أخبار سوريا..هجوم بطائرات مسيّرة على قاعدة التنف..زيارة عبد اللهيان "المفاجئة" لدمشق ثم أنقرة..ماذا تريد طهران؟..5 سنوات على «غصن الزيتون»..تركيا تشكو مجدداً من «حزام إرهابي» في سوريا.."مدن أشباح"..سوريون يروون معاناتهم اليومية بحثا عن الكهرباء والدفء..تركيا مشغولة بالطُرق الدولية: فَلْنختبر التعاون في «حلب - اللاذقية»..«قسد» تُنهي زيارة لدمشق: الحوار مطلوبٌ لِذاته..هوّة الغلاء بلا قعر: الأسعار ارتفعت 76 ضعفاً..

تاريخ الإضافة السبت 21 كانون الثاني 2023 - 4:30 ص    عدد الزيارات 642    التعليقات 0    القسم عربية

        


3 مسيرات تهاجم قاعدة تضم قوات أمريكية شرقي سوريا...

المصدر | الخليج الجديد...هاجمت 3 طائرات مسيرة، صباح الجمعة، قاعدة التنف في سوريا، التي تضم قوات أمريكية. وقال المتحدث باسم القيادة الكولونيل "جو بوتشينو"، إن قوات التحالف الدولي نجحت في إسقاط اثنتين من المسيرات الثلاث. ولفت إلى أن المسيرة الثالثة تمكنت من استهداف القاعدة ما أدى إلى جرح عنصرين من قوات "جيش سوريا الحر". ونفى "بوتشينو" إصابة أي من القوات الأمريكية في الهجوم. وندد بهذه الهجمات التي قال إنها تعرض القوات الأمريكية وشركاءها وحلفاءها للخطر، كما تهدد العمليات ضد تنظيم "الدولة" (داعش) الإرهابي. وتعتبر القاعدة، التي تأسست عام 2016، جزءا أساسيا في الحرب ضد تنظيم "الدولة" حيث تتمركز فيها القوات الأمريكية، وقوات التحالف لتدريب قوات المعارضة السورية المحلية، على القيام بدوريات لمواجهة مسلحي التنظيم. وتقع القاعدة قرب الحدود الشرقية لسوريا مع الأردن والعراق، وتقع على طول طريق حيوي يمتد من طهران مرورا ببغداد إلى دمشق. وإضافة إلى المهام الموكلة لـ"التنف" بكبح نشاط تنظيم "الدولة" في المنطقة، يشير المحللون إلى دور آخر لها، يتمثل في عرقلة التوسع الإيراني في المنطقة الممتدة ما بين العراق وسوريا. وأنشأت القوات الأمريكية في التنف منطقة خالية من النزاع بطول 55 كيلومترا، تقع بعدها مجموعة من القوات التي وُصِفت بأنها "موالية للنظام" أو "مدعومة من إيران"، والتي أقامت نقاط تفتيش بالقرب منها. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها مهاجمة قاعدة "التنف"، لكنها الأول من نوعها منذ نحو 5 أشهر. ويثير التواجد الأمريكي في قاعدة التنف غضب روسيا، التي عبرت عن ذلك في العامين الماضيين، من خلال سلسلة بيانات اعتبرت فيها أن القاعدة "منبعا للإرهاب" في المنطقة.

هجوم بطائرات مسيّرة على قاعدة التنف

جريحان من فصيل «جيش سوريا الحرة»... والاشتباه بمجموعات تدعمها إيران

لندن - بيروت: «الشرق الأوسط»..أعلنت القيادة المركزية للجيش الأميركي (سنتكوم) الجمعة عن استهداف قاعدة التنف العسكرية في جنوب شرقي سوريا بطائرات مسيّرة، ما أدى إلى إصابة مقاتلين ينتميان إلى فصيل سوري معارض بجروح. وأفادت في بيان عن هجوم نفذته «ثلاث طائرات مسيّرة أحادية الاتجاه... أسقطت قوات التحالف الدولي اثنتين منها فيما استهدفت الثالثة القاعدة». وأدى الهجوم إلى إصابة عنصرين من فصيل سوري معارض بجروح (تلقيا العلاج الطبي). ولم تسجل إصابات في صفوف القوات الأميركية، بحسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. من جهته، أعلن فصيل «جيش سوريا الحرة» الذي ينتشر في قاعدة التنف، أنه رد مع قوات «التحالف» على الهجوم بالطائرات المسيرة «أحادية الاتجاه»، مؤكداً تدمير طائرتين، فيما انفجرت ثالثة من دون أن تؤدي إلى «أي إصابات أو أضرار في الجانب العسكري». وقال ناطق باسم هذا الفصيل: «لن ندع هذا الأمر يردع عملياتنا المستمرة مع التحالف في هزيمتنا لـ(داعش)، وسنظل يقظين ونقاتل من أجل سوريا حرة». ووزع فصيل «جيش سوريا الحرة» مجموعة صور لأضرار لحقت بمنشأة طبية في التنف نتيجة الهجوم بالطائرات المسيّرة. ولم توجّه القوات الأميركية إصبع الاتهام إلى أي جهة. وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الكولونيل جو بوتشينو إن «هجمات من هذا النوع غير مقبولة»، معتبراً أنّها «تعرّض قواتنا وشركاءنا للخطر». ورجّح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تكون الطائرات المسيّرة تابعة لمجموعات موالية لإيران، موضحاً أن الجريحين ينتميان إلى قوات «جيش سوريا الحرة» وهو فصيل معارض مدعوم أميركياً وينشط في منطقة التنف وكان يُعرف سابقاً باسم «جيش مغاوير الثورة». وأحبطت قوات التحالف في مرات سابقة هجمات مماثلة، بينها بطائرات مسيرة، آخرها في 15 أغسطس (آب) على قاعدة التنف التي أنشئت عام 2016، وتقع بالقرب من الحدود الأردنية والعراقية، وتتمتع بأهمية استراتيجية لكونها تقع على طريق بغداد - دمشق. وإضافة إلى قاعدة التنف، تنتشر قوات التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» في قواعد عدة بمناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال وشمال شرقي سوريا.

زيارة عبد اللهيان "المفاجئة" لدمشق ثم أنقرة.. ماذا تريد طهران؟

الحرة.. ضياء عودة – إسطنبول... لم تكن زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق ومن ثم أنقرة خلال الأيام الماضية "اعتيادية" بالنسبة للكثير من المراقبين، كونها "مفاجئة" وتزامنت مع المضي بمحطات التقارب بين تركيا والنظام السوري برعاية موسكو، وبينما أكد المسؤول على دور بلاده في أي "حل سوري"، كان لافتا تركيزه على "أستانة"، ونية طهران تحديث صيغة هذا المسار السوري الأطول. وتتلخص فكرة "التحديث" أو تعديل الصيغة بأن يتم إشراك "سوريا" في إشارة من طهران إلى النظام السوري كطرف رابع في "أستانة"، بعدما كان المسار مقتصرا على الثلاثي "الضامن" تركيا وإيران وروسيا، على مدى 19 جولة، ومنذ العام 2017. وفي حين طرح عبد اللهيان هذه الفكرة على نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة، سبقه بالتلويح بها كبير مستشاري الخارجية الإيراني، علي أصغر خاجي، بقوله لوسائل إعلام إيرانية إنه "يجري العمل على تحديث شكل محادثات أستانة حول سوريا، تماشيا مع الظروف والمتغيرات الراهنة". وأشار خاجي إلى أنه تم إبلاغ النظام السوري بأهمية أن تصبح "أستانة" رباعية، وأنه "في الجولات القادمة التي سنقوم بها إلى دول أخرى من أعضاء في صيغة المسار، سنطرح هذه القضايا ونحاول أن نجعلها أكثر كفاءة وفاعلية مع استراتيجية مناسبة ترتكز على الأوضاع الجديدة في البلاد". وعاد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الجمعة ليردد في أثناء مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين فكرة "أهمية تنفيذ عملية أستانة، التي توظف كآلية لتسوية الأوضاع في سوريا".

