موسكو: بوتين يستعيد الكرملين اليوم والشارع الروسي في قبضة المعارضة

فرنسوا هولاند رئيسا لفرنسا..انتخابات اليونان وإيطاليا:مصير اجراءات التقشف غير محسوم

تاريخ الإضافة الثلاثاء 8 أيار 2012 - 6:18 ص    عدد الزيارات 1863    التعليقات 0    القسم دولية

        


فرنسوا هولاند رئيسا لفرنسا
باريس - رندة تقي الدين وآرليت خوري
 

انتخب الفرنسيون امس الاشتراكي فرانسوا هولاند رئيسا للجمهورية بغالبية مريحة في مواجهة الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي الذي كان اعلن انه سيعنزل العمل السياسي في حال هزيمته. وهذه المرة الثانية التي يفوز فيها اشتراكي في انتخابات الرئاسة الفرنسية في ظل الجمهورية الخامسة، بعد فوز الرئيس الراحل فرنسوا ميتران العام 1981 على الرئيس المنتهية ولايته فاليري جيسكار ديستان.

وفي انتظار النتائج النهائية للاقتراع التي لن تظهر قبل ساعة متقدمة ليلا، اشارت تقديرات اربع مؤسسات استطلاع، قبيل اقفال صناديق الاقتراع في الثامنة مساء بالتوقيت الفرنسي، الى ان هولاند نال بين 52 و53.3 في المئة من اصوات المقترعين في الدورة الثانية من هذه الانتخابات، والذين بلغت نسبتهم بين 80 و82 في المئة.

وافادت مؤسسات «سي اي اي» و»تي ان اس سوفريس» و»ايبسوس»، ان هولاند حصل على 52 في المئة، في مقابل 48 في المئة لساركوزي. في حين ان تقديرات مؤسسة «هاريس انتراكتيف» اعطت هولاند بين 52.7 و53.3 في المئة.

وقال الناطق باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي بينوا هامون «انه حدث سعيد جدا ينهي سيطرة اليمين على الاليزيه طيلة 17 عاما».

واصبح هولاند بذلك ثاني رئيس اشتراكي في الجمهورية الفرنسية الخامسة التي بدأت عام 1958 بعد ميتران (1981-1995).

وساركوزي هو الرئيس الثاني الذي يهزم في محاولته لتجديد ولايته بعد جيسكار ديستان العام 1981.

وبذلك تمكن هولاند الذي لم يسبق له ان تولى اي منصب وزاري في حياته السياسية من الوصول الى الرئاسة، بعد حملة انتخابية ناجحة. واحتفل الرئيس المنتخب مع انصاره بالفوز في ساحة الباستيل التي بدأت تستعد للحدث منذ الجمعة الماضي.

وخرج ساركوزي من الرئاسة، بعدما حاول استقطاب اصوات اليمين المتطرف، في مهرجاناته وتصريحاته بين الدورتين االولى والثانية، عبر حملة يمينية استخدم خلالها العديد من شعارات الجبهة الوطنية المتطرفة، ما افقده اصوات الوسط واليمين المعتدل. وذلك بعد تدهور كبير في شعبيته الى ادنى مستويات خلال الفترة التى سبقت اعلان ترشيحه لولاية رئاسية ثانية. وتتركز الانظار حاليا على الفريق الذي سيختاره هولاند. وبحسب الصحافة الفرنسية، قد يختار الرئيس المنتخب لتولي رئاسة الحكومة المقبلة رئيس بلدية نانت جان مارك اييرو او الامين العام للحزب الاشتراكي مارتين اوبري. والمرشح للداخلية مانييل فالز وللخارجية رئيس الحكومة السابق لوران فابيوس او الوزيرة السابقة اليزابيت غيغو او بيار موسكوفيسي الطامح الى وزارة المال.

اما اليمين فمن المتوقع ان يعيد تنظيم حزب «اتحاد الحركة الشعبية» مع الشخصيات البارزة في الحكم من الان جوبيه وزير الخارجية ورئيس الحكومة فرانسوا فيون والامين العام للحزب جان فرانسوا كوبي، استعدادا للانتخابات التشريعية في حزيران (يونيو) المقبل.

