دراسة عن الواقع الصحي للفلسطينيين في المخيمات

"شاهد": مطلوب معالجة أوضاع اللاجئين المأسوية لئلا تتحوّل هاجساً وحيداً يصرفهم عن حق العودة

تاريخ الإضافة الخميس 22 تشرين الأول 2009 - 7:07 ص    عدد الزيارات 4149    التعليقات 0    القسم عربية

        


اذا كانت أوضاع اللبنانيين الصحية وكلفة استشفائهم تشكل كابوساً يؤرق الغالبية الساحقة من العائلات اللبنانية بكل طوائفها واحزابها في ظل انعدام برنامج الرعاية الصحية الشاملة، فكيف يمكن ان تكون اوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان المسكونين بهاجس الخدمات الصحية البائسة التي يعانونها والتي تضطرهم اما الى تقبل النزر اليسير المتوافر لهم من الهيئات الانسانية واما الى التسوّل امام ابواب الجمعيات والمؤسسات الدينية طلباً للمساعدة في علاج مريض او ثمناً لشراء دواء ارتفع سعره؟
أطلقت مؤسسة "شاهد" الفلسطينية لحقوق الإنسان أمس، بدعم من مؤسسة "ارض الشمال" الأسوجية، نتائج دراسة عن الواقع الصحي للفلسطينيين في المخيمات والتجمعات في لبنان، اظهرت ارقاماً مأسوية ومعاناة معروفة لدى الكثيرين من قادة الرأي والناشطين والمعنيين لكنها ليست معروفة تماماً لدى الرأي العام المشغول بالنقاش وكيل الاتهامات عن توطين اللاجئين في لبنان والاخلال بالتوازن الديموغرافي، دون اي اعتبار لظروف حياة هؤلاء اللاجئين والمخيمات التي يعيشون فيها، والتي تشبه القنابل الموقوتة، نظراً الى تردي احوالها الاجتماعية والاقتصادية والصحية والانسانية بشكل عام، هو ما يحوّلها معتقلات لا مخيمات.
وقدمت "شاهد" التقرير في حضور ممثل منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا أحمد كرعود، وممثل منظمة "هيومان رايتس ووتش" في لبنان نديم حوري، وممثلين لهيئات المجتمع المدني اللبناني والفلسطيني. واعتبر المتكلمون ان المخيمات الفلسطينية في لبنان "لا تصلح لإيواء الآدميين". وانتقدوا ما سمّوه "تقصير السلطات اللبنانية في تخفيف معاناة اللاجئين، واحترام لبنان توقيعه العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية. واوضح مدير "شاهد" محمود الحنفي "أن الاعداد للدراسة استغرق سنة ونصف سنة وعمل فيها قرابة 50 باحثاً وباحثة، وشملت محاور ميدانية عدة وأرقاما ونماذج لحالات فلسطينية تلخص غياب الرعاية الصحية الكافية". وفي الخلاصة أن الواقع الصحي للفلسطينيين يعتبر صعبا للغاية، وهو من الهواجس التي تلاحق اللاجئين.
واشار الى أن مؤسسته دعت "الأونروا" ووزارة الصحة اللبنانية الى المشاركة في الندوة لكنهما لم يشاركا. واضاف ان هذا التقرير هو لتسليط الضوء على ما يجري كي لا يكون اللاجئ عرضة للتسول من الجمعيات وأمام المساجد، وكي لا تصبح المطالب الإنسانية المتزايدة هاجسا وحيدا يصرفه عن قضيته الكبرى، وهي قضية حق العودة".
 

طبيب لثلاث دقائق

ومما ورد في الدراسة التي امتدت بين كانون الاول 2008 وشباط 2009 وشملت 976 لاجئاً موزعين على 12 مخيماً وتجمعاً، "ان اللاجئين الفلسطنيين في لبنان يعانون منذ بداية السبعينات أوضاعاً معيشية في غاية  الصعوبة والحرمان، تتعارض مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية".


وأظهرت الابحاث مؤشرات مقلقة عن المخيمات الفلسطينية، وان بناها التحتية المختلفة تحتاج الى تأهيل وترميم. وبيّنت تراجعاً في خدمات "الأونروا" الصحية، رغم أنها الملاذ الأول للمرضى الفلسطينيين بصفتها الجهة المسؤولة عن تقديم الخدمات الصحية. وأفاد 60 في المئة من المستطلعين أنهم يترددون دائماً إلى عياداتها المنتشرة في المخيمات، إلا أنهم غير راضين عن نوعية الخدمات فيها. وصنف 38,5 في المئة خدمات "الأونروا" بـ"الوسط"، في حين اعتبرها 18,1 في المئة "جيدة".


