وثيقة 14 آذار: دعوة الشعب للنزول إلى ساحة الحرية رفضاً لوصاية السلاح والفتنة

تاريخ الإضافة السبت 12 آذار 2011 - 5:00 ص    عدد الزيارات 2759    التعليقات 0    القسم محلية

        


مجلس التعاون يأمل بتشكيل الحكومة دعماً للخيار الديمقراطي واتفاقي الطائف والدوحة
وثيقة 14 آذار: دعوة الشعب للنزول إلى ساحة الحرية رفضاً لوصاية السلاح والفتنة
الحريري لاستكمال المعركة إلى النهاية··· وحزب الله يُحدّد أولويات الوزارة الجديدة

  الرئيس الحريري في الوسط، وبدا من اليمين: الوزيران فرعون وحرب، وفرنجية وسعيد، ومكاري ومعوض وعدوان وي

اقترب المشهد السياسي الداخلي من احداث تحولات في غير اتجاه، بدءاً من الانقسام السياسي، الى تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تلقت يوم امس دعماً خليجياً لطالما كانت تفتقده او تنتظره، على خلفية النقاط الايجابية التي تضمنها الخطاب السياسي للرئيس المكلف، ومن زاوية دعم الخيار الديمقراطي للبنان ضمن ما وصفه البيان <القواعد الدستورية المعمول بها في لبنان، واستناداً الى اتفاقي الطائف والدوحة>.

وجاء هذا الموقف، عشية الاعلان عن ميثاق قوى 14 آذار التي اجتمعت قياداتها في فندق <البريستول> غروب امس، لاطلاق الوثيقة السياسية او ما اسماها النائب مروان حمادة الذي تلا البيان <بالميثاق الذي تعاهدت عليه هذه القوى، ودعت جماهيرها للنزول الى ساحة الحرية عند العاشرة من قبل ظهر بعد غد الاحد، للمطالبة بإنهاء وصاية السلاح ورفضاً للفتنة وتمسكاً بالدولة المدنية والعدالة والتنوع والتعددية، ورفضاً لتحول نظام لبنان بقوة السلاح الى <قبضة الحزب الواحد والخطاب الواحد>، ومنع اخراج لبنان من كنف الشرعية الدولية.

واذا كانت التحضيرات لمهرجان الاحد تبلغ ذورتها اليوم بخطاب للرئيس سعد الحريري يؤكد خلاله التمسك بثوابت مؤتمر البريستول، والمطالبة السلمية الدائمة بالتوازن الداخلي ومنع السلاح والفتنة، فإن قوى 8 آذار انهت فترة السماح لتشكيل الحكومة الجديدة، واطلق <حزب الله> الحملة المضادة التي استهدفت سلاحه، سواء عبر اعلامه او <البانوات> في الشوارع او على لسان مسؤوليه التي استهلها نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم بموقف اتهم فيه المعارضة الجديدة بالتعطيل واخذ البلد الى الفوضى وشل عمل المؤسسات.

وأكد مصدر في الحزب لـ<اللواء> ان امينه العام السيد حسن نصر الله سيكون له كلام في خلال 10 او 15 يوماً سواء تشكلت الحكومة او لم تشكل، يتناول فيه التطورات في ضوء ما يحصل من مستجدات، علماً ان المعنيين بعملية التأليف استفادوا، ربما، من انهماك قوى 14 آذار بتحضيرات احتفالها بالذكرى السادسة لانطلاقتها، بحركة اتصالات مكثفة من اجل تأمين ولادة قريبة للحكومة، إلا ان هذه الاتصالات بقيت قيد الكتمان، باستثناء معلومات ضئيلة تحدثت عن اجراء تبادل طروحات لعقد التوزير والحصص عبر موفدين.

وكشفت معلومات في هذا السياق عن لقاء سيعقد ربما الاثنين أو الثلاثاء بين الرئيس المكلف والعماد ميشال عون في دارة الأوّل في فردان، من شأنه أن يكسر جليد العقد العونية التي حالت حتى الآن دون ولادة الحكومة، ويكون بداية عملية للدخول في الأسماء والحقائب بعد التفاهم على الحصص، خصوصاً وان الرئيس ميقاتي بدأ يميل إلى حكومة ثلاثينية مطعمة بتكنوقراط، ستضم ثلاثة وجوه من طرابلس، هم الى جانبه والوزير محمّد الصفدي نجل الرئيس عمر كرامي فيصل الذي كان زار ميقاتي قبل يومين.

