كتاب مفتوح إلى الرئيس نبيه بري

تاريخ الإضافة السبت 20 شباط 2010 - 6:20 ص    عدد الزيارات 3603    التعليقات 0    القسم محلية

        


بهيج طبارة

دولة الرئيس،
دعاني الى توجيه هذا الكتاب اليك جدول اعمال الجلسة العامة لمجلس النواب في 22 و23 من الشهر الجاري الذي اطلعت عليه في بعض وسائل الاعلام.
ان جدول الاعمال يتألف من 35 بنداً جاء في آخرها مشروع قانون تعديل المادة 21 من الدستور لخفض سن الاقتراع الى 18 سنة.
وبعبارة اخرى، فإن المطلوب من مجلس النواب ـ كما يبدو ـ هو ان يعمد في جلسته القادمة الى مناقشة مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الاعمال، والبت بها، قبل ان يباشر بدراسة مشروع القانون الدستوري المتعلق بتعديل المادة 21 من الدستور.
لست بحاجة، دولة الرئيس، الى تذكيرك ـ وانت سيّد العارفين ـ بنص المادة 78 من الدستور التي توجب على مجلس النواب، اذا طُرح عليه مشروع يتعلق بتعديل الدستور، ان يثابر على المناقشة حتى التصويت عليه قبل أي عمل آخر.
وقد سبقني البعض (احمد زين ـ السفير 13/2/2010) الى التذكير بالنقاش الذي دار في مجلس النواب عند اقرار هذه المادة في العام 1927، حيث رد رئيس الوزارة على تساؤل بعض النواب عمَّا يقتضي عمله في حال وجود مشروع آخر حتَّمت الحكومة انه ضروري جداً فأجاب بأن مشروع تعديل الدستور «يُقدَّم عليه».  كما رد على سؤال آخر عمَّا ينبغي لمجلس النواب ان يفعله اذا طالت مناقشة تعديل الدستور 20 او 30 يوماً وكان بين ايدي النواب مشروع مستعجل، فأجاب بأن المشروع المستعجل «يؤخَّر».
اكثر من ذلك،
فإن مشروع المادة 78 المقدم من الحكومة في العام 1927 كان ينص على انه في حال طرح مشروع على مجلس النواب يتعلق بتعديل الدستور فإنه:
«يجب عليه (أي على مجلس النواب) ان يبقى مثابراً على المناقشة حتى البت فيه».
وقد تعدَّل النص من قبل النواب، بموافقة الحكومة، فأصبح:
« يجب عليه (أي على مجلس النواب) ان يثابر على المناقشة فيه حتى التصويت عليه قبل اي عمل آخر»
وبالفرنسية:
« La chambre, saisie d’un projet de loi constitutionnelle, ne doit, jusqu’au vote définitif, s’occuper que de la révision.»
دولة الرئيس،
ثمة سابقتان حديثتان في لبنان لتعديل الدستور، تتعلقان بالمادة 49، من اجل تمديد ولاية كل من الرئيسين الياس الهراوي عام 1995 وإميل لحود عام 2004 .
في الحالة الاولى، تقدمت الحكومة بتاريخ 16/10/1995، بناء على اقتراح الرئيس الهراوي، بمشروع قانون دستوري يلحظ استمرار ولاية رئيس الجمهورية ثلاث سنوات اضافية.  وبعد ثلاثة ايام فقط، وقبل أي عمل آخر، التأم مجلس النواب في 19/10/1995 واقر التعديل بأغلبية 110 نواب مقابل 11 معارضاً للتعديل.
أما في الحالة الثانية، فقد قرر مجلس الوزراء بتاريخ 28/8/2004 الموافقة على اقتراح الرئيس اميل لحود وتقديم مشروع قانون دستوري بتعديل المادة 49 بحيث تستمر ولاية رئيس الجمهورية ثلاث سنوات اضافية.
