تقارير ...ترشيح صربيا إلى الاتحاد الأوروبي للحدّ من توسع النفوذ الروسي

هل بدأت «الحروب بالوكالة» في سورية بمشاركة النظام؟..تونس..«بلد الياسمين» في زمن «النهضة».. أسئلة الهوية والسياسة والاقتصاد

تاريخ الإضافة الجمعة 16 آذار 2012 - 6:06 ص    عدد الزيارات 2346    التعليقات 0    القسم عربية

        


هل بدأت «الحروب بالوكالة» في سورية بمشاركة النظام؟
الحياة...حبيب زعرور *
 

عام مضى ولا تزال الأحداث الأليمة في سورية تثير الاهتمام على رغم غموض الرؤية وانعدام أي معطيات على أرض الواقع تساعد على معرفة حقيقة ما يحصل، منذ أن انطلقت في دمشق العاصمة في 17 شباط (فبراير) العام الماضي، مسيرة شعبية هي الأولى من نوعها، كونها لم تكن لتمجيد القائد وتخليده أو الهتاف لإنجازات الحزب القائد للأمة والمجتمع أو العويل ضد الصهيونية والإمبريالية الأميركية عدوة الشعوب العربية قاطبة، بل كانت مسيرة متواضعة هتف فيها المشاركون للمرة الأولى: «الشعب السوري ما بينذل»، أو بتعبير آخر: «كفانا ذلاً ومهانة»، في رد فعل عفوي على حادثة فردية عانى السوريون من مثيلاتها آلاف وآلاف المرات طيلة نصف قرن من البطش والوحشية.

مع دخولها عامها الثاني، يتأكد أن الأزمة السورية ليست مجرد حلقة في سلسلة «الربيع العربي» للمطالب الشعبية بالحريات والديموقراطية والقضاء على الفساد، ولا هي وعود حكومية «غير صادقة» بالإصلاحات والتغيير. وإن تميزت الأحداث منذ بداياتها بتمادي النظام الحاكم باستخدامه المفرط للقوة، وهذا لم يكن مستغرباً، إنما توافر الكميات الهائلة من السلاح المتطور والثقيل بين أيدي مناهضي الحكم هو الأمر الذي بدا أكثر غرابة. من هنا نافل القول إن الأزمة السورية، التي رفضت أن تكون نسخة مكررة عن مثيلاتها في تونس ومصر وليبيا، تتطلب لفهمها تقويماً أكثر شمولاً يأخذ في الاعتبار أبعاداً تاريخية، دولية، إقليمية ومحلية.

من المنظور التاريخي نلحظ التركيبة الفسيفسائية الخاصة بمكونات المجتمع السوري، فهي أقليات أثنية، عرقية ودينية تعايشت وتناغمت طويلاً بالرغم من الخصائص الدقيقة التي ميزت كل منها، وفرقتها عن الأغلبية المهيمنة من المسلمين السنة الذين انفردوا بحكم المنطقة لقرون طويلة. توضحت معالم هذه التركيبة المعقدة والمتشعبة وترسخت بعد انهيار الامبراطورية العثمانية ووقوع سورية الجغرافية الكبرى تحت انتداب فرنسي وبريطاني كان قد خرج لتوه منتصراً من الحرب العالمية الأولى، في الربع الأول من القرن الماضي. ولسورية خصوصية تاريخية أكثر دقة، كرسها الانتداب الفرنسي، تمثلت بالصراع التقليدي بين الغالبية السنية المسلمة المسيطرة على مقدرات البلاد سياسياً واقتصادياً والمتمثلة بطبقة الإقطاع، وأبناء الطائفة العلوية، المسحوقة اجتماعياً واقتصادياً في تلك الفترة، الذين يقطنون المناطق الساحلية والمتاخمة للحدود مع لواء الإسكندرون الذي سلخته فرنسا المنتدبة وقدمته لتركيا تعويضاً لهزيمتها في الحرب. هذا الصراع الذي جسدته خلافات دينية تلازمت مع مستوى معيشي متدن اشتكى منه العلويون، تلخصه العريضة التي قدمها بعض أعيان تلك الطائفة آنذاك، لسلطات الانتداب الفرنسي يعربون فيها عن أملهم بالحصول على وطن مستقل عن سورية السنية (وهو ما أقدمت عليه فعلياً فرنسا في بداية انتدابها بتقسيم سورية إلى 4 دويلات منها الدولة العلوية). إلا أن هذا المطلب لم يرَ النور على رغم من إقدام سلطات الانتداب على تقطيع أوصال كيان سورية وخلق النزاعات الطائفية بما فرضته من أحكام ميزت فيها بين الطوائف، مانحة مزايا للأقليات الدينية على حساب الطائفة السنية ذات الغالبية السكانية. هذا الأمر شرع الأبواب لانخراط أبناء الطبقات الفقيرة والمعدمة من المجتمع السوري في مجالي القوات المسلحة وحزب البعث، ما زاد تعميق الفجوة بين طبقات المجتمع الواحد وساهم في تصنيف أبنائه على أساس انتمائهم الطائفي والطبقي (دروز، أكراد، علويون، مسيحيون، شركس الخ...)

