الخوف والقلق يلفان دمشق رغم الهدوء الظاهري.. وأغلب سكانها يخشون المصير المجهول

رئيس وزراء قطر يحذر من عاصفة كبيرة ويؤكد: المهم أن يعرف القادة كيف يتعاملون وليس باللف والدوران والاحتيال

تاريخ الإضافة الثلاثاء 1 تشرين الثاني 2011 - 4:23 ص    عدد الزيارات 2447    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

رئيس وزراء قطر يحذر نظام الأسد من «عاصفة كبيرة»
حمص تحت القصف.. ومصادر أميركية: مشاورات لإعادة الملف السوري لمجلس الأمن.. والمبعوث الصيني: الوضع خطير
بيروت: صهيب أيوب واشنطن: محمد علي صالح لندن: محمد الشافعي
في حين استمرت العمليات العسكرية في حمص وقصفها بنيران المدفعية مما اسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من المناوئين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، توصلت اللجنة الوزارية العربية المكلفة متابعة الملف السوري خلال اجتماعها في الدوحة أمس إلى وضع ورقة عمل سلمتها لوزير الخارجية السوري وليد المعلم تضمنت خطة لوقف العنف في سوريا، على أن ترد دمشق على الورقة اليوم.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، حذر رئيس اللجنة، رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم، دمشق من «عاصفة كبيرة» وطالبها باتخاذ خطوات ملموسة لوقف العنف، كما حذرها من «اللف والدوران والاحتيال» في التعامل مع القضية. ومن المتوقع ان تجتمع اللجنة الاربعاء المقبل لبحث الملف مرة ثانية. وفي تطور لافت، وصف المبعوث الصيني للشرق الاوسط وو سيكه، الأوضاع في سوريا بـ«الخطيرة» وقال من القاهرة بعد أن غادر دمشق أن على الأسد أن «يحترم ويستجيب للتطلعات والمطالب المشروعة للشعب السوري».
في غضون ذلك، قالت مصادر أميركية إن مشاورات تجري وراء الكواليس بهدف إعادة الوضع في سوريا إلى مجلس الأمن. وكشفت عن أن واشنطن تجري اتصالات لمعرفة إمكانية إصدار قرار من الجامعة العربية يمهد لإعادة الموضوع السوري إلى مجلس الأمن، على ضوء ما حدث عندما اعطت الجامعة العربية الضوء الاخضر لمجلس الامن الدولي لإصدار قرار التدخل الأجنبي في ليبيا.
إلى ذلك، قال علي صدر الدين البيانوني، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا لـ«الشرق الأوسط»، إن التهديدات التي أطلقها الأسد بوقوع «زلزال» في المنطقة في حال سقوطه، «جوفاء مثل تهديدات القذافي».
 
حمص تشيع ضحايا السبت الدامي.. والأمن يدك حي باب السباع بالقذائف ونيران الرشاشات
سقوط قتيلين.. وحملات اعتقالات واسعة.. والسلطات تزرع أجهزة تجسس في بيوت المعارضين الفارين
بيروت: صهيب أيوب
بينما استمرت العمليات العسكرية في حمص، أمس، أثناء تشييع 6 من ضحايا الاحتجاجات في حي بابا عمرو، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان: إن قتيلين سقطا، أمس، برصاص قوات الأمن السورية، أحدهما شابة في حي دير بعلبة في مدينة حمص، والآخر شاب في قرية الغنطو بمحافظة حمص.
وأضاف المرصد أن 10 أشخاص آخرين أصيبوا بجروح، اثنان منهم في «حالة حرجة»، في إطلاق رصاص من أحد الحواجز الأمنية المنتشرة في حي دير بعلبة في حمص.
كما أعلن المرصد وفاة شاب من حي بابا عمرو في حمص متأثرا بجراح أصيب بها أول من أمس، موضحا أن قوات الأمن السورية «نفذت حملة مداهمات واعتقالات في بلدة القريتين في محافظة حمص أسفرت عن اعتقال 12 شخصا».
وأفاد ناشطون لـ«الشرق الأوسط» بأن قوات الأمن السوري استهدفت موكب التشييع في بابا عمرو واعتقلت العشرات. وأوضح الناشطون أن حواجز أمنية تابعة للنظام أطلقت النيران من أسلحتها الرشاشة بشكل عنيف ومتقطع في أغلب أحياء المدينة. وكان لأحياء بابا عمرو والوعر وباب السباع نصيب الأسد فيها، خاصة حي باب السباع «حيث احتوى الأهالي الضباط والجنود المنشقين عن الجيش، مما أدى إلى دك الحي بالقذائف ونيران الرشاشات» وفق أحد الناشطين. وأكد الناشط أن الأهالي خرجوا بعد صلاة الظهر حشودا تطالب بـ«حظر جوي».
وقال ناشطون: إن منطقة الغنطو في ريف حمص شيعت عبد الحكيم عبد الباسط رابعة، وهو أربعيني ومتزوج ولديه 5 أطفال، قتل برصاص قناصة وهو متجه إلى عمله في شارع الصناعة بالقرب من دوار سوق الهال. وقال ناشطون إن عصابات الأمن قامت بإلقاء قنبلة على أحد المنازل في «حي الإنشاءات» قرب (مسجد الفرقان)؛ حيث أصيبت عائلة من آل الجوري.
وأكد ناشط ميداني في منطقة القريتين لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الأمن طوقت البلدة وزادت من تعزيزاتها بجانب مفرزات الأمن. وأكد أن اعتصامات حاشدة خرجت في الشوارع واجتمعت في ساحة البلدية وأطلق النار على المتظاهرين. وفي دير بعلبة سمع إطلاق نار كثيف على شارع الستين وطريق دير بعلبة الرئيسي وأفيد عن وقوع جريحين. وقد شيع عمار العمر، الذي قتل إثر إصابته من قبل قوات الأمن. وقد عرض على صفحات «فيس بوك» شريط مصور لشابة من دير بعلبة، قتلت بعد إصابتها برصاص قناص في صدرها تدعى إيمان محمد أدهم من عشيرة بني خالد في الـ23 من عمرها. وبث الشريط صوت والدتها وهي تقول باكية: «الله يدمرك يا بشار».
وأفاد الناشطون بخروج طلاب مدينة تلبيسة في مظاهرات ظهر أمس، عمت الأحياء التي قررت الإضراب بعد قصفها واستهدافها ليل السبت وقطع الكهرباء عنها، خاصة في «حي المس». وأكد ناشط لـ«الشرق الأوسط» أن «المدينة قصفت بعد انشقاق مدرعة وعدد من الجنود وإطلاق نار بطلقات مطاطية للتمييز بين المنشقين والجيش التابع للأسد». وقد خرج أهالي المدينة ليل السبت في مظاهرة سموها «ما منحبك ومنحيي كل مين بسبك». وأكد الناشط أن «عدد القذائف تجاوز الأربعين قذيفة بشكل عشوائي على الأحياء، وأطلقت أعيرة نارية من الرشاشات و(الشليكا)، التي أطلقت النار بواسطتها مباشرة على المنازل الآمنة وتحركت المدرعات على الطريق الزراعي».
وأفاد الناشط بأن جموعا من الأهالي خرجوا بمظاهرة تكبير وتهليل نصرة لأهل حمص. وأكد أن حي الخالدية شهد إطلاق نار كثيفا وعشوائيا من مصفحات عسكرية شاهرة الأسلحة والرشاشات لترهيب الناس في الحي. وأكد أن «عناصر قوات الأمن أرادوا إسكات أصوات التكبير بقنابلهم».
وقد علمت «الشرق الأوسط» أسماء القتلى في حمص، وهم: فاطمة عبدو الضيخ، محمود جنيد، ناصر الحموي، خالد حسن الياسين، محمد عبد العزيز الطالب، الحاج محمد مسلماني (90 عاما)، من آل بويضاتي، ملهم شلار، نور الدين العطار، محمود قاسم النمر. ومعظم هؤلاء القتلى من مناطق تلبيسة وبابا عمرو وجب الجندلي ودير بعلبة والقصير.
وأفاد ناشطون بارتفاع عدد المعتقلين إلى 13 معتقلا أمس، ومن بينهم طلاب مدارس. وأكد شاب اسمه عامر من بانياس لـ«الشرق الأوسط» أن عربة أمن مليئة بالعناصر المدججين بكامل أسلحتهم وقفت في الساحة العامة في البيضا، وانتشرت في محيط المدرسة الابتدائية لمنع خروج مظاهرة. لكن الطلاب أبوا إلا أن تعلو هتافاتهم وهم يقولون: «الشعب يريد إسقاط النظام»؛ حيث استهدفوا برصاص الأمن وجرح 5 منهم. وأوضح عامر أن «قوات الأمن داهمت بناء حماد في حرستا مقابل جامع الزهراء واعتقلت كل الشباب الموجودين فيه، ودمرت المنازل التي داهمتها وسرقت منها أغراضا ومؤنا».
وأكد عامر لـ«الشرق الأوسط» أنه «منذ فترة بدأت قوات الأمن بأسلوب جديد في متابعة النشطاء في الداخل؛ حيث تقوم بتفتيش منزل أحد الناشطين ثم تنصرف. وبعد فترة تعود وتفتش البيت بشكل سريع مرة أخرى. والنتيجة أن النظام بعد فترة قصيرة يعتقل الناشط في مخبئه، والسبب أن أجهزة الأمن تقوم بزرع أجهزة تجسس في بيوت الناشطين، وبذلك تتعرف إلى أماكن اختبائهم من خلال أحاديث عائلاتهم عنهم أو معهم بعد مغادرة الأمن».
وقال ناشط لـ«الشرق الأوسط»: إن ألف جندي مدعومين بالمصفحات وعدد من الـ«بي تي آر» قاموا بمداهمات واسعة في مدينة زملكا القريبة من ريف دمشق، مستعينين بالجواسيس الملثمين». وأشار إلى أن المداهمات شملت معظم مناطق زملكا حول جامع التوبة وجامع البلد وفي محيط جامع الرضوان، وجرى إطلاق نار هناك وفي منطقة مزرعة زملكا أيضا جرت أعمال الدهم والاعتقال ورافق ذلك تكسير وتخريب وترويع للسكان، وشوهدت سيارات مدنية تقوم بالعمل معهم سيارة «كيا ريو» فضية وسيارة «سوزوكي». وجرى اعتقال عدد من الأشخاص واقتيادهم إلى جهة غير معروفة.
وفي تدمر، أكد ناشطون لـ«الشرق الأوسط» أنه بعد انقطاع الكهرباء ليلة السبت لمدة 20 دقيقة وسماع دوي رصاص من السجن العسكري تم صباح أمس إخراج عدد من الجثث من السجن العسكري في سيارة وذهبت إلى مكان مجهول. وأضاف الناشطون أن عربة أمنية وسيارات الأمن العسكري وقلاب «وتركس» في منطقة بعيدة عن تدمر تسمى «العليانية»، قد اعتقلت أكثر من 40 شخصا، وشوهدت «هليكوبتر» تحوم فوق المنطقة.
وفي دير الزور - شرق - تظاهر طلاب داخل مدرسة الفرات ثم خرجوا إلى الشارع والتقوا مظاهرة طلابية أخرى خرجت من مدرسة الشهيد معاذ الركاض للمتفوقين. وفي اللاذقية شنت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة في منطقتي العوينة والقلعة منذ صباح أمس وجرت اعتقالات، في وقت تم تكثيف الوجود الأمني فيه في منطقة الصليبي.
 
