أخبار لبنان.. إطلاق صاروخي من لبنان على منطقة مفتوحة في إسرائيل.. وتل أبيب ترد.. الجيش يتبرأ من فاجعة «قارب الموت»..طرابلس تغرق في الغضب والتوتر.. طرابلس «الثكلى» يصْرعها الموت في البحر وتُصارِع المكيدة في الشارع..«زورق الموت» يهزّ طرابلس..الهدوء يعود إلى عائشة بكار... عقب تبادلٍ لإطلاق النار.. آمال وتحديات.. ماذا يمثل قرض صندوق النقد الدولي بالنسبة للبنان؟.. تحالفات باسيل تشبه تقلباته السياسية و«يستعير» نواباً من «حزب الله»..ضبابية تغلف استراتيجية الحكومة اللبنانية لإعادة هيكلة الدين العام..

تاريخ الإضافة الإثنين 25 نيسان 2022 - 3:52 ص    عدد الزيارات 1495    التعليقات 0    القسم محلية

        


إطلاق صاروخي من لبنان على منطقة مفتوحة في إسرائيل.. وتل أبيب ترد..

المصدر | الخليج الجديد... أفاد مصدر أمني لبناني، بإطلاق صاروخين من جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل، قبل أن تقر تل أبيب برصد إطلاق صاروخ من الأراضي اللبنانية، سقط في منطقة مفتوحة. وقال المصدر، إن المنطقة التي أطلق منها الصاروخان تقع جنوبي مدينة صور، حيث تنتشر قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام (يونيفيل). وهذه المنطقة تسمى القليلة، وهي منطقة جبلية. في وقت تحدثت وسائل إعلام لبنانية، عن إطلاق صاروخ "جراد" من منطقة رأس العين-القليلة جنوب مدينة صور، باتجاه فلسطين المحتلة. من جانبه، أقر الجيش الإسرائيلي، ليلة الأحد/الإثنين، رصده إطلاق صاروخ من الأراضي اللبنانية، باتجاه شماليّ البلاد، حيث سقط في منطقة مفتوحة. وقال الجيش في بيان: "قبل وقت قليل، تم رصد عملية إطلاق صاروخ من الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي الإسرائيلية، حيث سقط في منطقة مفتوحة"، دون ذكر موقعها بالتحديد. وأضاف بيان الجيش: "وفقًا لسياسة قيادة الجبهة الداخلية، لم يتم تفعيل الإنذارات في المنطقة". ولم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن عملية الإطلاق. ولاحقا، أعلن الجيش الإسرائيلي، أن مدفعيته قصفت منطقة في لبنان، أُطلقت منها قذيفة صاروخية، في وقت سابق. وقال بيان صادر عن الجيش: "تقصف قوات المدفعية في هذه اللحظات أهدافا في لبنان، وتطلق النيران نحو منطقة إطلاق النار، رداً على إطلاق القذيفة الصاروخية نحو الأراضي الإسرائيلية في وقت سابق"، دون أن يحدد المنطقة التي استهدفها القصف. قامت قوات المدفعية بقصف أهداف في لبنان بالاضافة الى منطقة اطلاق القذيفة الصاروخية في داخل لبنان وذلك ردًا على عملية الاطلاق. ولم يصدر تعليق فوري من السلطات اللبنانية حول ما ذكره الجيش. وتسبب القصف الإسرائليي في حرائق واسعة حسبما كشفت مقاطع فيديو نشرها ناشطون على مواقع التواصل. ويأتي القصف المتبادل، بالتزامن مع توتر أمني على الحدود مع قطاع غزة، حيث أطلقت صواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية في الأيام الماضية قابلها جيش الاحتلال بقصف مواقع للفصائل الفلسطينية في القطاع. وتشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل، خلال العامين الأخيرين، هدوءًا نسبيًا، إلا أنّه بين الفينة والأخرى، تعلن إسرائيل عن حدث أمني في تلك المنطقة، مثل القبض على متسللين أو إسقاط طائرات مسيرة أو رصد إطلاق صواريخ من لبنان. ويسيطر حزب الله اللبناني، على منطقة جنوب لبنان المحاذية للحدود مع إسرائيل. وانسحبت القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني عام 2000، ومن ثم وضعت الأمم المتحدة ما عُرف بـ"الخط الأزرق" على الحدود بينهما، لتأكيد هذا الانسحاب، لكن هذا الخط لم يراعِ الحدود الرسمية بشكل دقيق.

غضب وتوتر في شمال لبنان بعد فاجعة «قارب الموت»

الجيش ينفي مسؤوليته عن غرق الزورق وميقاتي يعلن الحداد ودعوات لتحقيق شفاف

الجريدة...على بعد أسابيع من الانتخابات التشريعية في لبنان، وفي وقت تقف السلطات اللبنانية عاجزة أمام الأزمة الاقتصادية القاسية التي يدفع ثمنها المواطنون، أثارت فاجعة غرق قارب قبالة ساحل القلمون شمال لبنان، على متنه نحو 60 مهاجراً من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين كانوا ينوون التوجه إلى أوروبا، غضباً في طرابلس عاصمة الشمال بعد اتهام الجيش بإغراق المركب. عاش شمال لبنان، خصوصاً مدينة طرابلس توتراً منذ مساء أمس الأول، بعد الإعلان عن غرق قارب في البحر المتوسط قبالة شاطئ القلمون، على متنه نحو 60 مهاجراً غير شرعي بينهم لبنانيون وسوريون وفلسطينيون كانوا في طريقهم الى أوروبا هربا من البلد الذي يشهد أزمة اقتصادية سببت زيادة في عدد عمليات الهجرة غير النظامية عبر البحر. وقال الجيش اللبناني، أمس، إنه انتشل 5 جثث لمهاجرين، بعد انتشال جثة طفلة أمس الأول، ليرتفع عدد ضحايا غرق «قارب الموت» إلى 6، بحسب حصيلة مؤقتة، في حين قدرت مصادر مدنية القتلى بـ 14. وقالت قيادة الجيش اللبناني، أمس، إن قواتها البحرية تمكنت من إنقاذ 45 شخصاً، وأضافت، في بيان، أن غرق المركب جاء نتيجة تسرُّب المياه بسبب ارتفاع الموج والحمولة ‏الزائدة، مضيفة أن القوات البحرية عملت بمؤازرة المروحيات على سحب ‏المركب وإنقاذ معظم من كان على متنه، وقدمت لهم الإسعافات الأولية ونقل المصابين إلى المستشفيات. وأشارت الى أن الجيش وقّف أحد المشتبهين بتورطه في التهريب، وبوشرت التحقيقات بإشراف القضاء المختص.

دورية الجيش

وأوضح قائد القوات البحرية في الجيش اللبناني، العقيد الركن هيثم ضناوي، في مؤتمر صحافي أمس، من قاعدة بيروت البحرية لشرح ملابسات غرق مركب طرابلس، أن المركب الذي غرق قديم وصغير، ولا وجود لوسائل أمان فيه والحمل المسموح له هو 10 اشخاص فقط، فيما كان يحمل ما يزيد على 15 ضعفا ذلك. ولفت الى أن دورية الجيش حاولت إيقاف الزورق وإقناع قائده بأن الركاب سيكونون معرّضين للغرق في وسط البحر، إلا أن قائده اتخذ القرار بتنفيذ مناورات للهروب بشكل أدى إلى ارتطامه». وأكد أن الجيش لم يستعمل السلاح ولم يرتكب أي خطأ تقني. جاء ذلك، وسط اتهامات من بعض الناجين بأن دورية الجيش اصطدمت بالزورق بطريقة عنيفة، مما أدى إلى غرقه. وقال أحد الشهود الذي زعم انه كان على متن المركب، إن قاربا تابعاً للجيش وجّه تحذيرات للقارب من مغبة مواصلة الرحلة غير الشرعية، إلا أن القائمين على المركب والركاب رفضوا الاستجابة والعودة أدراجهم، فما كان من الجيش إلا أن صدم القارب، مما أدى الى غرقه. ونقلت صحيفة النهار اللبنانية عن إحدى الناجيات بأن «زورقًا اصطدم بالقارب الذي تعطّل على الفور، وأخذت الأمواج الكبيرة ترتطم به والمياه تملؤه». وزعمت الناجية التي كانت على متنه مع أطفالها الأربعة أن «الزورق الذي طاردهم كان أمنيًا، وحاول منعهم من إكمال الرحلة نحو إيطاليا».

عون وميقاتي

وأعلن المكتب الإعلامي في الرئاسة اللبنانية أنّ الرئيس ميشال عون «تابع تفاصيل غرق الزورق وعمليات إنقاذ الركاب وتقديم العلاج لهم، وطلب من الأجهزة القضائية والعسكرية فتح تحقيق في الملابسات التي رافقت حادثة الغرق». أما رئيس الوزراء نجيب ميقاتي فتابع مع قائد الجيش جوزيف عون ملف البحث عن ركاب الزورق والتحقيقات الجارية في الحادثة. وأبدى «حزنه الشديد للحادثة المؤلمة»، مشددًا على أن «الإسراع في التحقيقات لكشف ملابسات الحادث مسألة ضرورية لمعرفة حقيقة أسباب الحادث المؤلم». وتمنى ميقاتي على «المواطنين الشرفاء ألّا يقعوا ضحية عصابات تستغل الأوضاع الاجتماعية لابتزازهم بمغريات غير صحيحة وغير قانونية». وأعلن ميقاتي​ الحداد الرسمي على ضحايا الزورق، وطلب تنكيس الأعلام المرفوعة على الإدارات والمؤسسات الرسمية والبلديات حداداً، وتعديل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون، بما يتوافق مع المناسبة الأليمة، كما وجه بتقديم كل المساعدات الممكنة لعائلات الضحايا. من ناحيته، رأى رئيس الحكومة الأسبق ​سعد الحريري​، أنّه "عندما تصل الأمور بالمواطن اللبناني اللجوء إلى قوارب الموت هرباً من جهنم الدولة، فهذا يعني أننا أصبحنا في دولة ساقطة، و​طرابلس​ اليوم تعلن بلسان ضحاياها هذا السقوط". واعتبر أنّ "الشهادات التي صرح بها ضحايا قارب الموت خطيرة، ولن نقبل بأن تدفن في بحر المدينة. المطلوب تحقيق سريع يكشف الملابسات ويحدد المسؤوليات… وخلاف ذلك لنا كلام آخر". بدوره، دعا رئيس مجلس النواب ​نبيه بري السلطات إلى "إجراء تحقيقاتها بسرعة وشفافية مطلقة وكشف ملابسات هذه الجريمة المتمادية بحق أبناء الشمال وعاصمتها الفيحاء طرابلس، وإنزال أقصى العقوبات بحق المرتكبين". وأضاف بري "أن العزاء الحقيقي في هذه اللحظات الحزينة أن يسمع جميع المسؤولين في لبنان على مختلف مواقعهم خصوصاً من هم في السلطة التنفيذية والوزارات المعنية لصوت أبناء طرابلس والشمال المفجوعين بفلذات أكبادهم من أجل مقاربة حقيقية تضع حداً لحرمان هذه المنطقة العزيزة من لبنان، وإنقاذ أبنائها الشرفاء والطيبين من مصيدة الموت المجاني هذه". وختم بري: "هي لحظة يجب أن تكون وطنية جامعة ويداً واحدة لمؤازرة أبناء طرابلس".

