تركيا تستعد لإعلان عقوبات ضد سوريا خلال أيام تطال الجيش والطاقة والعلاقات المصرفية

سوريا: الاغتيالات تتواصل.. وواشنطن تفتح الباب للإخوان

تاريخ الإضافة الجمعة 30 أيلول 2011 - 4:57 ص    عدد الزيارات 2708    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

سوريا: الاغتيالات تتواصل.. وواشنطن تفتح الباب للإخوان
دمشق عاجزة عن بيع نفطها.. وتركيا تستعد لإعلان عقوبات.. وتنازل أوروبي لتسهيل صدور قرار مجلس الأمن * المعارضة تطلق 3 ورش للتوحيد في اسطنبول وتتجه للانتقال للقاهرة * الحص نقلا عن الأسد: الأحداث الأليمة انتهت
لندن - واشنطن - دمشق: «الشرق الأوسط» بيروت: ثائر عباس
تواصلت الاغتيالات في مدينة حمص، أمس، مع اغتيال عالم نووي في عملية هي الرابعة من نوعها خلال أسبوع، في وقت تبادل فيه النظام والمعارضة في سوريا، أمس، الاتهامات بالوقوف وراء عمليات قتل أصحاب الكفاءات العلمية في المدينة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المهندس النووي، أوس عبد الكريم خليل، قتل صباح أمس «على يد مجهولين» في حمص، بينما ذكرت وكالة الأنباء السورية أن هذا المهندس الذي كان أستاذا في جامعة البعث، قتل برصاصة في الرأس بيد مجموعة إرهابية عندما كانت زوجته تقله إلى عمله. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن: «ندين بشدة اغتيال هذه الشخصيات القريبة من النظام».
من جهة أخرى، بدأت آثار العقوبات الأوروبية في الظهور على الاقتصاد السوري، إذ ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن السلطات السورية عاجزة عن إيجاد أسواق لبيع نفطها. وكان الاتحاد الأوروبي يشتري 95 في المائة من النفط السوري، وتوقف التصدير إلى دول الاتحاد بعد فرض عقوبات أوروبية تحظر ذلك. وجاء ذلك في وقت قدمت فيه الدول الأوروبية في مجلس الأمن مسودة قرار جديد حول سوريا يندد بالعنف، تخلت فيه عن بند فرض عقوبات، واكتفت بالتهديد بفرضها. ويناقش المجلس المسودة التي من المتوقع أن تطرح للتصويت خلال أيام.
إلى ذلك، أبدت واشنطن أمس، استعدادها للتفاوض مع جماعة الإخوان المسلمين إذا أعلنت رفضها للعنف. وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، أنه «عندما يكون أعضاء جماعة الإخوان المسلمين على استعداد للتخلي عن العنف والعمل سلميا، فنحن مستعدون لإجراء محادثات معهم».
وفي وقت نقل فيه رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، سليم الحص، عن الرئيس السوري بشار الأسد قوله إن «الحوادث الأليمة في سوريا انتهت»، تستمر المعارضة السورية بجهود توحيد صفوفها، إذ تنظم في إسطنبول 3 طاولات مستديرة وسط أجواء من التكتم الشديد. وكشف عضو المجلس الوطني السوري محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط»، أمس، عن نية بافتتاح مكتب في العاصمة المصرية «رائدة الثورات العربية ونموذجها».
 
استمرار القتال في حمص.. وتبادل اتهامات حول اغتيال أصحاب الكفاءات بعد مقتل عالم نووي
«هيومان رايتس ووتش» تطالب الأمم المتحدة بإجراء تحقيق حول دور النظام في مقتل زينب الحسني
لندن: «الشرق الأوسط»
استمر القتال في حمص أمس بين القوات الأمنية من جهة ومنشقين عن الجيش ومسلحين مناوئين للنظام، وذكر المرصد السوري أن 3 جنود منشقين قتلوا في حين توفي الضابط أحمد الخلف أمس متأثرا بجروح أصيب بها في الاشتباكات التي دارت في مدينة الرستن (قرب حمص) بين الجيش السوري وعناصر منشقة.
واستمر القصف المتقطع بالرشاشات الثقيلة على مدينة الرستن كما سمع صوت إطلاق رصاص كثيف ترافق مع اقتحام الأمن حي النازحين بمدينة حمص. وتحدث المرصد نقلا عن ناشط في حمص عن سماع صوت إطلاق رصاص كثيف مساء في قرية تيرمعلة، مشيرا إلى أن السبب تبين أنه ملاحقة جنود من الجيش السوري فروا من أحد المراكز العسكرية في القرية إلى البساتين المجاورة. وجاء ذلك في وقت تبادل النظام والمعارضة في سوريا أمس الاتهامات بالوقوف وراء عمليات قتل أصحاب الكفاءات العلمية في حمص، بعد اغتيال عالم نووي في حمص أمس، في عملية هي الرابعة من نوعها خلال أسبوع.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المهندس النووي أوس عبد الكريم خليل قتل صباح أمس «بيد مجهولين» في حمص، بينما ذكرت وكالة الأنباء السورية أن هذا المهندس الذي كان أستاذا في جامعة البعث، قتل برصاصة في الرأس بيد مجموعة إرهابية عندما كانت زوجته تقله إلى عمله.
والأحد قتل الجراح في مستشفى حمص حسن عيد بعدة رصاصات عندما كان يصعد إلى سيارته.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن الاثنين مقتل قياديين معارضين في حمص بيد مجهولين هما العميد الركن الدكتور نائل الدخيل مدير كلية الكيمياء في جامعة حمص، والمهندس محمد علي عقيل الأستاذ في كلية الهندسة المعمارية في جامعة البعث في حمص. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن «ندين بشدة اغتيال هذه الشخصيات القريبة من النظام».
وذكر ناشطون حقوقيون على الأرض أن أوس عبد الكريم خليل وحسين عيد من الطائفة العلوية ومحمد علي عقيل شيعي ونائل الدخيل مسيحي. وحملت السلطات السورية «مجموعات إرهابية» مسؤولية هذه الاغتيالات، في حين أصدر تحالف «غد» لناشطين ميدانيين الذي أنشئ في 18 سبتمبر (أيلول)، بيانا أول من أمس يتهم السلطات بـ«عمليات قتل لخبرات وكفاءات علمية (في حمص) تعيد إلى الأذهان عمليات الاغتيال التي طالت شخصيات مماثلة في فترة الثمانينات». وأضاف البيان أن تحالف «غد» يدين بأقسى العبارات «هذه الجرائم البشعة ومرتكبيها ويحمل النظام مسؤولية إراقة دماء السوريين».
وذكر المرصد أن بيانا تضامنيا مع سكان مدينة حمص تساءل عن «المسؤولين عن هذه الاغتيالات» و«دعا الجميع إلى إدانتها ومنع الإرهابيين من ارتكاب أعمال عنف مماثلة».
ويعد هذا الحادث هو الرابع من نوعه في حمص خلال أقل من أسبوع، إذ جرى اغتيال الدكتور الطبيب حسن عيد رئيس قسم جراحة الصدر في المشفى الوطني، وأطلق مجهولون عليه النار صباح الأحد أمام منزله. كما اغتيل يوم الاثنين العميد الركن الدكتور نائل الدخيل مدير كلية الكيمياء في جامعة حمص، والمهندس محمد علي عقيل الأستاذ في كلية الهندسة المعمارية في جامعة البعث في حمص.
إلى ذلك، طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان أمس الأمم المتحدة بإجراء تحقيق حول دور النظام السوري في مقتل الشابة زينب الحسني في محافظة حمص، ويعتقد أن عناصر الأمن الموالين لنظام بشار الأسد هم من قاموا بقطع رأس الحسني والتمثيل بجثتها خلال احتجازها. واكتشفت أسرة الشابة جثتها عندما ذهبوا إلى المستشفى العسكري بحمص لتسلم جثة شقيقها محمد.
وقالت المنظمة، ومقرها نيويورك، في بيان لها إن قتل والتمثيل بجثة الحسني على أيدي مجهولين يوضح الحاجة الملحة لضرورة أن يطالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالسماح بالدخول إلى سوريا لإجراء تحقيق دولي في عمليات القتل المنتشرة والتعذيب هناك.
ويعتقد أن الحسني هي أول سيدة تقتل لدى احتجازها لدى الشرطة منذ بداية الاضطرابات في سوريا منتصف مارس (آذار) الماضي. ووفقا لمنظمة العفو الدولية فقد تم اعتقالها للضغط على شقيقها لتسليم نفسه. ووفقا لهيومان رايتس ووتش فقد أجبرت السلطات السورية والدة الحسني على التوقيع على تقرير تقول فيه إن «عصابات مسلحة» قتلت ابنتها، وذلك لدى تسلم الجثة في 17 سبتمبر الجاري.
وقال جو ستورك نائب مدير المنظمة لمنطقة الشرق الأوسط إن قوات الأمن السورية إما هي من قتلت زينب ومثل بجثتها أو أنها تتستر على العصابات التي ترتكب هذه الاغتيالات البشعة بحق النشطاء المناهضين للحكومة وعائلاتهم.
 
