مصر: الجيش يسعى إلى التهدئة بورقة «العزل» وميدان التحرير يرد بمليونية لـ«الإنقاذ الوطني»

مصر تعيش أجواء «ثورة ثانية» والحكومة تستقيل

تاريخ الإضافة الأربعاء 23 تشرين الثاني 2011 - 4:55 ص    عدد الزيارات 2349    التعليقات 0    القسم عربية

        


مصر تعيش أجواء «ثورة ثانية» والحكومة تستقيل
الثلاثاء, 22 نوفمبر 2011
القاهرة - محمد صلاح وأحمد رحيم
 

تفاقمت الأزمة السياسية في مصر على خلفية أحداث ميدان التحرير، خصوصاً بعد تزايد أعداد القتلى إلى أكثر من ثلاثين واستقالة حكومة عصام شرف أمس، ما رفع الحشد في شكل لافت ووضع البلاد في أجواء «ثورة ثانية». وفي وقت أعربت واشنطن عن قلقها داعية إلى ضبط النفس، أعلن أكثر من مئة ديبلوماسي دعمهم مطالب المحتجين، ودعوا المجلس العسكري إلى تسليم السلطة للمدنيين.

ووضعت الأطراف الفاعلة في الأزمة نفسها في مواقف صعّبت عليها التراجع، فالقوى الإسلامية، وعلى رأسها «الإخوان المسلمين»، دانت قتل المتظاهرين، لكنها أصرت على بدء الانتخابات البرلمانية في موعدها الأسبوع المقبل، وأصر المتظاهرون على إعلان جدول زمني لتسليم السلطة للمدنيين وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، ودعوا إلى تظاهرات «مليونية» اليوم.

ونقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» عن الناطق باسم مجلس الوزراء محمد حجازي أن الحكومة قدمت مساء أول من أمس استقالتها إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وأوضح أن «الحكومة وضعت استقالتها تحت تصرف المجلس. وتقديراً للظروف الصعبة التي تجتازها البلاد في الوقت الراهن، فإنها مستمرة في أداء مهماتها كاملة إلى حين البت في استقالتها». وتردد أن المجلس العسكري قبل الاستقالة.

وفي واشنطن، أعرب البيت الأبيض أمس عن «القلق الشديد» حيال أعمال العنف في مصر، داعياً جميع الأطراف إلى «ضبط النفس» وإلى مواصلة عملية التحول الديموقراطي. وقال الناطق باسم الرئاسة الأميركية جاي كارني: «نشعر بالقلق الشديد لأعمال العنف، وندعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس»، مشدداً على أنه «من المهم أن تواصل مصر التقدم» على طريق الانتقال الديموقراطي.

وقبل ذلك بقليل، دعا أيضاً البنتاغون إلى «ضبط النفس». وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية الكابتن جون كيربي: «نشارك بالطبع الجميع القلق إزاء أعمال العنف هذه وندعو كل طرف إلى ضبط النفس». لكنه شدد على أن وزارته «مرتاحة لرغبة المجلس العسكري في إجراء الانتخابات».

وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس السلطات المصرية بـ «ضمان حماية حقوق الإنسان، بما فيها حق التظاهر السلمي» وحض جميع الأطراف على الهدوء لتسهيل إجراء انتخابات «سلمية وواسعة المشاركة». وأعرب عن «قلقه البالغ حيال العنف».

وفي تطور لافت، أصدر أكثر من مئة ديبلوماسي مصري بياناً يدين العنف ضد المحتجين ويدعم مطالبهم، وعلى رأسها تحديد جدول زمني لنقل السلطة. ولم يفلح إصدار المجلس العسكري قانوناً لحظر ترشيح «من يثبت تورطهم في إفساد الحياة السياسة»، في امتصاص غضب المتظاهرين الذين اعتبروه «مسكنات للالتفاف على المطالب».

