تقارير ...إصلاح النظام السياسي الفلسطيني مشروط بإنهاء ثنائية الهيمنة والانقسام لدى «فتح» و«حماس»..جمهور العالم الأول ضد التقشف وإدارات تتقلب على جمر سياسات تعميم الخسائر..الدرع المضادة للصواريخ في أوروبا بين الإصرار الأميركي وردّة الفعل الروسية

شوفينيون دينيون يؤججون الصراع حول الجزر الثلاث وتسمية الخليج

تاريخ الإضافة الأحد 27 أيار 2012 - 4:59 ص    عدد الزيارات 2159    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

شوفينيون دينيون يؤججون الصراع حول الجزر الثلاث وتسمية الخليج
موقع إيلاف..أسامة مهدي
اتهم الامين العام لمركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران من أسماهم بالقوميين العنصريين والدينيين الشوفينيين بالوقوف وراء الحملة المعادية للعرب حول تسمية الخليج واحتلال الجزر الإماراتية الثلاث وأشار إلى أنّ ملايين العرب في إيران يواجهون الان خطورة توحد خطاب هذه المجاميع مع خطاب الحكومة الإيرانية التي تحرم اكثر من 60% من سكان إيران غير الفرس من حقوقهم الثقافية واللغوية والاجتماعية وتعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية والثالثة.
قال الناشط والسياسي عضو اتحاد الكتاب الإيرانيين يوسف عزيزي والامين العام لمركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران في حديث مع "إيلاف" حول الضجة المثارة في إيران حاليا إزاء حذف شركة "غوغل" العملاقة للمحرك الالكتروني اسم "الفارسي"من الخليج الذي يفصل إيران عن دول الخليج العربية إن قضية خلافات النظام الإيراني مع حكام الدول العربية المجاورة حول تسمية الخليج والجزر الاماراتية الثلاث اصبحت ساخنة وتحولت الى لقمة سائغة للقوميين المتطرفين والشوفينيين الدينيين في إيران الذين استغلوا زيارة الرئيس الإيراني احمدي نجاد الاخيرة إلى جزيرة ابوموسى من اجل إثارة المشاعر القومية لأطياف واسعة من الفرس.
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد هددت مؤخرا باتخاذ إجراءات قانونية ضد شركة غوغل بسبب رفعها اسم "الخليج الفارسي" من خرائطها وترك الخليج الواقع بين إيران والدول العربية دون اسم.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمان باراست، إن "أحد الأعمال المثيرة للفتنة التي تتخذ في إطار الحرب الناعمة ضد إيران هو عمل غوغل المشين بإسقاط اسم الخليج الفارسي وهو أمر مخالف للوثائق التاريخية" على حد قوله. وأضاف "وضعنا على جدول أعمالنا تقديم شكوى رسمية ضد غوغل". كما شنّ مستخدمون إيرانيون لخدمة الترجمة التي تقدمها شركة "غوغل" حملة مكثفة منذ فترة لإرغام أكبر محركات البحث على الإنترنت على ترجمة "خليج فارس" إلى "Persian Gulf". 
المتاجرة السياسية ألغت المواقف المحايدة
وأشار عزيزي إلى أنّه في ظل المتاجرة السياسية والاعلامية حول هذا الموضوع لم يعد هناك أي مجال للدراسات المحايدة أو لموقف حقوقي أو تاريخي غير متزمت لان معظم الحراك الإيراني أصبح مشفوعا بإطلاق الاحكام المسبقة والسباب والاساءة للعرب.
وأضاف أن الملايين من الجماهير العربية الاهوازية في إيران الذين يعانون منذ عقود الخطاب العنصري للمجاميع القومية الفارسية تواجه الان خطورة توحد خطاب هذه المجاميع مع خطاب الحكومة الإيرانية التي جاءت بشعارات تدعو الى اتحاد اسلامي غير أنها وبعد فشل هذه الشعارات فإنها تلجأ الان إلى الخطاب القومي المتطرف. وأوضح أنه نتيجة لذلك فقد نشأ تحالف "مشؤوم" بين القوميين الشعوبيين الاقصائيين والحكام الاسلامويين حيث يشترك الجانبان في معاداتهم للعرب والشعوب غير الفارسية في إيران. واضاف على سبيل المثال ان حزب الامة الإيرانية (ملت إيران) وصف في بيان الشهر الماضي كل العرب بالخدم والعبيد.
وقال بالنص "تطلق القوى الدولية كل مرة ومن أجل المزيد من الضغوط وكسب الامتيازات تطلق يد عبيدهم الأعراب كي تضاعف الضغوط على إيران من أجل تحقيق أهدافها الخاصة". كما وصف دولة عربية مستقلة وجارة هي الامارات العربية المتحدة بـ"الدويلة المزيفة" رغم أن هناك آلاف الإيرانيين يعملون ويقيمون فيها.