مركز جغرافي حساس

من المنظور الجيوسياسي، نرى أن المركز الجغرافي الحساس لسورية، قد لعب بعد الحربين العالميتين دوراً بارزاً في استقطاب المطامع الغربية، ومطامع عدد من دول المنطقة مؤخراً. ساعد على ذلك، عدم الاستقرار الذي شهدته المنطقة لعقود طويلة. فسورية لم تشهد استقراراً نوعياً ونسبياً إلا في فترة حكم حافظ الأسد التي تميزت بالاستبداد والبطش وقمع الحريات وسلب الحقوق، ذلك نظراً للقدرة التي تميز بها هذا الرجل في محاكاة مختلف المصالح المتضاربة وممارسة لعبة التجاذبات وشد الحبال واستغلاله الفرص والنوافذ المفتوحة. يمكن اختصار المشهد الجيوسياسي الذي اتسمت به سورية بتحالفات الحرب الباردة وحماية أمن إسرائيل والمصالح الاقتصادية الغربية في المنطقة والصراع التقليدي بين السنة والشيعة الذي عززه نشوء الجمهورية الإسلامية الإيرانية. أما تركيا فحرصت على علاقات جيدة مع سورية لطي ملفي لواء إسكندرون وكيليكيا، وربما لاستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، وحرصت بدورها إسرائيل على ديمومة الهدوء على حدودها الشمالية، ولبنان مضطر لأن يرى ممراً سالكاً في شرقه وشماله، والعراق يرغب في كسب ود جار طالما جلب له المشاكل وعدم الاستقرار.

وحديثاً تسعى قطر لتسويق غازها الطبيعي إلى أوروبا والعالم من طريق مد أنابيب إلى شواطئ البحر المتوسط مروراً بسورية وتركيا، وروسيا يحلم رئيسها بوتين باستعادة المكانة المتقدمة التي حظي بها الاتحاد السوفياتي السابق كمورد رئيس للسلاح إلى سورية التي كانت حليفه الأبرز في المنطقة، حيث تمتع الخبراء العسكريون الروس بحظوة خاصة بهم لتدريب العسكريين السوريين، ساهمت في منحهم ميزات كبيرة في مجال التجسس وجني المعلومات طيلة الحرب الباردة، التي تراود أسياد الكرملين اليوم أحلام استعادتها. واللائحة لا تنتهي في تعداد المواقف الداعمة للمكانة المتفوقة استراتيجياً لسورية.

الأزمة أكثر اتساعاً

بالنسبة إلى المشهد المحلي تميز العام المنصرم بالتحول الكبير في مجرى الأحداث، من تظاهرات سلمية وهتافات عفوية مطالبة بالحرية ورفع الظلم، على طريقة تونس ومصر، إلى شبه حرب ومواجهات مسلحة عنيفة، ما نقل الأزمة السورية من مجرد حلقة في مسلسل الربيع العربي إلى ما يشبه الحرب الإستراتيجية الشاملة التي تبدو للوهلة الأولى بداية لحرب أهلية محلية، إلا أنها تحمل في طياتها عمقاً استراتيجياً يوحي بقرب اندلاع أزمة إقليمية ذات أبعاد عالمية، كي لا نقول حرباً إقليمية على الأرض السورية. ومع هذا التحول الذي ظهر إلى العلن في مطلع الخريف المنصرم، باستخدام مندوبي روسيا والصين في مجلس الأمن حقهما بالنقض مرتين لإيقاف أي قرار يدين النظام السوري أو يمهد لبحث إمكانية التدخل العسكري، ابتعد الحديث عن إصلاحات ملحة ووطن ينهار ببطء وأناس أبرياء يموتون كل يوم وقتلى تتزايد أعدادهم لتبلغ عشرات الآلاف من كل الأطراف والانتماءات والأديان، وتحول الحديث إلى مخططات ومؤامرات ومشاريع قرارات ومحاولات تدخل وتنافس في تقديم المشورة واقتراح التسوية. مع هذا كله، ضاع صوت أصحاب الشأن المباشر وذهبت مطالبهم بالإصلاح والحرية والديموقراطية أدراج رياح القتل والقصف والتدمير. لقد غاب أصحاب ثورة الكرامة الحقيقية عن واجهة الأحداث تماماً وضاعت آثار دعوات ومجالس الحوار ومؤتمراته. وفقدت التكتلات والتحالفات والمؤتمرات التي انطلقت مع بداية الاحتجاجات الشعبية العارمة أي مكانة لها أو تأثير يرجى منها، كما ضاعت جدوى المعارضة السلمية في الداخل كما في الخارج بسبب تشرذمها وتنافسها ومهاتراتها، ودفاعها المستميت عن شخصنة الثورة واختزالها في رموز ووجوه وشخصيات.