توتر وإطلاق نار

وشهدت مدينة طرابلس التي ينتمي إليها معظم من كانوا على الزورق، أمس الاول توتراً، حيث جرى إطلاق نار كثيف في الهواء، تعبيرًا عن الغضب من جراء الكارثة. وتناقل الناشطون عبر مواقع التواصل، لقطات فيديو أظهرت الأهالي وهم في حالة غضب كبير، وقد حمّلوا رموز النظام اللبناني في السلطة مسؤولية ما آلت إليه أوضاع الناس اجتماعيًا في لبنان، مما أدى إلى سعيهم خلف الهجرة حتى بطريقة غير نظامية. وتجمّع أشخاص من عائلات بعض الركاب للاطمئنان على أقاربهم، لكنهم مُنعوا أيضا من دخول الميناء. وقال رجل ينتظر أنباء عن قريب له خارج الميناء «حدث هذا بسبب السياسيين الذين أجبروا اللبنانيين العاطلين عن العمل على مغادرة البلاد». ويعاني لبنان الذي يناهز عدد سكانه ستة ملايين نسمة، أزمة مالية غير مسبوقة يقول البنك الدولي إنها على نطاق تشهده عادة دول تعيش حروبًا. وفقدت الليرة أكثر من 90 بالمئة من قيمتها الشرائية، ويعيش غالبية السكان تحت خط الفقر، في ظل أزمة كهرباء ومحروقات وأدوية. وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن 1570 شخصًا على الأقل، بينهم 186 لبنانيًا، حاولوا المغادرة في رحلات بحرية غير نظامية من لبنان باتجاه قبرص خلال العام الماضي. ويتجه أغلب المهاجرين غير النظاميين إلى جزيرة قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، والتي تبعد 175 كيلومترا عن سواحل لبنان. وبلغ عدد هؤلاء المهاجرين عام 2019 نحو 270 بينهم 40 لبنانيا، ومعظم الذين يحاولون مغادرة لبنان عن طريق البحر هم من اللاجئين السوريين، لكنّ أعداد اللبنانيين بينهم في تزايد.

غضب عودة ومواصفات الراعي

في سياق آخر، احتفل المسيحيون اللبنانيون الذين يتبعون التقويم الشرقي بعيد القيامة المجيدة أمس. وفي عظة العيد بكاتدرائية القديس جاورجيوس ​وسط بيروت، أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، ​​المطران الياس عودة، أنّه «في السنتين الماضيتين عبّر المواطنون عن استيائهم وغضبهم، والآن جاء وقت الامتحان، فهل سيترجمون غضبهم في صناديق الإقتراع؟ وهل سيحاسبون من فجّر مدينتنهم وعرقل التحقيق؟ ومن بذّر أموالهم وقضى على أحلامهم؟ ومَن يحاول اليوم هدم الصوامع لطمس الجريمة، بحجة أنها تشكّل خطراً على الحياة؟ فيما الذي يشكّل خطراً على الحياة هم الفاسدون». من ناحيته، حدد البطريرك الماروني بشارة الراعي مواصفات الرئيس المقبل، معتبرا أنه يجب على الرئيس المقبل أن «يعمل على تحديثِ علاقاتِ المكونّاتِ الميثاقية في ظل دولة قادرة على استيعاب التعددية واحتضان الجميع في نظامٍ لامركزي موسع. ويعمل ساعيًا على أن يتوحد الولاء، ويُلتزم بالحياد، وتطوى جميع المشاريع الدخيلة على وطننا ومجتمعنا، وتتساوى النظرة إلى لبنان». وأضاف أنه على الرئيس الجديد أن «يصبّ قواه على تعزيز استقلال لبنان وسيادته وهويته الأصيلة من خلال شرعية ملتزمة بالدستور والميثاق».

لبنان: الجيش يتبرأ من فاجعة «قارب الموت»

غضب في الشمال... ومواطنون يلومون السياسيين الفاسدين

الجريدة... على بعد أسابيع من الانتخابات التشريعية في لبنان، وفي وقت تقف السلطات عاجزة أمام الأزمة الاقتصادية القاسية التي يدفع ثمنها المواطنون، أثارت فاجعة غرق قارب قبالة ساحل القلمون شمال لبنان، على متنه نحو 60 مهاجراً من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين كانوا ينوون التوجه إلى أوروبا، غضباً في طرابلس عاصمة الشمال بعد اتهام الجيش بإغراق المركب. وقال الجيش اللبناني، أمس، إنه انتشل خمس جثث لمهاجرين، بعد انتشال جثة طفلة، أمس الأول، ليرتفع عدد ضحايا غرق «قارب الموت» إلى ستة. وقالت السلطات، إنه تم إنقاذ 48 شخصاً وتوقيف أحد المشتبه في تورطهم بالتهريب. ونفى الجيش مسؤوليته عن غرق المركب، ووصف الاتهامات الموجهة إليه بأنها مسيسة وأغراضها انتخابية. وأوضح قائد القوات البحرية في الجيش اللبناني، العقيد الركن هيثم ضناوي، أن المركب الذي غرق قديم وصغير، ولا وجود لوسائل أمان فيه والحمل المسموح له هو 10 أشخاص فقط، فيما كان يحمل ما يزيد على 15 ضعف ذلك. ولفت ضناوي إلى أن دورية الجيش حاولت إيقاف الزورق وإقناع قائده بأن الركاب سيكونون معرّضين للغرق في وسط البحر، لكن الأخير اتخذ القرار بتنفيذ مناورات للهروب بشكل أدى إلى ارتطامه. وأكد أن الجيش لم يستعمل السلاح ولم يرتكب أي خطأ تقني. لكن والد 3 أطفال غرقوا حمّل نقيباً في ​الجيش اللبناني​، مسؤولية الحادث واتهمه بأنّه قام بملاحقتهم في البحر مما تسبب بالحادث، وتوجه إلى قيادة الجيش لتحمّل مسؤولياتها. وأشار الوالد، إلى أنّهم استقلّوا قارباً ثمنه يفوق الـ 40 ألف دولار، وهو مجهز بكل سبل النجاة، إضافة إلى «GPS» لتحديد الوجهات. وأضاف أنه كان يريد حياة جديدة، وأن الرحلة كانت السبيل الوحيد للعيش بكرامة. إلى ذلك، دعا رؤساء الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي إلى تحقيق شفاف في الحادث، كما أُعلن الحداد. ورأى رئيس الحكومة الأسبق ​سعد الحريري​، أنّه «عندما تصل الأمور بالمواطن اللبناني للجوء إلى قوارب الموت هرباً من جهنم الدولة، فهذا يعني أننا أصبحنا في دولة ساقطة، و​طرابلس​ اليوم تعلن بلسان ضحاياها هذا السقوط». وشهدت طرابلس، التي ينتمي إليها معظم من كانوا على الزورق، توتراً أمس الأول، وجرى إطلاق نار كثيف في الهواء، تعبيراً عن الغضب جراء الكارثة. وتناقل الناشطون عبر مواقع التواصل، لقطات فيديو أظهرت الأهالي وهم في حالة غضب كبير، محملين رموز النظام اللبناني في السلطة والسياسيين الفاسدين مسؤولية ما آلت إليه أوضاع الناس اجتماعياً، مما أدى إلى سعيهم خلف الهجرة حتى بطريقة غير نظامية.

طفلة بين الضحايا ونجاة 45 شخصاً والعشرات في عداد المفقودين...

بعد فاجعة غرق «مركب الموت»... طرابلس تغرق في الغضب والتوتر..

الراي... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- ميقاتي أعلن الحداد الرسمي اليوم على الضحايا

- الجيش اللبناني يتّهم قائد الزورق بالقيام بمناورات للهروب من خفر السواحل مّا أدى إلى ارتطامه بالخافرة

... جثثٌ تطفو على سطح الماء، عائلاتٌ على رصيف مرفأ طرابلس كأن «الحياةَ توقّفتْ» عندها وهي تنتظر على «أقدام البحر» مركباً راجِعاً وعلى متنه «عائدون من الموت» أو خبراً «ولو أسود»، ودموعٌ وغضبٌ وأكثر أمام مستشفياتٍ احتضنتْ ضحايا وناجين من كابوسٍ «قَتَلَ» حلماً بالنجاة من وطنٍ تحوّل أشبه بـ... «مقبرة للأحياء». مَشْهدٌ تراجيدي ارتسم في «عاصمة البؤساء» التي لم تَكْتَفِ بلقب الأكثر فقراً على ساحل المتوسط، بل بات أبناؤها «الأكثر مطلوبين» لرحلات هجرة غير شرعية تغذّيها انهياراتٌ عاتية وضعت اللبنانيين ومنكوبي طرابلس وأخواتها أمام معادلة قاتلِة: جهنّم من ورائكم والبحر أمامكم. ليل السبت - الأحد حلّت المأساة، حين «ابتلع» البحر رحلةً إلى «أرض الأحلام» بمَن فيها، انقلب زورقهم الذي كان انطلق من منطقة القلمون بطريقة غير شرعية باتجاه قبرص ومن ثمّ نحو السواحل الإيطالية، في «مشوار موت» انتهى على مرأى من البحرية اللبنانية التي كانت تحاول اعتراض المركب وبعد احتكاك معها، فافترش العشرات «الأزرق الكبير»، بينهم نحو 45 أَفْلَتوا من «أنياب البحر» وما بين 6 و9 بينهم طفلة (عام ونصف عام) وربما أكثر التهَمَهُم الموج، وما يزيد على 20 مفقوداً تواصلت عمليات البحث عنهم.