"الحراك عدّل الصورة"

وتعتبر إيران أحد حلفاء نظام الأسد الاثنين الذين قدموا له دعما عسكريا وسياسيا، ورجحوا الكفة لصالحه أمام مناهضيه، منذ عام 2011، وبينما خفت اسمها في مسار التقارب الحاصل بين تركيا والنظام السوري لصالح موسكو، جاء حراكها المفاجئ في أنقرة ودمشق ليعدّل المشهد السائد. وأعطى التقارب الذي بدأ بأول اجتماع على مستوى وزراء الدفاع في العاصمة الروسية موسكو على أن محطاته تسير بشكل ثنائي بين الأخيرة وأنقرة، بعيدا عن طهران، التي عادت لتؤكد أن الملف السوري لا يمكن حلّه "دون وجودها". ولذلك يرى مراقبون تحدثوا لموقع "الحرة" أن زيارة عبد اللهيان إلى دمشق وأنقرة لم تخرج عن المعادلة المذكورة السابقة، إذ خَطت باتجاهين وبشكل مفاجئ، لكي تكون حاضرة ضمن ما يحصل، لا سيما أنها سبق وأن عرضت لعب دور "الوساطة" بين تركيا ونظام الأسد. فيما يتعلق بـ"أستانة" يرى الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمود البازي أن التمسك بها والدعوة لتعديل صيغتها لكي تكون "رباعية" تهدف إلى تحقيق عدة أهداف، منها "حذف الوساطات الخارجية خارج إطار المنصة"، إذ لا تريد طهران لأي أطراف ثانية أن تدخل على خط المصالحة التركية-السورية. كما لا تريد طهران وفق ما يقول الباحث لموقع "الحرة" عقد اتفاقيات ثنائية أو ثلاثية بين تركيا وسوريا وروسيا بدونها، ولذلك "تدعو طهران الآن لتغيير التركيبة الخاصة بالمسار" والتأكيد عليه. "إيران تحاول إعادة الدور الإيراني بالوساطة من خلال منصة أستانة"، وعلى مدى الأشهر الماضية كانت الظروف الداخلية التي شهدتها قد استدعت دخول موسكو للعب هذا الدور. ويضيف البازي: "الإيرانيون لا يريدون اتفاقيات ثنائية خارج أستانة، كونها قد تحمل بنودا سرية وتتعارض مع مصالحهم"، وهم الفاعلون في المسار الثلاثي على الأرض، بينما يحاولون "تأمين مصالحهم عن طريق لعب دور التقارب بين أنقرة ودمشق". ومنذ بداية إطلاق المسار كان الهدف من "أستانة" تشكيل إطار عمل مشترك بين تركيا، إيران، روسيا لمنع تجنب اشتباك قواتهم على الأرض، إضافة إلى "ترسيم حدود النفوذ بين الثلاثة"، حسب ما يقول الباحث السوري عروة عجوب. ويوضح عجوب أن التطور الأخير بتشجيع موسكو لتركيا لإعادة علاقاتها مع النظام السوري بدا وكأن هذه الخطوة "الثنائية" تخرج إيران من الطاولة الثلاثية، ما دفع الأخيرة لإعادة التأكيد على المسار الذي انطلق في 2017. يقول عجوب لموقع "الحرة": "ما نعلمه أن إيران غاضبة من النظام السوري، وترجم ذلك بامتناعها عن تزويده بالنفط وطلبها من دمشق أن تدفع ثمن الشحنات نقدا، على عكس النموذج القديم المعتمد على الديون المؤجلة". وهو ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية. لكن من الصعب تأكيد "الغضب" من إقصائها من عملية "المصالحة" بين أنقرة ودمشق، بينما يشير الباحث إلى أن "دخول الإمارات والحديث عن إمكانية لقاء وزراء خارجية تركيا وروسيا وسوريا في أبو ظبي خلّف امتعاضا لدى طهران بسبب التنافس الجيو سياسي مع الأخيرة". ويرى عجوب أن "تصور أبو ظبي بأن إيران هي حليف وحيد لكنه ليس بالضرورة جيد وأن النظام لا يملك الكثير من الحلول دفعها لفتح سفاراتها في 2018، وأن تسعى لإزاحة العلاقة بين الطرفين بشكل أو بآخر، أو من خلال تحويل علاقة التبعية إلى علاقة أقل اشتباكا". وعلى اعتبار أن زيارة عبد اللهيان إلى دمشق، الأسبوع الفائت، تزامنت مع زحمة التصريحات والمواقف المتعلقة بالتقارب بين أنقرة ودمشق فقد جاءت أيضا في أعقاب زيارة أجراها وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد إلى سوريا أيضا، حيث التقى بشار الأسد ونظيره فيصل المقداد. وكانت زيارته السابقة إلى العاصمة في يوليو العام المنصرم قد جاءت أيضا في أعقاب زيارة أجراها بن زايد إلى دمشق، بعدما أعادت أبو ظبي علاقاتها مع النظام السوري، على نحو كبير.

ماذا يعني تحديث الصيغة؟

وتعتبر إيران وتركيا وروسيا دولا ضامنة لمسار "أستانة السوري"، ومنذ عام 2017 تجمع أطرافا من المعارضة السورية والنظام باستمرار، من أجل بحث قضايا ميدانية وسياسية في آن واحد. لكن حديث المسؤولين الإيرانيين بأنه يتم العمل على تحديث صيغة المسار لكي يصبح "رباعيا" قد يحمل أبعادا وتطورات، تزيد من "إعادة تعويم الأسد" وتقلل فرص المعارضة في التفاوض، حسب المراقبين. ويوضح الباحث البازي أن "الإيرانيون يحاولون إعادة سكة أستانة للمسار الماضي بعدما تعطل بسبب الظروف الداخلية، ولا يريدون أي مسار ثنائي قد يضر بمصالحهم". ويقول البازي: "ما تقصده إيران بتحديث الصيغة إلى رباعي لا يعني فرض النظام على تركيا كدولة تجلس على طاولة المفاوضات، لأن أنقرة تتفاوض على هذا الأساس منذ زمن، رغم أنها شككت بشرعية الأسد في البداية". ويضيف: "الرسالة الإيرانية تستهدف الأطراف الأخرى، مثل أميركا والغرب وأوروبا، بأن الحلول الخاصة بسوريا يجب أن تمر عبر النظام السوري". "إيران تحاول تدويل الرئيس الأسد. هناك 3 لاءات موجودة في الطرف الغربي والولايات المتحدة ويؤكدون عليها، بينما تعمل طهران على التخفيف منها"، من خلال إدخال النظام السوري كطرف رابع في "أستانة". وفي السابع عشر من يناير الحالي عقد الاتحاد الأوروبي جلسة بحضور ممثلي كل الدول الأعضاء، لمناقشة الأوضاع في سوريا، وشدد على مواصلة دعم الشعب السوري، والتأكيد على اللاءات الثلاث: "لا للتطبيع، لا لإعادة الإعمار، لا لرفع العقوبات"، طالما لم يشارك النظام بشكل فعّال في الحل السياسي. ويشير الباحث البازي إلى أن طهران تحاول كسر أولى اللاءات من خلال إحياء مسار تطبيع العلاقات مع النظام السوري. ويضيف: "تعتقد أنه بمجرد تخفيف الأولى يمكن أن تمضي باتجاه مسار إعادة الإعمار ورفع العقوبات". من جهته تحدث عروة عجوب، وهو كبير المحللين في مركز التحليل والبحوث العملياتي عن هدفين من إدخال نظام الأسد كطرف رابع إلى "أستانة"، الأول لـ"تضييق الخناق على المسار التركي الروسي، والعودة إلى منصة لها تفاهماتها المسبقة وتضمن دور طهران ونفوذها". ويرى الباحث أن "المسار الجديد بين النظام السوري وتركيا برعاية الإمارات وروسيا قد يبعد إيران عن اللعبة". ويشير إلى هدف ثانٍ يتعلق بنية طهران إقصاء المعارضة: "إذا أصبح النظام كرابع إلى جانب روسيا وإيران وتركيا لم تعد المعارضة طرفا بل منفذا للمخرجات". ومع ذلك "من المبكر حسم إدخال النظام السوري كمطلب إيراني"، في ظل ضبابية مستقبل المصالحة مع تركيا، كما يضيف عجوب بقوله: "أنقرة وموسكو لهما رأي وتفاهماتهما الثنائية كذلك الأمر".