وفي الدراسة ان "أكثر من مئة مريض يتوافدون الى عيادة "الاونروا" يومياً، و هذا العدد يرتفع في كثير من العيادات ليصل الى أكثر من 150، كما هو الحال في مخيمي عين الحلوة و البداوي، مما يعني ان كل مريض لا يقابل الطبيب إلا لثلاث دقائق فقط . وان 42,7 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع أَجْروا عمليات جراحية نتيجة الإهمال في معالجة المرض منذ اكتشافه، ورغم أن "الأونروا" تقدم الأدوية المتوافرة لديها مجاناً، فهناك الكثير من الأصناف غير متوافرة (...). واشارت الى أن "الأونروا" توفر الدواء غير الموجود لديها لسكان مخيم نهر البارد فقط.


وعددت الدراسة جملة ملاحظات على اداء مختبرات الوكالة وتجهيزاتها معتبرة "ان التحويلات التي تعطى للمرضى الذين يحتاجون الى علاج في المستشفيات، لا تتناسب مع العدد الكبير للمرضى ولا مع كلفتهم". وأظهرت  "أن 39 في المئة من أفراد العينة فقط دفعت لهم "الأونروا" كلفة العملية الجراحية، في حين أن 26 في المئة أجْروها على نفقتهم الخاصة".


 


مستوصفات وبيئة وأمراض

ورأت ان الهلال الأحمر الفلسطيني "تراجعت خدماته و تقلص دوره هو الآخر عما كان في السابق، وفي شكل دراماتيكي. كما تراجع دور الكثير من مستشفيات الهلال في المخيمات لمصلحة مستشفيات الهلال الرئيسية الخمسة: مستشفى الهمشري في صيدا، بلسم في مخيم الرشيدية، الناصرة في بر الياس، صفد في مخيم البداوي ومستشفى حيفا في مخيم برج البراجنة. وأدى ذلك الى تحول المستوصفات في المخيمات الأخرى عيادات تقدم خدمات الطوارئ والإسعافات الأولية".


واعتبرت الدراسة ان المستوصفات والعيادات الخاصة "تسعى الى القيام بالدور المكمل في رعاية اللاجئين صحياً، إلا أنها تعاني بدورها نقصاً في معداتها واختصاصاتها وتمويلها. أما الصيدليات فمعظمها لا يعمل فيها أصحاب الاختصاص، بل الممرضون وخريجو المعاهد، في حين يلجأ كثر من المرضى الى الصيدلية لشراء الأدوية دون استشارة الطبيب".


وافادت "ان الواقع البيئي لا يختلف عن الصحي، فمياه الشرب أفاد 58,3 في المئة من المستطلعين أن مصدرها بالنسبة إليهم خزان الماء في المخيم الذي تهتم به "الاونروا"، في حين ان الكثير من شبكات الصرف الصحي في المخيمات لا تزال مكشوفة. اما النفايات التي يقوم عمال التنظيفات بجمعها كل صباح من أمام المنازل، فإن عدم تعاون الأهالي وعدم تقيُّدهم بمواعيد جمعها، واكتظاظ المخيمات بالسكان، تؤدي إلى تراكمها بين الأزقة وفي الطرق فتنبعث منها الروائح الكريهة، وتصبح مصدراً للأمراض(...).


وحددت الدراسة الأمراض الاكثر انتشاراً بالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأمراض النفسية. كما تنتشر بين اللاجئين آفات خطرة كالتدخين الذي وصلت نسبته الى 33 في المئة من العينة المستطلعة، إضافة الى العنف اللفظي والجسدي لدى الأطفال. وأظهر الاستطلاع أن 87.7في المئة من اللاجئين ليس لديهم تأمين صحي.


وخلصت الى ان هذا الواقع "يتعارض مع نصوص قانونية دولية ومحلية عديدة ذات صلة بحق الإنسان في صحة سليمة، ومع الأسباب التي من أجلها أنشأت "الأونروا". ومن الاجدى حل هذه المشكلات "كي لا تصبح المطالب الإنسانية المتزايدة هاجسا وحيدا يصرفه عن قضيته الكبرى وهي قضية حق العودة".


ودعت الى زيادة دعم المؤسسات الصحية التابعة "الأونروا" لتتمكن من تقديم خدمات "تتلاءم مع المعايير الصحية المعروفة وزيادة عدد الاطباء وتطوير قطاعات عملها على مستويات عدة، اضافة الى زيادة الاهتمام بالبنى التحتية المختلفة، خصوصاً أن المخيمات الفلسطينية لم تعد صالحة للسكن، وتحتاج الى مساحات أكبر تتناسب مع الزيادة السكانية المطردة".


وحضت منظمة التحرير الفلسطينية على ان تولي القطاع الصحي الاهتمام الكافي الذي تحتاج اليه على كل الصعد، أسوة بمؤسسات الهلال الأحمر الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة (...)".


ب. ع. 

المصدر: جريدة النهار

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,095,862

عدد الزوار: 6,934,622

المتواجدون الآن: 102