تقارير ...الطائفية والانتفاضة الحاصلة في سوريا... الدروز نموذجاً...لقاء أوباما ـ أردوغان: خلافات على كل شيء....تحليل / «القصف المتبادل» بين الجيش المصري و«الإخوان» ... القنوات مسدودة والأزمة مصيرية!

الساحة الكويتية ومخاض مشهد «ليبرالي ـ إخواني»...هل قرر النظام السوري الإطاحة بالحكومة اللبنانية؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 28 آذار 2012 - 6:19 ص    عدد الزيارات 2113    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

ملتقى النهضة الخليجي أنهى دورته الثالثة... وتيار السلف «أقصى نفسه»
الساحة الكويتية ومخاض مشهد «ليبرالي ـ إخواني»
السفير.....كامل قاسم حازر
سابقة نادرة سجلتها الساحة السياسية الكويتية ليل السبت الماضي، لأول إطلالة إسلامية (إخوانية) بطلها الداعية طارق السويدان، على جمهور التيار الليبرالي، الوطني والديموقراطي. وذلك من على منبر جمعية المتخرجين الكويتية، أحد أبرز معاقل هذا التيار، ليكون نجم فعاليات اليوم الثاني لـ«ملتقى المجتمع المدني»، التسمية البديلة لـ«ملتقى النهضة الشبابي الخليجي» في دورته الثالثة، الممنوع من الانعقاد بأمر من وزارة الداخلية وبضغط ومعارضة تيار السلف والمتشددين.
السويدان، الذي قوطع بتصفيق حار أكثر من مرة، خاطب الجمهور المحتشد، بمشاركة لافتة للشباب السعودي، معلناً «أن الحرية مقدسة ومبدأ من مبادئ الإسلام»، وهي عنده «قبل تطبيق الشريعة»، وداعياً إلى «مجتمع حر ديموقراطي تعددي»، لأنه بوجود مثل هذا النظام «تتحقق الرقابة الشعبية»، ومؤكداً أنه «إذا استبد الإسلاميون في الحكم... فوالله العظيم سنثور عليهم، كما ثرنا على من قبلهم».
وبعدما ذكّر السويدان بأن الليبراليين (الغرب) هم من ألغى الرق في الإسلام وليس الإسلاميين، وجه نقداً واضحاً للتيار السلفي والفتاوى السعودية قائلاً: «لماذا نمنع بناء المساجد والحسينيات... إن الكيل بمكيالين غير جائز، فكيف نطالب بمنع الكنائس لدينا، وفي الوقت نفسه ندعو الى بناء المساجد في بلادهم؟». وشدّد على أن «الإسلام يتعامل مع الفكر بالفكر، وعقلية المنع هي عقلية رجال الأمن وأصحاب الحجج الضعيفة».
عقلية الحجج الضعيفة
ورداً على دعوات «الإقصاء وإلغاء الآخر» التي ميّزت معارضة تيار السلف لانعقاد ملتقى النهضة في الكويت، استعرض السويدان جملة من المواقف لنبي الإسلام مؤكدة الحرية في إبداء الرأي والموقف المعارض وفي المعتقد، وقال متسائلاً: «ماذا يريد مَن نادى بالمنع؟ وهل هذه هي عقلية أصحاب الحجج الضعيفة، وهل هذه عملية تقوم بها الداخلية؟!». وتابع مستغرباً الفهم الخاطئ لحديث «لا يوجد دينان في الجزيرة العربية»، لأن معناه الأساسي أن السيادة السياسية يجب أن تكون للدين الإسلامي فقط، مؤكداً أن عقلية المنع والإجبار والإقصاء ليست موجودة في ديننا.
«إنتصار» التجربة
وبموازاة السويدان، جاءت إطلالة الناشط الحقوقي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت غانم النجار في اليوم الثالث والأخير من فعاليات الملتقى، حيث أكد حقيقة «انتصار تجربة ملتقى النهضة على السياسيين». وقال «انتهى الملتقى ولم تحدث كوارث ولم تقع صواعق ولم تسقط السماء ولم يزدد الكفار كافراً واحداً!»، مشيراً في محاضرته، التي حملت عنوان «المجتمع المدني وحقوق الإنسان»، إلى أن «حاجة الإنسان للكرامة تتجاوز حاجته لأشياء كثيرة».
وبعد تأكيده أن: «الحرية هي التحرر من القيود المفروضة على الإنسان»، قال النجار: «إن وضع حرية التعبير في الخليج لا يحتاج إلى شرح، لأنهم يفرحون بانتكاسة الديموقراطية في الكويت»، ليشير إلى «أن الغرب ليس صادقاً في قضية حقوق الإنسان ولديه نفاق مذهل.. ولكن لدينا في الشرق، الأمر أسوأ».
مشهد جديد للتحالفات
وقبل أن ينتهي الملتقى، بدأت مفاعيل انعقاده تؤشر إلى رسم جديد لمشهد التحالفات السياسية، من خلال عملية فرز تعيد تيار السلف إلى حدود دوره وحجمه، بعدما انتفخ هذا الدور وتضخم ذلك الحجم بالنتائج التي أسفرت عنها انتخابات مجلس الأمة مطلع شباط الماضي.
لقد التقت مواقف التيارات والقوى السياسية الكويتية، ما عدا تيار السلف وكل من موقعه على ضرورة انعقاد الملتقى، لأن «حرية الاجتماع والتعبير في الكويت من الحقوق التي كفلها الدستور ويجب احترامها»، كما قال رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون (تكتل العمل الشعبي)، وجاءت إطلالة الداعية الإسلامي طارق السويدان من على منبر الملتقى في «المتخرجين» وكأنه قادم من خارج تيار الإسلام السياسي الذي اعتادت عليه الساحة الكويتية طوال العقود الماضية، حتى أسماه البعض برائد اليسار الإسلامي داخل منظومة حركة «الإخوان المسلمين»، فيما بعث حضور النائب السيد حسين القلاف بعمامته السوداء ولو لفترة وجيزة في فعاليات ختام الملتقى، برسالة تضامن من الأقلية البرلمانية، بخاصة «تكتل النواب الشيعة».
مع ختام فعاليات الملتقى، يسجل للتيار الليبرالي بطيفه الوطني والديموقراطي ونشطاء المجتمع المدني النجاح في الإمساك مجدداً بخيوط الحراك السياسي على الساحة الكويتية، ومسجلاً خرقاً لافتاً باتجاه شبك هذا الحراك بإطاره الخليجي، ليحقق بذلك «نصراً»، أشار إليه النجار، وأكده عضو ملتقى النهضة الشبابي سعد ثقل العجمي بقوله «إن انتصار جمعيات النفع العام للشباب جاءت لتبرهن لدول الخليج كافة، بأن إقصاء المتطرفين رسالة صدرت من الكويت».