مجلس التعاون وكان بيان مجلس التعاون الخليجي، قد جدد في الجانب السياسي منه، دعمه الكامل للأمن والاستقرار والوحدة الوطنية اللبنانية، وأهاب بكافة الأطراف السياسية اللبنانية معالجة الأمور بالحكمة والتروي، في هذه المرحلة الدقيقة، دعماً للخيار الديمقراطي في إطار القواعد الدستورية التي توافق عليها كل اللبنانيين، واستناداً لاتفاقي الطائف والدوحة.

ونوّه المجلس بالمضامين الايجابية التي وردت في خطاب الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وعبّر عن أمله بتشكيل حكومة تحقق امال وتطلعات الشعب اللبناني الشقيق.

محضر اجتماع البريستول وبانتظار تزخيم عملية تأليف الحكومة، بعد تباطؤ بدا متعمداً ريثما تنتهي قوى 14 آذار من إطلاق مهرجانها يوم الأحد، وقول الكلام الذي تريد قوله، اكملت هذه القوى تحضيراتها بمؤتمر سياسي حاشد عقدته في فندق البريستول، اطلقت خلاله وثيقتها السياسية الرابعة والتي حملت تحذيرات من خطر خسارة لبنان استقلاله والعودة إلى الانقسامات الطائفية والمذهبية، وخطر خنق ديمقراطيته وتحويل نظامه بقوة السلاح الى قبضة الحزب الواحد والخطاب الواحد، وخطر تدهور مستوى عيش اللبنانيين وجرهم إلى محور خارجي، قبل أن تؤكد الالتزام باتفاق الطائف ورفض التجزئة والتوطين والتقسيم والدعوة إلى إنهاء وصاية السلاح على الحياة السياسية والاجتماعية، والدفاع عن العدالة والمحكمة الدولية وتبنّي كل ما يصدر عنها، ورفض معادلة العيش بأمن وسلام مقابل التنازل عن الحرية والعدالة.

وبحسب معلومات خاصة بـ <اللواء> اتسمت النقاشات داخل القاعة التي اتسعت لنحو 250 شخصية سياسية من وزراء ونواب وقيادات ونشطاء المجتمع المدني بالهدوء، ولم تطل اقتراحات التعديل على مسودة الوثيقة مسائل جوهرية، بقدر ما لامست تجميل بعض العبارات أو توضيحها والتي قد يُساء فهمها أو تنشأ عنها إلتباسات.

ولقي سؤال عميد حزب <الكتلة الوطنية> كارلوس إده عن أسباب خلو أي إشارة في الوثيقة إلى سوريا جواباً في مداخلة من رئيس <تيار المستقبل> سعد الحريري الذي اعتبر أن الوثيقة تعرض لما حصل في السنوات الماضية، وتحدد الأهداف التي تريد قوى الرابع عشر من آذار إنجازها، معتبراً أن معركتنا في لبنان هي مع غلبة السلاح الذي يفرض نفسه على الحياة السياسية اللبنانية وإن كان له حليف في الخارج سواء كانت سوريا أو إيران.

وإذ لفت إلى أن هناك تدخلات، وإلا لما كنا وصلنا إلى هنا، رأى أنه من غير الحكمة فتح جبهات عدة في الوقت نفسه، وأن لكل شيء أوانه.

وأشار الحريري إلى أن أحداً لم يكن يحلم في شباط الـ 2005 بإمكان إنجاز ما تم إنجازه من انتهاء الوصاية السورية التي تحققت بإرادة الشعب، مؤكداً بأن المعركة مع غلبة السلاح ليس شعاراً بل هدف نسعى لتحقيقه، لافتاً إلى أن النضال سيكون طويلاً، متعهداً كرئيس لـ <تيار المستقبل> وكسعد الحريري عدم التراجع عن هذه الوثيقة، وأن ما يقال في 14 آذار سيقال هو نفسه بعد 14 آذار ولا شيء سيتغيّر.

