للمرة الألف .. من يحكم سوريا؟

ناشطون من حماه لـ«الشرق الأوسط»: لم نعد نخاف الرصاص.. وسندافع عن أنفسنا ولن نسمح بتكرار المجزرة

تاريخ الإضافة الخميس 4 آب 2011 - 7:24 ص    عدد الزيارات 2820    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

ناشطون من حماه لـ«الشرق الأوسط»: لم نعد نخاف الرصاص وسندافع عن أنفسنا
الناشطون يؤكدون انتشار قناصة فوق أسطح البنايات ويؤكدون قصف القصر العدلي * روسيا تبدي استعدادها لدعم قرار دولي ودمشق تلجأ للهند * أوباما يجتمع بسفيره في سوريا وكلينتون تلتقي معارضين سوريين دعوا الرئيس الأميركي لمطالبة الأسد بالتنحي
لندن - بيروت: «الشرق الأوسط»
أكد ناشطون سوريون من حماه تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن أهالي المدينة لن يسمحوا بتكرار مجزرة عام 1982 التي قتل فيها 10 آلاف شخص على الأقل، وقال الناشط عمر حبال الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من لندن، إن أهالي حماه «لم يعودوا يخافون النار»، وأضاف: «يقتلون واحدا يهجم عليهم عشرات الآلاف». واستغرب ناشطون «القصف الذي تعرض له القصر العدلي في حي الشريعة وسط حماه، وهو دليل على أن النظام السوري يتصرف كعصابة وليس كدولة».
وجاء ذلك في وقت تستمر فيه المفاوضات في مجلس الأمن الدولي لإدانة العنف في سوريا، وأبدت روسيا أمس استعدادها للتصويت إيجابا على قرار يدين أعمال العنف.
من جهته طالب نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، في مقابلة مع قناة «نيوز إكس»، خلال زيارة للهند، «إنني هنا لأحذر القادة الهنود من التضليل الإعلامي». من جهتها، استقبلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس للمرة الأولى وفدا سوريا معارضا, دعوا الرئيس أوباما مطالبة الأسد بالتنحي.
وجاء ذلك تزامنا مع اجتماع أوباما بالسفير الأميركي في دمشق روبرت فورد لإجراء مشاورات، بحسب بيان البيت الأبيض. وعلى مستوى التحركات الأوروبية، أعلنت الخارجية الإيطالية، في بيان أمس، أن روما استدعت سفيرها لدى سوريا للتشاور.
 
