مجلس الأمن يدين القمع ضد المدنيين في بيان رئاسي.. ولبنان ينأى بنفسه

حماه تحت القصف والجيش يضرب المستشفيات ويتقدم لوسط المدينة.. ومئات الدبابات تحاصر دير الزور

تاريخ الإضافة الجمعة 5 آب 2011 - 6:15 ص    عدد الزيارات 2752    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

مجلس الأمن يدين القمع ضد المدنيين في بيان رئاسي.. ولبنان ينأى بنفسه
دعا إلى الوقف الفوري لكل أعمال العنف وعبر عن أسفه العميق لمقتل مئات المدنيين
لندن: «الشرق الأوسط»
أدان مجلس الأمن الدولي في بيان رئاسي أمس استخدام العنف ضد المدنيين في سوريا، بعد ثلاثة أيام من المشاورات المتواصلة. وقالت مندوبة لبنان لدى مجلس الأمن فور تلاوة البيان الرئاسي الذي يدين سوريا، إن لبنان قرر أن ينأى بنفسه عن هذا البيان لأنه «لن يساهم في تغيير الأوضاع بسوريا».
وتمكن أعضاء مجلس الأمن أمس من الاتفاق على نص «يدين» القمع الذي يقوم به نظام بشار الأسد في سوريا ضد المتظاهرين، صدر على شكل بيان رئاسي، وجاء فيه أن الدول الأعضاء في المجلس «تدين الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السورية».
وأرسل نص البيان إلى حكومات الدول الـ15 للموافقة عليه قبل عرضه على التصويت. وطلب لبنان مهلة إضافية لمناقشة البيان قبل إعطاء موافقته عليه. وهذه المرة الأولى التي يصدر فيها مجلس الأمن موقفا من الاحتجاجات الواسعة ضد نظام الأسد.
وأعربت الدول الـ15 في بيانها عن «قلقها الشديد إزاء الوضع المتدهور في سوريا، وعن أسفها العميق لمقتل المئات من الناس، ودعت إلى الوقف الفوري لكل أعمال العنف، كما دعت جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن الأعمال الانتقامية بما في ذلك شن هجمات على المؤسسات الحكومية».
ودعت السلطات السورية «إلى الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي، ومحاسبة المسؤولين عن العنف». وإذا كانت هذه الدول «تأخذ علما بالالتزامات التي أعلنتها السلطات السورية بالإصلاح»، فإنها في المقابل «تأسف لعدم حدوث تقدم في تنفيذها وتدعو الحكومة السورية إلى الوفاء بالتزاماتها»، كما أنها «تعيد تأكيد التزامها القوي بسيادة واستقلال ووحدة أراضي سوريا، وتؤكد على أن الحل الوحيد للأزمة الحالية في سوريا هو من خلال عملية سياسية شاملة يقودها السوريون بهدف تلبية التطلعات المشروعة للشعب بطريقة فعالة تتيح الممارسة الكاملة للحريات الأساسية للشعب بأكمله بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي».
كما دعا البيان السلطات السورية إلى «السماح بدخول المنظمات الإنسانية الدولية والعاملين فيها بسرعة إلى سوريا ودون أية عوائق والتعاون الكامل مع مكتب المفوض الأعلى لحقوق الإنسان».
وأخيرا طلبت الدول الـ15 من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «إطلاع مجلس الأمن على الوضع في سوريا خلال سبعة أيام».
وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال قدمت مشروع قرار إلى مجلس الأمن ووجه برفض من روسيا والصين اللتين تملكان حق النقض. إلا أن تدهور الأوضاع في سوريا وسقوط نحو 140 قتيلا الأحد الماضي وحده، دفع المترددين إلى اتخاذ موقف ولو على شكل بيان بدلا من قرار. ويبدو أن تعديلات أجريت على النص الذي تم التداول فيه الثلاثاء مما دفع روسيا إلى التوقف عن التهديد باستخدام حق النقض. وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن النسخة الجديدة «متوازنة».
وقبل الأحداث الدامية التي وقعت الأحد الماضي، خصوصا في حماه، كانت روسيا والصين ودول أخرى مثل البرازيل وجنوب أفريقيا تعارض إصدار موقف من الأحداث في سوريا متخوفة من أن يفتح هذا الأمر الباب أمام تدخل عسكري في سوريا كما حدث في ليبيا. في المقابل، كانت الدول الأوروبية صاحبة مشروع القرار والولايات المتحدة تؤكد أن لا نية لديها على الإطلاق للتدخل عسكريا في سوريا.
ويبدو أن أحداث حماة الأخيرة والمعلومات حول محاصرة الدبابات لهذه المدينة ومدن أخرى دفعت الدول المترددة إلى الموافقة أخيرا على هذا البيان. وجرى نقاش حول طريقة إخراج هذا النص فعارضت روسيا والصين إصداره على شكل قرار، لذلك تم الاتفاق على أن يكون على شكل بيان.
 
البيت الأبيض: سوريا ستكون أفضل من دون الأسد.. والشعب السوري سيحدد مستقبل بلاده
كلينتون تبحث مع المعارضة السورية في «المرحلة الانتقالية» وتحضها على «توحيد جهودها»
واشنطن: مينا العريبي بيروت: ثائر عباس
شدد البيت الأبيض، أمس، من موقفه ضد الرئيس السوري، بشار الأسد، ونظامه، معتبرا أن سوريا ستكون في حال أفضل من دون الرئيس السوري. وقال الناطق باسم البيت الأبيض، جاي كارني، أمس، إن «سوريا ستكون مكانا أفضل من دون الرئيس السوري»، مضيفا: «نحن نراه مصدر عدم استقرار في سوريا».
وعلى الرغم من أن البيت الأبيض امتنع حتى الآن عن تكرار عبارة «عليه أن يرحل»، مثلما فعلت مع الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، والعقيد الليبي، معمر القذافي، فإن تصريحات كارني الجديدة تعتبر الأشد.
وردا على سؤال حول التعامل الأميركي مع التطورات في سوريا، خلال مؤتمر صحافي، أمس، قال كارني: «نحن ننظر إلى طرق لزيادة الضغوط»، على النظام السوري.
واعتبر أن «الوحشية الشنيعة ضد الشعب، التي تظهر في الصور التي تخرج من سوريا تظهر طبيعة هذا النظام مجددا». وأضاف أن «تصرفات الرئيس السوري ونظامه تضمن بأنه سيُترك في الماضي، بينما الشعب السوري الشجاع سيحدد مستقبل سوريا».من ناحية أخرى أكدت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أن الولايات المتحدة تدعم طموحات الشعب السوري الساعي إلى «الانتقال إلى الديمقراطية»، مكررة موقفها العلني بأن ليس لدى الولايات المتحدة مصلحة في بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وقالت كلينتون في بيان صدر مساء أول من أمس، بعد لقائها مع عدد من الناشطين السوريين في الولايات المتحدة، إنها التقت بالمجموعة لـ«التعبير عن تعاطفنا الكبير مع جميع الضحايا السوريين من جراء انتهاك نظام الأسد لـ(حقوق) مواطنيه». وأضافت أن «الولايات المتحدة ستواصل دعمها للشعب السوري في جهودهم لبدء انتقال سلمي ومنتظم إلى الديمقراطية في سوريا وتحقيق طموحاتهم»، مؤكدة: «ليس لدينا أي شيء مستثمر في نظام عليه أن يقتل ويعتقل ويعذب شعبه كي يبقى في السلطة».
