معارضون سوريون: النظام يلعب بأوراق عدة بينها تخويف الناس من الفتنة الطائفية

حصار حرستا ومداهمة دوما لـ«تطويق» ريف دمشق

تاريخ الإضافة الجمعة 22 تموز 2011 - 6:41 ص    عدد الزيارات 2602    التعليقات 0    القسم عربية

        


حصار حرستا ومداهمة دوما لـ«تطويق» ريف دمشق
الخميس, 21 يوليو 2011
واشنطن - جويس كرم

وعن العمليات في ريف دمشق، قال أحد سكان ضاحية حرستا لـوكالة «رويترز»: «طوق المئات من الفرقة الرابعة كل مداخل حرستا، إنهم يرتدون زياً قتالياً من خوذات وأحزمة ذخيرة ويحملون بنادق. قطعت المياه والكهرباء والهواتف». وقال «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» إن قوى الأمن شنت عملية أمنية واسعة صباح أمس في دوما، واعتقلت أعداداً كبيرة من السكان بعد قطع الاتصالات ووضع حواجز أمنية ومداهمات واسعة. وأفاد أن أهالي المدينة خرجوا في تظاهرات من أمام الجامع الكبير، كما أغلقت المحال والأسواق، مطالبين بإطلاق سراح المعتقلين.

وفي حمص، قال ناشطون وشهود إن قوات الأمن شنت مداهمات واسعة في عدد من أحياء المدينة لليوم الرابع من عملية أمنية أدت الى مقتل حوالى 50 شخصاً حتى الآن. وقال شهود إن حالة من الهدوء الحذر سادت المدينة التي تحاصرها دبابات الجيش، فيما تشن قوى الأمن داخلها عمليات موسعة، خصوصاً خلال ساعات الليل.

في موازاة ذلك، أكد وليد المعلم أهمية أن «تتمسك الأسرة السورية بالوحدة الوطنية» وأن تهدئ من الانفعالات. ونقلت «فرانس برس» عنه تحذيره لسفيرى أميركا وفرنسا من التجول خارج دمشق من دون إذن رسمي.

وقال المعلم: «إذا استمرت هذه المخالفة، سنفرض إجراء وهو منع التجول في محيط يزيد على 25 كلم». وتابع: «أرجو ألا نضطر الى هذا الإجراء».

كما أكد المعلم مغادرة السفير القطري دمشق لكنه أوضح أن «مغادرة السفير القطري دمشق جاءت من دون إعلام وزارة الخارجية السورية، على رغم ذلك نتطلع الى علاقات طيبة مع دولة قطر بغض النظر عما تفعله قناة الجزيرة». يذكر أن السفير السوري في قطر لا يزال في منصبه ولم يغادر على رغم التوترات الأخيرة.

وفي واشنطن، ردت الإدارة الأميركية في شكل حازم على طلب الخارجية السورية «إذناً مسبقاً» للسفير الأميركي في دمشق روبرت فورد للتجول خارج المدينة، مشيرة الى أنها «تراجع القرار وما إذا كان سيعيق عمل السفير».

وقال مسؤول أميركي لـ «الحياة» إن «وزارة الخارجية السورية أعلمت السفارة الأميركية في دمشق بأن السفارات أضحت بحاجة الى طلب إذن من الوزارة للسفر خارج دمشق». واستغرب المسؤول خطوة الوزارة، مشيرا الى أن «هذه ليست أفعال حكومة ليس لديها ما تخفيه».

وأضاف المسؤول أن واشنطن «ستستمر في تقويم عملية تطبيق هذا القرار لكي تقرر إذا ما كان يعيق قدرة ديبلوماسييها على القيام بمسؤولياتهم داخل سورية وسترد وفق ذلك».

وشدد المسؤول على أن حقيقة ما يجري هو أنه «عوضاً عن استجابة الحكومة السورية للمطالب المشروعة للمعارضة السورية، قرر نظام الأسد أن يضرب ويعتقل ويقتل الشعب السوري الذي يطالب بحقوقه المعترف بها عالمياً». وأفادت مصادر أميركية موثوق بها أن زيارة فورد إلى حماة كانت أساساً لحماية المدنيين هناك، وأن هناك أفكاراً لإلحاقها بزيارات لمدن أخرى بينها دير الزور.