5 سنوات على «غصن الزيتون»..تركيا تشكو مجدداً من «حزام إرهابي» في سوريا

العملية أدت إلى السيطرة على مساحة ألفي كيلومتر مربع في منطقة عفرين الكردية

الشرق الاوسط... أنقرة: سعيد عبد الرازق... مرت 5 سنوات على انطلاق العملية العسكرية المسماة «غصن الزيتون» التي نفّذتها القوات التركية بالتعاون مع فصائل ما كان يعرف بـ«الجيش السوري الحر» التي انضوت في العام 2017 ضمن ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة والتي استهدفت منها تركيا منع إقامة ما تسميه «الحزام الإرهابي» على حدودها الجنوبية. وأحيت وزارة الدفاع التركية (الجمعة)، الذكرى السنوية الخامسة للعملية التي استمرت لمدة 64 يوماً بعد انطلاقها في 20 يناير (كانون الثاني) 2018، وتم خلالها السيطرة على مساحة ألفي كيلومتر مربع في منطقة عفرين بمحافظة حلب شمال غربي سوريا التي كانت خاضعة لمدة 6 سنوات لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكل قوام «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)». وقُتل خلال العملية 7 آلاف و314 من عناصر القوات الكردية، حسب أرقام وزارة الدفاع التركية. وقالت الوزارة، في تغريدة على حسابها الرسمي في «تويتر»: «في الذكرى السنوية الخامسة لعملية غصن الزيتون، التي دمّرت الممر الإرهابي الذي كان يراد إنشاؤه جنوب البلاد وضمنت أمن حدودنا وسكان المنطقة الأبرياء، نحيّي قواتنا المسلحة التركية وعناصرها الأبطال الذين نفّذوا العملية بنجاح». وعملية «غصن الزيتون» كانت هي العملية العسكرية التركية الثانية التي دشّنت مرحلة التدخل التركي المباشر على الأرض في شمال سوريا بعد عملية «درع الفرات» التي سيطرت فيها تركيا والفصائل السورية الموالية لها على مناطق واسعة في حلب من جرابلس إلى الباب وأعزاز. كما كانت «غصن الزيتون» الحلقة الوسطى في سلسلة العمليات التركية، إذ أعقبتها عملية «نبع السلام» التي نفّذتها تركيا ضد مواقع «قسد» بالتعاون مع فصائل «الجيش الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، لكنها لم تستمر طويلاً إذ انطلقت في التاسع من ذلك الشهر وتوقفت في الثاني والعشرين منه بعد تدخل الولايات المتحدة وروسيا، اللتين وقّعتا مع تركيا مذكرتَي تفاهم حملتا تعهدات بانسحاب «قسد» إلى مسافة 30 كيلومتراً جنوب الحدود التركية، وهو ما لم يتحقق حتى الآن ويتسبب في اتهامات من جانب أنقرة لكلتا الدولتين بعدم الوفاء بالتزاماتهما. وسيطرت القوات التركية والفصائل السورية عبر هذه العملية على مدينتي رأس العين وتل أبيض. تقع عفرين على بُعد نحو 60 كيلومتراً عن مركز مدينة حلب في الجهة الشمالية الغربية، وهي أحد التجمعات الثلاثة للأكراد في شمال سوريا بالإضافة إلى الجزيرة التي تقع بمحافظة الحسكة وعين العرب (كوباني)، وهي منطقة حدودية محاذية لولاية هطاي في جنوب تركيا. لكنّ عفرين، على عكس منطقتي كوباني والجزيرة، تقع في نقطة بعيدة نسبياً عن المناطق الكردية الأخرى بشمال سوريا، وتحاذيها مدن ومناطق عربية ولا تجاورها في الجهة التركية مدن ولا قرى كردية. وتبلغ مساحتها 2 في المائة من مساحة سوريا.

- كيف جرت العملية؟

لم يكن بإمكان تركيا الشروع في عملية «غصن الزيتون» دون التفاهم مع روسيا، التي قامت قبل انطلاقها بساعات بسحب شرطتها العسكرية من عفرين، إلى جانب السماح لتركيا باستخدام سلاحها الجوي في العملية. وبدا أيضاً أن إيران والنظام السوري قَبِلا بالعملية التركية، ربما بفعل ضغوط روسيا التي كانت قد دخلت حقبة من التقارب مع تركيا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها الأخيرة في منتصف يوليو (تموز) 2016، على الرغم من استمرار الإعلام الإيراني والسوري الرسمي بوصف العملية بـ«غير الشرعية» وبـ«الاحتلال». كما وافق النظام على التفاوض مع قيادة حزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري حول مصير المنطقة، تماشياً مع رغبة الحزب في استخدام شرعية الدولة السورية لمواجهة التدخل التركي. ومما يعزز فكرة التفاهم التركي - الروسي ضمن مسار آستانة، أن تركيا لم تفرض نموذج حكم ذاتي في عفرين، في دلالةٍ على التنسيق الأمني مع الجانب الروسي، لكنَّ الإدارة الذاتية الكردية تتهم تركيا بإحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة، وإحداث تغييرات في التمثيل السكاني ظهر عند تشكيل المجالس المحلية في عفرين، عن طريق فرض تمثيل غير عادل بمنح حصص أكبر للعرب والتأسيس للتركمان بصفتهم إحدى القوميات في عفرين، وإيجاد نخبة سياسية كردية جديدة من الموالين لها، وإقصاء الأكراد من العمل في المجالس المحلية. وعمدت تركيا، كما يقول ناشطون وسكان محليون، إلى ملء الفراغ الذي نجم عن نزوح أكراد عفرين أو تهجيرهم، بنقل آلاف من عائلات مقاتلي فصائل «الجيش الوطني» وأقربائهم من العرب والتركمان إلى بيوت الأكراد. ومنذ سيطرة الفصائل الموالية لأنقرة على عفرين تراجع الوضع الاقتصادي المرتكز على الزراعة، وتم إطلاق خطط استثمار استفاد منها التجار الأتراك الذين بدأوا ينشطون في عفرين، حيث وجدوا لهم سوقاً جديدة، بينما اتجه قادة بعض الفصائل في «الجيش الوطني» إلى تشغيل أموالهم مع تجار سوريين من أبناء الغوطة وحمص المهجرين قسرياً.

