تقارير ...بعلبـك «حزينـة» و«مستبـاحـة»: مدينـة الشمـس ليسـت بخيـر....جعل لبنان دائرة انتخابية يقلِق المسيحيين وما الضمانة من طغيان «الديموقراطية العددية»؟....المرزوقي لـ«الحياة»: خياران أمام الحكّام العرب: السير مع الإصلاح وإلا «جرفهم التيّار»....الصدر والحكيم سليلا عائلتين دينيتين شرعا بمنافسة المالكي متجاوزَيْن موقعهما
4 صحافيين أجانب وضابط أميركي يواجهون عناصر "حزب الله" عسكرياً بالـ"بينت بول"
الأربعاء 25 نيسان 2012 - 6:09 ص 2550 0 عربية |
لا يمكن الحديث عن متغيرات جذرية في السلوك السياسي للأحزاب والتيارات العراقية منذ تصديها للصراع على السلطة منذ العام 2003، لكن العامين الأخيرين شهدا تطوراً لافتاً في آليات عمل التيارين اللذين يقودهما رجلا الدين الشابان مقتدى الصدر وعمار الحكيم.
ويمكن القول ان ظروف العراق المتحركة في شكل عام، والتطورات السياسية المفصلية التي حدثت في توازنات القوى الشيعية على وجه الخصوص مع بروز نجم رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي، فرضت على الصدر والحكيم اعادة صوغ منطلقاتهما السياسية باستخدام آليات خطاب جديدة شملت الاقتراب من تفاصيل الشارع اليومية وتداول مفاهيم مثل «الدولة المدنية» و «التداول السلمي للسلطة» و «المصالحة الوطنية» و «اعلاء الدستور» والمطالبة بالخدمات الاساسية والتحذير من «ديكتاتورية جديدة».
لكن التطور الابرز لدور رجل الدين يكمن في تلك الفسحة الغامضة الممتدة بين فلسفة «النجف» العريقة التي تتبنى النأي بـ «العمامة» عن تفاصيل السياسة ومتغيراتها، وبين نظرية «قم» المبنية على الدمج بين السياسة والدين في شخصية «الولي الفقيه».
وتجمع بين الصدر والحكيم عوامل لها خصوصيتها على مستوى الحراك السياسي الشيعي المعاصر، فهما من جهة سليلا عائلتين دينيتين معتبرتين في الذاكرة الوطنية، وهما من جهة اخرى ينتميان الى الجيل الشاب الاكثر قدرة على التكيف والتعلم والاقرب الى تبني التغيير.
انتخابات العام 2010 التي نال فيها تيار رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي 89 مقعداً في المرتبة الثانية بعد «القائمة العراقية» مقابل نيل القوى الشيعية الاخرى يتصدرها تيارا الصدر والحكيم 70 مقعداً كانت نقطة تحول مركزية في موازين القوى الشيعية، فرضها نوعان من التحديات:
الاول: استثمار المالكي في اعادة إحياء الرمز السياسي الشيعي المنفرد غير المعتمد على السلطان الديني للعائلات التقليدية، وتلك قضية بالغة الدلالة نفسياً واجتماعياً، اذا اخذنا في الحسبان الارتباط الشرطي بين الرمزين السياسي والديني في الوعي الشيعي تاريخياً. فالمالكي الذي حمل شعار الدولة المدنية، كان صعوده السياسي يعتمد على أدائه الشخصي في فترة انهاء العنف الطائفي وضرب المليشيات ولم يكن في الواقع يحمل اي دلالة دينية على رغم ان مرجعيته الحزبية تعود الى «حزب الدعوة الاسلامي».
والثاني: ان ذلك الصعود اقترن بضرب النفوذ العسكري لأنصار الصدر في المدن الشيعية ميدانياً، وتقويض السطوة السياسية لأنصار الحكيم في تلك المدن إعلامياً وعشائرياً.
عمار الحكيم الذي تسلم قيادة «المجلس الاسلامي الاعلى» بعد وفاة والده، اصطدم بمحنة الانتخابات التي وضعت «المجلس» (10 مقاعد برلمانية) في مواجهة اعادة صوغ الاولويات وتغيير الخطاب السياسي ليتواءم مع المرحلة الجديدة، فيما كان مقتدى الصدر (40 مقعداً) يدرك من قراءة اولية للنتائج ان على تياره الذي رفع شعار «المقاومة» ان يخاطب متغيرات المزاج الشيعي العام الذي دعم المالكي والذي سيتخذ مواقف مختلفة مع الانسحاب الاميركي، حيث الاعتبارات التي سمحت بحصوله على حصته البرلمانية الحالية لن تكون متاحة بالضرورة في المرحلة المقبلة.
