معارض سوري: أفراد عائلة الأسد يعترضون على رأس هرم النظام

توقعات باتّساع التظاهرات في سوريا إلى مدن حلب ودمشق

تاريخ الإضافة الثلاثاء 10 أيار 2011 - 6:55 ص    عدد الزيارات 2367    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

 
نشطاء يستبعدون إمكانية التراجع بعد سقوط عدد كبير من القتلى وتوقعات باتّساع التظاهرات في سوريا إلى مدن حلب ودمشق
 
بهية مارديني من القاهرة
 
 
يعتقد كثيرون أنّ سقوط القتلى في التظاهرات التي تجتاح سوريا، رجالاً ونساء، تجعل من الصعب على المتظاهرين التراجع. ويذهب نشطاء سوريّون إلى القول إنّ الحصيلة الضخمة للقتلى ستزيد عزم المتظاهرين للانتقال باحتجاجاتهم إلى مدن أخرى.
 
القاهرة: توقع ناشطون سوريون تحدثوا لـ"ايلاف " أن تتسع رقعة المظاهرات في سوريا، لتشمل عموم مناطق دمشق وحلب في الأيام المقبلة، نتيجة اشتداد الآلة العسكرية الأمنية في قتل المتظاهرين نساء ورجالاً بدم بارد.
 
ورأى النائب السابق في البرلمان السوري مأمون الحمصي في تصريح خاص لـ"ايلاف" أن زيارة رئيس الحكومة السورية عادل سفر لن تعود بالنفع على النظام لجهة كسب تأييد الحلبيين، لأن حجم الفساد كبير والمشاكل التي تعانيها سوريا، والتي أوصلها النظام اليها، باتت عصية على الحل، واعتبر أن قتل المحتجين والإدعاء بأنهم مجموعات إرهابية سيزيد من حالة الحنق الشعبي في البلاد.
 
وقال الحمصي، وهو معتقل سوري سابق، على خلفية ربيع دمشق: "لقد انتفض الناس من كثرة المظالم والظلم والفقر والجوع والاضطهاد واستباحة كرامة المواطن، مما جعل المواطن السوري يقدم تضحيات متتالية، كما إن المناخ العربي فرض نوعًا من شد العزائم عند الناس والسوري ليس بعيدًا عن الدفاع، مثل بقية العرب الذين انتفضوا على حكامهم، عن كرامته ولقمة عيشه".
 
وأضاف "سيسطر التاريخ مفخرة أن بطولات السوريين الذين يتصدون بصدور عارية لمؤامرات النظام، وأفاد "حتى العسكريون يقتلون من الخلف بوساطة الشبيحة ورجال الأمن أي ليس في قتال حقيقي".
 
وأشار الى أن الشعب السوري يقول كلمته بأن لا رجوع إلى الخلف، ولفت الى "أنّ الشعب الذي يهتف "نحنا الملايين على الشهادة رايحين "يعرف ان ثمن ثورته الرصاص والقتل".
 
واعتبر "أنّ أرقام القتلى غير واقعية، فهناك آلالاف المفقودين، والمجتمع الدولي ُيقدم على خطوات متأخرة تجاه ما يحدث، وكل يوم جديد هو عبارة عن فرصة جديدة للنظام ليقتل أكبر عدد ممكن، ولو كانت هناك عقوبات دولية قوية في البداية لما جرى ما جرى".
 
وقال "من حق المواطن السوري أن يتساءل لماذا هذا الصمت العربي الرسمي، ولماذا هذا التحرك الخجول الدولي؟".
 
وأضاف "هل دماء الشعب السوري رخيصة الى هذه الدرجة، حتى يكون ثمنها فرض عقوبات وحجز اموال على 14 مسؤولاً سوريًا؟".
 
ورأى "أن وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون عندما تقول إنه ما زال هناك أمل بالإصلاح، فهي كأنما تقول للنظام السوري اقتل شعبك أكثر".
 
