جنبلاط لـ «الشرق الأوسط»: بشار الأسد يعيش في عالم آخر.. ولا مكان له في الحل

مظاهرات حاشدة في جمعة «الاستعداد العام للنفير التام».. والنظام يطلق الرصاص الحي لتفريقها، المتظاهرون السوريون يعلنون روسيا «عدوا للشعب السوري»

تاريخ الإضافة الأحد 17 حزيران 2012 - 6:38 ص    عدد الزيارات 2280    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

سوريا: مظاهرات تواجه الرصاص.. ومود: الاتجاه للحل العسكري
مسؤولون في الأمم المتحدة يحذرون من ارتكاب عمليات إبادة * فرنسا تؤكد أنها تتحادث مع الروس حول ما بعد الأسد ولافروف ينفي
جريدة الشرق الاوسط... بيروت: ليال أبو رحال واشنطن: هبة القدسي باريس: ميشال أبو نجم موسكو: سامي عمارة
خرج عشرات الآلاف من السوريين إلى الشوارع في مختلف المناطق السورية أمس مطالبين برحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مظاهرات ووجهت بالرصاص، بينما قال الجنرال روبرت مود قائد قوة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا أمس إن ثمة توجها نحو «الحل العسكري».
وقال مود في مؤتمر صحافي عقده بدمشق أمس «يبدو أن هناك افتقارا للرغبة في التحول السلمي. وبدلا من ذلك ثمة اندفاع في اتجاه تحقيق تقدم لتعزيز المواقع العسكرية». وأضاف «زادت حدة العنف خلال الأيام العشرة الماضية, مرة أخرى برغبة الطرفين ووقعت خسائر على الجانبين مما يمثل مخاطر جمة».
وفي رد فعل سريع لتصريحات مود، أصدر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة بيانا جاء فيه «إنه في ضوء العنف المتزايد، وتعميق التوتر الطائفي، فإن مخاطر ارتكاب عمليات إبادة جماعية تبدو كبيرة ووقت التحرك لمنع حدوث ذلك هو الآن».
ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن مباحثات جارية مع روسيا تركز على «المرحلة الانتقالية» وعلى نوعية السلطة التي ستقوم في دمشق بعد تنحي أو رحيل الرئيس الأسد، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، سارع إلى نفي هذا معلنا أن ذلك يتناقض مع موقف بلاده.
ميدانيا، لبى آلاف السوريين دعوة المعارضة للتظاهر تحت شعار «الاستعداد العام.. للنفير التام»، وواصلت قوات الأمن السورية حملتها العسكرية وقصفها لمناطق دمشق وريفها.وشهدت أحياء في العاصمة استنفارا أمنيا كبيرا، كما تعرضت مدينة القصير لقصف عنيف من القوات النظامية منذ ساعات الصباح الأولى، مما أسفر عن اشتعال حرائق ضخمة في المنازل والأراضي الزراعية.
مظاهرات حاشدة في جمعة «الاستعداد العام للنفير التام».. والنظام يطلق الرصاص الحي لتفريقها، المتظاهرون السوريون يعلنون روسيا «عدوا للشعب السوري»

بيروت: ليال أبو رحال لندن: «الشرق الأوسط».. خرج عشرات الآلاف من السوريين إلى الشوارع في مختلف المناطق السورية أمس مطالبين برحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تلبية لدعوة المعارضة السورية للتظاهر تحت شعار «الاستعداد العام.. للنفير التام»، فيما كان أهالي بلدة حمورية في ريف دمشق يشيعون قتلى مجزرة مروعة وقعت مساء الخميس وأودت بحياة تسعة أشخاص قضوا ذبحا.
وكان مكتب حقوق الإنسان التابع للمجلس الوطني السوري أشار في بيان أصدره ليل الخميس إلى ابتكار النظام «أسلوبا جديدا في الإجرام في ريف دمشق، بذبحه بالسكاكين تسعة مزارعين في بلدة حمورية بكل دم بارد». وذكر أن «منفذي المجزرة قاموا ببتر أعضاء من الشهداء من أيدي وأرجل وأعضاء تناسلية»، واصفا المشهد بأنه «لا يمت إلى الإنسانية بصلة».
ووجه مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق أهالي دوما وحمورية «نداء إلى العالم»، أكد فيه أن «الهجوم عمل انتقامي من ترتيب النظام وشبيحته»، ودعا «الدول العربية والعالم الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي والمنظمات الإنسانية والحقوقية والإغاثية والأمم المتحدة إلى وضع حد لجرائم النظام وميليشياته ووقف المجازر».
من ناحيته، طالب المرصد السوري لحقوق الإنسان «المراقبين الدوليين بالتحقيق الفوري في جريمة مقتل المواطنين التسعة والتحقيق في جريمة قتل لسيدة وأطفالها حدثت في الأول من الشهر الحالي في البلدة».
في موازاة ذلك، واصلت قوات الأمن السورية حملتها العسكرية في مناطق دمشق وريفها، وشهدت أحياء في العاصمة استنفارا أمنيا كبيرا، تحديدا في المزة، حيث أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي على مظاهرة في حي الفاروق هتفت لإسقاط النظام، كما حاصرت مساجد حذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب والخليل في العسالي بعدد من الباصات والسيارات وأقامت حواجز في مختلف أنحاء الحي. وفي جوبر، حاصرت قوات الأمن معظم مساجد الحي، في ظل وجود أمني كثيف في الشارع العام وتجول لسيارات جيش النظام المحملة بالرشاشات لمنع خروج المظاهرات.
وأعلن المتظاهرون السوريون في مختلف أنحاء البلاد روسيا عدوا للشعب السوري، وذلك من خلال إطلاق تسمية «روسيا هي العدو للشعب السوري» على المظاهرات التي خرجت في مختلف أنحاء البلاد يوم أمس الجمعة، الذي شهد تصعيدا عسكريا في عدة مناطق، بينما قالت لجان التنسيق المحلية إن 26 شخصا قتلوا يوم أمس بنيران قوات الأمن والجيش النظامي في دير الزور ودرعا وحمص وحلب وإدلب ودمشق وريفها. واستمر النظام السوري في تصعيد عملياته العسكرية، في وقت سربت فيه وسائل إعلام سورية شبه رسمية أنباء عن «تهديد الرئيس الأسد للمسلحين بالقضاء عليهم عسكريا في حال لم يقوموا بتسليم سلاحهم خلال 24 ساعة»، مسقطا خيار التفاوض الذي تحمله مبادرة المبعوث الأممي كوفي أنان. وقالت مصادر إعلامية مقربة من الأجهزة الأمنية إن «الرئيس بشار الأسد أبلغ المبعوث الأممي كوفي أنان بأنه أمهل كل المسلحين في سوريا مهلة 24 ساعة وذلك لإلقاء سلاحهم وتسليم أنفسهم كل حسب المنطقة الموجود بها».
وشهد الأسبوع الأخير تصعيدا عسكريا غير مسبوق على عدة مناطق شملت عدة أحياء في مدينة حمص (وسط) ومدينتي القصير والرستن في ريف حمص ومنطقة الحفة في محافظة اللاذقية (غرب) ومدينة دير الزور وريفها، وتم استخدام مختلف أنواع الأسلحة، كما استخدمت المروحيات في قصف المناطق. وكانت المصادر الإعلامية المقربة من الأجهزة الأمنية السورية قد روجت خلال الأيام القليلة الماضية أن «إجراءات مشددة ستتخذ، وستعطى الأوامر للفرق العسكرية بأكملها للتحرك والقضاء على معاقل الإرهاب عسكريا لا سلميا بحسب رغبة الأمم المتحدة».
وتعرضت مدينة القصير لقصف عنيف من القوات النظامية منذ ساعات الصباح الأولى، وأسفر القصف عن اشتعال حرائق ضخمة في المنازل والأراضي الزراعية، وقدرت مساحة الأراضي التي التهمها الحريق بثلاثة آلاف دونم، ومنع القصف والقناصة الأهالي من محاولة إطفاء الحريق، كما وقعت اشتباكات عنيفة جدا بين قوات النظام والجيش الحر. وقالت السلطات السورية إن اشتباكا جرى في القصير بين قوات النظام و«العصابات الإرهابية» أدى إلى مقتل عدد من الإرهابيين وإصابة آخرين منهم. ومن جانبهم، وجه أهالي القصير نداء استغاثة وقالوا إن «الحرائق تمتد بشكل مفزع تماما لتشمل معظم الأراضي الزراعية في مدينة القصير، وألسنة النار تلتهم هذه المحاصيل بشكل ضخم وغير مسبوق لتشمل أكثر من 3000 دونم زراعي، وما زالت الحرائق تمتد بشكل سريع مع تخوفات حقيقية من وصولها إلى مصفاة المياه التي تغذي محافظتي حمص وحماه بالكامل»، وأنهم لم يتمكنوا من إطفاء الحرائق «بسبب ضخامتها من جهة، واستمرار تساقط القذائف المدفعية وقذائف الهاون عليهم من جهة أخرى»، وحذروا من كارثة إنسانية تحصل في المنطقة.