 

 

 

داود أوغلو يحذّر من تقسيم سوريا
لقاء أوباما ـ أردوغان: خلافات على كل شيء
السفير....محمد نور الدين
أظهرت القمة التي جمعت بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان في العاصمة الكورية الجنوبية سيول، أول أمس، تبايناً واضحاً في المسألة السورية، وفي معظم القضايا التي طرحت في المباحثات، فيما حذّر وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو من انه «إذا استمر التدهور في سوريا، كما هو عليه من دون التوصل إلى حل، فإن سوريا ستتقسم».
وقد اعترف اردوغان بنفسه بأن الإدارة الأميركية تعارض التدخل العسكري في سوريا. وكرر أن أنقرة لن تقف متفرجة على ما يجري في سوريا والبقاء من دون تدخل. وصبّ اردوغان جام غضبه على بغداد لدعمها النظام السوري.
واكتفت القمة باتفاق الطرفين على تقديم مساعدات طبية ولوجستية غير عسكرية إلى المعارضين السوريين. ولم يقف عدم التفاهم على المسألة السورية، بل تعداه إلى المسألتين القبرصية والارمنية.
وقد اختصر أردوغان نفسه نتائج القمة إلى الصحافيين الأتراك المرافقين له على الشكل الآتي:
1- سوريا: كانت مباحثاتنا حول سوريا مطولة ومثمرة. وامتدت على مدى ساعتين و15 دقيقة، إذا احتسبنا أيضا المؤتمر الصحافي. لقد كانت سوريا جوهر المباحثات. إن الولايات المتحدة لا تنظر بحرارة في المرحلة الأولى إلى التدخل العسكري، وهي مستعدة لتقديم مساعدات طبية وغذائية إلى المعارضة والى الشعب السوري. لقد بدأت تقديم الدعم الجزئي. وترى الإدارة الأميركية انه من المفيد إجراء لقاءات مع روسيا والصين وإيران. وهم لا يقاربون المسألة السورية مثلما قاربوا الموضوع الليبي، بينما نحن موقفنا مختلف. لنا حدود 910 كيلومترات مع سوريا. كذلك هناك خطر يواجهنا. في الأيام الأخيرة حدث قصف جوي على حلب واعزاز. النازحون تجاوزوا حتى الآن 17 ألفا، وعندنا قلق من تجاوز هذا الرقم بصورة كبيرة، وتوقعاتنا انها ستصل الى مئة ألف لاجئ. وفي ما يتعلق بالجيش السوري الحر لدينا الآن 10 جنرالات و19 برتبة عقيد. وهناك فرار بصورة تدريجية. وسيفتح المجلس الوطني السوري الانتقالي مكتبا في اسطنبول وسيشارك فيه ممثلون عن النصيريين (العلويين) والمسيحيين والأكراد. ويعاني (الرئيس) بشار الأسد مشكلات مالية على الصعيد الشخصي والصعيد الوطني. سوف يرحل عاجلا أم آجلا. لا عودة عن ذلك. في الأول من نيسان سينعقد مؤتمر أصدقاء سوريا في اسطنبول، وننتظر مشاركة (الأمين العام للأمم المتحدة) بان كي مون و(مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا) كوفي انان في المؤتمر. والبيان الختامي سيكون مهماً، لأن بعده ستتحدد خريطة طريق المرحلة المقبلة.
وقال أردوغان إن السفارة التركية في دمشق علقت أعمالها، وعاد السفير التركي هناك عمر اونهون الى تركيا برا عبر بلد ثالث. وستبقى فقط قنصلية حلب فيما ستتحول المعاملات في دمشق إلى السفارة التركية في بيروت.
2- إيران: للموضوع بعدان. الأول يتصل بسوريا والثاني ببدء لقاءات مجموعة «5+ 1». الولايات المتحدة تتحدث عن السلاح النووي ونحن عن الطاقة النووية. أما الوكالة الدولية للطاقة الذرية فبدأت من جديد تتحدث عن السلاح النووي. وقد قلنا لأوباما إننا حاضرون لاجتماع اسطنبول. وآمل أن ينعقد هذا الاجتماع. إيران قالت نعم للاجتماع وإذا قلتم نعم فسيكون الاجتماع مثمرا. الطرف الأميركي سيقيّم الموضوع.
3- العراق: الأميركيون لا ينظرون بحماسة إلى التدخل الخارجي في العراق. وقد ذكّرناهم بانتقادات المعارضة لـ(رئيس الحكومة) نوري المالكي. يجب أن نصل في العراق بسرعة إلى النتيجة المرجوة، والتوتر المذهبي قد يفضي إلى نتائج تقلقنا. كل يوم تحدث تفجيرات انتحارية، ويسقط 20 إلى 30 قتيلا. نحن لن نقف ساكتين. وفضلا عن كل ذلك فإن العراق هو أحد العناصر التي تقدم الدعم إلى الأسد.
4- حزب العمال الكردستاني: قالوا (الأميركيون) إنهم سيواصلون التنسيق في المعركة ضد المنظمة الإرهابية. وسيواصلون الدعم عبر طائرات بريدايتور (طائرات من دون طيار). كان عندنا واحدة ثم صارت اثنتين. والآن سيستخدمون كل ما عندهم من طائرات.
5- قبرص: قالوا إنهم يتابعون الوضع هناك، وقلنا لهم انه لم تعد عندنا ثقة بـ(الرئيس القبرصي ديمتري) خريستوفياس، وهو يلعب بالوقت لينجح في الانتخابات. لا آمال لدينا، ولكن سنواصل المعركة بصبر هذا العام. إن لصبرنا نهاية.
6- القضية الأرمنية: لقد قلت لهم إن لجنة مينسك الثلاثية لم تؤد إلى أية نتيجة منذ 20 عاما. ومن أجل الحل فإنه يمكن أن تقوم بما عليها تجاه أذربيجان. وقلت له «ابذلوا جهودا لدى أرمينيا أنتم وروسيا وفرنسا». وقلنا لهم ألا يضع السياسيون والكونغرس ومجلس النواب أنفسهم بدل المؤرخين، ويجب ألا يثار هذا الموضوع كل عام في نيسان من جانب الجمهوريين والديموقراطيين. ولقد شكر (أوباما) المواقف التي نظهرها بشأن حرية المعتقد، كما انه قدم لنا التعازي بشهدائنا في أفغانستان.
وأعلن نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس ان اوباما واردوغان اتفقا على ان اجتماع «أصدقاء سوريا» يجب ان يسعى الى تزويد المعارضة «بالمساعدات غير القاتلة والامدادات الطبية». وكررا دعوتهما ايضا الى «عملية» انتقالية نحو «حكومة شرعية» في سوريا.
وقال أوباما، بعد لقائه أردوغان، «بحثنا جدول أعمال موحداً في ما يتعلق بكيفية تقديم مساعدات إنسانية، وجهود كوفي انان لتحقيق المزيد من التغيير اللازم» في سوريا.
داود أوغلو
وحذّر داود اوغلو من انه «إذا استمر التدهور في سوريا، كما هو عليه من دون التوصل إلى حل، فإن سوريا ستتقسم».
وقال داود اوغلو، للصحافيين في طريقه إلى سيول، إن «الوضع في سوريا يشبه العراق أيام صدام حسين». وأضاف «لو لم يرتكب صدام المجازر ويمارس القمع لما تقسم العراق»، مضيفا انه «بقدر ما تكون المرحلة الحالية قصيرة بقدر ما يتراجع خطر التقسيم».
واعتبر داود اوغلو انه «إذا حصل التقسيم فهو نتيجة ممارسات نظام الأسد القمعية». وقال إن «أخطاء صدام منذ احتلال الكويت كانت سبباً للتدخلات الخارجية، ونحن نعمل على عدم تكرار ذلك في سوريا. نحن لا نريد تقسيم سوريا. لو أن صدام لم يحتل الكويت ولو أصغى للنصائح لما كان تقسيم العراق. الأمر نفسه ينسحب على سوريا. بقدر ما يتم تقصير المرحلة الحالية يتراجع خطر التقسيم».
واعتبر داود اوغلو أن ما يجري في الساحة العربية سيؤثر على التطورات لقرن كامل بل أكثر. وقال «لو حصل التحول في سوريا من دون دماء لكانت نجمة في سماء المنطقة اليوم». وأضاف ان «الموقف الروسي لن يستمر إلى ما لا نهاية. إنها موجة مؤقتة».

