مصر: وقف العنف يمهد لإجراء الانتخابات ... ومليونية اليوم تختبر تنازلات العسكر

مصر: تحركات للعسكر لاحتواء «الفرصة الأخيرة»

تاريخ الإضافة السبت 26 تشرين الثاني 2011 - 6:34 ص    عدد الزيارات 2288    التعليقات 0    القسم عربية

        


مصر: تحركات للعسكر لاحتواء «الفرصة الأخيرة»
الجمعة, 25 نوفمبر 2011
القاهرة - محمد صلاح
 

سعى المجلس العسكري في مصر إلى تجاوز أزمته عبر هجوم إعلامي وسياسي عشية «مليونية الفرصة الأخيرة» اليوم التي دعت إليها قوى سياسية وشبابية في ميدان التحرير للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين.

والتقى نائب رئيس المجلس الفريق سامي عنان عدداً من ممثلي ائتلافات شبابية لم يُعرف أي منها «للاستماع إلى مطالبهم، ودراستها جيداً». وبالتزامن مع هذا اللقاء، كان عدد من أعضاء المجلس يجتمعون مع 15 من أصحاب الفضائيات والصحف الخاصة في إطار السعي إلى «تهدئة الهجوم الإعلامي على المجلس»، وفق مصادر مطلعة، إضافة إلى دعوة أنصار المجلس إلى إلغاء تظاهرات كانوا رتبوا لها اليوم في مواجهة مليونية التحرير.

وظهر أعضاء في المجلس تلفزيونياً مساء أمس بكثافة، وقدَّموا اعتذاراً عن وقوع قتلى في المواجهات التي استمرت خمسة أيام في محيط ميدان التحرير. وأصدر المجلس صباح أمس بياناً رسمياً كرر فيه أيضاً «الاعتذار الشديد عن سقوط شهداء»، ووعد بالتحقيق في الأحداث، ثم ظهر جنرالان في مؤتمر صحافي ظهراً أعادا فيه الكلام نفسه، وأعلنا إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها لتبدأ المرحلة الأولى منها الإثنين المقبل.

وشارك في المؤتمر نفسه رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم. وبدا أن المجلس العسكري يعوِّل على إجراء الانتخابات البرلمانية، لتخفيف حدة الضغوط عليه، من خلال شغل الساحة السياسية بالاستحقاق الانتخابي وتحاشي الدخول في صدام مع القوى الإسلامية المصرَّة على إجراء الانتخابات في موعدها.

وحظي الإعلان عن خطة الانتخابات بترحيب من القوى الإسلامية وشاركتها قوى ليبرالية أخرى، إلا أن قوى سياسية وأصواتاً في الميدان أظهرت معارضة لإجراء الانتخابات في ظل وجود المجلس العسكري، وشككت في إمكانية تأمينها، على رغم تأكيد الجيش قدرته على ضبط الأمور، معتبرة أن الانتخابات ستكون «مقبرة الثورة»، وفق لافتات رفعت في التظاهرات أمس.

وسيُختبر تأثير خطوات الجيش للتهدئة خلال مليونية اليوم التي ترفع شعار «تسليم السلطة الآن»، وهو المطلب الذي اعتبره جنرالات الجيش «خيانة للأمانة». لكن جماعة «الإخوان المسلمين» أصرت على موقفها بمقاطعة مليونية اليوم، مشددة على أن نقل السلطة لن يتم إلا عبر الانتخابات. وأعلنت تنظيم «جمعة مقاومة تهويد القدس» في الجامع الأزهر اليوم، بحضور الشيخ يوسف القرضاوي.

وقوبل كلام جنرالات الجيش بانتقادات، خصوصاً ما يتعلق بتفسيرهم لما جرى في التحرير وأسباب المواجهات ومبررات العنف، إذ دافعوا عن الشرطة على اعتبار أنها «تؤدي دورها في الدفاع عن وزارة الداخلية ضد محاولات اقتحامها»، لكنهم في الوقت ذاته أقرّوا بتجاوزات ستكون محل تحقيق.

وبُذِلت جهود من الجيش وشيوخ في الأزهر وأعضاء في ائتلافات سياسية لوضع حدٍّ للعنف في شارع محمد محمود بين المتظاهرين والشرطة، أفضت أخيراً إلى وقف الاشتباكات بعد أن أقام الجيش «منطقة عزل» بين الطرفين، عبر كتل خرسانية ضخمة فصل بها منتصف الشارع عن محيط ميدان التحرير، فيما انتشرت اللجان الشعبية من الشباب عند مختلف الشوارع الجانبية المؤدية إلى الوزارة، كي لا تتكرر الاشتباكات مرة أخرى.