 

فرنسا: إقبال على الجولة الحاسمة لانتخابات الرئاسة
هولاند (أ ف ب).jpg
باريس - رندة تقي الدين وآرليت خوري
 

أقبل الفرنسيون بكثافة على صناديق الاقتراع في الجولة الحاسمة لانتخابات الرئاسة امس، وذلك في ختام حملة انتخابية كانت ملامحها ظاهرة منذ قبل الجولة الاولى اذ سجلت استطلاعات الرأي توقعات بفوز المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند على منافسه الرئيس (اليميني) نيكولا ساركوزي. وكان هولاند أحرز في الجولة الاولى تقدماً على منافسه بنقطة ونصف النقطة وحل في المرتبة الاولى.وبلغت نسبة الاقبال 30.66 في المئة بحلول ظهر امس، اي بارتفاع قدره نقطتين مقارنة بالدورة الانتخابية الاولى ولكن بانخفاض مقارنة مع الدورة الثانية لانتخابات عام ٢٠٠٧ اذ بلغت هذه النسبة ٣٤ في المئة.

هولاند يقترع

وكان أول المقترعين فرانسوا هولاند برفقة صديقته الصحافية فاليري تريرفيلير في منطقة لا كوريز وهي منطقة الرئيس السابق جاك شيراك. ووصل هولاند الى مركز الاقتراع في بلدة تول في الكوريز، وتوقف وسط حشد من المؤيدين يقبل هذا ويصافح ذاك ويأخذ صوراً مع البعض على طريقة الرئيس السابق جاك شيراك، قبل توجهه الى التصويت.

وصوتت بعده صديقته فاليري ثم زار باقي المراكز في المنطقة وتوجه الى مطعم «لو سانترال» الذي حجزه لغداء خاص مع صديقته وبعض المساعدين والاصدقاء. وبقي هولاند في الكوريز حتى المساء لانتظار النتائج ولتحضير خطابه في باريس حيث كانت التحضيرات في مقر الحزب في الدائرة السابعة جارية منذ الصباح للاحتفال في ساحة لا باستي التي تم اختيارها كونها الساحة التي احتفل فيها الرئيس الراحل الاشتراكي فرانسوا ميتران بفوزه بالرئاسة عام ١٩٨١.

ودعي عدد من الفنانين الى احياء هذه الحفلة منذ قبل الانتخاب، وشيد مسرح في الساحة وشاشات عملاقة منذ يوم الجمعة اعداداً للنصر. وكان رئيس بلدية نانت مستشار هولاند جان مارك اييرو قال قبل النتيجة ان هولاند في حال فوزه سيجري اتصالاً مسائياً بالمستشارة الالمانية انغيلا مركل للتشاور.

ساركوزي

وصوت ساركوزي مع زوجته كارلا في الدائرة السادسة عشرة من باريس في مدرسة ليسيه لافونتين حيث احتشد بضعة مئات من الاشخاص مرددين: «نيكولا رئيس وسنربح».

وصافح ساركوزي البعض ثم ادلى بصوته بعد دخوله الى الغرفة السرية وعادت كارلا الى منزلها في فيلا مونمورانسي (وهي فيلا خاصة يسكن فيها ساركوزي وزوجته) لأنها نسيت بطاقة هويتها وعادت وصوتت بعد ذلك.

ثم ذهب الزوجان لتناول الغذاء وتوجه بعدها ساركوزي الى قصر الايليزيه لينتظر النتائج مع بعض مؤيديه. وكان فرانسوا فيون رئيس الحكومة ادلى بصوته في مقر بلدية الدائرة السابعة من باريس وغادر بسرعة بعد بضع دقائق، مكتفياً بالقول انه سيتوجه مساء الى لا موتياليتي حيث التقى مؤيدي الحزب الحاكم.

لوبن

وصوتت زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن في انان بومون في البا دو كالي حيث صرحت: «قلت بوضوح اني ساقترع ببطاقة بيضاء وليس من عادتي ان اغير رأيي»، مضيفة انها «لا تترقب شيئاً من نتائج الانتخابات اياً يكن الفائز، على رغم ان اصوات مؤيدي حزبها سيكون له اثره على صعيد نتائج ساركوزي.