ناشطون من حماه لـ«الشرق الأوسط»: لم نعد نخاف الرصاص.. وسندافع عن أنفسنا ولن نسمح بتكرار المجزرة
الجيش يحاصر حماه ولم يدخلها بعد.. وقناصون يرعبون السكان
بيروت - لندن: «الشرق الأوسط»
أكد ناشطون من مدينة حماه لـ«الشرق الأوسط» أن السكان «صامدون» في وجه الدبابات التي تحاصر مداخل المدينة وتقصف الأهالي منذ يوم الأحد الماضي، في مشاهد ذكرت بمجازر الثمانينات التي ارتكبها الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي بشار. ولم يتمكن الجيش بعد من دخول المدينة، ولا يزال يتمركز على مداخلها ويقصف المدينة برشاشات تم تثبيتها على الدبابات، كما أكد ناشطون لـ«الشرق الأوسط». كما انتشر القناصة على أسطح الأبنية على مداخل المدينة. ورغم الحملة الأمنية العنيفة على حماه التي أثارت استياء دوليا واسعا، يستمر الأهالي بتحدي الأمن وقد خرجوا في مظاهرات في الأحياء بعد صلاة التراويح ليل أول من أمس، يطالبون بخروج الجيش وإسقاط النظام، بحسب ما أكد ناشطون.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن ثلاثة أشخاص قتلوا أمس في حماه بينهم اثنان بقذيفة، وذكر أن «ثلاثة أشخاص قتلوا في حماه بينهم شقيقان كانا يستقلان سيارة لنقل الدجاج أصيبت بقذيفة في منطقة دوار السجن مما أدى إلى مقتلهما على الفور». وأضاف «قتل ثالث برصاص قناصة قرب الإطفائية» في حماه. وأشار عبد الرحمن إلى «انتشار كثيف للدبابات على الطريق الواصل بين حمص والرستن وفي محيط الرستن»، لافتا إلى وجود «تخوف لدى الأهالي في الرستن من تنفيذ عملية عسكرية».
من جهته، أكد الناشط عمر حبال الذي تحدث من حماه لـ«الشرق الأوسط» في لندن أمس، أن المدينة تعرضت لتجدد القصف في العاشرة من صباح أمس، مشيرا إلى انتشار كثيف للقناصة على أسطح البنايات على مداخل المدينة من الجهتين الجنوبية الشرقية والشمالية الشرقية. وأشار حبال إلى أن القوات السورية تستخدم ذخائر من دون رأس متفجر «لخلق الرعب» في النفوس.
وقال حبال إن القناصة المنتشرين على مداخل المدينة، يطلقون النار على كل من يتحرك، مشيرا إلى مقتل شخصين على الأقل قنصا يوم أمس. وأكد الناشط السوري أن أهالي حماه «لم يعودوا يخافون من النار»، وقال: «يقتلون واحدا يهجم عليهم عشرات الآلاف». وأشار إلى استمرار وجود الحواجز التي رفعها الأهالي في المدينة لمنع دخول قوات الأمن، مؤكدا أن سكان حماه لن يسمحوا بتكرار مجزرة الثمانينات وسيدافعون عن أنفسهم. ونفى وجود عصابات مسلحة في حماه، ولكنه قال إن «السكان يدافعون عن أنفسهم». ودعا حبال المجتمع الدولي ليساعد أهالي حماه وقال: «الذاكرة في المدينة ليست مستعدة أن تسمح بحصول الشيء نفسه» مرة أخرى، مشيرا إلى مذبحة حماه في عام 1982 التي قتل فيها نحو 10 آلاف شخص.
وأكد ناشطون آخرون من قلب المدينة المحاصرة بالرصاص والنار أن «سكان حماه صامدون، ولن يستسلموا لدبابات الطاغية وعصاباته المجرمة». وقال أحد الناشطين إن «حماه اليوم ليست حماه الثمانينات، ففي ذلك الوقت كان النظام في حرب مع جماعة معينة هي جماعة الإخوان المسلمين، أما اليوم فالنظام في حرب ضد الشعب والسكان والأهالي»، مشددا على أن «المدينة كلها يد واحدة، متضامنة ضد الهجوم الشرس الذي يشنه وللأسف الجيش السوري عليها».
وعن بث التلفزيون السوري مشاهد قتلى قال إنها لمواطنين من المدينة لقوا حتفهم على يد عصابات مسلحة رمت جثثهم في نهر العاصي، وصور مسلحين ادعى أنهم يعيثون في أحياء المدينة خرابا ويرعبون السكان، قال ناشط آخر: «ليست هذه هي المرة الأولى التي يكذب فيها التلفزيون السوري ويفبرك ويخترع الترهات الخيالية، لكنه هذا المرة تجاوز حدود الأخلاق والقيم»، مشيرا إلى أنه «عندما يستغل هذا التلفزيون التابع للنظام السوري وليس للشعب، صور جثث الناس الذين قتلتهم عصابات بشار الأسد لمحاولة البرهنة على روايته الكاذبة فهذا يشكل قمة الانحطاط والإسفاف».