ورغم تأكيد المجلس العسكري إجراء الانتخابات في موعدها، إلا أن الشروع في العملية الانتخابية وسط هذه الأجواء المتوترة سيفقدها زخمها، لكن القوى السياسية خصوصاً الإسلامية منها أصرت على إجراء الانتخابات وحذرت من «ثورة ثانية» إن أرجئت، حتى أن جماعة «الإخوان» ترى في هذه الأحداث «محاولة استدراج» لإلغاء العملية الانتخابية، حسب الناطق باسمها الدكتور محمود غزلان، وقررت عدم المشاركة في التظاهرات «كي لا تستدرج إلى هذا المخطط».

وفي المحافظات، اندلعت تظاهرات أمام مديريات الأمن في الإسكندرية والسويس والدقهلية وقنا والمنيا والأقصر وأسيوط. وأغلق المتظاهرون الطرق المؤدية إلى مديريات الأمن وحاول غاضبون اقتحام بعضها احتجاجاً على أحداث التحرير. وتظاهرت حشود أمام مقر قيادة المنطقة العسكرية الشمالية في الإسكندرية، كما تظاهر مئات أمام مقر الحاكم العسكري في السويس.

وأعادت هذه الأجواء إلى الأذهان الموجة الأولى من الانتفاضة الشعبية في كانون الثاني (يناير) الماضي. وبات شارع محمد محمود الرابط بين ميدان التحرير ومقر وزارة الداخلية من أشهر وأخطر شوارع القاهرة، فالمشهد المروّع يبدأ عند مدخله من ناحية الميدان بمجموعات من الشباب تحمل المصابين لنقلهم إلى المستشفى الميداني الذي عاد للعمل مجدداً كما كانت الحال في أيام «ثورة 25 يناير».

واجهة الجامعة الأميركية المحطمة في بداية الشارع توحي بمعركة عنيفة دارت رحاها في هذه المنطقة. وأرضية الشارع غطتها الحجارة التي يستخدمها المتظاهرون في رشق قوات الأمن، فضلاً عن مئات النتوءات التي خلَّفها سيل القنابل المسيلة للدموع التي تلقيها قوات الشرطة على المتظاهرين. نبرة الانتقاد هنا مرتفعة. فالهتافات لا خط أحمر يحدها، ونال منها رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي الجانب الأكبر.

وفي الطريق إلى مقر وزارة الداخلية حيث الاشتباكات المتواصلة بين المتظاهرين وقوات الأمن، يتمركز المسعفون و«المساعدون» الذين ابتكروا خلطات لحماية المتظاهرين من استنشاق الغاز المسيل للدموع الذي اختلط بهواء المنطقة. عشرات الشباب ينتشرون بزجاجات الخل المخلوطة بمطهرات للوقاية من أضرار القنابل.

حجم الدمار أمام بوابة مكتبة الجامعة الأميركية القريبة من وزارة الداخلية أكبر من الدمار عند ناصية الشارع، فبوابة المكتبة محترقة وأسوارها باتت سوداء من غبار الحرائق. والسيارات المدمرة بدأت تظهر يعتليها شباب يقذفون الأمن بالحجارة. وأمامها وضعوا متاريس من يتخطاها يكون داخل منطقة الخطر، فلا يسمح للأطفال بالاستمرار في التقدم لئلا تدهسهم جموع الشباب أثناء لحظات الكرِّ والفرِّ المستمرة طوال اليوم بين المتظاهرين وقوات الأمن.

الدراجات البخارية موجودة بكثافة للإسراع بنقل الإصابات الخطرة إلى المستشفى الميداني. أسوار البنايات امتلأت كلها بالشعارات المنتقدة للمجلس العسكري والمطالبة بتسليم السلطة، فضلاً عن سيل من السباب كاله المتظاهرون للشرطة. وفوق هذه الأسوار يتمركز «شباب الاستطلاع» الذين ينبهون الحشود على الأرض إلى تقدم قوات الأمن تجاههم استعداداً للتقهقر ناحية الميدان.

وعلى بعد أمتار من سور وزارة الداخلية، يتمركز آلاف من جنود الأمن المركزي على أهبة الاستعداد مدعمين بآليات للجيش لمنع اقتحام مقر الوزارة. ولا تفصلهم سوى أمتار قليلة عن الصفوف الأولى للمتظاهرين المصرِّين على مواصلة تقدمهم الذي لا توقفه إلا زخات من القنابل المسيلة تفتت الحشد، غير أن «السحر يرتد على الساحر»، ويعيد الشباب قذف القنابل بمهارة لتدب الفوضى في حشود الجنود.