هدوء حذر في القرى الحدودية بشمال لبنان وتعزيزات الجيش السوري على حالها
جريحان من القصير وصلا إلى عكار.. وتوقيف معارض سوري متهم بتهريب أسلحة
بيروت: يوسف دياب
يخيم الحذر على البلدات الحدودية في شمال لبنان، لا سيما قرى جبل أكروم التي تعرضت لإطلاق نار وقذائف صاروخية خلال نهاية الأسبوع الماضي، في ظل إبقاء الجيش السوري تعزيزاته العسكرية على حالها في مواقعه المواجهة لهذه البلدات. وأعلنت ميدانية ناشطة على الحدود، أن «أهالي بلدات النصوب وحلواص والمونسة الذين غادروا منازلهم ليل السبت الماضي، يخشون العودة إليها في ظل غياب أي ضمانات بعدم تكرار ما تعرضوا له، وشبه الغياب لوجود الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية في المنطقة». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «معظم السكان ما زالوا يبيتون خارج منازلهم، وهم يناشدون الجيش اللبناني الحضور والانتشار في منطقتهم، والتنسيق مع الجيش السوري عند أي خرق أو حادث معين لمعالجته بدل توتير الأجواء وتحويل القرى إلى منطقة عمليات عسكرية». وأفادت أن «المواقع السورية في جهوزية عالية وهي معززة بدبابات ومدفعية وناقلات جنود، وهو ما يزيد التوتر لدى أبناء البلدات اللبنانية القريبة جدا منها».
إلى ذلك رأى ناشطون لبنانيون أن «الأوضاع على الحدود بين منطقة وادي خالد والجانب السوري هادئة ولا يعكرها أي شيء حاليا، ومرد ذلك إلى إحكام الجيش السوري سيطرته على طول المعابر البرية غير الشرعية، بما يحول دون الخروج والدخول من وإلى الأراضي السورية». وكشف الناشطون لـ«الشرق الأوسط»، أن «الضابط السوري المسؤول عن القوّة الموجودة على الأرض، طلب أن يلتقي وجهاء وفاعليات وادي خالد، للتفاهم معهم على ضبط الحدود ومنع من سماهم الإرهابيين والمسلحين من دخول الأراضي السورية عبر منطقتهم، إلا أن فاعليات البلدة رفضوا هذا العرض، باعتبارهم غير مخولين ضبط الحدود وهذه المهمة ليست من مسؤوليتهم». ولفت الناشطون إلى أن «أهالي وادي خالد يرفضون إيواء أي مسلح أو إرهابي وحمايته، وكل ما يفعلونه اليوم هو مساعدة نازحين مدنيين تركوا بلدهم بسبب الظروف الأمنية الصعبة، ويعتبرون أن ضبط الحدود ومنع تسلل المسلحين هو مسؤولية الجيش اللبناني، وبالتالي على الجيش السوري أن يتفاهم مع المسؤولين الأمنيين والعسكريين في لبنان على هذه الأمور وليس توريط الأهالي فيها، لأن أبناء وادي خالد ليسوا دويلة مستقلة عن الدولة اللبنانية بل هم جزء منها ويخضعون لحمايتها».
وفي سياق متصل علمت «الشرق الأوسط»، أن «جريحين سوريين وصلا (أمس) إلى لبنان وأدخلا أحد مستشفيات عكار لمعالجتهما من إصابات تعرضا لها في مدينة القصير القريبة من الحدود اللبنانية». ورفضت مصادر مطلعة كشف اسمي هذين الجريحين والمستشفى الذي يعالجان فيه، وذلك تجنبا لتوقيفهما من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية.
وليس بعيدا عن اضطرابات الحدود، أعلن مصدر قضائي لبناني أن قاضي التحقيق العسكري عماد الزين أصدر أمس قرارا اتهاميا طلب فيه عقوبة السجن ثلاثة أشهر للمعارض السوري الموقوف محمد حسن عجم، بعدما اتهامه بحيازة أسلحة حربية وتهريبها من البقاع اللبناني إلى سوريا، وأحاله إلى المحكمة العسكرية الدائمة لمحاكمته.
 