وحمل بيان كلينتون ملامح دعم واضحة للمعارضة السورية، حيث قالت إن «الناشطين أكدوا رؤية المعارضة الداخلية لخطة انتقال لسوريا شاملة والتعددية في سوريا جديدة ومتحدة مع حكومة تنصاع لسيادة القانون وتحترم كليا مساواة كل السوريين بغض النظر عن الطائفة أو العرق أو الجنس». وشددت كلينتون على أهمية تعاون الناشطين والمعارضين السوريين في الخارج مع الحركة الشعبية داخل سوريا من أجل «رؤية متحدة».
وبحثت كلينتون مع الوفد السوري، المؤلف من 6 معارضين هم: رضوان زيادة، المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، ومحمد العبد الله، ومرح البقاعي، بالإضافة إلى 3 شخصيات رفضوا ذكر أسمائهم لمخاوف أمنية، «المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام»، وتحدثت عن ضرورة قيام المعارضة بـ«توحيد جهودها»، معتبرة أن «تفرقها لا يساعدها كثيرا في الوصول إلى الهدف»، كما أثارت معهم «المخاوف من الخلافات الإثنية وتأثير ذلك على مستقبل سوريا».
ونقل المعارضون الذين التقوا كلينتون، عنها وعدها بدراسة «تطوير العقوبات على النظام السوري، بحيث تشله اقتصاديا وتمنعه من تمويل عمليات القتل»، وقالوا لـ«الشرق الأوسط» إن كلينتون أكدت أن واشنطن «تبحث جديا تمديد عقوباتها لتطال قطاع النفط السوري».
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» وصف رضوان زيادة اللقاء مع كلينتون بأنه كان «جيدا وجديا للغاية»، مشيرا إلى أن مدة اللقاء المقررة كانت 45 دقيقة، لكن كلينتون بقيت مع الوفد لأكثر من ساعة. وأوضح زيادة أن «الاهتمام البالغ الذي أولته الإدارة الأميركية للقاء يتبدى من خلال حجم المشاركة في اللقاء، بحيث كان هناك عدد كبير من مساعدي كلينتون معها خلال اللقاء».
وقال زيادة إن «كلينتون كانت مستمعة جيدة، وحرصت على متابعة أدق التفاصيل، وعلى أن تدون الملاحظات بنفسها».
وكشف أن وزيرة الخارجية الأميركية بحثت مع المعارضين في «المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام (السوري) ودور المعارضة في هذه المرحلة والجهود التي تقوم بها من أجل تجميع جهودها». كما أثارت كلينتون «العلاقة بين الإثنيات» في سوريا، فأكد لها الوفد أن المعارضة «عابرة للطوائف، وأن هناك قتلى مسيحيين وعلويين سقطوا على يد النظام، مما يثبت أن الأمر ليس طائفيا، وأن المجازر ترتكب بحق الشعب السوري بكل طوائفه».
من جهته، قال الناشط السوري المعارض محمد العبد الله، إن دعوة الرئيس الأميركي بشار الأسد إلى التنحي عن السلطة سيدفع عددا أكبر من المحتجين إلى النزول إلى الشارع. أما المعارضة مرح البقاعي فقالت إن الولايات المتحدة حثت المعارضة السورية على بلورة برنامجها بنفسها.
وجاء لقاء كلينتون في وقت تزداد التساؤلات الأميركية حول طبيعة المعارضة السورية وإمكانية ظهور حركة معارضة متحدة ومتلائمة مع المتطلبات الشعبية السورية. كما أن هناك خشية في الولايات المتحدة من ظهور جناح إسلامي سياسي يعارض المصالح الأميركية في المنطقة، وهي قضية يتم بحثها في واشنطن في ما يخص الحركات المعارضة العربية بشكل عام، وبخاصة في سوريا.
وهذه من بين القضايا التي يبحثها السفير الأميركي في دمشق، روبرت فورد، في واشنطن في زيارة عمل هذا الأسبوع. ووصل فورد يوم الأحد الماضي إلى واشنطن لإجراء مشاورات مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ووزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، بالإضافة إلى حضور جلسة الاستماع في الكونغرس، أول من أمس. ومن اللافت، أن خلال شهادته، لم يعتبر فورد أن الشعب السوري يريد إسقاط نظام الأسد، بل قال: «إنهم يطالبون ببساطة بأن تحترم الحكومة حقوق الإنسان البسيطة المحددة في ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي وقعته سوريا، يريدون أن تحترم حكومتهم حقوق التعبير والتجمع والحكم العادل والحرية من المخاوف والاحتياجات التي سببتها عقود من الفساد وعدم الكفاءة والوحشية».
وفي وقت أكد فورد أهمية عزل نظام الأسد، طرح 3 سيناتورات أميركيين مشروع قرار لعقوبات جديدة ضد سوريا تطالب الرئيس الأميركي بإصدار قرار يمنع سوريا من التواصل مع النظام المالي الأميركية، بالإضافة إلى منع الشركات الأميركية من الاستثمار في قطاع سوريا النفطي أو قيام أي أعمال تجارية مع قطاع النفط. وقدم السيناتور المستقل جوزيف ليبرمان، والسيناتور الجمهوري مارك كيرك، والسيناتورة الديمقراطية كريستين غيليبراند، مشروع القرار، أول من أمس، ولكن عبر فورد عن معارضته لمثل هذه العقوبات الواسعة النطاق على الاقتصاد السوري، مذكرا في جلسة الاستماع بأن الشركات الأوروبية هي الأكثر تأثيرا في قطاع النفط والغاز السوري. ويذكر أن الشركات الأجنبية في سوريا المستثمرة في قطاع النفط مثل «توتال» و«شيل» هي شركات أوروبية. وقال فورد إن عقوبات أميركية أحادية الجانب «من المرجح أنه لن تكون لديها تأثير كبير.. الشركات الكبرى في قطاع الطاقة السورية هي من أوروبا أو من دول جوار سوريا». وعلى الرغم من تصريح فورد، فإن الإدارة الأميركية تنظر في عقوبات جديدة ضد النظام السوري من المتوقع أن تصدر خلال الأيام المقبلة.
 
واشنطن تسعى لزيادة الضغوط على دمشق.. لكن الخيارات لا تزال محدودة
النزاع في ليبيا أثر على طريقة معالجة الإدارة الأميركية لأزمة سوريا
واشنطن: ستيف لي ماير ونيل ماكفاركوهار*
تواجه إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، دعوات مكثفة لتشديد العقوبات ضد سوريا على خلفية الأعمال القمعية الدموية التي تشنها قواتها الأمنية ضد المتظاهرين، لكن مسؤولين في الإدارة أشاروا إلى أن وجود دعم دولي موسع لا يزيد حجم الخيارات أمام الولايات المتحدة لزيادة الضغوط على حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد.
وكان عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي قد تقدموا بتشريع يفرض عقوبات اقتصادية مشددة ضد سوريا غير العقوبات المفروضة بالفعل ضد الأسد وعدد من كبار مساعديه.
في الوقت ذاته، سحبت إيطاليا سفيرها في دمشق، وطالبت الدول الأخرى بسحب سفرائها، مكررة مطالبات الجمهوريين للرئيس باراك أوباما بالقيام بالأمر ذاته.
وفي نيويورك، التقى مجلس الأمن مرة جديدة، أمس، لبحث الانتهاكات التي تمارسها القوات الأمنية السورية ضد المتظاهرين، كما انتقد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، النظام السوري بانتقادات حادة قائلا إن بشار الأسد «فقد أي إحساس بالإنسانية».
وفي واشنطن، تعهد مسؤولو الإدارة باتخاذ تدابير أشد قسوة، لكنهم تراجعوا عن إعلان أي عقوبات جديدة، مدركين صعوبة التحدي السياسي والدبلوماسي لاستمرار أعمال القمع في سوريا بالنسبة للرئيس أوباما.