أما حقيقة الوضع المتأزم في سورية اليوم، بناء على هذا الاستعراض لرؤية ما جرى ويجرى هناك من زوايا مختلفة، فيمكن تلخيصها في عنوان عريض واحد، تماماً كما عبر سابقاً عما جرى في العراق خلال الأعوام العشرة الماضية وما جرى في لبنان طيلة خمسة عشر عاماً من الاقتتال الأهلي. انه «صراع بالوكالة»، أو صراع مصالح الغير على الأرض السورية، التي يبدو أن النظام الحاكم في دمشق اختار أن يكون طرفاً فيه وجزءاً رئيساً منه.

وكلما طال أمد الأزمة، يتزايد أطراف هذا الصراع الرئيسيون والثانويون، الذين باتوا معروفين تماماً. فمن إيران وحليفها حزب الله في لبنان، إلى دول الجوار الرئيسة، لا سيما العراق وتركيا، إلى روسيا وريثة «الأمجاد السوفياتية والحرب العالمية الباردة» وقيصرها الجديد بوتين، وفرنسا راعية الانتداب الاستعماري الشهير، وصولاً إلى الصين في أقصى شرق الكرة الأرضية والولايات المتحدة في أقصاها الغربي، تتصارع قوى إقليمية وعظمى على تقاسم ارث هش، نتيجة عجز السلطة الحاكمة عن تدارك الأحداث وفرض تسوية سلمية عاجلة، لافتقارها إلى الحكمة والرؤية الصائبة التي تمكنها من إنقاذ هذا الوطن الذي يعيش مأساة إنسانية بكل أبعادها، كي لا نقول نتيجة تعطش هذه السلطة للانتقام والاستماتة في سبيل التمسك بالحكم ومكاسبه، والمحافظة على ما غنمه أهل الحكم طيلة عقود من الظلم والقهر والتنكيل والتعذيب والسلب والسرقة وانتهاك الحرمات والأعراض.

* أكاديمي سوري مقيم في كندا

 

 

ترشيح صربيا إلى الاتحاد الأوروبي للحدّ من توسع النفوذ الروسي
الحياة..جورج حداد *
 

قالت جريدة «فيتشيرني نوفوستي» البلغرادية إن صربيا تلقت، بعد انتظار سنوات، الموافقة على اعتبارها مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وبذلك تكون قد دخلت في مرحلة جديدة من علاقتها بالاتحاد. وأعلن النبأ رئيس المجلس الأوروبي (شبه مجلس وزراء) هيرمان فان رومبوي أولاً على موقع «تويتر» ومن ثم شخصياً أمام الصحافة، كما أفادت الجريدة الصربية. ولاحظت جريدة «بليتس» الصربية أيضاً أن قادة الدول والحكومات الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وافقوا جميعاً على منح صربيا مرتبة عضو مرشح في الاتحاد. ورأى رومبوي في ذلك نجاحاً ناتجاً من الحوار بين بلغراد وبريشتينا (كوسوفو)، و»الفضل في ذلك يعود لكلا البلدين». وأشارت جريدة «بوليتيكا» الصربية بدورها، إلى انه، بتوقيع الاتفاق المتعلق بحقوق الأقليات بين صربيا ورومانيا قبل ساعات من عقد قمة الاتحاد الأوروبي، زالت آخر عقبة أمام قرار ترشيح صربيا لعضوية الاتحاد. وأعلن الرئيس الروماني ترايان بوسيسكو أن بلاده لن تعرقل ترشيح صربيا.

وبعد إعلان الموافقة على طلب ترشيح صربيا لعضوية الاتحاد، وهو الطلب الذي تقدمت به رسمياً منذ اكثر من سنتين، ينبغي أن تبدأ المباحثات للحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد. وفي احسن الحالات يمكن لصربيا أن تأمل بأن تصبح كاملة العضوية في الاتحاد في نهاية العقد الحالي، بعدما طبقت الشروط والمعايير المطلوبة للحصول على مرتبة عضو مرشح في الاتحاد بما في ذلك تدفئة العلاقات مع كوسوفو.