وتزامن ذلك مع نقل صحيفة «واشنطن بوست» عن مكتب التحقيق الفيديرالي (أف بي آي) متابعته لقضية تجسس السفارة السورية في واشنطن على معارضين في الولايات المتحدة وترهيب عائلاتهم في سورية، ما قد تترتب عليه إجراءات قانونية.

إلى ذلك نفت مصادر رسمية ما تردد من ان الرئيس السوري بشار الاسد سيظهر قريباً ليعلن الغاء المادة الثامنة من الدستور واجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية العام.

وفي نيويورك ندد الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون امس مجدداً بـ«تصعيد العنف» في سورية وطالب دمشق بـ«الوقف الفوري» لقمع المعارضين.

 
سورية: هدوء حذر وشوارع خاوية في حمص... والسلطات تتحدث عن «معارك عنيفة» واعتقالات
الخميس, 21 يوليو 2011
دمشق، عمان، نيقوسيا - «الحياة»، أ ف ب ، رويترز

وارتفع عدد ضحايا المواجهات المحتدمة في حمص إلى 50 شخصاً على الاقل خلال اربعة ايام من المواجهات الدامية. واتهم ناشطون النظام السوري بالتحريض على العنف الطائفي. إلا ان السلطات تحمل المسؤولية لـ «جماعات مسلحة» تنشط في المدينة. وقال شهود وناشطون إن حالة من الهدوء الحذر سادت المدينة التي تحاصرها دبابات الجيش، فيما تشن قوى الامن داخلها عمليات موسعة، خصوصاً خلال ساعات الليل. وأفاد شهود ان الشوارع الرئيسية في المدينة كانت خاوية امس، بسبب تخوف الناس من الخروج، والاضراب العام الذي تشهده حمص. وذكر ناشطون إن عدة احياء شهدت جنازات لمن قتلوا خلال الايام الماضية.

وأول من امس قتل سبعة اشخاص في المدينة برصاص ميليشيات موالية للنظام اطلقت النار على مشاركين في مراسم تشييع، لترتفع حصيلة القتلى في هذه المدينة منذ الاثنين إلى 20، وفق ما افاد ناشطون. إضافة الى 30 قتلوا يومي السبت والاحد.

وأكدت «لجان تنسيق الثورة» السورية على موقعها الالكتروني ان «سبعة شهداء سقطوا وأصيب اكثر من اربعين شخصاً في حي الخالدية في حمص خلال مراسم تشييع امام مسجد خالد بن الوليد».

وأضافت اللجان ان «الميليشيات الموالية للنظام نزلت من سيارتي اسعاف امام المسجد وبدأت بإطلاق النار على الجمع». وتعذر تأكيد هذه الحصيلة لدى ناشطين حقوقيين آخرين.

وكتب ناشطون على صفحة «الثورة السورية 2011» على موقع «فايسبوك» ان اطلاق النار يتواصل في اكثر من حي في حمص. وأضافوا ان الاجواء متوترة والميليشيات الموالية للنظام تدخل الاحياء وتطلق النار من دون تمييز لارهاب السكان.

وأدت مواجهات غير مسبوقة بين معارضين للنظام ومؤدين له الى سقوط ثلاثين قتيلاً في الساعات الـ48 الاخيرة في المدينة التي تضم سنة وشيعة ومسيحيين، كما قال المرصد السوري لحقوق الانسان.

واندلعت هذه المواجهات بعد مقتل ثلاثة من مناصري النظام تلقت عائلاتهم السبت جثثهم مقطعة.

وقال احد سكان حمص رافضاً كشف هويته ان «مناصرين للنظام هاجموا احياء يقيم فيها معارضون وقاموا بتخريب ونهب متاجر»، متهماً احزاباً بـ «زرع بذور الطائفية لحرف الثورة عن هدفها» الديموقراطي.

وأكدت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من النظام امس ان الجيش السوري صادر «اسلحة بكميات كبيرة» واوقف مسلحين في المدينة.

وقالت الصحيفة إن «هدوءاً حذراً يسود المدينة منذ ظهر امس (الثلثاء) بعد معلومات عن قيام الجيش بعمليات نوعية تمكن خلالها من إلقاء القبض على عدد من المسلحين ومصادرة اسلحة بكميات كبيرة».