الصدر... استراتيجية الاستفتاءات
يقول الصدر في تعليق بالغ الدلالة على بعض مريديه المتمسكين بالسلوك المليشيوي: «أنتم لا تعرفون غير السلاح والقتل، بل أنتم أعداء آل الصدر(...) أشكو إلى الله أن يخلصني من الثلة التي لا يوجد في عقلها ولا قلبها سوى الحرب والسلاح (...) حينما تريد منه الوقوف معك للعلم والثقافة والسلام يتخلى عنك، وكأننا آل الصدر مجرد حملة سلاح (...) لقد شوهوا سمعتنا وجعلوا الآخرين ينظرون الينا بصورة مختلفة عن واقعنا».
ذلك الخطاب الشديد اللهجة يلخص توجهات الصدر الجديدة التي تبلورت ونضجت خلال العامين الاخيرين في شكل اكثر وضوحاً، ويعكس المقاومة الشديدة ايضاً التي تواجهها فكرة الانتقال بتيار الصدر من تنظيم مسلح متهم بالمشاركة في الحرب الاهلية الى تنظيم سياسي فعال قابل للتكيف مع مفهوم «الدولة المدنية».
ويبرر بعض أنصار الصدر هذا التحول بالانسحاب الاميركي من العراق وانتفاء الحاجة الى حمل السلاح، فيما يذهب آخرون الى الحديث عن نضوج الصدر نفسه بعد قضائه سنوات عدة من الدراسة الدينية في مدينة قم، ويمكن اضافة اسباب مركزية اخرى مثل اكتشاف الصدر عبر التعايش اليومي مطبات تجربة الحكم الاسلامي في ايران التي اظهر لها خلال الشهور الماضية لهجة تختلف عن لهجة السياسيين العراقيين المقيمين فيها لفترات طويلة، بل إن الصدر نصح في احد بياناته بألا يكون سعي الحكومة العراقية الى استثنائها من العقوبات الدولية على ايران على حساب المصلحة العراقية نفسها، فيما عنف بــعض انــصاره بشدة لمطالبتهم بحمل السلاح ضد دول الخليج.
الملاحظة الابرز تكمن في آليات خطاب الصدر نفسها، فهو اعتمد على ما يمكن تسميته «استراتيجية الاستفتاءات»، و «الاستفتاء» كتقليد ديني يتعلق بطلب المقلدين او الأتباع فتاوى شرعية من رجل الدين الذي يشكل مرجعية لهم، وهذا التقليد طوره الصدر الى ماكينة اعلامية بالغة التأثير قلصت الفجوة التي حدثت مع أتباعه ومع الشارع ووسائل الإعلام منذ مغادرته العراق قبل نحو ست سنوات، فتحولت ردوده على «الاستفتاءات» الى مــادة اعلامية يومية ومصدر قياس لتوجهات التيار الجديدة.
وكان لافتاً ان الصدر حرص على التواصل «العفوي» مع انصاره عبر تلك «الاستفتاءات» التي لا تخضع لتدقيق او مراجعة قبل نشرها حتى على مستوى الصياغة واللغة، بل انه يجيب احد انصاره بالقول: «كلامك هذا لا معنى له، بل خرط»... وتلك العفوية تبدو «مقصودة» ومرتبطة بجوهر العلاقة الرمزية بين الصدر وأنصاره وبترسيخ فكرة التنظيم الاساسية كتيار شيعي نشأ داخل العراق وحمل شعار نصرة المسحوقين والمهمّشين.
وأبعد من هذه الجزئية، فإن الصدر استثمر هذا المنبر لحضّ أتباعه على تبني مجموعة من المتغيرات، فدعا الى مقاطعة «عصائب اهل الحق» واتهمها بالتورط في دماء العراقيين والاساءة الى تياره في موضوع المشاركة في الحرب الطائفية 2006 – 2007، وتجريم المدعو «ابو درع» الذي ارتبط اسمه بفظائع حدثت خلال تلك الحرب، ونجح الى حد كبير في «عقلنة» مليشيا «جيش المهدي» التابعة له عبر تجميدها وتحويلها الى «منظمة ثقافية» قبل ان يحدث عمليات جراحية في صميم التيار شملت اعادة هيكلته وإنهاء الترهل في مكاتبه عبر اختصارها، وأيضاً دعم «الهيئة السياسية للتيار» في مواجهة قادة المليشيات السابقين، وزج عناصر من الكفاءات وأساتذة الجامعات في هيكلية التيار التي خاضت انتخابات 2010 بدماء تكاد تكون جديدة في معظمها.
والقاسم المشترك في استراتيجية الصدر هو التشديد على ترك العنف واستخدام الحوار السياسي وإبداء الرأي في كل القضايا التي تطرأ على الساحة السياسية، فيحذر من عودة الديكتاتورية الى العراق، ويتمسك بالدستور، ويعتبر الفيدرالية خياراً شعبياً، ويدين قتلة «الايمو»، كما يرفض فصل الإناث عن الذكور في الجامعات، ويسمح لأنصاره بالعمل في السفارة الاميركية، ويدين سيطرة الحكومة على الهيئات الخاصة، ويلمح الى رغبة تياره بتولي رئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة بعدما كان فرض على كتلته السياسية المطالبة بتولي الوزارات الخدمية لا السياسية او العسكرية.