معارضو منتصف الطريق
من جانبه قال الصحافي السوري تمام البرازي في تصريح خاص لـ"ايلاف" لقد انتفض الشعب السوري للتخلص من هذا النظام، ولا عودة الى الوراء، وليس أمام النظام الا أن يرحل، واعتبر" أن البدائل موجودة"، الا أنه قال إن نظرته للأمور بقدر ما هي واقعية... بقدر ماهي متشائمة، اذ "إن النظام لن يرحل ببساطة، بل سيقتل المزيد من أبناء الشعب السوري"، معتبرًا أن الأيام المقبلة ستحمل الأسوأ.
 
وقال "إنّ النظام سيفرط في استعمال القوة وموجات القتل، وفي النهاية أخشى ما أخشاه أن يرد الناس عليه، فليس من المعقول أن يبقوا يقتلون بدم بارد وصدور عارية".
 
ورأى "أنّ النظام السوري يدفع المتظاهرين لحمل السلاح في وجهه، وهذا الشيء المفزع في القضية"، وأوضح لو اختار النظام سيناريو مناسب للرحيل لجنب البلاد الكوارث والدماء، ولكن أسف البرازي لأنّ "النظام ليس لديه ذرة عقل، ولا يفكر الا بالحفاظ على السلطة بأية طريقة كانت" على حد تعبيره، مشددًا "سنشاهد المزيد من التصعيد والقتل".
 
وقال" 54 يومًا مضت من المظاهرات المتفرقة تؤكد أنّ الشعب السوري لن يتراجع، كما إن هذا النظام لن يرحل ببساطة، لكن إن صحّت التقارير بأن هناك 200 ضابطًا قد انشقوا، فهذا يعني الكثير، وسيكونون نواة لمزيد من المنشقين"، كما أشار الى أنهم مسلحون".
 
واعتبر "أن من أسماهم معارضي منتصف الطريق حالمين حيث لفتوا الى خيار الاصلاح والبقاء وهو خيار بعيد عما يريده الشعب السوري". وقال "إنّ النظام كشر عن أنيابه، ورأى إصرار الشعب، فإما الانكسار الكلي او الدمار الكلي".
 
وأفاد "كل مناطق الجزيرة انتفضت الحسكة، والرقة ودير الزور والميادين والبوكمال ..وتأثروا جدًا لما حدث في مدن أخرى "لذلك توقع بعد قتل هذا العدد من الرجال ومن النساء بدم بارد أن "تتسع رقعة المظاهرات، لتشمل حلب ودمشق، ولن يخشى أهل حلب على تجارتهم ومصالحهم وأملاكهم، وسيضطرون إلى التخلي عن هذا التحفظ.
 
ورأى ان دمشق انتفضت في منطقة الميدان، والميدان ترمز الى دمشق الحقيقية، فيما تحولت دمشق الشام الى خليط غير مترابط اجتماعي، الا أنه أكد أن المعطيات على الأرض تشير الى أن دوائر التظاهرت رغم هذا ستتسع.
 
استمرار قمع المتظاهرين
 
هذا وأعلنت المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا (DAD) استمرار السلطات السورية باستعمال القوة المفرطة والعنف لتفريق التجمعات السلمية لمواطنين سوريين عزل.
 
وقالت في بيان، تلقت "ايلاف" نسخة منه"، إنه في يوم الشهداء المصادف ليوم الجمعة 6 / 5 / 2011 قامت السلطات بإطلاق الرصاص القاتل والمميت على هؤلاء المواطنين في عدد من المحافظات والمدن السورية (حمص – حماه - اللاذقية)، مما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا (قتلى وجرحى)، ووثقت أسماء القتلى الذين بلغوا في حمص سبعة، وفي حماه أربعة بينهم طفل، وفي اللاذقية أربعة".
 
ودانت المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا (DAD) استمرار استخدام السلطات السورية الرصاص القاتل والمميت والعنف والقوة المفرطة ضد المواطنين السوريين، اللذين قاموا ويقومون بالاحتجاجات والمظاهرات السلمية المنادية بالحرية والعدالة والتعددية، وأبدت" القلق البالغ والاستنكار لهذه الممارسات التي تنمّ عن إصرار السلطات السورية في ممارسة أبشع الانتهاكات بحق الإنسان وحقوقه وحرياته الأساسية (حق التجمع والتظاهر السلمي، وحرية الرأي والتعبير، فضلاً عن انتهاك حق الحياة.. ).
 
