عن عامل أخر لحث مواطنيه واتباعه ومؤيديه للتوجه الى صندوق الاقتراع...

كما ان من يفتقد الى الرؤية السياسية والقدرة على طرح وشرح مشروعه السياسي كما الاقتصادي، والاضاءة على حسن التصور لتنظيم العلاقات سواء في الداخل بين المكونات المتعددة والاطياف المتنوعة، بعيداً عن الاتهام والتخوين سواء بالفساد او بالعمالة، لا يجد امامه من وسيلة سوى استنهاض الروح الدينية لحشد جمهوره، واثارة عواطفه، واعادة معنوياته المتردية، ومنعه من طرح الاسئلة وانتظار الاجوبة، فالغطاء الديني يكفي لوقف السؤال والتساؤل، ووقف الحساب والمحاسبة..؟؟

من هذا المنطلق وبناءً على صعوبة ما نمر به في لبنان والقدرة على الشرح والتفصيل والقبول بالنقد الذاتي او على الاقل التراجع عن بعض السياسات والمواقف، او فك التحالفات ومراجعة الذات.. لا يبقى من وسيلة سوى مخاطية العواطف والغرائز، وتصوير المعركة الانتخابية على انها معركة وجودية تستهدف طائفة او مذهب وفريق او ميليشيا.. فقط لذاتها وانتمائها وليس لاي سبب آخر.. ويصبح تأييدها وانتخابها وتأييد حلفائها حتى ممن كان يتهمهم بالفساد او العمالة والخيانة في مرحلة ما.. امر يجب تجاهله كما تجاوزه...

من هنا فقد أكّد رئيس المجلس السياسي لـ"حزب الله" السيد إبراهيم أمين السيد على أهمية استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة، معتبراً أنه "من المفترض أن يكون الاستحقاق من محطات المنافسة الديمقراطية"، "البعض أراد الانتخابات معركة سياسية كجزء من الحرب على حزب الله وعلى المقاومة. لقد دخل البعض إلى الانتخابات من باب الحرب التي تستهدف المقاومة وسلاحها وتستهدف بيئة المقاومة. إن الأميركيين وأدواتهم يطمحون أن يروا بيئة المقاومة قد تراجعت، أو تأييد المقاومة قد تراجع، أو أن لديهم الإمكانية لإضعاف التمثيل السياسي للمقاومة". قال السيد: "نريد أن نقول أيضاً لأميركا لن تحققوا اي شيء من خلال أدواتكم في هذا البلد، يحب أن ييأس الأميركي من ان يعتمد على أدوات في لبنان ليطمح في أن تنال من المقاومة، ففي الحرب المقاومة جاهزة، وبالانتخابات كلنا مقاومين". وختم: "إن الانتخابات قبل أن تكون فرصة سياسية وموقف، هي فرصة عبادية، مثلما تصلون في الجامع، ومثلما تصومون في رجب وشعبان ورمضان، يجب أن تذهبوا إلى صناديق الاقتراع، لأن التصويت كما الصلاة في المساجد"...

رابط النص..

https://www.lebanon24.com/news/lebanon/936242/%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%AD%D9%8C-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%B2-

بناءً على ما تقدم يمكن القول ان هذا الكلام الذي اطلقه رئيس المكتب السياسي لحزب الله لا علاقة له بالسياسة.. لا من قريب او بعيد.. ويمكن ترجمة المنطق الذي قدمه بالقول بأن توجه ناخبي البيئة المؤيدة لحزب الله هو واجب ديني وشرعي او (تكليف شرعي) كما كان يقال سابقاً.. وليس بناءً على نجاح مشروع حزب الله في ادارة شؤون لبنان وهو المهيمن الاساسي على كافة مفاصله.. بل جاء هذا الموقف في سياق تغطية الفشل وعدم القدرة على الادارة..