وصرح مسؤولون بأن الإدارة تخطط لتوسيع نطاق العقوبات الأولى المفروضة في مايو (أيار)، لكن العملية القضائية للقيام بذلك لم تكن بنفس سرعة تزايد وتيرة العنف ضد المتظاهرين، التي كان من بينها الهجمات الوحشية التي بدأت يوم الأحد في حماه والمدن السورية الأخرى.
وقد سقط جراء هذه الأحداث حتى الآن ما يزيد على 1500 شخص منذ مارس (آذار) الماضي، بحسب الأمم المتحدة التي نقلت الأرقام عن تقارير لمنظمات حقوق الإنسان.
من ناحية أخرى، قدم روبرت فورد، السفير الأميركي في دمشق، شهادته أمام مجلس الشيوخ، يوم أول من أمس، مشيرا إلى أن العقوبات ضد المسؤولين السوريين بدأت تحدث تأثيرها. وكشف أيضا عن أن الإدارة كانت تناقش فرض عقوبات إضافية مع الأوروبيين، التي ستكون ذات تأثير مباشر، غير تلك التي فرضتها الولايات المتحدة، والتي تحظر على الأميركيين إقامة علاقات تجارية مع سوريا.
وأضاف فورد: «التحرك الأحادي والتدابير الأميركية الإضافية لن يكون لها تأثير كبير»، وشدد على وضوح الإدارة الأميركية وعدم وضوح الهدف المعلن للحكومة السورية، مشيرا إلى أن أي عقوبات تأديبية يجب أن تنفذ بصورة لا تدمر الاقتصاد في فترة ما بعد الأسد.
وبعد اليأس من أن يتنبه الأسد للاحتجاجات التي عمت العالم العربي العام الحالي، كان أوباما يشدد من انتقاداته بصورة ثابتة، ولم يكن يرى سوى استخدام القوات الأمنية المزيد والمزيد من القوة المفرطة.
على الصعيد الدبلوماسي، ركزت الإدارة الأميركية جهودها على تعزيز الإدانة الدولية لحكومة الأسد، بالضغط على الدول الأعضاء في مجلس الأمن للتوصل إلى قرار أولي تقدمت به بريطانيا في مايو (أيار) لكنه لقي معارضة من جانب روسيا والدول الأخرى التي أغضبتها حملة الناتو العسكرية ضد ليبيا.
وقال مسؤول بارز في الإدارة إنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يسارع في اتخاذ قرار بشأن القضية السورية بسرعة أكبر مما قام به تجاه ليبيا.
وقد أثر النزاع في ليبيا على طريقة معالجة الإدارة الأميركية لأزمة سوريا في نواح عدة، وهو ما يؤكد على محدودية التأثير السياسي والقوة العسكرية في الدولتين.
فعلى الرغم من دعوة أوباما الواضحة بتنحي معمر القذافي، والغارات الجوية المدعومة من الولايات المتحدة لدعم الثوار الليبيين، فإنها فشلت حتى الوقت الراهن في إقصائه.
ويقول مسؤولو الإدارة إن الولايات المتحدة لا تملك نفوذا كبيرا في القضية السورية، نظرا لاستثناء الحل العسكري، وأن سوريا لا تزال تحظى بدعم من بعض الدول في الجامعة العربية والدول الأخرى.
وكانت هناك مؤشرات، أول من أمس، على أن الهجمات التي وقعت يوم الأحد قد عمقت من عزلة سوريا الدبلوماسية، فروسيا الحليف المهم لسوريا، أشارت إلى دعم جديد لبعض تحركات مجلس الأمن، على الرغم من أنها لم تحدد مدى هذه الموافقة.
وقال سيرغي فيرشينين، رئيس إدارة في وزارة الخارجية الروسية في موسكو: «نحن لا نرفض بشكل قاطع كل شيء، لكننا نقف بشكل قاطع ضد كل ما يعرقل التوصل إلى تسوية سلمية». كان هناك أعضاء آخرون في مجلس الأمن يرفضون أي تحرك، مثل البرازيل وجنوب أفريقيا والهند، الذين قالوا إنهم سيؤيدون إدانة العنف. لكن لم يتضح ما إذا كان المجلس سيتبنى قرارا أو سيصدر بيانا ضعيف اللهجة مع توقف المفاوضات حول عدد من القضايا. فالدول الغربية كانت مصرة على أن العنف ضد المدنيين لا يمكن مساواته بهجمات المتظاهرين ضد القوات الأمنية.
من جانبهم، دافع مسؤولو إدارة أوباما عما سموه نهج الإدارة الحذر، مشيرين إلى أنه من الأهمية بمكان أن تحاول الولايات المتحدة الحصول على إجماع دولي، حتى وإن كان ذلك بطيئا على نحو مثير للإحباط. وقد أدان الرئيس أوباما الأسد يوم الأحد بالقول: «إن استخدامه للعنف والإرهاب يضعه على الجانب الخاطئ من التاريخ».
وأشار مسؤول بارز بالإدارة إلى أن الرئيس يمكن أن يطالب الأسد صراحة بالتنحي كجزء من التصعيد المتروي للجهود الأميركية.
وحتى الآن لا تزال الإدارة الأميركية تسعى، عبر وسائل متعددة، إن لم تكن رمزية، لإظهار تأييدها للمتظاهرين، فالتقت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مع نشطاء سوريين وأميركيين من أصول سوريا في وزارة الخارجية. وقالت لهم إن لديها ثقة كبيرة في قدرة الشعب السوري على صناعة مسار جديد لسوريا.
وشهد السفير فورد أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ لدى دراسة المشرعين المصادقة على تعيينه، التي رفضت العام الماضي من قبل الأعضاء الرافضين للتدخل السوري في لبنان، وهو ما أجبر أوباما على تعيينه خلال عطلة الكونغرس حتى يتمكن من تثبيته هناك. وقد لقي أداؤه إشادة على دوره في سوريا خلال الانتفاضة.
وقال فورد: «ربما يكون من المهم الآن أن ننصت للسوريين وأن ننقل شكاواهم، خاصة أن وسائل الإعلام العالمية ممنوعة من دخول سوريا. لقد كنت أحاول أن أجذب انتباه النظام السوري وانتباه المجتمع الدولي إلى المظالم التي يعانيها الشعب السوري من حكومته».
وقد اقترح ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ من مختلف الطيف السياسي، الذين قدموا تشريعا يوم الثلاثاء (كريستين غيليبراند عن ولاية نيويورك ومارك كيرك من ولاية إلينوي وجوزيف ليبرمان عضو المجلس عن ولاية كونيكتيكت) سن عقوبات مشابهة لتلك التي فرضت على إيران، والتي تعاقب الشركات الدولية التي تتعامل مع قطاع الطاقة السوري. واتهم دانييل بليتكا، نائب رئيس سياسات الدفاع في معهد إنتربرايز الأميركي، الإدارة بالتباطؤ عن الأوروبيين في الجهود الدولية لعزل سوريا قائلا: «أعتقد أنهم يقودون هذه الجهود لأننا لا نفعل أي شيء».
* خدمة «نيويورك تايمز»
 
مسؤول تركي: ما يحصل في حماه عمل وحشي.. وحكومة تقوم بذلك لا يمكن وصفها بالصديقة
أنقرة ولندن تتفقان على زيادة الضغوط على النظام السوري
لندن: «الشرق الأوسط»
في أقوى انتقاد تركي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد حتى الآن، وصف بولانت أرينج، نائب رئيس الوزراء التركي، اعتداء القوات الأمنية على مدينة حماه بأنها «عمل وحشي»، وقال إن حكومة تسمح بحصول ذلك «لا يمكن وصفها بالصديقة». وأضاف أرينج، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز»، أمس: «أنا أقول هذا متحدثا عن نفسي، ما يحصل في حماه اليوم هو عمل وحشي.. ومن يقوم بهذا (العمل) لا يمكن أن يكون صديقنا. هم يرتكبون خطأ كبيرا».