قوميون عنصريون وشوفينيون دينيون
وحول قول الرئيس نجاد في 12 من الشهر الماضي خلال زيارته جزيرة ابو موسى ان "الذين يزورون اسم الخليج الفارسي لا يمتلكون أي ثقافة أو حضارة "تساءل عزيزي قائلا "هل الذين زوّروا وغيروا اسماء الاقاليم والمدن غير الفارسية في إيران كانوا اصحاب ثقافة وحضارة حيث ألغوا الاسماء التاريخية لعربستان و لمحمرة وعبادان والقصبة والخفاجية والفلاحية والخلفية ومعشور وجزيرة صلبوخ وشط العرب وعشرات الاسماء المحلية في المناطق العربية الاهوازية والتركية الآذرية وذلك خلافا لرغبة الشعوب.. وهناك كل الوثائق التاريخية التي تؤكد أصالة هذه التسميات فلماذا هذا التناقض والازدواجية في السلوك حيال هذه القضية ".
وكان رضا شاه بهلوي في عام 1926 قد غيّر أسماء المدن العربية الإيرانية رسمياً حيث تم تغيير "ولاية عربستان" إلى محافظة خوزستان إلا أن المكاتبات الرسمية ظلت تعتمد "عربستان" أي أرض العرب في الفارسية حتى عام 1935. وتغيرت أيضاً التسميات العربية لمدن الإقليم بأخرى فارسية كالمحمرة (خرمشهر) والخفاجية (سوسنجرد) والفلاحية (شادجان) وعبادان (آبادان) والحويزة (هوزجان). وبعد ثورة عام 1979 تمسكت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الجديدة بالتغييرات التي أحدثها نظام الشاه في المناطق العربية الإيرانية التي تقطنها حوالى خمسة ملايين نسمة من العرب على الضفة الأخرى من الخليج.
وأشار عزيزي إلى أنّه اذا كان نجاد وكباقي القوميين الإيرانيين يؤمنون بانهم وحدهم اصحاب الثقافة والحضارة فقط فنحن نسأله "لو كنتم كذلك فلماذا تحرمون اكثر من 60% من سكان إيران غير الفرس من حقوقهم الثقافية واللغوية والاجتماعية وتعاملون هذه الشعوب كمواطنين من الدرجة الثانية والثالثة؟".
واضاف ان الشوفينيين الدينيين والقوميين العنصريين ومن خلال الترويج للخطاب العنصري المعادي للعرب واستغلاله والمتاجرة به قد حولوا إيران إلى جهنم للمواطنين العرب في إقليم عربستان في حين ان ابناء جلدتهم من سائر العرب – الذين يحتقرونهم - يلبون مطالب البربر في المغرب ويمنحونهم حقوقهم الثقافية واللغوية وفي العراق حصل الاكراد من خلال نظام فدرالي على كامل حقوقهم وفي السودان تم إقرار حق تقرير المصير للجنوب واعترفت دولة السودان رسميا بالجنوب كي تكون دولة مستقلة.
وقال إن هؤلاء لم يقدموا لإيران غير القتل والاعدامات والسجون لآلاف من الاكراد والعرب والبلوش و الترك و التركمان ليس لذنب ارتكبوه الا المطالبة بحقوق قومية متساوية مع القومية الفارسية.
هجمة عنصرية وتجاوزات
وأضاف عزيزي أن هذه الهجمة العنصرية التي يؤججها حزب الأمة الإيرانية (ملت إيران) والجبهة الوطنية (جبهه ملى) و حزب "بان إيرانيست" و الاعلام الفارسي قد تجاوزت كل المعقول حتى وصلت إلى بلاط خامنئي حين انشد محمدي كلبايكاني مدير مكتبه ابياتا من الشعر مشفوعة بالعبارات المشينة والنفس الاستعلائي.
أين أصبح شعار الامة الاسلامية؟
وأشار الناشط الإيراني عزيزي إلى أنّ من كانوا يتشدقون بشعار الامة الاسلامية غيّروا جلدهم الان وأخذوا يتشبثون ب"فارس" و"نسل العجم"، وذلك لترويج ثقافتهم وحضارتهم الخاوية ومن خلال استنهاض الروح العنصرية وكل هذا من أجل الاستمرار في السلطة بأي ثمن.
وأضاف أن مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران اذا يرفض موجة الهجمة العنصرية الجديدة ضد العرب التي تتم تحت ذرائع الصراع حول تسمية الخليج وقضية الجزر الثلاث المتنازع عليها بين إيران و الامارات فأنه يشدد على انه من حق أي كان ان يدافع عن تسمية الخليج الفارسي و ملكية الجزر الثلاث بالادلة التاريخية والحقوقية وغيرها ولكن مع الرفض الشديد لان تتحول هذه القضية إلى وسيلة ابتزاز وتأجيج للكراهية والممارسات العنصرية. وقال بهذا الصدد إن السلطات الإيرانية تقوم حاليا بإرغام السجناء السياسيين العرب الاهوازيين القابعين في الزنازين المظلمة هناك على تأييد موقفها من تسمية الخليج وملكية الجزر الثلاث.