الخوف والقلق يلفان دمشق رغم الهدوء الظاهري.. وأغلب سكانها يخشون المصير المجهول
يخافون حربا طائفية أو وصول الإسلاميين للسلطة.. ودبلوماسي غربي: على المعارضة إقناعهم بأن بقاءهم في ظل النظام أسوأ
دمشق: ليز سلاي*
لدى حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ثقة في أنها قد نجت من أسوأ فترة في الاضطرابات التي تجتاح سوريا، وأنها ستتمكن قريبا من التغلب على أي تحديات أخرى يمكن أن تحول دون بقائها.
ولكن الأمر الذي يظل محل تساؤل هو هل هناك ما يبرر تلك الثقة أو ما إذا كان هناك كثيرون ممن يشاركون الحكومة الرأي نفسه، لأنه حتى في الوقت الذي تتفاخر فيه الحكومة بتغلبها على الانتفاضة، التي تعيش شهرها الثامن، بدأ الاقتصاد في الانهيار، والاحتجاجات مستمرة في أجزاء عديدة من البلاد، وهناك بوادر عصيان مسلح.
وفي شوارع العاصمة دمشق، حيث لم تتمكن الانتفاضة من كسب مؤيدين لها، وحيث يستطيع الأسد الاعتماد على دعم كبير من مؤيديه، وعلى المظهر الخارجي لوجود حياة طبيعية في المدينة، تخفي الشوارع المزدحمة والمقاهي المكتظة بالرواد تيارا تحتيا من عدم الثقة والخوف من المصير الذي تتجه إليه البلاد.
وقد بينت الزيارة النادرة التي سمحت بها السلطات لصحافية غربية إلى سوريا، تحت رقابة حكومية شديدة، أن الأسد وحلفاءه لا يبدون فقط غير معرضين لأي خطر وشيك الوقوع، ولكنهم أيضا لا يشعرون بأي ضغوط لتقديم تنازلات لأولئك الذين كانوا ينزلون إلى الشوارع طوال الأشهر الماضية للدعوة لتغيير جذري.
وبدلا من ذلك، فإن الحكومة تروج لمجموعة من التغييرات المحدودة التي تترك السلطة القائمة في الدولة سليمة كما هي، في الوقت الذي تركز فيه على سحق ما تبقى من حركة الاحتجاج بالقوة. وعلى الرغم من فشل نهج «الأمن أولا» هذا في منع اندلاع المظاهرات مرارا وتكرارا في كثير من أنحاء البلاد، فإنه على ما يبدو قد قلص حجمها ونطاقها.
وقال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد: «إن القيادة السورية واثقة جدا وقوية جدا، ونحن على يقين من أنه على الرغم من كل الحملات الدولية ضد سوريا، فإننا سنتمكن من البقاء. إن سوريا بلد آمن.. وسوف تكون أقوى بعد هذه الأزمة، سوف تكون سوريا جديدة؛ فقط أعطونا بعض الوقت، وستولد سوريا من جديد».
ويسخر الدبلوماسيون الغربيون من خطة الحكومة لإجراء تغييرات، ومقترحاتها للحوار مع مجموعة منتقاة من الشخصيات المتوسطة الأهمية في المعارضة، الذين لا يحظون سوى بدعم قليل في الشوارع، ولكن الحكومة تقول إن جذور ثقتها تمتد إلى ما هو أعمق من مجرد التبجح.
وقد فشلت الاحتجاجات التي استمرت لما يقرب من ثمانية أشهر في تخفيف قبضة عائلة الأسد على السلطة، حيث لم يحدث أي انشقاق كبير في الجيش أو الحكومة، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة دعت هي والاتحاد الأوروبي الأسد إلى التنحي، فإن استخدام الصين وروسيا حق «الفيتو» في الأمم المتحدة قد منع خلق جبهة موحدة ضد سوريا مثل تلك التي ساعدت على إسقاط نظام معمر القذافي في ليبيا.
ولأن سوريا تقع في قلب شبكة متداخلة من النزاعات الإقليمية والعرقية والطائفية بين السنة والشيعة والأكراد والعرب والإسرائيليين، فإن الحكومة لديها قناعة تامة بأن الغرب لن يجرؤ على التدخل عسكريا، كما فعل في ليبيا، على الرغم من المناشدات اليائسة له بالتدخل من قبل الحركة الاحتجاجية.
وقال بسام أبو عبد الله، وهو أستاذ الشؤون الدولية في جامعة دمشق، وعضو في حزب البعث الحاكم: «سوريا لديها جيش قوي، وسوريا ليست وحدها؛ فمهاجمة سوريا تعني اندلاع حرب إقليمية، لأننا سوف نهاجم إسرائيل بشكل مباشر، بمشاركة حزب الله وإيران، وهذا لن يكون في مصلحة أوروبا وأميركا».
وقال وضاح عبد ربه، رئيس تحرير صحيفة «الوطن» التي تديرها الدولة، إن المزاج العام في العاصمة قد تحول بشكل ملموس مع مرور الأشهر، وأضاف قائلا: «لقد حدثت حالة من الذعر عندما بدأت الانتفاضة، حيث كانت شوارع دمشق خالية من المارة، وكان الناس خائفين، أما الآن، فإن الحكومة باتت تسبق المظاهرات بخطوتين، ولذا بإمكان المرء أن يشعر أنها قد أصبحت أكثر ثقة بنفسها».
وقد أطلقت الحكومة، على سبيل المثال، حشودا ضخمة من مؤيديها في الشوارع مرتين خلال الأيام الـ10 الماضية لتنظيم مجموعة من المظاهرات الحاشدة، التي طغت حتى الآن على أي من المظاهرات الحاشدة التي نظمتها المعارضة في العاصمة.
وعلى الرغم من أن نشطاء المعارضة ينتقدون هذه المظاهرات بشدة ويقولون إنها تمت بالإكراه، إلا أنه يبدو أن الأسد يتمتع بدرجة كبيرة من الدعم الحقيقي من نخبة الطبقة المتوسطة ونخبة الطبقة العليا في المدينة، الذين يرون الانتفاضة باعتبارها ثورة قام بها سكان المحافظات والفقراء.
وقال الوكيل العقاري علاء راجي (37 عاما)، بينما يتسوق في شارع الشعلان الراقي من أجل شراء بعض البدلات، إنه كان يؤيد في البداية مطالب الإصلاح، ولكنه غير رأيه عندما بدأ المتظاهرون في المطالبة بإسقاط الرئيس، وهو الآن يسخر من المتظاهرين باعتبارهم أدوات للعملاء الأجانب والمتطرفين الإسلاميين، حيث قال بفخر، وهو يعرض صورا لنفسه على هاتفه الجوال من طراز «آي فون» وقد لف نفسه في علم يحمل صورة الأسد، أثناء حضوره مسيرة مؤيدة للحكومة نظمت في الآونة الأخيرة: «لا أراهم شجعانا، كما أنني لا أحترمهم، ولا يهمنى أن يقتلوا. إن هؤلاء الناس يريدون التغيير، ولكنهم لا يعرفون ما يعنيه، وإذا اتبعناهم، فإن سوريا قد تنحدر إلى مصير أسوأ تسوده الفوضى والتدخل الأجنبي مثلما حدث في ليبيا والعراق».
وقد ساعد صعود الإسلاميين في تونس ومصر عبر ثورتيهما اللتين ألهمتا الثورات والانتفاضة السورية، جنبا إلى جنب مع مشاهد الدماء والدمار في ليبيا وشبح المسيحيين الذين يقتلون في شوارع القاهرة، على تعزيز حجة الحكومة، حيث يقول أنصار الأسد إن المتطرفين السنة هم من يقود المظاهرات في سوريا، وإنهم قد يسحقون العلمانية المدعومة من قبل نظام الأسد، مما قد يشكل تهديدا للأقليات الطائفية من المسيحيين والعلويين في البلاد.
كما أدى فشل المعارضة السورية في تشكيل جبهة موحدة ووضع رؤية واضحة لمستقبل البلاد في مرحلة ما بعد الأسد في بقاء أغلبية السوريين، الذين لم ينضموا إلى الاحتجاجات ولم يدعموا الحكومة، صامتين، كما يقول الدبلوماسيون الغربيون. حيث قال أحد الدبلوماسيين، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: «النظام لدية خطة، وهذا يمكن أن يكون جيدا بما فيه الكفاية لكثير من الناس الذين لا يريدون سوى الاستقرار، وبالتالي، فإن ما يتعين على المعارضة القيام به هو إقناعهم بأن الوضع الراهن في ظل النظام الحالي أسوأ من التحول الذي قد يحدث».
ولكن، مع ذلك، ما زال هناك العديد من الناس الذين يشككون في ما إذا كانت خطة الحكومة ستكون كافية لتحقيق الاستقرار في البلاد، حتى لو نجحت قوات الأمن في سحق الانتفاضة. وقد تم اعتقال الآلاف من الناس، الذين كان من ضمنهم العديد من المنظمين الرئيسيين للاحتجاجات، واضطر العشرات من الناشطين إلى الفرار، ولكن الاحتجاجات التي وقعت خارج دمشق قد أثبتت أنه لا يمكن كبتها، على الرغم من الارتفاع اليومي المستمر في عدد القتلى، الذي تجاوز 3000 قتيل بالفعل، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، الأمر الذي خلق موجة جديدة من الاستياء، وأسبابا جديدة للنزول إلى الشوارع.
مظاهرات يوم الجمعة الماضي المطالبة بفرض منطقة حظر للطيران في سوريا راح ضحيتها 40 شخصا؛ نصفهم قتلوا في مدينة حمص المضطربة، بحسب لجان التنسيق المحلية، المجموعة التي تنظم وتراقب المظاهرات.
وقال أحد الصحافيين الدمشقيين، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع: «الحكومة تحقق انتصارات، لكن ذلك ليس بالقدر الكبير. لا نزال صامدين، والمشكلة أن هناك كراهية كبيرة في البلاد الآن».
وعلى الرغم من عدم تحديد الغالبية العظمى للشعب السوري ولاءاتها، فإنني لا أسميها الأغلبية الصامتة، بل هي الأغلبية الخائفة. إنهم يخافون من كل شيء.. خائفون من الحاضر وخائفون من المستقبل الذي لا يعلمونه. نطاق المظاهرات محدود الآن لأن الجيش موجود، لكن ماذا سيحدث عندما يبعد الجيش؟ خلال الزيارة التي نظمت في ظل رقابة حكومية إلى حي الميدان الذي تسكنه الطبقة العاملة والمحافظة، مزق هدوء ظهيرة أحد الأيام صوت المسيرات التي أدت إلى إغلاق المتاجر مع تعالي الأصوات. كانت جنازة قتيل في صفوف المعارضة (جندي انشق في حمص) وصاحبت الجنازة مظاهرة مناوئة للحكومة.
كان مئات الشباب الذين يسيرون في المظاهرة يصيحون «الله أكبر»، وهم يسيرون في الشارع الضيق نحو المقبرة، عندئذ، وبقوة كبيرة، ارتفعت الهتافات لما تحول إلى الهتاف الرئيسي لحركة المظاهرات في جميع أنحاء البلاد «الشعب يريد إعدام الرئيس».
كان الغضب والحماسة والتصميم واضحا، مما يشير إلى أن هؤلاء الشباب، الذين نزلوا إلى الشوارع بصورة منتظمة منذ مارس (آذار) الماضي، لن يوقفوا مساعيهم لإسقاط النظام خلال الفترة المقبلة.
على بعد مسافة قصيرة وعالم مختلف، جلس مجموعة من الطلاب من عائلات مميزة يناقشون السياسات وهم يدخنون السجائر ويرشفون القهوة بالحليب في مقهى في مركز «شام» التجاري الجذاب.. كان أربعة منهم يدعمون الحكومة بدرجات متفاوتة، وبقي الخامس، الذي قدم نفسه باسم بسام، صامتا حتى سئل عن آرائه، وقال: «أنا أدعم المتظاهرين وأرغب في تحد كامل، بما في ذلك الرئيس»، مشيرا إلى أنه شارك في المظاهرات. وقد تحولت نبرة المناقشة فجأة. فصرخت مريم، إحدى هؤلاء، وهي تركل بسام من تحت الطاولة: «لا أحد يمس رئيسي، وسوف أقاتل من أجله كما يقاتلون ضده».
أجاب بسام بهدوء أنه مستعد للموت من أجل التغيير، قائلا: «حياتي ليست أغلى من حياة أولئك الذين ذهبوا من قبل». تحقق الأصدقاء من ساعاتهم، وقالوا إن الوقت قد حان للذهاب. ودع بعضهم بعضا وتفرقوا في الشوارع المظلمة كل في طريق منفصل.
 