الصدر يظهر ايضاً تشدداً مع نواب من كتلته دارت اتهامات فساد او سوء سلوك حولهم، وينصح بإطلاق استفتاءات شعبية حول قضايا مثل اختيار المرشحين عن تياره، ويدعو الى «ميثاق شرف وطني» يتجاوز خلافات الماضي ويمنع الاقتتال الطائفي، ويتبرأ من اي شخص يوصم بأنه من تياره ويرتكب اعمال عنف او يشارك في الأحداث الجارية في سورية.
الحكيم... استراتيجية التفاعل
المراقب لحراك السيد عمار الحكيم يلمس بوضوح ذلك النشاط غير المسبوق في نطاق «المجلس الاسلامي الاعلى» يتصدى له بروح شبابية وتكتيكات مختلفة، معوضاً عن افتقار «صقور المجلس» المخضرمين الى الحيوية نفسها.
الحكيم ورث هيكلاً حزبياً محكوماً بعقلية المعارضة وبعيداً من اسس التواصل الحديثة مع الشارع، لكنه يفسر ذلك بالقول ان «من الطبيعي أن يقع قادة العراق في أخطاء، كونهم كانوا معارضة لفترات طويلة، ولم يتيسر لهم أن ساهموا وشاركوا في الحكم في وقت مضى».
كما انه (الحيكم) تسلم حزباً تراجع من صدارة المشهد السياسي العراقي الى مراحل متأخرة فيه، ويتعرض لانشقاق داخلي فادح عبر انفصال «منظمة بدر» بقيادة هادي العامري عنه.
بل إن وصول عمار الحكيم الى رئاسة المجلس الاعلى لم يكن يسيراً بدوره، فالمجلس يضم مجموعة من «النجوم» السياسية والدينية المهمة التي كان لها دور بارز وحشدت الأتباع والنفوذ داخل المجلس. لكن عنصر القوة الذي انطلق منه الحكيم الشاب يتعلق بعدم تحمله شخصياً مسؤولية خسارة الانتخابات الاخيرة باعـــتبارها تأتي انعكاساً لسياسات سابقة، بل إن خسارة الانتخابات كانت مناسبة لإحداث التغيير الذي يكاد يكون جــذرياً في آليــات عمل «المجلس الاعلى» وعلاقته بالشارع.
والاستراتيجية التي اعتمدها الحكيم في الاقتراب من أنصاره تعتمد على الوجود المستمر في قلب الاحداث عبر تنظيم عشرات المؤتمرات والملتقيات الاجتماعية والثقافية والرياضية، ورعاية مبادرات مثل الزواج الجماعي ودعم هيئات مدنية شبابية ونسائية والانفتاح على منظمات المجتمع المدني. انعكست «شبابية» الحكيم في خطابه السياسي نفسه، فهو تجنب في شكل كامل الاشارة الى مشروع «فيدرالية الوسط والجنوب» وركز على مفاهيم مثل «حكم العراق توافقياً» والتمسك بطي صفحة الماضي، وحض أنصاره على كشف ملفات الفساد وتوضيح التقصير في أداء الحكومة، كما انه رفض ما سمّاها في احدى خطبه «سياسة التنكيل بالآخر»، في اشارة ضمنية الى وضع السنّة العراقيين، واستقبل فنانين ورياضيين وعلماء، واستخدم مستويات مختلفة من الخطاب وفق مناسبته، لكنه حرص على تبني تعبيرات اصبحت ذات دلالة على المستوى السياسي العراقي مثل «الطاولة المستديرة» و«تصفير المشاكل» و«الشفافية لا التشفي».
ويكاد الحكيم يكون من اكثر رجال الدين والسياسيين استخداماً لمواقع التواصل الاجتماعي كـ «الفايسبوك» في التعبير عن آرائه، لكنه يختار جملاً مركزة للتعبير عن مواقفه، فيقول في احدى المناسبات: «ان صندوق الاقتراع سبيل العراقيين في معالجة أخطائهم او التجديد لمن هم أهل لإدارة شؤونهم»، ويكتب: «نتمنى من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ان تطور مشروع منح القروض الميسرة للشباب»، و «مشروعنا بناء الدولة العصرية الناجحة لخدمة الوطن والمواطن»، و«الارهاب يسعى ان يتصيد في الماء السياسي العكر فصفّوا مياهكم ايها السياسيون»، و«الظواهر السلوكية لا تعالج الا بالتواصل وبالفكر وبالثقافة وبالنصيحة».
صناع الملوك
المتغيرات السياسية التي طرأت على منهجية الصدر والحكيم ونزعتيهما الشبابية والطموحة، ما زالت بدورها لا ترقى الى الزج بهما في المنافسة السياسية المباشرة، فهما يتمسكان بدور «صانع الملوك» فيعزفان عن زج اسميهما في قوائم انتخابية او ممارسة العمل السياسي في شكل مباشر.