 

 

العربي يدعو إلى «ضبط النفس» وألمانيا للاستماع إلى مطالب الشعب وإسرائيل قلقة من «خسارة ذخر استراتيجي»
الثلاثاء, 22 نوفمبر 2011
الناصرة – أسعد تلحمي
 

القاهرة، برلين، باريس - رويترز، أ ف ب - دعا الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أمس، إلى تهدئة الوضع في مصر و «ضبط النفس»، مع استمرار المواجهات الدامية بين قوات الأمن والمحتجين، وحض جميع الاطراف السياسيين على استكمال عملية التحول الديموقراطي، فيما دعت ألمانيا إلى وقف العنف وضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وطالبت المجلس العسكري «بأخذ المطالب السياسية والمخاوف المبررة للشعب على محمل الجد».

وأعرب العربي في بيان عن «بالغ القلق» ازاء اشتباكات في ميدان التحرير. ودعا إلى «ضرورة التحلي بأعلى درجات المسؤولية وضبط النفس»، مؤكداً في الوقت ذاته على «حق التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي مع الحرص على حماية المنشآت والمصالح الحيوية للدولة». وناشد «جميع القوى السياسية العمل على التهدئة والعودة إلى المسار السياسي والمضي قدماً في عملية التحول الديموقراطي على أسس الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير».

من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيله في برلين أمس، إن السلطات المصرية يجب أن توقف العنف وأوصاها «بأخذ المطالب السياسية والمخاوف المبررة للشعب على محمل الجد». وأضاف: «من المهم الآن أن تضمن كل المؤسسات الحكومية وكل الاطراف المعنية، بما في ذلك القيادة العسكرية بيئة سلمية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة عبر الحوار». ورأى أن مصر في حاجة إلى تهيئة «مناخ مناسب للانتخابات المقبلة تشمل وقف العنف، وأيضاً احترام البشر والحقوق المدنية». وأشار إلى أن مصر تلعب «دوراً مهماً» في المنطقة لضمان نجاح «الربيع العربي».

الى ذلك، أعربت أوساط سياسية إسرائيلية عن قلقها من «الفوضى العارمة» التي تعيشها مصر منذ أيام، بحسب توصيفها، وقالت إن إسرائيل تخشى من انعكاسات «حرب أهلية» عليها، «كما على الأوروبيين والأميركيين الذين يخشون هجرة ملايين المصريين إلى بلادهم». وكرر وزير الدفاع السابق بنيامين بن اليعيزر تحذيراته من أن تخسر إسرائيل «ذخرها الاستراتيجي المتمثل في العلاقات مع مصر»، من دون أن يستبعد مواجهة مباشرة بين البلدين «في المدى غير البعيد».

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أوساط سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى قولها إن ما يحصل في مصر هو «بداية صراع عنيف بين الأخوان المسلمين والجيش». وأضافت أنه، بحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن النظام العسكري سينجح على المدى القريب في الصمود ولا يتوقع حل المجلس العسكري الذي يدير البلاد، «بفضل اليد المتشددة التي يستخدمها الجيش مع المتظاهرين خلافاً لسلوكه إبان التظاهرات التي طالبت بتنحي الرئيس السابق حسني مبارك حين وقف على الحياد وترك مهمة التصدي للمتظاهرين لأفراد الشرطة».

وتابعت الصحيفة أن جهات إسرائيلية مكلفة تقويم الأوضاع في مصر، تلحظ في الأيام الماضية «محاولات الأخوان المسلمين لتسخين الأجواء عشية الانتخابات» التي تبدأ الأسبوع المقبل. ونقلت عن إحدى هذه الجهات قولها ان «نقطة الضوء الوحيدة تتمثل في حقيقة أن سر ما يحصل افتضح، بمعنى أنه بينما قاد الطلبة الجامعيون والشباب التظاهرات الأولى مطالبين بالعدالة الاجتماعية، نرى الآن بوضوح أن الجهات الإسلامية هي التي تقف وراء التظاهرات، ولذا تدخل الجيش المصري بقوة». وتوقعت أن ينجح المجلس العسكري في السيطرة على الوضع «ولن يسمح للإخوان المسلمين بإطاحته قبل الانتخابات».

