أخبار لبنان..بري يخلي مسؤوليته عن «التعطيل» ويدعو لجلسة انتخاب رئيس للبنان.. بري حدد غداً موعداً لجلسة «لا انتخاب» رئيس للجمهورية..باسيل "يتذاكى" على دار الفتوى..ويرسل شروطه بـ"ظرف مختوم" إلى ميقاتي..باسيل يزور دار الفتوى: لا تنازل عن التمثيل الشعبي لرئيس الجمهورية..ملفّ انفجار مرفأ بيروت يعمّق الانقسامات القضائية..في دراسة دستورية تنفرد «الشرق الأوسط» بنشرها..الأمين العام لمجلس الوزراء اللبناني يؤكد حق الحكومة المستقيلة في تولي صلاحيات رئيس الجمهورية..

تاريخ الإضافة الأربعاء 28 أيلول 2022 - 4:04 ص    عدد الزيارات 1111    التعليقات 0    القسم محلية

        


بري يخلي مسؤوليته عن «التعطيل» ويدعو لجلسة انتخاب رئيس للبنان..

الترشيحات محصورة إلى الآن بقائد الجيش وجهاد أزعور

الجريدة... كتب الخبر منير الربيع.... شكلت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية غداً، مفاجأة للبنانيين. خصوصاً أن بري كان قد أعلن أنه لن يحدد موعداً لانتخاب الرئيس قبل توفر ظروف التوافق. بحسب ما تقول مصادر قريبة من بري، فإن التراجع عن موقفه وتحديد موعد الجلسة فرضته جملة وقائع، أولاً أن المجلس النيابي نجح بإقرار الموازنة. ثانياً أن هناك ضغوطاً دولية على لبنان في سبيل فتح النقاش الرئاسي والبحث عن توافق بالإضافة إلى تشكيل الحكومة. ثالثاً التقط بري إشارة البطريرك الماروني بشارة الراعي يوم الأحد الفائت، الذي اعتبر أن تأخير انتخاب رئيس للجمهورية يؤدي إلى تهميش دور المسيحيين وتقويض موقع رئيس الجمهورية. أراد بري بذلك أن يتحرر من تحمل مسؤولية التعطيل، ورمى الكرة في ملعب الكتل النيابية التي لا تزال عاجزة عن إنتاج الرئيس الجديد لأن لا أحد يمتلك ثلثي أعضاء المجلس لتوفير نصاب انعقاد الجلسة. وبحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن جلسة الغد ستعقد بدورتها الأولى التي يكون فيها المرشح بحاجة إلى 86 صوتاً ليفوز، فيما سيفقد النصاب في الدورة الثانية والتي يكون فيها المرشح بحاجة إلى 65 صوتاً، بينما يحتاج انعقادها إلى توفر نصاب 86 نائباً، بالتالي بانسحاب 43 نائباً ترفع الجلسة على أن يتم تحديد موعد جديد لجلسة جديدة. من خلال هذه الجلسة سيثبت بري وجهة نظره أن الأمر بحاجة إلى توافق ولا مجال لإنجاز الاستحقاق بدون توفر ظروف هذا التوافق. بينما ستستمر الحركة الرئاسية بخطوات سياسية متعددة، من بينها استمرار السفير السعودي وليد البخاري بحركته على الساحة اللبنانية، من خلال لقائه صباح اليوم برئيس حزب الكتائب سامي الجميل، بعد أن التقى أخيراً النواب السنة ونواب التغيير والمستقلين ووليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. في المقابل، تشير مصادر متابعة لـ»الجريدة» إلى أن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط موجود في العاصمة الفرنسية باريس، وهو سيعقد لقاءات متعددة مع مسؤولين عن الملف اللبناني للبحث أيضاً في الاستحقاق الرئاسي وفي آلية الوصول إلى توافق على شخصية رئاسية لا تكون مستفزة لأي طرف. أمام كل هذه الوقائع، يبقى لبنان أمام احتمال سيناريو الفراغ بحالة عدم التوافق، وهذا ما قد يؤدي إلى التوافق على اسم قائد الجيش جوزيف عون لرئاسة الجمهورية كأسهل أنواع التوافق. فيما تقول مصادر دبلوماسية متابعة إن الترشيحات في هذه المرحلة تنحصر بين قائد الجيش من جهة، ورئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور.

مارَس «حقّه» في خطوة مباغتة انطوتْ على رسالة و... أكثر

لبنان: بري حدد غداً موعداً لجلسة «لا انتخاب» رئيس للجمهورية

الراي... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- هل يتكرر سيناريو «جلسة جعجع» في 2014... نصاب لمرة واحدة فشغورٌ مديد؟

- اتصالاتٌ بين الكتل وداخلها لتحديد «الخطوة التالية» بعد الدعوة «على عَجَل» من بري

باغَتَ رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الجميع بتحديده غداً موعداً لتدشين «ماراثون» الانتخابات الرئاسية في جلسةِ «لا انتخابٍ» ولكنها ستضع هذا الاستحقاق رسمياً في صدارة المشهد السياسي على مشارف انتهاء نصف المهلة الدستورية المحدَّدة لاختيار خلَف للرئيس ميشال عون الذي تُطوى ولايته في 31 أكتوبر المقبل. وبدا أن «مفاجأة» بري بالدعوة إلى جلسة قبل 48 ساعة فقط من موعدها أرْبَك غالبية القوى السياسية والكتل النيابية التي لم تكن استجمعتْ بعد كل أوراقها ولا أنهتْ تفاهماتٍ على كيفية التعاطي مع أول جلسات الانتخاب سواء لجهة الموقف من «أصل» حضورها وتأمين النصاب الدستوري لالتئامها وهو ثلثا أعضاء البرلمان (86 نائباً) أو لجهة اسم المرشّح الذي ستعتمده والذي يحتاج كي يفوز من الدورة الأولى غالبية الثلثين في حين يُكتفى بالدورة الثانية وما موفق بالأكثرية المطلقة أي النصف زائد واحد (65 نائباً ولكن دائماً في نصاب انعقاد للجلسة بالثلثين). وتقاطعتْ أجواء عند أن إمهال الكتل أقل من 48 ساعة لترتيب صفوفها واصطفافاتها يعكس «عدم جدية» في مقاربة الجلسة التي راوحت التقديرات حيال طابع العَجَلة الذي اتخذه توجيه الدعوة إليها بين الاعتبارات الآتية:

- حرص بري مع اقتراب مهلة الشهر الأخير من المهلة الدستورية للانتخاب على ألا يسقط من يده إمكان ممارسة حقه الدستوري بتوجيه الدعوة لجلسات الانتخاب وفق منطوق المادة 73 من الدستور- كما قالت بعض الدوائر ـ التي تنص على أنه «قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد وإذا لم يُدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس».