الرئيس الصربي بوريس تاديتش الليبرالي الموالي للغرب، قال: يتوجب علينا أن ندافع عن مواطنينا وعن مصالحنا القومية، وأن نساهم في سياسة المصالحة وأن نسير إلى الأمام نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

على صعيد آخر وافقت القمة الأوروبية على التجديد لهرمان فان رومبوي لولاية ثانية لمدة ثلاثين شهراً لرئاسة المجلس الأوروبي. وقال رومبوي مازحاً: «كل جدول الأعمال أمام المجلس الأوروبي يبدأ بحرف (س) S: صربيا، سوريا، صوماليا الخ...

شرط شكلي

الاعتراف الصربي بكوسوفو بدا مشروطاً بطريقة شكلية، فبعد محادثات ماراتونية صعبة استمرت اكثر من يومين، اعلن الوفد الصربي انه لن يعترض على حضور ممثلي كوسوفو في اللقاءات الإقليمية في غربي البلقان. ولكنه اشترط لذلك شرطاً مهماً وهو أن توضع أمام الممثلين الكوسوفيين لوحة يكتب عليها «كوسوفو*»، وأن يكتب تحت النجمة الصغيرة توضيح مفاده بأن لا إجماع دولياً على الاعتراف بالمقاطعة الصربية السابقة بوصفها دولة.

وتفاهمت بلغراد وبريشتينا على التعاون في ما بينهما في مراقبة الحدود المشتركة، التي كانت في السنة الأخيرة مسرحاً للصدامات بين قوات الناتو والصربيين الكوسوفيين الغاضبين، كما وبين رجال الشرطة الكوسوفيين والقوميين الألبانيين.

«إننا سعداء جداً بالنتائج»، هذا ما علق به رئيس الوفد الصربي المفاوض بوركو ستيفانوفيتش، الذي ترفض بلاده حتى الآن الاعتراف بواقع أن كوسوفو أصبحت منذ شباط (فبراير) 2008 دولة منفصلة.

«إن الصرب والكوسوفيين قاما معاً بخطوة كبيرة ومهمة إلى الأمام، مما يعتبر أمراً جيداً لمنطقة البلقان بأسرها»، هذا ما علقت به وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون.

بماذا يمكن التعليق على هذه النقلة الجديدة على رقعة الشطرنج في منطقة البلقان، التي لا تزال تعيش فوق برميل بارود يمكن أن يشتعل في أي وقت، على الرغم من كل مظاهر الهدوء الحالية:

1- إن فوهة برميل البارود البلقاني تقع الآن على وجه التحديد في يوغوسلافيا السابقة، وقلبها المضطرب: صربيا، أي المنطقة التي جرى تفكيكها وتدميرها بقوة الحلف الأطلسي، بزعامة أميركا، وبدعم مباشر من الاتحاد الأوروبي.

2 - لو كانت أوروبا الغربية مخلصة في سعيها إلى ضم صربيا (وغيرها من جمهوريات يوغوسلافيا السابقة) إلى الاتحاد الأوروبي فلماذا كانت خطة تفكيك يوغوسلافيا وإنفاق مئات بلايين الدولارات من اجل دفع شعوبها المتآخية إلى التذابح. ثم شن الحرب الأطلسية على الشعب الصربي وتدمير مرافقه الاقتصادية والإنسانية والثقافية والخدماتية؟

3- تم ترشيح صربيا لعضوية الاتحاد الأوروبي بعد إجبارها على التنازل عن مقاطعة كوسوفو وفصلها عن الوطن الأم وتحويلها إلى محمية وقاعدة أميركية - أطلسية.

4 - من اهم الدوافع الأميركية - الأوروبية الغربية للتعجيل في ترشيح وضم صربيا المهيضة الجناح إلى الاتحاد الأوروبي (ويتبعه الدخول في الحلف الأطلسي) هو وضــع صربيــــا تحت السيطرة الاقتصادية والسيـــاسية والعسكرية ومنع تقاربها المحتمــــل مع روسيا، خصوصاً بعد عودة فلاديمير بوتين، بخطه المتشدد المعادي للغرب، إلى الرئاسة الروسية.

5- لا شك في ان ترشيح فضم صربيا إلى الاتحاد الأوروبي سيكسر إلى حد كبير طوق العزلة والحصار الذي فرض على هذا الشعب لمصلحة مشروع إقامة ألبانيا الكبرى المتحالفة مع تركيا والموالية لأميركا والغرب في قلب منطقة البلقان. ولكن هذا لا يعني أن أوروبا الغربية وأميركا ستسمحان لصربيا بأن تنمو وتتطور اقتصادياً في شكل طبيعي، وأن تعيد بناء اقتصادها في شكل متكامل، باستخراج الخـــامات والصناعة والزراعة والتكنولوجيا والسياحة وغيرها من الخدمات. فأوروبا الغربية وأميركا تعملان المستحيل لمنع تقدم وتطور بلدان أوروبا الشرقية السلافية (ولو لم تكن أرثوذكسية كبولندا) والمسيحية الشرقية الأرثوذكسية (ولو لم تكــــن سلافية كاليونان). والشعب الصربي بأغلبيته هو شعب سلافي - مسيحي شرقي (أرثوذكسي)، أي أن هناك سببين «جوهريين» لمنعه من التطور الطبيعي.