وفي الغرف المغلقة، استمرت الاتصالات لتشكيل حكومة جديدة وسط وابل من الإشاعات عبّرت عن رغبات بعض القوى أكثر من كونها معلومات حقيقية، فيما التزم المجلس الصمت تجاه تسريبات لم يتأكد منها شيء، مكتفياً بالإعراب عن الأمل في أن يتم تشكيل الحكومة قبل إجراء الانتخابات.

وأُعلن مساء أمس أن لقاء جمع رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي ورئيس الحكومة السابق الدكتور كمال الجنزوري، وهو اللقاء الوحيد الذي أعلن رسمياً، على رغم معلومات أفادت بأن طنطاوي التقى آخرين طوال اليومين الماضيين. وفُسر الأمر على أنه «بالون اختبار» لقياس مواقف القوى السياسية المختلفة من الجنزوري. وسألت «الحياة» الناطق باسم «الإخوان» الدكتور محمود غزلان، فأكد قبول جماعته الجنزوري، في حين رفضه «ائتلاف شباب الثورة. وقال عضو الائتلاف خالد السيد لـ «الحياة»: «طرحنا اسم المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي رئيساً لحكومة إنقاذ وطني وخمسة آخرين من الشخصيات الوطنية كنواب له، ولا نقبل بالجنزوري».وذكرت وسائل اعلام مصرية ليلاً ان الجنزوري كلف تشكيل الحكومة الجديدة.

 

 

المجلس العسكري يكلف رئيس الوزراء الاسبق كمال الجنزوري بتشكيل حكومة مصرية جديدة
 

القاهرة - ا ف ب - قالت عدة محطات تلفزيونية مصرية خاصة قبل بعض الوقت ان المجلس العسكري الممسك بالسلطة في البلاد كلف رئيس الوزراء المصري الاسبق كمال الجنزوري (79 عاماً) بتشكيل حكومة جديدة خلفاً لوزارة عصام شرف التي استقالت مطلع الاسبوع تحت ضغط تظاهرات الشباب في ميدان التحرير.وكان التلفزيون الرسمي المصري اعلن في وقت سابق مساء اليوم ان رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي استقبل في مكتبه رئيس الوزراء الاسبق كمال الجنزوري.

مصر: وقف العنف يمهد لإجراء الانتخابات ... ومليونية اليوم تختبر تنازلات العسكر
الجمعة, 25 نوفمبر 2011
القاهرة - أحمد مصطفى وأحمد رحيم
 

تدخل المجلس العسكري في مصر بقوة لحلحلة الأزمة السياسية التي دخلت يومها السادس أمس، فنحَّى قوات الشرطة جانباً عن خط المواجهات في شارع محمد محمود القريب من ميدان التحرير، وفرض هدنة في هذا الشارع الذي تمركزت فيه المواجهات طيلة الأيام الماضية، كما قدَّم اعتذاراً عن سقوط ضحايا، وأكد معاقبة «المتجاوزين».

وفي الغرف المغلقة، كثف المجلس مشاوراته لإعلان رئيس حكومة جديد، وتعهد إجراء الاستحقاق النيابي في موعده، لكن تنازلات الجيش تبقى أمام اختبار تظاهرات مليونية دعا نشطاء إلى تنظيمها اليوم، ستغيب عنها جماعة «الإخوان المسلمين» و «الجماعة الإسلامية»، للمطالبة بتسلم فوري للسلطة، وهو المطلب الذي اعتبره جنرالات الجيش خلال مؤتمر صحافي عقد أمس «خيانة للأمانة».

وشهدت وسائل الإعلام ليلة أول من أمس حضور واسع لقادة المجلس العسكري، في مسعى لاحتواء غضب الجماهير. وقدم المجلس العسكري «أسفه واعتذاره الشديدين على سقوط شهداء من أبناء مصر المخلصين خلال أحداث التحرير الأخيرة»، متعهداً في بيان أمس «التحقيق السريع والحاسم لمحاكمة كل من تسبب في الأحداث، مع تقديم الرعاية الكاملة لأسر الشهداء وتقديم الرعاية الطبية للمصابين». وأعلن «فتح مستشفى عسكري ميداني في ميدان التحرير لتقديم الرعاية الطبية للموجودين»، مؤكداً أنه «يبذل كل الجهود لمنع تكرار مثل تلك الأحداث».