وفي مدينة النبك (عاصمة منطقة القلمون)، خرجت مظاهرة حاشدة من ثلاثة جوامع اجتمعت في ساحة المخرج، بعد استهداف الجيش الحر لتمثال باسل الأسد شقيق الرئيس السوري الموجود أمام مشفى بلدة دير عطية. وقامت قوات الأمن والشبيحة بإطلاق النار على المتظاهرين، بعد إغلاق كل مداخل المدينة، ليجري بعدها اشتباك بين قوات الجيش النظامي والجيش الحر استمر عدة ساعات، وهو أول اشتباك يجري نهارا في مدينة النبك. وأسفر هذا الاشتباك عن مقتل شاب وإصابة ثلاثة آخرين من المدينين، بحسب ما أعلنه ناشطون هناك.
وفي حمص، قتل مدني في حي جورة الشياح في مدينة حمص لدى محاولة القوات النظامية اقتحام الحي وسط استمرار القصف على أحياء أخرى في المدينة. وتجدد القصف من قوات النظام يوم أمس على مدينة الرستن، حيث قتل شخص، بالإضافة إلى قتل ضابط من القوات النظامية برتبة نقيب في اشتباكات في محيط المدينة. كما قتل متظاهران إثر إطلاق رصاص من القوات النظامية لتفريق مظاهرة خرجت في حي صلاح الدين في مدينة حلب (شمال). وأصيب عدد من المواطنين بجروح في إطلاق نار من القوات النظامية على مظاهرة خرجت في مدينة الباب في ريف حلب. كما جرت اشتباكات عنيفة على أطراف بلدة عندان بين الجيش الحر وقوات الجيش النظامي لدى محاولتها اقتحام البلدة، وقتل مدني في البلدة في إطلاق نار، في وقت تعرضت فيه بلدة الأتارب في ريف حلب للقصف أيضا. وغابت مظاهرات ريف حلب يوم أمس عن شاشات البث المباشر، جراء التصعيد الكبير الذي شهده ريف حلب.
وفي مدينة حماه وريفها (وسط) خرجت المظاهرات في العديد من الأحياء والبلدات في المحافظة رفضا للموقف الروسي، وإعلان روسيا عدوا للشعب السوري. وأظهر شريط فيديو نشره ناشطون على شبكة الإنترنت متظاهرين يجوبون شارعا في جوبر في دمشق خرجوا إليه بعد صلاة الفجر من مسجد حذيفة بن اليمان وهم يهتفون نصرة لحمص ودير الزور وغيرهما من المدن المحاصرة، ويرددون «سوريا للثوار غصبا عنك يا بشار». كما خرجت مظاهرات حاشد في جوبر أثناء تشييع عدد من الشهداء سقطوا في وقت سابق خلال تفريق مظاهرات في جوبر. كما بث ناشطون فيديو آخر عن «مظاهرة صباحية في حي المزة في دمشق»، بدا فيه عشرات الشبان، ومعظمهم ملثمون، يهتفون لنصرة حمص والحفة والأسرى والجرحى، مطلقين شعارات بينها «الجيش الحر للأبد.. داعس راسك يا أسد».
وفي دوما بريف دمشق، ورغم استمرار سقوط القذائف على المدينة، خرجت مظاهرة من جامع التوحيد والأنصار وسليق وتوجهت إلى الجامع الكبير حيث تم تفريقها هناك بإطلاق نار عنيف، كما قتل مدني في مدينة حرستا في ريف دمشق إثر إصابته برصاص قناص لدى خروج مظاهرة في منطقة الحدائق. وفي بلدة الذيابية سقط قتيلان وأكثر من عشرين جريحا بعد إطلاق قوات الأمن النار على المصلين في جامع العباس. وقامت قوات الأمن باختطاف جثتي القتيلين. وفي دمشق، انفجرت عبوة ناسفة في حي الميدان، وأشار المرصد إلى وقوع إصابات.
وفي مدينة بصرى الشام في ريف درعا، سقطت قذيفة هاون على مظاهرة خرجت قرب مسجد في المدينة، أسفرت عن مقتل عشرة أشخاص، وإصابة خمسين آخرين أغلبهم إصابات خطيرة. وفي مدينة دير الزور جرت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وقوات الجيش النظامي تركزت قرب مقر للمخابرات والشرطة العسكرية.
رئيس بعثة المراقبين: وتيرة العنف أعاقت مهمتنا ويجب العمل على تطبيق خطة أنان، مسؤولون في الأمم المتحدة يحذرون من ارتكاب عمليات إبادة جماعية في سوريا

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: كارولين عاكوم واشنطن: هبة القدسي... أعلن رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود، أنّ وتيرة العنف التي زادت وتيرتها في الأيام العشرة الأخيرة، أعاقت قدرة البعثة على تأدية مهامها، طالبا من المجتمع الدولي العمل على تطبيق خطّة أنان التي لا بديل عنها. وجاء إعلان مود بعدما كانت وسائل إعلام سورية تابعة للنظام قد قالت إنّ الأسد أبلغ المبعوث العربي والأممي كوفي أنان أنه أمهل المسلحين كافة في سوريا مهلة 24 ساعة لإلقاء سلاحهم وتسليم أنفسهم كل حسب المنطقة الموجود فيها.
وتعليقا على ما أعلنه مود، قال نائب قائد الجيش السوري الحر، العقيد مالك الكردي، إنّ ثورة الشعب السوري والجيش الحر انطلقت بهدف واحد وهو إسقاط النظام، وهم بالتالي لن ينكفئوا أو يتوقفوا قبل تحقيق هذا الهدف، لا سيّما أنّ المرحلة هذه تشهد وبوضوح أنّ النظام هو الذي يتخبّط وفي تقهقر مستمر. وقال لـ«الشرق الأوسط» إننا «منذ البداية قلنا إنّ خطّة أنان ميتة قبل ولادتها، والنظام لم ولن يتوقف عن القتل والانتهاكات وبالتالي التقيد بخطّة أنان لأنّه وبكل بساطة تطبيقها يعني نهايته، لذا لا نزال نؤكّد على دعمنا لها، وإن كنا متحفظين على بعض نقاطها».
ورأى الكردي أنّ البديل عن تطبيق هذه الخطة هو تحرّك المجتمع الدولي المطالب بوقف حمام الدم، لدفع الأسد للتنحي بعدما أصبح يهدّد أمن المنطقة وهذا ما بدأ يظهر من خلال إشارات واضحة، وبالتالي إن لم يتمّ إيجاد حل سريع فانعكاسات بقائه ستتفاقم بشكل كبير. وفي حين أشار الكردي إلى أنّ الجيش الحر لا يعمل خارج خطّة أنان وأنّ عملياته ضيقة ومحدودة وهي للدفاع عن الشعب والرد على الهجمات التي تنفذ ضدّه، أكّد أنّ هذا الجيش سيكون قادرا على القيام بعمليات أوسع وأكبر في حال أعلن عن فشل خطّة أنان بشكل رسمي. في المقابل، دعا الكردي روسيا للكفّ عن مساندة النظام السوري ومدّه بالأسلحة، قائلا «هي شريكة في قتل الشعب السوري سياسيا وعسكريا، وذلك من خلال دعم جيش النظام بالطائرات المروحية التي أصبح يستخدمها في عملياته في كلّ المناطق، وهي طائرات حديثة زوّد بها سلاح البحرية».
وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده الجنرال مود في دمشق، أعلن أن وتيرة العنف في الوقت الحالي أعاقت قدرة البعثة على المراقبة والتحقق والإبلاغ عنها وحدت من القدرة على المساعدة في «تواصل الحوار بين الأطراف المختلفة لضمان الاستقرار».
وأضاف «خطة أنان هي ملك للأطراف السورية التي قبلت بها والمجتمع الدولي الذي أيدها (وليس لها بديل حتى الآن)».
وأكّد مود أن المراقبين الدوليين تعرضوا لمخاطر في الأيام العشرة المنصرمة نتيجة تصاعد وتيرة أعمال العنف وقال «إن الشعب السوري بمن فيهم المدنيون يعانون كثيرا وبعضهم حوصر أثناء العمليات المتسمة بالعنف». معتبرا أنّ خطّة أنان ليست جامدة بل قابلة للتطوير وسيتم التشاور في مجلس الأمن خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة حول مهمة هذه البعثة.