والحقيقة ان الوضع السياسي العراقي بتعقيداته المربكة ما عاد يسمح بذلك الفصل بين قائد الحزب او التيار وبين الممارسة السياسية المباشرة للعمل السياسي او البرلماني.
الأبعد من التمثيل السياسي، والتحرك في اطار المساحة الواسعة لدور رجل الدين، ان الصدر والحكيم يحاولان بدورهما استعادة المعادلة التي وضعت منذ العام 2003 لحكم العراق وتغيرت اولوياتها في فترة حكم المالكي الاخيرة.
فالمعادلة التي اوصلت المالكي الى الحكم مفادها: «حاكم يمثل شيعة العراق اولاً ويحظى بتوافق اميركي - ايراني وقبول اقليمي ثانياً ويجمع الحدود الدنيا المقبولة من التوافق الداخلي المكوناتي»، فيما المعادلة التي سبقت مرحلة المالكي ويحاول الصدر والحكيم اعادة إحيائها تتلخص بـ «حاكم يمثل شيعة العراق اولاً، ويحظى بإجماع داخلي مكوناتي ثانياً، وينال الحدود المقبولة من التوافق الاقليمي والدولي».
بين هاتين المعادلتين تكمن اليوم ازمة العراق، فالمالكي في هذه اللحظة لا يزال ممثلاً لشيعة العراق، وربما طور حضوره الشيعي، كما انه ما زال ينال توافقاً اميركياً – ايرانياً على شخصه، في مقابل تذبذب في الموقف الاقليمي من حكمه وحدوث خلل كبير في قبوله الداخلي من جانب المكونات الاخرى كالسنّة والاكراد، وهو يدرك هذه المعادلة فيقترح اعادة إحياء مفهوم «حكم الغالبية السياسية» وهو مفهوم مقبول سياسياً وديموقراطياً، ما عدا ان تلك الغالبية المقترحة برأي الاطراف السياسية الاخرى ما زالت حتى اليوم في العراق «غالبية مذهبية».
يعلق الصدر في اشارة الى لقائه رئيس حكومة اقليم كردستان نيجرفان بارزاني في ايران بأن هدف اللقاء هو منع انزلاق العراق الى ديكتاتورية جديدة، فيما يكرس الحكيم نظرية «الطاولة المستديرة» لتأكيد أن حكم العراق لا يتم الا بتوافق بين مكوناته.
في المقابل، للمالكي عوامل قوة حقيقية كرسها في السنوات الست الماضية، خصوصاً في الشارع الشيعي الذي يحاول تجنب فتح صراع للمدارس الدينية الشيعية تتباين تقديرات خطورته خصوصاً في مرحلة التنازع على خلافة المرجع الاعلى السيد علي السيستاني.
أكد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي حرص بلاده على تعزيز علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، وقال إنه أبلغ أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أن تونس قررت أن يدخل مواطنو دول مجلس التعاون من دون تأشيرة دخول ابتداء من أيار (مايو) المقبل. ووصف العلاقات مع السعودية بأنها «طيّبة» وأن وجود الرئيس السابق زين العابدين بن علي على أرضها «لا يمنع العلاقات الأخوية».
وكشف أن المناقشات الدائرة حالياً في تونس حول النظام السياسي أظهرت أن هناك «توجهاً نحو نظام مزدوج نصفه رئاسي ونصفه برلماني».
وقال المرزوقي في حديث إلى «الحياة» إنه لا يتوقع نجاح خطة المبعوث الدولي العربي في شأن الملف السوري كوفي أنان و «نسبة نجاحها أقل من ثلاثة في المئة». وشدد على أهمية تطبيق «السيناريو اليمني في سورية»، قائلاً «إن على الروس والصينيين والإيرانيين أن يفهموا أن (الرئيس السوري) بشار الأسد انتهى». ورأى أن بشار الأسد «سيرحل حياً أو ميتاً، ومن الأفضل له ولعائلته أن يرحل حياً». وقال «إن الرؤساء العرب أمام خيارين: إما أن تذهبوا مع التيار (الإصلاحي)، وإما أن يجرفكم ويغرقكم التيار».
وسئل الرئيس التونسي في المقابلة عن نتائج اجتماعه مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وولي العهد الشيخ تميم بن حمد وهل ستنفّذ قطر مشاريع في تونس، فأجاب: «هناك مشاريع كثيرة في مجال الاستثمار السياحي والخدمات والبتروكيماويات، وقطر مستعدة لتفتح لنا ما يقارب عشرين ألف موطن شغل (فرصة عمل) لتونسيين. وبغض النظر عن هذا العمل الاقتصادي، فالعلاقة حميمية وسياسية أيضاً، وقطر تدعم «الربيع العربي» بكل قوة، وهذا يقرّبنا إلى بعضنا بعضاً».