 

 

 

عين على جنبلاط وعين على «حزب الله»
هل قرر النظام السوري الإطاحة بالحكومة اللبنانية؟
الرأي.. بيروت ـ من وسام أبو حرفوش
ثمة «معطيات» في بيروت تؤشر الى ان مصير حكومة الرئيس نجيب ميقاتي «على الطاولة»، وسط معلومات عن «مداولات» جارية بين النظام في سورية وحلفائه اللبنانيين حول جدوى استمرارها وإمكان «تطييرها» في ضوء اداء بعض مكوناتها وفي مقدمها الرئيس ميقاتي عينه.
وكشفت اوساط واسعة الاطلاع في بيروت لـ «الراي» عن انزعاج سوري «شديد» من خيارات ميقاتي وسلوكه حيال القضايا التي تهم النظام في سورية، كالأوضاع على الحدود بين البلدين والتعاطي مع ملف النازحين وبعض الجوانب المتصلة بالسياسة الخارجية، إضافة الى مسائل ترتبط بحلفائه اللبنانيين.
ولفتت هذه الاوساط الى ان «لا دخان من دون نار»، فالكلام عن اتجاه سوري لإسقاط الحكومة تزامن مع رسائل استياء من النظام في سورية بلغت مسامع ميقاتي بالمباشر او بالتواتر، وعبر إشارات وأقنية مختلفة، مما اكسب المعطيات المتداولة صدقية لا يمكن تجاهلها.
ورغم ان الاوساط عينها عكست اقتناع زوار السرايا الحكومية بأن ما يشاع عن الاتجاه للإطاحة بالحكومة «مجرد تهويل»، فإنها نقلت عن قريبين من النظام في سورية بأن انزعاج الرئيس بشار الاسد من اداء الرئيس ميقاتي دفعه اخيراً الى رفض تحديد موعد لإستقبال شقيقه طه.
وذكرت تلك الاوساط بما تم التداول به عن تقديم وزير المال محمد الصفدي «أوراق اعتماده» لخصوم ميقاتي، ولا سيما لـ زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، بالتزامن مع الضغوط التي تمارس على رئيس الحكومة وتحاصره، والتي بدا انها محاولة لإحراجه بغية إخراجه.
هذا المناخ الملبّد بين قصر المهاجرين في دمشق والسرايا الحكومية في بيروت دفع الدوائر المراقبة الى «التدقيق» في الاتجاهات التي تحوط بمصير الحكومة المترنحة فوق صفيح متفجر من المنازعات بين مكوناتها حول «كل شاردة وواردة».
وإذ بدا ان القوى المحسوبة على النظام في سورية تبدي ميلاً الى التخلص من الحكومة، فإن الانظار تتجه الى موقف «حزب الله» الحليف «الاستراتيجي» للأسد والرافعة الاساسية للحكومة الحالية، والذي غالباً ما جاهر برغبته في بقائها حتى انتخابات الـ 2013 رغم اضطراره الى تجرع سياساتها المرة اكثر من مرة.
ورغم تقدير دوائر مراقبة في بيروت بأن «حزب الله» لن يحمي الحكومة اذا صدر قرار «استراتيجي» من الاسد بإسقاطها، فإن اوساطا على صلة بملف العلاقة اللبنانية ـ السورية تجزم بأن الرئيس السوري يتبنى ما يقرره الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في الشأن اللبناني لا العكس.
وثمة من يقلل، في هذا السياق، من وقع المؤشرات التي تتحدث عن نهاية قريبة لعمر «الحكومة الميقاتية» لأسباب عدة من بينها ان النظام في سورية لم يبلغ درجة من الراحة تتيح له قلب الطاولة في بيروت، إضافة الى إستحالة تشكيل حكومة جديدة بسبب تبدلات جوهرية اصابت التوازنات في لبنان.
ويستدرك أنصار الاستنتاج الذي يميل للاعتقاد بأن الكلام عن اسقاط الحكومة مجرد تهويل على ميقاتي، عبر القول انه اذا صح وجود قرار سوري بالإطاحة بالحكومة، فهذا يعني ان النظام السوري قرر خربطة الوضع في لبنان وتفجيره، لأن البديل عن الحكومة الحالية يعني الذهاب الى الفوضى.
ورأى هؤلاء ان إستحالة تشكيل حكومة جديدة مرده الى الموقع المستجد للزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي يحرص على بقاء الحكومة الحالية كونها «صمام أمان» داخلي نظراً لمكانة «حزب الله» فيها، لكنه لن يوفر النصاب السياسي والدستوري لحكومة اخرى بـ «شروط» سورية.
في موازاة ذلك، بقيت الأنظار شاخصة الى تطوريْن ذوي بُعدين سياسييْن بامتياز يتّصلان بالتموْضع الجديد لرئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط سواء في علاقته مع النظام السوري الذي بات «رأس حربة» لبنانياً في مهاجمته ودعوته الى «الرحيل»، او في حركته الداخلية حيث بدأ ينفّذ منذ فترة عملية «إعادة انتشار» سياسية، ربطاً بتطورات الأزمة السورية، جعلته يبتعد عن قوى8 آذار التي كان امّن لها نصاب أكثريتها بما أتاح لها إقصاء الرئيس سعد الحريري عن رئاسة الحكومة ويقترب من «الحلفاء القدامى» اي قوى «14 آذار» وفق معادلة قوامها عدم الخروج من الاكثرية بما يعني فرط الحكومة وعدم تمكين الغالبية في الوقت نفسه من استخدام «أنيابها» بوجه «14 آذار» في مجلس النواب.
وهذان التطوران هما:
• حضور «طيْف» جنبلاط وموقفه من الازمة السورية خلال اللقاء التشاوري الروحي المسيحي - الاسلامي الذي انعقد اول من امس في مقر البطريركية المارونية، وتحديداً خلال المناقشات حول بند سورية في البيان الختامي الذي تأخّر صدوره لنحو ساعتين نظراً الى اعتراض شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن على هذا البند ودعوته لإضافة عبارة «الدعوة إلى حل سياسي سلمي في سورية الشقيقة انطلاقاً من مبادرة جامعة الدول العربية، مشيراً الى أن مسودة البيان لم يتم توزيعها مُسبقاً على الرؤساء الروحيين خلافاً للمتعارف عليه.
وأشارت معلومات الى ان طلب الشيخ حسن في ما خص بند سورية قوبل برفض من نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، في حين فضّل مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني البقاء في العموميات.
وجاء موقف شيخ عقل الطائفة الدرزية ليلاقي «الرسالة» التي كان وجّهها جنبلاط الى اللقاء الروحي قبل انعقاده اذ حذّر من أي بيان يصدر «لا يحدد بوضوح في بند الأزمة السورية ضرورة تأكيد الحل السياسي الانتقالي وفق مبادرة الجامعة العربية ويطلب وقف العنف الذي يمارسه النظام السوري دون أن يقع في مطبّ المساواة في تحميل مسؤولية العنف داخل سورية»، علماً ان تقارير اشارت الى ان رئيس طائفة الموحدين الدروز كان خلال اللقاء الروحي على تواصل مع رئيس «جبهة النضال».
• اما التطور الثاني فتمثّل في «عودة» جنبلاط الى «14 آذار» للمرة الاولى «انتخابياً» منذ اعلانه الخروج منها اذ وضع «اليد باليد» مع تحالف قوى «انتفاضة الاستقلال» في الانتخابات الفرعية لاختيار خمسة اعضاء جدد لنقابة المهندسين في بيروت ما اتاح للائحة التابعة لـ «14 آذار» و»الجماعة الاسلامية» تحقيق فوز كاسح بنتيجة خمسة لصفر على اللائحة المدعومة من التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل.
وفي موازاة «استعادة» فريق «14 آذار» لنقابة مهندسي بيروت التي كانت شهدت قبل اقل من عام تحقيق «8 آذار» وبفضل كتلة أصوات مهندسي النائب جنبلاط فوزاً كبيراً، نجحت عبره في ايصال ايلي بصيبص الى مركز النقيب، تركّزت القراءات لهذه النتيجة على «الرسالة» التي وجّهها جنبلاط الى «8 آذار» ولا سيما ان ما حصل يؤشر الى فرز سياسي يشكّل امتداداً لسلوك الزعيم الدرزي الذي ينتهجه منذ اشهر.
وعكس موقع «الحزب التقدمي الاشتراكي» الالكتروني حماوة «الموقعة الهندسية» في بيروت التي كانت «على المنخار» اذ وصفها بأنها «معركة تعتبر من أصعب المحطات الإنتخابية في تاريخ المنافسة الديموقراطية في نقابة المهندسين»، معتبراً ان نتيجتها افضت الى «إعادة التوازن الى مجلس النقابة».
وفي غمرة هذه التطورات، بقي حبس الانفاس يسود المشهد السياسي ولا سيما الحكومي عشية «الجلسة الملغومة» لمجلس الوزراء غداً والتي ينذر بتفجيرها الخلاف المستحكم بين ميقاتي ووزير الطاقة جبران باسيل (صهر العماد ميشال عون) ومعه الوزير الصفدي حول مشروع استئجار بواخر لتوليد الطاقة الكهربائية يصرّ عليها الاخيران فيما يتمسك ميقاتي بخيار بناء معمل لتوليد الكهرباء في غضون سنة بما يعتبر انه يكفل حلاً جذرياً بكلفة نحو 480 مليون دولار تكاد توازي نصف المبلغ لتكلفة البواخر على مدى خمس سنوات.
وينتظر ان يعرض على جلسة الوزراء التقرير الذي وضعه ميقاتي ويتضمّن في اجزاء منه علامات شكوك معينة على مناقصة استئجار البواخر، علماً ان ميقاتي رمى الكرة في مجلس الوزراء الذي ترك له «القرار» والفصل بهذا الملف على قاعدة «لا نريد ترقيعا للحلول بعد اليوم بل حلاً نهائيا»، معلناً «أنا رجل مؤسسات. في كازاخستان ركبوا وحدات ولدت 600 ميغاوات من الكهرباء في خلال ستة اشهر، وفي الكويت ايضا. لتتم مناقشة الموضوع ضمن مناقصة شفافة. فهل هناك شركة واحدة تصنع توربينات توليد الكهرباء؟».
وفي ملف «مفخخ» آخر، وعلى وقع الاضراب الذي نفذه المحامون في بيروت احتجاجا على عدم تعيين رئيس لمجلس القضاء الاعلى، اختار وزير العدل شكيب قرطباوي وضع الحكومة امام مسؤولياتها فاعلن رفع اسم أحد القضاة إلى مجلس الوزراء لتولي رئاسة «القضاء الأعلى»، معرباً عن أمله في الوصول الى إتفاق.
ولم يتأكد اذا كان هذا الملف سيُبحث غداً ولا سيما في ضوء استمرار الخلاف حوله بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والعماد ميشال عون اللذين يخوضان شد حبال قاسياً على التعيينات في المناصب المسيحية...