- انها دعوة «ردّ فعلٍ» على الانتقاد الضمني الذي وجّهه إليه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد حين سأل «بأي راحة ضمير، ونحن في نهاية الشهرِ الأوّل من المهلةِ الدستوريّةِ لانتخابِ رئيسٍ للجمهوريّة، والمجلسُ النيابيُّ لم يُدعَ بعدُ إلى إيِّ جلسةٍ لانتخابِ رئيسٍ جديد»، مضيفاً: «صحيحٌ أنَّ التوافقَ الداخليَّ على رئيسٍ فكرةٌ حميدةٌ، لكنَّ الأولويّةَ تبقى للآليّةِ الديموقراطيّةِ واحترامِ المواعيد». وإذ رأت أوساط سياسية أن الاعتبار الأول، إذا صح دستورياً، فهو لم «يُكتشف» في ربع الساعة الأخير، ولا يُعْفي أنه كان بإمكان بري توجيه الدعوة قبل أسبوعٍ على غرار ما فعل العام 2014 حين حدّد في 16 ابريل موعد أول جلسات الانتخاب وكانت في 23 منه، اعتبرتْ أيضاً أن رئيس البرلمان «المحنّك» يصعب أن ينجرّ لـ «ردات فعلٍ» فيبني قراراته على هذا الأساس. وبناءً على ذلك، تعتبر الأوساط أن المباغتة المتعمّدة من بري، تأتي في إطار مزدوج: أولاً استعجال كشْف «الأوراق» الانتخابية للاعبين خصوصاً الكتل المعارِضة لائتلاف «حزب الله» والتيار الوطني الحر التي لم تُنْجِز بعد توافقاً على مرشح واحد تسعى لأن تجمع حوله 65 نائباً وما فوق بحيث يتحوّل موعد جلسة الأمر الواقع «عبوة» قد تسرّع في تفتُّت البناء الذي يُعمل عليه «حَجَراً حَجَراً»، بعدما جَعَلَ رئيس الكتلة المسيحية الأكبر في البرلمان والأكبر بين المعارضة، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الأولوية، ليس لترشّحه، بل للتفاهم على شخصية بمواصفات الحدّ الأدنى من البُعد السياسي والأقصى من البُعد الإصلاحي، وسط معلومات عن أن من الأسماء المطروحة بين القوى المعارضة النائب نعمة افرام والنائب السابق صلاح حنين والوزير السابق زياد بارود. وثانياً أن الجلسة في سياقاتها ستكون أشبه بـ «جس نبض» لخيارات مختلف الكتل وربما «غرْبلة» أولية للمرشحين «الطبيعيين»، معلَنين وغير معلَنين، وأبرزهم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية ورئيس «التيار الحر» جبران باسيل، باعتبار أن الترشيحات من خارج نادي «التقليديين» لم تدخل في الحسابات الجدية، وإن كان ما يشبه «الاستطلاع بالنار» الذي ستشكله جلسة الغد لا يُسْقِط إمكان تَبَدُّل الواقع بعد دخول البلاد الشغور الرئاسي في ظلّ شبه تسليم بأن الشهر الأخير من المهلة الدستورية لن يُفْضي لانتخاب رئيس. وإذ كانت الأوساط نفسها تتوقف عند أن بري كان رَهَن الدعوة لجلسة انتخابٍ بحصول حد أدنى من التوافق تفادياً لـ «مغامرة»، وبإقرار القوانين الإصلاحية المطلوبة من صندوق النقد الدولي (لم تُنجز بعد) وموازنة 2022 (أُقرت أول من أمس)، فإن «الأرنب» الذي أخْرَجه رئيس البرلمان من قبّعته بتحديده الجلسة الرئاسية غداً استجرّ اتصالات سريعة بين الكتل وداخلها لبحث الموقف والسيناريوهات، وسط عدم استبعاد البعض تكرار سيناريو جلسة 23 ابريل 2014 التي عُقدت ايضاً قبل نحو شهر من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان آنذاك وكانت الوحيدة التي تأمّن نصاب التئامها. وفي جلسة ابريل 2014 التي تخللتها دورة انتخابٍ أولى، نال جعجع، وكان مرشح 14 مارس فيها، 48 صوتاً مقابل 16 للمرشح هنري حلو (من كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط) فيما صوّتت كتل 8 مارس بورقة بيضاء، قبل أن يطير النصاب ولا يتأمّن لـ 44 جلسة أخرى على التوالي استمرت الدعوات اليها حتى جلسة 31 اكتوبر 2016 التي سبقتها تسوية رئاسية مثلثة الضلع شملت فريق عون (كان مدعوماً بوعدٍ حتى النهاية من «حزب الله») و«القوات اللبنانية» ولاحقاً الرئيس سعد الحريري. ولا تُسْقِط الأوساط نفسها إمكان رؤية الصندوق الزجاجي في منتصف قاعة البرلمان غداً، وتالياً انعقاد دورة وحيدة من الاقتراع السري للنواب يطير بعضها النصاب الذي تملك قوى عدة القدرة على الإطاحة به (حزب الله وحلفاء خلّص له كما بعض الكتل من معارضيه)... إلا إذا ارتأت أطراف المعارضة وآخرين (غير كتلة بري وحزب الله اللتين لن تقاطعا جلسة يدعو اليها رئيس المجلس) مقاطعة الجلسة خشية حصول «تهريبة» ما في الدورة الثانية، رغم اعتبار دوائر مطلعة أن مثل هذا الأمر بالغ الصعوبة لأن الأقرب نظرياً لأن ينطبق عليه هذا الأمر هو فرنجية الذي يستحيل أن يسير به «حزب الله» في شكلٍ ينسف الجسور مع باسيل، الذي له موقف قاطع حتى الساعة برفض السير بزعيم «المردة». ويرى البعض أن مسار جلسة الغد وما سيليها والذي سيظهّر التوازنَ السلبي في البرلمان، قد يخدم أكثر تَصَوُّر «حزب الله» الذي لم يمنح وعداً لأي من حليفيه فرنجية وباسيل، والذي تشير مصادر إلى أنه مازال لا يمانع بلوغ رئيس تسوية في التوقيت المناسب، وقد يكون اسمه مطروحاً من المعارضة أو من بين مروحة شخصياتٍ بحال رسا توافق داخلي خارجي على أي منها. وترافق تحديد بري موعد لجلسة الانتخاب الرئاسية، مع علامات استفهام أثيرت حول إذا كانت إحدى خلفياته قطْع الطريق على ملف تأليف الحكومة وتعزيز حظوظ انتقال صلاحيات رئاسة الجمهورية ابتداء من 1 نوفمبر الى حكومة تصريف الأعمال الحالية في ظلّ ضبابية عادت تلفّ إمكانات الإفراج عن الحكومة الجديدة التي لن يسلّم رئيس «التيار الحر» - الذي برزت زيارته أمس لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، غداة لقاء النواب السنّة في دار الفتوى - بأن تكون فاقدة للتوازن السياسي الذي يعتبره «ضامناً» خلال فترة الشغور الرئاسي لحفْظ موقع متقدّم له في السباق إلى قصر بعبدا. واستند طارحو هذا الأمر إلى آراء دستورية مفادها بأنه بمجرّد أن يدعو بري البرلمان لانتخاب رئيس، فإن مجلس النواب يفقد القدرة على التشريع بعدها ويتحوّل هيئة ناخبة حتى حصول الانتخاب، ما يعني أيضاً عدم إمكان منح الثقة لأي حكومة جديدة، مستندين في ذلك الى المادة 75 من الدستور التي تنص على أن «مجلس النواب الملتئم لانتخاب الرئيس يُعتبر هيئة انتخابية لا اشتراعية ويترتّب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة أو أي عمل آخر». على أن أوساطاً مطلعة أبلغت إلى «الراي» أن بري نفسه كان «أفتى» بعكس ذلك قبل أسابيع، حين أكد في حديث صحافي أن المجلس الملتئم في الجلسة المحدّدة لانتخاب الرئيس يصبح هيئة انتخابية ليس له أن يشرّع أو أي عمل آخر، إلا أن ارفضاض الجلسة من دون انتخاب الرئيس، سواء لعدم اكتمال النصاب القانوني أو صار إلى تعطيله في الدورة التالية للدورة الأولى، لا يحول في الغداة دون أن ينعقد البرلمان مجدداً في جلسة إقرار قوانين، مستعيداً دوره الاشتراعي كاملاً. وتالياً بحسب برّي، وتطبيقاً لما تنادي به المادة 75، فإن مجلس النواب مقيّد بجدول أعمال انتخاب رئيس الجمهورية في الجلسة المحدَّدة لهذا الغرض فقط، ولا يمكن حرمانه الاشتراع في مرحلة ما قبل انعقادها، أو ما بعدها، إذا استمر تعذّر انتخاب رئيس الدولة، وإن من ضمن المهلة الدستورية.

مرشحون من خارج «النادي التقليدي»

لا يفرض الدستور اللبناني نظام ترشيح رسمياً للانتخابات الرئاسية. لكن دورة 2022 الرئاسية انطبعت بترشيحات لأسماء من خارج النادي التقليدي. وهم:

- السفيرة السابقة لدى الأردن ترايسي شمعون، حفيدة الرئيس الأسبق كميل شمعون، التي قدمّت برنامجها تحت عنوان «رؤية جديدة للجمهورية».

- كذلك ترشّح الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك الذي يشغل منصب رئيس الجمعية العالمية لوحدات الشراكة في جنيف وحَمَلَ برنامجه شعار «الازدهار والأمان وكرامة الإنسان».