- انفلات أمني

وبالنسبة إلى الوضع الأمني، درَّبت أنقرة مئات العناصر من الشرطة المحلية بهدف توفير الأمن والحماية المدنية في مدارس تابعة لأكاديمية الشرطة التركية في أضنة ومرسين. وقُسمت عفرين وفقاً للتوزيع الجغرافي إلى 3 قطاعات أمنية، قُسمت بدورها إلى نواحٍ، تضم هذه القطاعات مركز شرطة عفرين، ومركز شرطة جنديرس، ومركز شرطة راجو. ويتبع هذا التقسيم السيطرة الأمنية والعسكرية التركية التي أعطت الأولوية لتأمين الحدود في راجو وجنديرس، وإلحاق المناطق الداخلية بمنطقة عفرين. وأسست تركيا فرقة المهام السورية التابعة للقوات الخاصة التركية في مديرية الأمن العام التركية، وهي القوة الأمنية التركية الضاربة في عفرين، وتُعرف محلياً بـ«الكوماندوز التركي»، وتتألف من 12 وحدة موزعة على مناطق عفرين الإدارية، أما عناصرها فهي تابعة للإدارات الأمنية في أنقرة وهطاي وغازي عنتاب وكيليس وأضنة ومرسين. وثبّتت تركيا مراكز أمنية وعسكرية تابعة لها من أجل فرض سيطرة كاملة على عفرين، مع توسيع هيكلة الفصائل السورية الموالية لها وضمها تحت مظلّة «الجيش الوطني»، من منطقة «درع الفرات» إلى عفرين، امتداداً إلى مناطق السيطرة ضمن عملية «نبع السلام» في شرق الفرات. وعلى الرغم من ذلك، بقي الوضع الأمني في عفرين هشاً بسبب الاقتتال بين الفصائل، التي تمارس عمليات نهب للممتلكات وانتهاكات واسعة بحق السكان الأصليين. وفي أكتوبر الماضي، اجتاحت «هيئة تحرير الشام» منطقة عفرين وبلدة كفرجنة على خلفية الاقتتال بين فصائل «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، بعد اشتباكات مع «الفيلق الثالث» التابع لـ«الجيش الوطني»، عقب اعتقاله خلية اغتيال الناشط محمد عبد اللطيف أبو غنوم، التي اتضح أنها تتبع لفرقة «الحمزة» التي بادرت مع فصيل «السلطان سليمان شاه» (العمشات) للتحالف مع «هيئة تحرير الشام» وتسهيل دخولها إلى منطقة عفرين. وأصابت «هيئة تحرير الشام» بقذائف الهاون القاعدة التركية في محيط كفرجنة، وعلى أثرها ردّت القوات التركية بشكل مباشر على مصادر النيران. واتخذت القوات التركية إجراءات لإخراج الهيئة من المنطقة، بعد حالة الغضب الشعبي والمظاهرات الرافضة لوجودها، وبروز مواقف دولية، وبخاصة أميركية وروسية، انتقدت التطورات. وقرأت روسيا تلك الأحداث على أنها خطة معدة سلفاً لصَهر «تحرير الشام» في الفصائل الموالية لأنقرة. وحذرت من هذ الخطوة على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، الذي أكد «ضرورة عزل الإرهابيين وفي مقدمهم هيئة تحرير الشام». وشن الطيران الروسي غارات جوية على ريف حلب، عدها مراقبون رسالة شديدة اللهجة من موسكو، مفادها رفض توسع نفوذ «هيئة تحرير الشام» باتجاه ريف حلب، وضرورة وفاء تركيا بتعهداتها السابقة بتفكيك «الهيئة» وعزلها عن الفصائل التي توصف بـ«المعتدلة».

- تغيير ديمغرافي

حسب تقرير لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، تسببت عملية «غصن الزيتون» في نزوح ثلث سكان المنطقة الأصليين، باتجاه مخيمات ومنازل شبه مدمرة في ريف حلب وغيرها من المناطق السورية. ولم تقتصر الانتهاكات على ذلك فحسب، وإنما بدأت عملية تغيير ديمغرافي في المنطقة، عبر توطين عائلات الفصائل في القرى السكنية النموذجية التي أنشأتها المؤسسات المدعومة من تركيا، إلى جانب «سرقة» المعالم الأثرية لطمس تاريخ الكرد في المنطقة، حسبما يقول منتقدو ما تقوم بها تركيا التي فرضت اللغة التركية كمادة أساسية في المناهج الدراسية كما شددت على ضرورة رفع عَلم تركيا على المدارس. وعقب انتهاء عملية «غصن الزيتون» في 20 مارس (آذار) 2018، وصل عدد سكان عفرين خلال عام إلى 350 ألف نسمة، وتم تشكيل 7 مجالس محلية لإدارة شؤون مدينة عفرين وبلداتها، وتولت تركيا من خلال تلك المجالس تقديم خدمات الصحة والتعليم والصناعة والتجارة والثقافة والرياضة. وتم البدء في تدريس مناهج حددتها الحكومة السورية المؤقتة التي شكّلتها المعارضة السورية. وبمرسوم من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تم تأسيس «كلية التربية» بعفرين في مركز المدينة، وهي تتبع «جامعة غازي عنتاب» التركية، إضافةً إلى افتتاح مجمع رياضي ومركز ثقافي.

- ماذا بعد؟

مضت 5 سنوات على عملية «غصن الزيتون» وما يقرب من 4 سنوات على عملية «نبع السلام»، اللتين استهدفتا «قسد» غرب نهر الفرات وشرقه، لكن تركيا لا تزال تشعر بالقلق من وجود القوات الكردية على حدودها، وتريد استكمال ما تسميها المناطق الآمنة بعمق 30 كيلومتراً. وتطالب الولايات المتحدة وروسيا بتنفيذ تعهداتهما في هذا الشأن. وتقول إن إنشاء حزام أمني على حدودها الجنوبية سيضمن أموراً ليس أهمها تأمين الحدود التركية الجنوبية، لكن أيضاً منع قيام «دولة إرهابية» ستهدد المنطقة بأسرها وستمزق وحدة سوريا، فضلاً عن رغبتها في ملء تلك المناطق الآمنة باللاجئين السوريين على أراضيها للتخلص من أعبائهم من ناحية، ولضمان سكان موالين لها من ناحية أخرى. ودفع فشل الاتفاق بين أنقرة وواشنطن، ثم موسكو، إلى إخراج القوات الكردية من منبج، وكذلك عدم تنفيذ بنود تفاهمَي أنقرة وسوتشي الموقَّعين مع الولايات المتحدة وروسيا في أكتوبر 2019 بشأن إبعاد «قسد» عن الحدود لمسافة 30 كيلومتراً مقابل إنهاء عملية «نبع السلام»، بتركيا إلى التلويح أكثر من مرة بشن عملية عسكرية للسيطرة على منبج وتل رفعت وعين العرب (كوباني). وتعتقد أنقرة أن السيطرة على تلك المناطق سيتحقق هدفها بإبعاد «قسد» عن الحدود للمسافة المطلوبة والقضاء على «الحزام الإرهابي» الذي يسعى «حزب العمال الكردستاني» لإنشائه عبر وصل مناطق شمال سوريا مع شمال العراق ومع مناطق من إيران، وأن السيطرة على تلك المناطق ستقطع الصلة بين مواقع سيطرة الأكراد في شمال سوريا وشمال العراق. لكن تركيا تواجه معارضة شديدة من جانب الولايات المتحدة، حليفة «قسد»، وكذلك من جانب روسيا التي تحاول إعادة سيطرة النظام على بقية مناطق الشمال السوري والتي كان لها دور في انتشار قوات النظام في مناطق سيطرة «قسد» بشمال سوريا وشرقها. كذلك تلقى تركيا معارضة من إيران التي ترفض أي عمل عسكري في المنطقة بدعوى أنه سيهز الاستقرار. كما أن الاتحاد الأوروبي يرفض بدوره أي تحرك عسكري تركي في المنطقة.