ميدانياً، ألقى الجيش بثقله لفضِّ المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في شارع محمد محمود، والتي خلَّفت 38 قتيلاً وفق إحصاءات رسمية، إذ فرضت قواته هدنة طال انتظارها بين الجانبين، كما عزز من وجوده أمام مديريات الأمن في المحافظات التي شهدت اشتباكات، لكن السؤال ظل مطروحاً عن سبب تباطؤ الجيش في التدخل.

وبدا أن المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد، يعوِّل على إجراء الانتخابات البرلمانية التي ستنطلق أولى مراحلها الإثنين المقبل لتخفيف حدة الضغوط عليه، فمن جهة سيخفف انشغال الساحة السياسية بالاستحقاق الانتخابي من التركيز على الأحداث في ميدان التحرير، كما أن العسكر يتحاشى الدخول في صدام مع القوى الإسلامية المصرِّة على إجراء الانتخابات في موعدها.

وأفيد بأن نائب رئيس المجلس العسكري رئيس أركان الجيش الفريق سامي عنان التقى أمس الخميس عدداً من ممثلي الائتلافات الشبابية لم يُعرف منهم أحد. وأوضحت مصادر أن الاجتماع يأتي «في إطار الاستماع الجيد لمطالب الشباب ودراستها جيداً، ولتأكيد الشفافية، وأنه لا يهم المجلس سوى مصلحة مصر التي تهم كل المواطنين». وبالتزامن مع اللقاء كان عدد من أعضاء المجلس يجتمعون مع 15 من أصحاب وملاك الفضائيات والصحف الخاصة في إطار السعي إلى «تهدئة الخط الإعلامي لها»، وفق المصادر.

وتعهد المجلس العسكري إجراء الانتخابات في موعدها. وأكد عضو المجلس اللواء مختار الملا أن الأمن والقضاء جاهزين لإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، داعياً المصريين إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع. وعلى النهج نفسه، سار رئيس اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم الذي أكد أن اللجنة لديها القدرة الكاملة على تحمل مسؤولية حماية إجراء الانتخابات من أي تلاعب، وأنها «تضمن عبور المرحلة الحالية من النظام الديكتاتوري الفردي إلى نظام ديموقراطي لبناء دولة ديموقراطية سليمة، ووضع دستور يمثل جميع الفئات ويلبي حاجات الشعب المصري».

وأشار إبراهيم إلى أن «القضاة جميعهم مؤمنون بأنهم أهل لتحمل المسؤولية وأنهم حماة العدالة في مصر وجميعهم لديهم القدرة على تأمين الانتخابات من أي تلاعب»، نافياً ما تردد عن تقديم ما يزيد على 300 قاضٍ اعتذاراً عن الانتخابات، موضحاً أن كل من تقدم بالاعتذار هم 35 قاضياً فقط لأسباب مرضية.

وجاءت تصريحات الملا وإبراهيم في مؤتمر صحافي مشترك حضره عضو المجلس العسكري اللواء ممدوح شاهين ومدير إدارة الانتخابات في وزارة الداخلية اللواء رفعت قمصان، تطرقت إلى الحديث عن الأحداث التي شهدها ميدان التحرير والاستعداد لإجراء الانتخابات النيابية. ودافع الملا عن الشرطة، مؤكداً أنها «تؤدي دورها في الدفاع عن وزارة الداخلية ضد محاولات اقتحامها»، لكنه أقر بوجود تجاوزات «ستتم محاكمة المتورطين فيها».

وقال إن «ضباط الشرطة والجنود متمركزون حول الوزارة من الخارج لحمايتها ولا يتحركون، إنما ينتقل إليهم المهاجمون، وإن القانون يكفل لهم الدفاع عن أنفسهم وحماية الوزارة واستخدام ما هو أكثر من القنابل المسيلة للدموع والذخيرة الحية، لكنهم يستخدمون فقط القنابل المسيلة للدموع طبقاً للضوابط العالمية»، على رغم أن معظم القتلى سقطوا في قلب ميدان التحرير وفي شارع محمد محمود الذي يبعد عن مبنى الوزارة ثلاثة أضعاف بعده عن الميدان.

ودافع الملا عن سياسات المجلس العسكري، مشدداً على أن «العلاقة بين المجلس العسكري أو القوات المسلحة والشعب لم تتدهور»، لافتاً إلى أن «معظم الشعب المصري يمنح ثقته المطلقة في الجيش، لأنه لا توجد قوة تحميه الآن في الداخل والخارج سوى القوات المسلحة». واعتبر أن «تخلي المجلس عن مسؤولياته في هذه المرحلة خيانة للأمانة».