وهنا يمكن الوقوف عند مخاطر التوجه الى صناديق الاقتراع بناءً على التوجيه الديني والاستنفار المذهبي:

  • تشجيع المواطنين من قبل ادارة حزب الله على الانتخاب بناءً على تحريض ديني، واسباب مذهبية وحمايةً لمشروع سياسي ديني، وترهيب من مخاطر قادمة تستهدف البيئة او الطائفة.. يؤكد مذهبية المشروع وطائفية التوجهات..ومخاطر استمرار السلاح بيد هذه الميليشيات..
  • ان الانتخاب بناءً على توجهات دينية وليست سياسية.. يعمق الانقسام بين المكونات المختلفة في لبنان.. ويثير القلق فيما بينها..
  • ماذا لو اندفعت كافة القوى والمكونات اللبنانية لاستنفار بيئاتها للتوجه الى صناديق الاقتراع باندفاع ديني لحماية الطائفة او المذهب وليس الوطن والكيان..؟؟
  • ان الانتخاب بناءً على توجهات مذهبية او دينية.. يؤسس لانشاء فيدراليات وتجمعات طائفية ومذهبية..
  • الانتخاب على اساس طائفي ومذهبي قد يؤسس للمطالبة بالامن الذاتي والادارة الذاتية
  • إن تركيز حزب الله على ترسيخ مفهوم الميثاقية التوافقية ورغبته في تأصيلها بنوداً ونصوصاً دستورية وقانونية.. في المستقبل.. امر يدل على الرغبة في تعزيز الانقسام الديني والمذهبي في الداخل اللبناني... ليكون حاكماً بقوة الامر الواقع مستخدماً ميليشياته وجمهوره الخائف باستمرار نتيجة التوجيهات الاعلامية والدينية ...؟؟
  • إن انتخاب حلفاء حزب الله ولو كانوا من اهل الفساد والتحريض .. يعتبر ضرورة لضمان هيمنته.. ولهذا فقد اكد نصرالله على ضرورة انتخاب الحلفاء من قبل جمهوره ومؤيديه..؟؟ وبتكليف شرعي دون شك..؟؟

الخلاصة..

الانتخابات هي مساحة تلاقي التوجهات السياسية والرؤية الاقتصادية.. وبالتالي فإن المطلوب هو تقديم مشاريع سياسية واقتصادية، بناءً عليها يتم الاختيار بين هذا الفريق او ذاك.. والغالبية تحكم والاقلية تعارض..

المطلوب من كافة القوى السياسية والمكونات المتنوعة اللبنانية .. ان تتوجه لصناديق الاقتراع بناءً على تكليف وطني، ورؤية وطنية، ومفاهيم وطنية، تقوم على انتخاب الاصلح والافضل والانسب والاكفأ.. ومن يملك مشروع ورؤية ويمكن محاسبته وعزله سياسياً وقضائياً.. وليس فريق يعتبر نفسه فوق الشبهات ويستطيع ان يتهم ويحاسب الآخرين كل الاخرين المخالفين او المختلفين معه.. بينما هو بإمكانه ان يتجاوز القوانين، ويرتكب كافة الموبقات دون اية مساءلة او محاسبة مهما كان شكلها...

لذلك لا بد من ان يكون التكليف الوطني هو الحل والخلاص الحقيقي لبنانء دولة الحق والقانون والمحاسبة والمساءلة والمعاقبة وحماية مصالح الوطن والشعب وترسيخ وحدة المؤسسات وخاصةً الامنية منها.. ووقف التلاعب بالسلطة التنفيذية والتشريعية، وتعطيل دورها وحضورها ونحن نمر في احلك الاوقات..

التكليف الوطني هو الحل لمواجهة التكليف الشرعي.. حتى لا نقع في فخ الانقسام الديني والولوج في حربٍ اهلية سياسية واعلامية وباتالي المزيد من الانهيار المالي وارتفاع معدلات الفقر والحاجة لدى المواطن اللبناني...

 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,608,413

عدد الزوار: 6,903,810

المتواجدون الآن: 86