ويتخوف الناشطون في مدينة حماه من أن «تتم تصفيتهم وليس اعتقالهم في حال اقتحم الأمن السوري الأماكن التي يختبئون فيها»، ويتحدثون «عن شبان أقاموا حواجز بدائية من الخردة وأشياء غير قابلة للاستعمال ويتناوبون على حراستها، يصورها التلفزيون السوري على أنها عائدة لعصابات مسلحة تحمي السكان من غوغائية الأمن السوري ووحشيته وتمنع دخوله إلى الأحياء». وأكدوا أنه «لا يمكن لهذه الحواجز أن تصمد أمام هول الدبابة والمدفعية والرشاشات، فإذا قرر الجيش الاقتحام والتغلغل في الأحياء والأزقة، بالتأكيد سيستطيع تحقيق ذلك، لكننا سنواجهه بما نملك من إرادة وإيمان وعزيمة».
واستغرب الناشطون «القصف الذي تعرض له القصر العدلي في حي الشريعة وسط حماه، وهو دليل على أن النظام السوري يتصرف كعصابة وليس كدولة، إذ كيف يمكن لدولة أن تقصف قصرها العدلي ومصلحة الكهرباء ومرافق حيوية أخرى».
وكان سكان مدينة حماه استقبلوا أول أيام شهر رمضان المبارك في ظل أجواء من الرعب والهلع بسبب وابل القذائف المدفعية والقنابل الرشاشة التي لم تتوقف دبابات الجيش السوري المتمركزة في أنحاء مختلفة من المدينة عن إطلاقها إلا في وقت قصير أثناء موعد الإفطار، لتستعيد نشاطها بعد أداء صلاة التراويح التي جرت في مساجد معينة بعد قصف المدفعية السورية لمساجد أخرى أحدثت فيها تدميرا جزئيا.
وأفادت مصادر من المدينة لـ«الشرق الأوسط» بأن «مظاهرات حاشدة خرجت بعد صلاة التراويح من أكثر من جامع هتفت للحرية ونادت بإسقاط النظام، ما جعل دبابات الجيش وسيارات الأمن المنتشرة في المدينة تصعّد من حملتها الوحشية قصفا وإطلاقا للنار، بشكل عشوائي على المتظاهرين، فسقط أكثر من خمسة عشر قتيلا ومئات الجرحى».
وأكدت هذه المصادر «حدوث عصيان داخل السجن المدني في حماه» متوقعة «حصول مجزرة أثناء قمع أجهزة الأمن لهذا العصيان، حيث تحدث شهود عيان عن رمي جثث متفحمة خارج السجن، من دون أن يتم تأكيد ذلك بشكل قاطع».
وعلى شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، نشرت الكثير من صفحات المعارضة السورية مقاطع فيديو وصورا تظهر آثار القصف العنيف على أحياء المزراب والحمرا والبساتين والصناعة والقصور والأربعين بهدف دحض الرواية الرسمية التي تنفي دخول الدبابات إلى مدينة حماه.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسقوط عشرة قتلى وعشرات الجرحى في مظاهرات معارضة للنظام خرجت بعد صلاة التراويح مساء الاثنين في عدة مناطق من سوريا. وقال المرصد إن «حصيلة الشهداء الذين سقطوا برصاص قوات الأمن السورية خلال المظاهرات التي خرجت في عدة مدن سورية بعد صلاة التراويح مساء الاثنين ارتفعت إلى عشرة شهداء وعشرات الجرحى». وأوضح المرصد أن «صلاة التراويح شهدت مظاهرات ضخمة دعت إلى إسقاط النظام وهتفت لحماه الجريحة ودير الزور».
وقتل بحسب المرصد ستة أشخاص في منطقة عربين شمال شرقي العاصمة السورية دمشق برصاص قوات الأمن فيما قتل متظاهر في المعضمية قرب دمشق واثنان في اللاذقية غرب سوريا وآخر في مدينة حمص وسط سوريا.
وفي عربين أفاد المرصد بأن «الآلاف في المدينة خرجوا بمظاهرة حاشدة»، مضيفا أن «رجال الأمن والشبيحة هاجموا المظاهرة وأطلقوا الرصاص بشكل مباشر على المتظاهرين العزل». كما أفاد بـ«معلومات عن وجود عدد من الجثث ملقاة في الشوارع لا يتمكن الأهالي من الوصول إليها بسبب الوجود الأمني الكثيف».
وأضاف المرصد أن «عددا من القناصة شوهدوا يتمركزون على بناء الطيوري المطل على ساحة الحرية».
كما أشار إلى جرح أكثر من 14 متظاهرا في عربين و5 في المعضمية وأكثر من 11 في اللاذقية إضافة إلى عدد من الجرحى في حمص وآخرين في مدن الزبداني والكسوة إصابات بعضهم خطرة. وأضاف المرصد «اعتقل أكثر من 150 شخصا في مختلف المدن السورية».
وكانت حصيلة سابقة أشارت إلى سقوط سبعة قتلى، الاثنين، في سوريا من بينهم أربعة قتلى في حماه الواقعة على بعد 210 كلم شمال من دمشق، وشخصين بينهما طفل في الثالثة عشرة في البوكمال قرب الحدود العراقية حيث اعتقلت قوات الأمن 17 شخصا. كما قتل شخص آخر في المعضمية حيث أصيب خمسة أشخاص بجروح.
 