نظام الأسد يغير تكتيكاته وينفتح على الإعلام الغربي لإيصال وجهة نظره إلى الخارج
المرشد العام السابق لإخوان سوريا لـ«الشرق الأوسط»: تهديدات الأسد جوفاء كتهديدات القذافي
لندن: محمد الشافعي
على مدى الأيام الماضية لجأ النظام السوري إلى استراتيجية جديدة لإيصال صوته إلى الخارج والدفاع عن نفسه رغم استمرار عمليات القمع والقتل من قبل قوات الأمن السورية، وذلك عبر الانفتاح على وسائل الإعلام الغربية التي كان قد حظر وجودها في البلاد مع اندلاع الانتفاضة السورية في منتصف مارس (آذار) الماضي.
وطوال الأشهر الماضية كانت وكالة الأنباء السورية (سانا) الوسيلة الوحيدة تقريبا التي تنقل من خلالها وجهة نظر دمشق إزاء التطورات في البلاد بالإضافة إلى التلفزيون السوري. ومع اشتداد الضغوط على النظام واحتمالية إعادة الملف السوري مرة ثانية إلى مجلس الأمن، غير النظام تكتيكاته في التواصل مع الغرب لإيصال وجهة نظره. فخلال أسبوع واحد أجرى الرئيس السوري بشار الأسد حوارين مع وسيلتي إعلام غربيتين؛ الأولى مع صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية، والذي نشر أمس، والثاني مع قناة «روسيا الأولى» الذي كان من المقرر بثه في وقت لاحق من مساء أمس. كما أجرت بثينة شعبان، مستشارة الأسد، حوارا مع صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، وفي غضون ذلك سمح للصحافية الأميركية ليز سلاي التي تعمل لصالح صحيفة «واشنطن بوست» بالتجول، بمراقبة رجال الأمن، في أنحاء دمشق لنقل المزاج العام في العاصمة السورية في ظل التطورات التي تشهدها مدن أخرى.
وخلال تلك اللقاءات الصحافية حاول المسؤولون السوريون نقل صورة واحدة وهي أن المنطقة ستنهار في حال انهيار نظام الأسد، وحذر الرئيس السوري أمس من أن القوى الغربية تخاطر بالتسبب في «زلزال» سيحرق الشرق الأوسط في حال تدخلت في سوريا، وأكد الأسد في حواره مع صحيفة «صنداي تلغراف» أن البلدان الغربية «ستزيد الضغط دون شك»، لكنه شدد على أن «سوريا مختلفة من جميع الجوانب عن مصر وتونس واليمن، التاريخ مختلف، السياسة مختلفة». وأضاف أن «أي مشكلة في سوريا ستحرق المنطقة بالكامل وأنه في حال تقسيم سوريا، فإن ذلك سيعني تقسيم المنطقة بأسرها»، على حد قوله.
وشكر الأسد في حديثه للقناة الأولى الروسية موسكو نظرا لقيامها بحماية دولته من فرض عقوبات دولية عليها نتيجة للقمع الذي يمارسه على المظاهرات. وأشاد الأسد باستخدام روسيا لحق النقض في الاعتراض على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بخصوص سوريا. وأضاف أن سوريا تعول على الدعم المتواصل الذي تقدمه موسكو.
وعلى نفس النهج، شددت بثينة شعبان في مقابلتها مع «الإندبندنت» البريطانية التي نشرت الجمعة الماضي على أن «الجيش السوري يتعرض لهجمات في مختلف أنحاء البلاد، وأن الوضع الأمني في حمص مريع»، مشيرة إلى أنها «لم تتمكن من زيارة قبر والدتها بمناسبة مرور عامين على وفاتها خوفا من تعرضها للقتل في حمص». كما قالت إن «أعمال العنف هذه هي أخطر ما يحدث الآن في سوريا»، معتبرة أن «هذا العنف لا يمكن أن يكون مقدمة للديمقراطية».
ومن جانبه، علق علي صدر الدين البيانوني (أبو أنس) القيادي في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، على لجوء الأسد للإعلام الغربي بقوله، إن النظام السوري يعتقد أن سنده الأساسي في الماضي والحاضر في الغرب، رغم أن هناك انتقادات من العواصم الغربية للانتهاكات اليومية للنظام في الشارع السوري، إلا أنه وصفها بأنها «حملات لا ترقى إلى درجة الجرائم التي ترتكب في المدن السورية يوميا».
ووصف البيانوني المرشد العام السابق لإخوان سوريا تهديدات الأسد بأنها «جوفاء» مثل تهديدات القذافي. وقال «إن النظام وصل إلى مرحلة ضعف قبل الانهيار الشامل في مؤسسات الدولة». وأشار إلى أن «تحول مفتي سوريا أحمد حسون إلى رجل سياسي يهدد بعمليات انتحارية يكشف عن مدى ضعف الدولة في مواجهة الانتفاضة الشعبية المندلعة قبل ثمانية شهور». وقال إن المجتمع الدولي مُلزم بحماية المدنيين داخل سوريا بكافة الوسائل الممكنة، بغض النظر عن هذه الوسائل، وعليه أن يتفق مع المجلس الوطني السوري حول ماهيتها وخارطة تطبيقها. وقال إن «النظام السوري لم تتغير أساليبه منذ حماه عام 1982 حتى حماه 2011، فهو لا يزال يستفز المتظاهرين والشعب السوري ليجره إلى حرب أهلية طائفية، لكنه لم ينجح في ذلك ولن ينجح بإذن الله».
من جهته، علق رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» على لجوء النظام السوري للدفاع عن نفسه إلى وسائل الإعلام الغربية بالقول إن «نظام الأسد يعرف تماما من التجربة الليبية أن المجتمع الغربي هو الذي لديه نقاط قوة يمكن أن تنقل سوريا إلى المجتمع الديمقراطي»، إلا أن عبد الرحمن أعرب عن قناعته الشخصية بأن «خادم الحرمين الشريفين هو الشخص المؤثر في الشارع السوري أكثر من أي زعيم عربي آخر، لما له من محبة وتقدير في شرائح الشعب السوري، وأيضا لما له من نقاط تأثير لدى النظام الحاكم في دمشق».
وعن تهديدات الأسد للقوى الغربية، لأنها ستتسبب في «زلزال» يحرق الشرق الأوسط إذا تدخلت في سوريا، وذلك بعد أن دعا محتجون إلى توفير حماية خارجية من حملة قتل فيها 3 آلاف شخصن، قال عبد الرحمن إن «هناك مناطق كثيرة من أنحاء سوريا لا تخضع للنظام ليلا، ويسيطر عليها الشعب وتمتد من لواء الإسكندرون حتى درعا باستثناء دمشق، أما ريف دمشق وريف حمص وحماه تخرج عن سيطرة النظام ليلا». وتساءل قائلا «إن كان النظام الحاكم في سوريا لا يسيطر على أنحاء البلاد ليلا، فكيف سيخلق مشاكل في الدول الأخرى؟ إلا إذا كان هناك نية اللجوء إلى إيران وحزب الله لخلق مشاكل للدول الأخرى».
 