وفي رد فعل سريع لتصريحات الجنرال روبرت مود في سوريا حول الاندفاع إلى تحقيق مكاسب عسكرية بدلا من التحول السلمي في سوريا، كرر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة مطالبهم للمجتمع الدولي بالبدء في تحركات فورية لحماية المدنيين في سوريا، متهمين نظام بشار الأسد بالفشل في حماية أرواح المدنيين، وسط تزايد التقديرات بأن سوريا أصبحت تعيش الآن حربا أهلية كاملة.
وقال بيان مشترك للمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون منع الإبادة الجماعية فرانسيس دينغ والمستشار الخاص لمسؤولية الحماية إدوار لوك، إنه «في ضوء العنف المتزايد، وتعميق التوتر الطائفي، فإن مخاطر ارتكاب عمليات إبادة جماعية تبدو كبيرة ووقت التحرك لمنع حدوث ذلك هو الآن». ودعا البيان المشترك المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لحماية المدنيين من التعرض لمزيد من الفظائع في سوريا، وطلب البيان من مجلس الأمن سرعة النظر في طلب المفوضية العليا لشؤون الإنسان بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
فرنسا تؤكد أنها تناقش مع الروس تنحي الأسد.. ولافروف ينفي، موسكو تؤكد مجددا عدم تزويد سوريا بمروحيات قتالية

جريدة الشرق الاوسط... باريس: ميشال أبو نجم موسكو: سامي عمارة ... يبدو أن باريس تسعى فعلا للعب «دور ريادي» في المسألة السورية وفق ما أعلنه وزير خارجيتها يوم الأربعاء الماضي. فقد أكد لوران فابيوس، أمس، أن مباحثات جارية مع روسيا، الطرف الدولي الحامي للنظام السوري، تركز على «المرحلة الانتقالية» وعلى نوعية السلطة التي ستقوم في دمشق بعد تنحي أو رحيل الرئيس بشار الأسد، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، سارع بنفي هذا معلنا أنها تتناقض مع موقف بلاده.
وكشف الوزير الفرنسي عن تطور إضافي في تعاطي فرنسا مع المعارضة السورية يتمثل في سعيها لتزويدها بمعدات اتصال على غرار ما يفعل الأميركيون. فضلا عن ذلك، عرض فابيوس لما يمكن أن يكون عليه «السيناريو العسكري» في حال سلكت الأمور منحى كهذا، علما بأن رئيس الجمهورية، فرنسوا هولاند، «لم يستبعد» مشاركة فرنسا في عمل من هذا النوع، ولكن تحت راية الأمم المتحدة.
وفي حديث صحافي لإذاعة «فرانس أنتير»، رجح فابيوس أن تستضيف مدينة جنيف في نهاية الشهر الحالي اللقاء الأول لـ«مجموعة الاتصال» التي يسعى المبعوث الدولي العربي، كوفي أنان، لتشكيلها. وبحسب فابيوس، فإن هذه المجموعة ستكون «شبيهة بما هو عليه مجلس الأمن الدولي».
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية، أمس، إن التوجه هو أن تضم المجموعة ما بين 12 و15 عضوا هم، إلى جانب الأعضاء الـ5 الدائمين في مجلس الأمن الدولي، تركيا والسعودية وقطر والجامعة العربية ودول ناشئة مثل البرازيل وجنوب أفريقيا وممثل عن الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن إيران مستبعدة من المجموعة بعد رفض 3 دول غربية رئيسية، هي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، مشاركتها فيها باعتبارها «جزءا من المشكلة وليس طرفا في الحل».
وبحسب مصادر دبلوماسية فإن «فائدة» المجموعة قياسا لمجلس الأمن الدولي أن حق النقض (الفيتو) غير موجود. لكن حتى عصر أمس لم يكن قد صدر شيء عن أنان أو من يمثله يؤكد معلومات الوزير الفرنسي الذي لم يكتف بالقول إن الغرض من الاجتماع تدعيم تنفيذ خطة أنان بل ذهب أبعد من ذلك، إذ اعتبر أن الغرض سيكون البحث في المرحلة الانتقالية في سوريا وهو ما تتم مناقشته حاليا مع موسكو على الأخص. وقال فابيوس: «إن الروس ليسوا متمسكين اليوم بشخص الأسد، إذ هم يرون أنه طاغية وقاتل وأنهم بارتباطهم به فإنهم يضعفون أنفسهم». واستطرد فابيوس قائلا: «لكنهم (الروس) حساسون ويتساءلون عمن سيحل محل الأسد إذا طرد من السلطة وهذه هي المسألة التي يتم النقاش حولها».
وترى فرنسا أن أحد أوجه المشكلة يتناول شكل السلطة بعد رحيل الأسد وهو الأمر موضع النقاش في الوقت الحاضر على المستوى الدولي ومع المعارضة السورية. وبحسب باريس، كما شرح الوزير فابيوس موقفها، فإنه «لا يمكن توقع الانتقال بين ليلة وضحاها من نظام بشار الأسد إلى نظام ديمقراطي مطهر وكامل»، ولذا فإن البحث جار مع الأميركيين والروس والمعارضة حول الأطراف التي ستتكون منها السلطة القادمة. ولم يستبعد الوزير الفرنسي أن يكون من بينها، إلى جانب شخصيات من المعارضة الحالية، «عدد من الأشخاص الذين انتموا إلى النظام السابق من غير أن يكونوا في الصفوف الأمامية».
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية واسعة الاطلاع، أمس، إن الموضوع تمت مناقشته بين مدير الشؤون السياسية في الخارجية الفرنسية جاك أوديبير مع الجانب الروسي يوم الخميس، وإن الروس «يفكرون في المرحلة التي ستلي رحيل الأسد». وكان أوديبير قد زار موسكو بمعية السفير الفرنسي السابق في دمشق، أريك شوفاليه، والسفير جان كلود كوسران، رئيس المعهد الدبلوماسي الدولي في باريس، وأحد أفضل الخبراء الفرنسيين في الشؤون العربية.
غير أن بروز استحقاقين أساسيين في الأسابيع الثلاثة المقبلة؛ وهما اجتماع جنيف ومؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي سيلتئم في العاصمة الفرنسية في 6 يوليو (تموز) المقبل لا يمنع الغربيين من التفكير في بدائل في حال لم تنفع الضغوط السياسية والاقتصادية في حمل الأسد على الرحيل. ومن هذه الزاوية يعود «الخيار العسكري» إلى الطاولة، الأمر الذي أشار إليه الوزير الفرنسي، أمس.
وبحسب فابيوس، فإن رحيل الأسد يمكن أن يكون نتيجة لـ«انتصار عسكري ميداني واضح وصريح، الأمر الذي سيستدعي معارك قاسية وبالغة الشدة». ولذا، فإن باريس لا تستبعد أن تقدم للمعارضة السورية وسائل اتصال. لكن الناطق باسم الخارجية أوضح أن هذه المعدات لن تعطى إلا للمدنيين لا للمعارضة المسلحة لتمكينهم من التواصل مع الخارج. وتستبعد باريس، حتى الآن، تقديم السلاح للمعارضة. لكنها «تعرف» أن السلاح يصل إليها من مصادر كثيرة لم تسمها.
وأعلن فابيوس أن الأوروبيين سيناقشون فرض عقوبات جديدة على سوريا، وتحديدا على العسكريين. وسيتم ذلك في أول اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد بعد 10 أيام في بروكسل. فضلا عن ذلك، ستطرح فرنسا مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لوضع خطة أنان تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على عقوبات وتدابير قسرية أخرى بحق الدول التي لا تلتزم به ما قد يصل إلى استخدام الوسائل العسكرية.
وفي هذا السياق، استبعد فابيوس أن تكون العمليات العسكرية على «صورة حرب لأن ذلك أمر بالغ التعقيد»، لكنه رأى في المقابل أن التدخل يمكن أن يكون على شاكلة إيجاد ممرات إنسانية تحت حماية عسكرية أو عبر عمليات جوية، لكنه استبعد هذا السيناريو «في الوقت الحاضر» لصالح استراتيجية مزدوجة: زيادة الضغوط على النظام السوري «عبر العقوبات وغيرها» والمضي في المناقشات مع الطرف الروسي. وأشار فابيوس إلى أن مناقشات عالية المستوى حول بلورة مخرج من الأزمة السورية ستتم في لاس كابوس (المكسيك) بمناسبة قمة الدول العشرين الأسبوع المقبل التي سيشارك فيها الرئيس الروسي بوتين، فضلا عن ذلك سيوفر اجتماع جنيف ثم مؤتمر باريس فرصتين إضافيتين لهذا الغرض.
غير أن مصادر واسعة الاطلاع في باريس تستبعد أن يتم اللجوء إلى الحل العسكري في الأمد المنظور لجملة أسباب؛ منها: الحاجة إلى قرار من مجلس الأمن الأمر الذي يرفضه الروس والصينيون رفضا تاما. ومن الأسباب أيضا تردد الحلف الأطلسي الذي يكرر دوما بأن لا دور له في سوريا. أما التدخل من خارج الغطاء الدولي فإنه يطرح إشكاليات أخرى أكثر صعوبة فضلا عن افتقار عمل من هذا النوع للقاعدة القانونية الضرورية له.