وعبّر عن أمله في أن يتم تشكيل الحكومة قبل إجراء الانتخابات، نافياً التدخل في اختيار الوزراء، موضحاً أن دورهم هو اختيار رئيس الحكومة الذي سيختار أعضاء حكومته، وأن المجلس العسكري أجرى أول من أمس اتصالات عدة بالقوى السياسية لاختيار رئيس الحكومة الجديد لتنفيذ المهمة الرسمية باختيار رئيس الحكومة، معتبراً ذلك «هدفاً قومياً».

وأكد أن «وزارتي الدفاع والداخلية عقدتا سلسلة من الجلسات لتأمين الانتخابات من خلال خطة واضحة المعالم»، مطالباً المرشحين والناخبين والأحزاب «بالتكاتف والتعاون لتأمين الانتخابات». ولفت إلى أن «القوات المسلحة لن تسعى إلى إطلاق النار على المتظاهرين... مصر ليست ميدان التحرير ولا محمد محمود. والشرطة والشعب والقضاة قادرون على تأمين الانتخابات».

في المقابل، يستعد ميدان التحرير لاستقبال مليونية جديدة اليوم، كان ناشطون دعوا إليها للضغط باتجاه تخلي المجلس العسكري عن السلطة، وتسليمها إلى حكومة إنقاذ وطني واسعة الصلاحيات، وهي التظاهرات التي رفضت جماعة «الإخوان» و «الجماعة الإسلامية» المشاركة فيها، فيما أعلن سلفيون آخرون نزولهم.

وبدا أن التيار السلفي يسعى إلى دور في ترتيبات المرحلة الانتقالية، إذ شدد الناطق باسم «حزب النور» السلفي يسري حماد على «ضرورة عدم تهميش التيار السلفي في الحكومة الجديدة»، داعياً إلى «حكومة توافقية تضم كل أطياف المجتمع، وتعبر عن مطالب الثورة على ألا يمثل فيها أعضاء في الحزب الوطني المنحل».

وأعلن مشاركة حزبه في تظاهرات اليوم لـ «الحفاظ على دماء شعب مصر، ووقف الصدام بين الشرطة والشعب، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لها الصلاحيات كافة»، مشيراً إلى اجتماع من المفترض أن يكون عقد مساء أمس بين القوى السياسية «للوصول إلى رؤية توافقية لإنهاء الأزمة قبل تسليمها إلى المجلس العسكري».

وأعلنت القوى الثورية في ميدان التحرير خريطة طريق لإدارة الأزمة وتسليم السلطة في موعد غايته 15 أيار (مايو) المقبل، بهدف الحفاظ على الوطن واستقراره، وحقناً لدماء أبنائه، وسرعة وقف العنف والانتهاكات التي ترتكب في حق الشعب. وأكدت تلك القوى في بيان مشترك «استمرار الثورة إلى حين نقل كامل السلطة لحكومة منتخبة وبرلمان ورئيس منتخبين ومن دون وصاية من أحد في المواعيد المشار إليها». ودعت الشعب المصري إلى تظاهرات اليوم في ما أسمته «جمعة حق الشهيد وإنقاذ مصر».

وتضمنت خريطة الطريق أربعة مطالب في مقدمها «إصدار قرارات فورية بالقبض على القتلة، ومن أعطى الأوامر بإطلاق النيران والغاز، ومحاكمتهم فوراً وعزل جميع القيادات التي تورطت في هذه الأحداث من الشرطة والجيش، والوقف الفوري لأعمال العنف والتصعيد أو التصدي للمعتصمين في ميادين التحرير على مستوى الجمهورية. وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تمتلك صلاحيات كاملة لإدارة المرحلة الانتقالية، وتقليص صلاحيات المجلس العسكري لتقتصر على الدفاع عن الوطن والمشاركة في توفير الأمن للوطن والمواطنين من طريق تكليف أحد الأسماء التي سيقوم الثوار بطرحها لتشكيل الحكومة وتسليم كامل السلطة لسلطة منتخبة في موعد غايته 15 أيار المقبل». ودعا إلى قيام حكومة الإنقاذ الوطني بإصدار إعلان دستوري يتضمن مواعيد الانتخابات الرئاسية، والعلاقة بين السلطات، وإلغاء مجلس الشورى لتوفير الوقت لإجراء انتخابات الشعب والرئاسة مع إمكانية تأجيل انتخابات الشعب لمدة أسبوعين.

وقال الناطق باسم «الإخوان» محمود غزلان إن الجماعة لن تشارك في مليونية اليوم. وأثنى على التوصل إلى تهدئة بين المتظاهرين وقوات الشرطة. وزاد لـ «الحياة» أن «التهدئة هي ما كنا نسعى إليه من فترة وتم الاتفاق على إيقاف العدوان، على الأقل من ناحية الشرطة». واعتبر أن «الأزمة مفتعلة وما كان لها مبرر على الإطلاق».