حيث إن هذه الممارسات والإجراءات تشكل تعبيرًا واضحًا عن عدم وفاء السلطة السورية بالتزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها سوريا، معلنة تأييدها الكامل للتجمعات السلمية التي تجري في سوريا، ورأت أن مطالب المواطنين السوريين هي مطالب حق ومشروعة، وعلى الحكومة السورية العمل سريعًا على تطبيقها، من أجل صيانة وحدة المجتمع السوري، ومستقبلاً آمناً وواعداً لجميع أبنائه من دون أي استثناء".
 
اعتقال مهندس لللاشتباه بتحدثه إلى قناة العربية
 
الى ذلك، أعلنت منظمة الدفاع عن معتقلي الرأي في سوريا "روانكه" أنه صباح السبت أقدمت دورية تابعة للأمن العسكري في مدينة القامشلي على اعتقال المهندس أكرم حسين من محله المختص بخدمات الكومبيوتر، بحجة الاشتباه في اتصاله بقناة العربية، ونقله أخبار مظاهرة القامشلي بحذافيرها، وعندما شدد على مقولة أن الرئيس السوري ألغى قانون الطوارئ، قالوا له "إن المعلم يريدك فقط للاستفسار"، وفي هذا الأثناء، شددوا على أخذ هاتفه النقال عنوة.
 
واستنكرت في بيان، تلقت "ايلاف" نسخة منه، اعتقال أكرم حسين، وأبدت قلقها البالغ على مصيره، وطالبت بالإفراج الفوري عنه من دون قيد أو شرط، كما دانت استمرار الأجهزة الأمنية بممارسة الاعتقال التعسفي على نطاق واسع خارج القانون بحق المواطنين السوريين، والذي اعتبرته يشكل انتهاكًا" صارخًا" للحريات الأساسية التي يكفلها الدستور السوري، بالرغم من الإعلان عن إلغاء حالة الطوارئ.
 
وكانت منظمة العفو الدولية" أمنستي" دعت "مجلس الأمن الدولي" إلى "إحالة سوريا إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، وفرض حظر على توريد الأسلحة إليها، وتجميد أصول الرئيس السوري وأركان نظامه في الخارج".

 

 
معارض سوري: أفراد عائلة الأسد يعترضون على رأس هرم النظام
 
بهية مارديني
 
 
دمشق: اعتبر المعارض السوري أكثم بركات في لقاء خاص مع "إيلاف" أن سوريا لا تُحكم من قبل مؤسسات، بل تديرها حلقة ضيقة من أشخاص معدودين يمتلكون القرار، تربطهم علاقة قربى ومصالح مالية مشتركة، نافياً في الوقت ذاته أن تكون سوريا طائفية، مؤكداً حصوله على معلومات خاصة، ومن داخل أسرة الأسد، تفيد بأنّ معظم أفرادها يعترضون على سياسة رأس هرم النظام وشقيقه المنهمكين بإهدار دم السوريين، وقال: "قد تحمل الأيام القادمة بوادر التناقض".
 
 ومن جانب آخر اعتبر أن للعقوبات أثرا على رجالات النظام، إذ أنها صارت تحد من ادخارهم في بنوك أميركية وأوروبية وأصبحت تضيق الدائرة على ودائعهم لتنحصر في دول شرقية بعينها، حيث لا توجد ضمانات مستقبلية لهذه الدول سيما وأن المنطقة برمتها معرضة للتغيير، محذّرا أنه سيضطر الإنسان السوري المسالم أصلا أن يدافع عن كرامته المهدورة بالطريقة المناسبة، ولن يكون للنظام القدرة على التحكم بمجريات الأمور وهو بداية الفوضى العارمة وعواقبها الكارثية لا تحتاج للتخمين والتنبؤ وستكون نهاية النظام، وتحدث عن الكثير من القضايا والتطورات المتعلقة بالشأن السوري وإليكم نص الحوار:
 
ما رأيك بما يحدث اليوم في بانياس وحمص ودرعا وريفها؟
 
بداية أترحم على أرواح الشهداء من أجل الحرية والكرامة، الذين ستصنع دمائهم الطاهرة النصر القادم، كما وأحيي جميع سجناء الرأي من إسلاميين وشيوعيين وليبراليين آخرهم رياض سيف.
 