... ايلان الكردي «مات» مجدداً على شواطئ طرابلس. هنا بدا وكأنه «يُمْسِكُ» بيديْ تالين محمد الحموي ابنة الـ 18 شهراً، الملاك التي صعقتْ صُوَرُها لبنان، تماماً كما فعل في سبتمبر 2020 حين «لاقى» طفلين خطفتْهما أيضاً رحلةٌ غير شرعية (قضى فيها 10 أشخاص) أصابت طرابلس حينها «في قلبها» الذي لم يعُد يقوى صدمات الجوع وطعنات البؤس، وبات ينبض بأحلام صغيرة يطاردها أبناؤها خلف البحار و... مهما كان الثمن. ورغم أن «قوارب الموت» أصبحت مُرادِفاً لـ «مدينة البحر»، فإن مجزرة 23 أبريل 2022 اتسمت بمجموعة علامات فارقة تَداخَل فيها الإنساني بالأمني والسياسي، عشية انتخابات نيابيةٍ (15 مايو المقبل) تَشابَك «هديرُها» أمس مع «صهيل الحزن» و«قرقعة الغضب» الذي حوّل طرابلس صندوقةَ توتر عالٍ. وأبرز هذه العلامات:

- أن مَن ركبوا البحر والخطر كانوا عائلات بأمها وأبيها وأبنائها (وهناك عائلات بأكملها بين المفقودين) وهي من الأسماء المعروفة في طرابلس، مثل الدندشي، الجمل، طالب، الحموي ومرعب.

- أن الناجين من الموت لم يتوانوا عن تأكيد أنهم سيعيدون الكرّة «مرة وثانية وثالثة، فلم نعد نستطيع العيش هنا، وفي حدا منا بدو يموت أو يهاجر... يا نحنا يا السياسيين».

- أن تَضارُباً حصل حول ملابسات غرق المركب، بعدما تحدّث ناجون عن أن زورقاً تابعاً لخفر السواحل اللبناني تعمّد الاصطدام بالقارب وسط تهديدات «بدنا نموّتكم»، وذلك في سياق قرار منْعه من إكمال الرحلة فتعطّل وأخذت الأمواج الكبيرة ترتطم به والمياه تملأه، فيما كان آخرون يشيرون إلى أن المركب المؤلف من طبقتين كانت عليه حمولة زائدة فاقمها التحاق أشخاص به في الدقيقة الأخيرة ولم يكونوا دفعوا أموالاً للمهرّب، وهو ما ساهم في صعوبة التثبّت حتى من العدد النهائي لَمن كانوا على متن الرحلة المشؤومة.

- المناخات البالغة التوتر حيال الجيش بعد التصويب عليه من عدد من الأهالي، بالتوازي مع أجواء إعلامية حاولت تحميل المؤسسة العسكرية مسؤولية الفاجعة، وهو الأمر الذي تَرَك علامات استفهامٍ حول إذا كان ثمة قطبة مخفية تسعى لاستثمار المأساة في إشعال «فتيل» قلاقل أمنية تستفيد من الغضب العارم الذي عمّ الأهالي المفجوعين، ويمكن أن تشكّل أرضيةً لتسخينٍ «مقصود وموجَّه» يُراد به أن تستعيد عاصمة الشمال دور «صندوقة البريد الناري» وهذه المرة رَبْطاً بالانتخابات النيابية وترْك «الخيارات مفتوحة» أمام المضي بإجرائها أو الإطاحة بها في ربع الساعة الأخيرة، وأيضاً ربْطاً بالانتخابات الرئاسية التي غالباً ما يُزج اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، كأحد الأسماء المطروحة فيها. وسُجِّل أكثر من إشكال نهاراً بين الجيش وأهالي طرابلس، وبينها واحد وقع حين حاول الأهالي منع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار موفداً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إكمال تصريح صحافي كان يُدلي به فانهالت عليه وعلى المسؤولين الشتائم، وهو المناخ الذي كان عبّر عن نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي حيث انفجرت «حملة غضب» بوجه الطبقة السياسية بمَن فيها «أغنياء مدينة الفقراء». كما سُجل تحرّك لمواطنين أمام منزل وزير الداخلية بسام المولوي في طرابلس، احتجاجاً على ما صدر عن الجيش في ما خص غرق المركب، والذي ساد اعتقادٌ بأنه قد يهدىء من الأوضاع، لِما تَضمّنه من إيضاحات قدّمها قائد القوات البحرية العقيد الركن هيثم ضناوي، بعد ظهر أمس. وطالب المعتصمون أمام منزل مولوي كل نواب المدينة ووزرائها بالمغادرة ملوّحين بتصعيد إضافي، فيما كان صوت رصاص كثيف يُسمع أثناء تشييع ضحايا، وذلك قبل تسجيل قطع طرق بالإطارات المشتعلة في أحياء عدة في منطقة القبة وسط غضب وتوتر كبيريْن ترافق مع إطلاق رصاص. وكان ضناوي أوضح أن «صناعة المركب الذي غرق أمام سواحل طرابلس تعود إلى العام 1974، وهو صغير طوله عشرة أمتار وعرضه 3 أمتار، والحِمل المسموح له هو 10 أشخاص فقط ولا وجود لوسائل أمان فيه، وبالتالي الغرق كان محتماً ولا مهرب منه». وأشار إلى أن «قائد المركب اتخذ قراراً بتنفيذ مناورات للهروب من خفر السواحل، مّا أدى إلى ارتطامه بالخافرة، ولدينا دلائل ملموسة على هذا الأمر، أما كلّ ما يُشاع غير ذلك فلا أساس له من الصحة». كما اعتبر أن «الاشاعات التي تُطلق هدفها يصبّ في الإطار السياسيّ، إنّما على أرض الواقع قامت فرقنا بفعل كلّ جهودها لإنقاذ الركاب، حتّى انّهم قاموا برمي السترات الواقية لهم، ولكن لا بد من الذكر أن المركب تحمّل وزناً 15 ضعف ممّا هو قادر على تحمّله». وأكد «نتحمّل مسؤولياتنا كاملة في قيادة الجيش، وإذا حصل أيّ خطأ لفظيّ نحن سنحاسب الشخص المعنيّ، ولكن على الصعيد التقني وأرض الواقع فنحن لم نقترف أيّ خطأ». وإذ أعلن أنه «ولولا وجود عناصرنا بالقرب من المركب لكان عدد الضحايا اكبر، وعناصرنا قامت بواجبها وهي التي انقذت العدد الأكبر من ركاب الزورق»، أوضح ان عدد الناجين بلغ 45 شخصاً «ولدينا 5 جثث بالإضافة الى الطفلة التي توفيت ومن الممكن أن يكون هناك مفقودين نحاول معرفتهم. ولا نستطيع حتى الآن أن نحصي كم بلغ عدد الذين كانوا على المركب وهناك عقوبات كبيرة يتحملها صاحب التهريبة. ولدينا حالياً متهم ولديه مساعدون وهم أكثر من جهة قبضوا مالاً من المواطنين». في موازة ذلك، تواصلت عمليات البحث عن مفقودين، وسط تقارير أفادت عن انتشال 8 جثث، وفي ظل متابعة رسميةٍ من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي اطلع «على وقائع عمليات إنقاذ ركاب الزورق الذين نجوا من الغرق وتأمين العلاج اللازم لهم، ومتابعة الوحدات العسكرية البحث عن الركاب الاخَرين»، وطلب من الأجهزة القضائية والعسكرية المعنية «فتح تحقيق في الملابسات التي رافقت غرق المركب». كما تابع ميقاتي مع قائد الجيش ملف البحث عن ركاب الزورق والتحقيقات الجارية في الحادثة. وإذ ابدى ميقاتي «حزنه الشديد للحادثة المؤلمة، مقدما العزاء لذوي الضحايا ومتمنياً للمصابين الشفاء والعودة السالمة للذين لا يزالون في عداد المفقودين»، اعتبر «أن الاسراع في التحقيقات لكشف ملابسات الحادث مسألة ضرورية لمعرفة حقيقة أسباب الحادث المؤلم». وتمنى على المواطنين «الشرفاء ألا يقعوا ضحية عصابات تستغل الأوضاع الاجتماعية لابتزازهم بمغريات غير صحيحة وغير قانونية»، وذلك قبل أن يعلن الحداد الرسمي اليوم على الضحايا. وكان الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري أعلن عبر «تويتر» أنه «عندما تصل الأمور بالمواطن اللبناني للجوء الى قوارب الموت هرباً من جهنم الدولة، فهذا يعني اننا اصبحنا في دولة ساقطة. طرابلس اليوم تعلن بلسان ضحاياها، هذا السقوط». وقال: «الشهادات التي صرّح بها ضحايا قارب الموت خطيرة ولن نقبل بأن تدفن في بحر المدينة. المطلوب تحقيق سريع يكشف الملابسات ويحدد المسؤوليات... وخلاف ذلك لنا كلام آخَر».