وفي باريس، عبّرت وزارة الخارجية الفرنسية عن «قلقها الشديد» إزاء المواجهات في مصر، ودعت قوات الامن والمتظاهرين إلى إبداء حس «بالمسؤولية». وقال الناطق باسم الوزارة برنار فاليرو إن «فرنسا قلقة في شدة إزاء المواجهات التي حصلت في الأيام الماضية، وتدين أعمال العنف التي أدت إلى مقتل أكثر من عشرين متظاهراً».

ودعا إلى «التحلي بروح المسؤولية من قِبَل الجميع في هذه الايام العصيبة»، مكرراً التعبير عن «دعم فرنسا لمواصلة العملية الديموقراطية في مصر، والتي يفترض أن تؤدي في 2012 الى نقل السلطة الى السلطات التشريعية والتنفيذية المدنية المنتخبة».

مصر: الجيش يسعى إلى التهدئة بورقة «العزل» وميدان التحرير يرد بمليونية لـ«الإنقاذ الوطني»
الثلاثاء, 22 نوفمبر 2011
القاهرة - أحمد مصطفى وأحمد رحيم
 

أظهرت الأحداث في مصر أمس أن صراعاً انطلق بين قوتين يبدو أن نتائجه ستحسم مستقبل الثورة، فالقوة الأولى ممثلة في المجلس العسكري بما يملكه من سلطة، تقف في مواجهة ضغوط المحتشدين في ميدان التحرير الذين يطالبون بتسليم الحكم إلى مدنيين، وهو مطلب وجد مناصرين تظاهروا في محافظات عدة.

ورغم استمرار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين، سعى الجيش إلى تهدئة الغاضبين، خصوصاً بعد تمدد التظاهرات، بإصداره قانوناً لعزل «الفاسدين» عن العمل السياسي، وهو مطلب كانت تنادي به القوى السياسية طيلة الأشهر الأخيرة من دون أن يستجيب جنرالات الجيش. لكن على ما يبدو أن استجابة المجلس تجاوزتها الأحداث المشتعلة في الميادين التي اعتبرت الخطوة مجرد «مسكنات».

ودعا ناشطون إلى تظاهرات مليونية قرروا لها اليوم في ميدان التحرير تحت مسمى «مليونية الإنقاذ الوطني»، التي أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» عدم المشاركة فيها لاستشعارها «محاولات لجر الجماهير إلى الميادين لإحداث فوضى تعرقل الاستحقاق الانتخابي». وتحدث «حزب النور» السلفي عن وساطة تجريها قوى سياسية بين المجلس العسكري والمتظاهرين في محاولة لتدارك الأزمة.

وارتفع عدد ضحايا المواجهات التي دخلت يومها الثالث أمس بين قوات الأمن والمتظاهرين المطالبين بتسليم السلطة إلى مدنيين في ميدان التحرير لتصل إلى 33 قتيلاً ونحو ألفي جريح. ودرأ المجلس العسكري عن نفسه تهمة قتل المتظاهرين خلال المواجهات التي وقعت مساء أول من أمس في ميدان التحرير، ملقياً المسؤولية على قوات الأمن.

وأكد مساعد قائد المنطقة المركزية العسكرية اللواء سعيد عباس أن عناصر الجيش نزلت أول من أمس فقط بناء على طلب من وزير الداخلية منصور العيسوي وتصديق القائد العام للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، «للمساعدة في تأمين وزارة الداخلية كمؤسسة حيوية تمثل هيبة الدولة، وليس لفض الاعتصام في ميدان التحرير»، رغم أن أشرطة مصورة أظهرت جنوداً من الشرطة العسكرية في قلب الميدان أول من أمس يفضون الاعتصام بالقوة.