وقبل بدء الانتفاضة السورية منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، ربطت بين أنقرة ودمشق علاقات جيدة وصلت حد الاتفاق على إلغاء تأشيرات السفر بين البلدين وتوقيع عدة اتفاقيات تجارية. وقد حث رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، مرات كثيرة الرئيس السوري، بشار الأسد، بأن يوقف العمليات العسكرية ضد شعبه ويعجل بتطبيق الإصلاحات التي وعد بها، إلا أن بولانت قال إن هذه النصائح يبدو أنها لا تلاقي آذانا مصغية. وأضاف للصحافيين، أمس: «نُصر على الحلول الديمقراطية والسلمية وبدء الإصلاحات. قلنا لهم إنهم سينهارون بغير ذلك.. وتبين الأحداث الأخيرة أنهم لم يستفيدوا بأي درس من هذه الاقتراحات».
وكان الرئيس التركي، عبد الله غل، قال أول من أمس، إنه ارتاع للهجوم على مدينة حماه بالمدرعات في بداية شهر رمضان. ويقول أردوغان الذي كانت له علاقة وثيقة مع الأسد إن تركيا تكاد تعتبر الأحداث في سوريا قضية داخلية لتركيا نظرا للعلاقات القوية والحدود الطويلة بين البلدين. وأرسل الأسد مبعوثا لمقابلة أردوغان في يونيو (حزيران) بعد أن ندد رئيس الوزراء التركي بـ«الوحشية» التي أجبرت آلاف السوريين على الفرار إلى تركيا. بعد ذلك أصبح انتقاد دمشق أقل تواترا إلى أن وقع الهجوم على حماه.
وكانت صحيفة «حريات» التركية قالت، أمس، إن أنقرة ولندن اتفقتا على زيادة الضغوط على سوريا، وقالت إن وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، اتصل بنظيره التركي أحمد داود أوغلو يوم الاثنين الماضي، بعد يوم على بدء العملية العسكرية في حماه، واتفقا على ضرورة زيادة الضغوط على نظام الأسد.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الخارجية التركية، حول احتمال فرض أنقرة عقوبات على دمشق أسوة بتلك التي فرضها الاتحاد الأوروبي على شخصيات سوريا متورطة في القمع، قوله: «قرارات الاتحاد الأوروبي تعتبر ملزمة لهم فقط وليس لتركيا. ليس هناك شيء من قبيل العقوبات على الأجندة التركية في الوقت الحالي».
وكان داود أوغلو قد اعتبر في مؤتمر صحافي مشترك عقده في أوسلو مع نظيره النرويجي يوم الاثنين الماضي، أن «توقيت وطريقة (حملة) القوات السورية العسكرية في حماه، خاطئة تماما». وأضاف: «بينما نتوقع من الحكومة السورية أن تدخل إصلاحات، علمنا بالعملية. من الخطأ جدا القيام بعملية كهذه عشية شهر رمضان المبارك. أحداث كهذه رسائل خاطئة للشعب السوري والمجتمع الدولي».
وتابع يقول: «أملنا أن تحل سوريا مشكلاتها بمفردها عبر إدخال إصلاحات، الحل الأفضل هو تشجيع الحكومة السورية لإدخال إصلاحات»، مشيرا إلى أن الحل الثاني هو حل المشكلة عبر «الدينامية الدولية» عبر التعاون مع البلدان المجاورة. وأضاف: «ولكن إذا بقيت المشكلة من دون حلول وكل يوم أعداد من الناس تقتل، فلا يمكن لأحد أن يبقى صامتا».
 
حماه تحت القصف والجيش يضرب المستشفيات ويتقدم لوسط المدينة.. ومئات الدبابات تحاصر دير الزور
مقتل 3 في مظاهرات خرجت ليلا بعد صلاة التراويح.. ومسؤول سوري: نعمل على إعادة الأمن للمناطق التي عاثت فيها «الجماعات الإرهابية» فسادا
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
تقدمت دبابات الجيش السوري على أربعة محاور في مدينة حماه المحاصرة أمس، ووصل عدد منها إلى ساحة العاصي، فيما انتشرت مئات الدبابات حول مدينتي دير الزور. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن «نحو مائتي دبابة وآليات عسكرية أخرى تحاصر مدينة دير الزور من جميع الاتجاهات».
وأضاف أن «أكثر من مائة دبابة وصلت من طريق حمص (وسط) وطريق خان شيخون (شمال غرب) إلى حماه، بالإضافة إلى العشرات من ناقلات الجند المدرعة». وأشار مدير المرصد إلى «دبابات ومدرعات عسكرية شوهدت على الطريق المؤدي إلى مدينة السلمية (30 كلم جنوب شرقي حماه) التي شهدت خلال الأيام الماضية مظاهرات حاشدة طالبت بإسقاط النظام». وتحدث عن «انقطاع الاتصالات الأرضية والجوالة» عن حماه والسلمية.
وقال ناشطون حقوقيون أمس إن قوات الجيش التي انتشرت في حماه قصفت اثنين من أحياء المدينة التي شوهد الدخان يتصاعد في أكثر من منطقة فيها. وذكر مدير المرصد أن «القصف تركز على منطقة جنوب الملعب وحي المناخ»، مشيرا إلى أن «بعض المنازل هدمت جراء القصف». وأضاف أن «قوات الأمن والجيش أقامت حواجز لمنع الأهالي من النزوح». وتحدث ناشط آخر عن «دبابات شوهدت وهي تتجه نحو ساحة العاصي وسط المدينة وأخرى ترافقها آليات عسكرية في عدد من المناطق». وأضاف الناشط أن «دوي الانفجارات التي تسمع في أكثر من مكان يوحي بحرب مفتوحة في المدينة».
وشهدت حماه أمس إطلاق نار كثيف وقصفا مدفعيا على بعض الأحياء، لا سيما القصور والحاضر والسرجاوي، وذلك في ساعات الصباح الأولى. وبالتوازي مع تقدم الدبابات، نفذ الجيش عملية تمشيط واسعة للشوارع، وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات انقطعت منذ مساء الثلاثاء عن المدينة وريفها، وسط تحذيرات لسكان بعض الأحياء كالحاضر والسرجاوي لإخلاء المنازل، مع توقع قصفها. كما تم قطع الماء والكهرباء عن البيوت.
ونزح عدد كبير من الأسر أول من أمس، إلا أنه يوم أمس منع الدخول والخروج من المدينة التي فرض عليها حصار عسكري مشدد. وقالت المصادر إن عددا من الأهالي تم منعهم من المغادرة لدى وصولهم إلى الحواجز الأمنية، إذ أجبروا على العودة سيرا على الأقدام. وأشارت المصادر إلى إرسال تعزيزات عسكرية بأعداد غير مسبوقة إلى المدينة، حيث اصطف على جانبي الطريق بين حماه وحمص عدد كبير من الجنود.
وبحسب ناشطين، فقد طال القصف الذي تعرضت له مدينة حماه أمس المستشفيات الخاصة، البدر والريس والحوراني، وأسفر عن مقتل أحد الأطباء، بالإضافة إلى خمسة أشخاص قتلوا أول من أمس. ووجه الأهالي نداء لمنظمة الهلال الأحمر السوري للقيام بواجباتها تجاه المصابين الذين يموتون بسبب النقص الحاد بأكياس الدم وشح المواد الطبية الإسعافية.