ومن جانبه وتعليقا على ما قيل نقلا عن الإدارة الأميركية في وقت سابق حول أنها تجري محادثات مع موسكو حول موضوع الانتقال السلمي للسلطة في سوريا، قال لافروف إن روسيا لا تجري أي نقاشات حول موضوع استقالة الرئيس السوري، بشار الأسد، مؤكدا أنه «إذا قيل ذلك حقا فإنه كذب. فلم يجر نقاش كهذا ولا يمكن أن يجرى لأن ذلك يتعارض تماما مع موقفنا».
وأشار لافروف إلى أن ذلك ينطبق أيضا على ما قيل حول احتمال إجراء محادثات بين روسيا وفرنسا حول مسألة «استقالة بشار الأسد». وقال: «أكرر أن الأقوال التي تزعم بأننا نجري محادثات مع أحد حول مصير سوريا بعد رحيل الأسد هي أقوال كاذبة. ونحن لا نقوم بالإطاحة بأنظمة عن طريق الموافقة على أعمال أحادية الجانب في مجلس الأمن الدولي ولا من خلال المشاركة في أي مؤامرات سياسية».
وكانت نولاند الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت أول من أمس عن أن «محادثات تجرى مع موسكو حول احتمالات التطورات السياسية في سوريا بعد تنحي بشار الأسد عن السلطة». وحول مواضيع مباحثات لافروف مع نظيره العراقي زيباري قالت المصادر الروسية الرسمية إن الجانبين تناولا الملف السوري وآفاق تنظيم مؤتمر دولي في موسكو بشأن التسوية في سوريا بمشاركة جميع أطراف الأزمة والدول المؤثرة فيها إلى جانب التطورات السياسية في العراق على ضوء تفاقم الأوضاع الأمنية هناك، بالإضافة إلى مستقبل التعاون الاقتصادي بين البلدين، وخصوصا في مجال الطاقة.
كما أعلن سيرغي لافروف عن ضرورة إدراج إيران ضمن قائمة المشاركين في المؤتمر الدولي الذي سبق واقترحته موسكو حول سوريا. وقال في ختام مباحثاته مع نظيره العراقي، هوشيار زيباري، في موسكو: «إن قائمة المشاركين يجب أن تكون محدودة، لكنها يجب أن تمثل حتما كل اللاعبين الخارجيين المحوريين. ونعتبر أن القائمة يجب أن تتضمن قبل كل شيء الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وجيران سوريا، وبينهم العراق وتركيا ولبنان والأردن إلى جانب السعودية وقطر وجامعة الدول العربية وإيران».
وقال لافروف: «نعتقد بضرورة توجيه الدعوة إلى الدول المذكورة بما فيها إيران في حال نعتزم الاسترشاد بمنطلقات القضية ومصلحة تعبئة كل الإمكانات المتوفرة لدى الأسرة الدولية من أجل وقف العنف والتحول بالأوضاع إلى المجرى السلمي بعيدا عن الانطلاق من أولويات آيديولوجية». وأضاف: «نحن على يقين بأن اللاعبين الخارجيين يجب أن يبحثوا الخطوات الرامية إلى تحقيق الاتفاق حول إجراء الحوار السوري الشامل بين الحكومة السورية وكل التنظيمات المعارضة، كما تقضي بذلك خطة كوفي أنان».
وأشار الوزير الروسي إلى أن عقد المؤتمر يستهدف بحث السبل اللازمة للتأثير على كل الأطراف السورية من أجل وقف العنف والتحول نحو الحوار. وإذ أكد إصرار موسكو على عقد المؤتمر قال: «إن الجانب الروسي أطلع كل المشاركين المحتملين على رؤيته للمؤتمر وأهدافه ومهامه. ونجري الآن اتصالات نشيطة من أجل التنسيق في المواقف». أما عن احتمالات المشاركة في مؤتمر جنيف حول سوريا الذي من المقرر عقده في 30 يونيو (حزيران) الحالي في حال مراعاة بعض الشروط، قال لافروف بضرورة توفر القوام المناسب للمشاركين، وأن يبحث المؤتمر مسألة المساهمة في الحوار السياسي، دون أن يقرر مسبقا مستقبل النظام السياسي في سوريا. وأضاف: «في حال مراعاة هذين الشرطين فإننا مستعدون للمشاركة وسنشارك حتما في هذا المؤتمر».
ومضى الوزير الروسي ليؤكد أن خطة كوفي أنان توفر الفرصة اللازمة لتحقيق التطور الديمقراطي في سوريا، مشيرا إلى ضرورة عدم جواز تفويت مثل هذه الفرصة. وأضاف أنه «من المهم مبدئيا عدم تصعيد الأجواء الإعلامية من خلال خطوات أحادية الجانب وعبر الإدلاء بتصريحات وبيانات عاطفية وتحريض بعض فصائل المعارضة المسلحة على تشديد الموقف والتخلي عن إجراء الحوار مع السلطات».
عادت موسكو لتؤكد مجددا عدم تزويدها لسوريا بأي طائرات هليكوبتر عسكرية جديدة أو بأي أسلحة يمكن استخدامها ضد المتظاهرين والمدنيين. وتعليقا على الأنباء التي قالت بـ«توريد روسيا لطائرات هليكوبتر مقاتلة من طراز (مي – 25) إلى سوريا»، قالت الخارجية الروسية في بيان أصدرته أمس: «إن روسيا لا تقوم بتوريد أي مروحيات مقاتلة جديدة إلى سوريا». وكشفت الخارجية الروسية عن أن روسيا قامت بالإصلاح الدوري الروتيني لبعض المروحيات السورية، السوفياتية الصناعة (الروسية)، التي سبق وأمدت بها سوريا منذ سنوات طويلة، وأعادتها إليها منذ فترة. وأشارت إلى أن «ما تقدمه روسيا إلى سوريا من أسلحة يقتصر على الأسلحة الدفاعية ومعظمها أنظمة للدفاع الجوي جرى التعاقد عليها في وقت سابق وبما لا يتعارض مع المواثيق الدولية». وكانت فيكتوريا نولاند الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية أشارت إلى أن اتهامات كلينتون تتعلق بـ3 مروحيات قديمة تم ترميمها في روسيا وهي حاليا في طريقها إلى دمشق.
وفي ختام مباحثاته مع نظيره العراقي هوشيار زيباري، أمس، في موسكو، أعلن سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، أنه «لم يسمع أقوالا جدية صادرة عن الإدارة الأميركية تفيد بنيتها حول استخدام القوة ضد سوريا»، وإن أشار إلى أن «الأميركيين يعلنون كعادتهم عن أنهم لا يستبعدون أي احتمالات لحل القضية السورية». وأضاف الوزير الروسي قوله إن بلاده تعرب عن أملها في أن لا تقوم الولايات المتحدة بما قد يستهدف الالتفاف على مجلس الأمن الذي قال إنه لن يوافق على تغيير النظام في سوريا.
إلى ذلك اتصلت أمس وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون هاتفيا برئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وتناقشا حول التطورات في المنطقة والعنف في سوريا وتأثيراته على الأوضاع في لبنان. كما عبرت كلينتون عن قلقها حول الأحداث التي شهدها لبنان مؤخرا وتقديرها للجهود التي تبذلها الدولة اللبنانية للسيطرة على الأوضاع.
«هيومان رايتس ووتش» تطالب بإحالة نظام الأسد للمحكمة الجنائية لاستخدامه العنف الجنسي للتعذيب، مدير مؤسسة «ثروة» الحقوقية لـ «الشرق الأوسط»: التقرير يعطي مصداقية لإفادات الناشطين السوريين


واشنطن: هبة القدسي بيروت: ليال أبو رحال....
طالب تقرير أصدرته منظمة «هيومان رايتس ووتش» بنيويورك بإحالة النظام السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية لمسؤوليته عن الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها السوريون. وأشار تقرير صدر أمس الجمعة إلى أن قوات الحكومة السورية تستخدم العنف الجنسي لتعذيب الرجال والنساء والأطفال، وشملت حالات لاعتداءات جنسية على فتيات لا تتجاوز أعمارهن 12 سنة. واستندت «هيومان رايتس» إلى مقابلات مع معتقلين سابقين، ومنهم أربع نساء وخمسة وعشرون شخصا تعرضوا لاعتداء جنسي، وصفوا عمليات الاعتداءات والانتهاكات بما في ذلك الاغتصاب والضرب والصعق بالصدمات الكهربائية.
