تركيا وسوريا : نحو شراكة استراتيجية ومستقبل غامض لدمشق

تاريخ الإضافة السبت 19 أيلول 2009 - 5:34 ص    عدد الزيارات 4227    التعليقات 0    القسم دولية

        


اسطنبول ـ جنكيز تشاندر

اتخذت العلاقات الوثيقة بل الدافئة بين تركيا وسوريا بعدا جديدا للغاية في أعقاب اجتماع اسطنبول بين الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان يوم الاربعاء في 16 ايلول/ سبتمبر. فقد أعلن بعد هذا الاجتماع أن شروط الحصول على تأشيرة للمواطنين من كلا البلدين قد الغيت.
وهو امر يحدث بعد عقد كامل من الزمن، منذ ان كان البلدان الجاران التي تفصل بينهما اطول حدود مقارنة بغيرهما، معادين للغاية لبعضهما البعض. واليوم، فان تركيا التي تتطلع الى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن لا تحظى بامتياز سفر مواطنيها الى دول الاتحاد من دون تأشيرة "شنغن"، باتت في وضع متميز تجاه سوريا والعكس بالعكس.
الا ان الامر الأكثر مدعاة للذهول، هو توقيع البلدين على اتفاق بشأن إنشاء لجنة للتعاون الاستراتيجي رفيعة المستوى بين حكومتى الجمهورية التركية والجمهورية العربية السورية.
وهناك اتفاق مماثل تم توقيعه بين تركيا والعراق خلال زيارة رئيس الوزراء أردوغان الى بغداد في 10 تموز (يوليو) 2008. هذا الاتفاق كان يفسر لي من قبل بعض كبار المسؤولين العراقيين بانه على قدر أهمية انشاء المحور الألماني الفرنسي في بداية العام 1950 والذي أدى إلى تأسيس الاتحاد الأوروبي اليوم.
واليوم، وقعت تركيا مع دمشق الوثيقة نفسها التي وقعها العراق قبل عام مع دمشق ايضا. وفي نهاية المطاف، فان مثل هذا الاتفاق، كما اوحى بذلك وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو، يهدف إلى عقد اجتماعات مشتركة للمجالس الوزارية لكلا البلدين. وهو امر يعني الى حد ما نوعا من التكامل السياسي غير المعلن بين الدولتين الجارتين في المنطقة.
هذا وقد انعكس ارتفاع حرارة العلاقات بين تركيا وسوريا في مأدبة الإفطار التي اقامها يوم الاربعاء الماضي رجب طيب اردوغان على شرف ضيفه الرئيس السوري بشار الاسد بمشاركة وزيري خارجية البلدين وليد المعلم واحمد داوود اوغلو.
بيد أن الأهم من ذلك ، كان الدليل الاكيد على تزايد النفوذ الاقليمي لتركيا في جهود الوساطة التركية بين سوريا والعراق، حين جمع داوود اوغلو في قصر شيراغان في اسطنبول،وزيري خارجية كل من سوريا والعراق وليد المعلم وهوشيار زيباري، جنبا إلى جنب مع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
وكانت المفارقة ان هذا الاجتماع عقد في اسطنبول وليس في القاهرة، وان الطرف الرئيس ذي المصداقية للوساطة بين اثنين من البلدان العربية الرئيسية كان تركيا وليس مصر. والمفارقة الاخرى ان العراق، ومنذ ان قامت تركيا بدور الحكم بين بغداد ودمشق، كان ممثلا بوزير الشؤون الخارجية وهو كردي.
واقع الأمر، إن المسعى التركي إلى التركيز على المسألة الكردية من أجل نزع سلاح حزب العمال الكردستاني اكتسب بعداً إقليمياً واشرك دمشق فضلا عن اربيل عاصمة كردستان العراقية، وبغداد نفسها. وعشية زيارته
لاسطنبول،استضاف الرئيس بشار الأسد مجموعة من الصحافيين الاتراك في قصره الرئاسي في دمشق.واعلن في تصريح مهم جدا كان له الصدى القوي في تركيا قبل وصوله،ان "سوريا مستعدة لاحتضان 1500 من المقاتلين السوريين في حزب العمال الكردستاني اذا نزلوا من جبل قنديل " في الاراضي العراقية حيث مقر القيادة العسكرية لحزب العمال الكردستاني.
ويعتقد ان لحزب العمال الكردستاني 4500 مقاتل في منطقة قنديل ويشكل المواطنون السوريون نسبة الثلث من هؤلاء المقاتلين. وبالتالي فقد تم تفسير قول بشار الأسد في تركيا على انه صفقة يجري تداولها حاليا لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني بمساهمة سورية.
رغم ذلك فان تصريحات الاسد على اهميتها الشديدة واثارتها للاهتمام لم تزل حالة الغموض. فالجميع يعلم جيدا ان في سوريا عشرات الآلاف من الأكراد الذين لا يملكون أي وثيقة تؤكد أنهم مسجلون كمواطنين سوريين. وإذا كان بشار الاسد مستعد حقا لاحتضان 1500 مقاتل كردي سوري من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، فان ذلك سيكون بمثابة فتح "علبة باندورا"الكردية في سوريا.
ان تمدد"القوة الناعمة" لتركيا في المنطقة، وقبل كل شيءالى سوريا لإخراجها من العزلة السياسية الدولية، قد يؤدي الى اطلاق العملية الإنسانية والديمقراطية في تركيا، في الوقت الذي تصبح هذه الدولة قوة اقليمية صاعدة.
وسيحين في الأسبوع المقبل الوقت لنبش الحقائق من وراء ستار العلاقات السورية التركية المتطورة باستمرار والتي ستحدد مصير المشكلة الكردية المشتركة بين البلدين.


المصدر: جريدة المستقبل

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,154,793

عدد الزوار: 6,757,605

المتواجدون الآن: 116