وبالنظر الى ان مجلس النواب لم يكن في دورة عادية، فقد تقرر في اليوم نفسه فتح دورة استثنائية تحدد جدول اعمالها كما يأتي:
ـ مشاريع القوانين المحالة الى مجلس النواب او التي ستحال اليه.
ـ سائر اقتراحات القوانين والنصوص التي يقرر مكتب المجلس طرحها على المجلس.
ـ وأخيراً، مشروع قانون دستوري بتعديل المادة 49 من الدستور.
وبالرغم من ترتيب جدول الاعمال على النحو المذكور، فإن مجلس النواب باشر في اول جلسة عقدها في 3/9/2004 بمناقشة مشروع القانون الدستوري المحال اليه الى ان اقره بأكثرية 96 نائباً ومعارضة 29.
وقد كان لك، دولة الرئيس، موقف ثابت ولافت في الجلستين المذكورتين لمجلس النواب، يؤكد ان المادة 78 من الدستور تفرض تقديم مشروع القانون الدستوري واقتراح التعديل الدستوري على سواهما من المشاريع، بما فيها مشروع الموازنة رغم ان المادة 32 من الدستور نصت على ان جلسات العقد الثاني لمجلس النواب تخصص للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل آخر.
وقد رفضتَ طلب بعض النواب احالة مشروع القانون الدستوري على اللجان النيابية المختصة لان المادة 78، في رأيك وفي رأي اكثرية النواب التي أيَّدتك، ابطلت دور اللجان.
من هنا استغرابي ان يرد مشروع القانون الدستوري في آخر جدول اعمال الجلسة القادمة.  ومن هنا ايضاً يقيني انك، تمشياً مع نص الدستور ومع اجتهادك المستمر، سوف لن تتقيد بالترتيب الخاطىء في جدول الاعمال،  وان مشروع القانون الدستوري المتعلق بتعديل المادة 21 سوف يكون متقدماً على أي مشروع قانون او اقتراح قانون آخر، لكي يثابر مجلس النواب على مناقشته حتى التصويت عليه قبل أي عمل آخر.
لقد درجنا في لبنان على حل قضايانا بالتسويات.  ان التسوية قد تصح في امور عديدة، لكنه من غير الجائز ولا المقبول ان تتم على حساب احكام دستورية واضحة وصريحة.  كفى ما شهدناه في الآونة الأخيرة من لعب بالدستور واستهتار بأحكامه!
وانه لا يخفى على دولتك ان تخفيض سن الاقتراع هو مطلب قديم، وانه لم يعد بين دول العالم سوى عدد محدود جداً يحرم شبابه من ممارسة حقهم الدستوري في الاقتراع بعد بلوغ سن الرشد.
ان مجلس النواب السابق كان قد اخذ المبادرة بالإجماع للطلب من الحكومة تعديل المادة 21 وخفض سن الاقتراع الى 18 سنة، وذلك في جلستي 19 و 26 آذار 2009 ـ أي قبل شهرين ونصف من موعد الانتخابات النيابية.  أما الحكومة التي كانت تضم كل الكتل الكبرى في مجلس النواب فقد عمدت في 22 ايار 2009، أي قبل اسبوعين فقط من موعد الانتخابات النيابية، الى وضع مشروع قانون دستوري بتعديل المادة 21 واحالته الى مجلس النواب.  وان قرار الحكومة بهذا الشأن لم يحتج الى تصويت بل اتُّخذ بالتوافق، أي دون معارضة أحد.
لذلك يُفترض ان لا تجد صعوبة، والكتل النيابية هي ذاتها في مجلس النواب الحالي، في اقرار القانون الدستوري بالأكثرية المطلوبة.
وفَّقك الله ، دولة الرئيس، وكان في عونك.


* نائب سابق

 


المصدر: جريدة السفير

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,117,006

عدد الزوار: 6,754,065

المتواجدون الآن: 107