 

 

 

           
تحليل / «القصف المتبادل» بين الجيش المصري و«الإخوان» ... القنوات مسدودة والأزمة مصيرية!
الرأي..القاهرة - من عبدالله كمال
لم يستطع المجلس العسكري الأعلى في مصر «الصبر»، فبعد يوم واحد من صدور بيان جماعة الإخوان مساء السبت، متضمنا انتقادات حادة وعلنية ومفاجئة للقوة التي تدير الفترة الانتقالية في مصر، أصدر بيانا حادا استخدم فيه قاموسا عنيفا وتحذيريا لا يخلو من التهديد والتلويح.
رفع هذا إلى السطح خلافا من الواضح أنه عميق. وما أكد أن السلطة التي تدير مصر بموجب الإعلان الدستوري، بعد تنحي الرئيس حسني مبارك والقوة السياسية الأبرز في الساحة بعد متغيرات 25 يناير، تعانيان من انقطاع سبل الحوار ووصوله إلى نقاط مسدودة منعت «مياه التفاهم» من أن تتحرك في قنوات كانت موصولة من قبل.
جماعة الإخوان، هي التي بادرت، وهي التي أعلنت الهجوم. وبدلا من أن تختار الظهور وإعلان الموقف من خلف ذراعها السياسية، أي حزب الحرية والعدالة، صاحب الأكثرية المسيطرة في البرلمان بغرفتيه، ذهبت إلى أن تتصدر هي المشهد بلغة حادة يمكن وصفها بأنها «عدائية» تهدم الجسور أكثر مما تبنيها وصلت إلى حد التلويح بتجديد الثورة، إذ قال بيانها إن «الشعب قادر ومستعد للحركة لإعادة إنتاج ثورته وحمايتها وإنقاذ سفينتها قبل أن تغرق إلى القاع على أيدي أناس لا يستشعرون المسؤولية الشرعية أو الوطنية».
العبارة الأخيرة لم تتضمن فقط التهديد بتثوير الشارع من جديد، انما بلغت حد التخوين الديني والوطني.
على ان البيان تضمن خطا للرجعة ايضا اذ قال: «نرجو ألا تصل الأمور إلى هذا الحد. ونأمل أن يخلص الجميع لله أولا ثم لمصلحة الشعب والوطن ويقدمها على جميع مصالحه الشخصية والفئوية». وهذا كلام له مغزاه ويمثل اتهاما للمؤسسة العسكرية بأنها تعلي مصالحها فوق المصالح العامة بل مطلوب منها إثبات الإخلاص لله وللوطن!
القارئ المدقق والمحلل لبيان الجماعة سوف يمسك بقدر هائل من التخبط، والارتباك، داخلها انعكس على مضمون البيان ليس فقط من حيث إنه ذهب في اتجاهات متعددة، بدءا من الاتهام باحتمالات تزوير الانتخابات الرئاسية، والتحريض على الطعن الدستوري في صلاحية مجلس الشعب من قبل الحكومة والمجلس العسكري، وصولا إلى تعليق مسؤولية إبقاء الحكومة في مكانها دون أن تسحب منها الثقة البرلمانية في رقبة المجلس العسكري. هذه قضايا وملفات مختلفة، لكل منها جدولها الزمني الذي لا علاقة له بالآخر، ولكن البيان شاء أن يضعها كلها في سياق واحد تحت عنوان عريض هو : «بيان من الإخوان حول المعوقات التي تعترض تسليم السلطة لممثلي الشعب من المدنيين». دون قصد منه، كشف رئيس المجلس الاستشاري السابق منصور حسن، الذي كان وزير دولة لرئاسة الجمهورية ووزير إعلام في نهاية عصر السادات، والذي قدم على أنه مرشح للانتخابات الرئاسية سيكون مدعوما ولو ضمنيا من جماعه الإخوان، كشف عن خلافات الجماعة. وقال في بيان تالٍ لبيانها وسابق على بيان الجيش مبررا تراجعه عن خوض الانتخابات قبل أن يغلق باب الترشيح إن «القوى السياسية التي تكرمت بالإعلان عن تزكيتها لي قد انقسمت من داخلها كما أبلغتني بعض القوى الأخرى أنها لن تتمكن من إعلان تزكيتها نظرا لظروف خلافات داخلية خاصة بها».
وليس من الصعب الوصول إلى ما يقصده حسن، فقد تراجع حزب الوفد عن تأييد معلن منه لعمرو موسى لصالح حسن، ثم تراجع عن تأييده لحسن نفسه بعد تفجر الخلافات داخله، كما أن جماعة الإخوان دخلت في جدل تنظيمي معقد بعد أن طالبتها قواعدها بإعلان تأييد مرشح منتمٍ للتيار الإسلامي ان لم يكن منتميا لها، وهي تواجه مأزقين: الأول أنها تعهدت بعدم خوض انتخابات الرئاسة حتى قبل أن يتنحى مبارك، والثاني أنها فصلت عضو مكتب الإرشاد السابق عبد المنعم أبوالفتوح، لأنه أصر على خوض الانتخابات ولا تريد أن تمنحه تأييدها. في الوقت ذاته هناك قطاعات عريضة من الأعضاء الشباب في الجماعة وقعوا له في مكاتب الشهر العقاري «إقرارات تأييد موثقة» ويصرون على أن يكون مرشحهم بغض النظر عن تعليمات الجماعة.
اللحظة التي أصدرت فيها جماعة الإخوان بيانها، وهو مفصلي وتاريخي لا شك في ذلك، بغض النظر عن كونه سلبيا أو إيجابيا، كانت تواجه فيها التحديات التالية:
- اصطدامها بحائط صد دستوري يمنعها من أن تقيل الحكومة التي لا يمكن إلا أن يقيلها المجلس العسكري إذا أراد بموجب صلاحياته من الإعلان الدستوري، الذي لم يعط للأكثرية البرلمانية حق تشكيل الحكومة أو سحب الثقة منها.
* اصطدامها بظروف واقعية تمنعها عمليا من أن تذهب إلى حد إقالة الحكومة وتشكيل حكومة بديلة قالت الدعاية الإخوانية إنها سوف تكون ائتلافية، أولا، لضعف وشح الكوادر التي يمكنها أن تدير عملا بهذه الضخامة هي لم تعتد عليه، وثانيا، لأن هناك قدرا كبيرا من الأزمات كفيلا بأن يسقط أي حكومة ائتلافية أو غير ذلك. أن هذا يجعل الجماعة لا تتشجع في أن تقدم على تلك الخطوة في هذا التوقيت الذي مهما تأخر فإنه سوف يأتي.