وفي مداخلة ثانية قال الحريري إن هدفه ليس السلطة، وكذلك لم يكن هدف الرئيس الشهيد رفيق الحريري مستعرضاً ما تعرض له والده في عام 2004 خلال عملية التمديد (للرئيس السابق اميل لحود)، مشيرا الى ان كل القوى آنذاك لم تكن مع التمديد لكنها عادت وسارت به وبعدها بدأ حملة التخوين على رفيق الحريري واتهم انه وراء القرار 1559، ووصف بأنه <وديعة رابين>، فأخذ آنذاك قراراً بالتخلص من الودائع في كتلته، وبالتقرب من قرنة شهوان ولقاء البريستول ووليد جنبلاط، مشيرا الى ان مشروعنا منذ البداية هو الاستقلال ووحدة لبنان والعبور الى الدولة، متحدثاً عن المراحل التي مد فيها اليد بكل صدق وأمانة الى الفريق الآخر مؤكدا بأن ذلك لم يكن تسويات ليبقى في السلطة، بل من اجل الحفاظ على البلد، وقال: <لو اردت ان ابقى في السلطة لكنت تنازلت وبقيت>. مشيرا الى ان <على الطامحين الى السلطة تعبئة استمارات والموافقة على جملة شروط والخضوع الى فحص دم كل يوم>.

واعتبر الحريري ان قوى 14 آذار امام تحدي استكمال معركتها وانها اذا لم تكمل حركتها السياسية فهي تجهز على كل انجازاتها، وكان لافتاً تشديده على أن عملية النضال ستكون طويلة، وقد يتطلب الامر حصول <13 آذار> خمس او ست مرات، في اشارة منه الى مهرجان الأحد، والنزول الى الساحات اذا ما اتخذت الحكومة مستقبلا قرارات نراها انها تتناول ثوابتنا، قائلاً: <شو بدنا نتفرج عليهم>.

وتوقف الحريري في تعقيبه على كلمة لرئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع التي تناولت السلاح بأن <الجيش اللبناني يفترض ان يتولى الدفاع عن لبنان اذا ما هوجم من قبل اسرائيل وان لا مشكلة في ان يدفع كل لبنان الثمن، فهكذا تبنى الدولة وتدوم>.

وكان جعجع قد استهل مداخلته بالاشارة ايضاً الى ان لا حاجة الى التطرق الى موضوع سوريا في مناسبة وغير مناسبة فالنفوذ الاساسي لسوريا يمارس من خلال سلاح <حزب الله> ولولا وجود هذا السلاح لما كان بإمكان سوريا ان تمارس نفوذها، معتبرا انها (اي سوريا) معنية بالسلاح الفلسطيني ولها دور مباشر فيه.

واعتبر جعجع ان الوثيقة تتناول امورنا الداخلية، لافتا الى اننا لا نستطيع التقدم في ظل وجود تنظيم مسلح خارج الدولة اللبنانية.

لافتاً إلى أننا نقع في خطأ كبير بقولنا أننا ضد السلاح الموجه الى الداخل، فالخيار ليس بين سلاح الداخل والسلاح الموجه ضد إسرائيل، فالسلاح هو سلاح، بل خيارنا هو خيار المقاومة دفاعاً عن لبنان، وهذا لا يكون إلا من خلال الدولة، فخيار المقاومة الحقيقية هو خيار الدولة.

وسأل: هل إذا خرج الأمين العام لـ <حزب الله> السيد حسن نصر الله في مؤتمر صحافي وتعهد بأنه لن يستخدم السلاح في أي لحظة من اللحظات تكون قد انتهت المشكلة؟ متابعاً أن الهوية الفعلية لهذا السلاح هي هوية إيرانية وليست لبنانية، وهو خطر على لبنان، لأن أي مشكلة مع إيران ستطال لبنان. فالسلاح خارج الدولة سلاح خطر على لبنان لأسباب استراتيجية لها علاقة بالخارج ولأسباب داخلية لها علاقة بتغيير المعادلات وضرب الميثاق.

واعتبر جعجع أن البرنامج السياسي للمرحلة المقبلة لا يمكنه التقدم بوجود السلاح ولا بد من الوصول إلى وضعية طبيعية.

