تقارير...لهذه الأسباب قد يتأخر الحريري في العودة...مهرجان خطابي هابط...

روسيا والصين: ضمانة النظام العالمي أم دماره؟...تحذير: البحرين...مملكة البحرين... وواقع الأفق المسدود..«القاعدة» في أبين: ورقة يمنية ـ أميركية دائمة ضد «عدوّ مرحلي»؟

تاريخ الإضافة السبت 21 نيسان 2012 - 7:31 ص    عدد الزيارات 1990    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

لهذه الأسباب قد يتأخر الحريري في العودة
يوم قرّر الرئيس سعد الحريري مغادرة لبنان، لم يكن التهّرب من المسؤوليات هو الدافع، بدءاً من إدارة دفّة تياره السياسي العريض، مروراً بالمرحلة الصعبة التي يعيشها لبنان، وصولاً إلى الدعم المعنوي الكبير الذي يعطيه حضوره لمناصريه ومؤيديه المنتشرين على مساحات الوطن.
الجمهورية...علي الحسيني
في نهاية شهر شباط من العام الماضي، أبلغَت جهات أمنية لبنانية وخارجية رفيعة المستوى الحريري بضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة، بعد الكشف عن خيوط لم تكن مكتملة المعالم في حينه، أدّت إلى إحباط محاولة اغتيال قد يتعرّض لها، وقد جرى التكتم عن تفاصيل هذه الخيوط وعن وجود أدلة أو قرائن في هذا الشأن.
لكن المؤكد أنّ كشف تلك الخيوط أحبط المحاولة في مهدها، ليُطلب بعدها من الحريري مغادرة البلاد حرصاً على أمنه الشخصي، إلّا أنه واجه هذا الطلب بالرفض، قائلاً: "لن أترك لبنان ودمي ليس أغلى من دماء والدي ودماء الشهداء الذين سقطوا معه وفي عهده".
في البداية، رفض الحريري مغادرة البلاد، وتقول مصادر مقرّبة منه لـ"الجمهورية" إنه تمسّك بموقفه في ذلك الحين "حتى طلب منه فريق أمنه الشخصي المغادرة لأسباب عدة، أوّلها أنه يستحيل حمايته بشكل كامل في ظل الأوضاع التي تمرّ بها البلاد، خصوصاً أن النظام السوري كان مستعداً في بداية الثورة لفعل كل ما هو ممكن لإزاحة الحريري عن الواجهة السياسية اللبنانية، لِما يمثل من دعم معنوي لأبناء المناطق المنتفضة في وجه النظام".
وتذكّر المصادر أنّه "أثناء وجود الحريري خارج البلاد، لم يترك بعض الإعلام لحظة واحدة إلّا واستغلها من اجل ملاحقته، مع العلم أننا لم نتّهم هذا الإعلام بالعمل لإلحاق الضرر بالحريري "لا سمح الله"، لكن كل هذه الأمور كانت تثير الريبة وتدعو فريقه الأمني إلى أخذ المزيد من الاحتياطات لإبقائه بعيداً عن أعين راصديه"، متوقفة في هذا الإطار عند "محاولة الاغتيال التي كانت تُحضّر منذ أشهر قليلة لاغتيال المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ورئيس شعبة المعلومات العميد وسام الحسن عن طريق سيارتين مفخّختين، قبل أن يُصار إلى كشف المخطط".
وتجزم المصادر أنّ كل الذي حصل منذ مغادرة الحريري لبنان وصولاً إلى محاولة اغتيال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، "يؤكد أن النظام السوري أوعزَ مجدداً إلى جماعاته الداخلية والخارجية ببدء عمليات التصفيات الجسدية في حق رموز قوى الرابع عشر من آذار وكوادرها في وقت تفصلنا سنة واحدة عن أهمّ "استحقاق انتخابي"، لافتة إلى أن "المخطط يقضي بإفراغ الساحة السياسية اللبنانية من الرموز المناهضة للنظام السوري، وتخويف الناس من الإقبال بكثافة على الانتخابات من أجل توليد حكومة سورية المنشأ على رأسها شخص "أسدي" الفكر والهوى".
وتؤكد المصادر أنّ "النظام السوري وملحقاته لن يتأخروا لحظة واحدة في حال تمكنوا من إسقاط رموز المعارضة اللبنانية، لأنّ هذا الأمر يسهّل عليهم إدارة البلاد بالشكل الذي يريدونه هم، لا أغلبية الشعب اللبناني، ومع هذا فإننا لن نعطيهم هذه الفرصة حتى لو اضطررنا إلى العودة إلى الأماكن التي كنا نحتمي فيها بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والانتخابات المقبلة ستؤكد لهم مجدداً خيار الشعب اللبناني".
وتحذّر المصادر من أنّ "هناك معلومات شبه مؤكدة تقول إنّ النظام السوري لن يتوانى عن تنفيذ جرائم اغتيال جديدة قد تطاول بعض الشهداء الأحياء من أجل طمس الحقيقة التي ما زالوا شاهدين عليها، خصوصاً أن نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني الأسبق الياس المر أكد مراراً رؤيته الشخص الذي يعتقد أنه وراء محاولة اغتياله"، مشدداً على أنّ "النبرة السياسية المرتفعة للنظام السوري وبعض ملحقاته في لبنان ضد هذه الرموز الوطنية شبيهة جداً بتلك الحقبة التي سبقت تعرّضهم لمحاولات الاغتيال".
وعلى رغم عدم تقليص عديد عناصر القوى الأمنية في حرس الحريري، إلّا انه لا يزال المُستهدف الأول. وهنا، تشدّد المصادر على أنه "معرّض أكثر من غيره لخطر كبير في حال قرر العودة، لكنه ما دام في الخارج فهو بأمان اكثر ولا خوف على حياته".