           
 
روسيا تبدي استعدادها لدعم قرار دولي يدين النظام السوري.. شرط ألا يتكرر سيناريو ليبيا
دمشق تلجأ للهند طلبا للدعم.. وواشنطن وباريس تؤكدان استبعاد الحل العسكري في سوريا
لندن: «الشرق الأوسط»
أبدت روسيا أمس استعدادها للتصويت إيجابا على قرار أو بيان يدين أعمال العنف الذي تمارسه قوات الأمن السورية ضد المواطنين، بعد شهرين من تخلي مجموعة الدول الأوروبية في مجلس الأمن عن طرح مسودة قرار يدين النظام السوري، للتصويت بسبب تهديد روسيا بشكل أساسي والصين باستعمال حق النقض.
وفي وقت أكدت فيه واشنطن وباريس على أن الخيار العسكري ليس مطروحا في سوريا، لمح مسؤولان روسيان أمس إلى ليونة في الموقف الروسي، رغم اشتراط ألا يتضمن القرار أي عقوبات أو عمليات عسكرية تجاه سوريا، مما يلمح إلى إمكانية أن يتبنى مجلس الأمن بيانا بسيطا غير ملزم، عوضا عن قرار ضد سوريا.
ونقلت وسائل إعلام روسية أمس عن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين في نيويورك قوله: «سنكون مرنين إذا كان ذلك عبارة عن وثيقة تفيد الشعب السوري». وقال تشوركين، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء «ريا نوفوستي» إن روسيا ستؤيد رد فعل لمجلس الأمن الدولي على أحداث سوريا «يفيد شعب سوريا ولا يكرر سيناريو ليبيا». وأضاف «سنكون مرنين» أثناء التصويت على «نص نراه مفيدا لشعب سوريا، ولكننا نعارض بقوة أن يتكرر سيناريو ليبيا».
وأشار إلى أن أعضاء المجلس يستمرون في مناقشة الشأن السوري، ومن المتوقع أن تسفر المناقشات عن إصدار وثيقة ما لا تكون قرارا بالضرورة. وأشار إلى أنه إذا اكتفى المجلس بتبني بيان لرئيسه فسوف تجد روسيا ذلك رد فعل مرضيا على أحداث سوريا. وأكد أن الأكثر أهمية هو وقف العنف وبدء الحوار السياسي. وعقد مجلس الأمن الدولي مساء الاثنين مشاورات حول القمع في سوريا سعى خلالها الأميركيون والأوروبيون إلى إقناع الدول المترددة في إصدار قرار يدين النظام السوري، بعد يوم على بدء النظام عملية عسكرية على مدينة حماه أسفرت عن مقتل نحو 100 شخص.
وأبلغ تشوريكين الصحافيين أن روسيا تواصل الاتصالات مع القيادة السورية، داعية إلى ضرورة وقف العنف والإسراع بإجراء تغييرات سياسية، مشيرا إلى أن تنفيذ الإصلاحات أمر صعب جدا عندما «تلجأ المعارضة إلى العنف».. لهذا «يجب وقف العنف والعودة إلى طاولة المحادثات»، وهو ما يمكن أن تساعد الأمم المتحدة فيه.
من جهته، قال رئيس قسم شؤون الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا في الخارجية الروسية سيرغي فيرشينين، إن روسيا لا تعارض «بشكل قاطع» تبني قرار دولي حول سوريا، وقال: «نحن لسنا ضد أي شيء بشكل قاطع. إذا كان هناك عناصر غير متوازنة أو عقوبات أو ضغوط، أعتقد أن هذا النوع من الضغوط سيئ لأننا نريد هدرا للدماء أقل، وديمقراطية أكثر».
إلا أن النظام السوري لجأ أمس إلى الهند التي تحظى بمقعد في مجلس الأمن وتولت الرئاسة الدورية للمجلس، لمساعدتها على تجنب إدانة لقمع المعارضة، وطلبت دمشق من نيودلهي عدم تصديق «الدعاية الإعلامية» الغربية. وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد في مقابلة مع قناة «نيوز إكس» خلال زيارة للهند تستمر ثلاثة أيام، «إنني هنا لأحذر القادة الهنود من التضليل الإعلامي والفبركة وآليات الدعاية الإعلامية غير الواقعية ضد سوريا». وأضاف أن «بعض الدوائر الغربية والأميركية تريد مفاقمة الوضع في سوريا عبر دعم مجموعات إرهابية ضد إرادة الغالبية الساحقة للشعب السوري».
وفي مقابلة منفصلة مع شبكة «سي إن ان - آي بي إن» الاثنين، قال مقداد إن سوريا تنتظر من الهند «ألا تسمح للدول الغربية باستخدام الأمم المتحدة منتدى لدعم الإرهاب ولدعم التطرف ولدعم موت أبرياء». وعبر وزير الخارجية الهندي في بيان مساء الاثنين عن «قلقه» من تصاعد العنف في سوريا.
وتتخوف الدول الأوروبية من أن تعرقل بلدان أخرى، إضافة إلى روسيا والصين (اللتين تتمتعان بحق الفيتو) والهند، قرارا يدين النظام السوري، مثل لبنان والبرازيل وجنوب أفريقيا. إلا أن جنوب أفريقيا عبرت أمس عن قلقها من ارتفاع عدد القتلى المدنيين، ودعت سوريا أمس إلى فتح تحقيق نزيه وغير منحاز حول القمع الدموي للمتظاهرين ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
وقالت وزارة الخارجية في جنوب أفريقيا في بيان «ندعو السلطات السورية إلى احترام تعهداتها الدولية في مجال حقوق الإنسان والقانون الإنساني وإلى فتح تحقيق نزيه وغير منحاز حول أعمال العنف في سوريا». وأضافت الوزارة أن «جنوب أفريقيا تعرب عن قلقها من العدد الكبير من القتلى الذين سقطوا في أعمال العنف في سوريا في اليومين الماضيين. نأسف لكل روح تزهق ونبقى قلقين للعواقب الإنسانية المحتملة عن أعمال العنف». وتعتبر جنوب أفريقيا أن الحل الوحيد للخروج من المأزق الحالي هو أن يتوصل السوريون إلى تسوية سياسية «تأخذ في الاعتبار التطلعات المشروعة للشعب والسماح بممارسة الحريات الأساسية منها حرية التعبير والتجمع السلمي».
من جهته، دعا رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأميرال مايكل مولن في بغداد أمس الرئيس السوري إلى «اتخاذ خطوات» تتلاءم مع متطلبات الشعب السوري، مؤكدا أنه ليس هناك من «مؤشر» على إمكانية حدوث تدخل عسكري أميركي. وقال مولن في مؤتمر صحافي عقده في اليوم الثاني والأخير من زيارته إلى العراق «نود أن يتوقف العنف وأن يتخذ الرئيس الأسد خطوات لحل المسائل التي ينادي بها الشعب السوري وتلك التي تدعو إلى تغيير ملموس». وأضاف «ليس هناك من مؤشر على كل حال بأننا قد نشارك بشكل مباشر» في تدخل عسكري في سوريا. وأوضح مولن «أعتقد أننا نريد أن نأتي بكل الضغوط الممكنة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي لتحقيق التغيير الذي تطالب به دول عدة». وقال مولن إن «الشعب السوري يريد حكومة وحكما جديدين وإصلاحيين (...) نأمل أن تبدأ هذه التغييرات».
كذلك، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن مواقف الأسرة الدولية حيال القمع في سوريا لا تشمل «أي خيار طبيعته عسكرية»، مشيرة إلى أن الوضع في ليبيا مختلف. وقالت مساعدة الناطق باسم الخارجية الفرنسية كريستين فاج في لقاء مع صحافيين، إن «الوضعين في ليبيا وسوريا لا يتشابهان» و«ليس هناك أي خيار عسكري مطروح» ضد دمشق. إلا أن فاج التي كان ترد على سؤال عما إذا كان السيناريو الليبي سيتكرر في سوريا، لم توضح نقاط الاختلاف بين الوضعين. وقالت «نواصل العمل مع شركائنا في نيويورك».
 