اما الرئيس امين الجميل، فقد اشارات مداخلته الى ان اللقاء هو تعهد من قبلنا بالاستمرار في النضال، لافتاً إلى ان ما ينتظرنا هو حملة شرسة، وان مجرد وجودنا اليوم هو الرد الأفضل والى جدل لما يمكن أن نتعرض له.

واعتبر ان المشروع طويل، وبقدر استيعابنا لخطورة المرحلة الصعبة، والاستحقاقات المقبلة، يكون هذا اللقاء فاعلاً، ودعا الى تأسيس اطار تنظيمي لتطوير العمل والنضال السياسي.

وجرت نقاشات ساهم فيها كل من الوزير بطرس حرب والنائب روبير غانم، ونائلة معوض، وعقاب صقر، وغازي يوسف ومحمد شطح وعدد من وجوه المجتمع ركزت على ضرورة وضوح الخطاب السياسي والتعاطي بشفافية مع القواعد الشعبية، ولا سيما وان جمهور 14 آذار كان قد اصيب بنكسات عدة.

كما كانت اسئلة عدة حول اطر المتابعة وآليات العمل لتنفيذ المشروع السياسي، وسط تحذيرات بألا تكون محطة الأحد نهاية المطاف.

 

 


  النائب حمادة يتوسط الرئيس السنيورة ود· جعجع (تصوير: جمال الشمعة)

الوثيقة السياسية لـ14 آذار دفاعاً عن لبنان من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية
في ما يأتي نص الوثيقة السياسية لقوى 14 آذار التي تلاها النائب مروان حمادة، في نهاية المؤتمر الرابع الذي عقد في البريستول، وجاءت بعنوان: <دفاعاً عن لبنان من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية>·

أيها اللبنانيون،

<في ربيع العام 2005، تمكن اللبنانيون من إنهاء الوصاية الأمنية والسياسية على القرار الوطني· بذلك فقد قدموا نموذجا، هو الأول للتغيير السلمي والديمقراطي في العالم العربي· تغيير سياسي سلمي، تحقق بفضل الانخراط الشعبي الواسع، بعيدا عن نهج الانقلابات العسكرية أو الانتفاضات المسلحة أو التدخل الأجنبي·

ومنذ اللحظة الأولى اتجهت الحركة الاستقلالية، التزاما منها بالقيم الديمقراطية، إلى إعادة تكوين السلطة من خلال صناديق الاقتراع·

وجاءت الانتخابات النيابية الحرة عام 2005، وللمرة الاولى منذ عقود، لتؤكد رفض أكثرية اللبنانيين لممارسات الحقبة الماضية، وعلى قدرة شباب ساحة الحرية على إعادة السلطة للشعب، ولتثبت ان العمل من خلال المؤسسات الدستورية كفيل بالحفاظ على الاستقرار، ومعالجة المشكلات الكبيرة التي تراكمت خلال حقبتي النزاع الداخلي والوصاية·

ولقد مدت هذه الحركة الاستقلالية يدها لسائر الفرقاء السياسيين على قاعدة عودة الجميع للانخراط في إطار الدولة واحترام دستورها، بعيدا عن أي استئثار بالسلطة· ولكن للأسف رفضت الأطراف الأخرى وتحديدا حزب الله التسليم بانتهاء عهد الوصاية وبنتائج الانتخابات وانقلبت على الحركة الاستقلالية مدعومة من قوى إقليمية وسعت إلى إسقاط النظام الديمقراطي من خلال فرض نظرية، أن لبنان مجتمع حرب مفتوحة، وأن لسلاح حزب الله أفضلية على الكيان ووحدة الوطن والدولة وعلى الحرية والاستقرار والازدهار والقانون والعدالة· وأصرت تلك الأطراف على استمرار الممارسات السابقة ذاتها وعملت على تعطيل العدالة بإعاقة إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي هي الوسيلة الوحيدة للاقتصاص من المجرمين، الذين اغتالوا عددا من زعماء لبنان ومواطنيه الأبرياء، من أي عقاب·