وتضيف: "لا شيء يضطره إلى العودة خلال هذه الفترة، طالما أنه يتمتع بهذه المكانة الكبيرة لدى معظم الشعب اللبناني عموما، وداخل الطائفة السنّية خصوصاً، فلبنان ليس ساحة فِعل إنما ساحة صَدى، لأنّ الفعل هو في مكان آخر وأكبر من قدرتنا وإمكاناتنا"، معتبرة أن "العمل السياسي في هذا البلد يبقى تفصيلاً، لأنّ التحولات في المنطقة تفوق حجم أي عمل سياسي عندنا".
وتختم المصادر بالقول إن وضع النظام في سوريا "يشبه إلى حد ما الدجاجة المذبوحة التي تتخبط في الهواء وعلى الأرض، وهو مستعد لأن يأخذ كل ما يوجد في طريقه ظنّاً منه أنّها قد تعيد إليه الحياة، متناسياً أن هذا التخبّط هو نتيجة دنو أجله فقط لا غير، وبالتالي فإن المطلوب من كل القوى الوطنية تمرير هذا الوقت المتبقي بأقل الأضرار الممكنة".
 
مهرجان خطابي هابط
الجمهورية...جورج علم
ورد الخطاب من أوستراليا، إنه من نتاج المتداول في ساحة النجمة. حمل رئيس الجمهورية معه وعوداً الى المغتربين سئموا من تكرارها، كان من المفيد جدّا أن يقف أمام أبناء «مرقد العنزة» الذين تركوا الديار نتيجة البطالة والفساد، وخاطبهم قائلا: «اليكم قانون الجنسيّة، فاستعيدوها. اليكم قانون الانتخاب، فساهموا في تجديد الحياة السياسيّة في وطنكم، ومارسوا حقكم»، لكن الخطاب كان انعكاسا لحال لبنان، وضعية مأزومة متوترة رصيدها الكيديّة، وجلد الذات.
كان الرئيس صادقاً مع نفسه، ومع المغتربين، خاطبهم من وحي الخطاب المتداول في ساحة النجمة، لم يكن المهرجان الخطابي الذي نظّمه الرئيس نبيه بري «بالصوت والصورة» في مقرّ مجلس النواب مشرقاً وأكثر واقعيّة من خطابات الرئيس أمام مغتربي أوستراليا، مهرجان من دون نجوم، من دون جمهور، من دون مصفّقين، كان هابطاً بالجملة والمفرّق. هابط بمستواه الأخلاقي والأدبي حيث القدح والذمّ والحقد والكيديّة، وهابط بمضمونه وإيحاءاته حيث القحط والفراغ والسطحيّة. كان مهرجان العيوب كلها، لم يطرح تصوّراً لمعالجة مشكلة متفاعلة، لم يأت على مقاربة موضوعيّة للأخطار المحدقة بالساحة اللبنانية نتيجة الربيع العربي، وتحديداً الربيع السوري، بل تميّز بظاهرة «ببغائيّة»، حيث عمدت الغالبيّة الى إعادة صياغة ما أعلنته بالمفرّق، لتعيد تكراره بالجملة ضمن خطاب شامل عبر المرئي والمسموع والمكتوب.
ما بين خطاب أوستراليا وخطاب ساحة النجمة مساحة واسعة من الفراغ، فيما الوطن يئن تحت ثقل الجاثمين على صدره، أكثر من نصف مليون لاجىء فلسطيني يقبعون منذ عقود سبعة، باسم «الاعتبارات الإنسانيّة»، وقد تمكنوا في ما بعد، وباسم «الاعتبارات المذهبيّة والطائفيّة» من إقامة مربعاتهم الأمنية والسياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة الخارجة عن سيادة الدولة، وهيبة القانون، والقضاء. الآن يطالبون بحق العمل، وحق التملّك، وحق الحصول على الجنسيّة لمَن يرغب، فيما النزف الوطني يستمر وتتصاعد وتيرته حيث يغادر لبنان سنويّاً عشرات الألوف من الشباب اللبناني الجامعي الى الخارج، لاهثين وراء فرصة عمل، قد تتحوّل الى إقامة دائمة.
وباسم «الاعتبارات الإنسانيّة» يستقبل لبنان اليوم ألوفاً من النازحين السوريين - ( ليس من إحصاء دقيق) - والحبل على غاربه. بالطبع لا يمكن طمس المعاناة، ولا التصرّف بشكل مغاير للانتساب الأخلاقي، الوجداني، الحضاري، « فالجار للجار ولَو جار»، والوضع الإنساني طاغ في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ بها سوريا، ولا يوجد حتى الساعة مشكلة عويصة على هذا الصعيد تجاوزت الخطوط الحمر، والقدرة على الاحتمال. إنما القلق المشروع والمبرّر ليس مرتبطاً بما هو حاصل على أرض الواقع، بل بالمستقبل الآتي، خصوصا إذا ما حمل في أحشائه بذور حرب أهليّة مفتوحة على كل الويلات والخيارات الصعبة الانتحاريّة، بحيث تدفع بعشرات، لا بل بمئات الألوف من النازحين الى لبنان، فأيّ قدرة؟ وأيّ طاقة على الاحتمال حتى باسم «الاعتبارات الإنسانيّة؟!».
وشرّ البليّة أن تفشل مهمّة كوفي انان، ويغضّ المجتمع الدولي الطرف، ويندفع الانهيار على نحو غير مسبوق، وينطلق التوظيف السياسي من «الاعتبارات الإنسانيّة»، لينال من «الاعتبارات الوطنيّة»، وينطلق معه الاستثمار في الطائفيّة والمذهبيّة والفئويّة والمناطقيّة، وتنشأ حسابات انتخابيّة وفق البيئات السياسيّة - الاجتماعيّة الجديدة، مع جمع وطرح وقسمة وتقسيم على خلفية أن الشريط الحدودي الممتد ما بين بريتال البقاعيّة ووادي خالد الشماليّة مؤهّل لأن يتحوّل الى مستوعب بشريّ كبير من النازحين، ويشهد ولادة «حزب الله السنّي - السلفي - الأصولي - الإخواني» المدعوم تمويلاً وتسليحاً من دول مجلس التعاون الخليجي، وعقائديّا من أيمن الظواهري وتنظيم «القاعدة»، ليواجه «حزب الله الشيعي اللبناني - الإيراني - السوري».