- ومن بين الشخصيات التي تقدمت بترشحها مي الريحاني الناشطة في مجال تعليم الفتيات والدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها، وهي كاتبة وشاعرة وناشطة في مؤسسات التنمية الدولية ومقيمة في الولايات المتحدة.

- كذلك أعلن رئيس حزب الإنقاذ البيئي بشارة أبي يونس الترشح وفق برنامج رئاسي بعنوان «لبنان... الكيان، الرئاسة، السلطات».

- بدوره ترشّح رجل الأعمال سايد بطرس فرنجية إلى الرئاسة، وتعهّد بإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية الراهنة وجلب الاستثمارات الخارجية.

باسيل "يتذاكى" على دار الفتوى... ويرسل شروطه بـ"ظرف مختوم" إلى ميقاتي

جلسة الغد الرئاسية: هل ينقلب "السحر على الساحر"؟

نداء الوطن... من خارج السياق الدرامي ليوميات المشهد اللبناني، اقتحم رئيس مجلس النواب نبيه بري شاشة الأحداث فارضاً إيقاعاً تشويقياً على وقائع الاستحقاق الرئاسي بدعوته المباغتة إلى عقد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية غداً الخميس، فلم يمهل الخصم و"حليف الحليف" أكثر من 48 ساعة لترتيب الأوراق والحسابات قبل موعد انعقاد الجلسة، ليكون من جهة سجّل موقفاً متقدماً أمام الداخل والخارج يحاكي التزامه الدستور لسحب يده من "مصيدة الشغور"، وليكون من جهة أخرى قطع الطريق أمام إنفاذ النصوص الدستورية المتصلة بنهاية الولاية الرئاسية بسحبه ورقة "الانعقاد الحكمي" للهيئة العامة في الأيام العشرة الأخيرة من مهلة انتخاب الرئيس. وأوضحت مصادر واسعة الاطلاع لـ"نداء الوطن" أنه لو لم تأت دعوة رئيس المجلس الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية أيلول الجاري، لكان بإمكان الهيئة العامة التداعي للانعقاد حكماً من دون الحاجة إلى دعوته في العشر الأواخر من تشرين الأول، غير أنّ توجيهه الدعوة الأولى أمس أعاد الكرة إلى ملعبه ليكون له وحده حق توجيه الدعوة إلى انعقاد الهيئة خلال الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية بحسب نصّ المادة 73... وبالتأكيد فإنّ ورقة كهذه لن يتركها برّي تسقط من يده في "اللعبة الرئاسية". أما في الحسابات السياسية المتصلة بمجريات جلسة الخميس الرئاسية وتوقعات مسار الأمور فيها، فلا شكّ بأنّ رئيس المجلس ببراعته المشهودة وتمرسّه المعهود في "ألعاب الخفّة" البرلمانية نجح في "ضرب عصفورين بحجر"، ليصيب من ناحية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل متعمّداً حشره في زاوية الاستحقاق الرئاسي بغية كشف نواياه التعطيلية، وليصيب من ناحية مقابلة إئتلاف قوى المعارضة والتغيير بالإرباك ومحاولة شرذمة صفوفها وضعضعة أرضيتها التوافقية في الوقت القصير الفاصل عن انعقاد الجلسة... غير أنّ المعطيات المتواترة أمس على جبهة المعارضة كشفت عن "اتصالات متسارعة" جرت لتطويق مفاعيل عنصر المباغتة الذي استخدمه رئيس المجلس في الدعوة الرئاسية، فجاءت "نتائجها واعدة ومن شأنها أن تقلب السحر على الساحر في حال استُكملت بنجاح خلال الساعات القليلة المقبلة". وفي هذا الإطار، عكست المعلومات أجواء "تفاؤلية جدّية" بإمكان ذهاب تكتلات وكتل القوى المعارضة والتغييرية مع عدد من النواب المستقلين إلى جلسة الغد بمرشح واحد أو اثنين يتمتع كل منهما بالمواصفات الإنقاذية والوطنية المطلوبة لموقع الرئاسة الأولى، وسط مشاورات مكوكية تكثفت طيلة نهار الأمس ومسائه لتحقيق هذه الغاية، لا سيما بين "الجمهورية القوية" و"اللقاء الديمقراطي" و"نواب التغيير" ونواب مستقلين، توصلاً إلى بلورة تصور رئاسي مشترك والتوافق في ما بينهم على اسم مرشح يتمتع بمواصفات غير استفزازية لأي منهم ويحظى برضاهم جميعاً. وإذ سيشكل إقدام إئتلاف المعارضة والتغييريين والمستقلين على هكذا خطوة إلى الأمام باتجاه جلسة الخميس حرجاً موصوفاً لأركان السلطة من قوى 8 آذار بما يلقي تبعات عرقلة الاستحقاق الرئاسي على كاهل هذه القوى، يُراهن الفريق الآخر في المقابل على إخفاق جهود قوى المعارضة لدفعها إلى المشاركة في لعبة "تطيير نصاب" الجلسة تحت وطأة الخشية من مباغتتها بتأمين "حزب الله" وحلفائه أكثرية بسيطة لتمرير مرشح رئاسي محسوب عليهم، ما سيؤدي بالتالي إلى تحميل التكتلات المعارضة والتغييرية مسؤولية مباشرة عن تعطيل الانتخابات الرئاسية. وأكدت مصادر نيابية متقاطعة تداعي جميع الكتل البرلمانية اليوم إلى اجتماعات طارئة لتحديد الموقف من جلسة الغد سواءً بالحضور أو المقاطعة، مشيرةً إلى أنّ الجو النيابي العام يميل إلى عدم اتخاذ أي تكتل أو كتلة من القوى الرئيسية قراراً بمقاطعة الجلسة لينحصر النقاش بين "مشاركة رمزية" لا تؤمن النصاب أو "مشاركة كاملة" لتأمينه، في ما عدا كتلة "التحرير والتنمية" التي ستلتزم بطبيعة الحال دعوة رئيسها وستحضر بكامل أعضائها إلى ساحة النجمة. وتوازياً، رأت أوساط مواكبة لملف التأليف في دعوة رئيس المجلس لانعقاد الجلسة الرئاسية الأولى "منفعة حكومية"، معتبرةً أنها تشكّل عنصر ضغط لاستعجال تشكيل الحكومة وتضييق هامش المناورة أمام العهد وتياره في مقاربة ملف التأليف، خصوصاً بعدما أعاد باسيل تكبيل المشاورات الجارية بوضع مروحة من "الشروط التعجيزية" في وجه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، بالتزامن مع محاولة "التذاكي" على دار الفتوى بزيارة "طوباوية" وكلام "معسول" كال فيه باسيل المديح والثناء لمضامين خطاب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والبيان الصادر عن الاجتماع النيابي السنّي السبت الفائت في الدار. وكشفت الأوساط نفسها لـ"نداء الوطن" أنّه بعد دخول المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على خط المحاولات المتجددة لتدوير الزوايا بين قصر بعبدا والسراي الكبير، أرسل باسيل لائحة بشروطه في "ظرف مختوم" إلى الرئيس المكلف باعتبارها مطالب رئيس الجمهورية حيال التشكيلة الحكومية، لافتةً إلى أنها تشمل "طلب إجراء تعيينات في الفئة الأولى تبدأ في حاكمية مصرف لبنان ولا تنتهي عند عمداء الجامعة اللبنانية، مع إعادة فتح الباب أمام إجراء تعيينات أمنية ليس أوانها، بشكل يسعى من خلاله رئيس "التيار الوطني" إلى تحديد جدول أعمال الجلسة الأولى لمجلس الوزراء بعد حيازتها الثقة النيابية لأنه يريد ضمان إقرار سلة التعيينات الإدارية التي يريدها سريعاً قبل انتهاء الولاية الرئاسية العونية". وعن جواب ميقاتي، نقلت معلومات موثوق بها أنه كان "مختصراً وحازماً" ومفاده أنه "لن يؤلف حكومة بشروط أحد، ونصوص الدستور واضحة وضوح الشمس لا تحتمل التفسير ولا التأويل" في ما يتصل بصلاحيات التأليف، لتنتهي الأمور عند حد إرجاء زيارة الرئيس المكلف التي كانت مقررة أمس إلى بعبدا، إلى حين سحب لائحة شروط باسيل عن طاولة المشاورات الرئاسية، على أن يبقى انعقاد اللقاء وارداً في أي وقت "إذا صفت النيات... إلا إذا وُفّق المجلس النيابي بانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء ولاية عون وحينها يصبح تشكيل الحكومة الآن لزوم ما لا يلزم".