وعلى ذلك، تعرض رموز الحركة الاستقلالية لموجات من الاغتيال والترهيب، وجرى الاعتصام في وسط بيروت لأكثر من عام ونصف بعد تعطيل عمل الحكومة بالاعتكاف والاستقالة، كذلك إضافة إلى خلق مناخات إنقسامية عبر حملة تخوين غير مسبوقة أعقبت حرب تموز 2006 التي استهدفت لبنان ودفع ثمنها اللبنانيون، وبعدها في رسم خط أحمر في وجه الجيش خلال حرب لبنان في مخيم نهر البارد ضد الإرهاب· كما والانقلاب على نظامنا الجمهوري البرلماني وضرب ركائزه وتعطيل استمراريته من خلال إغلاق المجلس النيابي والعمل على إبقاء سدة رئاسة الجمهورية شاغرة لمدة ستة أشهر وصولا إلى الاستيلاء على العاصمة بيروت، ومد لعبة السلاح والترهيب به إلى الجبل، وأنحاء أخرى من لبنان، مما أفقد النظام السياسي القدرة على العمل في سبيل الصالح العام·

ورغم القسوة البالغة التي ميزت تلك التطورات، تمكنت الحركة الاستقلالية من الصمود، وتمسكت بالدولة والدستور، وبمبدأ بسط سلطة الدولة على أراضيها كافة وحمت الجمهورية ونظامها الديمقراطي· وأنجزت هذه الحركة ومن خلال الحكومة وبدعم عربي وبالتعاون مع الأسرة الدولية شبكة أمان انتجت القرار الدولي رقم 1701 لحماية لبنان من عدوان إسرائيل، واستطاعت أيضا النجاح في إقامة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لإحقاق العدالة، وتحرير الحياة السياسية والعامة من قبضة الاغتيال السياسي، كما جددت الحركة تفويضها الشعبي في انتخابات العام 2009، والتي عبر اللبنانيون من خلالها عن رفض عارم للعودة بالبلاد إلى ما قبل انتفاضة الاستقلال·

ومرة جديدة، رفضوا نتائج الانتخابات وطالبوا المشاركة في الحكومة بالثلث المعطل مستندين إلى وهج السلاح للعمل على تعطيل البلاد والمؤسسات· ولقد جرت الموافقة بعد التزامهم العمل على تحقيق أولويات الناس والتمسك بالمحكمة الدولية والاحتكام إلى المؤسسات والتوقف عن استعمال السلاح· غير أن هذا الفريق الآخر عاد إلى الحكومة وسلاحه في يده، محاولا فرض إرادته على لبنان، معطلا كل قرار لا يوافق عليه، ناقضا تعهداته بكاملها، ولاسيما موضوع التعاون مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مطالبا بالإطاحة بمفهوم العدالة والتخلي عن المحكمة، مخيرا اللبنانيين بين الحرية والعدالة والسلم الأهلي أو الأمن· ولقد كان من نتيجة ذلك أن تعطلت أعمال مجلس الوزراء، ووقعت البلاد في المأزق مجددا·

أيها اللبنانيون،

تأتي الذكرى السادسة لقيام الحركة الاستقلالية اللبنانية، في ظل ثورة التغيير الديمقراطي التي تجتاح بلدان العالم العربي التي هي تعبير عن حيوية الشعوب العربية وإرادتها في النهوض· هذه الحركات النهضوية العربية تحمل أبعادا أخلاقية أصيلة· إذ إنها تنطلق باسم ثلاث قيم أساسية: الحرية والكرامة والعدالة· وهي ترفض أنظمة الهيمنة والاستئثار وواقع الفساد المستشري، وتخطو خارج الفضاء الأيديولوجي لأنظمة الخطاب الواحد والحزب الواحد، وتفتح إمكانيات واسعة لتطور ونمو بلدانها· ثم إنها وهي تخرج بلدانها من حالات التأزم المستمر والعجز أمام غطرسة العدو الإسرائيلي تسقط ادعاءات هذا العدو بالاستثناء الديمقراطي الإسرائيلي في المنطقة، بكونها حركات مدنية تتميز بالاعتماد على القوى الشبابية الجديدة، التي انتزعت زمام المبادرة من التشكيلات القديمة، وتفسح في المجال لتجاوز المشكلات الطائفية والاثنية على قاعدة العيش المشترك والمواطنة، وتعيد القضية الفلسطينية إلى حضن عربي متين وقوي·