- تضاؤل الخيارات

ودفع تضاؤل الخيارات، والرفض الواسع للتحرك العسكري، تركيا إلى القبول بمبادرات بعيدة عن الحل العسكري، خصوصاً من جانب روسيا التي عرضت صيغة لانسحاب «قسد» إلى مسافة 30 كيلومتراً وإحلال قوات النظام محلها لضمان أمن الحدود التركية، كما دفعت باتجاه التقارب وتطبيع العلاقات بين تركيا ونظام الرئيس بشار الأسد، وسط رفض أميركي، وتشدد من جانب النظام بشأن الانسحاب التركي من شمال سوريا ووقف الدعم لفصائل المعارضة وإعلانها تنظيمات إرهابية، وهو ما يبدو صعباً أن تقبل به أنقرة، التي لا تثق حتى الآن بقدرة النظام على حماية الحدود، أو بجديته في ضبط «قسد». كما تبدو مسألة الانسحاب التركي في هذه الظروف غير واردة وقد رهنتها أنقرة بتحقيق الحل السياسي وإحلال الاستقرار في سوريا، بينما تحاول موسكو إيجاد مخرج عبر تعديل اتفاقية أضنة الموقَّعة بين تركيا وسوريا عام 1998 والتي تضمن للقوات التركية الدخول إلى عمق 5 كيلومترات خلف الحدود مع سوريا حال وجود خطر على أمن تركيا، وتوسيع هذا المدى إلى 30 كيلومتراً. وأقرت روسيا بالمخاوف الأمنية لتركيا. وقال وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، في تصريحات (الأربعاء)، انتقدتها الإدارة الذاتية الكردية، إن «واشنطن تسعى لاستخدام الأكراد لبناء دويلة في سوريا لإزعاج باقي الأطراف، ما يثير قلق تركيا»، لافتاً إلى أن روسيا تتفهم مخاوف أنقرة إزاء من تعدهم مقاتلين أكراداً خطرين في سوريا. لكن روسيا، مع ذلك، تحافظ على موقفها الرافض لأي عملية عسكرية تركية في شمال سوريا، وتتحرك باتجاه الحلول التوافقية بين أنقرة والنظام السوري، والتي قد تستغرق وقتاً طويلاً.

"مدن أشباح".. سوريون يروون معاناتهم اليومية بحثا عن الكهرباء والدفء

الحرة / ترجمات – واشنطن... بينما تغرق مدن في ظلام دامس، تظل الأنوار مضاءة لفترة أطول بالقرب من القصر الرئاسي

بعد سنوات من الحرب والحرمان، يعاني السوريون الآن من أزمة وقود خانقة، زادت من تعقيد الوضع المتأزم أصلا جراء عقد من الاقتتال. وأغرقت أزمة الوقود معظم المدن السورية في ظلام دامس منذ فترة، حيث تعاني البلاد من انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي. وفي العاصمة دمشق تحصل بعض الأحياء على 15 دقيقة من الكهرباء كل 24 ساعة "بينما تظل الأنوار مضاءة لفترة أطول بالقرب من القصر الرئاسي" وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. ومع نقص الوقود أيضا، غالبا ما تكون الطرق الرئيسية خالية من حركة المرور، فيما أصبحت الحدود السورية اللبنانية سوقا سوداء مزدهرة للوقود. وفي حمص، ثالث أكبر مدينة في سوريا، يستغرق الأمر من عائلة أسبوعا لغسل كمية من الملابس. يقول محمد متحدثا للصحيفة عبر الهاتف من حمص وسط البلاد "لا يوجد وقت محدد للكهرباء، أحيانا تأتي لمدة ساعة، وأحيانا لساعتين، وأحيانا أخرى لمدة 10 دقائق فقط" قبل أن يستدرك "وفي بعض الأحيان لا تأتي على الإطلاق طوال اليوم". تغسل والدة محمد معظم الملابس يدويا، وتترك الملابس التي تحتاج إلى غسالة، إلى حين عودة التيار، وقد يستغرق ذلك أياما.

"مدينة أشباح"

يقول محمد الذي تحدث للصحيفة الأميركية مشترطا عدم ذكر اسمه الكامل "حمص أصبحت مدينة أشباح". ويعتمد معظم السوريين على المولدات لتوليد الكهرباء، لكنها هي الأخرى تحتاج إلى الوقود، بينما تحولت عائلات أخرى والتي لا تستطيع تحمل تكاليف المولدات إلى بطاريات كبيرة، موصولة بألواح شمسية "لكن كثيرين ليسوا محظوظين مثل هاتين الفئتين" تقول واشنطن بوست. الباقون، يعتمودون على حرق الأحذية، والنايلون، والزجاجات البلاستيكية للتدفئة. يلفت محمد بالخصوص قائلا "يمكنك رؤية الناس في الشارع، وهم يجمعون البلاستيك من أكياس القمامة، وحتى أكياس القمامة نفسها، ويحرقونها". وفي السنوات الأخيرة، خلال الأشهر الباردة، مات الأطفال اختناقا بعد أن أحرق آباؤهم البلاستيك والأقمشة للتدفئة، لكن حتى الآن، كان فصل الشتاء الحالي معتدلا. وتمتلك عائلة محمد بطارية، وهي قوية بما يكفي فقط لمصابيح LED، بينما يقوم هو بشحن هاتفه بواسطة بطارية شحن (Power Bank)، والذي يعيد شحنه في كل مرة في منزل أحد أقاربه الذي يملك ألواحا شمسية. وللحفاظ على البطاريات الضخمة قيد التشغيل، يقوم رجال الأسرة بحملها وتوصيلها بالسيارة لشحنها. يقول محمد: "معظم الناس يستخدمون السيارة بهذه الطريقة"، مشيرا بنبرة ساخرة إلى أن السيارة نفسها بالكاد تتحرك بسبب نقص الغاز.

تأخر إيران

في أواخر نوفمبر الماضي، ألقى وزير النفط السوري، بسام طعمة، باللوم في الأزمة على تأخر الشحنات من "الأصدقاء"، في إشارة إلى إيران، التي تمد حكومة الرئيس بشار الأسد بالنفط منذ عام 2013. وقال طعمة للتلفزيون الحكومي "ما كان يتم استيراده من النفط كان حسب الحاجة فقط". وخلال الحرب التي استمرت 12 عاما، خسرت سوريا معظم شمال شرقها الغني بالنفط بما ذلك حقل العمر، أكبر حقول النفط في البلاد، لصالح مقاتلي تنظيم "داعش"، ثم إلى القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة. واعتماد سوريا على إيران للحصول على النفط، وهي التي تتعرض لعقوبات عديدة، يضعها تحت رحمة قوى خارجة عن سيطرتها. الصدد، أشار طعمة إلى حادثة أبريل 2022، عندما احتجزت اليونان سفينة ترفع العلم الإيراني، بينما صادرت الولايات المتحدة جزءا من شحنتها النفطية مؤقتا .

السوق السوداء

لحل مشكلة الوفرة، يتطلع السوريون إلى لبنان المجاور، حيث قد يكون الغاز باهظ الثمن ولكنه متاح بسهولة على الأقل. لذلك، أصبحت الطرق في الجزء الذي يربط بين البلدين سوقا غير رسمي حيث يتم شراء وبيع الزجاجات البلاستيكية المليئة بالوقود بحرية. وقال أحد السائقين السوريين الذي ينقل الأشخاص بين البلدين، في حديث للصحيفة الأميركية، إن وقود السوق السوداء هذا "قدم الإغاثة للناس". ووسط سيارات تحمل لوحات أرقام لبنانية مصطفة على جانب الطريق في المنطقة؛ يسحب السائقون الوقود من صهاريجهم ويبيعونه لأولئك الذين يقودون سياراتهم إلى سوريا.