مصادر أميركية: مشاورات خلف الكواليس لإعادة الملف السوري إلى مجلس الأمن قالت إنها ستكون مشابهة لما حصل مع ليبيا بالحصول على ضوء أخضر من الجامعة العربية للتدخل
واشنطن: محمد علي صالح
قالت مصادر أميركية إن مشاورات تجري وراء الكواليس، وتقوم فيها الولايات المتحدة بدور رئيسي، بهدف إعادة الوضع في سوريا إلى مجلس الأمن الذي كان فشل في الشهر الماضي في اتخاذ قرار بسبب استعمال كل من روسيا والصين حق النقض (الفيتو).
وقالت المصادر إن واشنطن تجري اتصالات لمعرفة إمكانية إصدار قرار من جامعة الدول العربية يمهد لإعادة الموضوع السوري إلى مجلس الأمن. وإن ذلك سيكون على ضوء ما حدث في بداية السنة عندما أدانت الجامعة العربية قمع العقيد الليبي السابق معمر القذافي للمظاهرات التي كانت بدأت في طرابلس، وأدانت تهديداته بإبادة المعارضين، وفتحت الباب أمام مجلس الأمن لإصدار قرار التدخل الأجنبي لحماية المدنيين.
وأضافت المصادر أن واشنطن، توقعا لفيتو من كل من روسيا والصين أو منهما معا، تريد، في البداية، إصدار قرار بإرسال مراقبين دوليين إلى سوريا، وأن ذلك، أولا، سوف يجعل المتظاهرين السوريين يحسون أن المجتمع الدولي لم ينسَهم. وثانيا، أن ذلك سوف يكون خطوة أولى نحو قرار أكثر تشددا، إذا قدم المراقبون تقريرا بأن حقوق الإنسان مهدرة في سوريا، وأن لا بد من تدخل المجتمع الدولي.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد دعا أول من أمس لوضع حد فوري للعنف في سوريا، وإلى تلبية «رغبات الشعب السوري للتغيير»، مع إجراء «إصلاحات بعيدة المدى».
وقالت المصادر الأميركية في واشنطن إنها تتوقع أن يكون بيان الأمين العام جزءا من تحركات لإعادة الموضوع السوري إلى مجلس الأمن، وإن مصادر في الأمم المتحدة كانت قد قالت إن الأمين العام ليس راضيا عن موقف كل من روسيا والصين، وعن استعمالهما الفيتو في الشهر الماضي.
وقال بيان الأمين العام إنه يدين العنف الذي أدى إلى قتل «عشرات من المدنيين» في حمص وحماه وغيرهما، «إضافة إلى حصيلة الموت المزعجة لأكثر من 3 آلاف شخص منذ بدء الاحتجاجات قبل سبعة أشهر». وإن الأمين العام «يعتقد أنه تجب الاستجابة لدعوات الشعب السوري للتغيير، مع إجراء إصلاحات بعيدة المدى، وليس مع القمع والعنف». وأضاف البيان: «يجب وقف العمليات العسكرية ضد المدنيين فورا، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين، وجميع المحتجزين لمشاركتهم في احتجاجات شعبية». وقال: «العنف غير مقبول ويجب أن يتوقف فورا».
وقال مراقبون في واشنطن إن الحكومة الأميركية، رغم فشل مجلس الأمن في بداية الشهر الحالي، تستمر في اتصالاتها لاتخاذ موقف متشدد نحو نظام الرئيس بشار الأسد. وإن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، كانت قالت إن «مواقع المعارضة السورية، ومدوناتها، فيها غضب هائل. ولا سيما نحو الدولتين اللتين استعملتا الفيتو».
وأضافت: «صار واضحا أن التصويت كان خيبة أمل بالنسبة للمعارضين السوريين الشجعان والسلميين، وهم يتعرضون إلى سوء المعاملة، والرصاص، والتعذيب، والاعتقال يوما بعد يوم في المدن عبر سوريا».
وأشار المراقبون في واشنطن إلى أن السيناتور جوزيف ليبرمان اقترح تأسيس «مناطق آمنة» داخل سوريا، أو على الحدود بين تركيا وسوريا، أو الحدود بين الأردن وسوريا. وتضمن اقتراح ليبرمان تأسيس منطقة حظر طيران في سوريا حتى لا تستعمل القوات العسكرية والأمنية السورية الطائرات لضرب المعارضة. وقال ليبرمان إن «مناطق آمنة» يمكن أن تكون داخل سوريا نفسها. ربما باختيار مناطق فيها معارضة قوية، مثل حلب، وتأسيس «منطقة آمنة» فيها.
 