وأضافت الصحيفة ان «الجيش دخل فجر امس الى عدة مناطق وخاض معارك عنيفة مع المسلحين استمرت حتى الظهر تقريباً اصيب خلالها عدد من الجنود وضابط واحد وفق المعلومات الأولية».

وأعلنت الصحيفة من جهة اخرى «استئناف المبادرة والحوار الذي يقوده وجهاء ومشايخ المدينة لنبذ الفتنة وإعادة اللحمة والطمأنينة الى هذه المدينة المعروفة بتسامحها ومحبة أهاليها بعضهم لبعض».

وكتب عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان ان «سكان حمص نددوا بالشائعات التي اطلقتها احزاب قريبة من النظام عن وقوع مواجهات طائفية. الواقع ان الاجهزة الامنية وعناصر الجيش بلباس مدني هم الذين يهاجمون المدنيين».

فيما قال رامي عبدالرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان لوكالة فرانس برس ان «السلطات السورية بعد ان فشلت في خلق فتنة طائفية في حمص بسبب وعي الاهالي من كافة الطوائف، نفذت عملياتها العسكرية والامنية».

وأضاف: «اكد قيادي معارض وسجين سياسي سابق للمرصد وجود اسماء 30 شخصاً قتلوا السبت والاحد من مختلف الطوائف في حمص وان المرصد يعلن تضامنه مع اهالي حمص في محنتهم».

وأوضح ان «هذا الشيء سيفشل مثلما فشل مخطط زرع الفتنة في اللاذقية وجبلة وبانياس في شهر نيسان الماضي عندما اطلق الرصاص على مسجد ابو بكر الصديق»، مضيفاً ان هذا المخطط «فشل الآن فشلاً ذريعاً في حمص».

إلى ذلك، اعتقلت السلطات السورية المعارض البارز جورج صبرا ومحامياً من منزليهما كما ذكرت الرابطة السورية لحقوق الإنسان.

وقال رئيس الرابطة عبد الكريم الريحاوي «في الساعة الثانية صباحاً اقتحمت قوات الأمن منزل زعيم حزب الشعب الديموقراطي جورج صبرا في بلدة قطنا (قرب دمشق) واعتقلته». وأضاف: «لقد اقتيد إلى جهة غير معلومة».

وكان صبرا قد اعتقل قبل ذلك في العاشر من نيسان (أبريل) الماضي مدة شهر خلال الحركة الاحتجاجية على النظام السوري.

وفي حلب، ثاني مدن سورية، اعتقل المحامي جمال الطحان من منزله فجر أمس أيضاً. والطحان معارض معروف في مدينته وفق هذه المنظمة غير الحكومية.

 

 

معارضون سوريون: النظام يلعب بأوراق عدة بينها تخويف الناس من الفتنة الطائفية
الخميس, 21 يوليو 2011
 

إسطنبول، دمشق - «الحياة»، رويترز - تعهد معارضون سوريــون في المنفى بالعمل مع جميع الجـــماعات فــــي البلاد من أجل تحـــقيق الوحـــدة ومنــــع اندلاع عنف طائفي، وذلك في ظل مخاوف متزايدة من تـــــأجيج بعض الاطراف مواجهات طائــــفية في مسعى لتـــحويل الاحتجاجات من سلمية الى حرب اهلية.

ويشير ناشطون سوريون بشكل خاص الى التطورات في حمص كمبرر لذلك القلق المتزايد.

واجتمعت الفصائل السورية المعارضة في اسطنبول يوم الســـبت الماضي وشكلت مجلساً ذا قاعدة عريضة، على أمل تشكيل حكومة ظل لملء الفراغ في حال نجاح الاحتجاجات في الإطاحة بالنظام.

وقال المعارض السوري فداء المجذوب امس: «نحن نتطلع إلى الانتهاء من المؤتمر داخل سورية والتحرك على ارضية صلبة ونضع الخطوات المستقبلية، وما يمكننا رؤيته في هذه المرحلة هو أن الشعب السوري ليس أمامه نقاط تحول الآن على الإطلاق، وكل جهودنا تنصب على حمايته وتلبية طلباته».

وقال المجذوب خلال مؤتمر صحفي: «يتضح مما شهدناه في الشهور القليلة الماضية، أن السوريين تعاونوا بعضهم مع بعض... سنعمل دائماً من أجل وحدة سورية».