يذكر ان تسمية الخليج وهو الممر المائي الهام قد ظلت لفترة طويلة مسألة حساسة لدى الدول المطلة عليه وهي السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة وعمان والعراق وإيران. وتطلق عليه إيران اسم "الخليج الفارسي" بينما تطلق عليه الدول العربية اسم "الخليج العربي". وهددت إيران عام 2010 بمنع شركات الطيران من استخدام مجالها الجوي إذا أشارت إلى الخليج باسم "الخليج العربي" بدلا من "الخليج الفارسي".
وتزايدت حدة التوتر بين إيران وجيرانها العرب بسبب برنامج طهران النووي الذي يخشى حكام دول الخليج العربية أن يؤدي إلى امتلاك إيران أسلحة نووية رغم ان إيران تؤكد أن برنامجها النووي سلمي ويهدف فقط إلى توليد الكهرباء كما تتهم دول الخليج العربية إيران بإثارة الاضطرابات في البحرين، وهو ما تنفيه طهران والمحتجون البحرينيون.
 
إصلاح النظام السياسي الفلسطيني مشروط بإنهاء ثنائية الهيمنة والانقسام لدى «فتح» و«حماس»
الحياة...علي سبيتي *
كتاب «إصلاح النظام السياسي الفلسطيني» الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت، هو محاولة من مؤلفه محمد عبدالله أبو مطر لرصد المراحل التي مرّ بها الشعب الفلسطيني وقضيته منذ عام 1948، مع التركيز على ولادة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 من خارج فناء الدولة وفضاء الإقليم، وصولاً الى قيام السلطة الفلسطينية، خصوصاً بين المنظمات الفلسطينية، وخاصة بين الفصيلين الأساسيين «فتح» و «حماس».
والنظام السياسي الفلسطيني واجه منذ تأسيساته الأولى ومع مراحل تطوره، خلافات وانقسامات بين التشكيلات السياسية، نتيجة التباين في وجهات النظر حول الموقف والتوجه السياسي، ولم تصل هذه الخلافات الفلسطينية الحزبية إلى حد الشرح في بنية النظام السياسي، كما حدث لحظة سيطرة حركة حماس عسكرياً على مؤسسات السلطة الوطنية في قطاع غزّة، وما نتج عنها من انقسام تفاقم بوتائر سريعة ومرتفعة، في ظلّ تجاهل مستمر لمساعٍ فلسطينية ومبادرات عربية داعية إلى تحقيق المصالحة الوطنية وإزالة الانقسام السياسي الذي تحول نتيجة لتعقيدات داخلية وخارجية، إلى مجموعة عوائق أغلقت أبواب الإصلاح في النظام السياسي الفلسطيني.
لذلك ارتبطت دعوة الإصلاح للنظام بمطلب المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام في النظام لتجاوز تحديات العملية الإصلاحية، والبدء فوراً بورش التنفيذ الإصلاحي في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية على حد سواء.
وفي محاولة لتقريب وجهات النظر بين حركتي «فتح» و «حماس»، بذلت دول عربية جهوداً لإنهاء الانقسام السياسي والجغرافي بين فصيلَيْ السلطة الفلسطينية، وناشدت الجامعة العربية إخوة التخاصم الى التجاوب مع المساعي العربية، وترْك ساحات الانقسام، وإعادة الأوضاع الى ما كانت عليه قبل أحداث حزيران (يونيو) 2007، والدخول في حوار وطني مقدمةً لتشكيل حكومة وحدة وطنية تعبر عن تطلّعات الشعب الفلسطيني. وكانت المبادرتان اليمنية والمصرية، فأيّدت «فتح» المبادرة اليمنية في حين تحفظت»حماس» على البند الأول منها، الداعي الى عودة الأوضاع في «غزّة» الى ما كانت عليه قبل انقلاب «حماس» على مؤسسات السلطة. أما المبادرة المصرية، فقد تلخصت في ما عرف بالورقة المصرية، وعارضتها «حماس» من خلال التحفظ على نقاط تتعلّق بالتهدئة ووقف العمليات العسكرية من دون التزام «إسرائيل» بوقف عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني.
بقيت المبادرات العربية خارج دائرة التنفيذ فلسطينياً، ولم يتحقق النجاح لجهود المملكة العربية السعودية وقطر، من توظيف الواقع العربي الجديد لمصلحة المصالحة الفلسطينية، وتثبيت خيارات التسوية بين حركتي «فتح» و «حماس» لإعادة صياغة بنية السلطة الفلسطينية وفق مشروعية جديدة، يكون الإصلاح الشامل أحد شروطها الأساسية.
لذا ارتبط الإصلاح الجدّي في النظام السياسي الفلسطيني بضرورة عودة الأطر الفلسطينية الى كنف السلطة الوطنية ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، عقب إنهاء حالة الشرذمة وإغلاق بيئات الجزر الأمنية، وبلوغ مرحلة من الوعي لإيجاد توافق داخلي بين مكونات النظام السياسي الفلسطيني، لأن في ذلك مساهمة فعّالة في إزالة العراقيل في طريق إصلاح المؤسسات الفلسطينية.