رئيس الوزراء السوري: من يرد أن يقاطعنا اقتصاديا فليفعل
سفر: لا ننوي مقاطعة أنقرة.. ونحافظ على مصالحنا الاقتصادية مع كل الدول
دمشق: «الشرق الأوسط»
ربط رئيس الوزراء السوري عادل سفر بين تأثر الاقتصاد السوري بالأحداث الجارية في بلاده، والأزمة الاقتصادية العالمية، ورأى أنه من «الطبيعي أن يتأثر الاقتصاد السوري بشكل كبير» بالأحدث الجارية، وقال: «نحن بدأنا مرحلة اقتصادية صعبة على المستوى العالمي، وكانت هناك أزمة اقتصادية عالمية لا تزال تداعياتها مستمرة في أوروبا، لا سيما في اليونان وإسبانيا وفرنسا»، وذلك في تصريح للصحافيين على هامش أعمال الملتقى الوطني للحوار الاقتصادي الذي انعقد في دمشق صباح أمس.
ونفى سفر وجود نية لدى الحكومة السورية لمقاطعة تركيا اقتصاديا، وقال ردا على سؤال في هذا الخصوص: «نحن لا ندخل في مثل هذه المجالات باعتبارها مخالفة لمنطق العامل الاقتصادي»، وتابع: «من يرد أن يقاطعنا اقتصاديا فليفعل، ولكن نحن نحافظ على مصالحنا الاقتصادية مع كل الدول، ونتمنى أن تخرج سوريا من الأزمة التي تمر بها وتعود الأمور إلى نصابها».
ونفى سفر في رده على سؤال أن تكون سوريا استخدمت أيا من النقد الاحتياطي لديها، وقال: «الأمور جيدة، ولدينا احتياطي كبير، وما تم استثماره واستغلاله هو فقط الفائض من هذا الاحتياطي». وعن بدء سوريا التعامل بعملتي الروبل الروسي واليوان الصيني في أسواقها، قال: «نحن سنوزع اعتمادنا على كل العملات الممكن استخدامها حاليا، واليوان والروبل عملات عالمية يمكن استخدامها في هذه المرحلة».
وفي كلمة له في افتتاح أعمال الملتقى الوطني للحوار الاقتصادي، قال سفر: «من الطبيعي أن يتأثر اقتصادنا بالمتغيرات والتحولات الاقتصادية العالمية، وأن نعمل بالتالي على تحرير طاقات الاقتصاد الوطني من كل المعيقات التي تؤثر في نموه وقدرته التنافسية والتصديرية»، لافتا إلى أن «عملية الإصلاح الاقتصادي لا تبدأ من الصفر» وأن حكومته «تملك رصيدا من الإنجازات المتحققة خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة، لا سيما أن الحكومة عملت باتجاه التحول التدريجي نحو اقتصاد السوق الاجتماعي في إطار مبدأ التشاركية بين القطاعين العام والخاص». وأكد أنه «لا عودة عن ثوابت وتوجهات عملية الإصلاح الاقتصادي. والمطلوب في هذه المرحلة مراجعة وتقييم وتصويب السياسة الاقتصادية والاجتماعية بما يضمن المواءمة بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، إضافة إلى رصد آثار وانعكاسات تلك السياسات على حياة المواطنين بشكل عام وذوي الدخل المحدود منهم بشكل خاص».
وأشار سفر إلى أنه «خلال السنوات الماضية قد تكون العلاقة بين الاقتصادي والاجتماعي مالت لصالح الأول أكثر من الثاني، وهذا ما لا نريده بالأساس، لأنه يتعارض مع الأهداف والتوجهات التي تنشدها الدولة لتحقيق الرفاهية والتقدم للمواطنين؛ الأمر الذي يتطلب تصحيحا وتصويبا يعيد التوازن بين الاقتصادي والاجتماعي ومراجعة مواقع الخطأ والصواب، كوننا لا نقبل باقتصاد السوق المتوحش على حساب احتياجات المواطنين».
 