واتفقت المعارضة السورية على تشكيل مجلس يضم 25 عضواً لاختيار لجنة من 11 عضواً تنظم مؤتمراً آخر يهدف إلى تشكيل حكومة ظل.

من ناحيته، قال برهان غليون الناشط السوري، ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة «السوربون» الفرنسية في مقابلة اجرتها معه قناة «روسيا اليوم»، إن هدف المعارضة السورية هو «نقل سورية من دولة ديكتاتورية الى دولة ديموقراطية».

وحذّر من ان النظام السوري يلعب بعدة اوراق، بينها تخويف الناس من الفتنة الطائفية ودفع الناس نحو هذه الفتنة، ولكنه «سيخسر، كما خسر الحل العسكري ولعبة المؤامرة الاجنبية... الى آخر ذلك».

كما أشار الى عدم وجود اي اختلاف داخل قوى المعارضة حول وسائل تحقيق أهدافها.

وقال إن المــعارضة تنـــــوي تحقيق ذلك بوسائل سلـــــمية مع رفض التــــدخلات العسكرية الاجنبية والعــــنف والطائفية.

وأشار غليون الى ان المعارضة السورية عاشت على مدى 50 عاماً «تحت الارض»، نظراً لوجود هامش ضيق للحريات. اما الآن، فالمعارضة «تبدأ حياة جديدة»، مؤكداً ان المعارضة ليست مقسمة على الرغم من وجود بعض الصعوبات.

وأعرب غليون عن اعتقاده ان بداية الاشتباكات الطائفية في سورية «امر غير ممكن حالياً، لأن سورية ليست في اطار تصفية الحسابات، والمعارضة ترمي الى بناء سورية جديدة ستكون دولة ديموقراطية»، مضيفاً ان هذا «يعني إجماع جميع السوريين».

 

 

مسؤول أوروبي: النظام السوري بلغ نقطة اللاعودة... وتغييره أضحى مطروحاً
الخميس, 21 يوليو 2011
بروكسيل ـ نورالدين الفريضي

يعتقد مسؤول في الاتحاد الأوروبي بأن الوضع في سورية «بلغ نقطة اللاعودة وأن خيار تغيير النظام أضحى مطروحاً على السوريين» لأن الرئيس السوري»لم يفِ بوعوده وأن الدوائر المحيطة به تحول دون إطلاق مسار حقيقي يقود البلاد إلى مرحلة انتقالية تمهد لبناء دولة ديموقراطية». وقال مصدر مطلع على الوضع في سورية إلى «الحياة» بأن «الرئيس خيب الآمال ولم يعد أحد يتوقع منه الإصلاح». لذلك فإن «الأفق الوحيد يتمثل في تغيير النظام وإقامة دولة ديموقراطية».

ويشدد الاتحاد الأوروبي على تنفيذ العقوبات التي صدرت في حق نحو 30 مسؤولاً سورياً، وثلاثة من كبار المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني وكذلك ضد 4 كيانات مالية تدعم النظام.

وذكرت منسقة السياسة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون في مطلع الأسبوع أن الدول الأعضاء «تنظر في إمكانات فرض عقوبات إضافية». لكن تأثير العقوبات لا يكون فورياً وإنما في الأمد المتوسط لأن العزلة الديبلوماسية والعقوبات الاقتصادية تنسف ثقة المستثمرين. ونقل منسق «الائتلاف الوطني لدعم الثورة في سورية» المنبثق عن مؤتمر بروكسيل، الدكتور هيثم رحمة إلى «الحياة» بأن وفد المعارضة دعا في لقاءات عقدها مع المسؤولين في وزارة الخارجية الإيطالية إلى «قطع العلاقات الديبلوماسية القائمة مع دمشق وتقوية ترسانة العقوبات الاقتصادية وملاحقة المسؤولين عن الجرائم التي يتم ارتكابها والتي ترقى وفق تقديرات منظمات حقوقية إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية».