وقال: «اغتنمت فرصة (الاجتماع مع الشيخ حمد) لأقول له إننا قررنا رفع التأشيرة (تأشيرة الدخول) بالنسبة إلى جميع (مواطني) دول الخليج بدءاً من أيار (مايو) المقبل، على أمل بأن تكثر الزيارات والسياحة. ونحن الآن بصدد محاولة إعادة التموضع، فسياحتنا كانت مرتبطة بالأساس بالغرب، أي سياحة فقراء، وسياحة ظرفية وموسمية وتتعلق فقط بالشواطئ. والآن لأن الأزمة (المالية) الغربية تضرب كل تلك الطبقات التي كانت تزور تونس، فنحن بصدد التوسع مع إخواننا في المشرق العربي، وإخواننا في المغرب العربي، ونعتبر ذلك مكسباً مهماً لتونس التي ستنخرط الآن في العلاقات العربية - العربية ولا تبقى دائماً أبداً سجينة تلك العلاقات شمال - جنوب (أي بين ضفتي المتوسط».
وقال «إن زيارتي لقطر حميمية ودية. الأمير هنأنا في العيد الأول للثورة (التي أطاحت بن علي)، وكان من الزعماء القلائل الذين جاؤوا وقدموا التهنئة، وعلاقتنا سياسية بامتياز».
وعن زيارته للكويت، قال إنها «تهدف إلى أن تعود تونس إلى محيطها العربي الذي كانت مغيّبة عنه. ونحن نريد أن تكون لنا علاقات مميزة مع الكويت. لقد كنت من الذين وقفوا ضد الغزو العراقي للكويت في التسعينات عندما كنت مجرد معارض محاصر ومطارد، وأحمد الله أنني سأزور اليوم الكويت الشقيقة وأنا رأسي مرفوع بذلك الخيار. كما أننا نأمل أيضاً بأن يساهم إخوتنا الكويتيون بالاستثمار باعتبار أن تونس الآن في أمسّ الحاجة إلى الاستثمار العربي، لأن مصاعبها اقتصادية. نحن قمنا (بالثورة) بنصف الطريق وهو إعطاء الكرامة والحرية للتونسيين، والآن لا بد من أن نكمل النصف الثاني وهو أعطاؤهم الخبز والعمل».
وعن العلاقة مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي، وبخاصة السعودية، قال: «نريد أن نفتح علاقة طيّبة مع كل الإخوة العرب. وفي ما يخص السعودية علاقتنا طيبة، والنقطة الوحيدة السوداء هي استقبالهم للرجل المسمّى بن علي، ونحن نعتبر أن هذه ليست نقطة فاصلة أو خطاً أحمر تمنع العلاقات الأخوية. ونحن نريد أن ننمّي العلاقات الأخوية (مع السعودية)، لكننا أيضاً نحتفظ بحقنا في المطالبة برجل (بن علي) نعتبر أنه دنّس القرآن في عهده في السجون ولم يسبق أن حدث ذلك في تونس. هو أعتدى على الإسلام والمسلمين وحرمة القرآن، واعتدى على أموال التونسيين، نهب وسرق منها ما سرق. وفي قيم الإسلام والعروبة أنت تعطي حق اللجوء للمظلوم والمضطهد، ولكنك لا تعطيه إلى القاتل والسفاح، وبخاصة الذي أعتدى على دينك ومصحفك».
وتابع: «نريد أن لا نربط (في علاقتنا مع السعودية) بين قضايا مصالح وطنية وكبرى وبين وجود هذا الشخص (بن علي). سنبقى نواصل مطالبتنا به، على أمل أن إخوتنا السعوديين على الأقل يطبّقوا عليه قانون السرقة، فهذا رجل سارق، سرق أموال الشعب التونسي. على الأقل يُرجعوا لنا الأموال أو يسلموه لنحاكمه محاكمة عادلة».
وعن سورية، تحدث الرئيس التونسي عن «سيناريو كارثي بمواصلة ذلك العمل المجنون (عنف النظام ضد الشعب). هذا الرجل (الرئيس السوري) هو في رأيي غير مستعد لأي تنازل، وبالنسبة لي (الحل) يكمن في السيناريو اليمني. لا بد أن يفهم الروس والصينيون والإيرانيون أن هذا الرجل (بشار) انتهى، ولا مجال للدفاع عنه، وعليهم أن يقنعوه بالتخلي عن السلطة وتسليمها إلى نائبه، وهذا النائب يستطيع أن يطمئن الأقليات التي ربما تخشى على نفسها. هذا النائب (نائب الرئيس السوري) يجب أن يدخل في حوار مع المعارضة لتبدأ مرحلة انتقالية، بهدف حفظ الأمن والاستقرار وتطمين الأقليات، علماً أن لدي قناعة بأن الشعب السوري واحد ولن يقبل أبداً بتعامل أو انتقام طائفي، لكن لا بد من أن تكون هناك قوات حفظ أمن وسلام، وإذا كانت عربية فإن ذلك لا يشكّل أي مس بالسيادة الوطنية السورية، لأننا عرب، وهذا البلد (سورية) بلد عروبي منذ قديم الزمان. بعد ذلك تجرى - بعد الفترة الانتقالية - انتخابات حرة ونزيهة، وآنذاك تجد سورية طريقها نحو الاستقرار وعودة الأمل. هذا هو السيناريو الذي تقترحه تونس، ونأمل بأن يساهم كل العقلاء في تحقيق هذا السيناريو».