سوريا- بنزين- ندرة

يقول الرجل في الصدد: "إذا عبرت الحدود السورية يتغير السعر ويصبح ربحك أفضل". ويضيف ذات السائق الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن ضباط الجمارك اللبنانيين، المعروفين منذ فترة طويلة بعدم قبول الرشاوى، يكسبون المال الآن من هذه التجارة. وعلى فيسبوك، موقع التواصل الاجتماعي المفضل لدى السوريين، تزدحم المجموعات المخصصة لإيجاد محطات وقود مفتوحة الآن بعروض بيع الوقود في قارورات الزيت القديمة ودلاء المياه. واضطرت الحكومة إلى الاعتراف بنقص الوقود وتنفيذ سلسلة من الإجراءات المؤقتة، حيث قام الاتحاد الرياضي العام في البلاد بتأجيل جميع مباريات كرة القدم وكرة السلة إلى أجل غير مسمى. وفي الشهر الماضي، تم منح الموظفين العموميين يومين إضافيين إجازة في الأسبوع. وفي أكتوبر، أعلن المسؤولون أنهم سيجعلون التوقيت الصيفي دائما، مما دفع السوريين إلى السخرية منهم على وسائل التواصل الاجتماعي. وعلق أحد سكان حماة قائلا: "لم يتمكنوا من توفير البنزين لفصل الشتاء، لذلك قرروا إلغاء الشتاء كله" وكتب آخر ساخرا: "غدا سنبرد لمدة ساعة إضافية".

تركيا مشغولة بالطُرق الدولية: فَلْنختبر التعاون في «حلب - اللاذقية»

الاخبار.. علاء حلبي .. بدأت القوّات التركية عمليات التحضير لفتح طريق حلب – اللاذقية (M4) (

في انتظار انعقاد اللقاء الأمني - السياسي الثاني بين أنقرة ودمشق، والذي يُحتمل إتمامه في شهر شباط المقبل، تصبّ تركيا اهتمامها على مسألة الطُرق الدولية في سوريا، وعلى رأسها طريق حلب – اللاذقية (M4)، التي ترى فيها مفتاحاً لتحقيق تقدّم على طريق التطبيع مع الحكومة السورية. وبحسب المعلومات، فإن أنقرة تتطلّع إلى اختبار التعاون الثُلاثي مع دمشق وموسكو في ما يتّصل بالطريق المذكور، قبل البدء بتسليمه تدريجياً، تلافياً لأيّ تداعيات غير مرغوبة، في وقت تُواصل فيه التنسيق مع «هيئة تحرير الشام» من أجل منْع أيّ مساس بالقواعد التركية أو محاولة لإفشال خطّة تشغيل الـ«M4» ... كما كان متوقّعاً، لم يَخرج اللقاء الذي جمع وزيرَي خارجية تركيا، مولود تشاووش أوغلو، والولايات المتحدة، أنتوني بلينكن، بأيّ نتائج واضحة حول الملفّات الخلافية العديدة بين البلدَين، ومن بينها الملفّ السوري، الذي شهد أخيراً انسحاباً تركياً تدريجياً من المشروع الأميركي، وانخراطاً في مسار الحلّ الروسي عبر التقرّب من دمشق، والعمل المشترك معها على التخلّص من أعباء اللاجئين وتأمين الحدود التركية الجنوبية. على أن هذا المسار دخل مرحلة خفوت بعد اعتراض سوري واضح على تسريع خطواته، من دون الاتفاق على خريطة طريق توضح موعد الانسحاب التركي من سوريا وآلياته. ودفَع ذلك أنقرة، وفق مصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، إلى طلب لقاءات أمنية جديدة، بالإضافة إلى لقاء بين وزيريَ دفاع البلدين، سيكون – في حال عقْده في شهر شباط المقبل – الثاني من نوعه، بعد أوّل انعقد في العاصمة الروسية موسكو الشهر الماضي، وأعلن الجانبان (السوري والتركي) أنه كان إيجابياً للغاية، علماً أن الجانب الاقتصادي شغل جزءاً مهمّاً منه، بالإضافة إلى ملفَّي اللاجئين والأكراد، ودور الولايات المتحدة التخريبي في الملفّ السوري. وتُفيد مصادر معارِضة، في حديث إلى «الأخبار»، بأن القوّات التركية بدأت، في أعقاب الاجتماع الأوّل، عمليات تحضير لفتح طريق حلب – اللاذقية (M4)، حيث تسيطر دمشق على معظم الطريق، بينما تسيطر أنقرة والفصائل الموالية لها على جيْب صغير، كانت تركيا قد تعهّدت عام 2020 بسحب الفصائل من محيطه بعمق 6 كيلومترات ليتمّ تشغيله، من دون أن تفي بتعهّداتها. ووفق المصادر، أبلغ مسؤولون أمنيون أتراك، الجماعات المسلّحة، بضرورة الاستعداد لتشغيل الطريق، والذي ترغب تركيا في أن يتمّ بإشراف ثُلاثي (سوري – تركي – روسي)، عبر الآلية التي كانت قد اقترحتْها خلال الاجتماعات السابقة مع دمشق وموسكو. وتريد تركيا، في المرحلة الأولى، اختبار التعاون الثلاثي من دون تسليم كامل للطريق، على أن يتمّ تسليمه والانسحاب التدريجي منه بعد حلّ الملفّات العالقة عبر مسارات حلّ سياسية، تضْمن لها عدم الانزلاق إلى معارك تؤدّي إلى حركات نزوح جديدة نحوها، وتُفشل مساعيها للتخلّص من اللاجئين.

شهدت مناطق التماس بين الجيش السوري والفصائل في إدلب محاولات عدّة لإشعالها

كذلك، تُفيد المصادر بأن اجتماعَين عُقدا خلال الأسبوع الماضي بين مسؤولين أتراك وقياديين في «هيئة تحرير الشام»، تناولا، إلى جانب مسألة «M4»، مسألة تأمين النقاط التركية وعدم الاقتراب منها، في أعقاب اقتحام متظاهرين بعض القواعد التابعة لأنقرة وكتابة عبارات مناوئة للتقارب السوري - التركي. وبحسب المعلومات، فقد حصل المسؤولون الأتراك على تعهّدات بعدم المساس بالقواعد التركية، وعدم إفشال الخطّة التركية لفتح «M4» في حال تَحقّقها. وتشمل الخطّة التي طرحتْها تركيا، إلى جانب تشغيل طريق حلب – اللاذقية، فتْح طريق الترانزيت عبر سوريا، من خلال إعادة تشغيل معبر باب الهوى بشكل رسمي، غير أن هذه النقطة لم توضح أنقرة كيفية تطبيقها في ظلّ سيطرة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) على المعبر وعلى إدلب وريفها، وتشكيل «باب الهوى» أحد أهمّ مصادر دخْلها الذي لن تتخلّى عنه ببساطة، فضلاً عن أن دمشق أبدت موقفاً واضحاً حول ضرورة عودة سيادتها على المعبر لتشغيله، الأمر الذي من شأنه أن يؤخّر معالجة ملفّه. في هذا الوقت، شهدت مناطق التماس بين الجيش السوري والفصائل في إدلب (منطقة خفض التصعيد) محاولات عدّة لإشعالها، من خلال شنّ مسلّحين هجمات انتحارية ينفّذها انغماسيون، ردّ عليها الجيش السوري بقصف استهدف مناطق انطلاقهم وخطوطهم الخلفية. وتحاول «هيئة تحرير الشام» استثمار الانعطافة التركية لتصدّر المشهد الفصائلي، الأمر الذي تعتقد أنه سيؤمّن حماية لها مستقبلاً، في ظلّ تصنيفها على «لوائح الإرهاب» وإصرار دمشق على إنهائها. وتتوافق محاولة التخريب هذه مع التصعيد الأميركي المتواصل في سوريا، عبر إعادة الانتشار في نقاط كانت قد انسحبت واشنطن منها قبل نحو ثلاث سنوات، وإحياء فصائل جديدة مُوازية لـ«قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، بالإضافة إلى التوتير السياسي المتمثّل في مناقشة إمكانية فرْض عقوبات على الدول التي انفتحت على دمشق أو تميل إلى الانفتاح عليها، وإعادة تكثيف العمل الإعلامي لضرب هذه المسارات، وهو ما أعلنت عنه وزارة الخارجية الأميركية من خلال مشروع إعلامي لتسويق السياسة الأميركية في سوريا، بتمويل يصل إلى 15 مليون دولار. واللافت أنه بعد الإعلان الأميركي عن المشروع المذكور، سارعت «تحرير الشام» إلى إنشاء وزارة خاصة بالإعلام ضمن حكومتها (حكومة الإنقاذ)، علماً أن واشنطن بنت علاقات متينة مع «الهيئة» خلال السنوات الماضية، ساهمت خلالها الجماعة التي يقودها أبو محمد الجولاني في عمليات اغتيال زعيمَين سابقَين لتنظيم «داعش»، أحدهما أبو بكر البغدادي الذي اغتالته الولايات المتحدة في منطقة قرب الحدود مع تركيا في ريف إدلب.