وأوضح عباس أن «مهمة عناصر الجيش كانت الفصل بين المتظاهرين وقوات الشرطة المدنية وتأمين مبنى وزارة الداخلية فقط، تجنباً لاقتحامه من قبل بعض المتعصمين»، كما عرض «تأمين المتظاهرين» إذا طلبوا ذلك. وقال في مؤتمر صحافي عقده أمس عند أحد الشوارع المؤدية إلى وزارة الداخلية: «في حال رغب المتظاهرون في أي قوات لحمايتهم من مظاهر البلطجة، فنحن على أتم الاستعداد لتأمينهم وحمايتهم، وسيتم وضع قوات بلا تسليح هدفها فقط منع أي مخاطر يمكن أن يتعرض لها المتظاهرون». ودعا المتظاهرين إلى «عدم الإضرار بالصالح العام أو الخاص والحفاظ على هذا البلد للوصول به إلى بر الأمان». وأكد «التزام القوات المسلحة بخريطة الطريق لتسليم السلطة» من دون أن يوضح موعداً لانتخابات الرئاسة.

وأصدر المجلس العسكري أمس قانون «العزل السياسي» لتطبيقه على «كل من يثبت تورطه في إفساد الحياة السياسية». وينص القانون الجديد على أن «كل من يثبت تورطه في جرائم من شأنها إفساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصلحة البلاد أو التهاون فيها، يعاقب بالعزل من الوظائف العامة القيادية، وكذلك بإسقاط العضوية في مجلسي الشعب أو الشورى أو المجالس الشعبية المحلية، إضافة إلى الحرمان لمدة خمس سنوات كحد أقصى من الانتخاب أو الترشيح لأي مجلس من المجالس النيابية وتولي الوظائف العامة، ناهيك عن الانتماء إلى أي حزب سياسي».

ويخول القانون المحكمة الجنائية النظر في دعاوى العزل السياسي «على أن يتم تحريك الدعوة بمعرفة النيابة العامة، وذلك من تلقاء ذاتها أو بناء على بلاغ يقدم إليها مدى توافرت في شأن المتهم أدلة جدية على ارتكابه للجرائم، وذلك بعد تحقيق قضائي تجريه النيابة العامة في هذا الشأن».

وبحسب مصادر قضائية، فإن الانتخابات التشريعية ستجري في موعدها ووفق قوائم المرشحين النهائية، إذ أن العزل السياسي سيطبق بعد حكم نهائي يصدر من قبل المحكمة، وهو ما يحتاج وقتاً. ولفتت إلى أنه في حال صدر هذا الحكم في حق أحد أعضاء البرلمان الجديد سيتم عزله من منصبه على أن يتم إعادة الانتخابات على مقعده.

ولم تلبِ هذه الخطوة طموحات المتظاهرين في ميدان التحرير الذين شددوا على ضرورة إقالة الحكومة الحالية برئاسة عصام شرف وتحديد جدول زمني لتسليم السلطة في نيسان (أبريل) المقبل على أقصى تقدير. وعلى ما يظهر أن الأجواء ستزداد اشتعالاً في الأيام المقبلة رغم المحاولات للتهدئة.

ودعا أمس «ائتلاف شباب الثورة» إلى تظاهرات قرروا لها اليوم تحت مسمى «مليونية الإنقاذ الوطني»، وهي دعوة أيدتها حركات احتجاجية وائتلافات شبابية في مقدمها «حركة 6 أبريل» و «جبهة إنقاذ الثورة» و «حزب الجبهة الديموقراطية»، فيما رفضت جماعة «الإخوان» المشاركة في التظاهرات وإن ساندت مطالب المتظاهرين. وطالب «ائتلاف شباب الثورة» في بيان أمس «شباب مصر الأبي وجموع المواطنين الشرفاء، بالمشاركة في مليونية حاشدة في ميدان التحرير وميادين مصر للضغط باتجاه تحقيق المطالب». وشدد على «الإقالة الفورية لحكومة عصام شرف وتشكيل حكومة إنقاذ وطني بصلاحيات كاملة تتولى إدارة ما تبقى من فترة انتقالية على أن تنقل إليها كل الصلاحيات السياسية للمجلس العسكري وتحديد موعد للانتخابات الرئاسية في موعد غايته نيسان (أبريل) المقبل والبدء في هيكلة تامة لوزارة الداخلية تتضمن حل قطاع الأمن المركزي».