إن هذه الحركات تلتقي مع انتفاضة الحرية والاستقلال في لبنان التي انطلقت على أثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005 ومن استشهد بعده· ففي 14 آذار خرج اللبنانيون إلى الشارع غاضبين وطامحين في الوقت ذاته، غاضبين لهول الجريمة بل الجرائم على مدى عقود، وطامحين للاستقلال والحرية والعدالة والكرامة وبناء الدولة القوية والسيدة والحرة والعادلة· ما خرج أحد منهم لتنفيذ قرار اتخذه آخرون بالنيابة عنه، بل اعتبر كل منهم نفسه شريكا أصيلا في المعركة الجارية من أجل الحرية والاستقلال والدولة المدنية·

انه وفي الوقت الذي شكلت فيه حركة 14 آذار اللبنانية نموذجا احتذاه شباب العالم العربي، ليس من الجائز أو المقبول أن ينكفئ شباب لبنان، رواد الحرية، فيسمحون بعودة البلاد إلى الوراء، إلى تسلط الرأي الواحد والحزب الحاكم، وقيام نظام الاستبداد والقمع والسلاح، وإلى ضرب مقومات دولة لبنان الواحد السيد المتنوع المنفتح الديمقراطي الحر، والقبول بسلطة تفرض نفسها وصية على إرادة اللبنانيين بواسطة السلاح·

أيها اللبنانيون،

إن لبنان اليوم أمام أخطار جدية تهدد وجوده وكيانه ومستقبل أبنائه ولاسيما:

ـ خطر خسارة استقلاله مجددا، والعودة إلى الانقسامات الطائفية والمذهبية التي تسهل الوصايات، وذلك في الوقت الذي تخرج المنطقة العربية من سجون الاستبداد·

ـ خطر خنق ديمقراطيته، وتحويل نظامه بقوة السلاح إلى قبضة الحزب الواحد، والخطاب الواحد·

ـ خطر تدهور مستوى عيش اللبنانيين وفقدان مكتسباتهم الاجتماعية والاقتصادية التي حافظوا عليها وطوروها رغم الصدمات الداخلية والخارجية ورغم الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، أي خطر العودة إلى الوراء ودفع اللبنانيين إلى انتظار مساعدات هذا الحزب أو تلك الدولة كما وخطر عدم متابعة السير في برامج الإصلاح والتطوير·

ـ خطر جر لبنان إلى محور خارجي في الوقت الذي يستعيد فيه العالم العربي قراره، ويخرج من العجز والاستضعاف والاستقطاب لصالح هذا الطرف الخارجي أو ذاك·

ـ خطر إخراج لبنان من كنف الشرعية الدولية·

إن مواجهة هذه الأخطار هي مسؤوليتنا جميعا، مسؤولية كل رجل وامرأة، وكل شاب وشابة، هي مسؤولية المسيحيين كما هي مسؤولية المسلمين، ومسؤولية المقيمين كما هي مسؤولية المغتربين·

إن قوى الرابع عشر من آذار ومن منطلق التزامها مصلحة لبنان وشعبه وفي سبيل الدفاع عن لبنان الحرية والديمقراطية والدولة المدنية تلتزم بالعمل مع جميع اللبنانيين على الدفاع عن الثوابت الوطنية التالية:

أولا: التأكيد على تمسك قوى 14 آذار بالمبادئ التي يكرسها الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف، لا سيما سيادة لبنان واستقلاله ونهائيته ووحدة شعبه وأرضه وعروبته والتزامه المواثيق العربية والدولية وديمقراطية نظامه البرلماني الذي يحقق المساواة بين المواطنين، والنظام الاقتصادي الحر والإنماء المتوازن ووحدة الأرض ورفض أي فرز للشعب على أساس أي انتماء ورفض أي تجزئة أو توطين أو تقسيم واعتبار ميثاق العيش المشترك مصدرا لشرعية السلطة، بالإضافة إلى إعلان الالتزام بمبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في السلطة·