إن ما تتعرض له مدينة بانياس والمدن الأخرى اليوم هي بمثابة جرائم ضد البشرية تنز سادية وعدوانية تجلت بوضوح حيال النساء والأطفال والشيوخ، خصوصا بعد اعتقال جميع الرجال. إن السلاح الذي دفع السوريون ثمنه بعرقهم يوجه اليوم بكل عنجهية واستهتار نحو صدور المواطنين العزل ويهدر دمائهم، بينما الأجدر بحامله أن يوجهه لحماية الحدود.
 
منذ اندلاع انتفاضة حوران الأولى قبل سبع أسابيع تظاهر ما لا يقل عن مليوني سوري، وهذا وسطيا يشكل ما نسبته شخص واحد من كل أسرة سورية، هل يعقل أن هؤلاء جميعهم مندسون! وهل كل هؤلاء ينفذون أجندات خارجية! هل مجموع هذه الصور الفاضحة للجرائم كلها ملفقة! إن كان النظام فعلا يبحث عن مصداقية فلماذا أغلق حدود البلاد أمام العالم، لماذا لا يسمح للصحافة والمنظمات الإنسانية بالتحقيق والكشف عما يجري؟ ومثال على تحايله المفضوح السماح لفريق من الصليب الأحمر بدخول درعا برفقة العسكر ومنعهم من التحدث سوى لمن اختارهم العسكر، لم يسمح لهم بالتجول ولا لقاء أحد. وقد بالغ النظام بالتعويل على ترويج فكرة "المدسوسين" وتكرارها لدرجة أنه يكاد ينعت ملايين الشعب الذي لم يصفق له بالخونة والحاكم وحاشيته فقط وطنيين. عموما مهما تعددت الأسئلة فجوابها واضح ولا داعي لتفنيدها على طريقة "مربعات ودوائر وخطوط" النظام التي يرسمها بلا ضوابط. ناهيك عن أن جميع السوريين يعون تماما أن هذا النظام ممثلا بقمة هرمه لا يتمتع بأية مصداقية، وبدأ الكذب والتحايل على الشعب حتى قبل خطاب القسم المزعوم، حيث تلته فبركات التملص من الوعود وانتهت بالتخوين أو القتل العمد لكل من يتأوه ألما حين يكسرون أضلاعه.
 
لقد دخلت على خط الثورة مؤخراً دير الزور، فما رأيك؟
 
لمدينة دير الزور خصوصيتها كمدينة حدودية، حيث يرتبط أبناؤها عبر عشائر وعائلات ومصاهرات في دول الجوار وحتى أقاصي بادية الشام. لذلك يعتبر دخول دير الزور على خط الانتفاضة رافدا مهما يزيدها قوة وإصرارا على تحقيق المطالب، ولا أعتقد أن النظام قادر على دخول كل المدن السورية بنفس الوقت، لا يمكنه المبالغة بقمع أهالي دير الزور، ومعروف أن أغلب الشعب السوري مسلح، أما أهالي دير الزور فالسلاح عندهم وفقا للتقاليد نوع من الزينة وفي كل بيت قطعة سلاح، كما في بقية المدن وإن بشكل أقل في بعض المحافظات. لذلك من الحماقة بمكان أن يتخذ القيمون على الأمور قرارا كارثيا ويقحمون الجيش السوري ويزجون بالقوات المسلحة في دير الزور ليواجه الجندي أهله بالسلاح الحي. وضع كهذا سيزيد الضغط على الشعب وسيفجر الوضع. سيضطر الإنسان السوري المسالم أصلا أن يدافع عن كرامته المهدورة بالطريقة المناسبة، ولن يكون للنظام القدرة على التحكم بمجريات الأمور وهو بداية الفوضى العارمة وعواقبها الكارثية لا تحتاج للتخمين والتنبؤ ويعلمها الجميع وستكون نهاية النظام.
 
إن النظام السني المحسوب علويا لأن حراسه فقط من العلويين، استعملها واستغلها، وسوف يجد نفسه في لحظة قادمة وحيدا دون هذا الحارس العلوي، ونعلم حق المعرفة أن عائلات هؤلاء المجندين والضباط بدأت بالنزوح من دمشق إلى جبال الساحل السوري.
 