«الراي» واكبتْ ليل الانتظار الثقيل في المرفأ ونهار الاحتقان الكبير

طرابلس «الثكلى» يصْرعها الموت في البحر وتُصارِع المكيدة في الشارع

الراي... | بيروت – من زيزي اسطفان |.... لم يكن ليل طرابلس هادئاً على عادته في هذه الليالي الرمضانية المباركة، ولم يكن معتماً ككل أمسيات لبنان الكالحة بلا بصيص ضوء ينير عتمة بيوتاته وساكنيها، ولا كان ليلاً حافلاً بأحلام الفقراء التي تتحدى البؤس وتسافر بخيالها قبل جسدها إلى عالم أفضل تنسى فيه معاناتها اليومية... كان ليلاً تفوح منه رائحة الموت والحزن، رائحة الآمال المحطمة، ليلاً مشتعلاً بالأضواء الكاشفة وأصوات صفارات الإسعاف، وصرخات الأهالي المنتظرين على أرصفة المرفأ متأملين خبراً عن أحبة لهم ابتلعهم «حوت» الفقر... قبل البحر. ليل طرابلس الأسود اصطبغ من جديد بلون الدماء، مع غرق زورق الهجرة الذي كان يحمل على متنه قرابة 60 أو 75 مهاجراً (غالبيتهم من القبة والتبانة) فاراً من جحيم الفقر والذل في بلد ينهار على رؤوس أبنائه. مأساة جديدة ضربت عاصمة الشمال اللبناني وكأنه كتب لمدينة العلماء أن تبكي أبناءها على الدوام و تدفن أحلامهم وأجسادهم الطرية في بحرها كما في حاراتها وأزقة الفقر فيها. زورق حمل على متنه عدداً غير محدد من أبناء طرابلس وممن تأويهم المدينة المضياف من سوريين وفلسطينيين، لينطلقوا تحت جنح الظلام في رحلة الهروب من جهنّم والبحث عن مستقبل، لكن الرحلة انتهت قبل أن تبدأ وتهشَّمتْ أحلام ركابها مع تحطم أخشاب المركب ونفاذ المياه الى داخله ومن ثم غرقه في لجة المياه الداكنة. أدمنوا الوجع ما أن تسربت الأخبار عن غرق الزورق وانطلاق عمليات الإنقاذ حتى بدأ تَهافُت الأهالي والأصدقاء نحو مرفأ طرابلس حيث بدأ وصول الناجين الذين تم إنقاذهم ليصار الى نقلهم الى المستشفيات. الخوف والقلق يمتزجان بالغضب والحقد والكل يلعن مَن كان السبب. كلهم يعرفون أن غرق المركب ليس مجرد عطل نقني او حادثة مفتعلة بل هو غرق لوطن حوّله سياسيوه سلة مثقوبة تنساب منها الأرواح و الأحلام و الأموال و الآمال ولا يمكن رقعها. إحدى الناجيات التي تم إنقاذها مع ولديها الشابين تنتظر بقلق أن تسمع خبر وصول ابنتيها اللتين لا تزالان في عداد المفقودين. هم عائلة من خمسة أشخاص من آل الجندي اختاروا الفرار من جحيم حياتهم «طافشين من هذا البلد ومن سيياسييه الذين يساوون صفراً، صار عنا الغريب أحسن من هون بألف مرة» تحكي الأمّ بحرقة وغضب ممزوجيْن بخوف من مصير أسود لابنتين شابتين تخشى مجرد التفكير به. وهنا أيضاً شاب موجود مع الأهالي ويرفض ذكر اسم مَن يبحث عنه بصوت مرتفع حتى لا يعلم أهله أنه كان على زورق الموت، فهو غادر دون أن يخبر أحداً ولن يتفوه الصديق باسمه قبل أن يتأكد أنه قد نجا ليجنّب ذويه القلق. لا يلوم صديقه ولو كان مكانه لفعل مثله «ميتين ميتين ولن تفرق معنا».

بيان الجيش

قيادة الجيش - مديرية التوجيه كانت قد أصدرت ليل السبت - الأحد بياناً أعلنت فيه أنه «بتاريخ 23 / 4 / 2022 تمكنت القوات البحرية التابعة للجيش حتى الساعة من إنقاذ 48 شخصاً بينهم طفلة متوفية كانوا على متن مركب تعرّض للغرق أثناء محاولة تهريبهم بطريقة غير شرعية، قبالة شاطئ القلمون – الشمال، نتيجة تسرّب المياه بسبب ارتفاع الموج وحمولة المركب ‏الزائدة، وقد عملت القوات البحرية بمؤازرة مروحيات تابعة للقوات الجوية وطائرة «سيسنا» على سحب ‏المركب وإنقاذ غالبية مَن كان على متنه حيث قُدمت لهم الإسعافات الأولية ونُقل المصابون منهم إلى مستشفيات المنطقة، فيما تواصل القوى عملياتها براً وبحراً وجواً لإنقاذ آخرين ما زالوا في عداد المفقودين. وتمَّ توقيف المواطن (ر.م.أ) للاشتباه بتورطه في عملية التهريب، وبوشرت التحقيقات باشراف القضاء المختص». واستمرّت عمليات الإنقاذ طوال الليل بناء على توجيهات رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الذي استنفر قيادة الجيش ووزارة النقل وشدد على ضرورة بذل كل الجهود ووضع كل الامكانات في خدمة عمليات الانقاذ، كما أوفد وزير النقل علي حمية الى مرفأ طرابلس للاشراف على عمليات البحث وقد صرح أن «إنقاذ الأرواح في هذا الحادث الأليم هو الأمر الذي يستلزم استنفار كل الأجهزة المعنية بعمليات الإنقاذ».

تفاصيل الرحلة

والرحلة المشؤومة بدأت بحسب ما أورد موقع «سفير الشمال» من شاطئ يقع بين القلمون والحريشة جنوب طرابلس، باتجاه محمية جزر النخل التي إتجه نحوها عدد من المهاجرين في قوارب صغيرة عند وقت الغروب وموعد الافطار حيث تكون الحركة في مدن الفيحاء شبه معدومة والرقابة الأمنية غير مشددة. ومع وصول المهاجرين الى الجزيرة التي تبعد عن الشاطئ نحو 5 كيلومترات، تجمّعوا ضمن المركب غير المُعَدّ للسفر مسافات طويلة وإنطلقوا متجهين نحو قبرص، ومنها الى إيطاليا، وبعد إجتياز نحو 2 كيلومترات بعيداً عن الجزيرة تَعَرَّض المركب الى خلل بانتظار أن تكشفه التحقيقات التي من المفترض أن تجريها المخابرات مع الناجين، ما أدى الى غرقه وغرق من فيه على عمق ما بين 300 الى 400 متر. وأدت أول عمليات البحث والانقاذ إلى انتشال 18 شخصاً، وجثة الطفلة الطفلة تالين محمد الحموي التي تبلغ من العمر سنة ونصف، وتم نقلهم الى مرفأ طرابلس الذي كانت تنتظر فيه سيارات الاسعاف التابعة للصليب الأحمر اللبناني والجمعية الطبية الاسلامية حيث جرى إسعافهم، كما تم إنقاذ 28 شخصاً نقلتهم زوارق الجيش أيضاً الى المرفأ ومنه الى المستشفيات، وبقيت أعمال البحث جارية.