مسيحيون في سوريا يدعمون الأسد.. خوفا من التغيير
منهم من انضم إلى الانتفاضة.. وهناك مفكرون مسيحيون من أبرز الشخصيات المعارضة
صيدنايا (سوريا): «نيويورك تايمز»*
جلس أبو إلياس أسفل الدرج الشاهق المؤدي إلى دير سيدة صيدنايا، الكنيسة الواقعة أعلى الجبال خارج دمشق التي يتعبد فيها المسيحيون منذ 1400 عام. وقال وهو يستدير نحو رجل يجلس بجواره يدعى روبرت، لاجئ عراقي كان قد فر من النزاع الطائفي في العراق: «إننا جميعا نخشى مما سيحدث بعد ذلك».
وأضاف أبو إلياس، ناظرا إلى صديقه، الذي جاء إلى سوريا قبل عام من الآن: «لقد ترك العراق وجاء إلى هنا. وعاجلا، سنجد أنفسنا نفعل الشيء ذاته».
تتسارع وتيرة الاضطرابات في سوريا، حيث قامت القوات الحكومية يوم أول من أمس، الثلاثاء، بمهاجمة مدينة الرستن الثائرة باستخدام الدبابات والرشاشات، مما أسفر عن جرح ما لا يقل عن 20 شخصا. ومع تزايد الفوضى، ذكر المسيحيون الذين كانوا يقومون بزيارة صيدنايا في أحد أيام الأحد القريبة، أنهم يخشون من أن يؤدي تغيير السلطة إلى ظهور حكم استبدادي من ناحية الأغلبية السنة، مما يحرمهم من الحماية ضئيلة الأثر التي منحتهم إياها أسرة الأسد خلال 4 عقود.
وتعد الأقلية المسيحية في سوريا كبيرة الحجم، حيث تمثل نسبة 10 في المائة من السكان، رغم قول البعض هنا إن نسبتهم أصبحت أقل هذه الأيام. ورغم اختلاف مواقفهم - بعض المسيحيين ينتمون لصفوف المعارضة والبعض الآخر من الموالين للحكومة بسبب الخوف أكثر منه بسبب الحماسة - ساعد خوف الأقلية في توضيح كيف حافظ بشار الأسد على مجموعات من أنصاره، رغم القمع الأمني الوحشي الذي يهدف إلى تدمير الانتفاضة الشعبية.
وبالنسبة للعديد من المسيحيين السوريين، تبقى تصرفات الأسد متوقعة في منطقة أدى فيها عدم التوقع إلى قدوم إخوة لهم من بلدان عصفت بها الحرب مثل العراق ولبنان، بينما شعر آخرون بالخطر في مصر بعد الثورة. وهم يخشون أن يتعرضوا لأعمال انتقامية على يد القيادة السنية المتحفظة بسبب ما رأوه من قيام أسرة الأسد بتقديم دعم مسيحي لهم، إذا ما سقط الرئيس. كما يخشون أن يتحول صراع الإطاحة بالأسد إلى حرب أهلية، تؤدي إلى إراقة الدماء الطائفية في دولة وجدت الأقليات، عرقية ودينية، سبيلا للتعايش فيها.
وقلقهم شديد لدرجة أن العديد تجاهل حجة المعارضة بأن الحكومة هي التي زادت من سوء هذه الانقسامات، وذلك لضمان استمرار حكم أسرة الأسد، التي جاءت من أقلية مسلمة هي الأقلية العلوية.
وكتبت سيدة مسيحية سورية على صفحتها على موقع الـ«فيس بوك»، مخاطبة المتظاهرات المسيحيات: «إنني أشعر بالاستغراب من مطالبتكن بالحرية والإطاحة بالنظام. ماذا تعني حرية؟ كل واحدة منكن تفعل ما تريده وهي حرة أيضا في قول ما تريده. هل تعتقدن أنه إذا ما سقط النظام (لا قدر الله) سوف تحصلن على الحرية؟ حينئذ، سوف تجلس كل واحدة منكن في منزلها حبيسة تنعى هذه الأيام».
ويعد مصير الأقليات في المنطقة من بين أكثر الأسئلة إلحاحا التي تواجه العالم العربي المضطرب. وتعتبر سوريا، التي تضم مزيجا من القطاعات المسلمة والمسيحية في آن واحد، تجسيدا لهذا التساؤل في أوضح صوره: «هل يجب أن يكون هناك رجل قوي لحماية المجتمع من الأحداث الأكثر خطورة التي لا يجب أن نتهاون نحوها في المجتمع؟».
وقد تردد صدى أزمة المسيحيين في سوريا بين الأقليات الدينية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فالعديد منهم يرى أنهم سيواجهون مصيرا مشتركا. ففي العراق، تضاءل عدد المسيحيين بدرجة كبيرة للغاية منذ الإطاحة بصدام حسين، فقد أدت إراقة الدماء والتعصب القومي إلى نزوحهم. كما يخشى المسيحيون في مصر من وصول الإسلاميين إلى الحكم. علاوة على ذلك يساور المسيحيين في لبنان، الذين يعدون أكبر أقلية في العالم العربي، القلق حيال مستقبلهم في دولة ظهروا فيها كخاسرين بارزين لحرب أهلية دامت 15 عاما.
وقد طلب البطريرك الكاثوليكي الماروني في لبنان من المارونيين، الذين يعدون أكبر مجموعة من المسيحيين في لبنان، هذا الشهر، منح الأسد فرصة أخرى ووقتا كافيا لتنفيذ قائمة طويلة من الإصلاحات كان قد وعد بها، ولم تنفذ حتى الآن.
وقد أدت كلمات البطريرك، بشارة بطرس الراعي، إلى احتدام الجدل في لبنان، الذي عاش تحت السيطرة السورية لمدة 29 عاما. وقامت شخصية معارضة سورية (ومسيحية) بإدانة دمشق. إلا أن البطريرك بشارة الراعي دافع عن ملاحظاته وحذر قائلا إن سقوط الحكومة في سوريا يهدد المسيحيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وقال: «لقد تحملنا حكم النظام السوري.. لم أنس ذلك. إننا لا ندعم النظام، لكننا نخشى من الفترة الانتقالية التي قد تليه. يجب أن ندافع عن المجتمع المسيحي. ونحن أيضا، يجب أن نقاوم».
وتقول الأمم المتحدة إن ما يزيد على 2.600 شخص قد قتلوا منذ اندلاع الانتفاضة في منتصف مارس (آذار) في مدينة درعا الجنوبية، وحذر البعض، ومنهم نشطاء من إمكانية لجوء المتظاهرين إلى استخدام الأسلحة بدافع اليأس. بينما وصلت التقديرات بشأن أعداد المعتقلين إلى عشرات الآلاف.
وقد انضم بعض المسيحيين إلى صفوف الانتفاضات، كما انضم مفكرون مسيحيون مثل ميشيل كيلو، وفايز سارة، إلى شخصيات المعارضة.
وذكر ناشط في دمشق كيف أن صديقا مسيحيا له وجد نفسه مختبئا في منزل أسرة مسلمة متحفظة في مدينة تقع على أطراف دمشق. وكان صديقه هذا مشتركا في مظاهرة مع آخرين عندما وصلت قوات الأمن وبدأت في إطلاق النيران بصورة عشوائية على المتظاهرين، لذا فقد قاموا بالفرار والبحث عن ملاذ آمن من خلال الاختباء في البنايات والمنازل القريبة، بحسب الناشط.
وعندما هدأ الاضطراب، سأله مضيفه الجديد عن اسمه. وقد فكر للحظة أن لا يقول الحقيقة، نظرا لخوفه، لكنه خشي أن يطلب منه أوراقا تثبت هويته، لذا فقد أخبره بالحقيقة.. ولدهشته، فقد قام المضيف وأسرته وجميع الأشخاص الذين كانوا مختبئين معه في المنزل بالاحتفاء به وبانضمامه إلى صفوفهم.
ولم تحدث الصيغة المعتادة التي تشير إلى انقسام السوريين - التي تزعم أن الأقليات الدينية تقف إلى جانب الأسد، بينما تقف الأغلبية السنية ضده - فارقا في الصراع الذي من الممكن أن يؤثر على سوريا لعدة أجيال. فقد انضم بعض العلويين - الطائفة المسلمة التي ينتمي إليها الأسد - إلى المتظاهرين. وعندما جاء عدد قليل منهم إلى مدينة حماه التي تقع وسط سوريا للانضمام إلى المظاهرات الضخمة هذا الصيف، قامت السنة بتحيتهم بأغان وقصائد من الشعر.
وعلى الرغم من ذلك، فعندما أصبح وعد الثورات العربية بنظام جديد والقضاء على القمع وعدم المساواة تزايدت المخاوف من أن يحظى الإسلاميون، القوة الأكثر تنظيما في المنطقة، بنفوذ كبير، وأن تصبح المجتمعات أكثر تحفظا وتعصبا.
وقال أبو إلياس، أثناء قيامة بتحية المصلين الذين ساروا على مئات الأحجار التي أصبحت أكثر سلاسة على مدار القرون: «لقد انتشر الخوف بيننا وبين أي شخص ينتمي إلى الأقليات، فنحن هنا اليوم، لكن من يعلم أين سنكون غدا؟».
* خدمة «نيويورك تايمز»
 