باسيل يزور دار الفتوى: لا تنازل عن التمثيل الشعبي لرئيس الجمهورية

الاخبار.. أعلن رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، عدم التنازل عن التمثيل الشعبي لرئيس الجمهورية، ورأى أنّ تأليف الحكومة أمرٌ لا بدّ منه لتكون كاملة الصلاحيات، آملاً «نجاح الجهود اللازمة من المعنيين»، مشيراً إلى التمسّك بتنفيذ اتفاقية الطائف. وقال باسيل، عقب زيارته دار الفتوى، إنّه أكد لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان «أنّنا قدّمنا مقاربة مختلفة على حسابنا ولكن من دون التنازل عن التمثيل الشعبي لرئيس الجمهورية سواء بالمباشر أو بالتأييد وهو ما يحتم علينا التوافق في المجلس النيابي لانتخاب رئيس»، معتبراً أنّ «الفراغ الرئاسي مميت للبنان في هذه المرحلة». وشدّد على الوقوف «إلى جانب المفتي في كلّ الكلام الذي صدر لا سيّما لناحية الدستور ووثيقة الطائف التي نتمسّك بتنفيذها لناحية اللامركزية وإنشاء مجلس شيوخ وإلغاء الطائفية»، ولفت إلى أنّه رأى في لقاء دار الفتوى «كلاماً وطنياً لا يختلف عليه لبنانيان». ورأى أنّه «لا بدّ من معالجة الثغرات في الدستور بما يتوافق عليه اللبنانيون وليس نتيجة تغيّر معادلات أو ظروف خارجية»، وقال إنّنا «نطعن بالدستور عندما لا نطبّقه ولا نطوّره ولا نعالج الثغرات التي فيه». وإذ أكد باسيل أن «لا خلاف على هوية لبنان العربية»، قال إنّنا «متيقّنون أنّ لبنان بحاجة إلى احتضان دائم من الدول العربية وعدم تدخّلها بشؤوننا يحتّم علينا رفض التدخل بشؤون أيّ منها إذ لا قدرة لنا على ذلك ونحن نريد الحفاظ على علاقاتنا مع الدول العربية لما فيه مصلحة لبنان في العيش بسلام في محيطه العربي». واعتبر أنّ «اللقاء في دار الفتوى كان دعوة للتلاقي لا للخصام والتقوقع في مذهب أو طائفة معينة، بما يمكّننا من مواجهة الأخطار الكبيرة وسوء الحوكمة والفساد مستشري في الدولة وهذا يحتاج إلى تلاقي اللبنانيين وخاصة الإصلاحيين»، آملاً أن «يكون لدينا رئيس بصفات وطنية إصلاحية يتمسّك بها».

لبنان: تظاهرتان لأهالي ضحايا وموقوفي انفجار المرفأ أمام قصر العدل

بيروت: «الشرق الأوسط».... شهد لبنان اليوم (الثلاثاء)، تظاهرتين أمام قصر العدل بشأن تعيين قاضٍ رديف للمحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت. وفي حين اعتصم أهالي الموقوفين في ملف الانفجار أمام قصر العدل للمطالبة بتعيين محقق عدلي رديف للبت بطلبات إخلاء سبيل الموقوفين الذين تم توقيفهم منذ أكثر من سنتين، نفذ أهالي ضحايا الانفجار وقفة احتجاجية رفضاً للتعيين. وتزامنت الاحتجاجات مع اجتماع لمجلس القضاء الأعلى، الذي كان على جدول أعماله بند تعيين محقق عدلي رديف للقاضي طارق البيطار في قضية انفجار المرفأ، بناء لاقتراح وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري. وأعلن أهالي الموقوفين أنهم بحالة صحية خطرة حيث بدأوا إضراباً عن الطعام، وبعضهم يعاني من أمراض مزمنة. وإذ ناشدوا مجلس القضاء الأعلى إصدار قرار التعيين، هددوا بالتصعيد في حال لم يصدر القرار. بالمقابل، طالب أهالي ضحايا الانفجار بعدم تعيين قاض رديف، وطالبوا بتحقيق العدالة بعيداً عن التدخلات السياسية. كما طالبوا بإطلاق مسار التحقيق الذي يتولاه القاضي البيطار، وإنجاز التعيينات القضائية وكف يد السياسيين عن تحقيق المرفأ. وبحسب وسائل إعلام لبنانية، وقع إشكال أمام العدلية بين أهالي شهداء انفجار المرفأ وأهالي الموقوفين في القضية، وفصلت القوى الأمنية بين المعتصمين من الفريقين. وكان مجلس القضاء الأعلى قد وافق على تعيين محقق عدلي رديف لبت الملفات الملحة، بناء على اقتراح وزير العدل، إلى حين عودة المحقق العدلي الأصيل (طارق البيطار) إلى ممارسة مهامه المجمدة منذ تسعة أشهر، بفعل الدعاوى المقامة بحقه والمطالبة بتنحيته. يذكر أن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت متوقف منذ حوالي تسعة أشهر، بانتظار توقيع وزير المالية مرسوم تعيين قضاة محاكم التمييز ليكتمل نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز، التي ستبت بدعاوى ضد البيطار. وإذا تقرر رفض هذه الدعاوى يتمكن القاضي البيطار من استئناف تحقيقاته مع المدعى عليهم: رئيس الحكومة السابق حسان دياب، والنواب علي حسن خليل، وغازي زعيتر، والوزير السابق نهاد المشنوق، والوزير السابق يوسف فنيانوس. يشار إلى أن الانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس (آب) 2020، هو أحد أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة على الإطلاق، وأودى بحياة ما لا يقل عن 215 شخصاً وأوقع آلاف الجرحى وألحق أضراراً بأجزاء من العاصمة اللبنانية. وقع الانفجار نتيجة تفجر مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم بعد اشتعالها بسبب حريق في المستودع الذي كانت مُخزنة فيه. وكانت المواد الكيمياوية متجهة في الأصل إلى موزامبيق على متن سفينة مستأجرة من روسيا وبقيت في المرفأ منذ عام 2013 عندما تم تفريغ حمولتها خلال توقف غير مخطط له لتحميل شحنة إضافية. ولم تغادر السفينة المرفأ مطلقاً، وعلِقت في نزاع قانوني حول رسوم للميناء لم يتم دفعها بالإضافة إلى وجود عيوب فيها. ولم يتقدم أحد للمطالبة بالشحنة. وخلص مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي (إف.بي.آي) إلى أن كمية نيترات الأمونيوم التي انفجرت كانت خُمس إجمالي الكمية البالغة 2754 طناً التي تم تفريغها في 2013، مما زاد من الشكوك في اختفاء جزء كبير من الشحنة.