وكانت حماه المحاصرة بالدبابات منذ فجر الأحد، قد شهدت مظاهرات حاشدة خرجت عقب صلاة التراويح مساء الثلاثاء وقبل قطع الاتصالات والماء والكهرباء وفرض حصار عليها. وخرجت المظاهرات في حي الصابونية وشارع العلمين وسط حماه، متحدية الحصار واستمرار المداهمات والاعتقالات من قبل قوات الأمن. وقد تعرضت هذه الأحياء للضرب أول من أمس.
وتسعى قوات الأمن والجيش السوري إلى اقتحام المدينة وإزالة الحواجز التي رفعها الأهالي، بهدف تقطيع أوصال مدينة حماه وريفها، ومنع وصول المتظاهرين إلى ساحة العاصي، وذلك بعد ثلاثة شهور كان خلالها المتظاهرون في حماه يحتشدون بمئات الآلاف في الساحة كل يوم جمعة، ويقدمون نموذجا للمظاهرات السلمية المنضبطة. وقد أقلق ذلك النظام ودفعه للتخلص من هذا النموذج، بحسب ما يقوله ناشطون على صفحات «فيس بوك»، حيث عاد النظام إلى تكرار السيناريو ذاته لدى اقتحام أي مدينة عن وجود عصابات مسلحة.
واتهمت السلطات السورية «مجموعات مسلحة» في مدينة حماه بمهاجمة قصر العدل في المدينة وإحراقه للمرة الثانية، وكذلك الاعتداء على مجلس المدينة والمصرف الزراعي. وقالت مصادر رسمية إن هذه المجموعات «خطفت عنصرين من عناصر قوة حفظ النظام في المدينة».
وشب حريق أمس في سجن في مدينة حماه، عقب ثلاثة أيام من الاحتجاج من جانب النزلاء. فيما قال نشطاء إنه يتم إعدام نزلاء السجن. وقال عمر أدلبي، وهو ناشط سوري مقيم في لبنان، لوكالة الأنباء الألمانية، إن النزلاء يحتجون تضامنا مع سكان حماه. وقال ناشط سوري آخر مقيم في دمشق «القوات السورية ارتكبت مذبحة داخل السجن». وأضاف «التقارير تفيد بأن حراس السجن أعدموا عدة عشرات من النزلاء المحتجين».
وبالتزامن مع الحملة العسكرية والأمنية على مدينة حماه، كان هناك حملة مداهمات واسعة في مدينة الزبداني - ريف دمشق - حيث تم إغلاق الطرقات منع الدخول والخروج يوم أمس من الزبداني، وتمت مداهمة منطقة العارة والجسر وحارة بيت التل، ووضع حاجز كثيف جدا في ساحة المهرجان والجرجانية.
من جانب آخر، قدر ناشطون عدد الدبابات التي حاصرت دير الزور أمس، بنحو مائتي دبابة، بالإضافة إلى آليات عسكرية أخرى تحاصر المدينة من جميع الاتجاهات في ظل أجواء من التوتر على خلفية اعتقال السلطات لشيخ مشايخ قبيلة البقارة في سوريا نواف راغب البشير، يوم الأحد الماضي، والتي أثارت العشائر في المنطقة حيث تشهد يوميا اعتصامات ومظاهرات يتم قمعها بالقوة.
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان «إن الموظفين في دير الزور لم يتمكنوا من قبض رواتبهم لهذا الشهر بعد» مشيرا إلى أن «السلطات منعتهم من التوجه إلى المصرف نظرا لعدم استقرار الأمن في المنطقة التي يوجد بها». ونقل عبد الرحمن نقلا عن الأهالي «إنهم يعتبرون ذلك ذريعة من المحافظ لإذلال الأهالي في شهر رمضان».
وقال ناشط في لندن لـ«الشرق الأوسط»، نقلا عن شهود في دير الزور، إن «أهالي المدينة محاصرين من كل الجهات، وإن الأمن يعتقل كل من يتحرك». وقال إن من بين المعتقلين شاب يحمل الجنسية الأميركية، «لا علاقة له بشيء»، كان متوجها مع عائلته من دير الزور إلى دمشق، فتم اعتقاله على حاجز خارج دمشق. وأشار إلى أن أهله لم يتمكنوا من معرفة شيء عنه منذ اعتقاله أول من أمس، وإنهم أبلغوا السفارة الأميركية بالأمر. وقال الناشط إن أهالي دير الزور يعيشون «في خوف ورعب» من الاعتقال والسجن والقتل، مضيفا أن قوات الأمن «تتصرف خارج القانون ومن دون رادع».
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) نقلا عن مصدر عسكري مسؤول أمس أن «التنظيمات الإرهابية المسلحة في محافظتي حماه ودير الزور تواصل ترويع المواطنين بنشر الشائعات الكاذبة بين صفوفهم في محاولة لتشويه صورة الجيش والإساءة إلى سمعته وصولا إلى إثارة الفتنة بينه وبين أهله وذويه في المحافظتين المذكورتين».
ودعا المصدر «المواطنين في حماه ودير الزور» إلى «ألا يصغوا إلى الشائعات التي تروجها تلك التنظيمات الإرهابية». وأكد أن «وحدات الجيش تعمل على عودة الأمن والاستقرار إلى المناطق التي عاثت فيها التنظيمات الإرهابية فسادا وعكرت صفو حياة المواطنين بسبب ممارساتها المخلة لمبادئ الدين الإسلامي السمحة وبالقواعد الأخلاقية للمجتمع».
ورغم كل القمع العنيف لا تزال المظاهرات تخرج في مدن ومناطق البلاد بعد صلاة التراويح لليوم الثالث من شهر رمضان، والهتاف المتكرر في كل المظاهرات «يا بشار ويا شبيح موعدنا بعد التراويح»، ففي دمشق، عمت المظاهرات الليلية بعد صلاة التراويح المدينة وريفها، ليل أول من أمس الثلاثاء. وخرج محتجون من عدة مساجد في حي الميدان بدمشق وتجمعوا في منطقة أبو حبل حيث فرقتهم قوات الأمن بالقوة والقنابل المسيلة للدموع.
أما في ريف دمشق فقد خرجت مظاهرات في القدم وتم تفريقها وكذلك في المعضمية التي سمع خلال تفريق المظاهرة إطلاق نار، كما خرجت مظاهرات في كل من دوما ومضايا والزبداني وعربين والتل. وقال ناشطون إن أعمال قمع شديدة جرت في مدينة الحسكة شرق سوريا ومدينة اللاذقية الساحلية وفي إحدى ضواحي العاصمة دمشق.
وكان ثلاثة أشخاص قتلوا مساء أول من أمس برصاص رجال الأمن أثناء تفريق مظاهرات في عدة مدن سورية جرت بعد صلاة التراويح. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «شخصين قتلا وجرح عشرون آخرون بينهم ثمانية أطفال برصاص الأمن الذين حاولوا تفريق مظاهرة جرت في الرقة (شمال) وشارك فيها نحو عشرة آلاف شخص».
 
محللون: الجيش السوري قد يواجه مشكلة بسبب عجزه عن الانتشار في كل المدن في وقت واحد
مسؤول سابق بجهاز أمن الدولة السوري: إحداث انقسامات داخل الجيش السوري ليس سهلا
لندن: «الشرق الأوسط»
رغم أن الجيش السوري، الذي يمثل ركيزة أساسية لحكم الرئيس بشار الأسد، لم يظهر مؤشرات كبيرة تدل على انقسامات خطيرة في صفوفه بعد، فإنه قد يواجه مشكلة أكبر تتمثل في عدم توافر أعداد كافية للسيطرة على المدن الكبرى في وقت واحد، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «رويترز».