لم نجد في مهرجان ساحة النجمة أيّ مقاربة سياسيّة موضوعيّة لمواجهة هذا الاحتمال الذي بدأ يفرض أمراً واقعاً على الأرض باسم الاعتبارات الإنسانيّة، ويترك المزيد من الاعتبارات الأخرى على مستوى التوظيفات المناطقيّة والفئوية والطائفيّة. لم نسمع بأيّ حلول موضوعيّة لتلافي مخاطره الأمنيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والبيئيّة والاجتماعيّة، في ما لَو انزلقت الأوضاع في سوريا نحو الأدهى.
سمعنا في مهرجان ساحة النجمة خطاباً ينمّ عن أرفع مستوى هابط للأدب السياسي، وشاهدنا طاقما نيابيّا تتميّز غالبيته بمواصفات تؤكد بأن لا أمل بقيامة لبنان، ولا بدّ من حوار، ومن طاولة حوار للتفاهم على التغيير وفق آليات النظام الديموقراطي، ومن خلال المؤسسات الشرعيّة... قبل فوات الأوان؟!.
 
مملكة البحرين... وواقع الأفق المسدود
(فرانس برس)
تتعاظم في البحرين التي تستضيف سباق «الفورمولا واحد» الأحد المقبل، مخاطر الانزلاق نحو العنف مع تصعيد المعارضة احتجاجاتها ورفض السلطة تقديم تنازلات حقيقية، وذلك في خضّم احتدام الصراع الاقليمي الطائفي والسياسي.
تحظى أسرة آل خليفة السنية الحاكمة بدعم شركائها الخليجيين، وخصوصا السعودية، وبغض طرف الولايات المتحدة عن الاحتجاجات الشيعية في هذه المملكة الصغيرة التي تؤوي مقر الأسطول الأميركي الخامس. ويعزز هذان العاملان واقع الأفق المسدود في البحرين بحسب المراقبين. وقال يوست هيلترمان من مجموعة "الأزمات الدولية" التي أصدرت مؤخراً تقريراً وصفت فيه السباق بأنّه "قنبلة موقوتة" لتأجيج العنف في البحرين، "هناك تصعيد واضح". وبحسب منظمة "العفو" الدولية، قتل 60 شخصا في البحرين منذ بدء الاحتجاجات التي قادتها الغالبية الشيعية المطالبة بالتغيير في شباط 2011. وخلصت لجنة تقصي حقائق مستقلة إلى أنّ 35 شخصا قتلوا خلال الاحتجاجات في شباط واذار 2011، وأنّ السلطات استخدمت فيها القوة المفرطة ومارست التعذيب. وأضاف هيلترمان: "أنّ الطريق المسدود سياسيا مستمر"، مشيرا الى أنّ السلطات "تتجنب تطبيق التوصيات الاساسية لتقرير لجنة تقصي الحقائق، وخصوصا في مجال الإصلاحات السياسية". الا أنّه شدد على أنّ للازمة في البحرين أبعاداً اقليمية.
وعلى خلفية أزمة البحرين، ترى القوى الاقليمية السنية، وخصوصا السعودية، أنّ أي انتصار للمعارضة الشيعية يحسب في ميزان القوى لمصلحة الخصم الاقليمي إيران ويغير التوازن القائم. وأرسلت دول الخليج وعلى رأسها السعودية في آذار 2011 قوات الى البحرين لحماية المنشآت الحيوية، والسماح لقوات الأمن البحرينية بالتركيز على وضع حد للاحتجاجات. أمّا واشنطن، فقد اكتفت بتنديد خجول بقمع التظاهرات في هذا البلد الذي يفترض ان يلعب دوراً أساسياً في حال وقوع حرب مع إيران.
وقال هيلترمان: "الولايات المتحدة لا تريد اغراق السفينة، لأنّ البحرين تشكل عنصراً أساسياً في منظومتها لأمن الخليج"، أمّا السعوديون "فهم يمسكون بالبحرين من الخاصرة الاقتصادية الضعيفة". وتعد السعودية سندا مهما للبحرين التي اضمحلت مواردها النفطية.
وقالت الباحثة في معهد "الدراسات الدولية والاستراتيجية" الهام فخرو: "تبدو البحرين اليوم مسرحا" للمواجهة بين السعودية وايران، كما أنّ البحرين "حليفة استراتيجية للقوى الغربية". والبعد الطائفي للأزمة البحرينية يبدو العائق الاكبر أمام تحقيق الاصلاحات التي تطالب بها المعارضة، وخصوصا رحيل رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان الذي يشغل منصبه منذ اكثر من 40 سنة. وتعزز الأزمة في البحرين مخاوف دول الخليج من انتفاضة شيعية، تعطي إيران موطئ قدم في المنطقة.
وتعاملت السلطات السعودية بدورها مع احتجاجات شيعية في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، والتي ترتبط بالبحرين بجسر. وقال سلمان شيخ مدير مركز "بروكينغز" في الدوحة: "إنّ المخاوف هي قبل كل شيء ذات طابع طائفي".
وحذّر شيخ من أنّ الحائط المسدود قد يساهم في "تشدد الشباب الشيعة والسنة"، مشيرا الى أنّ الأسرة الحاكمة في البحرين مقسومة "بين متشددين ومعتدلين". ويعدّ الملك حمد بن عيسى ونجله ولي العهد الامير سلمان من المعتدلين، بينما يعدّ رئيس الوزراء من المتشددين.
أمّا الخبير في شؤون البحرين مايكل شميدماير، فيرى أنّ السعوديين هم "عائق" امام ما يراه البعض مساع من قبل الملك حمد للتسوية مع المعارضة. وبحسب شميدماير، فإنّ المملكة "تتجه نحو انتفاضة جديدة ... وقد تكون هذه الانتفاضة بدأت".