ملفّ انفجار مرفأ بيروت يعمّق الانقسامات القضائية

استدعاء نائب مقرب من باسيل للتحقيق لوصفه القضاة بـ«المجرمين»

الشرق الاوسط.... بيروت: يوسف دياب.... أخفق مجلس القضاء الأعلى مجدداً في تعيين محقق عدلي رديف في ملف انفجار مرفأ بيروت، وعزز الاجتماع الذي عقده أمس في مقره حالة الانقسام بين الأعضاء، بسبب الخلاف الحاد على اسم القاضية سمرندا نصار التي اقترحها وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري لهذه المهمة. وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصادر مقربة من مجلس القضاء، أن «الاجتماع الذي التأم على مدى ساعتين، بقي في سياق التشاور، وأن رئيس المجلس القاضي سهيل عبود لم يفتتح الجلسة رسمياً ولم يطرح الموضوع على البحث طالما أن المواقف لم تتغير». وأشارت المصادر إلى أن القاضي عبود ومعه عضو المجلس عفيف الحكيم «يرفضان القبول باسم نصار، مقابل إصرار أربعة أعضاء آخرين هم حبيب مزهر، داني شبلي، إلياس ريشا وميراي حداد على تعيينها». وشددت على أن «الاجتماع الذي استغرق ساعتين بقي بإطار محاولة كل فريق بإقناع الآخر برأيه، لكن مع تصلب كل بموقفه لم تفتتح الجلسة وانفض الاجتماع على الاختلاف بالآراء، من دون تحديد موعد لجلسة جديدة للبت بهذا التعيين». وأفادت المصادر القضائية المقربة من مجلس القضاء، بأن رئيس المجلس «ليس لديه بالمبدأ أي موقف سلبي ضد القاضية نصار ولا يشكك بمهنيتها، لكن انتماءها السياسي النافر (للتيار الوطني الحر)، لا يسمح له بالقبول بها، وأنه يصر على تسمية قاضٍ محايد يتعاطى مع هذا الملف الدقيق والحساس بكل تجرد»، مشيراً إلى أن الفريق المؤيد لتعيين نصار يذكر بأن «وزير العدل استشار ثمانية قضاة تتوافر فيهم الصفات المشار إليها لكنهم رفضوا هذه المهمة، وأن اختيار القاضية نصار التي تتمتع بالمناقبية والمهنية والأخلاقية، جاء بعد موافقتها على تحمل هذه المسؤولية، ولم يجر اختيارها لأسباب سياسية». ولا يرى أعضاء المجلس الأربعة أن «مزاعم الميول السياسية لهذه القاضية سبب مقنع لاستبعادها، خصوصاً أن كل القضاة المعينين في مراكز حساسة، تمت تزكيتهم من مراجع سياسية في البلاد». الانقسام داخل مجلس القضاء، انعكس على الشارع، إذ تمكن الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي من الفصل بين أهالي ضحايا انفجار المرفأ وبين أهالي الموقوفين في القضية، الذين نفذوا اعتصامين في وقت واحد أمام مدخل قصر العدل بالتزامن مع اجتماع مجلس القضاء، وتسبب الكلام العالي النبرة باحتكاك بين الطرفين وتصادم، سرعان ما أنهاه الجيش وفرقة مكافحة الشغب، وناشد أهالي الضحايا مجلس القضاء بـ«وقف تعيين المحقق العدلي الرديف، وإطلاق مسار التحقيق الذي يتولاه القاضي طارق البيطار». وأعلنوا معارضتهم تسمية القاضية سمرندا نصار، لكونها أعطت رأياً مسبقاً في الملف. وأكدوا أن «كل شخص كان على علم بوجود النترات في المرفأ يتحمل جزءاً من المسؤولية عن الانفجار». وشددوا على «ضرورة إطلاق مسار التحقيق القضائي ووقف التدخلات السياسية في عمل القضاء». أما أهالي الموقوفين الذين اعتبروا أنهم معنيون بالوصول إلى الحقيقة، فطالبوا بـ«وقف الظلم اللاحق بالموقوفين، وضرورة إبعاد قضيتهم عن التسييس». وسألوا: «هل بقاء الموقوفين ظلماً يحقق العدالة للضحايا؟ وهل ينصف الامتناع عن تعيين محقق رديف الموقوفين منذ سنتين 24 شهراً يعوض الخسارة على الضحايا؟». وحملوا القضاء «مسؤولية أي أذى يلحق بالموقوفين خصوصاً كبار السن والمضربين عن الطعام». وفي سياق الاشتباك الحاصل في ملف المرفأ، استدعى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، عضو «تكتل لبنان القوي» النائب شربل مارون إلى التحقيق، وحدد جلسة لاستجوابه غداً الخميس، على خلفية تصريحٍ أدلى به مارون يوم الخميس الماضي، وشن فيه هجوماً عنيفاً على رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ووصفه بـ«المافيا»، واتهامه للقضاة بأنهم «مجرمون»، ووصف الجسم القضائي بـ«الفاسد». وكلف عويدات قسم المباحث الجنائية المركزية الاتصال بالنائب المذكور وإبلاغه بموعد الجلسة، وضرورة مثوله أمام عويدات لاستجوابه، وبالفعل تبلغ مارون موعد الجلسة وفق الأصول. وقال مصدر قضائي إن «ملاحقة النائب شربل مارون لا تحتاج إلى طلب لرفع الحصانة النيابية عنه». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا النائب «سيلاحق بالجرم المشهود، خصوصاً أن تصريحه مسجل وجرى بثه عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالصوت والصورة، كما أن رئيس مجلس القضاء تقدم يوم الجمعة بادعاء شخصي ضده أمام النيابة التمييزية بجرم القدح والذم به، وتحقير القضاء والقضاة»، مشيراً إلى أن «تحريك الدعوى قبل مضي 24 ساعة على هجوم النائب على القضاء يجيز ملاحقته بالجرم المشهود، ولا يحتاج إلى إرسال كتاب إلى المجلس النيابي لرفع الحصانة عنه». وكان النائب مارون قد أدلى بهذا التصريح الناري ليل الخميس الماضي، إثر مشاركته مع عدد من نواب التكتل في التظاهرة التي نظمها أهالي الموقوفين بانفجار مرفأ بيروت أمام منزل القاضي عبود، اعتراضاً على تأخر مجلس القضاء الأعلى بتعيين المحقق العدلي الرديف، للبت بإخلاء سبيل 19 موقوفاً وعلى رأسهم مدير عام الجمارك بدري ضاهر المحسوب على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، حيث يخوض الأخير معركة خروجه من السجن بأي ثمن.

الأمين العام لمجلس الوزراء اللبناني يؤكد حق الحكومة المستقيلة في تولي صلاحيات رئيس الجمهورية

في دراسة دستورية تنفرد «الشرق الأوسط» بنشرها

بيروت: «الشرق الأوسط».... أكد الأمين العام لمجلس الوزراء اللبناني القاضي محمود مكية، في دراسة دستورية خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط»، حق حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي في تولي مهمات رئيس الجمهورية، في حال لم يتمكن البرلمان اللبناني من انتخاب خلف للرئيس ميشال عون مع انتهاء ولايته في آخر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ويشير مكية إلى أن الفقه والاجتهادين اللبناني والفرنسي استقروا على اعتبار أن صلاحيات رئيس الجمهورية، تُمارس من قِبل مجلس الوزراء كهيئـــة جماعية، وباســــتطاعة المجلـــس المنوط به صلاحيات رئيس الجمهورية مؤقتاً أن يُمارس دون أي قيد كل الصلاحيات التي يُمارسها دستورياً رئيس الجمهورية. وعن صلاحية الحكومة التي تتولى تصريف الأعمال في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة، يقول مكيه إنه تحاشياً للوقوع في فراغ الحُكم، وحرصاً على سلامة الدولة يحق للحكومة المُستقيلة أن تتولى صلاحيات الرئاسة الأولى وكالة إلى أن يتمكن المجلس من اختيار رئيس جديد. أما الحجة بأن الحكومة مستقيلة فلا يتوافق مع المفهوم الخاص بتصريف الأعمال باعتبار أنه يقتضي على هذه الحكومة أن تُبادر إلى اتخاذ كل الإجراءات التي تتطلبها الحالة القائمة، مهما كان لهذه الإجراءات من ذيول ونتائج، وذلك بشرط واحد، وهو أن تكون مُضطرة لذلك، حفظاً للمصلحة العامة. وهنا نص الدراسة:

مع قرب انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وبداية المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد والحديث عن الفراغ في سُدة الرئاسة الأولى بفعل تعذّر أو بالأحرى التمنُّع عن ممارسة الواجب الدستوري بانتخاب رئيس جديد للبلاد، رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، لحجج وأسباب مُتنوّعة وجميعها غريبٌ عن منطق الدولة وتُخالف واجب النواب بعدم تعطيل ممارسة الهيئة العامة لواجبها الدستوري، يدور النقاش حول الصلاحيات التي أناطها الدستور برئيس الجمهورية وتحديداً الجهة التي تنتقل إليها ممارسة تلك الصلاحيات، والأهمّ عن الكيفيّة التي تُمارس بها. فالدستور اللبناني ذكر بوضوح صلاحيات رئيس الجمهورية في الأحوال العاديّة وعلاقته بالحكومة ورئيسها، إلا أنّ نصوصه المُتعلّقة بدور الرئيس في تشكيل الحكومة تحتمل التأويل فكَثُرت التحليلات والنظريّات وطغى على أكثرها الخلفية الحزبية والطائفية وأثّر سلباً على تشكيل الحكومات هذا إن شُكّلت، كما يتبيّن أيضاً أن الدستور أغفل بيان دور الرئيس في العلاقة مع حكومة مُستقيلة أو مُعتبرة مُستقيلة أو قبل نيلها الثقة، ما حدا بالفقه والاجتهاد، وتحاشياً للفراغ، وتأميناً لاستمرارية سير المرافق العامة، إلى اللجوء إلى ما تُسمى الموافقات الاستثنائيّة، وهي تصدر عن رئيسَي الجمهورية والحكومة نيابةً عن مجلس الوزراء وتُعرض لاحقاً على هذا الأخير للموافقة عليها على سبيل التسوية. وما بين صلاحيات الرئيس في الأحوال الطبيعية والعادية، وصلاحياته الاستثنائية عند استقالة الحكومة أو عدّها في حكم المُستقيلة أو قبل نيلها الثقة، حدّد الدستور بشكل واضح لا يحتمل أي شكّ أو تأويل، الجهة التي تنتقل إليها صلاحيات الرئيس في حال خلوّ سُدّة الرئاسة لأي عِلّة كانت فنصّت المادة «62» منه على أن تُناط في هذ الحالة، صلاحيات الرئيس وكالةً بمجلس الوزراء. ومن بدهيّات القول إن المرجع الأول والأخير في تحديد الصلاحيات هو الدستور الذي تسمو أحكامه على غيره من القواعد القانونيّة بوصفه القانون الأساسي في الدولة من خلال وضعه للإطار السياسي والاجتماعي والاقتصادي لها، فضلاً عن كونه الجهة الوحيدة التي تُنشئ السلطات الحاكمة وتُحدّد اختصاصاتها بحيث يتوجب على هذه السلطات احترام أحكامه لكونه السند الشرعي لوجودها. ومن خلال هذه المُقاربة، أي الركون إلى الدستور ونصوصه والاستئناس بالاجتهادات القضائّية وآراء الفقهاء، يقتضي البحث في المواضيع التالية:

أولاً- في صلاحيات رئيس الجمهورية في الأحوال العاديّة ودوره في تشكيل الحكومة

حسب المادة -49- من الدستور رئيس الجمهوريّة هو «رئيس الدّولة ورمز وحدة الوطن» ويتولّى مُهمّة «السهر على احترام الدستور والمُحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه». وبذلك، ومع التعديل الدستوري الصادر بتاريخ 21 - 9 - 1990 لم يعد رئيس الجمهورية رئيساً للسلطة الإجرائية التي انتقلت بموجب المادة -17- إلى مجلس الوزراء مُجتمعاً وممثلاً لجميع الطوائف. غير أن رئيس الجمهورية بقي يتمتّع بموقع مُتقدّم بوصفه حَكَماً بين السلطات ومؤتمَناً على الدستور واحترام القوانين ومرجعيّة وطنيّة خصّها الدستور وحدها، نظراً لدورها، بأداء قسَم الإخلاص للأمة والدستور. وإنه انطلاقاً من النصوص الدستورية (المادة -51- وما يليها) وخلافاً لما يظُنّه البعض، فإنّ تعديل العام 1990 جعل منه قطباً دستورياً وفاعلاً مؤثراً وسلطة فوق كل السلطات تُمكنّه من مراقبة عملها والتدّخل عند الضرورة لفرض احترام القوانين ودستوريتها. فمن مُراجعة الدستور يتبدّى وجود نصيّن حدّدا الإطار الدستوري لمُهمّة كلّ من الرئيسين ورسمتا دائرة تحرّكهما في مسألة تشكيل الحكومة. فالمادة -53- نصّت على أن يُصدر رئيس الجمهورية مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، أمّا المادة -64- والمُتعلقة بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء فقد نصّت على أن يوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيل الحكومة، وقد أعطته الفقرة الثانية من هذه المادة الدور الأساسي في عملية التأليف بعد أن خصّته بمهمّة إجراء الاستشارات النيابيّة لاختيار الوزراء. ومن هنا فإن النصّ الدستوري، أوجب على كلٍّ من الرئيسين، ومن حيث المبدأ التعاون في إنجاز هذه المهمّة، فدور رئيس الحكومة مُستمَدّ من المبادئ الدستوريّة، وأوّلها الثقة التي منحته إيّاها الأكثريّة النيابيّة، وثانيها مسؤوليّة الحكومة أمام مجلس النواب كون قيام الحكومة وبقاؤها يفرضان حيازة ثقة مجلس النواب واستمرار هذه الثقّة. أما دور رئيس الجمهورية فهو دور المُؤازر والداعم والمُسهّل لمُهمّة رئيس الحكومة، يُراقب عن كثب عمل الوزارات فيُرشد ويُنبّه، وعند الضرورة يتدخّل لتصويب الأداء واضعاً دائماً نُصب عينيه مصلحة البلاد العُليا. وتدقّ المسألة عندما يَحتدم النقاش (وهو بالواقع خلاف) بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حول موضوع تشكيل الحكومة وتَبرز إلى الواجهة مسألة الصلاحيات، والنتيجة تكون إمّا تعطيل تشكيل الحكومة مع ما يَستتبع في بعض الأحيان من اعتذار رئيس الحكومة (المُكلّف) عن التشكيل، وإما القبول بالشروط والشروط المُضادة من خلال تَسويات مُقنّعة تتبدّد مفاعيلها عند أول استحقاق وتَنعكس بنهاية المطاف سلباً على عمل الحكومة وأدائها على النحو الذي يَشهده الواقع السياسي في لبنان. وعليه، وانطلاقاً من نصّ المادتين المومأ إليهما وروحيّتهما، يستهِلّ رئيس الحكومة المُكلّف عملية التأليف بإجراء استشارات مُشابهة لتلك التي يُجريها رئيس الجمهورية مع النواب لتسمية رئيس الحكومة، وغالباً ما تأتي مطالب الكتل النيابيّة مُتضاربة، فيبرز هنا دور رئيس الجمهورية، من موقعه المُتميّز كحكم في الصراع السياسي، في تقديم النّصح والتوجيهات الكفيلة بتذليل الصعوبات وتسهيل الوصول إلى الحلول التوافقية. (التشاور بين رئيسي الجمهورية والحكومة هو الشرط الأساسي في عملية التشكيل أما الشراكة فتكون فقط في توقيع المراسيم) وبذلك يكون التشاور بين كلّ من الرئيسين هو الشرط الأساسي في عملية التشكيل، أما الشراكة، فتكون في توقيع المراسيم. هذه هي الفسحة التي تُتيح لرئيس الجمهورية والرئيس المُكلّف التوافق على التشكيلة وتعديلها أو تغييرها، انطلاقاً مما يتقدم به صاحب الصلاحية الحصرية. وتزداد الأمور تعقيداً عندما يمتنع رئيس الجمهورية عن التوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة بسبب التباين في الرأي مع رئيس الحكومة حول التركيبة الوزارية، وقد تعدّدت الحالات التي لجأ فيها الرئيس المُكلّف إلى الاعتذار تجنّباً لتفاقم الأزمة السياسية والدستورية التي قد تنشأ، علماً بأنه لا صلاحية لرئيس الجمهورية بإلزام رئيس الحكومة المُكلّف بالتأليف أو بالاعتذار. إذ بعد التكليف وتسمية رئيس الحكومة، لا سلطة ولا صلاحية لأي جهة بسحب التكليف أو وضع حدّ له، فاختيار رئيس الحكومة من النواب، ليس تفويضاً يُمكن سحبه، وليس تعييناً يُمكن العودة عنه. (قبول استقالة حكومة مُستقيلة يؤشر لوجود نية تخريبية تهدد النظام بالسقوط ويعرّض الحكومة، رئيساً وأعضاء، للمساءلة بتهمة الإخلال بالواجبات) ومن نافل البحث ما يتردد عمّا يُحكى، وبنيّة منعها من تصريف الأعمال، بأنه يمكن إصدار مرسوم بقبول استقالة الحكومة المستقيلة، ذلك أنه وبصرف النظر عن أن وجود نية كهذه ومن حيث المبدأ يعني وجود نية بتكريس الفراغ مع ما يترتب على ذلك من فوضى واستباحة لجميع مقومات الدولة ومرتكزاتها وإخلال بانتظام أداء المؤسسات الدستورية الذي يشكّل الركن الأساسي للانتظام العام، يبقى أن هذا الإجراء وإن كان يؤشر لوجود نية تخريبية، يجافي أولاً قواعد المنطق الدستوري السليم. فمرسوم قبول الاستقالة في الحالات التي حددتها المادة -69- يرتدي الطابع الإعلاني وليس الإنشائي مع ما يترتب على ذلك من نتائج أهمها أن تصريف الأعمال الذي كرّسته المادة-64- يُمسي من واجبات الحكومة المستقيلة أو التي تعد في حكم المستقيلة، وإنّ امتناعها عن القيام بها، ومهما كانت حجتها أو تحت أي ذريعة كانت، يشكّل إخلالاً بالواجبات المترتبة عليها ويعرّضها، رئيساً وأعضاء، للمساءلة الدستورية بتهمة الإخلال بالواجبات كما نصت على ذلك صراحةً المادة -70- من الدستور.