«قسد» تُنهي زيارة لدمشق: الحوار مطلوبٌ لِذاته

الاخبار..أيهم مرعي.. تدرك دمشق أن استمرار الوجود الأميركي في كلّ من الحسكة ودير الزور سيجعل الموقف الكردي أكثر تصلّباً الحسكة | لم تَخرج اللقاءات الجديدة التي أجراها وفدٌ من «قسد» مع ممثّلين عن الحكومة السورية، بنتائج تُذكر. لكن الانطباع السائد هو أن مجرّد عقْد هذه اللقاءات، يعكس تمسّك الطرفَين بالحوار كخيار لمعالجة ملفّ المناطق الخاضعة لسيطرة «الإدارة الذاتية»، على رغم الهوّة الكبيرة بينهما. وإذ تدرك دمشق أن استمرار الوجود الأميركي في كلّ من الحسكة ودير الزور سيجعل من الموقف الكردي أكثر تصلّباً، خصوصاً في ظلّ نصائح واشنطن المتكرّرة للأكراد بعدم الانخراط في حوارات ثنائية مع الحكومة السورية، فهي لا تريد قطْع «شعرة» التواصل مع «قسد»، وتفضّل عدم التفكير بأيّ حلول عسكرية اتّجاهها، حتى لو قطع وصل مسار التقارب بينها وبين الجانب التركي إلى خطوات متقدّمة، وذلك انطلاقاً من إدراكها أن أيّ حلّ عسكري قد يتحوّل إلى حرب ذات طابع أهلي وعِرقي. بناءً على ما سبق، فتحت دمشق أبوابها لوفد كردي برئاسة رئيس «هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية»، بدران جيا كرد، قادم من القامشلي. وتَلفت مصادر متابعة للزيارة التي انتهت أمس، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «اللقاءات التي أجراها جيا كرد استمرّت لثلاثة أيام، من دون تسجيل أيّ خروقات جدّية يمكن التأسيس عليها»، مستدرِكةً بأن «هناك تفاهمات أوّلية بين الطرفَين على ثوابت مِن مِثل وحدة الأراضي السورية والعلَم الوطني وشخص الرئيس بشار الأسد». وتصف المصادر الأجواء بأنها «إيجابية»، بالنسبة إلى «قسد» على الأقلّ، خاصة في ظلّ التوجّه السوري الرسمي القاضي بعدم اتّخاذ خطوات إضافية في مسار التقارب مع تركيا، قبل انتزاع تعهّد بانسحاب الأخيرة من المناطق التي تحتلّها. وتختم بأن «هناك إجماعاً بين الطرفَين على ضرورة الحفاظ على مسار الحوار، مع البحث عن نقاط التقاء للمضيّ في خطوات متقدّمة مستقبلاً».

يخشى الأكراد نجاح تركيا في إقناع الأميركيين بتنفيذ عملية عسكرية

على خطّ مُوازٍ، تُبدي الأوساط الكردية تخوّفاً من نجاح الأتراك في إقناع الأميركيين بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في الشمال السوري، بعد زيارة وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إلى واشنطن، ولقائه نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن. وتضاعفت حدّة هذه المخاوف مع تأكيد البيان الأميركي - التركي المشترك أن «البلدَين خطّطا للحفاظ على التنسيق في محاربة الإرهاب، وخاصّة ضدّ تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني، مع الالتزام بعملية سياسية بقيادة سوريّة، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254». وكانت «قسد» استبَقت الزيارة التركية بإطلاق تصريحات على لسان قائدها العام، مظلوم عبدي، الذي أكّد لموقع «مونيتور» أن «قوّاتنا ستوقف تنسيقها مع الأميركيين في ملفّ قتال تنظيم داعش، في حال حصول هجوم تركي على أيّ منطقة من مناطق شمال وشرق سوريا»، متوقّعاً أن «يقوم الأتراك بشنّ هجوم برّي جديد انطلاقاً من عين العرب شمال حلب». وفي المقابل، نفى وزير الخارجية التركي أن تكون الولايات المتحدة فرضت أيّ شروط على بلاده مقابل الموافقة على العملية البرّية، وذلك في معرض ردّه على أسئلة الصحافيين حول إذا ما كانت واشنطن ربطت موافقتها على تلك العملية ببيع أنقرة مقاتلات أميركية من طراز «إف 16».

هوّة الغلاء بلا قعر: الأسعار ارتفعت 76 ضعفاً

الاخبار.. زياد غصن .. سيؤدّي استمرار ارتفاع الأسعار بالوتيرة نفسها إلى انتقال مزيد من الفقراء إلى قاع الفقر المدقع ... يمثّل ارتفاع معدّلات التضخّم واحداً من القواسم المشتركة التي تربط اليوم جميع مناطق البلاد، على رغم أن هذا الارتفاع يظلّ متبايناً لجهة الفئات السلعية والخدمية التي سجّلت أعلى نسبة تضخّم. وكذلك الحال بالنسبة إلى خطوط الفقر الوطنية الثلاثة، والتي تُظهر التقديرات الحديثة أن الأجور لم تستطع اللحاق بها وابتعدت عنها كثيراً... لم يهدأ الغلاء منذ نحو ثلاث سنوات، وفي جميع مناطق البلاد بلا استثناء. وإنْ فعل ذلك، فلأيام قليلة فقط. هكذا، باتت أمنية السوريين اليوم أن يتوقّف فقط، وعند أيّ مستوى، وهو ما يبدو من «رابع المستحيلات» في ضوء تعمّق أثر العقوبات الغربية مع مرور الزمن، والسياسات الاقتصادية المتّبعة في إدارة الأزمة، وتعاظم نفوذ شبكات اقتصاديات الحرب. لكن إلى الآن، ليست هناك بيانات حكومية معلَنة ترصد معدّل التضخّم الذي أصاب البلاد خلال السنوات الأخيرة، وأيّاً من الفئات السلعية كانت الأكثر تضخّماً. فالمعلَن، رسمياً، من قِبل «المكتب المركزي للإحصاء» يعود إلى عام 2020، وتالياً فإن ما هو متداوَل ليس أكثر من تقديرات اقتصاديين غير موثّقة إحصائيّاً. قبل أيام قليلة، أصدر «المركز السوري لبحوث السياسات» تقريراً تضمّن مؤشّراً مركّباً لرصد وتحليل أسعار المستهلك، التضخم، وتكاليف المعيشة على مستوى الاقتصاديات المحلّية في جميع المحافظات السورية، بما فيها تلك الخارجة عن سيطرة الحكومة، وليكون المركز بذلك أوّل جهة بحثيّة تحاول تقديم رؤية عن واقع التضخّم في المناطق الخاضعة لسيطرة «الإدارة الذاتية»، وأيضاً تلك الداخلة في نطاق سيطرة «هيئة تحرير الشام». وبحسب ما يشير إليه المركز، فإن «دليله لأسعار المستهلك» يتفرّد باعتماده نمط استهلاك مماثل للفترة الراهنة في سوريا.