اجتماع الدوحة يطرح ورقة عمل لوقف العنف بسوريا.. ودمشق سترد اليوم
رئيس وزراء قطر يحذر من عاصفة كبيرة ويؤكد: المهم أن يعرف القادة كيف يتعاملون وليس باللف والدوران والاحتيال
الدوحة: «الشرق الأوسط»
أكد رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، في ختام اجتماع اللجنة الوزارية العربية حول الملف السوري، أمس، أن اللجنة طرحت ورقة لوقف العنف في سوريا، بينما طلبت دمشق مهلة حتى اليوم للرد.
كما حذر الشيخ حمد الرئيس السوري بشار الأسد ضمنا من «اللف والدوران»، داعيا إلى خطوات ملموسة بسرعة في سوريا لتجنب «عاصفة كبيرة» في المنطقة، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال الشيخ حمد، الذي يترأس اللجنة، للصحافيين في ختام الاجتماع الذي حضره وزير الخارجية السوري وليد المعلم: إن الاجتماع «كان جديا وصريحا.. وتوصلنا إلى ورقة تتعامل مع كل القضايا وطلب الوفد السوري أن يرد على هذه الورقة اليوم الاثنين.
وأوضح رئيس الوزراء، الذي يشغل أيضا منصب وزير خارجية بلاده، أن الورقة «جدية لوقف كل أعمال العنف والقتل في سوريا». وذكر أن هناك اجتماعا للجامعة العربية يوم الأربعاء في القاهرة «سواء اتفقنا أم لا»، مشددا: «الأهم من الجواب هو العمل السريع والفوري، والعمل بالاتفاق وتنفيذه».
وأوضح الشيخ حمد أن الوفد السوري الذي خرج من الاجتماع للتشاور ثم التحق به مجددا سيبقى الليلة في الدوحة، وإذا تم الاتفاق على الورقة نقدمها إلى الجامعة الأربعاء»، مشددا مرة أخرى: «أهم شيء التنفيذ». وحذر المسؤول القطري من «عاصفة كبيرة» في المنطقة.
وردا على سؤال عن تحذير الرئيس الأسد من زلزال في المنطقة حال حصول تدخل أجنبي، قال الشيخ حمد: «إن المنطقة كلها معرضة لعاصفة كبيرة، والمهم أن يعرف القادة كيف يتعاملون، ليس باللف والدوران والاحتيال». وأضاف: «المطلوب هو القيام بخطوات سريعة تجنبنا ما حصل في بعض الدول» في إشارة، على ما يبدو، إلى ليبيا. وخلص إلى القول: «نأمل ألا يكون هناك تدخل عسكري».
كان الرئيس السوري قد حذر قبيل الاجتماع من أن أي تدخل غربي ضد دمشق سيؤدي إلى «زلزال» من شأنه أن «يحرق المنطقة بأسرها».
 
المبعوث الصيني بعد مغادرته دمشق: الوضع خطير في سوريا ولا يمكن أن يستمر
سيكه قال إنه «يجب على الأسد الاستجابة لمطالب الشعب المشروعة»
القاهرة - لندن: «الشرق الأوسط»
وصف الموفد الصيني إلى الشرق الأوسط وو سيكه الأوضاع في سوريا بـ«الخطيرة»، وأكد بعد أن غادر العاصمة السورية دمشق، أنه حذر السلطات السورية من أن قمع المظاهرات «لا يمكن أن يستمر».
وقال الموفد الصيني إنه «أكد لمسؤولين رفيعي المستوى في سوريا خطورة الوضع وإنه لا يمكن أن يستمر»، مضيفا أن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن «يحترم ويستجيب للتطلعات والمطالب المشروعة للشعب السوري». وكان الموفد الصيني قال خلال زيارة لسوريا الخميس إنه «يجب احترام إرادة الشعب ومطالبه المشروعة وهناك توافق واسع النطاق بشأن المشاركة الواسعة وسلمية الإصلاح».
وأوضح سيكه: «نعتقد أنه يمكن تحقيق مطالب الشعب السوري من خلال مشاركته ودفع عملية الإصلاح»، داعيا إلى «وقف كافة أعمال العنف حقنا للدماء وإجراء إصلاحات من خلال الحوار وغيره من الطرق السلمية»، مضيفا «يجب احترام خيار الشعب».
وأعرب المبعوث الصيني «عن الأمل بأن تسرع الحكومة السورية في تنفيذ التعهدات في الإصلاح وإطلاق عملية سياسية شاملة ذات مشاركة واسعة من الأطراف المعنية بأسرع وقت ممكن وذلك بالاستجابة لتطلعات الشعب السوري ومطالبه المحقة».
واعتبر أن «الأولوية الأولى حاليا هي أن على الأطراف المعنية في سوريا تغليب مصالح الوطن والشعب ووقف كافة أعمال العنف واتخاذ إجراءات ملموسة لوقف الاشتباكات الدموية وسقوط ضحايا».
وتشهد سوريا منذ منتصف مارس (آذار) حركة احتجاجية لا سابق لها سقط خلالها أكثر من ثلاثة آلاف قتيل بينهم 187 طفلا على الأقل بحسب الأمم المتحدة التي حذرت من مخاطر وقوع «حرب أهلية».
وقال سيكة إنه التقى بنائب الرئيس السوري ووزير الخارجية وأعضاء من المعارضة أثناء زيارته لدمشق. وشدد على أن الصين تلتزم الحياد في الأزمة.
وكان سيكه يتحدث من مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة حيث تجمع نحو 150 متظاهرا للتنديد بما قالوا إنه رد فعل ضعيف من الجامعة تجاه قمع الحركات المطالبة بالديمقراطية في سوريا واليمن، ورفع المحتجون لافتات كتب عليها «صمتك يقتلنا يا جامعة».
وكانت روسيا والصين، وهما من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، أثارتا استياء الغرب عبر استخدام حق النقض ضد مشروع قرار يدين نظام الأسد. وهدد مشروع القرار النظام السوري بـ«تدابير محددة» على قمعه الدامي للمتظاهرين، وقالت بكين إن مثل هذا القرار «لن يحسن» الوضع في سوريا. ولم يظهر أي أثر فيما يبدو للضغوط الأجنبية على حكومة الأسد لإنهاء حملة القمع الدموي المستمرة منذ سبعة أشهر ضد المحتجين المطالبين بإصلاحات سياسية. وتلقي الولايات المتحدة باللوم على الصين وروسيا في عدم مساندة جهودها لعزل حكومة الأسد دبلوماسيا وتشديد العقوبات الاقتصادية.
وكانت الصين قد دعت الثلاثاء الماضي سوريا إلى التحرك بشكل أسرع للوفاء بوعودها بتطبيق إصلاحات، وذلك بعدما أعلن الأسد أن نظامه يحضر لإجراءات سياسية جديدة، وهي المرة الأولى التي تبتعد فيها الصين عن موقفها القائم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية بخصوص سوريا، حيث أوقع القمع الدامي للمتظاهرين أكثر من 2900 قتيل منذ بدء حركة الاحتجاج غير المسبوقة ضد النظام.
 