وقال إن «مجموعة معتصمة سلمياً للتعبير عن رأي، ولم يكن هناك داع للعدوان عليها»، مستغرباً إقدام قوات الشرطة والجيش على إخلاء ميدان التحرير أكثر من مرة ثم تركه للمتظاهرين بعد مشاهد استفزاز واستعداء الناس، «ما يوحي بأن العملية مفتعلة ولم يكن لها مبرر إلا لغرض في نفوس من فعلوها». وأوضح أن جماعة «الإخوان» تؤيد خريطة الطريق المطروحة حالياً لنقل السلطة عبر انتخابات تشريعية تليها انتخابات الرئاسة، مستبعداً أن تكون الأحداث أثَّرت في الحملات الانتخابية للمرشحين.

وعلى النهج نفسه، سارت «الجماعة الإسلامية»، إذ أوضح الناطق باسمها محمد حسان أن اجتماعاً من المفترض أن يكون عقد مساء أمس لتدارس الأمر، وإن كان «الاتجاه الأقرب هو عدم المشاركة»، مشدداً على «ضرورة التركيز في العملية الانتخابية التي تعد أولى خطوات تسليم السلطة».

وقال الأمين العام لحزب «التجمع» سيد عبدالعال إن حزبه وحزبي «المصريين الأحرار» و «التحالف الشعبي الاشتراكي» يقترحان إبدال المراحل الانتخابية، بحيث يتم إبدال المرحلة الثالثة بالمرحلة الأولى بما يتيح إرجاء الانتخابات في محافظتي القاهرة والإسكندرية اللتين تشهدان توترات. وأشار رئيس «التحالف الشعبي» عبدالغفار شكر إلى أن الأحزاب الثلاثة وجهت رسالة بهذا المعنى إلى المجلس العسكري.

الإسلاميون و«الفلول» يستعدون للانتخابات والليبراليون يمتنعون
الجمعة, 25 نوفمبر 2011
القاهرة - أحمد مصطفى

في ضاحية المعادي، وبينما كان السكان منشغلين بمتابعة آخر أخبار الاشتباكات التي تقع بين الحين والآخر بين قوات الأمن والمتظاهرين في ميدان التحرير، قطعت سيارة نصف نقل هدوء هذا الحي الواقع جنوب القاهرة، حيث وقف أحد الشباب معتلياً ظهر السيارة، ممسكاً بمكبر صوتي ليردد الهتافات والأغاني التي لم يُفْهَم منها سوى دعايته لمرشحي حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» في الانتخابات البرلمانية المقرر أن تنطلق الإثنين المقبل.

ظل الرجل ينادي على الناس: «صوتك لقائمة الحرية والعدالة... صوِّت (اقترع) لرمز الميزان... معاً في مواجهة الفساد».

ما حصل في المعادي تكرر في ضواحي أخرى. الفتية طليقو اللحى انتشروا لتوزيع الملصقات والمنشورات لمرشحي حزب «النور» السلفي، بينما كان عدد من الخطاطين يرفعون لافتات في ضواحي أخرى لأحزاب خرجت من رحم «الحزب الوطني» المنحلّ أو من يُنعتون بلقب «الفلول»، في ما استمرت المؤتمرات والمسيرات الانتخابية في عدد من الدوائر المصرية.

ويأتي ذلك في وقت علقت نخب سياسية محسوبة على التيار الليبرالي حملاتها الانتخابية احتجاجاً على أحداث العنف التي يشهدها الميدان، تلك الخطوة نفسها التي اتخذها تحالف «الكتلة المصرية» الذي يضم ثلاثة أحزب: «المصري الديموقراطي» و «المصريين الأحرار» و «التجمع»، في ما أكدت مصادر عسكرية أن الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد الآن «لم تمنعنا من الاستعداد بقوة للموسم الانتخابي»، وهو ما أكدته أيضاً اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات.

وأعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبد المعز إبراهيم، أنه يجرى حالياً متابعة كل الإجراءات والخطوات اللازمة لإجراء الاستحقاق النيابي في موعده المقرر، اعتباراً من الإثنين المقبل، وهو الموعد المحدد لإجراء انتخابات مجلس الشعب في 9 محافظات، هي: القاهرة، الإسكندرية، أسيوط، البحر الأحمر، الأقصر، الفيوم، دمياط، بورسعيد، وكفر الشيخ، مؤكداً أن الانتخابات بمراحلها الثلاث للشعب والشورى ستجرى في مواعيدها المقررة. وأوضح أن اللجنة العليا للانتخابات تتابع حالياً المعاينات التي تجرى لمقار اللجان الانتخابية للتأكد من مدى صلاحيتها لإجراء الانتخابات ولتيسير أداء ذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى والمعوَّقين لحقهم الدستوري في الإدلاء بأصواتهم، وكذلك التأكد من سلامة الحال الأمنية للعملية الانتخابية التي ستتولاها القوات المسلحة والشرطة.