وتقريب وضم صربيا إلى الاتحاد الأوروبي وبعده الأطلسي يعني عملياً وضع هذا البلد تحت سيطرة البورصات والمؤسسات المالية الغربية، كالبنك المركزي الأوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها، لتخريب اقتصاده باسم مساعدته «على الطريقة اليونانية».

* كاتب لبناني

 

 

تونس..«بلد الياسمين» في زمن «النهضة».. أسئلة الهوية والسياسة والاقتصاد ـ

معارك الدستور والبطالة والحريات: الإصلاح في يد الإسلاميين.. وضدهم
جريدة السفير...دنيز يمين
«لم انتخب النهضة»... تقولها احدى التونسيات الموظفات في شركة للأدوية في لبنان، بنبرة حازمة لا يُفهم منها سوى ان خيارها الانتخابي يرضيها حتى الآن. اما السبب: «ماذا فعلوا حتى اللحظة؟ لا شيء.. على صعيد صياغة الدستور الذي هو أصلاً مهمة المجلس التأسيسي، على مستوى الوظائف، دعم الفقراء، ضبط الأمن.. كما لا ندري ما سبب تساهلهم مع السلفيين الذين ينشطون في الجامعات والمساجد والتظاهرات، بعدما كانوا مقموعين في الماضي»... رأي الشابة التونسية المنشغلة باتصالاتها الهاتفية في مطار بيروت استعداداً للعودة الى ديارها، يمثل شريحة واسعة من التونسيين الذين لم يطمئنوا، بعد حوالي 5 أشهر على انطلاق «زمن النهضة»، لأداء الحركة الاسلامية في السياسة والامن والاقتصاد، مقابل رأي آخر مساند لها ويصرّ على ان «الحكم على النهضة بعد وقت قصير على ولادة الثورة.. غير منصف».
ليس أمام «النهضة»، التي أمسكت بالسلطة في البلاد عن طريق الانتخابات «الشرعية والنزيهة» على حدّ وصف المراقبين الدوليين، سوى ان تأخذ شكاوى الممتعضين في الحسبان، على قاعدة ان «من يثور ضد بن علي يثور ضد غيره»، خصوصاً اذا ما صحّ قول بعض المعلقين السياسيين الذين يرون ان «النهضة تعيش مرحلة حساسة في تاريخها، لأن من شأن الحكم على أدائها شعبياً ان يلغيها اذا ما أخفقت. وبالتالي لن تعود ورقة الاضطهاد التي استخدمتها للوصول انتخابياً مجدية في دورات انتخابية لاحقة».
يردّ «النهضاويون» (أو المقرّبون منهم) الجاهزون دائماً لمرافعات دفاعية ضد اي اتهام ليبرالي او يساري او نقابي ربّما لطبيعتهم المنظّمة التي يعتبر البعض انها سرّ فوزهم الانتخابي بالقول «الوضع مستقر. ما حصل للشعب التونسي الذي حارب الفراغ الدستوري بروح من المسؤولية بعد الإطاحة بالطاغية، معجزة في حدّ ذاتها، وكل ذلك بفضل قوة الإدارة التونسية ومؤسساتها». هذا ما جاء على لسان الوزير التونسي المكلّف العلاقات مع المجلس التأسيسي عبد الرزاق الكيلاني (المقرّب من النهضة) الذي قال لـ«السفير» إن التونسيين «نجحوا في عدم تعطيل المؤسسات وتنظيم انتخابات اعترف بها المجتمع الدولي. واليوم لدينا مجلس تأسيسي منكبّ على إعداد الدستور، ورئيس منتخب وحكومة تعبّر عن الإرادة الشعبية، كما تحاول حلّ المشاكل العالقة في البلاد، وعلى رأسها مسألة التوظيف والإطاحة بالفقر، العمل على التنمية، تحريك العجلة الاقتصادية، ترجمة شعارات الثورة، القضاء على الفساد والرشوة المستمرة»...
اذاً، بالنسبة الى الكيلاني «تونس بخير». إلا أن العناوين الإصلاحية الذي عددّها الوزير تزن أثقالاً هائلة تُلقى على عاتق «النهضة» قبل غيرها، خصوصاً أن معظمها لا يزال «في مرحلة الإعداد»، وليس «الحصاد».
لا يقرأ الأمين العام المساعد للحزب الديموقراطي التقدمي التونسي، منجي اللوز، وضع تونس اليوم، من وجهة نظر مماثلة، قائلا لـ«السفير» بكثير من النقمة «قلقون جداً من أداء النهضة، أكان في السياسة او الاقتصاد او المجتمع او السياسة الخارجية (في إشارة الى موقف الحكومة من الاحداث في سوريا).. أداء النهضة استحواذي. وبعد الثورة، لا يمكننا تقبّل أداء حكومي من هذا النوع، لأن الإطاحة بالمخلوع بن علي فتح الباب امام الديموقراطية لا امام الهيمنة والاستحواذ على السلطة». ويضيف اللوز، الذي يؤكد ان حزبه الخاسر في الانتخابات بصدد جمع كل القوى لتركيز صوت الناخب ضد حركة النهضة، «نعم، الشعب انتخب الحركة لمدة محددة حتى تأمين الانتخابات المقبلة، الا ان تونس دولة عقلانية عمرها 3 آلاف سنة، لن تقبل باستمرار وضع مشابه». اما الانسب لـ«التفاهم مع النهضة»، فهو برأي اللوز «تفكيك النهضة من الداخل على غرار التجربة التركية (انقسام الإسلاميين بين رجب طيب اردوغان ونجم الدين اربكان) وذلك لضمان ديموقراطية تونس، فضلا عن تفكيك الترويكا تحت ضغط الشارع (رئاسة وحكومة ومجلس تأسيسي). النهضة تتجه لتطبيق النموذج الإسلامي الإيراني وليس التركي، لذا لا بد من اجبارها على التحول الى المنحى السياسي الديموقراطي».