* اصطدامها برأي عام غاضب، يواجه كل يوم أزمة جديدة، سواء في طوابير الخبز الممتدة، أو شح الوقود المتكرر، أو قطع الطرق وانفلات الأمن الذي يثير ارتباكا ويطعن في الاستقرار، او ارتفاع معدل التضخم وزيادة الأسعار وتراجع الاحتياطي النقدي، في وقت تم إقناعه فيه بأنه بمجرد انتخاب مجلس الشعب فإن حياته سوف تتغير. لقد أدى هذا إلى نشوء انتقادات عنيفة للجماعة أكثر من غيرها، خصوصا أن عملية بث جلسات مجلس الشعب تلفزيونيا على الهواء خلقت انطباعا عاما بضعف الأداء وصولا إلى اتهام الجماعة وحزبها السياسي بأنه لا يختلف كثيرا، إن لم يكن أسوأ، في الأداء عن الحزب الوطني المنحل الذي كان يسيطر على الأغلبية في عصر مبارك.
ما عضد من هذه الوضعية الأخيرة، أن المجلس العسكري الأعلى، الذي كان قد تعرض لهجوم ضار من القوى اليسارية، دون أن يجد سندا من جماعة الإخوان، كان قد أعلن تسليم الاختصاصات التشريعية التي اضطلع بها في الفترة الانتقالية بمجرد أن عقد مجلس الشعب جلساته في الأسبوع الثالث من يناير الماضي، ثم تراجع بعيدا عن المشهد، وتوقف عن التعاطي المباشر مع الشؤون العامة التي تصدر مشهدها الإخوان بأنفسهم.
* اصطدام الإخوان بعدد من القوى السياسية التي تتحفز لمعركة كتابة الدستور وتوقعت أن يتم استبعادها من الجمعية التأسيسية لصالح ممثلي التيار الديني ممثلا في «الحرية والعدالة» وحزب «النور» السلفي، ما يهدد بأجواء تربك العملية برمتها ومصداقيتها وشرعيتها والرضا العام عنها، وهو ما عبر عن نفسه فعليا في ثلاثة مظاهر أولية، منها الضغوط التي مورست معنويا قبل تشكيل الجمعية، ثم انسحاب أعضاء البرلمان الممثلين لأحزاب مدنية من التصويت على تشكيل الجمعية، وانسحاب أعضاء انتخبوا في الجمعية التأسيسية للدستور يتوقع أن يتزايدوا يوما تلو آخر، ما يفقد الإخوان أهم مكون يحرصون عليه في سياقهم، وهو أنهم لا ينفردون بالحراك السياسي وما يسقط شعارهم المعلن: «مشاركة لا مغالبة».
* اصطدام الإخوان بكوادرهم الراغبة اللاهثة وراء المكاسب السياسية المتعجلة، سواء على مستوى الرغبة في ملء الوظائف والمواقع، أو على مستوى الضغط على الجماعة من أجل مساندة مرشح للانتخابات الرئاسية. وهذا نوع من الصدام يهدد الكيان برمته، خصوصا إذا كانت هناك احتمالات - ولو ضئيلة - بأن يؤدي بروز مرشح إخواني سابق مثل أبو الفتوح إلى حدوث انشقاق في الجماعة أو على أقل تقدير تعرض قاعدة «السمع والطاعة» إلى اختبار حقيقي لا تقوى على الصمود فيه.
* اصطدام الجماعة بضغوط القوى الأخرى المنتمية لمعسكر التيار الديني، التي إما أنها تريد من الجماعة أن تتخلى عن براغماتيتها السياسية، أو تزايد عليها في مواقف مختلفة بقصد أن تسحب منها البساط في الشارع السياسي المتعاطف مع تلك الاتجاهات. وهذا يهدد بأن تفقد الجماعة قيادة تلك القوى، فتذهب كل منها في اتجاه بدلا من أن تحرص على التنسيق مع الإخوان، وهو أيضا أمر له تبعاته السياسية على مستويات مختلفة.
وسط هذه التحديات العصيبة أصدرت الجماعة بيانها العنيف، لاجئة إلى أسلوب وضعها في خندق مضاد بينما كل القوى السياسية تتحدث وهمًا عن تنسيق عميق بينهما وصل إلى درجة التحالف، واضطرت الجماعة لأن تضحي بهذا الانطباع كاشفة عن أن هناك مشكلات في الحوار مع المجلس العسكري، وليس فقط فضح عدم وجود تحالف من ذلك الذي تتداوله الترديدات.
إن السؤال المحوري هنا، الذي يفتقد إلى معلومات تلبي مقومات إجابته، هو: هل كانت هناك صفقة متكاملة بين الجيش والإخوان، خرج منها طرف على الآخر، أم انه لم تكن هناك صفقة على الإطلاق؟.. المؤكد أن التفاهم الضمني على بعض قواعد اللعبة لم يصل إلى ما يمكن وصفه بأنه تحالف متكامل الأركان.
كان من الممكن، وربما هذا ما توقعته جماعة الإخوان، أن يترك المجلس العسكري لحكومة كمال الجنزوري الرد على بيان الإخوان، وتنتهي الأزمة عند هذا الحد، وتكون الجماعة قد سجلت نقطة تقدم لها طوق إنقاذ سياسي ولو موقت يعبر بها مرحلة الجدل حول «تأسيسية الدستور»، لكن «العسكري» خالف التوقعات ومضى إلى المواجهة مباشرة، متجاهلا حتى وجود الجماعة التي لم يذكرها بالاسم في البيان، مسميا إياها بـ «إحدى القوى السياسية» ما يعني أنه أعادها في تعريفه إلى واحدة من مكونات الساحة وليس قوة لها الغلبة والسيطرة كما كان ينظر إليها من قبل.
اصطاد «العسكري» الجماعة من مكامن عدة:
أولا: وضعها في «مخنق» عدم المصداقية حين ذكر الرأي العام بأنه هو الذي أدار الانتخابات التشريعية بشفافية ونزاهة شهد بها الجميع، وأفرزت «القوى السياسية الحالية بمجلسي الشعب والشورى» في إشارة صريحة إلى الإخوان. ومن ثم فإنه لم يقبل التشكيك في النوايا إزاء نزاهة الانتخابات الرئاسية والاستفتاء الشعبي على الدستور.