ويصنف فراس أبو علي، وهو محلل في شركة «اكسكلوسيف أناليسيس» للتحليلات والتوقعات التجارية، درجة ترابط الجيش السوري بأنها «عالية إلى حد بعيد»، في ما يتعلق بالانقسامات المحتملة التي قد تؤدي إلى انقلاب، لكن الأعداد الضئيلة تمثل مشكلة. ويقول «إذا لم تكن لديهم وحدات موالية كافية للسيطرة على حماه فإنهم لا يملكون وحدات موالية كافية للسيطرة على المدن الأكبر مثل حمص وحلب ودمشق». وأضاف «لا أعتقد أن لديهم ما يكفي من هذه الوحدات لشن حملات كبيرة في عدة مدن في الوقت نفسه على الأقل من دون حدوث انشقاقات ومن دون المجازفة بتوسيع نطاق الاحتجاجات».
وكانت قوات الأمن قد حاصرت حماه لمدة شهر قبل بدء الحملة عليها يوم الأحد. ودفعت معاناة حماة الكثير من السوريين إلى الخروج في مسيرات تضامنية منذ بدء رمضان، لكن رد فعل الأسد العنيف يشير إلى أنه سيقاوم الدعوات إلى التغيير التي اجتاحت سوريا ومعظم أنحاء العالم العربي هذا العام. ولا توجد تقارير منشورة يعتد بها بشأن انتشار القوات المسلحة السورية. وحتى في الأوقات العادية كانت المعلومات عن الجيش قليلة بسبب السرية التي تتوخاها الحكومة والقيود على وسائل الإعلام. ويقول معارضون سوريون في المنفى وخبراء أمنيون إن العدد الضئيل للانشقاقات حتى الآن أقل بكثير مما يمكن اعتباره مؤشرا على انقسامات في الجيش. وهذا دليل على السيطرة المحكمة التي تضمن سطوة العلويين في الجيش. وينطوي هذا على تعيين ضباط علويين في مناصب رفيعة، وفي بعض الوحدات يتم تعيين السنة والعلويين في المناصب الكبيرة لمنع أي محاولة للوقيعة.
وقال سامر أفندي، المسؤول السابق بجهاز أمن الدولة السوري، لـ«رويترز»: «إحداث انقسامات داخل الجيش السوري ليس سهلا». وأضاف «هيكل التوظيف مكون من طبقات مثل الدمية الروسية. الكسر في إحدى الطبقات لن يؤثر على بقية الطبقات». ويطبق النظام والانضباط في صفوف الجنود بصرامة شديدة. ويقول معارضون سوريون في الخارج نقلا عن روايات لأقاربهم «إنه في الحالات التي ينشر فيها جنود سوريون على الخط الأمامي، فإنهم يجبرون على إطلاق الرصاص على المتظاهرين لأن الضباط المتمركزين وراءهم سيطلقون النار عليهم إذا لم يطيعوا الأوامر».
ويقول محللون إن الواضح أن وحدات الجيش الأكثر ولاء - وهي تلك التي يغلب عليها العلويون ويقودها ماهر شقيق الرئيس السوري بما في ذلك الحرس الجمهوري واللواء الرابع المدرع - لا يمكن أن توجد في كل الأماكن في الوقت نفسه. وتضم كل من هاتين الوحدتين نحو عشرة آلاف فرد تدعمهم الدبابات وتتحرك عادة بصحبة وحدات من الشرطة السرية والميليشيا العلوية الموالية للأسد المعروفة باسم الشبيحة.
ويعتبر طلال الميحاني، وهو أكاديمي مقيم في بريطانيا يساعد جماعات المعارضة في العلاقات الخارجية، لـ«رويترز»، إن النمط المتتابع للعمليات العسكرية ضد مجموعة من البلدات والمدن في الأسابيع القليلة الماضية يظهر أن الجيش ليس لديه ما يكفي من القوات الموالية للانتشار في نفس التوقيت في كل مكان. ويقول محللون آخرون إن الجيش يظهر مؤشرات على الانتشار ببطء أكثر من الأسابيع الأولى، مما يشير إلى أنه يضطر إلى إجراء حسابات دقيقة لتوفير الأعداد المطلوبة لتعزيز الوحدات السنية بقوات رفيعة المستوى.
وقال الميحاني الذي زار دمشق في منتصف يوليو (تموز) «ليس لديهم ما يكفي من الجنود الموالين.. وبالتالي فإننا دخلنا مرحلة مزمنة من هذا الصراع لن يحقق فيه الجيش ولا الشعب نتيجة حاسمة». وقال أفندي (34 عاما)، وهو من بلدة جسر الشغور في الشمال وهو يقف مع مجموعة من نحو 12 محتجا أمام السفارة السورية في لندن يوم الاثنين الماضي، إن الانشقاقات هدف رئيسي للمعارضة، غير أنه متفهم للخوف الذي يعتري الجنود. وأضاف «مسؤولو الأمن يعلمون أنهم يقتلون إخوانهم وأخواتهم وأولادهم بالنيابة عن النظام. حان الوقت ليوقفوا هذا ويثبتوا أنهم وطنيون».
 
ازدياد الخلافات بين العمال السوريين في لبنان وصدامات شبه يومية.. لأسباب سخيفة
لا يفصحون عن رأيهم حتى لأصدقائهم خوفا من التخوين والمخبرين
بيروت: «الشرق الأوسط»
أكد عمال سوريون يعملون في لبنان أن الخلافات بين أبناء البلد الواحد «تزداد بشكل مطرد»، موضحين أن «صدامات شبه يومية تشتعل بين العمال أنفسهم، بسبب أو من غير سبب، وغالبا ما تؤدي إلى وقوع جرحى».
وقال أحد العمال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الوصف الدقيق الذي يمكن إطلاقه على تلك الخلافات، هو المثل القائل: (القصة ليست قصة رمانة، بل قضية قلوب مليانة)»، مشيرا إلى أن العمال «منقسمون بين معارض للنظام، وبين مخبر له»، لافتا إلى أن عمالا كثيرين «يتحفظون على إبداء رأيهم فيما يجري في بلدهم، خوفا من تعريض حياتهم للخطر».
وعلى الرغم من أن العمال يعرفون التوجهات السياسية لزملائهم الذين يتقاسمون معهم غرفة واحدة أحيانا، «إلا أننا نتحاشى مواجهة الآخر بحقيقته أو الاعتراف بميولنا السياسية أمامه، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى مشكلات لا تحمد عقباها»، كما قال عامل سوري يعمل في عمارة في منطقة الطيونة، لافتا إلى أن حوادث كثيرة من هذا النوع «وقعت في المجمعات السكنية التي يقطنها السوريون، بالتزامن مع بدء الانتفاضة في سوريا».
وينقسم العمال، كما في الداخل السوري، إلى مؤيدين للنظام ومعارضين له، «لكن الموجودين في لبنان، لا يمكنهم الإفصاح علانية عن معارضتهم، خوفا من اضطهادهم على أيدي مخبرين للنظام».
ولعل الخلاف الذي اشتعل بين عاملين سوريين في حافلة لنقل الركاب، على أفضلية الجلوس إلى جانب شباك الحافلة، «خير دليل على التذرع بأسباب واهية بغية التنفيس عن احتقانات نفسية سببها الأزمات التي تشهدها سوريا».
وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن الخلاف الذي حصل في الحافلة التي تقل العمال من منطقة الدورة إلى جسر البركات في الضاحية الجنوبية، «أدى إلى تصادم بالأيدي والعصي، بعد أن انقسم العمال داخل الحافلة إلى فريقين». واستغرب سائق الحافلة سبب الخلاف «السخيف»، لكن سرعان ما تبدد الاستغراب حين قال أحدهما للآخر: «أنت خائن وعائلتك أيضا».