وقالت «هيومان رايتس» إنها وثقت أكثر من 20 حالة اعتداء جنسي ما بين مارس (آذار) 2011 ومارس 2012 في مدن درعا وحمص وإدلب ودمشق واللاذقية، وتركزت معظم الحالات في حمص معقل المعارضة السورية. وأشارت إلى أن المنظمة لا تملك أدلة على تورط كبار القادة العسكريين في تلك الانتهاكات بإعطاء أوامر للجنود لارتكاب أعمال العنف الجنسي، وأوضحت أن الحكومة السورية لم ترد على هذه المزاعم ولم تتخذ أي إجراء للتحقيق في تلك الانتهاكات.
وقالت سارة ليا واتسون، مديرة الشرق الأوسط في المنظمة إن «العنف الجنسي أثناء الاعتقال هو أحد الأسلحة الرهيبة في ترسانة التعذيب الحكومية السورية التي تستخدم هذه الطريقة بانتظام لإهانة والحط من المعتقلين مع الإفلات التام من العقاب، ولا تقتصر الاعتداءات على مراكز الاعتقال، بل تقوم القوات الحكومية وعناصر الميليشيات الموالية للحكومة بالاعتداء جنسيا على النساء والفتيات خلال مداهمة المنازل والمناطق السكنية».
وأشارت المنظمة إلى أن مدى انتشار العنف الجنسي داخل وخارج مراكز الاعتقال لا يزال غير معروف، حيث يتردد الضحايا في الإبلاغ عن سوء المعاملة، ووصول الباحثين محدود إلى البلاد لتوثيق الانتهاكات. وقال كثير من الضحايا في مقابلاتهم مع «هيومان رايتس» إن أسر الضحايا لا تريد الإبلاغ بسبب الخوف أو الخجل.
ووثقت «هيومان رايتس» روايات الضحايا، حيث قال أحد الجنود إنه تم اعتقاله في يونيو (حزيران) 2011 والتحقيق معه حول دور شقيقه ووالده في المظاهرات. وأشار إلى تعرضه للتعذيب بالصعق الكهربائي عاريا. ووثقت المنظمة روايات بعض النساء اللاتي تعرضن للانتهاكات الجنسية، وقالت «هيومان رايتس» إن كل المعتقلين الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي لم يتلقوا العلاج الطبي أو النفسي باستثناء سيدة واحدة.
وكررت «هيومان رايتس» مطالبتها لمجلس الأمن الدولي بإحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وحثت الدول للانضمام إلى دعوات لمساءلة النظام السوري ودعم مطالب بإحالته إلى المحكمة الجنائية وملاحقة مرتكبي تلك الانتهاكات وتحميلهم المسؤولية. وطالبت المنظمة نداءها بالسماح للمنظمات غير الحكومية الدولية والمنظمات الدولية والإنسانية ومنظمات الإغاثة بالوصول إلى البلاد لتقديم المساعدة الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية للضحايا داخل وخارج البلاد. وقالت ليا واتسون «وفقا لخطة أنان يجب على الحكومة السورية السماح لمقدمي المساعدات الإنسانية بالوصول إلى جميع المناطق المتضررة من القتال، والمجتمع الدولي في حاجة ماسة للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا». وأضافت «ينبغي لمجلس الأمن أن يرسل رسالة قوية إلى حكومة الأسد بأنهم ستتم محاسبتهم عن العنف الجنسي وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان من خلال إحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية».
وأشار عمار عبد الحميد، الذي يدير مؤسسة «ثروة» الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا والشرق الأوسط، إلى أن تواتر التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية عالمية وآخرها منظمة «هيومان رايتس ووتش» التي تتعاون بشكل وثيق مع «ناشطين ميدانيين ولديها نشاطها داخل سوريا وفي الأماكن حيث يوجد نازحون سوريون وتتمتع بمصداقية كبيرة»، إنما يشكل «عاملا مهما لبناء ضغط دولي على الحكومات لتتحرك بالسرعة المطلوبة قبل أن يتأزم الوضع أكثر».
وشدد المعارض السوري على أن «التلكؤ على المستوى الدولي يساعدنا على تكثيف الضغوط على المجتمع الدولي، إذ لم يعد يكفي اليوم إصدار إدانات وفرض عقوبات اقتصادية لوقف إجرام النظام المتمادي، الذي يتبع وسائل قتل منهجي، وذلك إما من خلال قرار يصدر تحت البند السابع أو من خلال تحرك حقيقي واقعي خارج نطاق الأمم المتحدة».
حرب إعلامية حامية بين النظام السوري والمعارضة، النظام يحاول تبرير قمعه ببث اعترافات «الإرهابيين» على القنوات الرسمية.. والمعارضة ترد بأشرطة فيديو تحمل اعترافات «الشبيحة»

جريدة الشرق الاوسط.. واشنطن: سي . جي . شيفرد * ... يخوض النظام والناشطون في سوريا حربا إعلامية حامية، وتبث وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية بين يوم وآخر اعترافات لمن تصفهم بـ«الإرهابيين» الذين ينتمون لعصابات إرهابية، دون تسميتها، بأعمال تخريب لإثبات أن المظاهرات التي تشهدها البلاد ليست سلمية، ومؤخرا صارت الاعترافات تتجه لإثبات وجود نشاط لتنظيم القاعدة داخل البلاد ولمحاولة تبرير القمع والقتل الذي يمارسه بحق المحتجين المسالمين، ويحاول الناشطون الرد عليه بنفس السلاح من خلال تصوير «اعترافات» للمتعاونين مع النظام والشبيحة وعناصر بالأمن وجنود ممن يقوم الجيش الحر والثوار باعتقالهم.
وأمس برزت «اعترافات» لإرهابي قال التلفزيون السوري إنه كان ينوي تفجير نفسه في جامع الرفاعي، و«اعترافات» لشبيح قال ناشطون إنه كان ضالعا في أحداث دموية شهدها جامع الرفاعي في شهر رمضان الماضي، وفي تطور جديد اعترف «الشبيح» بتدبير أجهزة الأمن لواحد من أكبر التفجيرات التي شهدتها دمشق.
وبينما بث التلفزيون الرسمي، أول من أمس (الخميس)، ما سماه «اعترافات الإرهابي محمد حسام الصداقي» عن نيته تفجير نفسه في جامع الرفاعي، بث ناشطون بالمقابل مقطع فيديو تضمن ما سموه «اعترافات الشبيح دريد أحمد اليوسف من إدارة أمن الدولة فرع 111»، أكد فيه مسؤولية أجهزة الأمن السورية عن تدبير التفجير الذي وقع أمام مقر إدارة أمن الدولة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وكذلك ضلوع قوات الأمن في الاعتداء على الجوامع، لا سيما جامع الرفاعي في حي كفرسوسة، وضرب إمام الجامع الشيخ العالم أسامة الرفاعي. وإطلاق النار باتجاه ساقيه.
وجامع الرفاعي واحد من أكبر الجوامع الحديثة في مدينة دمشق، التي شهدت خروج مظاهرات حاشدة منذ الشهور الأولى لانطلاق الثورة نصرة لأطفال درعا، إلا أن جامع الرفاعي، الذي يقع في ساحة كفرسوسة وقريبا من أكبر المقرات الأمنية (إدارة أمن الدولة)، شكل علامة فارقة في مسيرة الأحداث يوم 27 أغسطس (آب) 2011، الذي تزامن مع ليلة القدر، حيث تمت محاصرة المصلين ومنع خروجهم بعد الصلاة التهجد، وتعرض الجامع لأعمال تخريب واسعة، كما اعتدى الشبيحة بالضرب على الشيخ أسامة الرفاعي الذي ينتمي لأسرة علماء مرموقة في دمشق، وتتمتع بمكانة روحية رفيعة، إذ تسمى عدة مساجد بأسماء أبنائها. وأثار الاعتداء على مسجد الرفاعي والشيخ أسامة، الذي نقل بعده إلى المشفى، عموم أهالي دمشق وريفها، وخرجت مظاهرات لمؤازرة المصلين المحاصرين، مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا. وبعد تلك الأحداث تم إغلاق الجامع لعدة أشهر ومنع الشيخ أسامة عن إمامة الصلاة إلى أن خرج من البلاد، ليظهر بعد مجزرة الحولة (الشهر الماضي) ليدعو تجار الشام لتنفيذ إضراب عام احتجاجا على مجزرة الحولة، وتمت الاستجابة لدعوته على نحو واسع، لا سيما في أسواق دمشق التاريخية، مما أقلق النظام ودفعه لنشر المزيد من الحواجز داخل المدينة وتعزيز المظاهر الأمنية على نحو غير مسبوق.
وتضمن تقرير بثه التلفزيون السوري أول من أمس الخميس جزءا من اعترافات «الإرهابي»، وقال التقرير إن «الجهات المختصة ألقت القبض على الإرهابي محمد حسام الصداقي من تنظيم القاعدة - جبهة النصرة الذي كان سيفجر نفسه داخل جامع الرفاعي بدمشق اليوم، خلال صلاة الجمعة، أمس».