في غضون ذلك، حذر مراقبون ومحسوبون على التيار الليبرالي من إجراء المرحلة الأولى من الانتخابات الإثنين المقبل، خصوصاً في المحافظات المشتعلة (القاهرة والإسكندرية)، ودعا هؤلاء إلى ترحيل تلك المحافظات إلى المرحلة الأخيرة المقرر لها كانون الثاني (يناير) المقبل. غير أن مصادر عسكرية استبعدت اللجوء إلى هذا الطرح، وأوضحت لـ «الحياة» أنه لم يتم حتى الآن حسم ذلك الأمر، مشيراً إلى أن الأمور تسير حتى الآن في اتجاه إجرائها كما هو مقرر.

وعلى ما يظهر، لم تمنع الأزمة السياسية الطاحنة التي دخلت يومها الخامس أمس، مرشحين من الانشغال بالمنافسة الانتخابية، بل سعوا لاستغلالها في مصلحتهم، حيث أكد بعضهم أنه خرج للتوِّ من ميدان التحرير للقاء ناخبي دائرته. وشدد آخرون على ضرورة الوقوف في مواجهة أيّ محاولات لـ «تعطيل تسليم السلطة».

وكان التعهد بـ «ضبط الأمن في الشارع» سمة مشتركة في شعارات المرشحين الذين استغلوا على ما يبدو ما تعانيه غالبية المصريين من حال الفوضى والانفلات الأمني الذي تعاني منه مصر في الآونة الأخيرة. كما كان الوعد بحل المشاكل الحياتية للمواطن البسيط، وفي مقدمها الصحة والتعليم والبطالة ركيزة أساسية في عرض المرشحين لبرامجهم، والذين أكدوا جميعهم أن جلوسهم أسفل القبة البرلمانية سيكون خطوة في طريق «إصلاح ما أفسدته سياسات نظام الحكم السابق، وتنفيذاً للشعارات التي خرجت الثورة من أجلها». كما حضُّوا الناخبين على الوقوف في مواجهة «من يريدون تعطيل العملية الديموقراطية».

وبين الأحداث المشتعلة في ميدان التحرير وعدد من المحافظات المصرية الأخرى والوعود الرنانة بـ «الإصلاح» التي يطلقها المرشحون والتسابق المحموم في ما بينهم على كسب ودِّ الناخب، يجلس المصريون ليشاهدوا المشهد السياسي يساورهم القلق على مستقبل هذا البلد الذي يتحسس خطاه نحو التحول إلى نظام ديموقراطي سليم، فيما يشكك بعضهم في تنفيذ المرشحين لوعودهم وتعهداتهم بعد انقضاء مشهد الانتخابات.

«صخور الجيش» تفرض «هدنة محمد محمود»
الجمعة, 25 نوفمبر 2011
القاهرة - أحمد رحيم
 

فُضت أخيراً الاشتباكات الدامية بين قوات الشرطة والمتظاهرين في شارع محمد محمود المطلّ على ميدان التحرير والمؤدي إلى وزارة الداخلية بعد خمسة أيام من الكرِّ والفرِّ. الهدنة بين المتظاهرين والشرطة يصعب كسرها هذه المرة، إذ تضمنها أحجار صخرية ضخمة قسمت بها قوات الجيش الشارع بين الطرفين.

وعلى مدار الأيام الماضية فشلت محاولات عدة لوقف الاشتباكات بين الطرفين بسبب استفزازات متبادلة، إذ سعى شيوخ في الأزهر إلى الفصل بين الطرفين عبر تشكيل حاجز بشري لكن ما إن تدخل الهدنة حيز التنفيذ حتى تعود الاشتباكات بعد دقائق أشد عنفاً ليتبادل الطرفان اتهام الآخر بخرق الاتفاق والبدء في الاعتداء على الطرف الثاني.

وتعلقت أنظار السياسيين بشارع محمد محمود أملاً في وقف نزيف الدم فيه وإعطاء فرصة للحل السياسي للأزمة المتفجرة منذ أيام والتي فاقمتها هذه الاشتباكات. وبدا استمرار الاشتباكات مستغرباً، خصوصاً بعد وعد نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الفريق سامي عنان سياسيين التقاهم بوقفها فوراً.