وهل يتوقع نجاح خطة كوفي أنان، رد: «لا أتوقّع نجاحها، لأن عدد المراقبين (الذين قرر مجلس الأمن إرسالهم) ضئيل جداً. 300 شخص لا يستطيعون عمل شيء. في كوسوفو كان هناك ألفا مراقب».
وسألته «الحياة» عن رأيه في إعلان أمير قطر الشيخ حمد قبل أيام أن نسبة نجاح مهمة كوفي أنان لا تتجاوز ثلاثة في المئة، فأجاب المرزوقي: «ربما حتى أقل (من ثلاثة في المئة)، لا أعتقد (أنها ستنجح)».
وقال: «أنت (بشار الأسد) سترحل بطريقة أو أخرى. سترحل ميتاً أو سترحل حياً، فمن الأحسن لك ولعائلتك أن ترحل حياً، لأنك إذا قررت أن ترحل ميتاً فمعنى هذا أنك ستتسبب في موت عشرات الآلاف من الأبرياء. يكفي ما أرقت من دم!».
وفي شأن أولويات تونس حالياً بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، قال: «لدينا ثلاث أولويات: التشغيل، التشغيل، التشغيل (أي إيجاد فرص عمل للتونسيين). لدينا ما يقارب 800 ألف عاطل عن العمل، وهو رقم كبير جداً، ونحن نصارع الزمن حتى نستطيع أن نترجم الاستثمارات التي بدأت تصلنا إلى «مواطن شغل» (وظائف)، وهذا يتطلب عاماً أو عامين من الصعوبات والمشاكل حتى تعود العجلة الاقتصادية إلى الدوران. ولكن إن شاء الله سنخرج من عنق الزجاجة وستكون تونس دولة ديموقراطية مستقلة مستقرة ومزدهرة».
وسئل عما يتردد عن وجود خلافات بين أحزاب الائتلاف الحاكم، أجاب: «الخلافات طبيعية داخل الأحزاب نفسها. اليوم هناك تجاذبات داخل الأحزاب وبين الأحزاب وبين كل المؤسسات، لأن تونس في حال مخاض بعد زلزال الثورة. ولكن أريد أن أطمئنك أنه في ما يتعلق بالرؤساء الثلاثة، وهم رؤساء المجلس التأسيسي (البرلمان، مصطفى بن جعفر) ورئيس الجمهورية (المرزوقي) ورئيس الحكومة (حمادي الجبالي)، فنحن نلتقي مرة في الأسبوع ونجلس معاً ونتباحث في كل الأمور السياسية. وكل القرارات نتخذها مع بعضنا بعضاً. هناك توافق كبير جداً (بيننا) وليس له نظير في العالم العربي».
وعن الدستور الجديد لتونس، قال «نحن اتفقنا على أصعب شيء في الدستور، وهو البند الأول، أي تعريف الهوية. وحزب النهضة (الإسلامي بقيادة الشيخ راشد الغنوشي) أظهر نضجاً كبيراً، بعدم إصراره على وضع الشريعة في الدستور. وعلى رغم أنه يستطيع ذلك عددياً (بعدد أعضائه في البرلمان)، وافق على أن يكون هناك توافق (بين أحزاب الائتلاف الحاكم) حتى لا يحدث شرخ في المجتمع، وحتى لا ينكسر التحالف الثلاثي. وهو (حزب النهضة) قبل أن يكون الدستور وضعياً، وأن لا تُذكر الشريعة، مع العلم أن الدستور (الحالي) يقول في بنده الأول إن الدستور هو دين الدولة، ويفترض أن تحترم كل القوانين دين الدولة ودين المجتمع». وأضاف: «هناك وفاق كبير (بين التحالف الحزبي الحاكم) في ما يتعلق بالحريات والحقوق. وما زال هناك نقاش حول طبيعة النظام السياسي، هل يكون برلمانياً أو رئاسياً، وهناك توجه نحو نظام مزدوج، نصفه رئاسي ونصفه برلماني. وفي الحقيقة أن الدستور سيكون توافقياً إلى أبعد حد، وسيكون من أحدث دساتير العالم، ويبقى في ما بعد أن نطبقه، وهذه مسألة أخرى».