ثانياً- في صلاحيات رئيس الجمهورية خلال فترة تصريف الأعمال

تأميناً لسير عجلة الدّولة ومنعاً لحدوث أي فراغ، تبقى الحكومة مُولجة بتصريف الأعمال على النّحو الذي لَحظته المادة -64- من الدستور وقد جاء ذلك مُنسجماً مع مبادئ النظام البرلماني التي أعاد التعديل الدستوري العمل بها، والتي تربط ممارسة الحكومة سُلطتها بدوام مسؤوليّتها أمام البرلمان وتجعل من استقالة الحكومة أو عدّها مُستقيلة خارج نطاق هذه الرقابة. كما جاء متوافقاً أيضاً مع وجوب تلافي اتّخاذ الحكومة لتدابير قد تُلزم الحكومة الجديدة وتقيّد من حريّتها في انتهاجها السياسة التي تراها أفضل. وقد جرت العادة، وفي كلّ مرّة تدخل فيها الحكومة مرحلة تصريف الأعمال، أن يُصدر رئيس مجلس الوزراء تعميماً يبيّن فيه الأعمال الإداريّة العاديّة التي تنحصر مبدئياً بالأعمال اليوميّة التي يعود للسلطة الإداريّة المُختصّة إتمامها، والأعمال التصرفيّة، وهي التي ترمي إلى إحداث أعباء جديدة أو التصرّف باعتمادات مهمّة أو إدخال تغيير جوهري على سير المصالح العامة، وهذه الأعمال تخرج بطبيعتها عن نطاق «الأعمال العاديّة» ولا يجوز لحكومة مُستقيلة القيام بها. وهنا تبرز الإشكاليّة بالنسبة لمسألة التئام مجلس الوزراء بهيئة تصريف الأعمال ليُقرّر توفّر أو عدم توفّر «حالة الضرورة»، فبين الرأي القائل بأنّ في الدّعوة لعقد جلسة للمجلس خرقاً للدستور وتالياً مُخالفة للنّهج الذي سارت عليه سابقاً مُعظم الحكومات المُعتبرة مُستقيلة، والرأي الثاني غير المُلزم لهيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، الذي يُفيد بإمكانية انعقاد مجلس الوزراء حتى ولو كانت الحكومة مُستقيلة وفي فترة تصريف الأعمال، تبقى العبرة ليس في التئام مجلس الوزراء، بل في طبيعة القرار أو التدبير الواجب اتّخاذه والذي يفرضه مبدأ استمراريّة الدولة، بحيث يبقى التدبير المُتّخذ، وفي كل الأحوال، عملاً تصرفيّاً خارجاً من حيث المبدأ عن حدود تصريف الأعمال. إلا أنّه وفي سبيل تخطّي هذه الإشكالية، درجت العادة على أن يتمّ اللجوء إلى آلية استقرّ التعامل بها من حكومات تصريف الأعمال، ويُستعاض فيها عن موافقة مجلس الوزراء بموافقة استثنائية تصدر عن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء يُصار بعدها إلى عرض الموضوع لاحقاً على مجلس الوزراء على سبيل التسوية. ورغم الملاحظات على هذه الآلية ومنها افتقارها إلى السند القانوني والدستوري الذي يسمح لكلٍّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة باختصار السلطة الإجرائية في شخص كلّ منهما، ومساسها بركائز النظام البرلماني، فكيف يولّى رئيس الجمهورية غير المسؤول، وهو ليس شريكاً في اتّخاذ القرارات، صلاحية اختزال مجلس الوزراء مُجتمعاً برمّته، يبقى القول بأن البتّ بالأمور التي تتسّم بطابع العجلة الماسّة والضرورة خلال فترة تصريف الأعمال، ترى ما يُبرّرها في نظريّة الظروف الاستثنائيّة، التي أطلقها مجلس شورى الدولة الفرنسي والتي تُجيز الخروج عن القواعد المُتّبعة في الظروف العاديّة، بحيث يُعد بعض التدابير الإداريّة الخارقة للقواعد القانونية العادية شرعية في بعض الظروف، بوصفها ضروريّة لتأمين النظام العام وحسن سير المرافق العامة. مع التوضيح في هذا السياق أن الحلّ الاستثنائي لا يكون بما تُسمّى «الموافقة الاستثنائية» (وهو ابتكار غريب عن العلم الدستوري والقانوني وعن اجتهاد المحاكم) بل من خلال صدور القرار المطلوب عن «سلطة بديلة»، فالقرارات التي تستوجب اتّخاذ قرار بشأنها من مجلس الوزراء، وبسبب الظروف الاستثنائية، تصدر ليس عن هذا المجلس بل عن سلطة بديلة مؤلفة من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المُختّص.

ثالثاً- في انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية عند خلوّ سُدة الرئاسة

انسجاماً مع مبدأ الحفاظ على النظام القانوني واستمرار عمل المؤسسات العامة، عالج الدستور مسألة شغور سُدّة الرئاسة، فنصّت المادة -62- منه على أن صلاحيات رئيس الجمهورية تُناط وكالةً بمجلس الوزراء في حال خلوّ منصب الرئاسة لأي علّة كانت.