          
 
أوباما يجتمع بفورد.. وكلينتون تلتقي معارضين سوريين للمرة الأولى
رضوان زيادة: المعارضة السورية ترغب في أن يطالب الرئيس الأميركي الأسد بالتنحي
لندن: «الشرق الأوسط»
اجتمع الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، بسفيره إلى دمشق روبرت فورد، في وقت التقت فيه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وفدا من المعارضة السورية في واشنطن للمرة الأولى، وطالب المعارضون خلال اللقاء بأن يدعو أوباما الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي.
وجاء في بيان صادر عن البيت الأبيض، أمس، أن أوباما أجرى مشاورات مع فورد الذي وصل إلى واشنطن لعقد لقاءات مع مجلس الشيوخ ومسؤولين في الإدارة الأميركية. وأضاف البيان أن الرئيس «شكر السفير فورد على خدمته الممتازة للشعب الأميركي في وقت صعب جدا في سوريا». وأكد البيان أن أوباما «كرر إدانته القوية لاستعمال النظام السوري العنف المشين ضد شعبه، وجدد دعم الولايات المتحدة للشعب السوري الشجاع ولمطالبهم بالحصول على حقوقهم وانتقال ديمقراطي (للسلطة)».
من جهة أخرى، قال المعارض السوري رضوان زيادة في نهاية اللقاء مع كلينتون، إن المعارضة السورية ترغب في أن «يخاطب أوباما الشعب السوري وبأن يطالب الرئيس الأسد بالتنحي على الفور»، كما دعا الأمم المتحدة إلى فرض مزيد من العقوبات على النظام السوري. وبحسب وزارة الخارجية الأميركية فإنها المرة الأولى التي تستقبل فيها كلينتون معارضين سوريين. وأضاف زيادة «نحن بحاجة أيضا لأن تعمل الولايات المتحدة على تمكين مجلس الأمن من فرض عقوبات جديدة، ولأن تقوم المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في سوريا».
وقال الناشط السوري المعارض محمد العبد الله في ختام اللقاء مع كلينتون الذي استغرق أكثر من ساعة، إن دعوة الرئيس الأميركي الأسد إلى التنحي عن السلطة ستعطي زخما للمتظاهرين السوريين في الشارع.
إلى ذلك، حذرت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي السلطات السورية أمس، من أن «العالم يراقب ما يجري في سوريا»، معربة عن «القلق الشديد» إزاء أعمال العنف التي سجلت في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية. وقالت بيلاي في بيان «لقد حاولت الحكومة التعمية على الوضع المقلق في البلاد عبر رفض إدخال الصحافيين الأجانب والمنظمات المستقلة المدافعة عن حقوق الإنسان وبعثة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان». وأضافت في إشارة إلى السلطات السورية «إلا أنهم لن ينجحوا في ذلك».
وتابعت أن «العالم يراقب والمجتمع الدولي قلق جدا»، معربة عن تضامنها مع المتظاهرين. كما كررت بيلاي إدانتها الحازمة للعنف الذي تستخدمه الحكومة ضد شعبها.
 