وسئل عن رسالة تونس للأنظمة العربية، فرد: «الرسالة التي بعثت بها الثورة التونسية إلى كل الرؤساء العرب، رؤساء اليوم ورؤساء الغد، أن النظام السياسي العربي القديم مات وانتهى، والنظام المبني على قوة المخابرات والتخويف والترهيب والفساد والعائلة والتوريث والتمديد وعبادة الشخص انتهى هذا النظام نهائياً من تاريخ الأمة، ومُسح بعد هذه الثورات، وبالتالي أمامكم خياران: إما أن تسبقوا الأحداث وتقوموا بالإصلاحات الضرورية وهي محاربة الفساد ومحاربة تغوّل الأجهزة (الأمنية) والانتباه إلى أهمية نهاية التعذيب وعدم ترك عائلاتكم تتحكم وأن يشارك الناس مشاركة فعلية وليس وهمية، وإذا لم تفعلوا هذه الإصلاحات فستجبركم عليها الشعوب. والآن لا خيار لكم (الحكام العرب): إما أن تذهبوا مع التيار، وإما أن يجرفكم ويغرقكم»
قالت مصادر قيادية في المعارضة إن اقتراح رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري جَعْلَ لبنان دائرةً انتخابية واحدة على أساس اعتماد النظام النسبي، لم يحمل اي جديد، باعتبار أنه كان من الأوائل الذين ينادون بمثل هذا الاقتراح في كل مرة يطرح قانون الانتخاب الجديد على بساط البحث، معتبرة أنه يصر على رفع سقفه الانتخابي في محاولة لفتح حوار بغية الوصول الى قواسم مشتركة تدفع في اتجاه التوافق على الخطوط العريضة للقانون.
وأكدت المصادر نفسها لـ «الحياة»، أن بري عاد الى إحياء طرحه الانتخابي انطلاقاً من جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة، اعتقاداً منه بأن مجلس الوزراء لن يتوصل الى اتفاق حول قانون الانتخاب بسبب الاختلاف على طبيعة القانون الذي يجب اعتماده، وبالتالي ستكون كلمة الفصل للهيئة العامة في البرلمان.
ولفتت الى أن رئيس المجلس يتطلع من خلال طرحه الى فتح حوار حول قانون الانتخاب تحت قبة البرلمان هذه المرة، نظراً إلى وجود صعوبة أمام استئناف الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في ظل مطالبة «قوى 14 آذار» بإدراج بند سلاح «حزب الله» على جدول أعماله.
وتابعت أن بري ليس في وارد الالتفاف على دعوة سليمان لاستئناف الحوار وإنما رأى في تحريك ملف قانون الانتخاب فرصة للبدء بحوار من نوع آخر، لأن ربط السلاح بالاتفاق على الاستراتيجية الدفاعية للبنان يحتاج جولات من الحوار «الماراثوني» على رغم أنه لن يؤدي الى تبدل في المواقف من هذا السلاح.
وسألت المصادر عينها: «هل يمكن أحداً أن يغفل الموقف الذي عبرت عنه المعارضة من خلال المداخلات التي أدلى بها النواب في جلسات المناقشة العامة للحكومة في شأن إصرارها على تحييد السلاح شرطاً لتوفير المناخ الديموقراطي لإجراء الانتخابات النيابية في صيف 2013 بعيداً من ممارسة الضغوط على الناخبين؟ أم ان رد بعض الأطراف في الأكثرية على هذا الموقف يكون باستئناف جلسات الحوار الوطني بغية معاودة التواصل من دون توفير سلة من الضمانات تدعو للاطمئنان الى أن السلاح سيوضع خارج المنافسة الانتخابية؟». واعتبرت أن لا شيء يمنع بري من إحياء مشروعه الانتخابي طالما أنه يطرحه للحوار انطلاقاً من إحساسه بأن القانون الجديد لا يفرض بتأييد الغالبية له وإنما يحتاج الى توافق، باعتبار أنه يتمتع بقوة ميثاقية ويتصل مباشرة بإعادة إنتاج السلطة في لبنان من خلال انتخاب برلمان جديد يقرر مصير انتخابات رئاسة الجمهورية للعام 2014.
وأوضحت المصادر أن الظروف السياسية الراهنة ليست مواتية للانتقال بلبنان دفعة واحدة من برلمان طائفي الى برلمان وطني من دون المرور بفترات من الاختبار للتأكد من أن النفوس باتت تتقبل مثل هذا الطرح الذي يشكل خطوة على طريق إلغاء الطائفية السياسية، وهو إلغاء لا يزال مرفوضاً من قبل المسيحيين أكانوا في الموالاة أم في المعارضة.
وفي السياق توقفت المصادر أمام ما يشبه الإجماع في الموقف المسيحي المعترِض على تشكيل الهيئة الوطنية للبحث في الخطوات الواجب اتخاذها لإلغاء الطائفية السياسية مع أن دورها يُفترض أن يقتصر على استمزاج رأي الأطراف السياسية الرئيسة في البلد. وشككت المصادر في أن ينقلب البطريرك الماروني بشارة الراعي على موقفه الرافض لمجرد البحث في تشكيل الهيئة الوطنية، وهو قال رداً على سؤال قبل أن يغادر في جولته على الاغتراب اللبناني في كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية حول تشجيعه للنسبية: «لقد اعتادوا أن ينسبوا إلي الكثير من الأمور إلا الحقيقة، والحقيقة أنني لا أعرف ما هي النسبية». وكان رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون أيضاً رفض إلغاء الطائفية السياسية وطالب بالتريث في تشكيل الهيئة الوطنية.