هذا وقد استقرّ كلٌّ من الفقه والاجتهادين اللبناني والفرنسي على اعتبار أنّ صلاحيات رئيس الجمهوريّة، واستناداً للمادة -62- من الدستور تُمارَس من مجلس الوزراء كهيئة جماعيّة، وباستطاعة المجلس المُناطة به صلاحيات رئيس الجمهورية مؤقتاً أن يُمارس دون أي قيد كل الصلاحيات التي يُمارسها دستورياً رئيس الجمهورية. لكن السؤال يُطرح حول مدى صلاحية الحكومة التي تتولى تصريف الأعمال في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة في حال خلوّ سدّة الرئاسة. فإنه وعملاً بمبدأ استمراريّة المرفق العام وتحاشياً للوقوع في الفراغ أو في فراغ الحُكم، وحرصاً على سلامة الدولة يحقّ للحكومة المُستقيلة أن تتولّى صلاحيات الرئاسة الأولى وكالةً إلى أن يتمكّن المجلس من اختيار رئيس جديد. وقد رأى الفقه أن التردّد في تطبيق المادة -62- من الدستور بحجة أن الحكومة مُستقيلة، لا يتوافق مع المفهوم الخاص بـ«تصريف الأعمال»، باعتبار «أنّه يقتضي على هذه الحكومة أن تُبادر، وجوباً، إلى اتخاذ كل الإجراءات التي تتطلّبها الحالة القائمة، مهما كان لهذه الإجراءات من ذيول ونتائج، وذلك بشرط واحد، وهو أن تكون مُضطرّة، حفظاً للمصلحة العامة، وهي القاعدة السياسية المعروفة لدى الرومان، بقولهم: salus populi suprema lex esto، أي إنّه يقتضي أن تكون سلامة الشعب القانون الأسمى»..... (التمايز الواضح بين صلاحيات الحكومة المُكلّفة تصريف الأعمال والصلاحيات الخاصة برئيس الجمهورية يجعل كلّ منهما خاضعاً لأصول خاصة ترعاه) ومن هنا فإن مجلس الوزراء المُكلّف تصريف الأعمال يُمارس صلاحياته (الخاصة به) بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال، ويُمارس كل الصلاحيات الخاصة بالرئيس كاملة بالوكالة عنه في حال خلوّ سُدة الرئاسة، إلا تلك التي من شأن ممارستها إيجاد فراغ كامل في المؤسسات الدستورية ونعني بذلك بشكل خاص حلّ مجلس النواب بحيث من غير المقبول أن نكون أمام مشهديّة يتزامن فيها الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية مع حكومة مُستقيلة ومجلس نيابي تمّ حلّه. واستناداً إلى المادة -62- المذكورة فإن مجلس الوزراء وعند خلوّ سدّة الرئاسة، سيُمارس وكالةً صلاحيات رئيس الجمهورية، وإنّ الأعمال والقرارات التي سيتّخذها ستتمتّع بصفة النفاذ المُباشر على اعتبارها تماماً كأنها صادرة عنه. أمّا بالنسبة لكيفية إصدار تلك القرارات، فقد تصدّى مجلس شورى الدولة لمسألتي الأكثرية الواجبة وآلية إصدار المُقرّرات وكانت قراراته الكثيرة حاسمة وتوّجت بقرار صادر عن مجلس القضايا عُدّ بموجبه أنّه يقتضي تطبيق المبادئ العامة للأصول التي تفرض تطبيق نظام اتخاذ القرارات من الأكثريّة، وأن الأخذ بالرأي المُخالف يؤدّي إلى إعطاء الأكثرية والأقلية القوّة ذاتها في اتخّاذ القرارات وبالتالي إعطاء الأقليّة حق شلّ العمل الحكومي برمّته. وختاماً، يبقى القول إن التعديل الدستوري في عام 1990 أعطى صلاحيات رئيس الجمهورية لمجلس الوزراء الذي تتمثّل فيه كل الطوائف اللبنانية وتتحقّق فيه المُشاركة وفقاً لميثاق العيش المُشترك في إطار دولة مدنيّة عادلة وقادرة ترتكز على المساواة والعدالة الاجتماعية بمُختلف أبعادها الطبقيّة والمناطقية والطائفية بعيداً عن التلطي وراء النظام الطائفي الذي يستغله البعض لإثارة حساسيات، بخلفية طائفيّة وحتى مذهبية، في الأوقات التي تُناسبه لتشكّل درعاً يَحتمي خلفها ويُحقّق مكاسب خاصة على حساب الميثاق الوطني والوحدة الوطنية وبناء دولة القانون والمؤسسات. المُحزن أنّه أمام كثرة المُناكفات والخلافات والمُشاحنات والتي شارك فيها الجميع من دون استثناء، وما رافقها من ابتداع لتفسيرات ومخارج مُبتكرة (ثلت ضامن، ثلث معطّل، ميثاقية، توافقية...) أُصيب النظام في مقتل ولم يعد قادراً على الصمود وأصاب معه الدستور الذي أصبح وجهة نظر تتغير النظرة إلى نصوصه حسب المواسم والمصالح والمُناسبات، ففقدَ أهم خصائصه كناظمٍ لبنية المؤسسات الحكومية والسياسية وعملها كما فقدَ عملياً الشرعية العامة سنده الأساسي وأصبح تفسيره المُتلّون والمُتبدّل نهجاً يُنشده الكثيرون أملاً إمّا باستعادة صلاحيات «مسلوبة» وإما تحقيق «مكاسب» جديدة وإما الحصول على «امتيازات» مفقودة. وبعيداً عما يُسمّى الرئيس «القوي»، وهي صفة تُسيء حتماً لموقع رئاسة الجمهورية وتُجرّدها من هيبتها أولاً وقبل أي أمر آخر، يُطرح السؤال بأنّ هذا الرئيس المُسمى «قوي» هو قوي على مَن؟! ومع من هي تلك المعركة التي يتمتّع فيها الرئيس بمواصفات المحارب «القوي»؟! وهل قوة الرئيس أو ضعفه هما مصدر صلاحياته أم أنّ نصوص الدستور هي التي جعلته رئيساً لدولة يقتضي أن يكون مؤتمناً على قوّتها وليس حريصاً على قوته؟!..... ونسأل إذا كان منطق «القوة» وما تسمّى «المواجهة» هو الذي سيحكم الحياة السياسية في البلاد وليس نصوص الدستور، فمن يضمن أن تُطالب كل الطوائف التي كرّس الدستور تمثيلها برجالاتها «الأقوياء»، وحينها نُصبح في ساحة معركة جميع المُتحاربين فيها من الأبطال والأقوياء، والبقاء لله والسلام على وطن النجوم. بالانتظار سيبقى رئيس الجمهورية اللبنانية، دون خجل أو وجل أو مِنّة، بل حسب الدستور، رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، وسيبقى هذا الموقع لما أُريدَ له بأن يكون أسمى وأعلى من كل المراكز وفوق كل الصلاحيات، ومن ينادي، بخلاف ذلك بذريعة الصلاحيات وما شابه من تفاهات وهرطقات دستورية، يُلحِق بهذا الموقع، ولغايات ظرفية ومصالح ضيقة، أفدح ضرر يطال مكانته وهيبته قبل أي أمر آخر، ويُقحمه في زواريب الخلافات السياسية اليومية ويجعله طرفاً فيها فينتقل من موقع المُلهم والحَكَم ومن كونه سلطة أرادها الدستور أن تكون فوق كل السلطات إلى موقع الطرف المُشارك مع ما يترتّب على ذلك من نتائج أهمّها تحميله مسؤولية أي تعثر أو فشل نيابةً عن السلطة الإجرائية غير المنوطة به أصلاً، والتنبيه واجب لمن يعتبر ويرتدع وإلا فليتحمل من يتحمّل التبعات وحينها قد تُصبح العودة إلى تطبيق أحكام الدستور وجهة نظر ويُصبح معها البحث في صلاحيات الرئيس، رئيس الجمهورية اللبنانية، من الماضي. 



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..«طباخ بوتين» يقر بتأسيس «مجموعة فاغنر»..عسكريون أميركيون يؤسسون «مجموعة موزارت» في أوكرانيا..روسيا: مجزرة «نازية» في مدرسة وتظاهرات في داغستان ضد التجنيد..موسكو تعتقل ديبلوماسياً يابانياً بشبهة التجسس... وتمنح الجنسية لسنودن.. بلينكن يحذر من «عواقب مروعة» إذا نفذت روسيا تهديداتها النووية..زيلينسكي: أولويتنا دونيتسك لأنها أولوية روسيا..غوتيريش مندداً: يجب أن ينتهي عصر الابتزاز النووي..موسكو تحذّر من «هيستيريا محلية» تتشارك مع «الأعداء» في تأجيج الأوضاع..قرغيزستان وطاجيكستان:سحب المعدات الثقيلة..أميركا تقود مسعى لمناقشة ارتكابات الصين ضد «الأويغور»..مناورات أميركية ـ كورية جنوبية لمواجهة «استفزازات» بيونغ يانغ..(تحليل إخباري): دبلوماسي أفغاني: هل صارت أفغانستان مصدراً لتهديد الأمن العالمي مرة أخرى؟..

التالي

أخبار سوريا..اغتيال مسؤول سوري في محافظة درعا..بعد إبراهيم الصافي..ميليشيا أسد تنعى لواء جديداً..سكرتير «حزب الوحدة» يرفض «وصاية» أحزاب كردستانية خارجية على أكراد سوريا..غارات روسية على معسكر للمعارضة السورية قرب الحدود التركية..معارضون سوريون يطالبون بمنع «التطبيع» مع النظام..

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,359,118

عدد الزوار: 6,888,475

المتواجدون الآن: 92