إيطاليا تستدعي سفيرها من دمشق للتشاور والاتحاد الأوروبي يبقي سفيره «لمراقبة ما يحدث»
وزير ألماني يدعو الدول العربية لفرض عقوبات ضد نظام الأسد
بروكسل: عبد الله مصطفى لندن: «الشرق الأوسط»
أكد الاتحاد الأوروبي أن قرار سحب السفراء الأوروبيين من دمشق هو قرار يعود لكل دولة من الدول الأعضاء ولا تتدخل المؤسسات الاتحادية في هذا الصدد، وذلك بعد أن استدعت إيطاليا سفيرها من دمشق ودعت الدول الأوروبية الأخرى إلى اتخاذ خطوة مماثلة، في نداء لم يحصل على تجاوب من لندن وباريس والعواصم الأوروبية الأخرى.
وأعلنت الخارجية الإيطالية، في بيان أمس، أن روما استدعت سفيرها لدى سوريا للتشاور «إزاء القمع الفظيع للسكان المدنيين». وقال البيان: «إن «وزير الخارجية فرانكو فراتيني أصدر تعليمات إزاء القمع الفظيع للسكان المدنيين في سوريا باستدعاء سفيرنا في دمشق أكيلي أميريو للتشاور». وأضاف البيان أن «إيطاليا اقترحت استدعاء سفراء كل دول الاتحاد الأوروبي في دمشق». غير أن المتحدث باسم وزيرة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أكد أنه لن يتم استدعاء سفير الاتحاد في دمشق. وقال المتحدث مايكل مان: «إن سفيرنا سيبقى في دمشق لمراقبة ما يحدث على الأرض».
كما أوقفت إيطاليا برامج التعاون التي كانت سارية مع سوريا، بحسب وزيرة الدولة للشؤون الخارجية، ستيفانيا كراكسي، في كلمة أمام مجلس النواب. وأوضح الخبير في مؤسسة الشؤون الدولية في روما، ناتالينو رونزيتي، أنه بالنسبة إلى إيطاليا «هذا موقف اتُّخذ بغياب بديل للتدخل بطريقة أخرى». وتابع: «إن غياب المبادرات يعود إلى ضرورة الحصول على تفويض من الأمم المتحدة للتحرك ولا أحد يريد التدخل بهذه الطريقة».
من جهتها، أعلنت بلجيكا تخصيص مبالغ مالية لمساعدة النازحين السوريين الذين عبروا الحدود إلى شمال لبنان بحثا عن ظروف حياة أفضل وهربا من أحداث العنف. وخلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر المفوضية الأوروبية ببروكسل، أمس، أكد مايكل مان، المتحدث باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، أن الاتحاد سيبقي حاليا على رئيس بعثته العاملة في دمشق. وأضاف: «لقد سمعت الأنباء التي تناولت قرار روما استدعاء سفيرها من دمشق وهو ليس قرارا عاما، وإنما قرار يدخل في صلاحيات الدول الأعضاء، ونحن لا نتدخل في مثل هذه القرارات، أما عن وجود رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في دمشق فسيبقى يؤدي مهمته، ويتابع الوضع هناك».
وأشار مسؤولو الاتحاد الأوروبي إلى أن الوجود الدبلوماسي الأوروبي في دمشق «مهم»، من أجل متابعة الأوضاع وإيصال الرسائل والمواقف الأوروبية للمسؤولين هناك. ويفضل الاتحاد الأوروبي، حسب مصادره، الاستمرار في سياسته الحالية الرامية إلى تشديد الضغوط السياسية والاقتصادية على النظام السوري، عبر العقوبات ودعم العمل الجاري في مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يدين تصرفات السلطات السورية.
كان الاتحاد الأوروبي قد أصدر سلسلة عقوبات، كان آخرها الاثنين، نصت على تجميد أرصدة الكثير من الشخصيات الأمنية والسياسية السورية، وكذلك منع هؤلاء من الدخول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي. كما طالت حزمة العقوبات الرابعة 5 شخصيات أمنية وعسكرية سورية يتم منعها من السفر إلى أوروبا وتجميد أموالها، وهم: وزير الدفاع علي حبيب محمود، والمسؤولون العسكريون والأمنيون محمد مفلح، توفيق يونس، محمد مخلوف وأيمن جابر، ومن بين هؤلاء من يرتبط بصلة قرابة بالرئيس السوري بشار الأسد.
في الإطار نفسه، قالت الخارجية البلجيكية في بروكسل: إن الأسابيع الأخيرة شهدت نزوحا لما يقرب من 2500 شخص من سوريا إلى شمال لبنان هربا من الأحداث التي تشهدها الأراضي السورية حاليا، وإنه في إطار العمل على تقديم مساعدات لهؤلاء، قررت الحكومة البلجيكية تخصيص مبالغ مالية تصرف إلى كل من الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهي منظمات تقدم جهودا كبيرة من أجل ضمان المساعدات الطبية والدوائية ونقل المصابين.
وأضاف بيان للخارجية البلجيكية أن الأشخاص الذين هربوا من سوريا إلى شمال لبنان معظمهم من النساء والأطفال، والبعض منهم لجأ إلى عائلات لبنانية، والبعض الآخر جرت استضافته بإحدى المدارس في تل بير. ونقل البيان عن وزير الدولة البلجيكي أوليفيير شاستيل، المكلف بتنمية التعاون المشترك والمساعدات الإنسانية، قوله: «لا يمكن السكوت على معاناة هؤلاء الأشخاص الذين هربوا من بلادهم بحثا عن وضعية وظروف أفضل للحياة».
وفي برلين، تعالت أصوات تطالب الدول العربية بفرض عقوبات على النظام السوري، في وقت صدرت أيضا تحذيرات من اعتماد الحل العسكري في سوريا. وقال وزير الدولة في الخارجية الألمانية، فيرنر هوير، في تصريحات أمس للقناة الأولى في التلفزيون الألماني (إيه آر دي): «إنني أحذر من الزج بفكرة العملية العسكرية في مقدمة الاقتراحات». وذكر هوير أن الأزمة في سوريا تنطوي على مخاطر توسع النزاع، وأضاف: «لذلك ينبغي أن نكون حذرين جدا جدا». وقال هوير: إن المعارضة السورية أيضا طلبت عدم التحدث عن إجراءات عسكرية حتى لا ينشأ انطباع بأن المقاومة موجهة من الخارج.
من جانبه، طالب وزير التنمية الألماني ديرك نيبل بفرض عقوبات على النظام السوري بسبب ممارساته الوحشية ضد المتظاهرين. وقال نيبل، أمس، في مدينة زاربروكن، شرق ألمانيا: إنه ينبغي أن ينضم أكبر عدد ممكن من الدول لهذا الإجراء. وأضاف: «من المهم جدا بكل تأكيد أن يشارك في فرض العقوبات الدول العربية لتحجيم الديكتاتور (بشار الأسد)». وأكد الوزير الألماني أن «التصدي الوحشي من جانب الأسد ضد شعبه الذي يطالب بحقوقه المدنية الطبيعية غير مقبول»، مشيرا إلى أن بلاده أنهت تعاونها التنموي مع سوريا.
في سياق متصل، طالب حزب الخضر الألماني المعارض بمثول الرئيس السوري بشار الأسد أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظامه ضد شعبه. وقالت رئيسة الحزب كلاوديا روت، في برلين أمس: «حان الوقت لأن تتدخل المحكمة الجنائية الدولية لتقديم الأسد وغيره من المسؤولين للمحاكمة».
وأضافت: «المذبحة التي ينفذها النظام السوري ضد شعبه وحشية وإجرامية». وطالبت روت الأسد بوقف العنف ضد شعبه فورا والبدء في تسليم منظم للسلطة. ودعت روت مجلس الأمن إلى إدانة الجرائم الوحشية التي ترتكبها الحكومة السورية.
 