ميدانياً، واصل الآلاف اعتصامهم في ميدان التحرير أمس وصعدوا من نبرة انتقادهم المجلس العسكري ورئيسه المشير طنطاوي. وواصلوا محاولتهم اقتحام مقر وزارة الداخلية. واستمرت الاشتباكات العنيفة بين قوات الشرطة والمتظاهرين، خصوصاً في شارع محمد محمود المؤدي إلى مقر الوزارة الذي تحول إلى ساحة معركة بين الجانبين استخدم فيها المتظاهرون الحجارة والزجاجات الحارقة، وردت الشرطة بالقنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية. وساعدت وحدات من الجيش في تأمين مقر الوزارة.

وفي ميدان التحرير، جابت المسيرات المنددة بسياسات المجلس العسكري والمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين. ولوحظ زيادة أعداد المتظاهرين خصوصاً بعد بث لقطات مصورة لجنود يسحبون جثث قتلى في الميدان ويتركونها بجوار أكوام من القمامة، ما أجج مشاعر الغضب من جديد في نفوس الآلاف الذين ما أن ينهوا أعمالهم يتوجهوا إلى الميدان في ساعات الليل التي عادة ما يشتد فيها وطيس المواجهات بين الأمن وحشود الغاضبين.

ورغم عشرات الأشرطة المصورة التي تظهر جنوداً وضباطاً يستخدمون أسلحتهم ضد المتظاهرين، ألقت وزارة الداخلية بمسؤولية سقوط قتلى على «مندسين يطلقون النار على المتظاهرين والجنود». وقال مصدر أمني لـ «الحياة» إن «مجندين أصيبوا بطلقات نارية أثناء تأدية خدمتهم في الشوارع المحيطة بميدان التحرير بعد استهدافهم من أطراف مجهولة»، مشيراً إلى أن «81 مجنداً و21 ضابطاً أصيبوا معظمهم أطلقت عليهم طلقات نارية أو خرطوش».

ووصلت آثار القنابل المسيلة للدموع إلى محيط مجلس الوزراء الذي لجأ العاملون فيه إلى ارتداء كمامات لتخفيف تأثير هذه الغازات. وعقد رئيس الوزراء اجتماعاً ضم عدداً محدوداً من وزرائه قبل أن يتوجه إلى المجلس العسكري للتشاور في شأن تطورات أحداث ميدان التحرير، وزيادة أعداد القتلى والمصابين، وحالة الاضطراب التي تشهدها المحافظات.

ورفض المتظاهرون في ميدان التحرير فض الاعتصام بعد إصدار قانون العزل السياسي. وقال الناطق باسم «حركة 6 أبريل» محمود عفيفي لـ «الحياة» إن «هذا المطلب تجاوزته الأحداث، ونراه مجرد مسكنات للالتفاف على مطالب الثورة الحقيقية». وأكد أن المطالب تتركز في رحيل المجلس العسكري وحكومة شرف. وقال إن «استمرار المجلس العسكري في الحكم يؤدي إلى احتقان الأوضاع وتدهورها»، مشدداً على أن «الحركة لن تفض اعتصامها قبل الإعلان الفوري عن موعد انتخابات الرئاسة بحد أقصى في شهر نيسان (أبريل) المقبل، وإقالة حكومة شرف فوراً، وتعيين حكومة إنقاذ وطني ممثلة لكل القوى الوطنية لإدارة المرحلة المقبلة مع إعطائها كل الصلاحيات، وفتح باب التحقيق الفوري في أحداث ميدان التحرير ومحاسبة المتورطين فيها».