ثانيا: الدفاع عن سيادة لبنان المهددة، وذلك بحصر هذه المهمة بالدولة، والدولة وحدها، في أنحاء البلاد كافة بما فيها السلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيمات، وبالتالي إنهاء وصاية السلاح على الحياة السياسية والاجتماعية بالداخل اللبناني، وإسقاط تلك البدعة التي جعلت من الدفاع عن لبنان <اختصاصا> حزبيا، والتي تقسم اللبنانيين إلى فئتين: - فئة من المواطنين الذين لا يسلمون إلا بقواعدهم ومعاييرهم الخاصة المستندة إلى السلاح، مخالفين أحكام الدستور والقوانين السارية· - وفئة أخرى من المواطنين الذين يخضعون للقانون العام المشترك· هذا الأمر يفسد الشراكة الوطنية ويهدد العيش المشترك ويخرب مبدأ استقامة وهيبة المؤسسات·

ثالثا: الدفاع عن حق اللبنانيين في إقامة دولة جديرة بهم: دولة المواطن المدنية الحديثة المحررة من صراعات الطوائف عليها، والتي تحقق الحريات الأساسية للمواطنين، ويسود فيها حكم القانون، ويتحقق مبدأ فصل السلطات وتعاونها ضمن الآليات التي يحددها الدستور، ويستقل فيها القضاء عن السلطة السياسية، وتبنى الإدارة على قواعد ديمقراطية الجدارة والاستحقاق، ولا يتمكن فيها شخص أو فريق من استعمال المال العام والمرافق العامة لمصالح شخصية أو فئوية·

رابعا: الدفاع عن حرية اللبنانيين وعن حقهم بالعيش في مجتمع حديث ومنفتح، حيث لا يستغل الدين لتحقيق غايات سياسية أو لخلق هويات منغلقة ومتناحرة تسوغ استخدام العنف باسم المقدس، وحيث يكون احترام الإنسان كقيمة لذاته للمرأة كما للرجل، للميسورين كما للمعوزين، للعمال ولأرباب العمل في كل مكان في لبنان·

خامسا: العمل على تعزيز الثقة بالنظام السياسي وتثبيت الاستقرار والأمن لتشجيع الاستثمارات بدل تحولها إلى الخارج بسبب الاضطراب وحال عدم الاستقرار السائد في لبنان منذ عقود، وبما يؤكد على احترام قيم الإنتاج والإنتاجية ويسهم في رفع مستوى ونوعية عيش اللبنانيين ويتم في ضوء ذلك التقدم على مسار مكافحة ظاهرة الفقر، ويسهم في خلق فرص العمل الجديدة للشباب اللبناني، ويضع حدا لحركة الهجرة النازفة في مجتمعنا، بما يمكن الدولة من التخطيط للمستقبل وحماية حقوقها في ثرواتها الطبيعية الوطنية، وإقرار شبكات الحماية الاجتماعية التي تحمي حقوق عمالنا ومستقبل شيوخنا ومتقاعدينا، وحيث تفرض القوانين احترام الطبيعة، وتمنع الاعتداء على البيئة، وتحمي التراث الوطني مثلما تحمي صحة المواطن، ويتحقق فيها التقدم على مسارات الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي والتنمية المناطقية المتوازنة والتحسن المستدام في مستويات ونوعية عيش اللبنانيين·

سادسا: الدفاع عن حق شباب لبنان في المشاركة برسم ملامح عالم عربي جديد، تعددي، وديمقراطي· عالم عربي محرر لا يسكنه العجز أو الطغيان أو التعصب أو العنف· عالم عربي قادر على حماية مصالحه الاستراتيجية بالتضامن والعمل المشترك· عالم عربي قادر بالموقع الكريم واللائق الذي يحتله في النظام الدولي، على أن يفرض حلا عادلا للقضية الفلسطينية يستعيد الشعب الفلسطيني عبره حقوقه الوطنية وتسقط معه كل مشاريع التوطين والتشتيت التي يجمع اللبنانيون على رفضها·

سابعا: التأكيد على الدفاع عن العدالة والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وتبني كل ما يصدر عنها من أجل وقف مسلسل القتل وتحقيق الاستقرار الفعلي في البلاد· هذه المحكمة هي الإنجاز الذي حققه اللبنانيون، وكان لهم أسبقية الفضل في تعميم وإدخال مفهوم العدالة في الحياة الوطنية والعربية·