تضخّم متباين

بموجب الرصد الشهري لأسعار 59 سوقاً موزّعة على 14 محافظة، وللفترة الممتدّة من تشرين الأول 2020 ولغاية حزيران 2022، يخلص دليل المركز إلى أن الرقم القياسي العام للأسعار سجّل تضخّماً سنوياً قدره 113.6% في عام 2020، و110.90% في عام 2021. أمّا خلال النصف الأول من العام الماضي، فقد سجّل معدّل التضخّم، ومقارنة مع 2021، ارتفاعاً نسبته 55.71%. وتأكيداً للأثر الكبير الذي تركه التضخّم على المستوى المعيشي للأُسر السورية، فإن نتائج الدليل تؤكد أن تضخّم أسعار السلع الغذائية سجّل في 2020 ما نسبته 132.99%، وفي 2021 حوالى 110.47%. وخلال النصف الأول من 2022، ومقارنة مع 2021، بلغ التضخّم الغذائي ما نسبته 56.71%..... على صعيد التوزّع الجغرافي، تُظهر النتائج أن المناطق، وعلى رغم تسجيلها معدّلات تضخّم مرتفعة ومتقاربة في ما بينها بعض الشيء، إلّا أنها كانت متباينة لجهة الفئات السلعية والخدمية التي سجّلت أعلى نسبة تضخّم. فالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اتّسمت بتسجيلها أعلى معدّل للتضخّم العام والغذائي خلال الفترة الممتدّة من تشرين الأول 2020 ولغاية حزيران 2022، حيث بلغ وسطي التضخّم العام الشهري حوالى 5.4%، تليها المناطق الخاضعة حالياً لسيطرة «الإدارة الذاتية» بوسطي تضخّم شهري قدره 4.8%، فالمناطق الخاضعة لسيطرة فصائل مسلّحة في إدلب وشمال حلب بوسطي تضخّم شهري قدره 4.6%. وحافظت جميع المناطق على الترتيب نفسه من حيث التأثّر بالتضخّم العام في 2021، وتباينت من حيث التضخّم الغذائي، حيث سجّلت مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية» أعلى مستوى من التضخّم الغذائي. أمّا في النصف الأول من 2022، فقد جاءت مناطق سيطرة الفصائل المسلّحة في إدلب وشمال حلب أوّلاً من حيث التضخّم العام والغذائي، تلتها مناطق سيطرة الحكومة، ومن ثمّ مناطق سيطرة «الذاتية».

ارتفعت الأسعار بحلول منتصف عام 2022 بنحو 76 ضعفاً مقارنة مع عام 2009

في تحليله للتضخّم بحسب مجموعات الاستهلاك، يشير تقرير دليل المركز إلى أن معدّلات التضخّم اختلفت في ما بين مجموعات الاستهلاك الرئيسة. فعلى مستوى سوريا، جاءت مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز في المرتبة الأولى بوسطي تضخّم شهري قدره 6.4%، تلتها مجموعة التجهيزات والمعدّات المنزلية وأعمال الصيانة بوسطي تضخّم شهري قدره 5.7%، وجاءت مجموعة النقل ثالثاً بوسطي تضخّم شهري 5.7%، ورابعاً حلّت مجموعة الأغذية والمشروبات غير الكحولية بوسطي تضخّم شهري قدره 5.5%. أمّا أقلّ مجموعة لجهة نسبة تضخّمها فهي مجموعة المشروبات الكحولية والتبغ بوسطي تضخّم شهري قدره 3.0%.... لكن هذا الترتيب يختلف تبعاً لمناطق السيطرة بفعل تأثير الأوضاع الاقتصادية السائدة في كلّ منها. ففي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، جاءت مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز أولاً بتسجيلها أعلى معدّل تضخّم، حيث بلغ كوسطي شهري حوالى 6.4%، ثمّ مجموعتا الأغذية والمشروبات غير الكحولية والتجهيزات والمعدّات المنزلية بوسطي تضخّم شهري لكلّ منها بنحو 5.8%، فيما كانت مجموعة النقل أولاً في التضخّم الحاصل في مناطق سيطرة الفصائل المسلّحة في إدلب وشمال حلب بوسطي تضخّم شهري قدره 6.8%، فالاتصالات ثانياً بحوالى 6%. أمّا في مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية»، فقد سجّلت مجموعة الملابس والأحذية معدّل التضخّم الأعلى بوسطي شهري قدره 5.6%، ثمّ مجموعتا التجهيزات والمعدات المنزلية والتعليم بوسطي تضخّم شهري لكلّ منها 5.2%.

خطوط الفقر الوطنية

تخلص عملية تحليل البيانات الإحصائية السابقة إلى أن الأسعار ارتفعت بحلول منتصف عام 2022 بنحو 76 ضعفاً مقارنة مع عام 2009، وتالياً فإن «الأثر الأكبر لانعكاسات تدهور الاقتصاد السوري ظهر في تسارع انهيار الأمن الغذائي، وتغيُّر هيكل الفقر من خلال انزلاق السوريين من حالة فقراء ضمن خطَّي الفقر الأعلى أو الأدنى إلى فقراء تحت خطّ الفقر المدقع، فيما استمرار ارتفاع الأسعار بالوتيرة نفسها سيؤدّي إلى انتقال مزيد من الفقراء إلى قاع الفقر المدقع حيث تَظهر أنماط حرجة من الفقر كحالات الجوع»، لا سيما وأن الأغذية والمشروبات غير الكحولية ساهمت بما نسبته 43.6% من معدّل التضخّم الشهري. ومن خلال قياس أثر التضخّم على خطوط فقر عام 2009، فقد توصّل باحثو المركز إلى احتساب خطّ الفقر لعام 2021 ومنتصف عام 2022، وعليه فقد بلغ خطّ الفقر المدقع للأسرة، كمؤشّر للحرمان من الغذاء، ما يقارب 645 ألف ليرة سورية على مستوى سوريا في النصف الأول من 2022، وبلغ خطّ الفقر الأدنى كمؤشّر عن عدم القدرة على تلبية الحاجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة ما يقارب المليون ليرة سورية للفترة نفسها، فيما بلغ خطّ الفقر الأعلى ما يقارب 1.4 مليون ليرة سورية. وتصدّرت مناطق المسلّحين الترتيب على مستوى مناطق السيطرة لناحية ارتفاع خطوط الفقر، تلتها مناطق الحكومة السورية، ثمّ مناطق «الإدارة الذاتية». ولم تستطع الأجور اللحاق بخطوط الفقر وابتعدت عنها كثيراً خلال فترة الدراسة، حيث تَعمّقت حدّة التفاوت بين الأجور على مستوى كامل سوريا وضمن مناطق السيطرة وقطاعات التشغيل (العام والخاص والمدني)، لتعكس حالة التشظّي وغياب العدالة بين مناطق السيطرة وداخلها.



السابق

أخبار لبنان..الدولار يقتحم حصن الخمسين ويشعل الأسعار..وبعثة التحقيق الأوروبي عائدة..اشتباك صامت بين برّي والمعتصمين يضع جلسات الرئاسة على الرّف!..وزير الداخلية اللبناني: الاقتتال بين اللبنانيين من الماضي ولا مكان لمشروعات التقسيم..نصرالله يستفزّ المصريين..و"لبنان الممانع" في سلّة الدول "المتخلّفة"..مصرف لبنان يحدد سعراً جديداً للصرف للسحب من الودائع الدولارية..أسعار المحروقات تواكب تحليق الدولار..وتلامس المليون ليرة.. مخاوف متزايدة من توترات أمنية..عميل جديد للموساد في قبضة المعلومات: رصد لمخازن الصواريخ والدفع في وسط بيروت..

التالي

أخبار العراق..الصدر يشيد بخليجي 25: أرجع العراق للصف العربي..فوز العراق بـ«خليجي 25» يزيد الضغوط لتعميق الصلة بمحيطه العربي..الخلافات تغزو «البيت السُنّي»: رئاسة الحلبوسي على المحكّ..

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,156,169

عدد الزوار: 6,757,708

المتواجدون الآن: 128