 
تحذير: البحرين
مجموعة الأزمات الدولية....بروكسل |   17 ابريل 2012
خلف واجهة خادعة من الحياة الطبيعية، تنزلق البحرين نحو دوامة عنف خطيرة أخرى. وفيما تتصرف الحكومة كما لو أن التنفيذ الجزئي للتوصيات التي خرجت بها لجنة التحقيق المستقلة في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 (تقرير بسيوني) سيكون كافياً لاستعادة الهدوء، ثمة من الأسباب ما يكفي للاعتقاد بأنها مخطئة في ذلك. توقفت المفاوضات السياسية التي لا غنى عنها لتسوية الأزمة والتوترات الطائفية في تصاعد مستمر. ثمة حاجة ملحة للشروع في حوار حقيقي بين النظام والمعارضة وإلى تنفيذ كامل لتوصيات تقرير بسيوني لوقف هذا التدهور، فقد حان الوقت للتخلي عن الإجراءات الجزئية وانتهاج سياسة إنكار الواقع.
تقع الاشتباكات بين المحتجين الشباب وقوات الأمن كل ليلة. ويستخدم خلالها الشباب زجاجات المولوتوف فيما تلجأ قوات الأمن إلى استعمال الغاز المسيل للدموع، مما أودى بحياة عدد من المحتجين جراء استنشاق الغاز، على ما ذكر. كان انفجار قنبلة منزلية الصنع في العكر، وهي قرية شيعية شرق المملكة، وجرح سبعة من رجال الشرطة، بمثابة تجاوز عتبة هامة يمكن أن يتبعها ما هو أعظم. وقبل أن تتمكن السلطات من إجراء التحقيقات، قامت جماعات سنية موالية للحكومة بالانتقام من خلال تحطيم سيارتين وسوبر ماركت تملكها شركة أصحابها من الشيعة المتهمين بدعم احتجاجات شباط/فبراير 2011.
وفي خضم أحداث العنف، بما في ذلك وفاة أحد المحتجين الشباب بعد أن أُطلقت عليه النار من سيارة مدنية، بات هناك قنبلتين موقوتتين محتملتين. تتعلق الأولى باستضافة البحرين لسباق السيارات "فورميولا 1" لسيارات الفئة الأولى المقرر إجراؤه 22 نيسان/أبريل. إذ حذّر ائتلاف شباب «ثورة 14 فبراير» ، وهو مظلة تضم جملة من جماعات المعارضة التي تتمتع بولاء الأحياء الشيعية، بأنه سيعتبر المشاركين والرعاة وحتى المتفرجين حلفاء للنظام وأعلن بأنه لن يتحمل مسؤولية "أية ردود فعل عنيفة" خلال هذه الفعالية. كما تعهد مركز البحرين لحقوق الإنسان بالاستفادة من وجود السياح والصحفيين الأجانب لتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان. ويظهر اعتقال الحكومة لنشطاء حقوق الإنسان في 15 نيسان/أبريل أنها ستفعل كل ما بوسعها للحؤول دون ذلك.
رغم الخلافات الداخلية حول الحكمة من المضي قدما في إجراء السباق، ووسط الدعوات المتكررة من قبل المعارضة لإلغائه، فإن الاتحاد الدولي للسيارات، الجهة المنظمة لسباق "الفوميولا 1"، أعطى الإشارة النهائية للانطلاق في 13 نيسان/أبريل. يحاول النظام أن يجعل من السباق رمزاً للوحدة الوطنية ويراهن على رمزيته في عودة الاستقرار للبلاد. إلا أن العكس يحصل، إذ أنه يسلط الضوء على الانقسامات العميقة في المملكة، ويخاطر بصب الزيت على نار الأوضاع فيها.
أما القنبلة الموقوتة الثانية فتتعلق بمصير عبد الله الخواجة، الناشط المعروف في مجال حقوق الإنسان. بدأ الخواجة، الذي اتهم بمحاولة الإطاحة بالنظام بسبب مشاركته في مظاهرات العام الماضي، إضراباً عن الطعام منذ 8 شباط/فبراير احتجاجاً على إدانته وسعياً لإطلاق سراحه. ورغم الدعم الهائل الذي تحظى به قضيته في البحرين وفي سائر أنحاء العالم، فإن النظام لم يتراجع عن قراره. ومن المرجح أن تتسبب وفاته في تصاعد خطير في الأنشطة المناهضة للنظام.
إن المخرج الوحيد من الأزمة الراهنة يتمثل في العودة إلى الحوار والمفاوضات حول الإصلاحات السياسية الحقيقية، كما أوصى تقرير بسيوني. لم يظهر النظام درجة كبيرة من الحماسة للمفاوضات ولاسيما لمعارضة أنصاره لها، خشية أن يؤدي أي قبول بمقترحات المعارضة إلى تعريض مكانتهم وامتيازاتهم للخطر. يصر الطرفان على ضرورة وقف العنف قبل إمكانية الشروع في الحوار. وتجادل المعارضة بأن النظام غير جاد بشأن اسئناف الحوار، ناهيك عن الإصلاحات؛ وأنه نسف المفاوضات السرية التي عقدت في شباط/فبراير بتسريبها إلى الجمهور؛ وأنه أخفق في متابعة المطالب التي قدمتها المعارضة بعد شهر من ذلك بناء على طلب الحكومة.
للخروج من هذا المأزق والتحرك قدماً، ينبغي على الحكومة أن تنفذ بشكل كامل توصيات تقرير بسيوني، وأن تطلق سراح جميع السجناء السياسيين (بمن فيهم الخواجة) وأن تحاسب المسؤولين الكبار على استعمال القوة المفرطة والتعذيب. كما ينبغي أن تبدأ بإصلاح الأجهزة الأمنية، بما يضمن أن تعكس التركيبة السكانية للبحرين وذلك بإدماج أفراد من جميع الطوائف. أما المعارضة فينبغي أن تنبذ العنف بشكل أكثر وضوحاً مما فعلت في الماضي وأن تعلن استعدادها للمشاركة في حوار حول الإصلاح دون شروط مسبقة.