تناقض عراقي حول حيازة أجهزة أميركية لمراقبة الإنترنت.. ومسؤول ينفي تسريبها إلى سوريا
ردا على شركة أميركية قالت إنها باعتها لبغداد لكنها حاليا تستخدم من قبل النظام السوري
بغداد: حمزة مصطفى
نفت بغداد علمها بوصول أجهزة متطورة لمراقبة الإنترنت، من المفترض أنها اشترتها سابقا من الولايات المتحدة، إلى سوريا. وأظهرت تصريحات مسؤولين عراقيين تحدثت إليهما «الشرق الأوسط» تناقضا حول امتلاك العراق لمثل هذه الأجهزة. فبينما نفى مستشار في رئاسة الوزراء امتلاك بلاده مثل هذه الأجهزة، أكد مسؤول في وزارة الاتصالات وجودها، لكنه نفى علمه بوصولها إلى النظام السوري. وجاءت هذه التصريحات ردا على تعليقات أدلت بها شركة «بلوكوت سيستمز» الأميركية التي قالت من خلالها إن السلطات السورية تستخدم وسائل متطورة ذات منشأ أميركي لتعطيل أنشطة المعارضين السوريين عبر الشبكة العنكبوتية. وإن هذه الأجهزة كانت قد بيعت إلى وزارة الاتصالات العراقية ولكنها وجدت طريقها بشكل ما إلى دمشق.
وقال مستشار في مجلس الوزراء العراقي إنه لا توجد أجهزة من هذا النوع في العراق لكي يتم منحها إلى دولة أو جهة أخرى. وأضاف المستشار، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق لا يزال يعمل وفق نظام اتصالات سهل الاختراق ويتصل مباشرة بالقمر الصناعي من دون المرور ببوابات النفوذ».
وتابع المسؤول قائلا إن «أجهزة التنصت والمراقبة تصنع في دول متقدمة تكنولوجيا والعراق لم يحصل عليها حتى الآن»، مشيرا إلى أنه «لا يتوفر أي تنسيق مع الحكومة السورية أو غيرها لتداول تلك الأجهزة، خاصة أن العراق غير مطلع على آلية عمل نظام الاتصالات في سوريا». وأوضح أنه «حتى أرقام المسؤولين العراقيين البارزين مراقبة من قبل بعض المجاميع الإرهابية».
ومن جانبها، نفت وزارة الاتصالات العراقية أن تكون أي من شركاتها ودوائرها قد سربت أو حولت أجهزة متطورة لفرض رقابة على الإنترنت إلى سوريا بعد أن تم شراؤها من قبلها لأغراض الاستخدام في العراق.
وقال وكيل وزارة الاتصالات العراقية الدكتور كريم مزعل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ردا على ما أعلنته الشركة الأميركية، إن «هذا الموضوع غير صحيح، ولا علم لنا بمثل هذا الأمر وإننا فوجئنا به عبر وسائل الإعلام مثل غيرنا». وأضاف أن «الوزارة لا علاقة لها بهذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد ولا توجد لدينا أجهزة زائدة لكي نعطيها للآخرين أو نستورد لصالح أحد فهذه أمور مخالفة للقوانين والإجراءات المتبعة».
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد نقلت مساء أول من أمس عن مسؤول في شركة «بلوكوت سيستمز» الأميركية، مقرها في كاليفورنيا، أن أنظمة لمراقبة الإنترنت كانت بيعت إلى وزارة الاتصالات العراقية يتم استخدامها في سوريا، مؤكدا أنه يجهل كيفية وصول هذه المعدات إلى النظام السوري. وتحظر الحكومة الأميركية بيع هذا النوع من الأجهزة إلى سوريا. وقال المسؤول في الشركة «بما أننا لم نبع هذه المعدات (لسوريا)، فإننا لا نعلم التفاصيل»، لافتا إلى أن 13 على الأقل من الأجهزة الـ14 التي تم بيعها تستخدم في سوريا. ويبدو هذا العدد كافيا للسيطرة على شبكة الإنترنت ومراقبتها.
من جانب آخر وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر خاصة داخل العاصمة السورية دمشق، فإن «من يقوم بتشغيل هذه الأجهزة التي تولت عملية تعطيل أنشطة المعارضين السوريين هم خبراء من إيران». غير أن المصادر الخاصة لم تؤكد أو تنف فيما إذا كانت هذه الأجهزة كان قد تم شراؤها أصلا من الشركة الأميركية لصالح وزارة الاتصالات العراقية، غير أنها رجحت أنها لم تذهب مباشرة إلى سوريا وإنما تم تحويلها إلى إيران ومن ثم إلى سوريا عبر طرق خاصة، لا سيما أن الولايات المتحدة الأميركية تفرض حظرا على إيران أيضا. وأشارت إلى أن خبراء إيرانيين يشرفون على عمل هذه الأجهزة في سوريا.
وكانت مصادر سياسية عراقية قد كشفت في وقت سابق عن أن طهران كانت قد حثت العراق على دعم سوريا ماديا من خلال إبرام العقود وغيرها من أجل دعمها في أزمتها الحالية.
 