وإذ يتحاشى السوريون في لبنان الحديث مع زملائهم بأمور سياسية تخص الأوضاع في بلدهم الأم، يتجنب معظمهم مشاهدة قناتي «الجزيرة» و«العربية»، كما يتجنبون إعلام زملائهم بأنهم هاتفوا ذويهم في سوريا، كي لا يسألوا عن الأوضاع هناك. يقول مهندس لبناني يشرف على بناء عمارة يعمل فيها أكثر من ثلاثين عاملا سوريا، «إن اللافت أن الود بين العمال بات مفقودا منذ اندلاع الأزمة في سوريا»، مشيرا إلى أن «كل واحد من العمال يبدو غير منسجم مع الآخر».
خبير في القانون الدولي لـ«الشرق الأوسط»: ما يجري في سوريا جرائم ضد الإنسانية
قال: إن على المحكمة الجنائية الدولية التحرك سريعا
بيروت: بولا أسطيح
وصف الخبير في القانون الدولي وقانون المحاكم الجنائية الدولية المحامي طارق شندب ما يحصل في سوريا بأنه «جرائم ضد الإنسانية تستدعي تحركا سريعا من قبل المحكمة الجنائية الدولية المولجة النظر بالحالة السورية». وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، لفت شندب إلى أن «ما يحصل في حماه من جرائم جماعية ترتكب بحق جماعة محددة هي أهل حماه يدخل في إطار الجرائم ضد الإنسانية بحيث يتم إلحاق الضرر الجسدي والعقلي بالسكان وقطع المياه والكهرباء عنهم بهدف إهلاكهم».
ويعرف القانون الدولي الجرائم ضد الإنسانية على أنها «الأفعال الجرمية التي ترتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي جماعة من السكان المدنيين ليست على علم بالهجوم». ويعدد شندب هذه الأفعال قائلا: «القتل عمدا، الإبادة، النقل القسري للسكان، السجن أو الحرمان الشديد من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية من القانون الدولي، التعذيب، الاغتصاب أو الإكراه على البغاء، الاختفاء القسري للأشخاص، اضطهاد جماعة محددة لأسباب دينية أو عرقية أو قومية أو اسمية أو ثقافية أو لأسباب أخرى من المسلم عالميا أن القانون الدولي لا يجيزها». وأوضح شندب أن «ما يحصل في سوريا من جرائم قتل عمدا، إبادة، قصف أماكن عبادة، سجن، اضطهاد لأسباب سياسية وإخفاء قسري، كلها تندرج في إطار الجرائم ضد الإنسانية».
وشدد شندب على «وجوب تحرك المحكمة الجنائية الدولية نظرا للطلبات التي تقدمت إليها في هذا الإطار»، وقال: «هناك عدد من المنظمات الدولية توثق ما يحصل بالصور وبالشهادات الحية وبالتالي على مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية التحرك تلقائيا للتحقق مما يصل إليه» داعيا إياه «لإرسال لجنة تقصي حقائق إلى سوريا تضع مجلس الأمن في حقيقة ما يجري ميدانيا خاصة في ظل غياب الإجماع داخل هذا المجلس لأسباب سياسية».
وشرح شندب أن «المحكمة الجنائية الدولية تتحرك بطلب من 3 مواقع هي: المدعي العام شخصيا، مجلس الأمن، بطلب من جمعيات حكومية أو غير حكومية أو منظمات دولية أو غير دولية»، وقال: «سوريا لم توقع على اتفاقية روما التي تعمل على أساسها المحكمة الجنائية الدولية ولكن وبعد سابقة السودان وليبيا وإصدار مذكرتي توقيف بحق البشير والقذافي يمكن القول: إن للمحكمة الجنائية الدولية دورا أساسيا تلعبه لوقف الجرائم الحاصلة في سوريا».
وكانت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان قد اتهمت الأسبوع الماضي الرئيس السوري بشار الأسد بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وقالت المنظمتان في تقرير حول أعمال العنف في سوريا نشرته إن «الأسد مجرم ضد الإنسانية». وجاء ذلك في وقت ذكرت فيه منظمة «أفاز» غير الحكومية أمس أن نحو 3 آلاف شخص مفقودون في سوريا منذ بداية حركة الاحتجاج على نظام الرئيس بشار الأسد. وجاء في التقرير الذي أعدته الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان وائتلاف من 7 منظمات سوريا لحقوق الإنسان، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه «في ضوء إساءة استخدام القوة والقمع المكثف اللذين تقوم بهما السلطات السورية منذ 15 مارس (آذار)»، فإن المنظمات المذكورة، «تعتبر أن هناك جرائم ضد الإنسانية ارتكبت من قبل السلطات السورية». وأضاف التقرير أن «هذه الجرائم تندرج تحت الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية».
 
مقتل رئيس فرع الحزب القومي السوري في معرة النعمان
مصادر محلية أكدت تلقيه تهديدات بالقتل من قبل مجهولين
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
عثر على الدكتور سمير قناطري نائب نقيب صيادلة سوريا ورئيس فرع الحزب القومي السوري في إدلب، مقتولا في صيدليته بمدينة معرة النعمان بمحافظة إدلب (شمال)، حسب ما ذكر موقع «محطة أخبار سوريا» الموالي للنظام السوري، من دون ذكر أي تفاصيل حول الحادث. وفي تصريح للموقع، قال نقيب الصيادلة في محافظة إدلب الدكتور رضوان دهني إن «الدكتور سمير اغتيل في صيدليته» صباح أمس، وإنه تم نقله إلى مستشفى المعرة وتوفي بعد دخوله المستشفى بقليل، مشيرا إلى أن تفاصيل الحادث لم تعرف بعد.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن قناطري، وهو من أسرة معروفة في المنطقة، سبق أن تلقى تحذيرات وتهديدات من قبل مجهولين بالقتل، إلا أنه لم يعر تلك التهديدات أي اهتمام. وتوقف متابعون عند هذه الحادثة، بوصف الدكتور قناطري رئيس فرع الحزب القومي السوري، علما بأن هناك عددا من قيادات الحزب في سوريا ولبنان يتعاونون مع النظام السوري ضد المتظاهرين، ورجح المتابعون أن يكون هذا سبب القتل.
ويتهم ناشطون سوريون هربوا إلى لبنان منتسبي الحزب القومي السوري بأنهم تحولوا إلى «عواينية» يقومون بالإبلاغ عن مناهضي النظام، وقال ناشط سوري لـ«الشرق الأوسط» إنه يتجنب الذهاب إلى شارع الحمرا في بيروت حيث يتمركز الحزب القومي السوري، خشية أن تقوم جماعة الحزب بالتبليغ عنه.
يشار إلى أن مظاهرة مؤيدة للاحتجاجات في سوريا خرجت في بيروت أول من أمس الثلاثاء أمام السفارة السورية وقام عناصر من أمن السفارة بالتعاون مع منتسبين للحزب القومي السوري بقمع المتظاهرين، وأسفر ذلك عن وقوع إصابات؛ واحدة منها على الأقل خطيرة. وتعليقا على ذلك، نشر فادي ماضي، أحد أعضاء الحزب القومي السوري في لبنان، على صفحته في موقع «فيس بوك» بيانا باسم «جميع السوريين القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود» أعلنوا فيه براءتهم مما سموه «فلول عصابات أسعد حردان» رئيس الحزب القومي السوري. واستنكر البيان ما قام به من «عمل عصابات وبلطجية وشبيحة في شارع الحمرا، ضد مواطنين أو ضيوف عرب أو أي كان». وقال البيان: «لم يكن سعادة يوما داعيا لحماية سفارة أو نظام أو تكميم الأفواه أو اعتقال حرية الرأي، أو ممارسة العمل الإرهابي الميليشيوي السلطوي الفئوي». وأكد البيان أن «من يقتل في شوارع حماه وحمص واللاذقية وإدلب وبانياس ودمشق ودير الزور وفي كل بقعة من الكيان الشامي هم أهلنا وشعبنا وليسوا يهودا وليست حماة بتل أبيب». واعتبر أن ما قام به من وصفهم بـ«شبيحة وائل حسنية وأسعد حردان وصبحي ياغي، مرفوض وطنيا وقوميا».