عائلة الرئيس السوري تلتحم.. من أجل البقاء
خدام: بشار الأسد صاحب القرار في الأسرة ويعاني مرض الغرور والاستبداد في الرأي
لندن: «الشرق الأوسط»
يرى محللون أن 6 أشهر من الاحتجاجات الشعبية في سوريا، لم تنجح في زعزعة عائلة الرئيس السوري بشار الأسد التي لا تزال تسيطر على الجيش وأجهزة الأمن وتمسك بزمام الاقتصاد في معركة تخوضها من أجل البقاء، وذلك بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال الكاتب والصحافي باتريك سيل، الذي كتب عدة مؤلفات تناول فيها سوريا ورئيسها السابق، حافظ الأسد: «إن عائلة الأسد بقيت موحدة، حتى الآن على الأقل، إلا أنها من دون شك تتعرض لضغوط كبيرة». واعتبر سيل أنه «سيكون من الصعب على المعارضة قلب النظام إذا ظلت العائلة متحدة مع أجهزة الأمن».
من جانبه، قال الإعلامي السوري المعارض المقيم في لندن، بسام جعارة، إن «النظام لا يزال صلبا جدا ولم تحصل حتى الآن أي تصدعات داخل صفوفه أو في هيكليته». وبينما اختار الجيشان، التونسي والمصري، في النهاية التخلي عن رأسي نظاميهما، بقي الجيش السوري على ولائه للرئيس بشار الأسد. وقال نائب الرئيس السوري السابق، عبد الحليم خدام، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية: «أعتقد أنه يجب أن نرى الجيش في ضوء واقعه الحالي كأداة لتنفيذ جرائم النظام، ولكن بالتأكيد هناك كثيرون يشعرون بالخوف والمرارة والألم».
وأضاف أن «عامل الخوف حتى الآن لم يسمح بوصول هؤلاء إلى الترابط، هذا الأمر سيحدث ولكن ليس اليوم، وسيكون عندما يزداد الضغط الدولي الحقيقي والضغط العربي، فعندئذ مؤسسات النظام ستتفكك وسيعمل الكثيرون على القفز من زورق النظام إلى البحر آملا في النجاة».
ويقود الجيش أفراد من أسرة الأسد، وهم من الأقلية العلوية. فصهر الرئيس السوري، آصف شوكت، يشغل منصب نائب رئيس أركان الجيش، وشقيق الرئيس ماهر يترأس الفرقة الرابعة التي تعد فرقة النخبة في الجيش السوري. وأكد مراقبون أن عمليات قمع الحركة الاحتجاجية قادها في الأشهر الأولى بشكل أساسي ماهر الأسد. وعن ماهر، يقول خدام الذي شكل جزءا من نظام الأسد طوال 21 عاما واستقال في عام 2005: «ماهر هو أداة تنفيذ لقرارات شقيقه»، مؤكدا أن «ماهر مرتبط وملتزم بشقيقه».
وقال خدام المقيم في منفاه بباريس إن «صاحب القرار في الأسرة وفي النظام هو بشار الأسد. أفراد العائلة قد يقدمون أفكارا ومشاورات أو مقترحات ولكنه هو الذي يتخذ القرار، ودور الآخرين من العائلة التنفيذ». وبحسب خدام فإن «كثيرا ما يتخذ (الأسد) قرارات بناء على اقتراح أشخاص ويتراجع عنها بناء على اقتراح أشخاص آخرين». وأضاف نائب الرئيس السوري السابق أن بشار الأسد يعاني من «مرض الغرور ومرض الاستبداد في الرأي»، مشيرا إلى أنه ليس هناك أي دور حقيقي لنساء العائلة كما يعتقد البعض، لا سيما والدة بشار، أنيسة، وشقيقته، بشرى، وزوجته، أسماء الأطرش. وقال في هذا السياق: «ليس لهن أي دور حقيقي، الوالدة أنيسة موجودة في القرداحة وهي مريضة، والشقيقة مبعدة عن القرار منذ وفاة والدها، ولا أعتقد أن لزوجته دورا في ما يقوم به».
ويوافق جعارة الذي عمل مستشارا لرئيس الوزراء السوري السابق، محمود الزعبي، على هذا التوصيف، إذ يعتبر أن «بشار يمسك بالسلطة بشكل كامل». وقال جعارة: «إذا كان بشار غير قادر على التحكم في القرارات فكان يجدر به أن يستقيل ويهادن شعبه، لكنني لا أعتقد أنه كذلك، كما أنني لا أعتقد أن هناك أي خلافات داخل عائلة الأسد». وأشار جعارة إلى أن ابن خال الرئيس الأسد، رامي مخلوف، الذي يعتبر من أكبر أثرياء سوريا «وضح المعادلة منذ اليوم الأول في حديثه مع صحيفة (نيويورك تايمز) عندما قال: (إما نواجه معا أو نقع معا)».
وأكد جعارة أن بشار الأسد استعان بصقور الحرس القديم الموالي لوالده «للاستفادة من خبراتهم» في قمع الحركة الاحتجاجية. وقتل نحو 20 ألف شخص في مدينة حماة السورية عام 1982 عندما قمع النظام انتفاضة إسلامية ضد الرئيس حافظ الأسد.
 
المعارضة السورية تطلق 3 ورش للتوحيد والتنظيم.. وتنتقل إلى القاهرة
معارض لـ «الشرق الأوسط»: انشقاقات كبيرة وجدية في الجيش.. وندرس مع المجتمع الدولي كل الخيارات لحماية المدنيين
بيروت: ثائر عباس
تشهد مدينة إسطنبول ورشة عمل كبيرة للمعارضة السورية التي تعكف حاليا على توحيد صفوفها وتنظيمها استعدادا لـ«الخطوة التالية» وهي إسقاط النظام كما يقول الناشطون السوريون الذين يتجمعون حاليا في المدينة التركية، فيما برزت مؤشرات إلى احتمال تكثيف المعارضة السورية نشاطها في مصر بسبب «إيماننا بدور مصر في المنطقة» كما أكد عضو المجلس الوطني السوري محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط» أمس.
وقال سرميني الذي يزور القاهرة حاليا مع وفد كبير من المجلس الوطني إن مؤتمرا صحافيا سوف يعقد اليوم في القاهرة للحديث عن التوجهات المستقبلية للمعارضة السورية. كاشفا عن نية بافتتاح مكتب في العاصمة المصرية «رائدة الثورات العربية ونموذجها»، مشيرا إلى أن نتائج اللقاءات التي أجراها وفد المعارضة إيجابية جدا شعبيا وسياسيا. متحدثا عن مجموعة من اللقاءات آخرها مع الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى. مشيرا إلى لقاء مع شيخ الأزهر الذي أصدر فتوى رسمية «بتحريم إراقة دماء الشعب السوري».
وكشف سرميني عن أن المعارضة السورية بدأت «اتصالات حقيقية» مع الجهات الدولية من أجل «حماية المدنيين على جميع المستويات بعد التطورات الأخيرة في سوريا والاستعمال غير المسبوق للقوة العسكرية ضد المدنيين»، معتبرا أن الموضوع «لم يعد يمكن السكوت عليه»، ولا بد من «خطوات قريبة جدا في هذا المجال»، موضحا أن المعارضة «تدرس كافة الخيارات الآيلة إلى حماية المدنيين من بطش النظام، وهذه من مسؤوليات المجتمع الدولي».. وقال: «نحن نبحث الخيارات كافة ومن جميع الجهات»، معترفا بأن الموضوع «معقد»، لكنه شدد على ضرورة الوصول إلى حلول لحمايتهم. وأكد سرميني أن المعلومات المتوفرة للمعارضة تؤكد «حدوث انشقاقات كبيرة وجدية في الجيش السوري»، آملا أن تكون هذه الانشقاقات «بداية النهاية لمعاناة السوريين».
وفي إسطنبول تنظم المعارضة السورية 3 طاولات مستديرة تهدف إلى تنظيم صفوفها وسط أجواء من التكتم الشديد. وتضم الطاولة الأولى مشاركين من المجلس الوطني السوري واللجنة المؤقتة المنتخبة تحضيرا للاجتماع الذي سيعقد الأحد المقبل لانتخاب هيئة المجلس ورئيسه. أما الطاولة الثانية فهي «طاولة الوحدة» التي دعا إليها المجلس الوطني وتبدأ أعمالها اليوم في إسطنبول. وقد وجه المجلس الدعوة إلى مجموعة الإخوان المسلمين وإعلان دمشق وشباب التنسيقيات السورية والمعارض السوري برهان غليون، بالإضافة إلى شخصيات أخرى معارضة وشباب التنسيقيات السورية في الداخل. أما الطاولة الثالثة، فتضم «الهياكل الثورية» التي تعمل من أجل دعم الهيئة العامة للثورة السورية مع القيادة العامة للثورة. وأوضح ياسر النجار، عضو «المجلس الأعلى لقيادة الثورة» لـ«الشرق الأوسط» أن هذه «الاجتماعات المكثفة التي تعقد بين الهيكليتين الأساسيتين العاملتين على الأرض في سوريا ولسان حال الحراك الشعبي، ستكونان بمثابة المدقق الإيجابي في تسريع الوصول إلى هيكلية سياسية تعبر عن الشارع السوري»، معتبرا أن «الهياكل الثورية سوف تكون رقيبا على العملية السياسية للخروج بنتائج تتجاوب مع سقف مطالب شباب الثورة». مشيرا إلى أن هذه الهياكل «قد تكون الذراع التنفيذية للمجلس الوطني في الداخل على مستوى الدعم اللوجستي والإعلامي والإنمائي». قائلا إن «الهيكليات حريصة على أن تظهر وحدة الحراك من خلال الضغط على التيارات السورية المعارضة للتوحد في إطار واحد بهدف تحقيق الخطوة الثانية وهي إسقاط النظام».
 