وأدلى وزير الخارجية ألان جوبيه بصوته في بوردو حيث يشغل منصب العمدة وكانت ترافقه زوجته ايزابيل. وقال انه يحتفظ بثقته بالنسبة الى نتيجة الانتخابات.

وأدلى فرانسوا بايرو زعيم الوسط بصوته في بو بعد ان كان اعلن عن عزمه الاقتراع لصالح هولاند. وهو كان احرز في الجولة الاولى 9.13 في المئة من الاصوات. وقال بايرو ان الحملة الانتخابية كانت عنيفة وقاسية وانه من الملح للرئيس الجديد العمل على مصالحة الفرنسيين. ومن جهته صوت الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي رجل الفضائح دومينيك شتروس كان في سارسيل، من دون ان يدلي بأي تصريح.

وصوتت برناديت شيراك زوجة الرئيس السابق وهي مستشارة في الكوريز في منطقة هولاند ولكنها تمنت ان يعاد انتخاب ساركوزي وقد ادلت ايضاً بصوت زوجها الرئيس السابق شيراك لأسباب صحية لا يمكنه ان يتوجه للتصويت.

وصوتت المرشحة الرئاسية السابقة سيغولين رويال وام اولاد هولاند وشريكته السابقة في لا روشيل حيث صرحت بأن الانتخابات لحظة مهمة جداً ستحدد مستقبل بلدنا.

 

انقسام ألماني حول الاستحقاق الفرنسي
برلين - اسكندر الديك

انقسم الموقف السياسي الألماني من النتائج المرتقبة للانتخابات الرئاسية في فرنسا والانتخابات النيابية في اليونان اللتين جرتا أمس. وفي حين حذر ممثلو التحالف المسيحي - الليبرالي الألماني الحاكم أمس من التأثير السلبي لفوز مرشح الاشتراكيين الفرنسيين فرانسوا هولاند على مستقبل العلاقات الألمانية، أعرب الحزب الاشتراكي الديموقراطي المعارض عن دعمه القوي لموقف هولاند الداعي إلى تخصيص برامج نمو وتأمين فرص العمل في منطقة اليورو للتخفيف من سياسة التقشف التي فرضتها المستشارة أنغيلا مركل والرئيس الفرنسي فرانسوا ساركوزي على سائر دول الاتحاد الأوروبي أخيراً.

وقال رئيس الكتلة النيابية للحزب الديموقراطي المسيحي فولكر كاودر الذي سبق ورفض مطلب هولاند باعادة النظر في معاهدة التقشف الأوروبية إنه ينتظر «أن يواجه التعاون الألماني - الفرنسي متاعب»، مضيفاً أن التفاهم بين الطرفين «قد يصبح صعباً في حال فاز المرشح الاشتراكي هولاند وبقي متمسكاً بتصريحاته». لكن كاودر عاد وخفف بعض الشيء من حدة كلامه قائلاً إنه مع ذلك يعتقد أنه «بغض النظر عمن سيفوز في فرنسا ستبقى ألمانيا وفرنسا تتعاونان بصورة وثيقة في المستقبل لتبقيا محرك أوروبا».

وكانت مركل التي أظهرت دعماً شديداً لساركوزي خلال حملته الانتخابية، ورفضت في مجرى ذلك استقبال هولاند في برلين في لقاء تعارف تقليدي، رفضت رفضاً باتاً أي بحث في إعادة النظر بمعاهدة التقشف الأوروبية، كما رفضت إقرار أية برامج نمو في الدول المتعثرة واضعة التقشف أولوية مطلقة فيها. وشبه مراقبون في برلين عدم استقبال مركل لهولاند برفضها طلب باراك أوباما حين كان مرشحاً لحزبه للرئاسة لألقاء خطاب أمام «بوابة براندبورغ» التاريخية في برلين، الأمر الذي أرسى علاقات باردة بينهما لفترة طويلة. ولم يستبعد هؤلاء ان تشهد العلاقات بين مركل وهولاند بروداً مماثلاً على المستوى الشخصي في حال فوز الأخير بالرئاسة كما هو متوقع.