 
موالون للأسد يعتدون على مظاهرة داعمة للشعب السوري في بيروت.. والقوى الأمنية لا تتدخل
سفير سوريا يحذر من أن لبنان «ليس خارج الاستهداف».. وجنبلاط يشدد على حق التظاهر السلمي
بيروت: يوسف دياب
قال سفير سوريا لدى لبنان، علي عبد الكريم علي، إن «الاستهداف الذي تتعرض له سوريا، ليس لبنان خارجا عنه، لأن العلاقة بين البلدين مترابطة، والمصالح مشتركة، والأمن متبادل، بالإضافة إلى الاستهداف الإسرائيلي، والاستهداف التآمري الذي يستهدف سوريا».
وأكد السفير السوري إثر زيارته وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور، حيث نقل إليه دعوة من نظيره السوري، وليد المعلم، لزيارة دمشق، أن «للبنان مصلحة بأمن سوريا، كما أن لسوريا مصلحة بأمن لبنان، لذلك فإن القضايا كلها تستدعي من الوزارتين (الخارجية) ومن الوزيرين ومن المسؤولين في البلدين، المناقشة والحوار». واعتبر أن «سوريا تخرج من محنتها إن شاء الله، والحوار الداخلي السوري والإصلاحات التي يقودها الرئيس الأسد مستمرة وماضية وتعطي نتائج إيجابية».
وجاء ذلك في وقت أثار فيه اعتداء نفذه موالون للرئيس السوري بشار الأسد في لبنان، على مؤيدين للشعب السوري كانوا يتظاهرون أمام مقر السفارة السورية في بيروت، رفضا للقمع والقتل الذي يحصل في سوريا، جملة من المواقف السياسية المنددة بالحادث، والرافضة لتحويل مقر السفارة السورية مربعا أمنيا يحظر على اللبنانيين الاقتراب منه. فكان الموقف الأبرز لرئيس جبهة «النضال الوطني»، النائب وليد جنبلاط، الذي شدد على ضرورة «الحفاظ على حق التظاهر السلمي، وعدم تحويل شوارع بيروت إلى مربعات أمنية». في وقت استوقف المراقبين ما قاله السفير السوري لدى لبنان، علي عبد الكريم علي، من أن «الاستهداف الذي تتعرض له سوريا لن يكون لبنان خارجا عنه، بسبب ترابط الأمن والمصالح بينهما». وكان عدد من مناصري النظام السوري المنتمين إلى أحزاب لبنانية موالية لنظام الأسد، مزودين بالعصي والسكاكين، هاجموا، ليل أول من أمس، عشرات الأشخاص الذين كانوا يتظاهرون أمام السفارة السورية في منطقة الحمراء في بيروت، للمطالبة بضمان حقوق الإنسان في سوريا، ووقف عمليات القمع بحق المحتجين سلميا، وتطبيق الإصلاحات الموعودة، الأمر الذي أدى إلى سقوط عدد من الإصابات بصفوف المتظاهرين نقلوا على أثرها إلى المستشفيات المحيطة للمعالجة جراء تعرضهم للضرب المبرح وإصابتهم بجروح تفاوتت بين طفيفة ومتوسطة وحرجة.
وكان اللافت في الأمر عدم تدخل الجيش والقوى الأمنية الذين حضروا إلى المكان لإبعاد المعتدين، بحجة أنه لا أوامر لديهم بتوقيف أحد. وأوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوى الأمنية قامت بواجبها في حماية المتظاهرين والفصل بين الطرفين، وأن الاعتداءات المشار إليها وقعت في شوارع فرعية بعد تفريق المحتشدين من أمام مبنى السفارة السورية من الطرفين».
وأعلن مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحقيق القضائي سيأخذ مجراه فيما حصل فور تسلّم النيابة العامة تقارير بحقيقة ما جرى، وعند تقدم المتضررين بدعاوى شخصية أمام القضاء».
وتعليقا على الحادث، رأى عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، النائب السابق مصطفى علوش، أن «الجهة التي نفذت هذا الاعتداء، أي الحزب السوري القومي الاجتماعي، هي إحدى أهم الأذرع الأمنية للنظام السوري في البلطجة وأعمال التخريب»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما كلّف به هذا الحزب يرمي إلى خنق أي تحرك ديمقراطي يقوم به الشعب اللبناني تضامنا مع الشعب السوري، الذي يتعرض لأبشع أنواع القمع والقتل والتنكيل على يد النظام وبلطجيته، وما حصل هو محاولة للعودة بلبنان إلى الممارسات الأمنية التي كنا نشهدها في زمن الوصاية، وهذا ما يؤكد أن الحكومة الحالية هي واجهة للنظام السوري في لبنان».
ولفت علوش إلى أن «عدم تحرك القوى الأمنية بشكل فاعل لإنقاذ المعتدى عليهم وتوقيف المعتدين، يؤكد أن الشعب اللبناني يمر بفترة عصيبة جدا في حياته، ولكن سنصمد وسنواجه ولن نسمح للبلطجية بأن يسخروا حياتنا لصالح أسيادهم».
إلى ذلك، شدد رئيس جبهة النضال الوطني، النائب وليد جنبلاط، على «ضرورة أن يبقى حق التظاهر السلمي ضمن الأصول القانونية المرعية الإجراء محفوظا، بمعزل عن الشعارات والعناوين والهتافات، وأن تبقى مساحة حرية التعبير عن الرأي مصانة لأنها تتلازم مع التعددية والتنوع الذي طالما تميز به لبنان».
ولفت إلى أن «تحويل بعض شوارع أو مناطق بيروت إلى مربعات أمنية لا يفيد أحدا، فالعاصمة لكل اللبنانيين وتحتضن كل الاتجاهات والتيارات السياسية والفكرية المتنوعة»، مشيرا في السياق نفسه إلى أن «احترام وسائل الإعلام خلال تأدية مهامها ودورها في تغطية الأحداث السياسية يفترض أن يكون من المسلمات». وأضاف: «لذلك قد يكون مفيدا لبعض الشخصيات الوزارية أن تتذكر هذا المبدأ، فالحريات الإعلامية توازي بأهميتها الحريات السياسية والعامة والشخصية، والحفاظ عليها وصيانتها مسؤولية القوى السياسية مجتمعة».
بدوره، استنكر اتحاد «الشباب الديمقراطي اللبناني» (الجناح الطلابي في الحزب الشيوعي اللبناني)، ما «تعرض له المعتصمون أمام السفارة السورية من مجموعة من الشبان المدنيين وغير المدنيين». وأكد تضامنه مع «المعتصمين وحقهم في التعبير عن رأيهم مهما كان هذا الرأي»، داعيا «القضاء اللبناني والأجهزة الأمنية لتوقيف المعتدين ومحاسبتهم في أسرع وقت»، ومجددا دعمه «حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي والعمل السياسي وحق الشباب في التعبير عن رأيهم».

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,207,998

عدد الزوار: 6,940,491

المتواجدون الآن: 134