وأشارت المعلومات الى أن عدد الناجين بلغ ليلاً 45 شخصاً، إضافة الى الطفلة المتوفاة، في حين بقي 14 شخصاً في عداد المفقودين من دون إمكان الجزم بهذا الرقم الذي قد يرتفع حين يتم التأكد من عدد الذين كانوا موجودين في الأصل على متن المركب. واللافت أن الجيش اللبناني وفق موقع «سفير الشمال» والصحافي غسان ريفي إستعان بإحدى المروحيات الحديثة التي تكشف كل الأجسام التي قد تكون على سطح البحر، من دون العثور على ناجين جدد، في حين أكدت مصادر مطلعة أنه إذا كان هناك عدد من المفقودين فربما يكونوا قد غرقوا مع المركب خصوصاً أن بعض الركاب لا سيما من النساء والأطفال كانوا يجلسون في أسفل المركب حيث توجد مساحة شبه مغلقة، وبالتالي فإن إنتشالهم قد يكون صعباً للغاية أو ربما مستحيلاً لكون غرق المركب تم على عمق 300 أو 400 متر، وهم بداخله ولا يمكن لأحد أن يصل إليهم لانتشالهم. ومع تكشف ساعات الصباح تم انتشال خمس جثث جديدة وقيل إن العدد وصل الى ثمانية دون أن يتم التأكد من ذلك. أسماء الركاب الذين كانوا على المركب المشؤوم شكلت صدمة للطرابلسيين و اللبنانيين لأن غالبيتهم من العائلات الطرابلسية المعروفة وبينهم عائلات بأكملها من أربعة وخمسة أفراد مثل عائلة دندشي وعائلة الجندي والحموي وشباب في مقتبل العمر وأطفال في ربيعه، فضّلوا خوض غمار البحر ومَخاطره للبحث عن فرص أفضل من واقع لم يترك لهم أي فسحة أمل. غضب لم يعد مكبوتاً «إما يموت الزعماء وإما يموت الشعب. إما يرحل الزعماء وإما يرحل الشعب!».. بهذه الكلمات اختصر أحد الناجين من مجزرة طرابلس البحرية سبب الهروب من «جهنم» على مركب الموت في طرابلس. فأهل عاصمة الشمال كما كل اللبنانيين «أصبحوا ضحايا لطبقة سياسية فاسدة ومجرمة لم يعد ممكناً العيش معها». كبير هو الألم الذي يلتمع في عيون المنتظرين في المرفأ. خالة تالين الطفلة المتوفاة وزوجها يخبران أن الأم و الأب لا يزالان بين المفقودين أما الإخوة الصغار فقد صاروا في البيت لكنهم لا يتكلمون ولا يجيبون عن أي سؤال وكأن لسانهم قد ربط من الصدمة والخوف. الأهالي الذين أمضوا جزءاً من ليلهم على الرصيف صائمين ولم يستطيعوا تَناوُل ولو قطرة ماء عند السحور قُدمت إليهم من المحبين، لا يريدون إلا رأفة الله سبحانه وتعالى بهم وبأبنائهم. ومع اقتراب كل سيارة إسعاف تراهم يهجمون عليها للتأكد إذا كان أحد الأحباء فيها. وهكذا كان وضع آخرين منهم تجمّعوا أمام مركز القوى الأمنية علّهم يستطلعون خبراً جديداً. الإشاعات كثيرة وأسماء كانت تتلى من هنا، ومع كل اسم كان الأهالي يتأملون ورود أي خبر عن الغائبين وبدوا مستعدين لتصديق أي إشاعة ولو كاذبة تطمئنهم عن «الحبايب». الغضب غير المكتوم ينصبّ كله على المسؤولين والمرشحين الى الانتخابات الذين اتُّهموا بأنهم حاولوا استغلال المأساة للتعبير عن نقمتهم تجاه «الآخَرين» الذين كانوا سبب الجريمة، ولاستجداء العطف والأصوات. ولم يَبْدُ مهماً للمفجوعين والغاضبين إن كان هؤلاء صادقين أم لا، فالظرف ليس بالتأكيد في نظرهم للعراضات الانتخابية و «نفْض الأيدي من دماء الطرابلسيين». سمير سكاف أحد الناشطين الذين واكبوا ثورة طرابلس كما واكبوا ثورة بيروت يقول «في بحر طرابلس، غرقت الدولة وغرقت السلطة. غرق رجالاتها وأحزابها. غرقت الوعود الكاذبة على مدى سنوات، كما غرقت الوعود الكاذبة بمستقبل أفضل. غرقت الأنانية التي تخطت الوطنية. غرقت الآمال والأحلام. طرابلس مدينة السلام تنزف من جديد! لا حل أمام ابنائها سوى بالرحيل إما الى بلد آخر وإما الى العالم الآخر! لكن المطلوب اليوم أن تتحمل السلطة مسؤوليتها. وأن تترجم ذلك باستقالتها!»....... جدل حول الأسباب سبب الغرق بقي مثار جدل. منهم مَن عزاه الى حالة المركب الذي حمل أكثر مما يستطيع في حين أكد عدد من الناجين أن زورقاً آخر تابعاً للجيش اللبناني ارتطم بمركبهم الذي كان مجهزاً أفضل تجهيز وقادراً على مواجهة رحلة كهذه وان قائده كان قد حمل معه عائلته الى المركب. فالجيش بحسب قولهم كان يحاول ردعهم عن السفر وحضّهم على العودة، ولذا ارتطم قاربه بمركبهم أكثر من مرة ما أدى الى انفجار شيء ما على متن المركب أدى الى دخول الماء إليه وغرقه شيئاً فشيئاً وعدم قدرة بعض مَن كانوا على متنه في الطابق السفلي على مغادرته. أخبار تفاعلتْ وسط أصوات ارتفعت بأن ثمة حملة مدسوسة تهدف الى توريط الجيش اللبناني في حين كان أول مَن سارع الى تجنيد كافة طاقاته من أجل عملية الإنقاذ. وعلى وقع هذه المناخات، شرح العقيد الركن هيثم ضناوي قائد القوات البحرية في الجيش اللبناني في مؤتمر صحافي من قاعدة بيروت البحرية ملابسات غرق المركب موضحاً أنه صناعة 1974 وصغير طوله عشرة امتار وعرضه 3 امتار، والحِمل المسموح له هو 10 اشخاص فقط ولا وجود لوسائل أمان فيه. وقال: «عملنا على وقف الزورق واقناع قائده بأن المركب معرض للغرق، وهو كان محملا بما يزيد عن 15 أضعاف حمولته المسموحة، ولم يكن مزوّداً بسترات إنقاذ ولا أطواق نجاة وحاولنا ان نمنع المركب من الانطلاق ولكنه كان أسرع منا». وأوضح قائد القوات البحرية أن حمولة المركب لم تكن تسمح له بأن يبتعد عن الشاطئ و «لم يقتنعوا من عناصرنا الذين يعانون نفس معاناتهم، وقائد المركب اتخذ القرار بتنفيذ مناورات للهروب من الخافرة بشكل أدى إلى ارتطامه، ولم يتم استعمال السلاح من قبل عناصرنا». ... إنها واحدة من ليالي عاصمة الشمال الحزينة. فهل تكون مأساة المركب بداية لأحداث أمنية جديدة تهدف الى زعزعة الوضع في طرابلس من خلال دق إسفين بين الجيش والناس؟ أم جرس إنذار للمسؤولين بأن الوضع وصل الى القعر وأن الناس على أبواب الانفجار على قاعدة «عليّ وعلى أعدائي» و«لم يعُد لدينا ما نخسره»؟...... وبدا هذا السؤال مشروعاً مع انزلاق الوضع الأمني في طرابلس بدءاً من بعد ظهر الأحد إلى توترات بدت مدجَّجة بمخاوف من انفلات الواقع نحو فوضى كبيرة في سياق «مكيدة»متعددة الهدف. وسادت طرابلس حال من الغضب الشديد وسط قطع طرق وإطلاق رصاص ودعوات للنزول إلى الشارع، وصولاً إلى تسجيل إشكال في منطقة القبة بين عدد من الشبان على خلفية تعليق صورة لأحد السياسيين تطوّر لاحقاً إلى إطلاق نار من مسدس حربي، إذ أقدم المدعو ع. ش. على إطلاق النار نحو المدعو م. م. وإصابته برأسه، ما أدّى إلى وفاته على الفور. وعقب مقتل م، تفلّت الوضع الأمني أكثر في منطقة البقار، بالقرب من منزل الضحية، مع إحراق دراجة نارية وإطلاق رصاص. وفيما فر مطلق النار إلى جهه مجهولة، اشتعلت منطقة القبة غضباً وسط إطلاق كثيف للنيران. وفي سياق متصل، ومع قطع واسع للطرق في القبة والتبانة واوتوستراد طرابلس – عكار ومناطق أخرى بالسيارات والإطارات المشتعلة بالتزامن مع إزالة صور السياسيين والمرشحين للانتخابات، اشتدّ التوتر بعد تحطيم محتجّين غاضبين حاجز الطبابة العسكرية التابع للجيش، قبل أن تندلع اشتباكات في محيط المستشفى الحكومي في القبة بين الجيش وغاضبين حطموا محتويات المستشفى. وأفيد لاحقاً أن قوّة للجيش تعرضت للرشق بالحجارة في محلة البقار، وأنه بعد قيام الجيش بإخلاء 3 حواجز له في القبة، انتقل التوتر إلى محيط الثكنة العسكرية ومركز الشرطة العسكرية في طرابلس، حيث حصل إطلاق نار غزير. وفيما سُجلت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للجيش للانسحاب من المدينة وترْك الناس «يصفّون حساباتهم مع السياسيين»، اتسعت عمليات قطع الطرق إلى بيروت (الكولا وقصقص وغيرها) كما البقاع، في ظل ملامح تصعيد إضافي في الشارع.

«زورق الموت» يهزّ طرابلس

الاخبار... انفلّت الوضع الأمني في طرابلس بعد ظهر اليوم على نحو بالغ الخطورة، عقب غرق قارب مساء أمس قبالة شاطىء مدينة الميناء، كان يُقلُّ أشخاصاً يحاولون الهجرة بطريقة غير شرعية. ووفق روايات رسمية، تمّ انتشال 6 جثامين إحداها تعود لطفلة كانت على متن القارب، بينما تُفيد معلومات غير رسمية بالعثور على 12 جثة. وقد نُقلت الجثامين السَّتة بواسطة سيارات إسعاف تابعة لـ«الصليب الأحمر» إلى مستشفيات داخل المدينة، وسط أجواء غضب عارم، وإشكالات بين مواطنين وعناصر أمنية أمام المستشفيات، رافقها إطلاق نار كثيف في الهواء. وزاد الطّين بلّة تناقض الروايات حول ما جرى، بين ناجين اتّهموا الجيش بإغراق القارب، وبين المؤسسة العسكرية التي حمّلت المسؤولية لقائد المركب، علماً بأن «الحمولة المسموح بها هي 10 أشخاص فقط»، وفق الرواية الرسمية. كما تتضارب المعلومات حول عدد الركاب، بين من يشير إلى أنه يرواح بين 60 و70 راكباً، وبين الجيش الذي ينفي ذلك. وفيما بدأت مراسم تشييع الضحايا، قطع محتجون طريق شارع سوريا الرئيس في محلة باب التبانة أمام السنترال، وأوتستراد التبانة الملّولة الرئيس باتجاه المنية وعكار، وطريق البقار في القبة أمام ثكنة تابعة للجيش. وقد اعتدى البعض على حاجز عسكري أمام مقرّ الطبابة العسكرية المجاور للثكنة. وفي المقابل، يُنفّذ الجيش والقوى الأمنية انتشاراً كثيفاً حول منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومنزل وزير الداخلية بسام مولوي ومنازل نواب ومسؤولين، خوفاً من ردود فعل غاضبة. في غضون ذلك، وقع إشكال في منطقة القبة بين عدد من الشبان على خلفية تعليق صورة لأحد السياسيين المرشحين للانتخابات، تطور لاحقاً إلى إطلاق نار من مسدس حربي، إذ أقدم ع. ش. على إطلاق النار باتجاه م. م. وأصابه برأسه، ما أدى إلى مقتله على الفور، قبل أن يَفرَّ مطلق النار إلى جهه مجهولة. وأعقب مقتل الأخير إطلاق نار عشوائي في المنطقة طال بعضه عدداً من المنازل القريبة وألحق بها أضراراً، الأمر الذي دفع المحال التجارية إلى إغلاق أبوابها خوفاً من تدهور الوضع أكثر، بينما قام محتجون آخرون بتمزيق صور السياسيين والمرشحين للانتخابات في المنطقة وجوارها. كذلك، اعتدى عدد من أقارب الضحايا الذي غرقوا على المستشفى الحكومي في محلة القبة، فقاموا بتكسير بعض ألواح الزجاج داخله، والتهجّم على موظفين ومرضى، خلال نقل جثامين الصحايا إليه. في هذه الاثناء، تتواصل عملية البحث عن مفقودين في عرض البحر من قبل القوات البحرية في الجيش وفرق «الدفاع المدني»، بالتزامن مع وصول وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار ورئيس «الهيئة العليا للإغاثة»، محمد خير، إلى المدينة.