واشنطن: يمكن التفاوض مع «إخوان سوريا».. إذا نبذوا العنف
المتحدثة باسم الخارجية قالت إنه لا داعي لقلق العلمانيين
واشنطن: محمد علي صالح
قالت الحكومة الأميركية أمس إنها مستعدة للتفاوض مع جماعة الإخوان المسلمين وأي منظمات إسلامية في سوريا إذا أعلنت رفضها للعنف. وأوضحت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، خلال مؤتمر صحافي في واشنطن، أنها ليست متأكدة من الأخبار التي قالت إن روبرت فورد، السفير الأميركي دلى سوريا، أجرى اتصالات بـ«الإخوان المسلمين» هناك، لكنها أضافت «السفير فورد وأعضاء طاقم سفارته يسعون لرؤية شريحة واسعة من السوريين. وإذا كان أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين جزءا من هؤلاء، فأعتقد أنكم تعلمون موقفنا في أجزاء أخرى من العالم، وهو أنه عندما يكون أعضاء جماعة الإخوان المسلمين على استعداد للتخلي عن العنف والعمل سلميا، فنحن مستعدون لإجراء محادثات معهم».
وفي إجابة عن سؤال عما إذا كان استعداد الأميركيين للتفاوض مع الإسلاميين في سوريا يسبب خيبة أمل وسط العلمانيين السوريين ويقلل حماسهم لمعارضة نظام الرئيس بشار الأسد، وهم يرون الإسلاميين وقد «خطفوا» الثورة، قالت نولاند «ليس هذا التفسير مقبولا عندي بأي صورة أو طريقة. كما قلت، السفير فورد وأعضاء طاقم سفارتنا في دمشق يقابلون شريحة واسعة من السوريين، من جميع قطاعات المجتمع، من علويين، ودروز، وسنيين، ومسيحيين، وغيرهم. الهدف هو الحفاظ على الاتصالات مع كل التجمعات السياسية، ولنكون مستعدين للحوار مع الجميع». وأضافت «في الواقع، واحد من الأشياء التي ناصرناها نحو هذه الحركة المعارضة في سوريا هو حقيقة أنها كانت إلى حد كبير حركة غير طائفية.
 
تركيا تستعد لإعلان عقوبات ضد سوريا خلال أيام تطال الجيش والطاقة والعلاقات المصرفية
حكومة أنقرة أكدت أنها ستؤثر على النظام وليس الشعب
لندن: «الشرق الأوسط»
تستعد تركيا لإعلان مجموعات من العقوبات ضد النظام السوري خلال أيام، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز» أمس. وقال مسؤولون أتراك لـ«رويترز» رفضوا نشر أسمائهم، إن العقوبات ستطال الجيش والعلاقات المصرفية وقطاع الطاقة وغيرها. وتأتي الإجراءات استكمالا لحظر على الأسلحة مفروض بالفعل ويبرز مدى عمق الخلاف بين أنقرة والأسد. وستعلن العقوبات خلال الأيام القليلة المقبلة بعد أن يزور رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مخيمات حدودية تؤوي أكثر من سبعة آلاف سوري فروا من أعمال العنف.
وقال خبير السياسة الخارجية سميح ايديز إن «تركيا تتحول إلى الخط الأميركي والأوروبي تجاه سوريا. انهارت العلاقة مع سوريا وتتجه نحو حالة من الجمود». ودون الكشف عن التفاصيل، قالت الحكومة التركية إن العقوبات سوف تستهدف حكومة الأسد وليس الشعب السوري. وتعتبر تركيا أكبر شريك تجاري لسوريا، وكانت ثمة خطط لفتح تسعة معابر حدودية، وبلغ حجم التجارة الثنائية 2.5 مليار دولار عام 2010، وبلغت استثمارات الشركات التركية في سوريا 260 مليون دولار، حسب البيانات التركية.
وقال ايديز لـ«رويترز»: «ستسير العقوبات التركية على النهج الأوروبي والغربي نفسه، وتستهدف مسؤولين في النظام وحظرا على البنوك والسفر ومثل هذه الأمور». وفي ظل السياسة التركية السابقة الرامية لتفادي أي مشكلات على الإطلاق مع دول الجوار، عززت تركيا علاقات سياسية وتجارية مع سوريا متحدثة عن «مستقبل مشترك» بعد أن كادت تنشب حرب بين البلدين في التسعينات بسبب إيواء سوريا مقاتلين أكرادا. وبدأت العلاقات تتصدع بعدما تجاهل الأسد مرارا دعوات تركيا والمجتمع الدولي لإنهاء قمع الاحتجاجات المناهضة لحكومته، وانحياز تركيا للمشاعر السائدة في الانتفاضات العربية التي هزت المنطقة.
وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات على سوريا بشكل متدرج، إلا أن تركيا حتى فترة قريبة كانت تأمل أن تقنع الأسد بالتغيير، مدفوعة إلى حد ما بحماية مصالحها التجارية. وبدا أن النقطة الفاصلة كانت اجتماعا غير مثمر استمر ست ساعات بين وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو والأسد في الشهر الماضي. ومنذ ذلك الحين توقع أردوغان أن يطيح الشعب السوري بالأسد «عاجلا أم آجلا»، بل ووصف صديقه السابق بأنه «كاذب»، وفي حديثه مع الصحافيين في نيويورك الأسبوع الماضي عقب اجتماعه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، صرح أردوغان بأن أنقرة وواشنطن تعملان معا للاتفاق على عقوبات ضد سوريا. كما أسعد قرار تركيا استضافة نظام رادار لحلف شمال الأطلسي واشنطن وحلفاءها، بينما اغضب إيران.
وفي الأسبوع الماضي، قال أردوغان إن بلاده سوف تعترض شحنات الأسلحة إلى سوريا التي تمر عبر تركيا. وتوقعت الصحف التركية أن تغلق البلاد مجالها الجوي أمام سوريا. وفي السابق، أجرت الجارتان مناورات عسكرية مشتركة؛ بل عقدتا اجتماعات وزارية مشتركة في أوج علاقاتهما. وكانت إحدى ثمار هذه الاجتماعات خطط لافتتاح بنوك تركية فروعا في سوريا، ولكن وسائل الإعلام التركية نقلت عن مسؤولين قولهم إن العقوبات ستستهدف على الأرجح النظام المصرفي للدولة مثلما فعلت العقوبات الأميركية وعقوبات الاتحاد الأوروبي. كما علقت خطط تأسيس بنك تركي - سوري إلى جانب خطط تعزيز العلاقات بين البنكين المركزيين في البلدين، حسبما نشرت وسائل الإعلام التركية.
كما يحتمل إلغاء خطط مثل استكمال مشروع غاز طبيعي يربط خط أنابيب عربي بخط أنابيب تركي. وعلى الأرجح ستتخلى شركة البترول الوطنية التركية (تباو) عن خطط للتنقيب المشترك عن النفط والغاز في سوريا وفي دولة ثالثة بالتعاون مع شركة النفط المملوكة للدولة في سوريا. واشترت شركة تكرير النفط التركية «توبراش» 320 ألف طن من الخام الثقيل من الشركة السورية بين مارس (آذار) وسبتمبر (أيلول) حسب مسؤولي الشركة. لكن العقوبات التي تستهدف البنوك السورية تجعل التحويلات في المستقبل صعبة حتى وإن لم تفرض عقوبات على تجارة النفط تحديدا. ورغم أن تركيا لم تقطع العلاقات رسميا، فإن مسؤولين يقولون إنها ربما تتخذ بعض الخطوات لخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي في دمشق لتعزل الأسد أكثر.
وقال افق يولتاس، خبير الشرق الأوسط في معهد «سيتا» ومقره أنقرة، إن تركيا ربما توسع العقوبات لتشمل الاستثمارات والشراكة مع رجال أعمال سوريين يدعمون النظام. وساهم إلغاء التأشيرات في تعاون اقتصادي أوثق وازدهار السياحة، وقال محللون إن رجال أعمال سوريين ربما يفتحون حسابات في تركيا للاحتفاظ بالأموال في مكان آمن عبر الحدود. وتابع يولتاس: «يعتقد أن بعض مجموعات الأعمال التي تدعم النظام لها مصالح في تركيا وربما تتخذ إجراءات ضدها». ولتفادي معاناة الشعب السوري، استبعدت تركيا إجراءات مثل وقف بيع الكهرباء لسوريا وخفض كمية المياه التي تسمح بها عبر نهر الفرات. ودفعت الأزمة السورية تركيا وواشنطن للتعاون بشكل أوثق، ولكن انتقاد أردوغان للأسد أغضب إيران.
وتوقع حسين باجي بجامعة الشرق الأوسط التقنية ومقرها أنقرة أن تدفع تركيا ثمن تغيير موقفها تجاه سوريا واستضافة نظام الدرع الصاروخية لحلف شمال الأطلسي. وقال: «ما زالت إيران وروسيا والصين تساند سوريا. تخاطر تركيا بمواجهة معارضة من جميع تلك الدول بسبب موقفها من سوريا. عادت العلاقات التركية - السورية إلى نقطة الصفر.. لحقبة عدم الأمان. قد تخسر تركيا».
 