أعود وأؤكد أن السلاح موجود في معظم البيوت، ومع هذا أجزم أنه لن يستخدم طائفيا، بل سيوظف للرد على إجرام النظام الذي يتحمل عواقب أفعاله تلك. لا شك قد تحدث أخطاء، وستبقى في محيط وإطار الخطأ. اعتقد أن الشعب السوري واعِ كما لم يكن من ذي قبل، سيما وأنه تابع تفاصيل الثورات العربية التي سبقت واستقى منها الدروس والعبر، ناهيك عن أن هذا النظام أصلا تجاوزه التاريخ ونواميس التطور البشري وسينتهي بفعل التقادم تلقائيا. 
 
 ما رأيك في الإصلاحات التي قررها الرئيس السوري بشار الأسد؟
 
لدى وراثته كرسي أبيه أغدق بوعود الإصلاح حتى تمكن من القبض على مقاليد الأمور في البلد ثم تنصل من كل وعوده السابقة وينحت عبارات "لم تكن وعودا بل مجرد رؤى" وصار يشرح نفسه. يبدو أننا ابتلينا بقيادة لا يتعدى "إلهامها" سرعة السلحفاة فيما يخص التقدم بالشأن العام. كما يعلم الجميع أن الرئيس عادة ينتخب لبرنامجه الانتخابي، وليس لصلة قرابته مع سلفه، وان لم يحقق وعوده لا يعاد انتخابه لولاية تالية، أما في حالتنا السورية لم يحقق شيئا في ولايتين ويشتكي من ضيق الوقت ويطلب المزيد من الفرص على شاكلة سابقه وتحولت شعاراته ووعوده لمجرد رؤى وتنظيرات سفسطائية بلا طائل.
 
لذلك لا يصعب ملاحظة أن الإصلاحات الملحة دائما تأتي متأخرة وغير كافية، وهذا ببساطة ما فجر الثورات الرافضة لهذا الاستهتار بمقدرات وإرادة الشعب حتى نفذ صبره. لقد أضحى اليوم مطلب الإصلاح الوحيد هو الاعتراف بالمرجعية الشعبية، حيث الشعب هو مصدر الولاء، ويفترض بالحاكم أن يمثل إرادة شعبه، لا أن يعبد الشعب صنم قائده الذي يسومه شتى صنوف الظلم. حاليا الإصلاح الوحيد المرتقب هو وضع حد للمملكة الأسدية الفاسدة ووضع بداية سلمية لدولة المؤسسات.
 
لا يمثل بشار الأسد حاكما شرعيا للبلد، فالجميع يعلم أنه تعربش على كرسي أبيه وأقام حكما بدائيا يعتمد القنانة والاستبداد المطلق فيما يشبه إقطاع ما قبل تشكل الدولة، يعتمد قوامه على الولاءات لا الكفاءات وفي مركز الكيان التسلطي يقف الأقرباء. يفترض بالرئيس أن يكون جزءا من النظام أو رأسا للهرم لا أن يكون وأهله النظام كله. لذا ينتفي أي معنى للإصلاح ويحل محله التغيير الذي ينادي به الشارع السوري اليوم، والذي سوف يلقي بكل مفرزات النظام المستبد إلى مزابل التاريخ.
 
ما الذي أوصل الناس إلى الثورة في سوريا؟
 
بدأ السوريون الهجرة بكثافة في مطالع القرن التاسع عشر طلبا للعيش الكريم وبحثا عن الأمن والأمان في أميركا اللاتينية وغيرها. أما اليوم صار حلم السوري أن يحصل على تأشيرة دخول أي بلد يحترم مواطنيه ليشتري بطاقة سفر باتجاه واحد، ولا يهم أن يعمل الطبيب أو المهندس في المقاهي وغسل الصحون، المهم أن يستقر في أي مكان تصان فيه كرامته.
 