وأمضى المصريون الليلة قبل الماضية يتابعون مشاهد الاشتباكات والعنف المتبادل بين الطرفين ليستيقظوا صباح أمس والهدوء عمَّ الشارع. وقال الشيخ الأزهري عبدالعزيز رجب الذي توسط في تثبيت الهدنة بين الطرفين لـ «الحياة»، إن وفداً من الشيوخ التقى نائب قائد المنطقة المركزية اللواء سعيد عباس وطلب منه أن تشرف قوات الجيش على الهدنة، وأن تتدخل بآلياتها للفصل بين الطرفين.

وحمَّل الشيخ عبدالعزيز رجب الشرطة وبعض المتظاهرين المسؤولية عن نقض الهدنة السابقة، مشيراً إلى أن بعض المتظاهرين الراغبين في استمرار المواجهات دأبوا على إلقاء حجارة واستفزاز قوات الشرطة بعد الاتفاق على وقف الاشتباكات، لكن الشرطة من جانبها ترد على هذه الأمور، التي أرى أنه يمكن تجاوزها، بسيل من القنابل المسيلة للدموع ما يسبب تجدد الاشتباكات.

وقامت قوات الشرطة ليلاً بمطاردة المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع حتى تقدموا إلى مدخل الشارع من ناحية ميدان التحرير لتتقدم آليات ضخمة من الجيش وتتمركز في وسط الشارع في مواجهة مكتبة الجامعة الأميركية وتبدأ في سد الطريق بإنشاء سور بأحجار صخرية ضخمة بعد أن دمر المتظاهرون الحاجز الذي سبق أن أنشأه الجيش من الأسلاك الشائكة وحطموا حوامله.

غير أن عملية إنشاء السور لم تكن سهلة في ظل تمركز آلاف المتظاهرين أمامه منهم مئات يرفضون الفصل بين الجانبين وحرص قوات الجيش على عدم الاحتكاك بهم وترك الأمر لشيوخ الأزهر الذين سعوا إلى إقناع المتظاهرين بالعودة إلى الميدان «حقناً للدماء»، لكن بعضهم لم يقنع بحديث الشيوخ واعتلى الطبقة الأولى من السور في محاولة لمنع الجيش من تعليته.

واتسم تعامل ضباط الجيش مع الغاضبين بضبط النفس إلى درجة كبيرة ودخل قادة منهم في حوارات جانبية مع الشباب لإقناعهم بعدم اعتلاء السور وترك الفرصة لاستكماله وخاطب ضباط في الجيش وشيوخ المتظاهرين عبر ميكروفون لحضهم على العودة إلى الميدان.

وانقسم المتظاهرون إلى جانب يساند شيوخ الأزهر ظل يردد: «حقنا في الميدان» و «الشعب يريد حقن الدماء»، وآخر يرفض العودة إلى الميدان: «مش هنمشي هو يمشي». وكاد الأمر يتطور إلى اشتباكات بين المتظاهرين بعد محاولة بعضهم الاشتباك مع الشيوخ الذين ظلوا يصطحبون المئات إلى الميدان خارج الشارع ويعودون مرة أخرى لاصطحاب آخرين حتى انفض الجمع من أمام السور إلا من بضع عشرات.

واعتلى جنود من الجيش السور الذي ارتفع إلى نحو ثلاثة أمتار بعرض نحو أربعة أمتار، لمنع المتظاهرين من تسلقه. وتمركزت خلف السور آليات ثقيلة للجيش وعشرات القادة ومئات الجنود واختفت الشرطة تماماً من المشهد وتمركزت أمام أسوار وزارة الداخلية.

وحرص شباب ميدان التحرير على تشكيل لجان شعبية لمنع المتظاهرين من الوصول إلى شارع محمد محمود من الشوارع الجانبية، فيما عززت القوات المسلحة من السياج المقام في مختلف الشوارع المؤدية إلى الوزارة من خلال وضع كتل خرسانية أمام الأسلاك الشائكة التي كانت نصبتها قبل أيام.

مسعفون يكافحون في التحرير: «مرحباً بكم في الجحيم»
الجمعة, 25 نوفمبر 2011
 

القاهرة - رويترز - قبل أن يتمكن الأطباء من علاج العدد الذي يتدفق باستمرار من المصابين على مستشفاهم الميداني الموقت في ميدان التحرير، كان عليهم أولاً أن يعالجوا أنفسهم من أثر الغاز المسيل للدموع الذي يعبئ الأجواء.