الهدوء يعود إلى عائشة بكار... عقب تبادلٍ لإطلاق النار

الاخبار.. عاد الهدوء إلى منطقة عائشة بكار في بيروت، عقب انتشار الجيش لضبط الأمن فيها، بعد إشكال بالأسلحة النارية بين عائلتين، أسفر عن سقوط جريح. وأعلن الجيش، في بيان، أنه تدخل «إثر تجدد إشكال في منطقة عائشة بكار ـــ بيروت بين أفراد من عائلتي عيسى وأحمد تخلّله إطلاق نار وسقوط جريح، وتمكّن من إعادة الوضع إلى ما كان عليه»، مشيراً إلى أنه «ينفذ عمليات دهم منازل مطلقي النار لتوقيفهم». وكانت رشقات نارية قد سُمع صوتها في المناطق المحيطة بمكان الإشكال في بيروت، بالتّزامن مع وقت الإفطار.

آمال وتحديات.. ماذا يمثل قرض صندوق النقد الدولي بالنسبة للبنان؟...

المصدر | سامي مبيض/ إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد... أشاد المسؤولون اللبنانيون بالاتفاق المبدئي بشأن قرض صندوق النقد الدولي، في 7 أبريل/نيسان، باعتباره طفرة كبيرة، حيث أعلن الصندوق بعد 7 أشهر من المفاوضات، أنه سيقرض لبنان 3 مليارات دولار لحل الأزمة المالية التي تقترب الآن من عامها الرابع. وستكون مدة القرض - إن تحقق - 46 شهرا وسيعزز صورة رئيس الوزراء "نجيب ميقاتي" الذي جاء إلى السلطة في سبتمبر/أيلول الماضي ووعد بدفع محادثات صندوق النقد الدولي إلى الأمام. كما يأتي الاتفاق في مصلحة الرئيس الثمانيني "ميشال عون"، الذي تنتهي فترته في أكتوبر/تشرين الأول المقبل ويحتاج بشدة لإنجاز قبل مغادرته المنصب. وكان نائب رئيس مجلس الوزراء "سعادة الشامي" قد أثار مفاجأة حين أعلن في 5 أبريل/نيسان إفلاس البلاد فيما يعد نهاية بائسة لفترة "عون". ويُحَمّل "عون" وصهره "جبران باسيل" مسؤولية معظم المشاكل الاقتصادية في لبنان، بما في ذلك انهيار الليرة اللبنانية والقطاع المصرفي الذي كان مزدهرًا من قبل في البلاد. ولكن، قد يكون من المبكر للغاية أن الابتهاج باتفاق قرض صندوق النقد الدولي بسبب بعض الشروطالتي سيكون من الصعب تحقيقها.

شروط صندوق النقد الدولي

أولًا، يعد القرض الذي تبلغ قيمته 3 مليار دولار مجرد جزء بسيط مما طلبه لبنان في الأصل؛ والذي يتراوح بين 9-10 مليار دولار.

ثانيا، الاتفاق ليس نهائيا ولا يزال يحتاج إلى اعتماده من قبل مجلس إدارة صندوق النقد الدولي. ولن يتم صرف القرض ما لم تنفذ الحكومة اللبنانية سلسلة من الإصلاحات المؤلمة. وتشمل هذه التدابير تعويم العملة، ومراقبة الإنفاق الحكومي، وإعادة تجديد قطاع الكهرباء، ومكافحة الفساد في القطاع العام، والسماح بتقييم خارجي للبنوك الـ14 الرئيسية في البلاد، وإدخال قانونين: واحد لمراقبة رأس المال وآخر للسرية المصرفية. وقال الكاتب الاقتصادي اللبناني "منير يونس": "سيكون من الصعب جدا تلبية هذه الشروط لأن ذلك يعني تفكيك شبكة المصالح السياسية والمالية، وقد يفتح الباب أمام المساءلة".

آثار الحرب الأوكرانية

رسميا، لا يزال سعر صرف الدولار في البنك المركزي يعادل 1507 ليرة لبنانية، ومع ذلك ففي السوق السوداء يتم تداوله بين 24 و 25 ألف ليرة لبنانية. وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2019، كان سعر الصرف 1500 ليرة لبنانية للدولار، وهو السعر الذي ظل ثابتًا منذ أوائل التسعينيات. ويخشى البنك المركزي أن يؤدي تحرير العملة إلى قفزة رهيبة في الأسعار في الوقت الذي تتزايد فيه بالفعل نفقات الغذاء والوقود بسبب حرب أوكرانيا. ويستورد لبنان 96% من قمحه من أوكرانيا وروسيا، ولا يكفي المخزون لديه إلا حتى أوائل الصيف. ومثل الحرب مفاجأة بالنسبة للبنان الذي فشل في تأمين مصادر بديلة أو تعزيز احتياطياته من القمح. وللتعامل مع المشكلة، لجأت حكومة "ميقاتي" لطرح حزم أصغر من الخبز، على أمل توفير الاحتياطات، مما قلل وزن الحزمة من 1.75 جراما إلى 1.125 جراما، مع زيادة في السعر بنسبة 550% أي من ألفيّ ليرة إلى 13 ألف ليرة. وتتطلب شروط صندوق النقد الدولي أيضا التوصل إلى اتفاق مع الدائنين الدوليين حول كيفية تسوية الديون الخارجية للبلاد بعد أن أعلن لبنان تخلفه عن الدفع في مارس/آذار 2020. وقد اتخذ هذا القرار لإنقاذ ما بقي من احتياطيات البنك المركزي الضئيلة لشراء القمح والوقود والأدوية. ويحتاج لبنان إلى سيولة لدفع مستحقات ورواتب القطاع العام وكذلك لإعادة بناء ما تم تدميره من بيروت بسبب انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020. ووفقا للبنك الدولي، فإن إصلاح هذا الضرر وحده سيكلف ما بين 3.8-4.6 مليار دولار أمريكي.

الانهيار المالي

وافقت الجهات المانحة في مؤتمر "سيدر" (اجتماع دولي للمانحين في فرنسا في أبريل/نيسان 2018) على تزويد لبنان بـ 11 مليار دولار. ومع ذلك، جاء التعهد مقرونا بحزمة من الشروط لم يستطع رئيس الوزراء آنذاك "سعد الحريري" أن يلبيها، بما في ذلك إصلاح القطاع العام ومكافحة الفساد وقص أجنحة "حزب الله". وبدأت المحادثات مع صندوق النقد الدولي بعد أن فقدت لبنان الأمل في الحصول على تعهدات مؤتمر "سيدر". وبالرغم أن المفاوضات مع الصندوق تعرضت لعراقيل في البداية مع استقالة رئيس الوزراء "حسان دياب" على خلفية انفجار بيروت في أغسطس/آب 2020، فقد استؤنفت في عهد "ميقاتي" في سبتمبر/أيلول 2021. وبعد أيام من توليه المنصب، استطاع "ميقاتي" تأمين قرض صغير من صندوق النقد بقيمة 1.235 مليار دولار، لكن آثاره لم يشعر بها المجتمع، وإنما ساعدت فقط في تحسين سعر الصرف، وإن كان ذلك لفترة وجيزة. ودفع انهيار القطاع المصرفي 75% من سكان لبنان البالغ عددهم 6 ملايين إلى الفقر (بما في ذلك مليون لاجئ سوري). وكان لدى العديدين مدخرات محدودة بالدولار، إلا إن البنوك حجرت عليها بسبب نقص العملة الأجنبية، بدون أي إشارة إلى موعد متوقع للإفراج عن أموالهم. وسُمح للمودعين بسحب مبالغ محدودة من مدخراتهم لكن فقط بالعملة اللبنانية التي فقدت قيمتها مما أدى إلى تضخم كبير. وفي عام 2021، قدر معدل التضخم اللبناني بنحو 145%.وانهار الناتج المحلي الإجمالي في لبنان من 52 مليار دولار في عام 2019 إلى 22 مليار دولار في عام 2021. وارتفع سعر البضائع الأساسية بشكل جنوني، مما أثر على جودة وكمية مشتريات الأسر اللبنانية. علاوة على ذلك، فرضت الحكومة إغلاقًا صارمًا بسبب "كوفيد-19"، والذي اقترن بمشكلة كهرباء مزمنة (بشكل لا يجعل الكهرباء تتخطى ساعة أو ساعتين في اليوم)، مما أجبر أولئك الذين لديهم موارد مالية على التبديل إلى مولدات الديزل، أما أولئك الذين لديهم موارد محدودة فعاشوا بدون كهرباء. وأصبح سعر الديزل لا يطاق بالنسبة لمعظم الأسر، حيث يُباع الآن بـ331 ألف ليرة للجالون؛ أي حوالي نصف الراتب الشهري للمواطن اللبناني العادي.

مراقبة رأس المال

في 30 مارس/آذار، وافقت حكومة "ميقاتي" على مشروع قانون مراقبة رأس المال. وبالرغم أن القانون لا يزال يحتاج إلى موافقة البرلمان قبل أن تنتهي فترته في 21 مايو/أيار، فإن المسودة تحدد شروط وأحكام السحب من البنوك بالليرة اللبنانية والعملات الأجنبية. وقال "يونس": "كان يجب أن يُمرّر قانون مراقبة رأس المال عندما بدأت الأزمة قبل عامين ونصف". وأشار إلى أن "هذا الإجراء كان سيحافظ على بقايا العملات الأجنبية في البلاد، لكن تأخيره حتى اليوم أعطى السياسيين والأشخاص النافذين الوقت اللازم لتهريب أموالهم خارج البلاد، على حساب المودعين العاديين الذين تم منعهم من سحب مدخراتهم وأجبروا على سحبها بمبالغ متواضعة". واتهم مدير عام وزارة المالية السابق "آلان بيفاني" المصرفيين في يوليو/تموز 2020 بتهريب ما يصل إلى 6 مليار دولار خارج البلاد منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019. ويسمح مشروع القانون الجديد بسحب ما يصل إلى ألف دولار فقط أو ما يعادله بالعملة اللبنانية، دون أي مؤشر حول كيف ومتى يمكن للمودع استعادة أمواله بالكامل. وسيبقى أن نرى ما إذا كان قانون مراقبة رأس المال سيرى النور يومًا ما، بالنظر إلى الشروط الصارمة التي يفرضها صندوق النقد الدولي. وتمثل بعض شروط صندوق النقد الدولي تهديدا لمصالح النخبة السياسية في لبنان. وحتى الآن، أعرب جميع السياسيين عن رغبتهم في تلبية شروط الصندوق لكن هذا قد يظل مجرد كلام.