أما البديل فسيكون تصاعداً خطيراً في أعمال العنف وتعزيز لموفق المتشددين على كلا الجانبين. وفيما يمكن رؤية نقطة البداية لهذا الدرب في غاية الوضوح؛ إلا أن أنه من العسير رؤية إلى أين سيؤدي.
 
صالح «يحارب» هادي.. وواشنطن تمنع انفصال الجنوب
«القاعدة» في أبين: ورقة يمنية ـ أميركية دائمة ضد «عدوّ مرحلي»؟
جريدة السفير...دنيز يمين
في اليمن أكثر من «ثورة». «ثورة» شبابية على نظام علي عبدالله صالح الذي لم يسقط بعد. «ثورة» جنوبية على صنعاء سعيا وراء «الانفصال» لا بل «الاستقلال». «ثورة» حوثية شمالية على واقع يمني قديم كرّس عزل الحوثيين عن النسيج الاجتماعي العام. «ثورة» قبلية على دولة ضعيفة، دفع اهتراؤها كل يمني إلى القول علناً «المجتمع اليمني مجتمع مسلح».. اما الأخطر وسط هذا الغليان، فهو «ثورة» يقال إنها «جهادية» ـ في الشكل على الأقل ـ اتخذت من محافظة أبين الجنوبية مركزا رئيسياً لاستهداف مفهوم «الدولة» وقتل الجنود اليمنيين منذ أعوام، تتبع التفجيرات الانتحارية والهجمات العشوائية أسلوبا تقنيا، وها هي تخرج اليوم عن نطاقها المحدود دون ان تطفئها الطائرات الأميركية بدون طيار.
الاشتباكات المتواصلة بين «أنصار الشريعة» والقوى العسكرية والقبلية في محيط أبين، عنوان امني بات يقلق اليمنيين أكثر من السابق خصوصا ان ما يبحثون عنه هو الإجابة على أسئلة عدة أبرزها: من المستفيد من إشعال المحافظات الجنوبية الأقرب إلى عدن بعد تولي عبد ربه منصور هادي الرئاسة؟ لا تتردد أصوات يمنية كثيرة في إلقاء اللوم على أقرباء صالح في زعزعة الجبهة الجنوبية، خصوصا أنهم «يعبثون في محيط أبين لإثبات فشل هادي في حفظ الأمن تأكيدا لمعادلة إما صالح وإما الفوضى». كلام كثير قيل في هذا المجال ربما لأنه أسهل الفرضيات وربما لان مؤشرات عدة تؤكد صحّته يوما بعد يوم. فآخر صيحات «تمرّد» مجموعة صالح على نص المبادرة الخليجية التي مضى على توقيعها 5 اشهر، رفض قائد القوات الجوية اللواء محمد صالح الأحمر، الاخ غير الشقيق لصالح، الانصياع لقرار إقالته، وقبله قائد المنطقة الجنوبية السابق مهدي مقولة، احد المخلصين للرئيس المعزول، والذي استدعى تنحيه الكثير من الأخذ والرد.
استفادة صالح.. «الدائمة»
يتكئ وزير المياه والبيئة اليمني عبد السلام رزاز على الفرضية المذكورة ليقول لـ«السفير» ان ما يجري في الجنوب «مشاكل قديمة.. معارك تظهر في أوقات معينة لأسباب مختلفة. اما الان فالسبب هو تضرر بعض القوى من عملية التغيير الحاصلة وتسهيل هذه القوى للاشتباكات الدائرة بين الجيش واللجان الشعبية القبلية الموالية له من جهة والمسلحين الإسلاميين من جهة أخرى، بقصد إرباك عملية التحوّل».
رزاز الذي يصف المعارك بـ«المحدودة» اذ تقتصر برأيه على جزء من محافظة أبين (العاصمة زنجبار)، (وذلك عكس ما تورده التقارير اليومية عن معارك توسعت إلى جعار ولودر ومودية وشبوة)، يرى ان «أنصار الشريعة ليسوا جزءا من قاعدة بن لادن بل تنظيم مصطنع، علما بأن هناك تواجدا لبعض أنصار بن لادن فيه. فالسؤال هو من سلّح هؤلاء ومن سلّمهم المعسكرات.. بالتأكيد ليس الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض». ويضيف «هو نظام صالح الذي يخسر كل يوم الكثير من مصالحه. لحظات السقوط التي يعيشها جعلت قائد القوات الجوية المقال يسرق الأسلحة من القوة الجوية ويوزعها هنا وهناك».
من الصعب قراءة نشاط «أنصار الشريعة» جنوباً بمعزل عن تاريخ «القاعدة» في اليمن. اذ تروي مراجع عدة ان نظام صالح احتضن الكثير من اليمنيين الذين عادوا الى البلاد بعد مشاركتهم في الحرب الافغانية-السوفياتية، فدُمج بعضهم في المؤسسات الامنية والعسكرية، إما بهدف «تنظيمهم» وإما لتكليفهم بمهمات خاصة اكثر سرية.
ملاحظة ينطلق منها الكاتب والناشط السياسي اليمني أمين اليافعي للتأكيد بأن «صالح لم يتوان تاريخيا عن استخدام اخطر الاوراق لمواجهة مناوئيه»، موضحا انه «استخدم العائدين من أفغانستان للتخلص من شريكه في الوحدة، الحزب الاشتراكي اليمني، بين عامي 1990 و1994، حيث تم تنفيذ الكثير من الاغتيالات في صفوف قيادييه، ثم استخدمهم في حرب الانفصال العام 1994 ضد الجنوبيين. وفي 2009، عندما نشبت الحرب بين النظام والحوثيين، سرت شائعات كثيرة تتحدث عن أن تنظيم القاعدة يقاتل في صفوف جماعة الحوثي» وذلك لتبرير افعال النظام. وتابع اليافعي «تكرر الأمر مع الحراك الجنوبي، يوم اعلن امير تنظيم القاعدة في اليمن ناصر الوحيشي تأييده لمطالب الانفصال!.. واخيرا مع الثورة الشبابية التي اتُهمت بإيواء عناصر من المتشددين»...