الأوروبيون يتخلون عن العقوبات الفورية لإصدار قرار مجلس الأمن حول سوريا.. وموسكو تقدم مسودة بديلة
جهود لسد الفجوة بين الموقفين الغربي والروسي
واشنطن: مينا العريبي
بعد أسابيع من فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إصدار قرار يندد بالعنف في سوريا ويوضح الموقف الدولي مما يحدث فيها، عرضت مسودتان جديدتان أمام مجلس الأمن لهذا القرار. وبعد أن أقدم الأوروبيون على تعديل مسودتهم الأولى لقرار مجلس الأمن حول سوريا وإلغاء البند المتعلق بعقوبات فورية على سوريا أول من أمس، تقدمت روسيا أمس بتوزيع مسودة قرار بديلة. وعلى الرغم من اعتبار الأوروبيين بأنهم تقدموا بتنازل كبير في إصدار المسودة الجديدة، ما زالت هناك معارضة روسية وصينية للقرار الجديد. وهناك جهود حثيثة في نيويورك لسد الفجوة بين الموقف الغربي والموقف الروسي الذي تدعمه الصين من الخطوات المقبلة في التعامل مع الملف الروسي.
وأوضح مصدر دبلوماسي أوروبي في الأمم المتحدة أن «المسودة الجديدة تأخذ في عين الاعتبار تردد الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن، فلا تدعو المسودة إلى عقوبات فورية أو تغيير النظام». وأضاف: «لكن يعتبر مشروع القرار مهما في إرسال رسالة قوية للسوريين، إذ يطالب بتسمية مبعوث خاص للتعامل مع السلطات السورية والعمل على معالجة الملف السوري». وأوضح أن المسودة «تطالب السلطات السورية بضبط النفس ومنع انتقال الأسلحة في البلاد، بالإضافة إلى تحديد 15 يوما قبل نظر المجلس مجددا في الوضع في سوريا»، مؤكدا «نوضح في مسودة القرار أنه في حال لم يتم الاستجابة لمطالب مجلس الأمن سيتخذ مجلس الأمن خطوات ملموسة بعقوبات محددة».
وبحسب نص مشروع القرار الأوروبي، فإن مجلس الأمن يدين بشدة «الانتهاكات المنهجية والخطيرة والمتواصلة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السورية» ويطالب بـ«الوقف الفوري لجميع أشكال العنف». ويشير النص إلى أن مجلس الأمن «يعرب عن تصميمه، في حال لم تتقيد سوريا بهذا القرار، على إقرار إجراءات هادفة بما فيها عقوبات» ضد النظام. ويشدد مشروع القرار على الحاجة إلى «آلية سياسية يقودها السوريون» من أجل إنهاء الأزمة ويعرب عن أسف مجلس الأمن لعدم تنفيذ الرئيس السوري بشار الأسد الإصلاحات الموعودة.
ولكن المسودة الروسية تطرح رؤية مختلفة، حيث لا تشير إلى إمكانية فرض العقوبات إطلاقا. كما أنها وضعت مدة زمنية لشهر لإعادة النظر في الوضع السوري خلال شهر. كما أن المسودة الروسية تشدد على دور الجامعة العربية في تسهيل حوار سياسي بين المعارضة والحكومة السورية. ولكن هناك معارضة أوروبية وأميركية على المشروع الروسي. واعتبر المصدر الأوروبي أن المسودة الأوروبية التي تؤيدها الولايات المتحدة «تشكل تنازلا كبيرا مننا، نحن أردنا فرض العقوبات فورا على سوريا وليس على الشعب السوري، بل على المسؤولين عن العنف في البلاد، ولكن مع الأسف لا يتفق كل أعضاء مجلس الأمن مع هذا الموقف»، في إشارة إلى روسيا والصين والهند. وأضاف: «من المهم أن يتحدث مجلس الأمن بصوت واحد، ولذلك قمنا بتقديم مسودة جديدة»، معتبرا «أنه من الصعب أن نتراجع عن المسودة الحالية، ولا يمكن أن نضيع المزيد من الوقت والناس يقتلون ويعتقلون». وهددت روسيا والصين، العضوان الدائمان في مجلس الأمن، باستخدام حق النقض «الفيتو» على أي قرار ينص على عقوبات، كما أعربت البرازيل والهند وجنوب أفريقيا عن معارضتها لأي قرار مماثل.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لدى مجلس الأمن أرادوا التصويت على مسودة القرار قبل نهاية الأسبوع، إلا أن إصدار روسيا مسودة بديلة وتداولها في مجلس الأمن قد يؤخر هذه العملية. ومشروع القرار الجديد الذي قدمته بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال بدعم أميركي يختلف عن المسودة الروسية بنقاط عدة.
ويعبر الروس في المسودة التي اطلعت عليها «الشرق الاوسط»، عن «القلق العميق من الوضع في سوريا»، مطالبة «كل الأطراف بالتصرف بضبط النفس والابتعاد عن الانتقام بما فيها ضد مؤسسات الدولة». وتضيف المسودة أن «الحل الوحيد للأزمة الحالية في سوريا من خلال عملية سياسية شاملة يقودها السوريون»، مشددة على أهمية «سيادة واستقلال وسلامة أراضي سوريا». وتؤكد المسودة الروسية على أن «ضرورة حل الأزمة الحالية في سوريا بشكل سلمي من دون أي تدخل عسكري من الخارج». وتشمل المسودة الروسية 5 توصيات، هي: أولا المطالبة بعملية سياسية سورية خالية من العنف، وثانيا مطالبة الحكومة السورية بالإسراع في تطبيق الإصلاح لـ«معالجة الطموحات الشرعية للشعب السوري». أما النقطة الثالثة، فتطالب المعارضة السورية «بإبعاد نفسها عن المتطرفين وأن تدخل حوارا سياسيا مع السلطات السورية». وتتعلق التوصية الرابعة بمطالبة دول الجامعة العربية بمواصلة جهودها في دعم الحوار السياسي بين الفصائل السورية المختلفة. والتوصية الخامسة هي مراجعة الوضع السوري بعد شهر من تبني القرار.
ولم يصدر مجلس الأمن سوى إعلان واحد بشأن الوضع في سوريا منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية ضد نظام الأسد منتصف مارس (آذار) الماضي. وأفاد مسؤول أميركي رفيع المستوى بأن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون دعت الاثنين الصين إلى تقديم دعم قوي لتحرك في مجلس الأمن في شأن سوريا، وذلك خلال لقائها نظيرها الصيني يانغ جايشي. وكانت كلينتون قد تقدمت الأسبوع الماضي بالطلب من نظيرها الروسي سيرغي لافروف بالعمل على إصدار قرار من مجلس الأمن حول سوريا وتقوية الموقف الدولي من التطورات في سوريا. ولكن حتى الآن، تبقى الخلافات قائمة حول شكل هذا الموقف والدور الدولي، مع تأكيد روسيا والصين رفضهما لأي تدخل خارجي أو فرض عقوبات دولية ضد سوريا.
 