وينطلق الحزب الاشتراكي الألماني من حقيقة أن فوز هولاند سيقوي مواقعه في ألمانيا أيضاً قبل نحو سنة من الانتخابات النيابية في ألمانيا، بخاصة أن الاستطلاعات لا تزال تشير إلى استمرار تقدم المعارضة الاشتراكية - الخضراء على التحالف الحالي الحاكم. وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتس، وهو اشتراكي ألماني، إنه يرى في فوز هولاند «فرصة لإطلاق معاهدة نمو أوروبية تستند إلى الاستثمار في التكنولوجيات المستقبلية».

 

موسكو: بوتين يستعيد الكرملين اليوم والشارع الروسي في قبضة المعارضة

الحياة..موسكو - رائد جبر
 

يؤدي الرئيس الروسي المنتخب فلاديمير بوتين القسم الدستوري في الكرملين اليوم، لتولي صلاحياته الرسمية في ولاية من ست سنوات، بعد فوزه بأصوات 64 في المئة من الروس في الانتخابات التي نُظمت في آذار (مارس) الماضي. لكن صفو المناسبة عكرته مواجهات ساخنة واعتقالات واسعة في صفوف المعارضين، عشية مراسم التنصيب.

ومع استعادته لقب «سيد الكرملين»، بعد أربع سنوات أمضاها على مقعد رئاسة الوزراء، وبقي خلالها ممسكاً بمفاتيح القرار في كل شؤون البلاد، يستعيد الرئيس العائد، فور انتهاء مراسم التنصيب، قلادة رأس البلاد و «الحقيبة النووية» والطائرة الرئاسية الرقم واحد، وامتيازات كثيرة أخرى كان نقلها، موقتاً العام 2008، إلى شريكه في الحكم ديمتري مدفيديف.

ولن تحمل مراسم التنصيب جديداً، إذ أعلنت إدارة البروتوكول في الكرملين أنها ستكون نسخة مطابقة لتقاليد طُبقت منذ العام 2000، أي منذ تسلم بوتين الرئاسة للمرة الأولى.

وتشمل المراسم عرضاً للحرس الرئاسي قرب الكرملين، يليه خطاب موجز لمدفيديف يودع فيه منصبه، قبل أن ينتقل الضيوف إلى قاعة «العرش» في الكرملين حيث يؤدي بوتين قسمه واضعاً يده اليمنى على نسخة خاصة من الدستور موشاة بالذهب، سيحتفظ بها الرئيس طيلة ولايته.

ثم يشهد نحو ألفين من الضيوف تسليم بوتين قلادة الرئيس وشعار الدولة وعلم روسيا الذي يُرفع فوق مقرّ الرئاسة، وعليه تطريز مذهب باسم الرئيس وتاريخ تسلمه مهماته.

لكن الحاضرين لن يروا تدابير أخرى، تكرّس تسليم الصلاحيات والامتيازات الكثيرة للرئيس، اذ يستعيد سيد الكرملين الجديد – القديم، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، «الحقيبة النووية» التي تحوي شفرة سرية لتشغيل ترسانة روسيا من السلاح الفتاك، اذا دعت الحاجة، وفيها زر يكفي أن يضغطه الرئيس حتى ينطلق أمر لقيادة سلاح الصواريخ الاستراتيجية للتحرك.

كما تعود الى بوتين «الطائرة الرئاسية الرقم واحد» وهي على عكس اسمها، ليست طائرة واحدة بل أسطول يضم طائرات مدنية وعسكرية ومروحيات.

وسيكون في مقدور بوتين مجدداً استخدام عدد كبير من القصور الرئاسية في مناطق عدة، بين امتيازات كثيرة أخرى لم تكن في غالبيتها بعيدة من متناول يده خلال السنوات الماضية، خصوصاً أنه نقل جزءاً كبيراً منها معه عندما خرج من الكرملين إلى مقر رئاسة الوزراء.