«مخطط» أميركي؟
لا يستبعد اليافعي في معرض اجابته على «من المسؤول عمّا يجري في الجنوب»، الربط بين فرضيتي تورّط صالح واستغلال اميركا للفوضى جنوباً لاهداف إستراتيجية، مرتكزا بذلك على معطيات ثلاثة:
1- قبل أشهر عدة، حين أحكم «أنصار الشريعة» سيطرته على أبين، شاعت أنباء عن نية التنظيم التوجه نحو مدينة عدن الإستراتيجية، فيما أكدت بعض المصادر دخول مئات من أعضاء التنظيم إلى المدينة. معلومات كانت كفيلة بإثارة توتر كبير في صفوف سكان عدن الذين شكلوا مجالس شعبية لحماية أنفسهم، وذلك قبل ان يخرج السفير الأميركي في صنعاء جيرالد فايرستاين ويقول «عدن خط أحمر»، لتزول التهديدات فجأة.
2- سُربت مؤخرا أخبار عدة تتحدث عن استهداف طائرة أميركية بدون طيار كلا من القياديين في «القاعدة» ناصر الوحيشي وقاسم الريمي، قبل ان تخرج أنباء أخرى لتنفي الأمر وتؤكد نجاتهما بأعجوبة. «فهل يُعقل أن أميركا التي قتلت بن لادن عاجزة عن التخلص من الوحيشي والريمي؟».
3- تتحدث التقارير الاستخبارية الأميركية منذ سنوات عن تعاون بين أجهزة الأمن اليمنية المسؤولة عن «مكافحة الإرهاب». ومع ذلك، «لم تكف واشنطن عن دعم هذه الأجهزة مادياً ومعنوياً والإصرار بشدة على إبقائهم في مراكزهم بالرغم من المطالبات الكثيرة بإزاحتهم منذ بداية الثورة».
مؤشرات ينطلق منها اليافعي للقول ان «لأميركا مصلحة في سيطرة القاعدة على بعض المناطق، اي بتوسع مشروط، اولا لخلق مبرر لوجود اميركي ربما قد يكون طويل الأمد في باب المندب، وثانيا، للحيلولة دون حصول الجنوبيين على الانفصال، ليس حباً بالوحدة، وإنما تلافياً للتعامل مع نظام جديد في الجنوب غير مضمون التعاون معه». ويضيف «وجود مراكز قوى حليفة لها في صنعاء، يساعد واشنطن على تمرير مشاريعها المقبلة دون ممانعة، وهو ما عناه فايرستاين بقوله أن التعاون مع اليمن حاليا هو كما كان في الماضي إن لم يكن أفضل».
استهداف الحراك الجنوبي
اذاً، يحضر سيناريو ضرب مشروع انفصال الجنوب في خلفيات المشهد الأمني في زنجبار ولودر، خصوصا ان الجنوبيين أنعشوا صفوفهم مؤخرا بمقاطعتهم لانتخاب هادي رئيسا قبل شهرين، كما خرجوا في تظاهرات عدة لإحياء شعارات التحرك الذي انطلق العام 2007، الامر الذي لم ينل حتى الان اي تعاطف اميركي معلن.
من هنا، يرى الناشط السياسي اليمني احمد امين المساوي ان «الاميركيين يوهمون القوى العسكرية التابعة لطرفي الصراع في البلاد (نظام صالح وفريق هادي الجديد) بأن تسهيل تواجد جماعة انصار الشريعة، سيزيح من امامهم القوى المناهضة للمبادرة الخليجية اي الحراك الجنوبي تحديدا، وذلك عبر ارهابهم ومنعهم من التطلع السياسي خارج الاطر المنصوص عليها في التسوية».
ويضيف المساوي ان واشنطن تقنع قوى السلطة بالامر عبر اغرائهم بالدعم المالي لمكافحة الارهاب «وهذا ما ظهر قبل اسابيع مع تسليم القوى العسكرية مواقعها وآلياتها للمتشددين الذين استولوا عليها في أبين بطريقة هوليودية»، في وقت لا تكف الطائرات الاميركية عن استهداف مدنيين جنوبيين.. «عن طريق الخطأ».
وتشير مصادر يمنية الى ان الطرف الثالث في المعادلة الجنوبية، يتمثل «باللواء علي محسن والأطراف المتحالفة معه كالشيخ عبدالمجيد الزنداني وأولاد آل الأحمر ممن لهم مصالح استراتيجية كبيرة في الجنوب (قطاعات نفطية، وشركات صيد السمك، وأراض، ومزارع...)»، وان خشيتهم من فقدانها في حال الانفصال جعلتهم يدخلون اللعبة الامنية في أبين.
 
واشنطن توسّع خياراتها إزاء دمشق ديريك شـوليه يتولى الملف السوري
جريدة السفير...
كشفت مجلة «فورين بوليسي» أن البيت الأبيض غير مرتاح لخياراته المطروحة في ما يخصّ الأزمة السورية، وهو بصدد البحث عن استراتيجية جديدة للتعامل مع إسقاط نظام الرئيس السوري الأسد. ونقلت المجلة عن مسؤول أميركي مطلع على المداولات الداخلية قوله إن «هناك قراراً جوهرياً اتخذ على أعلى المستويات بأننا نحتاج لسياسة حقيقية في سوريا، تتيح للرئيس (باراك أوباما) مروحة خيارات أوسع»، مستطرداً بالقول إن «حلفاءنا يأتون إلينا لسؤالنا حول خطوتنا التالية، لنجد أنفسنا مجبرين على الاعتراف بأننا لا نملك أدنى فكرة».