وظهر شاب لم يتجاوز العشرين من العمر، رقيق البنية وحليق الوجه، يدلي باعترافاته بشكل مرتبك ومذعور ليقول: «إن المدعو أبو حافظ اجتمع يوم الأربعاء مع نائبه أبو البراء وشخص آخر يدعى أبو حمزة في منزل بحي التضامن، حيث عرض أبو حافظ عليّ سترة ناسفة، وطلب مني الذهاب للصلاة في جامع الرفاعي، وقال لي: لا تهتم، فمهما حدث لك نحن سنتكفل بأهلك».
وأضاف أن «أعضاء المجموعة أعدوا شبانا صغارا ووعدوهم بأشياء كثيرة من أجل أن يذهبوا إلى الجوامع في أكثر من منطقة بدمشق يوم الجمعة بتاريخ 15 يونيو (حزيران) كي يفجروا أنفسهم هناك خلال صلاة الجمعة». وحذرت السلطات السورية من احتمال وقوع سلسلة تفجيرات أمام المساجد يوم الجمعة، الذي عادة يشهد مظاهرات بعد صلاة الجمعة، وقال الإعلام الرسمي إن 9 من المدنيين وعناصر أمن وحدات الهندسة أصيبوا يوم أمس الجمعة بـ«انفجار عبوة ناسفة زرعتها مجموعة إرهابية مسلحة بمنطقة القاعة بالميدان خلف جامع الماجد، أثناء محاولة تفكيكها».
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر بالمحافظة قوله إن «وحدات الهندسة فككت عبوتين ناسفتين موضوعتين في علب تفتيش كهربائية في المنطقة المذكورة، بينما انفجرت عبوة ناسفة ثالثة كانت بالقرب من المكان، خلال محاولة تفكيكها، مما أدى إلى إصابة 9 من المدنيين وعناصر الهندسة ثلاثة منهم إصاباتهم خطيرة».
وأشار المصدر إلى أن وزن كل عبوة يقدر بـ7 كيلوغرامات. وبث التلفزيون السوري صورا للموقع ظهر فيها تضرر عدد من السيارات وبقع دم على الأرض.
وبعد ساعات قليلة من بث التلفزيون السوري اعترافات (الإرهابي محمد حسام الصداقي) بث ناشطون على موقع «يوتيوب» ليل الخميس, شريط فيديو، ظهر فيه رجل قوي البنية بدا عليه التعب والإنهاك، وكان يلهث أثناء الكلام، وقال الناشطون إنه شبيح ألقت «كتيبة شهداء الحولة» القبض عليه، وسجلت اعترافاته، وجاء فيها (بعد أن عرض بطاقته الأمنية أمام الكاميرا): «اسمي دريد أحمد اليوسف، من إدارة أمن الدولة فرع 111، اختصاصي كان مراقبة النشطاء وفض المظاهرات التي تخرج من جامع الرفاعي واعتقال المتظاهرين»، وقال إنه قام بـ«اعتقال أربعة أشخاص»، وعما جرى يوم ليلة القدر قال (الشبيح دريد أحمد اليوسف) إن «الأمن العسكري قام بإحراق مسجد الرفاعي»، وإن المسؤولين عما جرى هناك في تلك الليلة «العقيد أبو حيدر والعقيد علي وسوف» والأخير «كان يخدم بالأمن العسكري ثم انتقل إلى الفرع 111»، و«النقيب مجد والنقيب حيان إبراهيم والعميد غسان والعميد محمد العبد الله رئيس الفرع 111»، وقال إن العميد محمد العبد الله، وبعد إحالته إلى التقاعد، عاد للعمل بعد توقيعه عقدا مدنيا، كما أشار إلى أن اللواء علي مملوك في جهاز أمن الدولة يعمل بعقد مدني. وأكد أن «عناصر الأمن قاموا بإطلاق الرصاص على الشيخ أسامة الرفاعي باتجاه ساقيه»، وقال أيضا إن التفجير الذي شهدته دمشق غداة وصول فريق المراقبين العرب أمام مقر إدارة أمن الدولة في 23 /12 /2011 كان من تدبير «إدارة أمن الدولة الفرع 280، حيث تم وضع شخص اسمه علاء الدوماني في سيارة (جيمس)، بعد تفخيخ بابها، وتم تفجيره هناك».
ويشار إلى أن السلطات السورية سارعت إلى اتهام تنظيم القاعدة بتفجير دمشق في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فور وقوعه، حيث اعتبر نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، التفجير «أول هدية من الإرهاب و(القاعدة) في اليوم الأول من وصول المراقبين العرب». كما سربت أجهزة الأمن، عبر وسائل الإعلام السورية المرتبطة بها، معلومات عن «إحباط محاولات للتسلل إلى دمشق من إرهابيي (القاعدة) من ريف دمشق، وأنه تم القبض على خمس خلايا في عدد من مناطق ريف دمشق، من بينها داريا وحرستا»، والمدينتان تعتبران من المناطق الساخنة في ريف دمشق. وكان ذلك أول تصريح رسمي يؤكد وجود تنظيم القاعدة في سوريا.
الأمر الذي دفع الإعلامي اللبناني ومدير مكتب تلفزيون «العالم»، حسين مرتضى، إلى تنبيه السلطات السورية إلى عدم التسرع باتهام «القاعدة»، وفق ما أظهرته لاحقا رسائل البريد الإلكتروني المسربة للرئيس الأسد وعقيلته، وسط شكوك بضلوع أجهزة الأمن بتدبير التفجير، حتى إن أحد المراقبين العرب الذين افتتحوا مهمتهم إلى سوريا بزيارة موقع التفجير، بعد ساعات من وقوعه، قال للصحافة إن «تكدس أشلاء القتلى في مكان ذي مساحة محدودة وفي محيط دائري لبؤرة الانفجار يدل على أن الجثث كانت قد وضعت مسبقا قبل التفجير، وبعضها قد تم وضعه على عجالة بعدها، وأن الدماء القانية اللون تفيد بما لا يدع مجالا للشك أنها لم تتعرض لضغط أو حرارة أي تفجير».
بينما اتهم المجلس الوطني السوري المعارض نظام الرئيس بشار الأسد بتدبير الهجمات التي استهدفت مقرات أمنية في دمشق، وقال المجلس حينذاك: «إن النظام السوري وحده يتحمل المسؤولية المباشرة عن التفجيرين الإرهابيين مع أجهزته الأمنية الدموية، التي أرادت أن توجه رسالة تحذير للمراقبين (العرب) بعدم الاقتراب من المقرات الأمنية وأخرى للعالم بأن النظام يواجه خطرا خارجيا، وليس ثورة شعبية تطالب بالحرية والكرامة».
* خدمة «نيويورك تايمز»
المعارضة السورية تجتمع في إسطنبول تحضيرا لمؤتمر القاهرة، عضو المجلس التنفيذي في هيئة التنسيق لـ«الشرق الأوسط»: سنشارك في المؤتمر والفشل غير مطلوب

بيروت: كارولين عاكوم ... بدعوة من تركيا بدأت المعارضة السورية متمثلة بالمجلس الوطني السوري وعدد من الأطراف المعارضة منها المنبر الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي إضافة إلى بعض الشخصيات الوطنية المعارضة، وبحضور ممثلي دول عدة، منها: الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا واليابان وتركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر إضافة إلى ممثل من الجامعة العربية، مؤتمرا يستمر يومين في إسطنبول بهدف العمل على توحيد رؤية المعارضة حول سوريا المستقبل والمرحلة الانتقالية. وسيتم اليوم الإعلان عن نتائج هذه الاجتماعات التي ستكون بمثابة اللجنة التحضيرية لمؤتمر المعارضة الذي سيعقد في القاهرة بدعوة من جامعة الدول العربية بحسب ما قال محمد سرميني، عضو المجلس الوطني السوري لـ«الشرق الأوسط».
وكان برهان غليون الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري قد قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن المؤتمر يجمع أكبر تحالف للمعارضة، مضيفا «سنعمل على توحيد رؤيتنا»، فيما قالت مسؤولة العلاقات الخارجية في المجلس بسمة قضماني «نحن هنا لتحديد موقف مشترك. لم يعد هناك الكثير من نقاط الخلاف بيننا». وذكر مصدر غربي للوكالة نفسها أن ممثلين عن عدد من الدول العربية والغربية سيحضرون بدء الاجتماع وسيعقدون «لقاء صغيرا» مع المعارضة السورية قبل أن يغادروا الاجتماع.
وستكون فرنسا ممثلة بسفيرها في سوريا إيريك شوفالييه الذي سحبته باريس من دمشق احتجاجا على أعمال العنف الذي تتهم النظام بارتكابها. كما سيمثل دبلوماسيون رفيعو المستوى ألمانيا والولايات المتحدة وإيطاليا وتركيا.