إذن الكرامة كانت في مقدمة الأسباب التي فجرت الثورة. كانت الكرامة بمثابة القاسم المشترك الأعظم لكل الثورات التي قامت والتي لم تقم بعد في مناطق يعتقد القيمون عليها أنها عصية على الكرامة. وفي سوريا تحديدا وصل الاستهتار بإنسانية الإنسان حدا لا يطاق وكان لابد من الانفجار. إن عماد هذه الانتفاضة هم الشباب والنساء وحتى الأطفال بعد تكميم أفواه الرجال وزجهم في المعتقلات والقبور. لكن بعد أن تجاوز السوريون جدار الخوف هم يدركون اليوم تماما أنه لا يوجد "نصف ثورة" ومن يقوم بنصف ثورة ويتوقف كمن يحفر قبره بيده قبل الانتهاء من عملية التغيير مهما كلفت من أثمان.
 
هل الشعب السوري طائفي؟
 
إن طبيعة المجتمع السوري وتكوينه الثقافي والاجتماعي يتنافى مع العزل الطائفي. وكما نعلم إبان الحرب العالمية الأولى آوى السوريون الأرمن الفارين من المجازر كذلك الأكراد واليهود والفلسطينيين ومؤخرا العراقيين واللبنانيين وفتحوا بيوتهم وشاركوهم قوتهم. فالثقافة السورية مزيج مسالم بني في أساسه على فكرة التسامح المسيحي ومن ثم الوئام والسلام الإسلامي مختلطا بثقافات وأديان محلية كثيرة أنتجت لونا فريدا من الوئام والتعايش السلمي في حدود الوطن.
 
أما في العقود الأخيرة بلا شك بدأ التجييش والعزل الطائفي يأخذ أشكالا تحريضية، ولا يمكن أن تكون الطائفية متجذرة في أعماق أي من مكونات الشعب السوري، بل التجييش الطائفي يتم توظيفه لخدمة سياسة "فرق تسد".
 
حتى الرئيس وشقيقه الذين يزعمان أنهم حماة الطائفة العلوية لم يكون لهما أي ارتباط بالطائفة سوى مصالحهم الشخصية، حتى أنهما لم يتزوجا منها، واضح للعيان أنهم يستخدمون الطائفة في السياسة، لأن استمرار حكم العائلة مرهون بالتصعيد الطائفي واختلاق الخلافات والفتن بين مكونات الشعب السوري، أي أن النظام الحالي يعتاش على الفتنة وسيزول بمجرد توقفه عن التجييش للفرقة والتضاد.
 
ولا بد من الإشارة إلى أن الأغلبية السنية دائما كانت متصالحة مع اللون المسيحي الذي تصطبغ به بلاد الشام، وأكثر الهجرات وإفراغ البلد من مسيحييها كانت في عهد حافظ الأسد. وهنا أتمثل قول ابن الطائفة الشاعر بدوي الجبل متغنيا بدمشق:
 
بنت مروان اصطفاها ربها... لا يشاء الله إلاّ ما تشاء
وفي كل قصائده كان رمزا للوحدة الوطنية، فهاهو يقسم:
حلفت بالشام هذا القلب ما همدا...عندي بقايا من الجمر الذي اتّقدا
كأني به يعيش معنا اليوم ويقوم بوصف حالة راهنة:
يسومنا الصّنم الطّاغي عبادته...لن تعبد الشام إلاّ الواحد الأحدا
وجه الشام الذي رفّت بشاشته... من النّعيم لغير الله ما سجدا
تفنّن الصّنم الطّاغي فألف أذى... و ألف لون من البلوى و ألف ردى
أنحى على الشّام أريافا و حاضرة... فلم يدع سبدا فيها و لا لبدا
وكأنه يصف قاتل صبية درعا اليوم بقوله:
هذا المدلّ على الدّنيا بصولته...ما صال إلاّ على قومي و لا حشدا
و مرعد مبرق ضجّت صواعقه... حتّى إذا قامت الجلّى له قعدا
 