عملية تقديم الرعاية الطبية للشبان الذين يواجهون قوات الأمن محفوفة بالأخطار، إذ يقول طارق سالم، وهو أحد الأطباء الذين ظلوا يعملون في المستشفى الميداني حتى وقت متقدم من مساء أول من أمس، إن ثلاثة من الأطباء المتطوعين قتلوا حتى الآن بسبب العنف. وأضاف وهو يسكب كمية من المحلول الملحي على وجهه لمواجهة آثار أحدث وابل من الغاز: «كانوا حديثي التخرج... أحدهم قتل اختناقاً من أثر الغاز، بينما قتل الآخران بطلقات نارية أصيبا بها بينما كانا يقوّمان الإصابات في الخارج».

رائحة الغاز لا تقل شدة داخل المستشفى الميداني عنها في خط النار القريب حيث واجه شبان سلاحهم الوحيد هو الحجارة قوات الأمن أمس في سادس يوم من الاحتجاجات ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد. وتسقط قنبلة واحدة على الأقل يومياً في قلب المستشفى الميداني المقام في ساحة مسجد صغير في شارع ضيق، ما يؤدي إلى استمرار أثر الغاز في المكان الضيق لفترة طويلة.

ولا يعدو المستشفى كونه بطانيات موضوعة على الأرض. وتم تطويق المنطقة التي يجرى فيها علاج المصابين بشريط لاصق. وتتكدس فيه كميات كبيرة من الإمدادات الطبية. وعند مدخله، قال أحد المتطوعين: «مرحباً بكم في الجحيم».

ويشير سالم، وهو يجفف وجهه بينما جعلت زخة أخرى من الغاز المسيل للدموع كل الناس يضعون على الفور الأقنعة الواقية، إلى أن «الخدمة تحسنت من أول يوم». وكان بعض الأطباء يضع أقنعة واقية من الغاز بينما غطى آخرون وجوههم بأقنعة طبية غير مخصصة لمهمة الوقاية من الغاز. وأضاف سالم: «يصلنا جريحان أو ثلاثة كل دقيقة... 60 أو 70 في المئة منهم نتيجة الاختناق والباقي نتيجة طلقات الخرطوش أو الرصاص».

وفي حين أن البعض يغادر المستشفى الميداني خلال دقائق إلا أن البعض يلقى حتفه. وقال سالم إن أربعة لفظوا أنفاسهم الأخيرة داخل المستشفى أول من أمس، اثنان نتيجة الاختناق واثنان نتيجة الرصاص. ونقلت جثثهم سيارات الإسعاف التي يتعين عليها محاولة السير وسط حشود غفيرة في ميدان التحرير لنقل الجثث أو المصابين بجروح خطيرة.

وفي أنحاء المستشفى الميداني، كان هناك أكثر من عشرة أطباء يتحركون بهمة لعلاج نحو 20 مصاباً. وطلب أحد المسعفين ومعه مكبر صوت من الناس إخلاء الطريق مع قدوم أحدث مصاب فقد الوعي. وأخذ متطوع آخر أنبوب الأوكسجين لمحاولة علاج حالة أخرى مصابة بالاختناق.

ويشعر الأطباء بقلق بالغ من أثر الغاز الذي أطلق خلال الأيام القليلة الماضية. وقال سالم فيما ترقد وراءه حالة تظهر عليها الأعراض ذاتها التي كان يتحدث عنها: «نرى تشنجات خطيرة». وأخرج من جيبه ورقة مكتوبة بخط اليد تشرح مكونات «غاز سي. إس»، أحد الغازات المستخدمة. ولا يحمل الكثير من عبوات الغاز التي جمعها النشطاء علامات، ما أثار تكهنات باستخدام أسلحة أكثر خطورة. ونفى المجلس العسكري استخدام قوات الأمن أية غازات سامة.

ومن المخاوف الأخرى أن تكون الغازات التي تطلقها قوات الأمن منتهية الصلاحية. ولوحظت عبوة غاز تظهر في ما يبدو تاريخ الإنتاج في 2001، ما يوحي بأنها استخدمت بعد خمس سنوات من تاريخ انتهاء الصلاحية. وقال سالم إن الأطباء مصرون على البقاء حتى النهاية لمساعدة المواطنين في ما يطلقون عليه صراعاً لاستكمال الثورة المصرية من أجل الحرية. وتابع: «لا أحد يريد مغادرة المكان... سنبقى هنا حتى ينتهي كل شيء».


المصدر: جريدة الحياة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,470,893

عدد الزوار: 6,992,804

المتواجدون الآن: 65