ثانيا: وضع الجماعة في نقطة صدام مع السلطة القضائية من حيث إنه لا يقبل الإساءة إلى القضاء المصري أو القول بأنه خاضع للسلطة التنفيذية.
ثالثا: أظهر الجماعة بأنها راغبة في عدم الفصل بين السلطات وتتجاوز صلاحياتها البرلمانية من خلال المؤسسة التشريعية.
رابعا: اتهمها بأنها تسعى إلى «مصالح حزبية ضيقة»، على حساب قدسية القضاء.
وفوق ذلك فإن المجلس العسكري مضى إلى تسجيل نقاط مؤثرة في اتجاهات أخرى:
1 - إنه لم يتراجع عن تمسكه بحكومة الجنزوري وقال إنه ملتزم بالأعراف الدستورية والقواعد الملزمة، أي أنه لن يتخطى صلاحياته ولن يتنازل عنها لمجلس الشعب.
2 - لم ينف وجود وضع قضائي ودستوري مقلق حول مصير مجلس الشعب، الذي يواجه مجموعة من الطعون أمام محكمة النقض وقضية تطعن في دستوريته أمام المحكمة الدستورية العليا.
3- خاطب الرأي العام ليس من حيث كونه المجلس الأعلى وإنما من حيث إنه «القوات المسلحة وقياداتها العليا» مقدما الذراع العسكرية على القيادة القانونية والسياسية.
4- لوح بوقائع التاريخ وقال في واحدة من أهم عبارات البيان : «إننا نطالب الجميع بأن يعوا دروس التاريخ لتجنب تكرار أخطاء ماضٍ لا نريد له أن نعود» وهي عبارة لها معناها في ظل مناخ يستدعي دائما سيناريو أحداث 1954 حين أطاح الضباط الأحرار بشركائهم من الإخوان من قسمة الحكم وألقوا بهم في غياهب السجون.. وهو أمر قد لا يتكرر بالصورة نفسها ولكن تفاصيله تم استحضارها في بيان ذكر بوقائع تاريخ :لا نريد له أن يعود:
ما نتائج هذا السجال، أو للدقة القصف المتبادل، على الساحة السياسية المصرية في ما قبل انتخابات رئاسة الجمهورية وصياغة الدستور؟ بالتأكيد هناك تبعات عديدة.
النقطة الأهم أنه خلال لحظة انهار رصيد الثقة بين القوة العسكرية التي تهيمن بموجب الإعلان الدستوري على السلطة في الدولة وبين القوة السياسية الأبرز. حتى لو كانت هذه الثقة هشة، وحتى لو كانت لم تختبر من قبل، فإن وجود ما توحي بها كان كافيا لأن يعطي انطباعا بإمكانية التفاهم بين المجلس العسكري والإخوان... لكن هذا الوضع الناشئ يعني أنه لا يمكن استعادة تلك الثقة ببساطة.
هذه بالتالي أزمة مصيرية، حتى لو هدأت وأخرجت من سياق القصف العلني، ذلك أنها تتعلق بالصدام المباشر بين مشروعين متناقضين: احدهما، يرى أنه القيم على وضعية الدولة والاخر، كيان غير رسمي متغلغل في المجتمع يرى نفسه القيم على ما يسميه المشروع الإسلامي، كما أنه صدام بين كيانين مغلقين تموج داخلهما الأسرار احدهما ذو طبيعة أمنية، والاخر ملتزم بطبيعة وخصائص تقليدية سرية بدورها، وبين قوتين كل منهما تعتقد أنها تحظى بتأييد عارم من المجتمع لا جدال فيه.
النقطة الثانية ان هذا القصف المتبادل وضع الجماعة في ركن خاص بها بينما هي تعاني من هشاشة الجسور بينها وبين القوى السياسية الأخرى، ولابد أن ذلك سوف يثير توجس حزب مثل الوفد يميل حاليا إلى الاتساق مع مواقف المجلس العسكري، وقوة مثل السلفيين ينحون بطبعهم ومعتقداتهم الفكرية إلى ألا يواجهوا السلطة، ناهيك عن أن القوى اليسارية والمدنية التي تسميها الجماعة بالعلمانية ليس لديها ثقة في نواياها وتصر على اتهامها المتكرر بالسعي إلى الاحتكار السياسي وإقصاء الآخرين.
النقطة الثالثة، أن على الجماعة أن تخوض وحدها الجدل حول صياغة الدستور دون مساندة علنية أو سرية من «العسكري»، في مواجهة حملة سياسية وإعلامية عنيفة وحادة.
النقطة الرابعة، أن هذا الموقف إنما يدفع في اتجاه صعوبة كبيرة لكي تصل الجماعة بالدستور إلى إقرار دولة ذات نظام برلماني - رئاسي، إذ ستجد كثير من القوى أن عليها أن تدفع في اتجاه النظام الرئاسي الذي يحفظ قدرا من التوازن حتى لو تم تقليص صلاحيات الرئيس بشكل ما... حتى لا تتاح فرصة للجماعة أن تنفرد بكل المقدرات من خلال السلطة التشريعية.
النقطة الخامسة، أن الجماعة عموما والأكثرية التي تمثلها في البرلمان لديها مشكلة حقيقية مع السلطة القضائية الآن، إذ لم يتوقف الأمر عند حد تجاوز الاختصاص أثناء مناقشات مجلس الشعب وتوجيه الانتقادات إلى الأحكام والقرارات القانونية، بل وصل هذه المرة إلى اتهام السلطة القضائية بأنها تخضع لتعليمات ونفوذ السلطة التنفيذية.
يعني كل هذا أن هناك مأزقا ضخما اندفعت إليه جماعة الإخوان، وتصعيدا كبيرا ربما لم تكن تخطط له بالتبعات نفسها، حيث وجدت نفسها برلمانيا في مواجهة سلطتين (القضائية والتنفيذية) بخلاف الإيحاء بأن الرئيس المقبل سوف يأتي من انتخابات مزيفة، ووجدت نفسها كذلك في مواجهة مع قوى سياسية كانت تفضل أن تظل تتفاعل في سياقها، لكن هذا السياق مهدد بالانفراط. هذا فضلا عن أن الإعلام الضاري سوف يجد في ما جرى فرصة كبيرة وإغوائية من أجل اذكاء نار الخلاف التي لا تحتاج أصلا لاذكاء..