ويشير المسؤول إلى أن الخطوة الجديدة تتضمن تعديلاً في مهمات المسؤولين عن هذا الملف، وفي هوية المسؤولين أنفسهم. فـ«قبل شهر آذار، كان مسؤول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي ستيف سيمون يتولى إدارة العملية المشتركة بين الوكالات الداخلية. الآن، يقرّ عدد من المسؤولين بأنه تمّ توكيل ديريك شوليه، وهو كبير مدراء المجلس، قيادة فريق السياسة السورية، كما تولى تنسيق العملية المشتركة لأسابيع عدة». وقد تمّت تسمية شوليه كذلك لمنصب مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي الجديد.
في المقابل، يبقى السفير روبرت فورد والمنسق الخاص لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط فريد هوف ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان من أشد الناشطين في الملف السوري.
وأشار مسؤول للمجلة الى أن خيارات جديدة أصبحت مطروحة، من ضمنها المناطق العازلة داخل سوريا، كما أقرّت الإدارة إمكانية التواصل المباشر مع المعارضة السورية في الداخل ومع الجيش السوري الحرّ، كاشفاً أن مسؤولاً في وزارة الخارجية الأميركية اجتمع مع قادة من الجيش السوري الحر في تركيا مؤخراً.
وتنقل المجلة كذلك عن مسؤولين في الكونغرس تأكيدهم أن أحد أسباب تغيير السياسة الأميركية هو تلاشي أمل واشنطن في إقناع روسيا بكبح جماح الأسد، لا سيما بعد وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الحكم. كما أوضح مسؤول أن البيت الأبيض لا يريد التورط بكل ثقله في الأزمة السورية، كتسليح المعارضة مباشرة، لأن ذلك سيجرّه إلى التورط في مستويات أعلى من الصراع. («السفير»)
 
معهـد أميـركي: لو أراد «الناتـو» التدخـل.. فغـالباً لن يستطيـع
جريدة السفير...    
على الرغم من التصويت بالإجماع في مجلس الأمن على إرسال فريق المراقبين الدوليين إلى سوريا للإشراف على وقف إطلاق النار، لا تزال أسئلة كثيرة تتزاحم حول ما يمكن القيام به لوقف الصراع. وخلال الأسبوع الماضي، أثار القتال الدائر على الحدود مع تركيا احتمالاً آخر للتدخل: حلف شمال الأطلسي. فقد أثار رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان، رداً على إطلاق النار من الجانب السوري، إمكانية اللجوء إلى المادة الخامسة من ميثاق «الناتو» والتي تنصّ على أن الاعتداء المسلّح ضدّ أي دولة عضو في الحلف يمثل اعتداء على جميع الدول الأعضاء، وبالتالي يستجيب هؤلاء وفقاً لذلك عبر سبل عدة بما فيها اللجوء إلى القوة المسلّحة.
أثيرت المادة الخامسة بعد اعتداء 11 أيلول، حيث أن الصراعات السابقة بين اليونان وتركيا في قبرص على سبيل المثال لم تصل لحدّ إقرار هذه المادة. وإن لجأ أردوغان فعلاً إلى إثارة هذه المادة، وحصل على موافقة أعضاء «الناتو» الآخرين، فتلك ستكون سابقة لاستخدام ميثاق الحلف من أجل الانخراط في حرب أهليّة.
لا بدّ من الإشارة، بداية، إلى ضرورة أن يتوخى «الناتو» الحذر. الوثائق التي سُرّبت من ليبيا كشفت المشاكل التي رافقت تنفيذ عملياته الجوية. فعلى الرغم من المساعدة الأميركية، فإن التحالف ناضل لإيجاد طائرات كافية لاعتراض الاتصالات اللاسلكية بين أعضاء نظام القذافي، كما افتقر لأنظمة الاستخبارات المشتركة المناسبة وللمخططين والمحللين الذين يضمنون فعالية أكبر للعمليات التي ينفذها. ولنكن واضحين هنا ونكرّر ما هو بديهي: الصراع في ليبيا أسهل بأشواط من التدخل في سوريا. ومع ذلك، لم يؤثر هذا الواقع على رغبة أردوغان في إيجاد دعم دولي، إلا أن أسباباً كبيرة تدعو للتشكيك في نجاح أي محاولة لتدخل «الناتو» في سوريا.
في الواقع، يتحول الحلف في مستوياته الأساسية وعلى نحو متزايد إلى مجرّد نمر من ورق. خلال الحرب الباردة، خضعت أميركا للمساءلة بشأن إنفاق حوالي 50 في المئة من ميزانية الدفاع، الآن يصل الإنفاق إلى أكثر من 75 في المئة.
وفي هذا الإطار، من الجدير ذكره أن كل بلد في أوروبا قد اقتطع من ميزانية الدفاع لديه، وحتى ميزانية الدفاع الأميركية المتنامية لم تعد معطى ثابتاً. وعليه، سيكون من الجنون، في ظلّ الميزانيات المتناقصة والقدرات المتقلصة والموارد المتضائلة، الدخول في حروب على حوض المتوسط.. وهو بالضبط ما كان يريده أردوغان.
الحقيقة المؤسفة هي أن قدرة الحلف على التأثير في معادلة الحرب والسلم خارج أوروبا باتت محدودة. فاثنان من مشاريعه الكبرى خلال العقدين الماضيين، أفغانستان وليبيا، لم يحققا النجاح الذي استبسل مناصرو التدخل لتحقيقه، أما مشروعه الرئيسي، كوسوفو، فما زال غير آمن وغير مستقر بعد 13 عاماً من الاحتلال المستمر.
ما يعني ذلك بالنسبة لتركيا؟ لا شك أن أردوغان سيحظى بدعم بعض الدول الأوروبية لرفع مستوى الأمن على طول الحدود التركية ـ السورية. ولكن بغض النظر عن خطر استفحال الأزمة في سوريا وتهديد انتـقالها إلى تركيا، فإن قـدرة «النـاتـو» على التأثير في مـسار الأزمة بشـكل فاعـل، في أحسـن الأحـوال، محدودة للغاية. والموجة السائدة في أوساط الحلف حالياً من خفض عدد القوات وتقليص الميزانيات وغيرها، تعني أنه لو أراد «الناتو» التدخل حقاً، ففي أغلب الظن أنه لن يستطيع.