أيها اللبنانيون،

نلتزم أمامكم بالعمل والدفاع عن كل ما ورد، من خلال النضال السلمي الديمقراطي المدني الواسع في لبنان وبلاد الاغتراب وذلك عبر: أـ تكتل نواب 14 آذار وحلفائهم·

ب ـ القوى السياسية الحزبية·

ج ـ القوى السياسية المستقلة·

د ـ مؤسسات وهيئات المجتمع المدني·

ويبقى العمل الأساسي معكم أنتم فردا فردا من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال ومن بيروت إلى الجبل والبقاع·

أيها اللبنانيون،

ليس هناك قضية أسمى من وجود لبنان وحياة أبنائه المشتركة· وإننا لذلك نؤكد اليوم أننا متمسكون بلبنان التنوع والحرية والديمقراطية، بدولة الحق والقانون، بدولة المؤسسات الشرعية التي لا نقبل عنها بديلا·

متمسكون بدعم القضية الفلسطينية، لا سيما قيام الدولة المستقلة وحق العودة·

متمسكون بسيادة الدولة على كل أراضيها وبوجوب الإلتفاف حول الدولة للعمل على تحرير ما تبقى محتلا منها، ومتمسكون بقرارات الشرعية الدولية الداعمة لسيادة لبنان واستقلاله والعدالة فيه·

متمسكون بتعدد معتقداتنا الدينية والفكرية والسياسية،

متمسكون بخضوع كل اللبنانيين للقانون اللبناني ونرفض قيام دويلات ضمن الدولة اللبنانية،

متمسكون بعيش مشترك كريم حر طوعي ترعاه الدولة اللبنانية·

متمسكون باحترام المواثيق الوطنية واحترام أحكام الدستور والقوانين وبمبادئ نظامنا الجمهوري الديمقراطي البرلماني ونرفض أي انقلاب أو التفاف عليه·

متمسكون بقيم الجمهورية، ونرفض التقوقع والتعصب والانغلاق، وندين العنف والاغتيال والإرهاب، متمسكون بالعدالة وبحق اللبنانيين بالحياة الآمنة الحرة الكريمة المزدهرة·

متمسكون بازدهار اقتصادنا ونموه وتنمية ورفاهية شعبنا وتطوره·

وإننا لا نقبل أن يفرض على شعبنا معادلة العيش بأمن وسلام مقابل التنازل عن الحرية والعدالة والحقيقة·

لأننا مؤمنون بلبنان وطنا نهائيا لجميع أبنائه وبوحدة شعبه ومؤسساته، ندعو اللبنانيين، إلى أية فئة أو منطقة أو طائفة أو مذهب أو حزب انتموا، إلى الانخراط في مواجهة مخطط ضرب صيغة لبنان الحضارية وتحطيم أحلام اللبنانيين بدولة الحق الآمنة المزدهرة وتقويض مفهوم وجود لبنان كمساحة تاريخية للحوار بين الثقافات والأديان·

وإننا إذ نعلن ميثاقنا هذا، فلكي يعي كل الأفرقاء خطورة ما وصلت إليه الحال لكي نشبك خناصرنا في ورشة وطنية تحقق التوافق حول الثوابت الوطنية وتعيد اللحمة إلى شعبنا· فلبنان لكل أبنائه وليس لفريق منهم·ومحاولات الغلبة في لبنان مصيرها الزوال·

فلنعمل جميعا من أجل الدفاع عن لبنان ومن أجل الحفاظ على حرية أبنائه والديمقراطية وبناء الدولة المدنية·

أيها اللبنانيون،

موعدنا معكم الأحد القادم، الساعة العاشرة صباحا بالعلم اللبناني وحده، في ساحتكم، ساحة الحرية حيث سيكون صوت الشعب أقوى من صوت السلاح·

أيها اللبنانيون هذا الميثاق لا مساومة عليه ولا تراجع عنه، رفضا للفتنة ودفاعا عن لبنان·

 

 

 


 

 

 


المصدر: جريدة اللواء

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,443,022

عدد الزوار: 7,068,166

المتواجدون الآن: 52