شركات نفطية تخفض إنتاجها في سوريا بناء على طلب السلطات.. ودمشق عاجزة عن بيع نفطها
لم تغادر شحنة نفط واحدة المرافئ السورية هذا الشهر
لندن: «الشرق الأوسط»
أعلنت مجموعة الطاقة الكرواتية ««إينا»» أمس أنها خفضت الإنتاج في حقول النفط والغاز التابعة لها في سوريا بعد قرار الاتحاد الأوروبي بتشديد العقوبات على دمشق. وقالت الشركة في بيان إن «الاتحاد الأوروبي شدد العقوبات على سوريا وفرض حظرا على استيراد النفط السوري إلى الاتحاد الأوروبي. نظرا للتطورات الأخيرة، عدلت («إينا») متوسط إنتاجها اليومي من النفط والغاز في سوريا وخفضته بواقع 1.5 ألف برميل من النفط يوميا».
ولم تفصح «إينا» عن إنتاجها في سوريا، لكنها قالت إن الإنتاج الإجمالي من كل حقولها النفطية في أنحاء العالم يبلغ 76 ألفا و223 برميلا يوميا. وقالت «إينا»، التي أكبر مساهميها مجموعة «إم أو إل» المجرية، إنها ستواصل مراقبة التطورات المرتبطة بسوريا عن كثب. وتعمل «إينا» في قطاعي المنبع والمصب معا وتنشط في التنقيب عن الغاز والنفط في موطنها وفي الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي ثاني أكبر شركة في كرواتيا التي أتمت محادثات العضوية مع الاتحاد الأوروبي هذا العام وتأمل في الانضمام إلى الاتحاد عام 2013.
جاء ذلك، في وقت ذكرت فيه صحيفة «واشنطن بوست» أن السلطات السورية تطلب من شركات النفط العاملة في سوريا تخفيض إنتاجها مع تراكم كميات النفط وسط عدم قدرتها على تصديره. وكان الاتحاد الأوروبي يشتري 95 في المائة من النفط السوري، وتوقف التصدير إلى دول الاتحاد بعد فرض عقوبات أوروبية تمنع ذلك. ورغم أن دمشق حاولت التخفيف من تأثير تلك العقوبات وأكدت أن بإمكانها تصدير نفطها إلى دول أخرى، فإن تجارا أكدوا للصحيفة الأميركية أنه منذ فرض العقوبات، لم تتمكن سوريا من العثور على مشترين جدد رغم تقديمها أسعارا مخفضة. وقد أجبر ذلك شركات النفط الأجنبية العاملة في سوريا على تخزين النفط المستخرج والمعد للتصدير، مما أدى إلى تراكم في النفط المستخرج.
وخفضت شركة «غالف ستاند بتروليوم» والمسجلة في لندن، إنتاجها بنسبة 40 في المائة نزولا على طلب السلطات السورية. وتنتج الشركة اليوم 14500 برميل يوميا، مقارنة بـ24 ألف برميل في أغسطس (آب) الماضي. وخفضت أيضا الشركات الأخرى العاملة في سوريا من إنتاجها، وهي «رويال دويتش شيل»، و«توتال» الفرنسية، ومؤسسة البترول الوطنية الصينية، ومؤسسة النفط والغاز الطبيعي الهندية. وذكرت «واشنطن بوست» أن بعض شركات النفط تأمل أن يكون تخفيض الإنتاج خطوة مؤقتة، وستنتهي عندما تعثر سوريا على بلدان بديلة تصدر إليها النفط، إلا أن شركات أخرى تعتقد أن هذه الخطوات ستستمر ما دامت العقوبات الأوروبية لم ترفع. وصدرت سوريا العام الماضي 150 ألف برميل يوميا، بينما استهلكت الباقي محليا. وكانت ألمانيا وإيطاليا تشكلان ثلثي مستهلكي النفط السوري المصدر.
وقالت الصحيفة الأميركية إنه لم تغادر المرافئ السورية هذا الشهر شحنة نفط واحدة، استنادا إلى بيانات الشحن. وقال تجار نفط إن العقوبات الأوروبية على النفط السوري كان لها تأثير أكبر مما كان متوقعا، لأن المصارف الدولية ترفض فتح اعتمادات مع الشركات السورية، وهي خطوة غالبا ما تستعمل في العمليات التجارية.
 
اتحاد الصحافيين العرب وقناة «حزب الله» يرفضان العقوبات الأوروبية ضد قناة «الدنيا»
القناة تدافع عن النظام السوري
القاهرة: صلاح جمعة بيروت: «الشرق الأوسط»
بينما تتواصل العقوبات الأوروبية على النظام السوري بأشكالها المختلفة، أعلن الاتحاد العام للصحافيين العرب رفضه قرار الاتحاد الأوروبي بإيقاف بث قناة «الدنيا» الفضائية السورية بدعوى دفاعها عن الحكومة السورية. وقال الاتحاد العام للصحافيين العرب في بيان له أمس إن الاتحاد «يرفض قرار الاتحاد الأوروبي التزاما بالدفاع عن حرية الرأي وحق التعبير وحق كافة القوى مؤيدة أو معارضة في التعبير، خاصة أن القناة المشار إليها هي مجرد منبر للرأي». وأكد الاتحاد «حق كافة وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة في متابعة الأحداث داخل سوريا لنقل تقارير واقعية عما يجري هناك دون تهويل أو تضخيم ويرى ضرورة أن تسمح الحكومة السورية لممثلي الصحف والوكالات الأجنبية بمتابعة ما يجري على أرض الواقع شريطة التزام الدقة والموضوعية».
وكانت قناة «الدنيا» أدانت في بيان لها اتهام الاتحاد الأوروبي لها بالتحريض على العنف، وأكدت «أنها كانت وما زالت حريصة على الكلمة وأمينة على الصورة التي نقلتها بكل حيادية ومصداقية ونؤكد أننا حريصون كل الحرص على أمننا وأمن شعبنا».
وطالبت القناة اتحاد إذاعات الدول العربية «بالتحرك الفوري والعاجل للتضامن معها من مبدأ حرية التعبير»، كما دعت نقابات الصحافيين وسائر مكونات الجسد الإعلامي العربي والدولي «لإعلاء الصوت احتجاجا على الإجراء الأوروبي وهو ما تجاوب معه الاتحاد العام للصحافيين العرب».
وتماشيا مع مليونيات الثورات العربية، طالبت إدارة القناة متابعيها بتنظيم «مظاهرة مليونية لنصرة القناة وللرد على الحظر الأوروبي»، وهو ما لم يشهد تجاوبا كبيرا على موقعها على شبكة التواصل الاجتماعي الـ«فيس بوك»، وتقول القناة إن العقوبات الأوروبية عليها «هو وسام لها».
وتعمل قناة «الدنيا» السورية تحت عنوان «صوت الناس وصورة الحياة»، وهي تدافع عن النظام السوري بقوة مسمية الاحتجاجات الواسعة التي ضربت المدن السورية عبر الستة أشهر الأخيرة بالمؤامرة على سوريا، كما تؤيد القناة فرضية وجود عصابات مسلحة بين المواطنين السوريين.
من جهتها، استنكرت إدارة قناة «المنار» اللبنانية التابعة لحزب الله، «القرار الجائر الصادر عن الاتحاد الأوروبي والقاضي بفرض عقوبات على قناة (الدنيا) الفضائية السورية الخاصة بمنعها عن البث على الأقمار الصناعية الأوروبية». ورأت «المنار» في بيان لها أمس، بثته الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، أن القرار «يتنافى مع مبدأ حرية الإعلام والكلمة التي أقرتها الشرائع والمواثيق والقوانين الدولية والتي يتغنى الاتحاد الأوروبي بتبنيه لها والترويج للعمل بمبادئها». واعتبرت أن «هذا القرار يثبت مجددا أن مبادئ الحرية والديمقراطية ليست إلا شعارات تستخدمها دول الاتحاد الأوروبي طالما كانت تخدم مصالحها وسياساتها، كما أنه يكرس السياسة المتبعة من هذه الدول والتي تقوم على مبدأ اتباع المعايير المزدوجة». وأهابت «المنار» بـ«كل الجسم الإعلامي العربي تحمل مسؤولياته التاريخية والقيام بدوره بكل أمانة ومسؤولية حفاظا على خياراته المهنية وحماية لدوره من أي تدخلات أجنبية».
 