وقالت مصادر في المعارضة إن هذا الاجتماع يهدف إلى البحث عن سبل إنهاء حالة التشرذم في صفوف المعارضة قبل مؤتمر كبير للمعارضين السوريين سيعقد في القاهرة تحت رعاية الجامعة العربية في موعد لم يتقرر بعد.
من جهته، لفت ماجد حبو، عضو المجلس التنفيذي في هيئة التنسيق الوطنية، إلى أن عدم مشاركة الهيئة في هذا المؤتمر يعود إلى أسباب عدة، أهمها «توجيه الدعوة من وزارة الخارجية التركية، وهو أمر مستهجن» بحسب ما قال لـ«الشرق الأوسط»، مضيفا، أما السبب الثاني فهو أنه ليس هناك أي برنامج عمل سبق الاجتماع، وهو دليل على أن لا فائدة من لقاء كهذا نعتبره تحت مظلة «أصدقاء سوريا» الذي نرفضه، لما يتضمن من خيارات لا تنسجم مع رؤيتنا، وأهمها التدخل الخارجي والعنف.
وكشف حبو، عن لقاء سيجمع المعارضة، بمختلف أطرافها، من ضمنها المجلس الوطني وهيئة التنسيق، في بروكسل، وذلك في 24 و25 يونيو (حزيران) الحالي، بدعوة من اللجنة العربية لحقوق الإنسان والمعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان، ليكون بمثابة اللقاء التشاوري بهدف تقريب وجهات النظر بين كل الأطراف، للانتقال فيما بعد إلى مؤتمر القاهرة الذي سنشارك فيه مع مختلف الأطراف المعارضة، وسيكون برعاية الجامعة العربية. واعتبر حبو أن الفشل غير مطلوب في هذه المرحلة الدقيقة من الثورة، لأن المسار الذي وصلته الأحداث في سوريا يتطلب من الجميع أن يكونوا في أعلى درجات الوعي، بعدما وصل البلد إلى حرب طائفية.
المعارضون السوريون يرهبون الأسد بلعب أطفال بلاستيكية، تبدو كأنها بنادق آلية من طراز «إم بي – 5»

جريدة الشرق الاوسط.. سي. جي شيفرز* ... إذا كان الخداع عنصرا لا تخلو منه كافة الحروب، فإنه لا يكون في كثير من الأحيان بهذه الدرجة من الوضوح التي ظهرت في مقطع الفيديو الذي أعلن خلاله مقاتلو المعارضة السورية عن تشكيل لواء من القوات الخاصة ينضم إلى المعركة ضد الرئيس بشار الأسد.
ويحمل مقطع الفيديو، الذي يوجد على موقع «يوتيوب»، مجموعة من الرسائل الموجهة من المقاتلين السوريين في عصر الإنترنت، ويظهر فيه 11 رجلا يرتدون ملابس سوداء، ويخفي كل منهم وجهه وراء قناع أو قطعة من القماش، ويحملون ما تبدو كأنها بنادق آلية من طراز «إم بي – 5»، وهو السلاح الذي تستخدمه فرق مكافحة الإرهاب في كثير من الأحيان.
وقرأ أحد الرجال بيانا يعلن الحرب «في سبيل الله» ضد «النظام الإجرامي» للأسد، في الوقت الذي كانت فيه رايات الجيش السوري الحر، وهو الجهة غير المنظمة التي تضم المقاتلين السوريين، معلقة في الغرفة.
وكان كل شيء يلوح بالتهديد والوعيد والتصميم والعزيمة على إنهاء تلك الأزمة، ولكن لم يكن هناك سوى مشكلة واحدة، وهي أن الأسلحة لم تكن أسلحة على الإطلاق، ولكنها كانت عبارة عن لعب أطفال بلاستيكية.
ووفقا لتحليل من قبل أمين أحد المتاحف البريطانية للأسلحة، فإن جميع الرجال الموجودين في الفيديو كانوا يحملون نسخا صينية من لعب الأطفال «تي دي - 2007» وهي نسخ طبق الأصل من المدافع الآلية «إم بي - 5»، ويتم تسويقها على أنها لعب مناسبة للأطفال فوق سن خمس سنوات. وقام الرجال بتثبيت ماسورة – ربما عبارة عن وتد تم طلاؤه أو أنبوب – لتبدو كأنها ماسورة البندقية.
وقال جوناثان فيرغسون، وهو أمين متحف «الأسلحة والدروع الملكية» في ليذز، إن الحجم الغريب لمواسير البنادق هو الذي كشف تلك الخدعة، وأضاف عبر رسالة بالبريد الإلكتروني يوم الخميس: «لو لم يقوموا بذلك، فإننا على الأرجح لم نكن لنلاحظ أنهم ليسوا مسلحين ببنادق حقيقية».
ولم يتم التعرف على الشخص الذي قام بنشر هذا الفيديو، والذي ربما يكون أحد المتعاطفين مع المعارضة السورية، كجزء من التداول اليومي لمقاطع الفيديو التي تظهر معاناة أو أنشطة المعارضين للرئيس السوري بشار الأسد. وتم الكشف عن تلك الخدعة بمجرد أن شاهد فيرغسون هذا الفيديو يوم الأربعاء، وأدرك أن كل رجل كان يحمل سلاحه بيده اليسرى بطريقة تخفي نقطة التقاء الماسورة غير الحقيقية بالسلاح اللعبة، ثم لاحظ أجزاء أخرى كانت غير متسقة وغير متناسبة مع بعضها البعض، وما أن بحث على شبكة الإنترنت حتى عرف الحقيقة.
وقال فيرغسون: «لدي شعور بأننا نبحث في الحياة الواقعية عما يعادل هذا المشهد المأخوذ من الفيلم الكوميدي (أربعة أسود)»، في إشارة إلى الفيلم البريطاني الذي تم إنتاجه عام 2010. والذي كان ينتقد ثقافة الجهاد.
وقد عبر فيرغسون عن ذلك بطريقة لطيفة، حتى بعدما كشف حقيقة تلك الأسلحة الوهمية، حيث قال: «ما حدث هو شيء مضحك بكل المقاييس»، رغم إشارته بأنه قد حدث في «سياق مروع» نتيجة للحرب المريرة التي تمر بها سوريا.
وأشار فيرغسون إلى أن هذه لم تكن هي المناسبة الوحيدة التي يتم فيها استخدام الأسلحة غير الحقيقية لكسب الرأي العام.
وخلال الأسبوع الجاري، نشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية صورا للشبيحة الموالين للرئيس الأسد والمتهمين بقتل مدنيين سوريين بشكل منهجي. ووصفت الصحيفة الشبيحة بأنهم «متعاطون لمادة الستيرويد» ويغطي الوشم أجسادهم ويستخدمون أسلحة من طراز «إيه كيه - 47»، كما يستخدمون المناجل.
وأظهرت الصور اثنين من عناصر الشبيحة وهما يحملان مسدسا شبه آلي، وبعد ذلك كشفت صحيفة «البوابة» الأردنية أن هذا السلاح كان نسخة غير حقيقية من مسدس إسرائيلي الصنع يسمى «نسر الصحراء».
* خدمة «نيويورك تايمز»
جنبلاط لـ «الشرق الأوسط»: بشار الأسد يعيش في عالم آخر.. ولا مكان له في الحل، قال إن إنقاذ سوريا من الخراب يتم بمبادرة روسية ـ إيرانية

ثائر عباس ... لا صوت يعلو فوق صوت المعركة لدى رئيس «جبهة النضال الوطني» اللبنانية النائب وليد جنبلاط، فالزعيم الدرزي المشهور بقدرته على استشعار المخاطر، يقف اليوم رافعا مجموعة «لاءات» يرفعها من أجل «مصلحة الوطن» بحيث أصبحت معها بعض «التفاصيل الصغيرة» التي كادت تطيح بالائتلاف الحكومي، الذي هو جزء أساسي منه، «تافهة» أمام المخاطر التي تتهدد لبنان والمنطقة.
لم يعد «البيك» مهتما كثيرا بشكل قانون الانتخاب، ولا بالنسبية التي حاول بعض حلفائه في الحكومة «تحجيمه» من خلالها. كلها «تفاصيل.. والتفاصيل سخيفة أمام المخاطر الكبرى المحدقة بالوطن». النائب جنبلاط لا يرى في لبنان مفرا من الحوار مهما أخذ من الوقت ومهما كانت إنتاجيته ضئيلة، فالحوار أولوية بالنسبة إليه.. حول سلاح حزب الله الذي يرى أنه لا بد من أن يأتي اليوم الذي يتم فيه استيعابه داخل الدولة، والحوار حول الهواجس التي تضرب حزب الله جراء إحساسه والشيعة بخطر محدق جراء التطورات في سوريا.. أما حكومة ميقاتي فهي جزء من سلاح «تأجيل الفتنة» وهو غير نادم على دعمها ومستمر في ذلك.