وإذا كان الاتفاق على برنامج سياسي بين الفصائل الفلسطينية خطوة مهمة في تحقيق المصالحة الوطنية، كما يرى محمد عبدالله أبو مطر، وتكئة القوة الفعلية لتجاوز التحديات الضخمة الحائلة دون إنجاز الإصلاح في النظام السياسي الفلسطيني، فإن البرنامج السياسي نفسه مرتكِز على جملة مرتكزات تشكل استجابة واضحة لمؤسسات النظام السياسي وقواه الرئيسية، وقد بنى الكاتب منطق البرنامج السياسي على اجابة ملحّة فرضها التساؤل التالي: هل منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية تشكلان جزءاً من حركة تحرر وطني، أم أنهما تمثلان مؤسسات لدولة قيد التكوين؟
إذا كانت الإجابة عن التساؤل هي أن منظمة التحرير والسلطة الوطنية تمثلان مؤسستين لدولة قيد التكوين، باعتبار أن التسوية عملية تدريجية انطلقت من إقامة سلطة حكم ذاتي فلسطينية معترف بها اقليمياً ودولياً، الى قيام دولة فلسطينية مستقلة، مع ما يتطلب ذلك من شروط، أهمها توافر الإرادة السياسية لدى إسرائيل في إنهاء الاحتلال لقيام هذه الدولة. هذه الإجابة تصطدم بتأزمات القضية الفلسطينية المتمثلة في استمرارية الاحتلال ومصادرة الأراضي، وإنشاء المزيد من بؤر الاستيطان، في ظلّ حصار وسياسة تعسفية تجاه السلطة والمجتمع الفلسطيني، ورفض سلطة الاحتلال دعوات دولية لإقامة الدولة الفلسطينية الى جانب الدولة الإسرائيلية.
ويرى الكاتب أن المفاوضات المتوقفة بين الفلسطينيين والاسرائيليين نتيجة عدم جهوزية الطرف الإسرائيلي لتطبيق الاتفاقيات وتنفيذها، تساهم في شلّ السلطة وتأخير قيام الدولة، من هنا ليس من السهل الحكم بأن منظمة التحرير والسلطة الوطنية هما مؤسسات لدولة قيد التكوين، حيث مازال النظام السياسي الفلسطيني بمكوناته كافة، بمثابة حركة تحرر وطنية تسعى جاهدة الى انهاء الاحتلال والحصول على كامل الحقوق، واقامة الدولة المستقلة ذات السيادة.
اسئلة الى الفصائل
بناء عليه، يولي الكاتب أهمية للدعوة الى استمرار معركة التحرر من الاحتلال بواسطة تبني النظام السياسي الفلسطيني برنامجاً سياسياً مشترك واضحاً، تلتزم به جميع العائلات السياسية الفلسطينية.
ويضيف الكاتب سؤالين الى السؤال الأول، وهما: هل يمتلك الفلسطينيون حرية تحديد أهداف هذا البرنامج السياسي وآلياته، أم أن هذه الأهداف والآليات محكومة بضرورة توافقها مع ما أقرّته الشرعية والقانون الدوليان؟ وهل يمكن اعتماد أي وسيلة للاتفاق على هذا البرنامج، أم أن الخصوصية الفلسطينية تقتضي اعتماد الحوار وتوسيع قاعدة المشاركة الجماعية، لبلورة إجماع فلسطيني على ذلك البرنامج، والدفع نحو الالتزام به؟
ثمة مرتكزات يشترطها الكاتب لقيام برنامج سياسي مشترك، سواء على مستوى أهداف البرنامج وآلياته، أو على مستوى الوسيلة التي يجب اعتمادها للاتفاق على هذا البرنامج وإمكانية تبنيه، وتتجلى هذه المرتكزات بمرتكزين أساسيين هما:
- توافق أهداف وآليات البرنامج السياسي المشترك مع قرارات الشرعية الدولية، وقواعد القانون الدولي.
- اعتماد الحوار، وتوسيع قاعدة المشاركة الجماعية في اقرار البرنامج السياسي.
ويلاحظ توصل الفلسطينيين الى مقاربة إيجابية من صيغ هذين المرتكزين، إذ حظيت قرارات الشرعية الدولية بتأييد منظمة التحرير والسلطة الوطنية والفصائل الفلسطينية، الاّ أن آليات التنفيذ ساهمت في تفتيت التأييد، وقيام انقسام فلسطيني حاد، خصوصاً في موضوعات المقاومة وأساليب العمليات. فإذا كانت مقاومة الاحتلال حقاً شرعياً ومكفولاً بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، فإن ممارسة هذا الحق يجب أن تكون في نطاق ما يسمح به القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
ومع استمرار الحالة المجتزأة للوحدة الفلسطينية، وتباين الانقسام الحاد بين قواه الرئيسية، فإن التوصل الى برنامج سياسي مشترك أمر مرتبط بضرورة تشكيل قيادة سياسية موحدة تشارك فيها التشكيلات الفلسطينية كافة. على أن هذه القيادة لن تكون بديلة أو موازية للمؤسسات الفلسطينية، لا سيما منظمة التحرير الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني، وانما مجرد صيغة أو تدبير مؤقت أملته الظروف الفلسطينية الراهنة للخروج من أنفاق أزمة الانقسام السياسي، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من مدخلية الحوار بين السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، والقوى السياسية كافة، ووضع ميثاقية فلسطينية تحفظ القضية الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني.