سوريا وحكاية الـ200 ألف صاروخ
سوسن الأبطح
لم يجانب وزير خارجية سوريا وليد المعلم الصواب حين قال إن هناك جهات خارجية تسعى إلى «فوضى عارمة تقود إلى تفتيت سوريا». المعارضة السورية هي الأخرى لا تخفي مخاوفها الجمة، ليس فقط من خارج قد يتآكلها، وإنما من خلافات بينها تنهش لحمتها. ليسوا قلة هم ثوار الداخل الذين يقولون إن «المعارضة السورية تمر بمرحلة مفصلية خطرة»، وإن الانتهازيين، خاصة من معارضة الخارج، صاروا من الكثرة والقوة، بما يزعج أولئك الذين يدفعون دماءهم ثمنا لحرية قد تخطف منهم قبل أن يتنشقوا أنسامها. ولم يعد نادرا أن تسمع أحد الثوار يلفتك إلى «الفرق بين شعارات التظاهرات اليومية التي تطالب بالحرية والكرامة، والخطاب السياسي الفج لمن يظنون أنهم باتوا زعامات على الناس، حتى قبل أن يسقط النظام».
بكلام آخر، البلبلة ليست في صفوف النظام وحده، فانقسامات المعارضة أشد وطأة على مستقبل سوريا وأدهى.
من ناحية، يقر قادة ميدانيون أن الجيش ليس على شفير انهيار قريب، لأن النظام كان قد احتاط منذ زمن بعيد لانشقاقات في الجيش وحضر سلفا خطة «ب»، وهي التي يعمل وفقها الآن، وهو ما يجعله قادرا على تلقي الضربات لغاية اللحظة. 40 سنة من التخطيط للقبض على مفاصل السلطة من الصعب إنهاؤها في أيام أو حتى ستة أشهر، أي إن الثورة لن تفوز غدا، لكنها لن تتراجع أبدا، والاستنزاف مستمر.
لا يخفيك المعارضون، على مختلف انتماءاتهم، أن بعض التنظيمات الكردية هي وحدها التي تملك كيانا وحجما يمكن تقديرهما، أما ما تبقى فهي حركات وتنظيمات، وتكتلات، وليدة لا يمكن معرفة شعبيتها، في ظل القمع القائم. لكن المشكلة أن بعضها يدّعي ما لا يملك، وثمة من يعتقد أنه بات زعيما لحزب له كلمته.
الوضع دقيق ويحتاج الكثير من تواضع المعارضين. معارضة الداخل تحقق تنسيقا مقبولا، لكنه ليس كافيا فيما بينها، «فثمة علمانيون إقصائيون ومتطرفون يرفضون الإسلاميين بشكل قاطع، رغم أن هؤلاء ليسوا قلة يمكن تجاهلها، والعكس بالعكس. وهذا يخلق فجوة كبيرة» يخبرني أحد الإسلاميين الناشطين في الميدان. معارضة الخارج مشرذمة، يحاول بعض رموزها من منفاهم استغلال غضب الداخل ولو برفع شعارات مدمرة، مثل تدخل خارجي مسلح على غرار ما حدث في ليبيا. فيما يرى معارضون أقل تطرفا أن مراقبة من هيئات دولية للوضع القائم، لو أمكن فرضها على النظام، قد تكون معقولة لوضع حد لشراسة القمع ودمويته.
الخلافات مهما كانت جذرية، لا تمنع المعارضين السوريين من تسريع وتيرة تحركاتهم في كل اتجاه، فهم يتدفقون بأعداد متزايدة إلى لبنان وتركيا والأردن وسوريا ومصر، ويستخدمون كل وسيلة لاتصالات سياسية عربية ودولية. أمر تتلقفه دول غربية متعطشة بشدة لتمتين نفوذها مع معارضي اليوم وحكام الغد. لبنان بمربعاته الأمنية التابعة للطوائف التي يحتضن بعضها ثوار سوريا، بات نقطة مهمة للمعارضين رغم أنهم لا يشعرون فيه بالأمن الكافي. لبنان ليس آمنا صحيح، لكن فضاءه مفتوح على الإعلام، وسياسيوه المعادون للنظام السوري كثر، وعلاقاتهم الدولية يمكن استثمارها بخصب مغرٍ.
تصاعد صوت المعارضين، ولو كانوا مشرذمين، وتنامي دورهم دوليا، يقابله تصعيد عسكري على الأرض في المحافظات السورية الساخنة، وفي لهجة حلفاء سوريا في لبنان. الوزير السابق وئام وهاب، ناقل رسائل من الطراز الأول، ولم يتردد خلال مقابلة تلفزيونية معه منذ أيام أن يطلق إنذارات وتهديدات عسكرية، نيابة عن النظام السوري وحزب الله معا دون أن يغفل حماس. وبينما كان بعض المعارضين السوريين يطالبون بتدخل أجنبي، رد وهاب بأن أي صاروخ سينزل على سوريا من الأراضي التركية، سيقابله 100 ألف صاروخ تسقط على تركيا، وأي تدخل أجنبي غربي مسلح ضد سوريا سيعني سقوط 100 ألف صاروخ على إسرائيل، ليس من سوريا وحدها بل من لبنان وفلسطين أيضا. وتحدث وهاب بلهجة متحدية، عن خطة لجبهة الممانعة، تم الاتفاق عليها للرد الحاسم على ما سماه «الظلم الذي تتعرض له سوريا» وفريقه الممانع بشكل عام.
السيناريوهات في كل الأحوال حالكة. استمرار الاستنزاف بين الجيش والثوار سيجعل التدخل الخارجي شبه محتوم، وهو حاصل بالفعل لكنه لم يبلغ بعد، مرحلة عسكرية لا يتمناها أحد.
ما يقوله المعلم عن جهات تتربص بسوريا شرا هو صحيح. والتنسيق الغربي، أميركي وأوروبي، مع معارضين سوريين من كافة التيارات، بمن فيهم السلفيون، لم يعد ينكره أحد، وهو بحد ذاته خطير. لكن وضع الشعب السوري المطالب بحقه في الحرية أمام حائط مسدود، وإبقاء الحياة السياسية مغلقة على من فيها، لن يترك للأحرار من المتظاهرين، والشرفاء من الغاضبين، سوى خيار رهن بلادهم للخارج لإسكات نيران رجال الأمن. والسيناريو الليبي قد لا يتكرر بحذافيره، لكن بطش الحكام يودي حتى بعقول الحكماء. وحده النظام السوري اليوم، في ظل تشرذم المعارضة، بمقدوره أن يقي سوريا شر المؤامرة الخارجية الجاهزة للتنفيذ، وينقذها من «الفوضى العارمة» التي يحذر منها المعلم.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,085,010

عدد الزوار: 7,054,349

المتواجدون الآن: 68