ما لن يتمكن سيد الكرملين من استعادته، على رغم كل مظاهر الفخامة التي ترافق عادة مراسم التنصيب، هو هدوء الشارع الروسي الذي بات منقسماً بقوة، بين مؤيد ومعارض.

وعشية مراسم التنصيب، شهدت موسكو ومدن روسية أخرى احتجاجات واسعة، اذ نزل مئات الآلاف إلى الشوارع في أكثر من 50 مدينة، في تجمعات وصفتها المعارضة بأنها «مليونية»، واعتبرت الرئيس «غير شرعي»، وقابلها نزول أنصار بوتين إلى ساحات، مطالبين بالحفاظ على الاستقرار الذي جلبه لروسيا.

ولم تكن الرسالة التي وجهتها أجهزة الأمن، عشية مراسم التنصيب، مطمئنة للمعارضين، إذ شهدت المدن الروسية أمس، تشديداً للتدابير الأمنية و «اعتقالات بالجملة» طاولت نشطاء المعارضة ورموزها، بينهم سيرغي أودالتسوف وأليكسي نافالني وبوريس نمتسوف، ودفعت البعض إلى الدعوة الى التصعيد واللجوء إلى «سيناريو الميدان».

في المقابل، هددت وحدات مكافحة الشغب بأنها ستواجه بقسوة أي محاولة لاستنساخ «الثورة البرتقالية» في أوكرانيا العام 2004، أو «ميدان التحرير» في مصر العام الماضي، ما يعني أن المواجهة مع المعارضة قد تتخذ أشكالاً أكثر حدة.

والأكيد أن التطورات الساخنة أمس، خصوصاً مع وقوع جرحى ومواجهات عنيفة للمرة الأولى بين الأمن والمعارضين، ستلقي بثقلها على مراسم التنصيب، وربما تقلق أكثر الرئيس المنتخب وهو يتلو اليوم، القسم الرئاسي الذي ينص في فقرته الأولى على التزامه احترام حرية الرأي والتعبير، مقدماً ذلك على فقرتين تاليتين عن الالتزام بالدستور والدفاع عن سيادة روسيا.

 

 

انتخابات اليونان وإيطاليا:مصير اجراءات التقشف غير محسوم
 
 

الحياة..أثينا، روما - رويترز، أ ف ب - بدأ اليونانيون أمس التصويت لتجديد برلمانهم في انتخابات تراقبها أوروبا عن كثب ويفترض ان تعطي مؤشراً على قدرة البلاد على مواصلة جهود إنهاض الاقتصاد والبقاء في منطقة اليورو من خلال تدابير أبرزها التقشف. وأدلى الناخبون الإيطاليون بأصواتهم في انتخابات محلية هي أول اختبار لسياسات التقشف التي ينتهجها رئيس الوزراء ماريو مونتي منذ تعيينه العام الماضي بهدف تجنيب البلاد السقوط في الفخ اليوناني، وتفتقر إلى الشعبية في شكل متزايد. ومع إجراء انتخابات عامة في فرنسا واليونان وانتخابات محلية في ولاية ألمانية، بدا ان الانتخابات اليونانية والإيطالية ستساعد في تقديم أكثر الصور شمولاً للمزاج العام في أنحاء أوروبا منذ ظهور الأزمة المالية.

ودُعي نحو 9.8 مليون يوناني للتصويت، وكان مقرّراً بعد إغلاق مكاتب الاقتراع بث استطلاعات الرأي. وقال وزير الداخلية تاسوس يانيتسيس، المسؤول عن حسن سير عمليات الاقتراع، ان «كل شيء يسير في شكل طبيعي، واعتقد نسبة المشاركة ستكون كثيفة». وحذر رئيس الوزراء لوكاس باباديدموس خلال الحملة من ان «التوجه الاستراتيجي لليونان ومستقبلها للعقود المقبلة على المحك في هذه الانتخابات».