تحالفات باسيل تشبه تقلباته السياسية و«يستعير» نواباً من «حزب الله»

الشرق الاوسط... (تحليل إخباري)... بيروت: محمد شقير.. تقف الأحزاب اللبنانية والقوى السياسية ومجموعات الحراك المدني المنخرطة في العملية الانتخابية على مسافة عشرين يوماً من موعد إجراء الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو (أيار) المقبل، ولم يعد من مجال للرهان على إعادة خلط أوراق التحالفات بعد أن سجلت لوائحها بأسماء مرشحيها لدى وزارة الداخلية والبلديات، وهي تستعد لخوضها على أساس ما أفرغت ما في جعبتها من برامج ومواقف سياسية أقل ما يقال فيها بأن المنافسة هذه المرة غير مسبوقة ولا تمت بصلة إلى المبارزات الانتخابية في الدورات السابقة؛ لأنها تدور بين مشروعين لا ثالث لهما: الأول تقوده قوى المعارضة على اختلاف انتماءاتها السياسية والطائفية، وتتطلع إلى فك الحصار عن مشروع استعادة الدولة واسترداد هوية لبنان العربية، والثاني تتزعمه القوى المنتمية إلى محور الممانعة بتحالفها مع «التيار الوطني الحر». ويتزعم «حزب الله» محور الممانعة بتحالفه مع حليفه «التيار الوطني الحر»، ويراهن على قدرته على الاحتفاظ بالأكثرية الساحقة في البرلمان العتيد لتكون له اليد الطولى في إعادة تركيب لبنان في مرحلة ما بعد إنجاز الاستحقاق النيابي المفتوحة على تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جمهورية جديد خلفاً للحالي العماد ميشال عون فور انتهاء ولايته الرئاسية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وتتهم المعارضة «حزب الله»، بتحالفه مع «التيار الوطني الحر» بالتحضير للانقلاب على الدستور الذي استبدله بواسطة «تفاهم مار مخايل» المعقود بين الحزب والعماد عون في فبراير (شباط) 2006 أي قبل سنوات من انتخابه رئيساً للجمهورية. وتقول مصادرها لـ«الشرق الأوسط» بأنها لم تُسقط من حسابها الالتفاف على اتفاق الطائف الناظم الوحيد للعلاقات بين الأطياف اللبنانية، وإلا لماذا تجاهلته ورقة التفاهم ولم تأتِ على ذكره؟...... وتلفت إلى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري المتحالف مع «حزب الله» و«التيار الوطني» في دوائر انتخابية مراعاة لحليفه الاستراتيجي، وإن كان يتزعم الفريق المناوئ للالتفاف على الطائف ويرفض مسايرة حليف حليفه، أي النائب جبران باسيل، فإن لديه القدرة في تعطيل الانقلاب عليه، ليس لغياب البديل فحسب، وإنما لأنه يعود بالبلد إلى المربع الأول الذي كان سائداً قبل التوافق على الطائف الذي كان وراء إخراج العماد عون من بعبدا بعد أن تصدى لجميع المحاولات الرامية لانتخاب رئيس جديد خلفاً للمنتهية ولايته الرئيس أمين الجميل. وتؤكد المصادر نفسها أن الانتخابات النيابية تشهد للمرة الأولى منازلة انتخابية من نوع آخر وسياسية بامتياز، وتقول إنها معركة ذات طابع وجودي ومصيري تتعلق بمستقبل لبنان، وهي تضع اللبنانيين أمام مسؤولياتهم بإعادة تعويم مشروع الدولة واستنهاضه في مواجهة مشروع محور الممانعة الذي يأخذ البلد إلى مكان آخر أقل ما يقال فيه إنه يهدف إلى عزله عن محيطه العربي، وبالتالي قطع الطريق على جهود الدول العربية وعلى رأسها الخليجية لاحتضانه بإدراجه مجدداً على لائحة الاهتمام العربي والدولي لوقف انهياره وإنقاذه من التأزم الذي يحاصره. وترى المصادر أن قوى المعارضة أكانت تقليدية أو وليدة الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في 17 أكتوبر 2019 فإنها مُجمعة على مقاومتها السلمية لمشروع محور الممانعة، وتهيئة الظروف أمام الدولة لاسترداد قرار السلم والحرب من يد «حزب الله»، وحصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية. وتقول بأن قوى المعارضة على اختلافها لم تدخل في بازارات تحالفية هجينة لزيادة مقاعدها النيابية، وتؤكد أن التحالفات لا تتعارض مع قناعاتها، وتشبه الأطراف التي تخوض الانتخابات بلوائح متعددة، وهذا ما ينطبق على تحالف حزبي «التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية» في عدد من الدوائر، وينسحب على حزب «الكتائب» وأيضاً على القوى التغييرية والثورية، كما أن تعذر جمع هذه القوى في لوائح موحدة لا يلغي توافقها على برنامج سياسي موحد ولو بالمراسلة ويتعلق أولاً وأخيراً بوحدة موقفها بالعودة إلى حضن الدولة الجامعة التي تتسع لكل اللبنانيين. وتضيف أن ما يهم القوى السياسية يكمن في أن يستعيد لبنان حياده الإيجابي الذي افتقده اللبنانيون بسبب تعدد انتماءاتها الخارجية من جهة، ودخول إيران على الأزمة اللبنانية من الباب الواسع الذي أمنه لها «حزب الله» بتواطؤ مع «التيار الوطني» وبصمت من رئيس الجمهورية. وتتابع المصادر أن لا مجال للمقارنة بين البرنامج السياسي لـ«القوات» التي تُعتبر الأقوى بداخل قوى المعارضة المسيحية، وبين البرنامج الخاص لـ«التيار الوطني» بعد أن قرر تجميد العمل به حتى إشعار آخر واستعاض عنه بعدد من المقاعد النيابية التي «يستعيرها» من «حزب الله» في الدوائر التي تتمتع بثقل شيعي، ويحتاج فيها إلى رافعة الحزب لعله يملأ الفراغ الناجم عن تراجع نفوذه في الشارع المسيحي. وتسأل المصادر: لماذا ارتأى عون التراجع عن مواقفه المتشددة من «حزب الله» أثناء وجوده في المنفى الباريسي وقبل عودته إلى بيروت ليوقع مع أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله ورقة التفاهم واضعاً كل أوراقه في سلته لتأمين انتخابه رئيساً للجمهورية ليتراجع لاحقاً عن الالتزامات التي تعهد بها في خطاب القسم ويسحبها من التداول لمصلحة فائض القوة الذي يتمتع به الحزب ويوظفه حالياً لتعويم باسيل؟...... كما تسأل عن القواسم السياسية المشتركة التي تجمع باسيل بحلفائه في الانتخابات بدءاً بـ«حزب الله» مروراً بأحزاب «البعث» الموالي للنظام السوري و«السوري القومي الاجتماعي» (جناح الروشة بقيادة ربيع بنات) ومنشقين عن «الجماعة الإسلامية» وآخرين من «سرايا المقاومة» وانتهاءً بـ«جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش)، وتقول بأن تعاونه الانتخابي مع بري يصب في خانة مراعاة الأخير لحليفه الاستراتيجي؟....... فباسيل بمواقفه السياسية وببرنامجه الانتخابي لا يشبه تحالفاته الانتخابية، وإلا ماذا سيقول لمحازبيه وجمهوره عن اتهامه وعمه الرئيس عون «الثنائي الشيعي» بتعطيل مجلس الوزراء وبعرقلة التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت وبقطع الطريق على مكافحة الفساد بذريعة أن الحزب نأى بنفسه عن الدخول في شراكة معه في حملته على من اتهمهم بالفساد؟ إضافة إلى اتهام «أمل» بالتواطؤ مع «القوات» في الحوادث الدامية التي حصلت في محور الطيونة - مار مخايل، فيما يلوذ الحزب بالصمت حيال تمديد وزير الطاقة وليد فياض للعتمة التي بلغت ذروتها في الساعات الأخيرة. كما أن باسيل يستنجد بحلفائه من جدد وقُدامى للهجوم على «القوات» وقوى التغيير بدلاً من أن يبادر إلى إجراء مراجعة نقدية لتوريطه «العهد القوي» في مسلسل من الاشتباكات السياسية طالت الرئيس بري، واستقوائه بالسلطة للدخول في مفاوضات تحت الطاولة يقدم من خلالها الإغراءات لواشنطن في ملف ترسيم الحدود البحرية للبنان مع إسرائيل لعله يتمكن من رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه ليعيد تأهيل نفسه لخوض الانتخابات الرئاسية برغم أنه يدرك جيداً بأن طموحاته في هذا الخصوص تبقى حبراً على ورق. لذلك، لا مجال لتعداد الدوائر الانتخابية التي يستعين بها باسيل، كما تقول مصادر في المعارضة، برافعة «حزب الله» للتعويض عن خسارته لعدد من المقاعد النيابية في الدوائر ذات الثقل المسيحي بعد أن استحال عليه تأمين الحلفاء الذين تفرقوا عنه بملء إرادتهم ولم يحصد من حروب الإلغاء والإقصاء سوى المزيد من العزلة، ما اضطره للتسليم بطروحات محور الممانعة، وإلا لماذا أحجم ويحجم في خطاباته التحريضية لناخبيه عن الإتيان على ذكر سلاح «حزب الله» واسترداد الدولة المخطوفة، وهو من يقف وراء تدمير علاقات لبنان بالدول العربية وتصدعها مع دول الخليج العربي؟..... وعليه يُفترض بأن تحالفات باسيل لا تشبهه سياسيا لكنه رضخ لحليفه وتقدم منه بدفتر الشروط لتأتي متطابقة مع انقلابه على مواقفه للحصول على جواز مرور يؤمن له اقتطاع مقاعد نيابية في الدوائر ذات الطغيان الشيعي بامتياز.