           
 
النائب اللبناني الضاهر ينفي اتهامه بتهريب السلاح في سيارة نيابية إلى تلكلخ
قال لـ«الشرق الأوسط»: إنها ادعاءات مخابراتية مختلقة لتبرير قتل المتظاهرين
بيروت: نذير رضا
نفى عضو كتلة المستقبل النيابية النائب خالد الضاهر الاتهامات التي وجهها ضده الأمين القطري لحزب البعث في لبنان فايز شكر، حول «تهريب سلاح إلى سوريا بسيارات نيابية»، واعتبر الضاهر الاتهام «إهانة للقوى الأمنية اللبنانية الموكلة مراقبة الحدود». وشدد الضاهر، في اتصال مع «الشرق الأوسط» على أن ما قيل «هو كذب وافتراء، ولا يكترث أحد في لبنان لتلك الادعاءات المخابراتية التي ثبت أنها مختلقة ولا تنطلي على أحد»، كاشفا أن «الأسلحة الموجودة في حمص وحماه وزعها النظام على عناصره البعثيين». وكان شكر قد اتهم الضاهر وشقيقه ربيع بإدخال السلاح إلى بلدة تلكلخ الحدودية، في سيارة نيابية «مدججة بالسلاح»، وتعبر يوميا إلى الجانب السوري من الحدود، مشيرا إلى «إثباتات موثقة وهي بعهدة الأجهزة الأمنية» اللبنانية، حول هذه القضية. ورد الضاهر على تلك الاتهامات، معتبرا أنها «دليل إفلاس»، مشيرا إلى أن «ما صدر عن شكر هو كلام مخبرين وكذابين يمارسون الأضاليل لنقل ما يجري في الداخل السوري إلى خارج الحدود». وإذ أكد أن «لا أدلة لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية ولا الأجهزة الأمنية السورية على تهريب الأسلحة من لبنان»، اعتبر أن ما قاله «صبي من صبيان المخابرات السورية في لبنان»، يأتي ضمن سياق «الكذب الذي ينتهجه النظام السوري وأتباعه في لبنان لتبرير أعمال القتل والاعتقالات التي تجري بحق الشعب السوري».
واعتبر أن «الحديث عن مسلحين عبروا إلى الجانب السوري هو إهانة للأمن اللبناني وللشعب السوري الثائر»، مؤكدا أن «الثورة لا تحتاج إلى عناصر لبنانية، ولا إلى دعمي ودعم غيري لأن المنتفضين يعطون دروسا بالشجاعة والكرامة لكل العالم»، لافتا إلى أن «الأسلحة الموجودة في حمص وحماه هي تلك التي وزعها النظام على البعثيين قبل فترة وجيزة، وليست أسلحة من خارج الحدود». وحول الاتهامات التي وجهت إلى لبنانيين في منطقة وادي خالد يطلقون النار باتجاه القرى الحدودية السورية، بتغطية سياسية من نواب المنطقة، قال الضاهر «إن المنطقة التي تتعرض لإطلاق النار هي منطقتنا، ولا أحد يطلق النار باتجاه الجانب السوري»، مشيرا إلى أن المنطقة «تعرضت قبل يومين إلى إطلاق نار أدى إلى جرح امرأة لبنانية وإصابة خزان مياه بلدة حنيدر الشمالية بقذيفة». وأضاف: «طالبنا مرارا الجيش اللبناني بالتدخل لمنع تلك الاعتداءات السورية على قرانا، ويقوم الجيش اللبناني بواجبه لجهة الحفاظ على النظام في الجانب اللبناني من الحدود». وأرجع الضاهر الحملة عليه إلى مواقفه الداعمة للشعب السوري التي «كنت السباق في إعلانها على الملأ»، معتبرا أن «تأييدي للشعب السوري البطل، وحديثي عن ضرورة أن ينال الشعب كرامته وحريته وأن يخرج من آخر الأنظمة الشمولية في العالم، أحرج النظام الديكتاتوري وأزلامه في لبنان»، مؤكدا أن «لا حرج في إعلان مواقفي». وقال: «لن نقف مكتوفي الأيدي أمام موت السوريين الأبرياء، حيث سنقدم كل الدعم المعنوي والسياسي، وسنقف إلى جانبهم، وسنساعد النازحين ونوفر لهم كل ما يحتاجونه».
 