وقال زعيم «حزب الديموقراطية الجديدة» المحافظ انتونيس ساماراس أثناء الإدلاء بصوته في بيليبونيز في الجنوب ان «الشعب يصوت اليوم من اجل مستقبل أولاده والاستقرار والنمو والأمن والعدالة». وقد تعكس هذه الانتخابات الحاسمة استياء الناخبين من اكبر حزبين، المحافظ والاشتراكي، ما قد يؤدي إلى عدم استقرار سياسي. وبعد سنتين من الأزمة الاقتصادية، وفيما حصلت البلاد على قرضين دوليين لتجنب الافلاس، تثير هذه الانتخابات قلق الاتحاد الأوروبي الذي يخشى شللاً في اليونان وتهديداً للجهود التي يبذلها لضمان بقائها في منطقة اليورو.

ورأى محللون ان نتيجة الاقتراع مفتوحة على كل الاحتمالات بسبب نسبة الناخبين الذين لم يحسموا والبالغة 25 في المئة، ما قد يغيّر الخريطة السياسية. ويُتوقع ان يتقدم حزب «الديموقراطية الجديدة» على «باسوك» الاشتراكي الذي فاز في الانتخابات التشريعية عام 2009، لكنه لم يحصل سوى على نحو 25 في المئة من الأصوات، في مقابل 33.4 في المئة عام 2009، من نوايا التصويت كما أظهرت استطلاعات الرأي، ما قد لا يتيح له الحصول على الغالبية. ويُتوقع ان يخسر «باسوك» أكثر من نصف ناخبيه، الذين بلغوا 44 في المئة عام 2009، بسبب استيائهم من إجراءات التقشف الصارمة التي اتبِّعت اثر اعتماد خطة النهوض الاقتصادي المفروضة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

وفيما أبدى زعيم «باسوك» ايفانغيلوس فينيزلوس استعداده لحكومة ائتلافية، هدد منافسه زعيم «الديموقراطية الجديدة» بالمطالبة بانتخابات جديدة إذا لم يتمكن من الحكم منفرداً، فيما الخيار الأكثر ترجيحاً حتى الآن هو تحالف بين «الديموقراطية الجديدة» و «باسوك» من ضمن حكومة أزمة. لكن تصويت الناخبين قد لا يؤدي إلى هذا السيناريو، خصوصاً أنهم يعتزمون معاقبة هذين الحزبين الكبيرين، اللذين يشكلان محور الحياة السياسية في اليونان، ويحملونهما مسؤولية مشكلات البلد.

وستكون قدرة البلاد على مواصلة جهود النهوض الاقتصادي المرتبطة بالمساعدات المالية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والتي تعتمد عليها أثينا لدفع الرواتب ومعاشات التقاعد في القطاع العام، رهناً بمدى التصويت السلبي في هذه الانتخابات الذي يشمل خليطاً يراوح من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، الذي هيمن برنامج رفض إجراءات التقشف على حملته.

وفي إيطاليا، لا يخوض مونتي بنفسه السباق، لكن بالنسبة إلى الحزبين الرئيسين اللذين يؤيدان حكومته المكونة من تكنوقراط في البرلمان، ستكون الانتخابات مؤشراً إلى حجم التأييد قبل الانتخابات العامة العام المقبل. ويتنافس في الانتخابات كل من «حزب حرية الشعب» المنتمي إلى يمين الوسط و «الحزب الديموقراطي» المنتمي إلى يسار الوسط، لكنهما يواجهان ناخبين متشككين يشعرون باستياء ومرارة من رفع الضرائب. وهناك تسعة ملايين إيطالي مؤهلون للتصويت في نحو 900 بلدة، بما في ذلك مناطق مهمة مثل باليرمو وجنوى وفيرونا. وأظهر استطلاع للرأي نهاية الأسبوع الماضي تقدم «الحزب الديموقراطي» على «حزب حرية الشعب»، لكن أكثر من 38 في المئة ممن شملهم الاستطلاع إما مترددون أو مستعدون للامتناع عن التصويت.

 

 

ضمانة المؤسسات
الحياة..غسان شربل
 

من حق الأوروبي أن يقلق. يكفي ان يتابع على الشاشات نداءات الاستغاثة الصادرة من دولة تغرق وأخرى مهددة. ارتفعت في الشهور الماضية أصوات تقول إن أوروبا تسرّعت باعتناق الوحدة على هذا النوع. وثمة من يرى ان العيش تحت سقف اليورو كان يجب أن يتم على دفعات، وأن الألماني لن يدفع الى ما لا نهاية ثمن تباطؤ اليوناني أو أوروبي من جنسية أخرى.