الشرخ الكبير في أروقة السياسة التونسية ظاهر في اكثر من تفصيل «مبدئي»، وهو ما كان متوقعاً في دولة تنهض حديثا من حضن الدكتاتورية الى حالة التخبط الديموقراطي، وعلى رأس هذه التفاصيل الجوهرية التي يظللها سجال الهوية في تونس: اولاً، صياغة الدستور الجديد بعيدا من الشريعة الإسلامية او من خلالها، ثانياً، حلّ مشكلة البطالة التي تقدّر بعض الجهات الاقتصادية انها بلغت نسبة 18 في المئة، وثالثاً، ملف الحريات الذي بات حديث الساعة مع صعود الظاهرة السلفية بحرية لم تعهدها في زمن زين العابدين بن علي.
الاقتصاد: ملفّ المرحلة
الوزير الكيلاني الذي لا يترددّ في إرجاع التأخير الحكومي في حلّ المشاكل البديهية (الدستور والوظائف) الى «حجم الفساد الذي زرعه النظام السابق في المؤسسات»، يؤكد ان «الحكومة بصدد إعداد مشروع ميزانية تكميلي في برنامج يسطّر الخطوط العريضة للمطالب المرفوعة: البطالة، التنمية والقضاء»، مبرراً التمويل الخليجي لتونس بقوله «الحكومة تعوّل اولا على الثروة المحلية اي رجال الاعمال الذين هم رأس مال البلد، ومن ثم الأصدقاء والأشقاء.. ثورة تونس قوبلت باحترام العالم ككل وهناك التزام دولي بدعم تجربتنا، بما فيه الدعم الخليجي.. لا فرق بين المساعدات القطرية والكويتية والجزائرية والاوروبية والاميركية، فألمانيا على سبيل المثال تنازلت عن دين تونسي بقيمة 60 مليار يورو، وحولتها الى استثمارات عندنا»...
يردّ الشارع الذي يقوده اليوم بشكل أساسي اتحاد الشغل، على حكومة «النهضة» برفع شعار البطالة «الكارثية» على حد وصف المحامي والاستاذ الجامعي التونسي منذر الحاج علي، الذي قال لـ«السفير» إن «اسعار المواد الغذائية الى ارتفاع هائل والقطاع السياحي الذي تعتمد عليه تونس معطل تماما، والتموين الغذائي في ازمة كبيرة فضلا عن انقطاع الكهرباء المتزايد وتعطّل الحصص الجامعية التعليمية.. هذا كله لم نشهده إبان الثورة لأن ثورتنا كانت مدنية.. من سقط في 14 جانفيي هو النظام لا الدولة!».
الدستور.. وروحيّة الشريعة
... عدم صياغة دستور تونس الجديدة حتى الآن، شرّع فرضية عدم الانسجام الكلي بين رؤوس الترويكا المنضوين تحت جناح «النهضة»، الا ان الكيلاني نفى لـ«السفير» الامر قائلا ان «الدستور مهمة المجلس التأسيسي الذي يعمل على اعداده وسط نقاش بنّاء بين الجميع». وعن بند تنصيص الشريعة مصدراً للتشريع، يرى الكيلاني ان «الدستور المنحل يعترف بالاسلام ديناً للدولة وباللغة العربية لغة محلية، وفي اعتقادي ان المشروع الجديد لن يأتي بجديد لأن البند المذكور يحظى بالإجماع. لسنا في حاجة الى تنصيص الشريعة مصدراً للتشريع لأن الاحكام مستوحاة أصلا من روحية الشريعة الإسلامية».
تبسيط الكيلاني لمعركة الدستور يعلّق عليها الحاج علي قائلا انها تشمل أربع نقاط الى جانب بند الشريعة العالق «اولاً، النظام السياسي. يريدونه برلمانياً لأن سمته الاساسية عدم الاستقرار الحكومي يبعدون به الاستثمارات عن البلاد، ومن ثم يتحولون من البرلماني الى الشورى على طريقة اهل الحل والعقد.. ثانياً، النظام القضائي. يردونه مجلساً إسلامياً أعلى ونريده محكمة دستورية.. ثالثاً، دسترة المكتسبات الوطنية كحقوق المرأة والاحوال الشخصية، وهو سجال قائم بحدة اليوم»... الحاج علي المطمئن ليقظة الشارع، يختم بالاستناد الى «الاستفتاء على الدستور الذي سيمنع النهضويين من تمرير مشاريعهم الشاذة»...