للمرة الألف .. من يحكم سوريا؟
طارق الحميد
جريدة الشرق الاوسط
سؤال يتكرر: من يحكم سوريا: الرئيس أم أخوه، أم الحرس القديم؟ الجميع يتساءل، هناك من يتساءل مشككا، وهناك من هو متعجب، ومن باب، هل يعقل أن يفعل رئيس شاب متعلم ما يفعله الأسد اليوم بشعبه حيث تسقط القذائف على حماه كل عشر دقائق؟
الحقيقة أنه لم يعد هناك أهمية لهذا السؤال الذي نجح نظام بشار الأسد في استغلاله أيما استغلال للمناورة، والابتزاز. وعندما نقول أن لا قيمة لهذا السؤال، فلسبب بسيط ومهم؛ وهو أن السوريين المنتفضين أنفسهم قد تجاوزوا هذه المرحلة وباتوا يرددون: «الشعب يريد إسقاط النظام».. النظام كله وليس الأسد وحسب، وإذا أردنا الاستعانة بالشعارات السورية المستخدمة فهم يرددون: «ما بنحبك ما بنحبك.. ارحل عنا انت وحزبك». لذا، فلا قيمة اليوم للتساؤل حول من الذي يحكم سوريا فعليا!
لكن، ما دام هناك إلحاح على طرح هذا السؤال، فإن الإجابة هي أن كل الوقائع تقول إن من يحكم سوريا فعليا هو الرئيس نفسه، فأي متابع للشأن السوري منذ وصول الأسد للسلطة سيجد أن أخطاء النظام، داخليا وخارجيا، تسير في نسق واحد! خارجيا، تفجرت أخطاء النظام وتوالت منذ الخطأ القاتل وهو التمديد للرئيس اللبناني السابق إميل لحود، وما تبعه من أحداث كبيرة منها اغتيال الراحل رفيق الحريري. والأمر نفسه في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين، وكذلك العلاقة مع إيران، حيث ارتمى النظام في أحضان طهران، وعلى حساب علاقاته مع جل الدول العربية المؤثرة، ورغم شعارات العروبة التي ما فتئ النظام يرددها. ويكفي تأمل الجهد التخريبي المستمر الذي بذله نظام الأسد لإفساد المبادرة العربية للسلام التي طرحها الملك عبد الله بن عبد العزيز، وإفراغها من مضمونها، والغريب أن إسرائيل كانت تلتزم الصمت مطولا حيال المبادرة، حيث إن نظام دمشق قد أعفاها من عناء المواجهة السياسية حين تفرغ هو لإفشال المبادرة العربية!
واستمرار الأخطاء بنفس السياق كان حتى داخليا، ومنذ اعتلاء الأسد السلطة، حيث الوعود الإصلاحية من دون تنفيذ، وزج الناس في السجون، حتى اندلعت الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة. ورغم كل ذلك فلا يزال النظام يرتكب نفس أخطائه، حيث يقدم وعودا بلا تنفيذ، وإذا نفذ قام بتفريغها من مضمونها، على نفس نهج المناورة والابتزاز الذي لم يتغير منذ عشرة أعوام! ولأن السوريين أدرى ببلادهم ونظامهم، فكم كانت لافتة وذكية، اللافتة التي رفعها أهل حمص مكتوبا عليها: «رسالة للأسد: ستخرج قواتك من حمص والمدن السورية كما خرجت من لبنان»! فهذا يعني أن السوريين مقتنعون اليوم بأن مرتكب الأخطاء هو نفسه، ومثلما ارتكب الخطأ القاتل في لبنان وانسحب بشكل مذل من هناك، فإنه يرتكب اليوم خطأ قاتلا أيضا في سوريا. لذا ذكره أهل حمص بأن انسحاب قواته من المدن السورية سيكون مثل الانسحاب من لبنان.
عليه، يجب ألا ننشغل مطولا بالسؤال «اللعبة»: «من يحكم سوريا؟». فالحقائق واضحة، وأكثر من يعرفها هم السوريون الذين رددوا: «ما بنحبك ما بنحبك.. ارحل عنا انت وحزبك».

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,223,893

عدد الزوار: 7,019,907

المتواجدون الآن: 84