لذا يرى الكاتب أن القيادة السياسية الفلسطينية الموحدة حاجة ملحة فرضتها ظروف وجملة متغيرات، لتحسين الأوضاع الفلسطينية، ومن دون توافر هذه القيادة لمرحلة حساسة من تاريخ الشعب، والقضية الفلسطينية، تصبح التفاهمات الفلسطينية المشتركة عناوين مفرّغة من عناصر التنفيذ، ومن ثم تبقى حركة التحرر الفلسطيني محل تنازع مراكز القوى المتعددة في الجسم الفلسطيني. وهذا ما يفضي الى استمرارية الأزمة والى تصدّعات أكثر سلبية في النظام السياسي الفلسطيني، والى المزيد من التراجعات الجذرية للقضية الفلسطينية على المستوى الدولي، وإضعاف الموقف الفلسطيني، وقوّة المقاومة في دائرة الصراع المركزي مع الاحتلال الإسرائيلي.
 نظام بلا هيمنة
ويرى الكاتب أن قيام نظام سياسي فلسطيني ديموقراطي، أمر يتطلب إنهاء هيمنة تنظيم سياسي واحد على مؤسساته، وخصوصاً المؤسسات التمثيلية، كالمجلس الوطني، والمجلس التشريعي، والعمل على فك كماشة حركة «فتح» عن بنى السلطة الفلسطينية، ودعوة التنظيمات السياسية المعارضة الى المشاركة في المؤسسات. بعد أن أحجمت سابقاً عن المشاركة، تحت شعار أن الانخراط في السلطة إقرار باتفاق أوسلو. ومن ثم ألغت محظورها «الأوسلوي»، ودخلت انتخابات عام 2006 بناءً على ما تمّ الاتفاق عليه في القاهرة، في آذار(مارس) 2005.
ويشير المؤلف الى أن انخراط المعارضة، خصوصاً «حماس»، في السلطة لم يساهم في إحداث تحول حماسي نحو سياسة أكثر واقعية بغية تعزيز امكانيات التقارب والحوار الموصل الى الانتشار الكامل في مؤسسات النظام السياسي، لا سيما في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تعزز مشاركة المعارضة والنتائج التي حصدتها إقناع «فتح» بمنطق الانتقال من وضعية الحركة الحاكمة الى منطق الحركة المعارضة احتراماً منها للإرادة الشعبية، ونتائج العملية الديموقراطية.
هذا التمسك الفتحاوي بالسلطة ساهم في صورة الانقسام السياسي الحاصل، وفي اتساع الهوة الخلافية بين القوى الفلسطينية الوازنة في الساحة الفلسطينية. وللمّ الخلاف الفلسطيني ووضع حدّ جدي للانقسام، دعا الكاتب القيادة الفلسطينية ممثلة في رئاسة المنظمة والسلطة وقادة التنظيمات السياسية، الى الالتزام بالمبادئ الديموقراطية الناظمة للعلاقات الداخلية، والمساهمة في توسيع قاعدة المشاركة الفاعلة للأحزاب السياسية في مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني.
 * كاتب لبناني
 
جمهور العالم الأول ضد التقشف وإدارات تتقلب على جمر سياسات تعميم الخسائر
الحياة..ماجد الشيخ *
في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية المتنامية والمتفاقمة في فضاءات الدول المتحضرة والمتقدمة، لا بد من اللجوء إلى الديموقراطية والانتخابات في مجتمعات من تقاليدها حل مشكلاتها ومعضلاتها باللجوء إلى ممارسة السياسة وإشراك كل قطاعات المجتمع والدولة في هذا السلوك الحضاري، وإلا فإن العنف والفوضى قد يطيحان كل ما جرى ويجري التوافق في شأنه، من السياسة إلى الاقتصاد، إلى الاجتماع، إلى الثقافة، وكل ما يخص بناء الاجتماع الانساني، مما ابتكرته السياسة وأبدعته في عالمنا الحديث.
من هنا، يمكن فهم اتجاه اليونان إلى إجراء انتخابات جديدة، عقب فشل الاحزاب الرئيسة في تأليف حكومة ائتلافية، بعدما أخفقت كل من الأحزاب المؤيدة للتقشف والمعارضة له في الحصول على مقاعد نيابية كافية للحكم. ومعلوم أن أثينا باتت واقعة تحت نصال تهديدات دائنيها، بدءاً من الاتحاد الأوروبي وألمانيا، بأنه في حال تخلفها عن التزاماتها في إطار القروض الممنوحة بموجب خطة الانقاذ، فإنهم سوف يتوقفون عن دفع الأموال وسينظرون في احتمال خروجها من منطقة اليورو.