وقال الدكتور هيثم رحمة في اتصال هاتفي إن الوفد طلب أيضاً من الدول الأوروبية «مواصلة الضغط على روسيا والصين من أجل استصدار قرار في مجلس الأمن». كما التقى وفد الائتلاف مسؤولين في «مؤسسة سانت إيجيديو» الناشطة في مجال حل النزاعات وكانت بذلت محاولات في الجزائر في التسعينات. وفند الوفد بشدة «الفزاعة الطائفية التي تستخدم لتخويف الطوائف المسيحية والدول الغربية». وقال إن فصائل المعارضة «تجمع، على رغم ما فيها من تنوع، على هدف إقامة دولة ديموقراطية مدنية».

ونقل مصدر أوروبي عن تقارير ميدانية «ظهور أدلة على إنهاك الأجهزة الأمنية» في سورية. وهي التي كانت راهنت على استنزاف قدرات المتظاهرين. وأضاف أن «عدداً من الجنود انشقوا عن الجيش وانضموا إلى المتظاهرين. وهي بوادر تشقق النظام الذي لا يمكنه المراهنة على حزب البعث لأن الأخير قضية خاسرة».

ويقول ديبلوماسيون إن «أوروبا وجدت نفسها عاجزة عن التأثير في الأحداث في سورية وهي مضطرة للاعتماد على تركيا في تشديد الضغط على الرئيس بشار الأسد ومحاولة إقناعه بأن السياسات الأمنية قد نسفت مستقبل النظام».

 

عودة السياسة إلى سورية
الخميس, 21 يوليو 2011
عمر كوش *

وأفرز التغير الجديد في المشهد السياسي لقاءات ومؤتمرات في داخل سورية وخارجها، فبعد مؤتمري أنطاليا وبروكسل، شهدت العاصمة دمشق، للمرة الأولى منذ عقود، لقاء تشاورياً لمجموعة من المثقفين والمعارضين المستقلين في فندق «سميراميس»، ثم عُقد لقاء تنسيقي لمجموعة من الأحزاب المعارضة، تمخض عنه تشكيل «هيئة تنسيق وطني لقوى التغيير الديموقراطي في سورية»، ثم جرى لقاء آخر في فندق سميراميس نفسه، ضمّ مجموعة من الشخصيات التي لا تتفق مع قوى المعارضة السورية ولا تبتعد كثيراً عن النظام القائم ولا تتعارض معه تماماً، وسمّوا أنفسهم أصحاب «الطريق الثالث»، ثم انعقد لقاء صحارى التشاوري الرسمي. ومؤخراً انعقد في السادس عشر من الشهر الجاري «مؤتمر الإنقاذ الوطني»، الذي ضم مجموعة من الشخصيات المعارضة.

وبدأت كلمة «حوار» تتردد كثيراً في الآونة الأخيرة، في الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية في سورية، والفضل يعود إلى تضحيات السوريين الذين بدأوا بالحراك الاحتجاجي السلمي منذ أكثر من أربعة أشهر، مطالبين بالحرية والكرامة والديموقراطية، وقدموا مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمعتقلين. وقبل اتساع الحراك الاحتجاجي، ما كان من المجدي الحديث عن «حوار وطني»، لأن السلطة الحاكمة لم تكن تسمع أو ترى إلا نفسها، ولم تجد في مفردة الحوار إلا كلمة لا تعنيها، ولجأت إلى الحل الأمني لمعالجة تأزم الأوضاع، لكن استمرار الحراك واتساعه أفضيا إلى إقرارها بوجود أزمة وطنية، فاضطرت إلى تقديم جملة من الخطوات التي تضمنت إصدار بعض القرارات والمراسيم، لعل أبرزها إلغاء حالة الطوارئ والمحاكم العرفية والاستثنائية، وإقرار حق التظاهر السلمي، لكنها بقيت على الورق، من دون أن تأخذ طريقها إلى التطبيق الفعلي.

يشهد ذلك على أن المشهد السياسي السوري يختلف – اليوم - كثيراً عما كان عليه قبل اندلاع الانتفاضة السورية في 15 آذار (مارس) من هذا العام. وبات يمكن للجمهور العام وقواه الحيّة الدخول في الحوار وتبادل الرأي في مسائل الشأن العام كلها، وخصوصاً كيفية الانتقال إلى سوريا جديدة، بمعنى أنه بات من الممكن البحث في سبل الخلاص من الأزمة الحالية، بصبر ورويّة أحياناً، وبتسرّع في أحيان أخرى. لكن، وفي سياق العودة الجديدة للسياسة إلى المجتمع السوري، من المهم الابتعاد عن الشعارات الطنانّة، والاقتراب أكثر من جوهر السياسة، القائم على التداول والخطاب الواقعي والمنطقي والاستعداد للتفاعل وللتبادل والتسويات بين مختلف القوى والفعاليات.