 

 

تقليص القيمة الجيوستراتيجية للبنان ودعم جيشه

المشرق العربي كورقة أميركية في مواجهة إيران: الرهان على إضعاف دور سورية من دون التدخل
جريدة السفير...مازن السيد
منذ إشعال محمد البوعزيزي النار في نفسه في تونس قبل 15 شهراً، يتضح من الثورات العربية، أنها كلما اقتربت من المشرق العربي أكثر، ارتفع مستوى تحوّلها إلى قناة لـ«التنافس الاستراتيجي الأميركي ـ الايراني».
وفي تقريره المشترك مع آرام نرغيزيان، حول انعكاسات هذا التنافس في هذه المنطقة، ضمن سلسلته المنشورة لدى «معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية»، حدّد الباحث الأميركي انتوني كوردسمان معايير «المواجهة بالوكالة» بين القوتين في ظل الاضطرابات الحادة التي تشهدها المنطقة، كما طرح مجموعة من التوجيهات للإدارة الأميركية حول الخيارات المتاحة لديها ازاء الفلسطينيين، وفي سورية ولبنان، لضمان قطاف ثمار الثورات على حساب المصالح الايرانية الإقليمية.
في الآتي أهم النقاط التي أبرزها تقرير كوردسمان، وما رافقها من «نصائح» للإدارة الأميركية الحالية، قوامها الرهان على ضعف الدور الإقليمي لسورية بصرف النظر عن السيناريوهات المحتملة، ما يدفع بذلك واشنطن إلى الاحجام عن أي تدخل قد يستفز القوى العالمية الكبرى والصاعدة، وانتهاج سياسة «احتواء» لتداعيات الحدث السوري إقليميا.
سورية
ما يحدث في سورية اليوم من اضطرابات غير مسبوقة، يفوق قدرات التوقع الأميركية، مما يقوض قدرة واشنطن على بلورة استراتيجية مستدامة حتى على المدى القصير. لذلك على الولايات المتحدة العمل على نوع من «احتواء» لتداعيات الازمة في سورية، من دون التدخل الفعليّ في اتجاه حسمها، على أساس الرهان بأن «دور سورية الإقليمي قد تم إضعافه إلى حد كبير بعد عام من الاضطرابات».
فمن جهة، يغذي لجوء المعارضة المتزايد إلى العنف توجه السلطات نحو رد أمني وعسكري أقسى. لكن اميركا لا يمكنها التدخل في مرحلة الاضطراب هذه، لأن تزويدها المعارضة بدعم مادي سيبرر رفع مستوى القمع الأمني من النظام، وسيرصّ صفوف القوى الموالية له. كما قد تستفز المساعدة السرية أو العلنية للمعارضة ردة فعل سلبية من روسيا والصين واعضاء آخرين في مجلس الامن لا يريدون رؤية السيناريو الليبي يتكرر.
وفيما تعلم واشنطن أن أي انهيار للنظام في سورية، قد يحمل «أمل» انقطاع النفوذ الايراني في منطقة المشرق، إلا أنها تعي أيضا أنه قد يؤدي إلى تهديد استقرار حلفائها الاقليميين: على جبهتي اسرائيل الشمالية والشرقية، في الداخل الأردني حيث تتصاعد الاضطرابات، في لبنان حيث التوازن الطائفي الهش، وفي جنوبي تركيا حيث تحاول انقرة احتواء المجموعات السورية والكردية.
كما أنه لا وجود لأي دليل ملموس يشير إلى أن أي نظام سوري قد يأتي بديلا للنظام الحالي، سيدخل في سلام مع اسرائيل، ويتخلى عن هضبة الجولان، أو يوقف الدعم للعناصر الفلسطينية الفاعلة داخل الأراضي المحتلة وخارجها. أضف إلى ذلك، أن الفيتو الصيني ـ الروسي المزدوج وجّه رسالة واضحة لا يمكن للولايات المتحدة تجاهلها: على واشنطن أن تأخذ بالاعتبار مصالح القوى العالمية الكبرى والصاعدة. لذلك تسعى واشنطن ضمنيا إلى التأكيد على استبعاد خيار التدخل العسكري في سورية.