ما وصل إليه «الناتو» يترك تداعيات كبيرة على أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط. فالحلف كان دعامة للاستقرار العالمي منذ تأسيسه في العام 1949 بعد انتهاء الحرب الباردة. الآن، ها هو يتأرجح بين الطموحات الكبرى للاستراتيجية الجديدة التي أقرتها معاهدة لشبونة في العام 2010 وبين الواقع الفوضوي لميزانيات دفاعه المتقلصة وشهيته المحدودة على المغامرة.
والنتيجة النهائية: عندما تواجه دولة عضو كتركيا تهديداً معيناً، فلو أراد الحلف مساعدتها لن يقدر على حشد القوى للدفاع عنها. ولكن قد لا يعني ذلك نهاية الحلف الأطلسي بقدر الحاجة إلى التفكير الجدي والتخطيط الاستراتيجي لمواءمة طموحاته مع قدراته. وكما هي الحال عليه الآن، فإن أي الطرفين غير متوازن ما يعني أن الحلف بوضعه الراهن لا يعود بفائدة على أحد.
(عن «مجلس العلاقات الخارجية» ـ جوشوا فوست)
 
New York Times
روسيا والصين: ضمانة النظام العالمي أم دماره؟
جريدة السفير...
يبدو النظام العالمي في حالة ضمور. قمة العشرين أصبحت محطة للنقاش، مفاوضات الدوحة لتحرير التجارة العالمية تحتضر، مؤتمر الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ لم يحقق إنجازاً يذكر... ما سبق يشي بأننا نتجه نحو عالم يحكمه ميزان القوى السياسية والأحلاف المتنافسة.. والمشاريع الأحادية.
أحد أسباب هذه الحال هو أوروبا الغارقة في الوهن الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري، بعدما كانت الداعم الأكبر للمؤسسات الدولية.. السبب الآخر يتمثل بما شهدته أميركا من ضعف نسبي على امتداد العقدين الماضيين، كما اتجاهها نحو التصرف الأحادي بشكل متزايد. أما السبب الثالث فهو ميل لدى القوى الصاعدة أو العائدة - الصين وروسيا بشكل خاص - للاستخفاف أو التشكيك بالمؤسسات الدولية: إنها ترى في هذه المؤسسات بدعة غربية تخدم المصالح الغربية.
كلا الاثنتين، موسكو وبكين، ترفضان الهيمنة الأميركية، وتستخدمان حق النقض في مجلس الأمن لإحباط أهداف الولايات المتحدة. تمسكهما القوي بسيادة الدولة يجعلهما تنفران من مفهوم «التدخل الإنساني».. روسيا والصين تعتقدان أن القوة أهم من القواعد في العلاقات الدولية. وعليه، هما تفضلان الحفلات الدبلوماسية - الاجتماعات غير الرسمية التي تعطي للقوى العظمى مكانة كما اجتماع الدول الست. كلتاهما تتوجسان من المؤسسات الدولية التي تتيح للدول الصغرى عرقلة رغبات الدول الكبرى.
ولكن البلدين لا يظهران متشابهين تماماً في مقاربتهما للنظام العالمي. تأخذ روسيا المؤسسات الأمنية وأنظمة الانتشار النووي على محمل الجدّ. وقعت على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية وانضمت إلى المبادرة الأمنية لمكافحة الانتشار النووي. أما الصين فلم توقع قط على أية معاهدة للحدّ من الأسلحة النووية أو التقليدية. وبكين تظهر أكثر تهرباً من موسكو في موضوع تطبيق الحدّ من الانتشار النووي: تبيع المعدات ذات الاستخدام المزدوج لإيران وكوريا الشمالية وباكستان. من جهة ثانية، الصورة شديدة الاختلاف على صعيد الإدارة الاقتصادية. هنا روسيا تعاملت بشكل معاكس لجهة توقيع المعاهدات الدولية، فهي انضمت مؤخراً لمنظمة التجارة العالمية، بعد 18 عاماً من المفاوضات. كما أنها تقف على هامش محادثات الأمم المتحدة لتغيّر المناخ، ودورها سلبي في إطار منتديات التنظيم المالي. أما الصين ففاعلة إلى حد كبير في صندوق النقد الدولي و«البنك الدولي». وعلى الرغم من أن بكين كانت مترددة في قبول القيود الملزمة على انبعاثات الكربون، إلا أنها أقرت في مؤتمر دوربان الأخير أنه بحلول العام 2020 ستفرض قيوداً على انبعاثاتها.
هذه الاختلافات تجد لها تفسيراً في الاقتصاد والتاريخ. فكونها أكبر مصدر في العالم للسلع المصنعة، الصين بحاجة إلى قيود عالمية على التجارة. ومع الاتجاه إلى تحول «الرنمينبي» إلى عملة عالمية، تولي بكين اهتماماً كبيراً للنظام المالي الدولي. في المقابل، تعتمد روسيا على تصدير النفط والغاز، ولا يوجد نظام عالمي لضبط هذا القطاع.
في مجال الأمن، الصين هي قوة صاعدة واثقة بقدرتها، لذلك فهي غير راغبة بتكبيل نفسها بالقواعد الدولية في مجال التسلّح. في المقابل، تحتفظ روسيا بترسانة نووية ضخمة وترى في معاهدات الحدّ من التسلّح حماية لوضعها.
ما سبق يطرح السؤال الشائك عما إذا كانت كل من الصين وروسيا ستبذلان، على المدى البعيد، جهوداً لتعزيز النظام العالمي المتعدد الأطراف أم لتقويضه؟ قد يعتمد هذا، في جزء كبير، على مدى نجاح البلدين في تأمين التوازن لاقتصاديهما.
شارلز غرانت، مدير المركز الأوروبي للإصلاح
ترجمة: هيفاء زعيتر

المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,376,084

عدد الزوار: 7,025,837

المتواجدون الآن: 67