لذلك أجرى الرئيس اليوناني كارولوس بابولياس وقادة الأحزاب السياسية في البلاد محادثات حول تأليف حكومة لتجنب انتخابات جديدة يمكن أن تؤدي إلى خروج البلاد من منطقة اليورو، وحتى إفلاسها، نظراً إلى إخفاقها في تأليف حكومة ائتلافية وإلاّ فتنظيم انتخابات جديدة في حزيران (يونيو) المقبل. وأظهرت آخر استطلاعات الرأي أن أكثر اليونانيين يريدون حلاً. وذكر معهد «كابا»، في استطلاع نشرته صحيفة «تو فيما»، إن 72 في المئة من اليونانيين يعتبرون أن على الأحزاب التعاون «بأي ثمن» لتبقى اليونان في منطقة اليورو، و78 في المئة يريدون حكومة «تقوم بكل ما في وسعها» لتحقيق هذه الغاية.
وفيما يثير المأزق السياسي في اليونان المخاوف من خروج البلاد من الاتحاد النقدي، تواجه اسبانيا صعوبة في اقناع شركائها بقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية. ويتظاهر عشرات الألوف من الإسبان في الساحات العامة إحياء لذكرى «15 مايو» بعد عام على انطلاق حراكهم «الربيعي» الاحتجاجي ضد الأزمة الاقتصادية. ويؤكد مسؤولو «حركة 15 مايو» أن حركتهم ستستمر في التظاهر، لأن الحكومة لم تعتمد إجراءات سياسية واقتصادية مناسبة لإنقاذ البلاد، بل يتهمونها بالخضوع لتعليمات البنك المركزي الأوروبي والمانيا والمؤسسات المالية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وتمر اسبانيا في أسوأ وضع سياسي واقتصادي، فقد تجاوزت البطالة خمسة ملايين و600 ألف، وأقدمت الحكومة على اقتطاع 40 بليون يورو من موازنة العام الجاري في إطار سياسة التقشف وأوقفت كل برامج التوظيف، ومما يزيد من غضب الشارع أنها وعلى الطريقة الأميركية، توظف أموالاً لإنقاذ بعض المصارف، كما وقع مع مصرف «بانكيا» الذي أقدمت على تأميمه أخيراً.
 خطر على الديموقراطية
أما الوضع الإيطالي فيذهب في اتجاه عنفي، فقد جرت الاستعانة بالجيش، على خلفية استهداف مجموعة شركات «فينميكانيكا» الدفاعية ومصلحة الضرائب بسلسلة من الهجمات، ما يزيد المخاوف من اتساع العنف السياسي. وعلى رغم أن الاحتجاجات على برنامج التقشف الذي تطبقه ايطاليا غلب عليها الطابع السلمي، فإن جماعة فوضوية معروفة أعلنت مسؤوليتها عن هجوم أصيب خلاله مسؤول تنفيذي في «فينميكانيكا» بالرصاص في ساقه.
وقد أظهرت بيانات المصرف المركزي الإيطالي قبل ايام، أن الدين العام سجل في آذار (مارس) مستوى قياسياً متخطياً 1946 بليون يورو (نحو 2530 بليون دولار)، مقارنة بـ 1934.9 بليون في كانون الثاني (يناير). ويبلغ حجم الدين العام الإيطالي نحو 120 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعله في قلب أزمة الديون في منطقة اليورو. وتعتبر الأرقام الجديدة أخباراً سيئة لرئيس الحكومة ماريو مونتي الذي سعت حكومته في كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى وضع إيطاليا على مسار تصحيح الموازنة في العام المقبل، عبر اتباع حزمة تقشّف في الإنفاق وزيادة الضرائب.
في ظل هذه الأجواء الضاغطة، تراجع اليورو بقوة على نطاق واسع، بخاصة بعدما ألقت الانتخابات في اليونان وفرنسا بظلال من الشك على تعهد ساسة تنفيذ برامج تقشف، تهدف إلى حل أزمة ديون منطقة اليورو. وأشار تجار إلى أن الخسائر التي أدت إلى تسجيل العملة الموحدة أدنى مستوى في ثلاثة أشهر أمام الدولار، وفي ثلاث سنوات ونصف السنة أمام الجنيه الإسترليني، وفي شهرين ونصف الشهر أمام الين، قد تستمر خلال الأيام المقبلة، وطالما استمرت الأزمة في نشر مفاعيلها في الفضاء الأوروبي.
 خصوصية يونانية
وفي حين أثار إخفاق حزبين رئيسين في اليونان دعما حزمة الإنقاذ الدولية تساؤلات في شأن مستقبل البرنامج، وربما عضوية اليونان في اليورو، أطاح الرئيس الفرنسي المنتخب فرانسوا هولاند الذي يدعم إطاراً زمنياً أطول للتخلص من العجز، الرئيسَ الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي، ما قد يؤدي إلى مقاومة خطط التقشف التي تقودها ألمانيا في أرجاء منطقة اليورو. وكان سعر الذهب قد تراجع بعدما أبرزت الانتخابات في فرنسا واليونان قوة المشاعر المناهضة للتقشف، في حين رفض الناخبون اليونانيون خصوصاً سياسات التقشف في مقابل المساعدات التي حمت البلاد من الإفلاس والخروج من العملة الأوروبية الموحدة، ما وجّه صفعة قوية الى الإجماع السياسي الهش في منطقة اليورو حول مشكلة الديون.