 

 

 

الطائفية والانتفاضة الحاصلة في سوريا... الدروز نموذجاً
موقع إيلاف...أشرف أبو جلالة من القاهرة
القاهرة: بدأ يدور نقاش محتدم بين خبراء سوريين بشأن الدور الذي تلعبه الطائفية في الانتفاضة التي تشهدها سوريا حالياً. فهناك كثيرين يؤكدون تماماً على أنها ليست السبب الرئيسي وراء الأحداث، التي نشبت كرد فعل من جانب الحشود الفقيرة، بغض النظر عن الطائفة، على الحرمان الاقتصادي والفساد المتفشي والظروف الاستبدادية القاسية.
واعترف بعض من هؤلاء الخبراء أن هناك بعداً طائفياً، لكنهم ألقوا باللوم على النظام، الذي يحاول لأسباب خاصة به أن يثير أحقادا طائفية ليس لها وجود، من أجل صرف الانتباه عن المظالم المبررة للمعارضة. وذلك في الوقت الذي يقوم فيه أيضاً أنصار تيار المعارضة، من جهتهم، بجهود هدفها التخفيف من حدة العنصر الطائفي، وهو ما يرجع جزئياً إلى أنهم يريدون طمأنة المواطنين غير السنة؛ ولأنهم يفهمون إلى حد ما أن الرأي العام الغربي ينفر من دور الدين والطائفية في المجتمع.
وهنا، أشارت صحيفة "هفنغتون بوست" الإلكترونية الأميركية إلى أن حقيقة الموقف على أرض الواقع هي أن الحكومة والمعارضة مخطئتان، وإن كان ذلك لأسباب متناقضة تماماً. وتابعت الصحيفة بقولها إن الطائفية موجودة الآن، لكن ليس باعتبارها قوة الدفع الوحيدة للانتفاضة، وإنما باعتبارها القوة الرئيسية بالتأكيد. وأضافت أن القرى والمدن السنية في جميع أنحاء البلاد هي محور الاحتجاجات.
ما جعل الصحيفة تقول إنه من الصواب الإشارة إلى الانتفاضة باعتبارها نابعة من أغلبية سنية ضد نظام مبني على دعم أقليات غير سنية، سواء كان ذلك بالسلب أو بالإيجاب.
ومن بين تلك الأقليات فئة الدروز، التي يقدر عددها بحوالي مليون شخص ( 4 إلى 5 % من إجمالي عدد السكان )، والذين يتمركزون بشكل أساسي في منطقة جبل الدروز بجنوب سوريا، وإن كانوا يتواجدون أيضاً في دمشق وحلب. ثم أشارت الصحيفة إلى أن الدروز سبق لهم أن لعبوا دوراً هاماً في تاريخ سوريا، سواء الماضي أو الحاضر. فأثناء الانتداب الفرنسي على سوريا، حظي الدروز بدولة مستقلة على مدار أربعة أعوام، لكن تدخل الفرنسيين في شؤونهم أدى إلى حدوث تمرد، قادته عائلة الأطرش الحاكمة، التي انتشرت فيما بعد بباقي أجزاء سوريا، وبات يعرف ذلك التمرد بـ "الثورة السورية الكبرى"، كما وصفها القوميون السوريون.
وبعد مرور 11 عاماً، وتحديداً في العام 1936، بدأ الفرنسيون مفاوضات من أجل منح الاستقلال إلى سوريا، ثم طلبت عائلة الأطرش ومعظم الدروز في الجبل الحصول على حكم ذاتي، نتيجة لتخوفهم وقلقهم من مستقبل الحكومة السنية المستقبلية في دمشق.
وقالت الصحيفة في هذا السياق كذلك إن الإسهام الأكبر من جانب عشيرة الأطرش في القومية والثقافة العربية كانت للمطرب الشهير، فريد الأطرش، الذي يعد واحداً من أبرز رموز الموسيقى العربية. ثم عاودت تقول إن الدروز تصرفوا في عامي 1925 و 1936 من أجل دعم ومناصرة مصلحتهم الطائفية. وبعد إعلان استقلال سوريا عام 1945، استمر الدروز في لعب دور هام حتى منتصف ستينات القرن الماضي، حين تم سحق ثورة قادها ضابط درزي يدعى سالم حتوم من قبل الحكومة البعثية الجديدة في دمشق.
ولم يسفر عن ذلك عن تكون نظام قمعي في جبال الدروز، بل تضافرت الجهود بين البعثيين والعلويين لدمج الدروز في النظام الذي أصبح ائتلافاً من الأقليات غير السنية. وتهيمن حالة من الهدوء منذ ذلك الحين على الأماكن التي يعيش بها الدروز حالياً.
ثم نوهت الصحيفة إلى الموقف المعارض الذي يتخذه الزعيم الدرزي اللبناني الشهير، وليد جنبلاط، تجاه نظام الأسد. وأضافت أنه ولكي يحتفظ بأوراق اعتماده على صعيد القومية العربية، فقد قارن جنبلاط بين النظام الحالي في دمشق وبين إسرائيل. لكن الصحيفة أوضحت أن موقف جنبلاط ليس الصوت الدرزي السائد أو بالضرورة المهيمن في لبنان بخصوص الأحداث التي تشهدها سوريا في الوقت الراهن.
وختمت الصحيفة بالخبر الذي نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية بخصوص الزيارة التي قام بها مؤخراً وفد من قيادات دينية درزية لبنانية لنظرائهم في سوريا، وإشادتهم برفضهم الانضمام إلى الانتفاضة ودعوتهم إلى إجراء حوار وطني في سوريا.

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,355,610

عدد الزوار: 6,988,190

المتواجدون الآن: 73