ضبابية تغلف استراتيجية الحكومة اللبنانية لإعادة هيكلة الدين العام

الشرق الاوسط... بيروت: علي زين الدين... وضعت الحكومة اللبنانية معادلات متباينة إلى حد التناقض في مقارباتها لإعادة هيكلة الدين العام، وتنفيذ الإصلاحات المالية الأساسية. فبينما هي تتنصل من أهمية إنشاء صندوق سيادي تتكون موارده من الأصول العامة المنتجة والتطوير الشامل للنظام الضريبي، تعول على تدفق قروض ميسرة من الشركاء الدوليين، بما يشمل البرنامج التمويلي الذي تسعى إلى إبرام اتفاقيته مع صندوق النقد الدولي. ويكشف البنك الدولي، في أحدث تقاريره عن لبنان، بأنه في ظل المستوى العالي من حالة عدم اليقين، يرتقب أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي انكماشا إضافيا بنسبة 6.5 في المائة في العام الحالي، في حال لم تتغير سياسات الاستجابة للأزمة، وفي حال عدم وجود حد أدنى من الاستقرار السياسي والأمني. لتضاف إلى نسب 7 في المائة و21.4 في المائة و10 في المائة المحققة في السنوات الثلاث السابقة، والتي أودت إلى تقلص حاد للناتج من نحو 54 مليار دولار في العام 2018 إلى ما دون 20 مليار دولار حاليا. ويؤكد مسؤول مالي معني لـ«الشرق الأوسط» أن الوضوح المفاجئ في تحميل المودعين والمصارف نحو 60 مليار دولار من إجمالي 72 مليار دولار من خسائر الانهيار المالي والنقدي، تقابله ضبابية تصل إلى مستوى الالتباس في معالجة أصل الفجوة البالغة نحو 100 مليار دولار وفق الأرقام الرسمية للدين العام، والمرجح أن يتعدى 105 مليارات دولار بعد احتساب مستحقات معلقة، بينها أكثر من 3 مليارات دولار لصالح صندوق الضمان الاجتماعي (بالسعر الرسمي لليرة). ومع إطلاق تعهدات مسبقة بعدم المس بالموارد العامة والتعهد بوقف استجرار التمويل من البنك المركزي، يلفت المسؤول إلى تعذر النفاذ إلى أسواق الدين الدولية نتيجة إقدام الحكومة السابقة على تعليق دفع مستحقات سندات اليوروبوندز في ربيع العام 2020. وهي وقائع تنبهت إليها الحكومة في خطة التعافي، حيث استخلصت أن «جميع ما نحصل عليه من تمويل تقريبا سيكون من المصادر الدولية الرسمية دعماً لبرنامج استدامة الديون وتمديد آجالها. وبحسب وكالة التصنيف الدولية «موديز»، فإن اتفاق التمويل الخارجي مشروط بإعادة هيكلة شاملة للدين الخارجي للبنان، والذي يتضمن ديناً بالعملة الأجنبية يقارب نحو 38 مليار دولار، مما يفرض مشاركة كافية من الدائنين لتأمين استدامة للدين. لكن و«نظراً لسجل لبنان السابق الضعيف بتطبيق إصلاحات، فإن الاتفاق المفترض مع صندوق النقد قبل الانتخابات النيابية والرئاسية سيمثل استجابة من المؤسسات المالية الدولية لحاجة لبنان الملحة لمساعدات خارجية لوقف التدهور الاقتصادي والاجتماعي». وتوضح الوكالة أن المساعدات المالية الخارجية سوف تحفز لبنان على إنجاز تقدم لناحية اعتماد مبادرات إصلاحية مهمة. لكنها تؤكد في المقابل، بأن أي تحسين في تصنيف لبنان يعتمد على ركائز أساسية لديناميكيات الدين العام، كالعودة إلى حالة النمو الاقتصادي، والحصول على التمويل، والقدرة على تسجيل فائض أولي في الموازنة والمحافظة عليه، والتي من شأنها أن تحافظ على استدامة الدين ويمكن أن تعيد للبلاد القدرة على الوصول إلى أسواق المال العالمية. وفي المقابل، تضمنت خطة الحكومة التزاما باستدامة مسار الدين العام، والعزم على خفض كتلته إلى ما دون 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2026 وإلى 76 في المائة من بحلول العام 2032، وسيتحقق ذلك من خلال مجموعة من الإجراءات منها ضبط أوضاع المالية العامة، ووضع سياسات تعزيز النمو والإصلاح المالي وإعادة هيكلة الدين. فيما يلفت التباين الصريح بين الالتزام بتخفيض الاحتياجات التمويلية الإجمالية إلى متوسط يبلغ حده الأقصى 10 في المائة من الناتج المحلي، وبين الإقرار الرسمي بعدم قدرة لبنان على الوصول إلى أسواق المال العالمية، بحيث «سيكون جميع ما نحصل عليه من تمويل تقريباً من المصادر الدولية الرسمية». ومن الإشارات الملتبسة، وفقا للمسؤول المالي، إقرار الحكومة بأن تحقيق أهداف الدين العام يتطلب إعادة هيكلة سندات «اليوروبوندز»، والإفصاح عن نيتها التواصل مع الدائنين لبدء مناقشات إعادة الهيكلة بطريقة منظمة. فالتوجه في هذا السياق يجيء متأخرا نحو سنتين بالتمام من تعهد مماثل أطلقته الحكومة السابقة، وما تقترحه الحكومة بشأن توزيع الخسائر يشي بسيناريو لا يقل وطأة عن الأحمال التي ستلقى على عاتق المودعين والمصارف. فقد قدرت وكالة «موديز» أن الخسائر على حاملي سندات اليوروبوندز ستتخطى نسبة 65 في المائة من قيمتها الاسمية، فيما تشير ترجيحات من قبل بنوك دولية إلى اقتطاع لن يقل عن 70 في المائة مع خفض دراماتيكي للعوائد المستحقة واللاحقة وتمديد طويل الآجال لعمليات السداد. وتقر الحكومة بأن استعادة الملاءة المالية تعد أولوية ملحة لتعزيز الثقة في الدولة وتقديم الخدمات الحيوية العامة، بعد سنوات عديدة من العجز الكبير، وضعف الإيرادات، والهدر والإفراط في الإنفاق، وتضخيم الدين العام إلى مستويات غير مستدامة، وقد أصبح جزء منه الآن ضمن المتأخرات على الحكومة بعد عجزها عن السداد. وتستهدف الاستراتيجية المالية على المديين المتوسط والطويل، وضع الدين على مسار تراجعي من خلال إدخال تعديلات مالية تدريجية تصحبها إصلاحات دائمة واستراتيجية لإعادة هيكلة الديون. وستتركز الجهود المتعلقة بالإيرادات على إعادة بناء قدرة تحصيل الضرائب ورسوم الجمارك من خلال تعزيز الإدارة وتحسين الامتثال الضريبي. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم تقييم التعرفة الجمركية على الواردات بسعر الصرف الرسمي الموحد الجديد وباستحداث عدة رسوم، بحيث تتم تغطية العجز المستهدف في موازنة الدولة من التمويل المتاح خارجياً، نظرا لاستبعاد التمويل المحلي بسبب مواطن الضعف الحالية وهشاشة القطاع المصرفي. لكن يشوب هذه التوجهات تحديد اقتراحات عملية وذات صدقية. فالخطة، بحسب المسؤول المالي، ترتكز أساسا إلى تنصل الدولة عن موجبات الاقتراض الذي تسبب بتوسع الفجوة المالية التي قدرتها بنحو 60 مليار دولار لدى البنك المركزي، كما تخلو من أي مضمون مطمئن يهدف إلى سد منافذ الهدر والفساد في إدارة مؤسساتة القطاع العام وأملاك الدولة وأصولها ورفع كفاءة استثمارها. كذلك تحاذر خطط الحكومة، ومن دون مسوغ قانوني أو سبب مقنع، التطرق إلى الثروات الكامنة وفي مقدمها ثروة النفط والغاز في المياه الإقليمية، فضلاً عن تغييب اقتراحات متاحة لاستثمار مخزون الذهب البالغ حاليا نحو 18 مليار دولار.



السابق

أخبار وتقارير.. لبنان.. أهالي ضحايا "مركب الموت" يطالبون نواب ووزراء المدينة بالمغادرة..الحرب الروسية على اوكرانيا.. شهران على بدء حرب «غيّرت العالم».. «بداية شرخ» بين موسكو و5 جمهوريات سوفياتية سابقة.. "يضم عشرات الضباط".. أوكرانيا تعلن تدمير مركز القيادة الروسية في خيرسون..اتجاهات الصراع بين روسيا وأوكرانيا مع دخول الحرب مرحلة جديدة.. واشنطن تجمع «أصدقاء كييف»... ومولدوفا تتخوّف من غزو.. الكرملين يريد جنوب أوكرانيا بالكامل..فرنسا تختار اليوم بين ماكرون ولوبن.. اختيار من سيقود فرنسا بين... السيئ والأسوأ.. هل نجحت الهند في امتحان «التوازن الصعب» بأزمة أوكرانيا؟..صراع أميركي - صيني في «الجزر الصغيرة».. الصين تستعد لنشر حاملة طائرات ثالثة وتايوان تذكر بمصير السفينة «موسكفا»..رئيس وزراء سريلانكا يفقد تأييد مناصريه..مقتل 3 جنود باكستانيين بهجوم عبر حدود أفغانستان..مواجهة روسية - أميركية في الفضاء..

التالي

أخبار سوريا..تركيا وإيران تتحركان في سورية لاستغلال الانشغال الروسي.. عائلات جديدة تغادر مخيم الركبان على الحدود السورية ـ الأردنية..

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,166,523

عدد الزوار: 6,758,427

المتواجدون الآن: 141