على كل حال، فإذا كان من الصحيح أن معالجة المشكلات الناشئة عن الديموقراطية، يكون بمزيد من الديموقراطية وآليات الرقابة، فإن الديموقراطية أو صناديق اقتراعها ليست كافية وحدها للمساهمة في إيجاد حلول كانت لتبدو مستعصية لمشكلات أكثر استعصاءً على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن إرادات الناس إلى جانب التقاليد المعيارية للسياسة كسياسة، وللسياسات المجتمعية، ونجاحاتها في إدارة الدولة، تتيح المساهمة الفعالة في فرض أنماط من سياسات لا معيارية، جديدة، كفيلة إيجاد المخارج الضرورية من حال الأزمة، وبما يفتح الطريق أمام مداخل ضرورية إلى حال أخرى، عمادها قيادة السياسة للإجتماع الإنساني من دون الإغراق أو الغرق في ما يمكن تسميته «استطياب الأزمة»، كونها قد تؤكد خصخصة الأرباح لمصلحة القلة المتحكمة والمهيمنة، وتعميم الخسائر وتمركزها في صفوف الأكثريات الشعبية الفقيرة.
 * كاتب فلسطيني
 
الدرع المضادة للصواريخ في أوروبا بين الإصرار الأميركي وردّة الفعل الروسية
جريدة المستقبل...عفيف رزق
ما زالت قضية الدرع المضادة للصواريخ ومكان تمركزها، خارج الاراضي الاميركية، تُثير الخلافات الحادة وتعكر العلاقات الثنائية: الروسية الاميركية، علما" ان جذور هذه القضية تعود الى ثمانينات القرن الماضي، وذلك عندما طرح الرئيس الاميركي الاسبق "رونالد ريغن" مشروعه المسمى "حرب النجوم"، او بتعبير أدق "عسكرة الفضاء"، أي حماية الاراضي الاميركية والحلفاء من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وعلى الرغم من ان ريغن صرف النظر عن تنفيذ المشروع لكلفته المالية الضخمة، وان الرئيس الاميركي بوش الأب ومن بعده بيل كلينتون صرفا، ايضا"، النظر عن المشروع، فإن مطلع العقد الاول من هذا القرن، إبان حكم بوش الابن، شهد عودة المشروع الى التنفيذ لأسباب ذكرها هذا الرئيس في اول خطاب له في الاول من أيار 2001، في الجامعة الوطنية للدفاع في واشنطن، بعد مئة يوم على تسلمه مقاليد السلطة، بإعتباره المسؤول الاول عن توفير الامن للمجتمع الاميركي من المخاطر التي تواجهه وفي طليعتها خطر السلاح النووي الذي انتشر بكثرة في السنوات الاخيرة ولم يعد حكراً على عدد صغير من الدول؛ وعلى رغم، ايضاً، من ان هناك معاهدة "إي.بي.أم"، التي عُقدت بين واشنطن وموسكو السوفياتية عام 1972، وترعى موضوع الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات وايضا" شؤون الأسلحة الاستراتيجية في فترة الحرب الباردة، وبفضل هذه المعاهدة ساد الهدوء والامن والاستقرار على الساحة الدولية، وخصوصاً الاوروبية. لكن، وكما قال الرئيس بوش الابن في خطابه ان هذه المعاهدة "لا توافق الحاضر، ولا تواجه المستقبل، إنما تُجسد الماضي. . ."، وبما ان، كما يُضيف الرئيس، الحرب الباردة انتهت "علينا العمل من أجل إطار جديد يتماشى مع ما تفرضه المتغيرات المتعددة الاوجه لإيجاد درع نووية جديدة. . .". وتماشيا" مع هذا التحليل تم إقامة درع صاروخية تتألف من رادارات ومنصات لإطلاق الصواريخ الاعتراضية في ولايتي ألاسكا وكاليفورنيا الاميركتين، وكذلك في كل من: بريطانيا، وجزيرة غرينلاند التابعة للدانمارك وفي اليابان. إلا ان تفجيرات الحادي عشر من أيلول 2001 وتداعياتها الخطيرة، على الساحتين الاميركية والدولية، أرغمت ادارة بوش الابن صرف النظر، في ولايته الاولى، عن إكمال المشروع، أي إقامة دروع مضادة للصواريخ على الاراضي الاوروبية، لكن في القسم الثاني من الولاية الثانية أعادت الادارة المشروع ووضعته على رأس اولويات الرئاسة الاميركية.