وأفيد بأن مجموعة من القوى والائتلافات الشبابية حددت أربعة مطالب لفض الاعتصام، أولها إقالة حكومة شرف وسحب وثيقة المبادئ الدستورية ووقف المحاكمات العسكرية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ويتضمن البند الثاني تحديد جدول زمني لتسليم السلطة وإجراء انتخابات الرئاسة قبل حلول منتصف العام 2012، ويطالب البند الثالث بسحب قوات الأمن بعيداً عن ميدان التحرير والاكتفاء بتأمين مبنى وزارة الداخلية فقط، وأخيراً اعتذار المجلس العسكري عن أحداث التحرير، وإحالة قادة الشرطة المتسببين فيها على التحقيق.

وفي حين تبنت جماعة «الإخوان» مطالب ميدان التحرير ووصلت إلى حد وصف تعامل الأمن مع المتظاهرين بـ «الإجرام»، قررت عدم المشاركة في التظاهرات. وبرر الناطق باسمها محمود غزلان لـ «الحياة» عدم المشاركة باستشعار الجماعة أن «ما حدث ويحدث إنما هو استدراج لجذب الناس إلى الميادين وإشعال الموقف وافتعال مزيد من الصدامات للتهرب من الاستحقاق الانتخابي، وهو ما نرفضه».

ووصفت الجماعة في بيان التعامل الأمني مع المتظاهرين بأنه «إجرام ينبئ عن رغبة دفينة في إشاعة الفوضى وإثارة الرعب لدى جموع الشعب، بغية التهرب من الاستحقاقات الديموقراطية، ويثبت أن هناك أطرافا عدة ليس لديها مانع من إحراق البلاد وقتل الشباب من أجل إدخال الشعب بيت الطاعة من جديد».

وحذرت الجماعة من «ثورة ثانية». وقالت إن «الشعب الذي انتج ثورة رائعة قادر على إعادة إنتاجها من جديد»، مطالبة بوقف القتل فورا، وسحب كل الآليات والجنود من الميادين، وإحالة كل من أمر أو نفذ عمليات القتل والاعتداء على المتظاهرين والمعتصمين إلى التحقيق الفوري، وإصدار جدول زمني محدد لتسليم السلطة لسلطة مدنية منتخبة في موعد غايته منتصف العام المقبل والتعهد بإقالة الحكومة القائمة فور الانتهاء من الانتخابات البرلمانية.

وكشف الناطق باسم «حزب النور» السلفي الدكتور يسري حماد وساطة تتم الآن بين المتظاهرين وقيادات المجلس العسكري لتدارك الأزمة. وقال لـ «الحياة» إن قيادات 30 حزباً سياسياً اجتمعت أمس وقررت النزول إلى ميدان التحرير للحديث مع المتظاهرين هناك ونقل طلباتهم إلى المسؤولين، لافتاً إلى اتصال جرى خلال الاجتماع مع وزير الداخلية طالبوه خلاله بسحب قوات الشرطة، لكن الوزير رفض هذا الطرح، مشيراً إلى أنه في حال سحب القوات سيقوم المتظاهرون باقتحام وزارة الداخلية، وهو ما تعمل قوات الشرطة على مجابهته. وشدد حماد على رفض القوى السياسية حصول أي مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين. وقال: «سننزل إلى الميدان للحؤول دون تجدد المواجهات».

وكان المجلس العسكري أصدر بياناً مساء أول من أمس كلف فيه الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة للوقوف على أسباب الأحداث والعمل على إنهائها ومنع تكرارها مستقبلاً. وشدد على أنه لا يسعى لإطالة الفترة الانتقالية ولن يسمح لأية جهة بعرقلة عملية التحول الديموقراطي وبناء مؤسسات الدولة. وأكد حرصه الشديد على تنفيذ خريطة الطريق، وتسليم مقاليد الدولة إلى سلطة مدنية منتخبة. وأكد مجلس الوزراء الالتزام بإجراء الانتخابات في موعدها، معتبراً أن «التوتر المفتعل حالياً يستهدف تأجيل الانتخابات أو إلغاءها لمنع إعادة بناء مؤسسات الدولة».


المصدر: جريدة الحياة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,508,927

عدد الزوار: 6,993,911

المتواجدون الآن: 59