وأظهر المشهد الجديد تبدلات جديدة في مولدات الحراك الشعبي، حيث برز دور الشباب السوري بشكل لافت في توليد الأحداث وصناعتها، مثلما برز من قبل دور الشباب التونسي والمصري في توليد الحدثين التونسي والمصري وقيادتهما، الأمر الذي يؤكد، مرة أخرى، على ريادة دور الشباب في صناعة وقيادة الثورات والانتفاضات والمتغيرات.

واللافت هو تكييف الشباب لأدوات التواصل الإلكترونية والمعلوماتية وتسخيرها في خدمة حراكهم، سواء من خلال التحشيد وتصميم الشعارات، أو من خلال تحقيق إجماع ورأي عام بعيداً عن قيود أجهزة النظام الحاكم ورقابتها، وبالتالي ظهرت أجيال جديدة، يحركها قادة من الشباب أنفسهم، لا ينتمون إلى حزب معين، ولا يعتنقون أيدولوجية معينة، وما يحركهم هو الإحساس العميق بالظلم والإحباط واليأس وانعدام الأمل بالمستقبل في ظل الأوضاع القائمة. واختارت الأجيال الجديدة الخلاص من واقع الإحباط وانسداد الأفق والانتقال إلى مواقع الفعل الاجتماعي، من خلال الاستفادة القصوى من إمكانياتهم، فاكتسبوا جرأة التفكير والتنسيق، والتعبير عن تطلعاتهم وتوقهم للحرية والتغيير وقيادة الحركات الاحتجاجية بهدف الوصول إلى واقع جديد وأفضل.

ويعبّر الحراك السوري عن لحظة تحوّل من منظومة سياسية وخطابية وأخلاقيّة قديمة ومحافِظة، تشكلت منذ النصف الثاني من القرن العشرين المنصرم، مدارها القمع والضبط والمراقبة والملاحقة، إلى منظومة جديدة أكثر انعتاقاً، تحدوها ضرورة إنزال الأفكار الكليانية والشمولية من عليائها وغطرستها، والتمرد على مختلف الأطر القمعية والمقولات الحتمية والشمولية، المدّعية الشرعية المطلقة في جميع المجالات، والصلاحية في كل مكان وزمان. وعليه، يقدم المشهد السوري مثالاً جديداً للشعوب العربية ولشعوب العالم، التي ما زالت ترزح تحت نير السلطات الشمولية، في كيفية المواجهة السلمية وحشد طاقات الشباب المتمكن من استخدام تقنيات التواصل في مواجهة تقنيات وأساليب السلطة الحاكمة.

ويبدو أن البحث عن ممكنات الخروج من الأزمة السياسية والوطنية العامة، مازال يجد في الحوار الوطني طريقاً مجدياً في حال توفر الشروط المناسبة والبيئة الملائمة له، إضافة إلى الإقرار بأن الأزمة فريدة من نوعها في تاريخ سوريا الحديث، وتتطلب تضافر جهود جميع السوريين وإشراكهم الفعلي والعملي في تحديد حاضر ومستقبل ومصير بلدهم، وفي تحديد ممكنات الانتقال إلى دولة مدنية، ديموقراطية وتعددية، تتسع لجميع أفراد الشعب السوري ومختلف مكوناته.

ولا شك في أن طريق حل الأزمة القائمة يتطلب توافر ممكنات الحل، التي تجسدها توقف الحل الأمني، وتوافر أجواء سياسية ومدنية تعم البلاد، وتأمين الظروف الصحية للبحث عن نقاط التقاطع بين مختلف القوى الفاعلة، التي تتيح إنتاج عمليات فرز على أسس برنامجية سياسية واجتماعية، يجري التوصل إليها، لتشكل خريطة طريق يتم رسمها بالافتراق مع كافة أشكال العنف والاعتقال التعسفي وقمع المتظاهرين.

* كاتب سوري


المصدر: جريدة الحياة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,287,728

عدد الزوار: 7,022,335

المتواجدون الآن: 63