 هل وصل النظام إلى نقطة اللا عودة؟
 
الهم الوحيد للنظام السوري هو بقاءه في الحكم حتى لو على بضع كيلومترات مربعة، ولن يتراجع إلا أمام القوة التي تهدد استمراره، وقد كان دائما يقمع شعبه داخليا ويتاجر بمصالحه خارجيا، يتنازل، يراوغ، يداري... بلعب بأوراق مختلفة ويلعب على كافة الحبال الممكنة بغية استمرار الحكم فحسب. كانت القضية الفلسطينية تجارة رابحة لم يترك سوقا من النخاسة الدولية إلا وعرضها هناك للبيع.. بل كل شيء قابل للبيع، كما باع يوجالان ومغنية سابقا يفاوض اليوم على تحديد ثمن لبيع ورقة حزب الله وحماس والحلف الإيراني، وهو الذي باع الجولان وتنازل عن اسكندرون مقابل دعم الجوار لبقائه على الكرسي. أما اليوم وأمام كل هذا التغيير الذي طال العالم بأسره يصر أن يرى سوريا مختلفة عن الكون كمزرعة خاصة والشعب السوري مازال لا يستحق حريته.. هذا النظام يعيش خارج المجموعة الشمسية ويصر على أن يكون كالنعامة يدس رأسه في الرمال لتمر العاصفة، إلا أنه هذه المرة العاصفة أقوى مما يتخيل وستجرفه ويبقى رأسه مندسا في رمال صحرائه.
 
 من يحكم سوريا برأيك؟
 
معروف أن سوريا لا تحكم من قبل مؤسسات، بل تديرها حلقة ضيقة من أشخاص معدودين يمتلكون القرار، تربطهم علاقة قربى ومصالح مالية مشتركة، أما الدائرة الأوسع فهي تابعة ودورها تنفيذي فقط، والهيكل المؤسسي هو عبارة عن أجهزة تتحكم بها تصرفات أوامرية من الدائرة الأضيق ولا تضبطها قوانين بل أمزجة ورغبات أفراد متسلطة. أي أن النظام الحالي استمرار للسابق بكل سلبياته. لا شك يرتكز الحكم على مراعاة وحفظ مصالح القوى الأساسية في المجتمع لاستقرار واستمرار الحكم والمتمثلة في أصحاب رؤوس الأموال في حلب ودمشق واستقطاب وجوه من المجتمع السني أو تلميع بعض الشخصيات المغمورة وتقديمها على أنها تمثل فئات وقطاعات شعبية والترويج لها إعلاميا. هذه الحرب على المجتمع خلفت صحراء قاحلة في ميدان السياسة المعارضة حيث أحصى أنفاس المثقفين والمتنورين وروج للبغاث.
 
 ما جدوى العقوبات الأميركية والأوربية؟
 
لا شك أن للعقوبات أثرا على رجالات النظام وتربكهم بهذا القدر أو ذاك، وصارت تحد من ادخارهم في بنوك أميركية وأوربية وصارت تضيق الدائرة على ودائعهم لتنحصر في دول شرقية بعينها، حيث لا توجد ضمانات مستقبلية لهذه الدول سيما وأن المنطقة برمتها معرضة للتغيير، ويعلمون أنه ربما لا يتوفر لأموالهم الأمان المطلوب، بل وقد يصار لضياع كل هذه الأموال. أي أنهم يرتعدون خوفا على أموالهم المعرضة للضياع كما حدث لنظرائهم من ديناصورات الفساد والقطط السمان في مصر وتونس.
 
تأخذ العقوبات في البداية شكلا رمزيا ليبعث برسالة لجماعة النظام لكنه يأخذ شكلا تنفيذيا في مراحل متأخرة، وهم يعلمون ذلك جيدا كما حدث في دول عديدة من تجميد لأرصدة ومراقبة للتحويلات.
 
هل هناك تواطؤ غربي مع النظام؟
 
لا اعتقد أن هناك تواطؤا غربيا مع النظام، لم يحم الغرب النظام التونسي والمصري، وهما أكثر قربا من السوري. إن قوة المطلب الشعبي وإصرار المظاهرات في الشارع السوري هي التي تحدد شكل العلاقة بين الغرب والنظام السوري، وكلما كان الشعب موحدا في مطالبه كلما كسب ود وتعاطف العالم وعجل بزوال النظام. مثلا فرنسا كادت ترسل فرق أمنية لحماية نظام بن علي قبيل سقوطه، لكنها سرعان ما شمتت به ولم تستقبله على أراضيها بعد سقوطه وتمت إقالة وزيرة الخارجية آنذاك وتحميلها أسباب جهل القراءة الصحيحة لما ستفضي إليه الانتفاضة. لكن على الصعيد العربي هناك تقاعس مفضوح.. هناك تواطؤ من قبل الجامعة العربية ممثلا بشخص أمينها العام السيد عمرو موسى، جدير بنا الإشارة لصمته المريب عما يحدث في سوريا والذي يرقى لمستوى التواطؤ والتغاضي عن هدر دماء أهلنا في طول سوريا وعرضها الذي رآه واستنكره العالم أجمع ما عدا السيد عمرو موسى المنشغل بأمور أخرى لم يره بعد...!
 