السوريون المعارضون يحورون شعارات «البعث» لصالح إسقاط النظام
الطلاب يستغلون أوقات ترديدها بداية الدروس لإطلاق شعاراتهم.. والأمن يقتحم المدارس
بيروت: «الشرق الأوسط»
ردد المتظاهرون السوريون المناهضون لنظام بشار الأسد في مدينة بصرى الحرير التابعة لمحافظة درعا، شعارات حزب البعث العربي الاشتراكي، لكنهم استبدلوا مفرداتها، جاعلين شعار إسقاط النظام السوري بدلا عن شعار الوحدة والحرية والاشتراكية الذي يردده البعثيون عادة. حدث هذا في جمعة «الحظر الجوي»، حين سأل عريف المظاهرة المطالبة بالحرية، الجموع المتجمهرة في ساحة المدينة «ما هي أهدافنا؟»، فأجابوه بصوت واحد «إسقاط النظام».
يتكرر هذا الأمر في العديد من المظاهرات التي تخرج في سوريا وتطالب برحيل نظام بشار الأسد، حيث يسعى المتظاهرون عبر هتافاتهم إلى تسخير جميع رموز ومفردات مرحلة حكم الأسد، لصالح ثورتهم المطالبة برحيله، بما فيها شعارات «البعث». وقد كتب أحد الناشطين المعارضين في صفحته على «فيس بوك» بأسلوب ساخر «نعم، أهدافنا حسب شعارات البعث وحدة وحرية واشتراكية، الوحدة بحيث يتوحد جميع السوريين لإسقاط بشار الأسد، والحرية ننالها بعد سقوطه، والاشتراكية نستعيد عبرها حقوقنا من ثروات البلد التي نهبها أقاربه».
ويشير أحد الناشطين في محافظة ريف دمشق إلى أن العديد من مدارس المدينة يستغل طلابها كل يوم فرصة ترديد شعار حزب البعث في الفترة الصباحية، وهو أمر روتيني في جميع مدارس سوريا، كي يرددوا شعارات الثورة السورية، لا سيما «الشعب يريد إسقاط النظام». ويلفت الناشط المعارض إلى أن «قوات الأمن اقتحمت العديد من المدارس في مناطق مختلفة من المحافظة، بعد أن قام التلاميذ بترديد هتافات مناقضة لشعار (البعث)»، بحيث يعمد مديرو المدارس وأطقمها التدريسية وفقا للناشط «إلى الاتصال بأجهزة الأمن لحظة قيام التلاميذ بالهتاف، فتقوم عناصر الأمن باقتحام المدرسة واعتقال الطلاب، وأحيانا يقومون بتعذيبهم وإهانتهم في ساحة المدرسة، وهذا ما حدث في إحدى المدارس حيث أمر عناصر الأمن الطلاب الذين رددوا هتافات تطالب بالحرية بالتمدد على الأرض وراحوا يدوسون عليهم ويضربونهم بالعصي».
وقد تأسس حرب البعث العربي الاشتراكي في دمشق، بتاريخ 7 أبريل (نيسان) 1947، تحت شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، وسعى إلى تحقيق أهدافه «وحدة.. حرية.. اشتراكية». ووفقا لمنظريه الذين يعد أبرزهم ميشيل عفلق وذكي الارسوذي، فإن هذه الأهداف تجسد الوحدة العربية والتحرر من الاستعمار والإمبريالية وإقامة النظام الاشتراكي العربي.
ويحكم حزب البعث سوريا منذ ثورة الثامن من مارس (آذار) في عام 1963 حتى الآن، وكان الحزب الحاكم للعراق منذ 17 يوليو (تموز) 1968 حتى سقوط نظام صدام بتاريخ 9 أبريل 2003 في أيدي قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة. ويوصف حزب البعث على أنه مزيج من الاشتراكية، والقومية العربية، ويتبنى المبدأ السياسي، ويعمل أيضا على أساس الانقلاب الشعبي ضد الحاكم الظالم أو العميل أو من يواكب الاستعمار. وقد اصطدمت هويته الوطنية والقومية مع الحكومات العربية المختلفة في أماكن وجود الحزب. ويرفع الحزب شعار «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة»، أما أهدافه فهي «وحدة، حرية، اشتراكية» كما ذكرنا. وترمز «الوحدة» إلى اتحاد الأقطار العربية، و«الحرية» إلى التحرر من القيود الأوروبية وتحرير الأقطار العربية منها، فيما يهدف تحقيق الاشتراكية إلى تأمين المساواة الاقتصادية بين المواطنين.
وفي الوقت الذي ترى فيه بعض الآراء أن الانتفاضة المندلعة في جميع أنحاء سوريا منذ 15 مارس الماضي، تهدف لإسقاط نظام حزب البعث الذي حكم البلاد أكثر من أربعين عاما، تجد آراء أخرى ترى أن هذه الانتفاضة تهدف إلى إسقاط عائلة الأسد ودوائر النفوذ الأمنية والاقتصادية التي تدور في فلكها، وتقول إن عائلة الأسد (حسب هذه الآراء) حورت حزب البعث من معناه وحولته إلى ستار تمارس من وراء شعاراته التسلط والطغيان على الشعب السوري.
وكانت بداية الانتفاضة السورية قد شهدت استقالات جماعية لقياديين وأفراد ينتمون إلى حرب البعث العربي الاشتراكي احتجاجا على ممارسات الأجهزة الأمنية بحق المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية. وتركزت هذه الاستقالات في درعا ودير الزور وبعض مناطق ريف حمص. إلا أن أجهزة الأمن سارعت إلى اعتقال أعداد كبيرة من المستقيلين، وأجبرتهم على سحب استقالاتهم وإعلان ولائهم للنظام الحاكم.
 
إذاً هو تهديد من الأسد
طارق الحميد
في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) نقلت وكالة «فارس» الإيرانية خبرا منسوبا لمسؤول عربي قالت إنه أبلغها بأن بشار الأسد قد قال لوزير خارجية تركيا إنه مع أول صاروخ يسقط على دمشق فإنه، أي الأسد، سيحرق المنطقة في 6 ساعات، وعلى الرغم من نفي النظام الأسدي للخبر، فإن الأسد نفسه عاد الآن ليقوله صراحة!
ففي مقابلة مع صحيفة «صنداي تليغراف» البريطانية قال الأسد إن القوى الغربية تخاطر بالتسبب في «زلزال» يحرق الشرق الأوسط إذا تدخلت في سوريا، ومضيفا أن بلاده هي «المحور الآن بالمنطقة.. إنها خط الصدع، وإذا لعبتم بالأرض فتتسببون في زلزال. هل تريدون أن تروا أفغانستان أخرى.. عشرات من أمثال أفغانستان» إلى أن قال الأسد بأن «أي مشكلة بسوريا ستحرق المنطقة بالكامل».
وتصريحات الأسد هذه هي نفس ما نسبته له الوكالة الإيرانية من قبل، حيث قالت «فارس» إن الأسد قد قال لوزير الخارجية التركي: «إن قوى عظمى كبيرة تدرك كل الإدراك أنه مع أول صاروخ يسقط فوق دمشق لأي سبب كان، فإنه بعد ست ساعات من سقوط هذا الصاروخ، سأكون قد أشعلت الشرق الأوسط، وأسقطت أنظمة، وأشعلت الفوضى والحرائق قرب حقول النفط الخليجية، وأستطيع أن أغلق المضايق المائية العالمية».. وأضافت الوكالة الإيرانية أن الأسد قال أيضا: «سنطلب من حزب الله اللبناني فتح قوة نيرانية على إسرائيل لا تتوقعها كل أجهزة الاستخبارات، كل هذا بالساعات الثلاث الأولى من الساعات الست، وبالساعات الثلاث الأخرى ستتولى إيران ضرب بوارج أميركية ضخمة راسية بمياه الخليج، فيما سيتحرك الشيعة الخليجيون لضرب أهداف غربية كبرى، وقتل أميركيين وأوروبيين حول العالم، إذ سيتحول الشيعة بالعالم العربي إلى مجموعة فدائيين انتحاريين صوب كل هدف يرونه سانحا، وسيخطفون طائرات شرق أوسطية».
وكما أسلفنا فلا فرق بين ما نسب للأسد بالوكالة الإيرانية وما قاله هو بنفسه للصحيفة البريطانية، وسبق أن كتبت في 8 أكتوبر تعليقا على خبر الوكالة الإيرانية بعنوان «رسالة من الأسد» قلت فيه إن الكلام المنسوب للأسد يجب أن ينظر إليه بجدية وعلى أنه رسالة من الأسد للمنطقة. واليوم، وبعد تصريحات الأسد للصحيفة البريطانية يتضح أن الأمر هو كذلك بالفعل، لكن الحقائق تقول، ولعلّ أحد العقلاء يعي ذلك في سوريا، إن التهديدات الفارغة من إحراق المنطقة، وخلافه، لا تغني ولا تسمن من جوع، وذلك أمر مثبت بالتجارب، فقد تردد نفس هذا الكلام قبل الغزو الأميركي للعراق، فأين صدام حسين اليوم، وكيف انتهى؟ وردد نفس الكلام معمر القذافي حين تقرر تحرك قوات الناتو ضد قواته التي كانت تعيث فسادا بالليبيين مثلما تفعل القوات الأسدية اليوم بسوريا، فيومها هدد القذافي الغرب بضرب الملاحة الجوية، والمدن الأوروبية، لكن أين هو القذافي، وكيف كانت نهايته، ويا لها من نهاية؟
وعليه، فمع التصريحات السورية المتشنجة الأخيرة، وأبرزها تهديدات الأسد، نستطيع أن نقول إن الأوضاع في سوريا دخلت منعطفا شديد الحساسية الآن، وأكبر دليل درجة انفعال النظام هناك.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,589,598

عدد الزوار: 6,956,389

المتواجدون الآن: 64