الفلسطينيون
نقطة الانطلاق هي أن «كلا من اميركا وايران يواجه مستوى غير مسبوق من عدم الاستقرار السياسي» في المنطقة، مؤكدا ان «أحدا لا يستطيع توقع نتيجة هذه الاضطرابات».
اسرائيل التي تشكل المساحة المفصلية في التنافس الأميركي ـ الايراني، أصبحت اليوم محاطة بدائرة من عدم الاستقرار. وبطبيعة الحال، ستواصل أميركا تزويد اسرائيل بالضمانات الأمنية السياسية والعسكرية لتعزيز شراكتهما الاستراتيجية، والتي تقوم بأحد ركائزها الأساسية على مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة.
ويشكل موقف ايران من الدولة العبرية موضع النقاش بين المتابعين، حول ما إذا كان نابعا فعليا من موقف دوغمائي، أم من براغماتية سياسية تستخدم الصراع العربي ـ الاسرائيلي لتقــويض شرعية الأنظمة العربية المتحالفة مع أميركا وتعزيز نفوذها في المنطقة. وعلى الأرجح، فإن الموقف الايراني ناتج عن مزيج من الإثنين.
لذلك، فإن على الولايات المتحدة أن تستغل الوضع الإقليمي الحالي، لإحياء عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين. كما ان تعليق المساعدات المالية للفلسطينيين لن يقدم أي تعزيز للنفوذ الأميركي في المشرق. والحقيقة أن توجه السلطة الفلسطينية إلى الامم المتحدة، والذي اغضب كثيرين في واشنطن، قد عزز بشكل كبير الموقف الهش للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو حليف أساسي لاميركا في المنطقة. تعزيز موقف عباس، يعني بتعبير آخر تعزيز قدرته على انجاح تسوية نهائية مع الاسرائيليين، وتقويض التأثير الايراني على القوى الفلسطينية. ومن الضروري في هذه المرحلة أن تستفيد اميركا من ابتعاد حركة «حماس» حاليا عن المحور الايراني ـ السوري، على الرغم من أن ذلك سيكون أكثر صعوبة من الانخراط الأميركي مع جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر.
لبنان
تعلم واشنطن جيدا، هشاشة الوضع الداخلي في لبنان، لذلك تتبع ازاءه سياسة «براغماتية» قوامها تقليص دوره الجيوستراتيجي، واحتواء التهديد الذي يطرحه «حزب الله» للمصالح الأميركية في المنطقة.
النصيحة الأهم للإدارة الأميركية هي أن تمد جسورا مع القوى اللبنانية التي تتمتع بعلاقات طبيعية مع النظام السوري، بينما تتصاعد ريبة «حزب الله» منها، أي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي لم يكن يوما موضع خيار الحزب للمنصب هذا. وعلى أميركا أن تتجنب أي تصاعد في عدم الاستقرار اللبناني، وأن تعمل مع حلفائها القائمين والجدد لاحتوائه.
لكن الدبلوماسية العسكرية تبقى ضرورية بالنسبة لواشنطن، للمحافظة على نفوذها في لبنان ومكانتها في السياسات الامنية للمشرق العربي. لذلك، على الكونغرس الأميركي أن يرفع الحظر عن المساعدة العسكرية التي طلبها الجيش اللبناني. وعلى وزارة الخارجية بدعم من الكونغرس، أن تطلق مساعدة بـ100 مليون دولار تمت الموافقة عليها في موازنة العام 2011.
إعداد وترجمة مازن السيّد

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,797,637

عدد الزوار: 6,966,682

المتواجدون الآن: 77