هل الطائفة العلوية راضية عما يقوم به الأسد، ولماذا برأيك؟
 
يتظاهر النظام بارتداء عباءة الطائفة العلوية كما لو كان المدافع عن مصالحها المهددة وفقا لنظرية المؤامرة من جميع الطوائف الأخرى، ودون التوقف عند الفاسدين المستفيدين من أبناء الطائفة كغيرهم من المكونات الأخرى، يجتهد النظام ببث إشاعات محمّلة برسائل مبطنة لكن مضامينها مفضوحة ولم تنطل سوى على قلة قليلة من أصحاب المصالح والمستفيدين من بقاء النظام الذين ستتضرر مصالحهم بزواله. لذلك نقول أن الطائفة بمجملها أكثر من تضرر من هذا النظام الذي ينسب نفسه بكل أثقاله لها وهي منه براء. وهناك تواصل بين شخصيات من كافة وجهاء المنطقة مع حلب ودمشق وغيرها.. الطائفة دائما كانت بريئة من جرائم النظام ولا يمكن أن يكون عبئا عليها بعد سقوطه كما كان ثقيلا على الجميع قبل ذلك. فالطائفة العلوية معنية بعملية التغيير كغيرها من مكونات المجتمع السوري. وفي المجمل برأيي الكل ضد النظام.
 
لله والتاريخ يجب أن أقول أنه لدي معلومات خاصة ومن داخل أسرة الأسد، أن معظم أفرادها يعترضون على رأس هرم النظام وشقيقه المنهمكين بإهدار دم السوريين، وقد تحمل الأيام القادمة بوادر التناقض.
 
وما رأيك بالمصالحة الفلسطينية – الفلسطينية التي توجت في القاهرة؟
 
أود فعلا أن أبارك المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية واخص بالشكر السيد خالد مشعل على لقائه الرائع على قناة الجزيرة يوم السبت الفائت لما تضمن من مواقف ايجابية في الصالح العام.
 
وبالعودة لموضوعنا السوري كلمة أخيرة منك.
 
أعتقد انه من واجب كل مواطن سوري أنى كان أن يقدم ما بوسعه لحماية وطننا الذي وضعه المغامرون على كف عفريت، وهذا ليس منّة أو حسنة، لأن حماية الوطن فرض عين لا يقبل التهاون. وأود أن أختم كلامي بتوجيه نداء لرجالنا في الجيش من ضباط وجند.. أناشدهم جميعا ألا يسمحوا باستخدامهم كأدوات قتل لأهلهم، فالتاريخ لن يرحم... يا أخوتي في جيشنا العظيم.. أيها الرجال الشجعان.. أهيب فيكم الرجولة والكرامة والإباء.. أن تحقنوا دماء أهلنا وألا تكونوا مجرد أدوات قتل بيد أشخاص مغامرين، أناديكم تيمنا بالدور الرائد لأخوتكم في الجيش المصري العظيم، الذي لم يحم أفرادا مهما علت رتبهم على حساب الوحدة الوطنية، وأخالنكم أهلا لفخر واعتزاز الشعب السوري بكم.
 
كما أطالب الأجهزة الأمنية بعدم التعرض بالأذى للمعتقلين الذين تكتظ بهم السجون اليوم من أطفال ونساء وشيوخ ورجال، فالنظام يتخبط ولا يدري ماذا يفعل وغدا سيرمي باللائمة والمسؤولية عليكم بحجة أنكم بالغتم بتنفيذ الأوامر وسيجعل منكم كباش فداء له.

المصدر: موقع إيلاف الإلكتروني

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,299,251

عدد الزوار: 7,022,810

المتواجدون الآن: 71