وقع الخيار الاميركي على بلدين اوروبيين هما: الجمهورية التشيكية لنصب رادار يستطيع متابعة جسم بحجم كرة اليد على مسافة خمسة الاف كيلومتر؛ والبلد الآخر هو بولونيا لإقامة منصة لإطلاق الصواريخ الاعتراضية. ابتدأت مرحلة التفاوض مع حكومة هذين البلدين. في هذه الاثناء، كانت موسكو تراقب بدقة ما يجري بالقرب من حدودها. لجأت روسيا الى الاعتراض بشدة على المشروع الاميركي الذي تم إقراره من دون اي تشاور معها . اتخذ الاحتجاج الروسي اشكالا" متعددة مرتبطا" بالمراحل التي يمر بها المشروع: احتجت موسكو، في البداية، على عدم التشاور معها بشأن المشروع، فالدولة الروسية مرتبطة مع الاميركيين بإتفاقات ومعاهدات متنوعة لحفظ السلم الامني، خصوصا"، على الساحة الاوروبية؛ تلا الانتقاد السياسي الروسي، تدخل الخبراء العسكريين الروس لشرح وجهة نظر بلدهم من الناحية التقنية، وتبين لهم عدم جدوى المشروع كحافظ للأمن، وعدم الصلاحية التقنية، فهددوا بتدمير تجهيزات المشروع قبل تركيبه، وبينوا ان المشروع يخل بالتوازنات الاستراتيجية في القارة الاوروبية، بالاضافة الى انهم سينصبون صواريخ متطورة "اسكندر" في الجيب الروسي "كاليننغراد" على ابواب الاتحاد الاوروبي.. علت نبرة الاحتجاج في الاجتماعات العديدة، التي كانوا يعقدونها، مع الطرف الاميركي مفندين الحجج الاميركية، وخصوصاً لجهة الخوف من ايران وبرنامجها لصنع صواريخ بعيدة المدى والتقدم في البرنامج النووي. .. دخلت القيادة السياسية الروسية من جديد على خط الاعتراض، دفعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى وصف إدارة الرئيس بوش، في احد لقاءاته الاوروبية: بالنظام النازي السابق في المانيا الذي لا يُفكر الا بمصالحه ويتجاهل مصالح شركائه الآخرين . رغم ذلك كله بقيت ادارة بوش مصرة على موقفها في تنفيذ المشروع .
جاء الرئيس الاميركي الجديد " باراك اوباما "الى السلطة، فاستبشر الروس خيرا"، وخصوصا" عندما اشاعت ادارة الرئيس الجديد بانه يعتزم العمل مع روسيا من اجل خفض الترسانتين النوويتين الاميركية والروسية من اجل إشاعة روح التعاون بين الطرفين. الا ان المفاجأة كانت ان اوباما اصر على إتمام مشروع بوش، لا بل انه ضم تركيا الى البلدين الآخرين، لنصب درع خاص في الشمال التركي على مقربة من الحدود الايرانية، وهكذا انضمت ايران الى روسيا في الاعتراض والاحتجاج والتهديد، وتبعتهما الصين.
عاد مشروع الدرع المضادة للصواريخ الى الساحة الدولية عبر مؤتمر، بدعوة من وزارة الدفاع الروسية، عُقد في موسكو يومي 3 و4 آيار 2012 ، لدراسة أنظمة الدفاع ضد الصواريخ الباليستية. ضم المؤتمر اكثر من 200 ممثل لخمسين بلدا" بما فيهم 28 دولة اطلسية مع عشرة خبراء اخصائيين. برز في المؤتمر الخلاف الحاد بين الروس والاميركيين بشكل واضح، وبقيت المواقف متباعدة جدا". اصر الاميركيون على البدء بتركيب التجهيزات الاولية للمشروع، كمرحلة اولى، واشاعت منظمة حلف شمال الاطلسي انه من المحتمل الاعلان من طرف واحد نهاية هذه المرحلة وذلك في القمة التي ستعقدها المنظمة في 20 أيار الحالي في شيكاغو الاميركية، والبدء بتركيب التجهيزات الضرورية فيما بعد. انذرت موسكو الاطلسيين بأن الخيارات اصبحت محدودة امامها، فهي، تبعا" لهذه التطورات، ستبدأ بنشر أسلحة جديدة في جنوب وغرب روسيا، كما ستنشر انظمة صواريخ "اسكندر" في منطقة كاليننغراد الواقعة على حدود الاتحاد الاوروبي. تدخل العسكريون الروس في النقاش واعلنوا بانهم مضطرون لتنفيذ ضربة وقائية لشل البنى التحتية الدفاعية المضادة للصواريخ الاوروبية، هذا ما اعلنه رئيس اركان القوات المسلحة الروسية الجنرال "نيكولاي كاروف"، مضيفا": "ان قرار استخدام الضربة الوقائية سيُتخذ اذا ما تدهور الوضع اكثر "مشيرا" في الوقت نفسه الى ان واشنطن رفضت قطعيا" إعطاء أية ضمانات خطية بأن الدرع المستقبلية لن تهدد ابدا" قوة روسيا النووية، وبررت واشنطن هذا الرفض باحتفاظها بهامش للمناورة...
 
 
 

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,737,813

عدد الزوار: 6,963,424

المتواجدون الآن: 61