وأضافت أن عون يصر على رفضه إلغاء الطائفية السياسية، «فهل قرر أن يعيد النظر في موقفه بموافقته على جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة باعتماد النظام النسبي؟ أم انه يريد القانون النسبي الذي يؤمن له الغلبة على خصومه في الشارع المسيحي؟».
لذلك، فإن بري كما قالت مصادر في المعارضة، يعرف جيداً أن استحضار قانون الانتخاب على أساس جعل لبنان دائرة واحدة غير قابل للحياة، وإنما أراد أن يطلقه لأن المناقشات حول القانون سترتد الى البرلمان باعتباره الوعاء الذي يتسع لجميع الكتل النيابية خلافاً للواقع الحالي للحكومة التي تغيب عنها المعارضة.
وتابعت المصادر أن بري أراد من خلاله طرح تأمين التواصل بين الكتل النيابية لعلها تتوصل الى التفاهم على قانون واحد مع أن هناك استحالة في التوفيق بين جميع المكونات السياسية في البرلمان. وعزت المصادر الصعوبات التي تعترض بري في تسويقه مشروعه، الى جملة من الاعتبارات أبرزها:
- ان التحالفات الراهنة داخل الحكومة أو في البرلمان ليست ثابتة وهي معرضة للتغيير سواء تحت تأثير ارتدادات الأزمة في سورية على الوضع الداخلي أم من خلال شعور بعض الأطراف المنتمية الى الأكثرية بأن هناك من يطلب منها التوقيع بملء إرادتها على قانون انتخاب يؤدي الى تحجيمها أو إلغاء دورها كقوة راجحة في الحياة السياسية، وهذا ما ينطبق أولاً على رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط.
- يراهن البعض في الأكثرية على إقناع جنبلاط بصواب اعتماد النظام النسبي في الانتخابات وهذا ما يفسر اندفاع «حزب الله» وحركة «أمل» باتجاه رئيس «التقدمي» بتكليف الوزير علي حسن خليل وحسين الخليل الاجتماع به للوقوف على رأيه وصولاً الى استخلاص ما لديه من مخاوف وهواجس «تبقى مشروعة»، علماً أن استحداث مجلس للشيوخ لن يكون عاملاً مساعداً لإقناعه بإعادة النظر بتأييده قانون العام 1960.
- إن مجرد التلويح بجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة يبعث على قلق المسيحيين من أن يكون هذا الطرح الوجه الآخر للديموقراطية العددية التي كانت في السابق موضع رفض بإجماع المسيحيين.
- تعتقد بعض الأطراف في الشارع المسيحي بأن التحالفات الراهنة لن تعمّر طويلاً وأن المشهد السياسي يمكن أن يؤدي الى تغيير خريطة التحالفات، لذلك فهي تسأل عن الضمانة في حال تبدلت الأحوال السياسية وأثمرت إحياء للتحالف بين «تيار المستقبل» من جهة و»حزب الله» وحركة «أمل» من جهة ثانية، وهل يمكن في ضوء مثل «هذا الانقلاب» الإبقاء على الصوت المسيحي راجحاً في اختيار النواب المسيحيين في البرلمان؟
- إن طبيعة التحالفات القائمة حالياً لا تشجع جنبلاط ولا «المستقبل» على الخوض في مغامرة سياسية يمكن أن تهدد التوازنات بين الطوائف الأساسية في البلد، إضافة الى الفريق المسيحي المناوئ لعون الذي يفضل «عصفوراً في اليد ولا عشرة على الشجرة».
- إن استمرار الاحتقان المذهبي والطائفي لا يعالج فوراً بالانتقال من قانون عام 1960 الى القانون الرامي الى جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة لأن من يعارضه يرى فيه تسريعاً لخطوات إلغاء الطائفية السياسية وبالتالي فإن الإصلاح من فوق لا يبدل من واقع الحال على الأرض الذي هو في حاجة الى علاج من نوع آخر يبدأ بالمصالحات وتعميمها لتنفيس الاحتقان وتبديد المخاوف قبل أي شيء آخر.
وعليه، فإن بري يدرك كل هذه المخاوف ويتحسسها وهو يعرف جيداً أن جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة يواجه صعوبات، وبالتالي أراد أن يطلق مبادرة لإعادة الحوار حول أي قانون انتخاب يتماشى وطبيعة المرحلة السياسية الراهنة والذي يمكن أن يرعاه المجلس النيابي طالما أن الاختلاف في الحكومة سيتحول نقطة ساخنة ترمي بثقلها على كاهل ممثلي الأمة.
المصدر: مصادر مختلفة