من حق الأوروبي أن يقلق. في أرجاء القارة القديمة جيوش من العاطلين عن العمل. وهناك ارتفاع الأسعار ومقاومة قطاعات من المواطنين للأدوية المرّة التي تقترحها الحكومات لإنقاذ الوضع الاقتصادي. يجد الأوروبي صعوبة في التنازل عن بعض أشكال الرعاية التي كانت توفرها الدولة وتنوء اليوم تحت أحمالها. وهناك أهل التشاؤم الذين يتحدثون عن شيخوخة القارة وتراجع ثقلها الاقتصادي أمام الصعود الصيني المتسارع، والحديث عن قدوم العمالقة الآسيويين.

يواجه الأوروبي مشكلات جدية تتفاوت بين دولة وأخرى. لكنه يملك في الحقيقة سلاحاً فعالاً يجنّب بلده الحاجة الى الغرق في الفوضى الشاملة أو العنف الدموي. إنه سلاح المؤسسات التي تتيح له حق المساءلة والمحاسبة وتغيير الوجوه والسياسات. وهذا السلاح يتيح إعادة فتح نافذة الأمل، وتجديد الرهان، وتصحيح المسار. إنه سلاح الاحتكام الى صناديق الاقتراع والانحناء أمام نتائجها.

لا يستطيع سياسي أوروبي خطف المنصب الذي حصل عليه، وتمديد إقامته فيه قسراً، واحتقار قرار الناس بإخراجه منه. محاولته تزييف الأرقام تعجّل في قرار إخراجه. محاولته اختراع أعداء لتغطية فشله يواجهها الرأي العام بعقاب شديد.

تمر هذه الملاحظات ببالك وأنت تتابع من بيروت سير الانتخابات الرئاسية الفرنسية. يقارن اللبناني المتابع بين مجريات المناظرة بين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند وأوحال بعض السجالات السياسية في لبنان. لا يجرؤ مرشح هناك على اتهام منافسه بأنه خائن وعميل. حين اتهم ساركوزي هولاند بالكذب جاءه الرد صارماً ومهذباً في آن. لا تسمح المؤسسات الفرنسية بتحويل سلاح الاغتيالات شريكاً في حسم المعارك الانتخابية قبل موعدها أو بعد صدور النتائج.

في البلدان الديموقراطية يذهب الناس الى صناديق الاقتراع للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم. يذهبون من اجل حياة أفضل لهم ولأبنائهم. في الإقليم المنكوب تؤدي هشاشة المؤسسات الى تحويل الانتخابات مجرد فصل من الحرب الأهلية. نذهب ونقترع للماضي وغبار المتاحف وتجديد العصبيات. نذهب كأن الانتخابات فرصة سانحة لقهر الآخرين، وكسر إرادتهم وتبديد حقوقهم وتطلعاتهم. نقبل صناديق الاقتراع شرط أن تأتي النتائج لمصلحتنا ونحتكم الى القوة إذا خيّبتنا.

نراقب انتخابات الآخرين ونشعر بالحسد. بيننا وبينهم هوة كبيرة. ليست لدينا مؤسسات حقيقية والرأي العام عندنا يهتاج بدل ان يتبصر ويراقب ويحاسب. مدارسنا متخلفة وجامعاتنا تنجب رجالاً متوترين لا يسلّمون بضرورة احترام الآخر. أفكر في البلدان التي ضربها الربيع. لا يكفي ان يذهب المستبد، إننا نحتاج الى ثورة ثقافية وفكرية وإلى تعليم عصري، وإلى مؤسسات يمكن من خلالها البحث عن الاستقرار والازدهار. إننا نعيش في مجتمعات بلا صمامات أمان.


المصدر: جريدة الحياة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,230,897

عدد الزوار: 6,983,628

المتواجدون الآن: 72