أما في سوريا، التي تحتل أحداثها جزءا كبيرا من اهتمامات جنبلاط الذي قطع علاقته بالنظام منذ 9 يونيو (حزيران) 2011 بعدما تأكد له أن (الرئيس السوري) بشار الأسد «يعيش في عالم آخر»، يرى جنبلاط أن إنقاذ سوريا لا يكون من خلال استمرار حكم بشار الأسد، أو هذه المجموعة التي تحكم سوريا وتقودها إلى الخراب، معتبرا أن «المؤتمر الدولي» الذي دعت إليه روسيا هو فرصة أخيرة ويجب الإسراع في اغتنامها «لأن الوقت يداهمنا وسوريا تسير نحو الخراب».
ولا يرى جنبلاط مبررا لمخاوف الأقليات في سوريا، ومنها الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها وتشكل واحدة من هذه الأقليات الكبرى في سوريا، «وإذا جرى الإسراع في الحل السياسي فلن يكون ثمة خطر على الأقليات». وهنا نص الحوار..
* الموضوع الأساسي هذه الأيام هو ما يقال عن حرب أهلية انغمست فيها سوريا، فما رأيك؟
- يمكن تفادي هذا المخطط المدمر لسوريا بتوافق دولي سريع، لأن مفتاح الحل دولي، وهو في يد موسكو وبكين، وموسكو بالتحديد، وموسكو مع حليفتها الجمهورية الإسلامية (إيران)، فإذا كانت هذه الدول حريصة على الأمن والاستقرار وعلى مصالحها في سوريا، تستطيع أن تجد توافقا من خلال ما يسمى «المؤتمر الدولي حول سوريا» الذي ستحضره كل الدول الكبرى وتجد الطريقة لإنقاذ سوريا، وإنقاذ سوريا لا يكون من خلال استمرار حكم بشار الأسد، أو هذه المجموعة التي تحكم سوريا وتقودها إلى الخراب. هل يمكن الوصول إلى حل انتقالي؟ علينا أن نسأل المعنيين الذين يعرفون العمق السوري، وهم الإيرانيون والروس.
* الحل السياسي لا يبدو واقعيا من قبل الطرفين، النظام والمعارضة..
- المعارضة على مستوى التنسيقيات في الداخل، والمعارضة الخارجية، لم تكن تستطيع منذ البداية أن تجد تسوية مع نظام اعتمد الحل الأمني، منذ درعا في عام 2011 وإلى اليوم. إن ما يجري من دمار وخراب وقتل وتعذيب وخطف، كبير جدا فوق التصور، لكن نظريا وعمليا هناك دول حريصة على الوضع السوري، وقلنا منها روسيا والجمهورية الإسلامية، فماذا تريد هذه القوى؟ المجتمع الدولي رضخ، وأعلن القبول بالمؤتمر الدولي. المؤتمر الذي يعني الاعتراف بمصالحهما في سوريا. أليس من الأفضل الإسراع في هذا المؤتمر وإنقاذ سوريا للوصول إلى حل مشابه للحل في اليمن حيث نجحت المبادرة الخليجية؟
* وكيف ستكون هوية المبادرة في سوريا؟
- مبادرة روسية – إيرانية–صينية عنوانها إنقاذ سوريا من الفوضى أو مما يقولون إنه الحرب الأهلية والخراب. عندما نسمع ما يجري من بعيد نرى أن سوريا تدمر.
* يبقى هناك خطر التقسيم العرقي والطائفي..
- لا أوافق على هذا الأمر. التقسيم العرقي والطائفي غير ممكن، والسعي إليه معناه الفوضى، فهل يوافق الجمهورية الإسلامية وروسيا الفوضى في سوريا؟ ما زلت أرى أن هناك إمكانية للحل من خلال مؤتمر دولي تتمثل فيه إيران مباشرة أو من خلال روسيا، لكن الوقت يداهمنا.
* ما هو الخيار الآخر؟
- لا يوجد خيار آخر. هناك الخيار الذي تمارسه العائلة الحاكمة، وهو الخيار الأمني الذي لن يؤدي إلا إلى المزيد من الخراب والدمار في سوريا.
* هناك مخاوف الأقليات في سوريا، ومن بينها المسيحيون والدروز، فكيف تقيم موقف الطائفتين من الأزمة؟
- إذا جرى الإسراع في الحل السياسي فلن يكون ثمة خطرا على الأقليات في سوريا. أنا لا أوافق على الرأي القائل بتحالف الأقليات. في سوريا مجتمع متحضر متنوع، وتحالف الأقليات بدعة اخترعها النظام لحماية نفسه. هناك أولا مصير الشعب السوري بكل مكوناته. والشعب السوري يأمل بحل سياسي، فالحل الأمني دمر سوريا، وسيدمرها أكثر إذا لم يجر تدخل سريع روسي – إيراني وصيني إلى حد ما رغم بعد الصين.
* ماذا عن الوضع الدرزي – السني، بعد حوادث الخطف والخطف المضاد التي تدخلت أنت من أجل تطويقها؟
- تبين أن الوطنيين في جبل العرب وحوران أقوى. وأن التيار الوحدوي السوري أقوى بكثير من النعرات الطائفية والمناطقية.
* ألا تخشى من أن تلقي التطورات السورية بالمزيد من الثقل على الوضعين الأمني والسياسي في لبنان؟
- أما وقد تطرح فكرة المؤتمر الدولي، أدعو جميع الفرقاء في لبنان من «14 آذار» و«8 آذار» أن ننأى بأنفسنا عما يجري في سوريا. الوضع أصبح في سوريا أكبر بكثير من قدراتنا الذاتية. ومدخل هذا الأمر هو الحوار، والحوار مفيد جدا، فلنحاول أن لا نستورد المشكل السوري إلى داخل لبنان، وهذا يبدأ بـ«مناطق» بعل محسن والتبانة وعكار وبالحديث السياسي.
* ما المقصود بالحديث السياسي؟
- لا يستطيع المرء أن يقف فقط عند 7 مايو، كما يقف عندها البعض في تيار المستقبل. علينا أن نتجاوز 7 مايو، وأن نرى المستقبل.
* كل الأطراف تقول إنها لا تتدخل في الشأن السوري؟
- هناك فريق في لبنان يؤيد النظام السوري، وهو فريق المقاومة، وهناك فريق يؤيد الشعب السوري. ومهما ظن هؤلاء الأفرقاء أنهم يستطيعون أن يغيروا شيئا في سوريا، فلن يستطيعوا أن يغيروا. بما أن المطروح اليوم مناقشة مستقبل سوريا بين الدول الكبرى، فلا أعتقد أن أحزابا محلية تستطيع أن تفعل شيئا. يكون من الغباء من قبل بعض الأحزاب المحلية، أيا كان شأنها وحجمها، أن تتدخل. من الأفضل أن لا نتدخل. نتدخل فقط في شأن واحد هو الشأن الإنساني عبر إعطاء الضمانات للاجئين السوريين في الشمال وحتى في البقاع. وقد اتفقنا في لجنة الحوار على تقديم الإغاثة. الإغاثة لهذا اللاجئ الذي لا ناقة له ولا جمل إلا أنه أصيب بلعنة التهجير.
* علاقتك لا تزال مقطوعة مع النظام؟
- آخر زيارة قمت بها إلى هناك كانت في 9 يونيو الماضي، وقد اقتنعت بعدها بأن بشار الأسد يعيش في عالم آخر. وقد رأينا خطابه الأخير (في افتتاح مجلس الشعب) وهو الخطاب نفسه الذي ألقاه بعد أحداث درعا (عند بدء الاحتجاجات). إنه يعيش في عالم مختلف، ولا يقبل بأن الحل الأمني أوصل سوريا إلى الخراب.
* كيف كان توفقك في علاقتك مع حزب الله وعداؤك للنظام السوري؟
- حزب الله واقع على الأرض اللبنانية. وإذا ظن البعض أن باستطاعته إلغاء حزب الله بـ«شخطة قلم» فهو مخطئ. الحزب يمثل 50 أو 60 في المائة من الشيعة في لبنان، والمقاربة مع الشيعة والحزب يجب أن تكون على قاعدة أن هذا السلاح الذي تمتلكه المقاومة، الذي كان له دور أساسي في الدفاع عن لبنان عام 2006 وتحرير الجنوب في عام 2000، يجب أن يكون يوما ما في حضن الدولة. أما الحديث الدائم والممل بأن لا حوار في ظل وجود السلاح، فهو يؤدي إلى مزيد من التأزم وغير مجد، لا على المستوى السياسي ولا النفسي.
* ما تقييمك لجلسة الحوار الأولى التي انعقدت مؤخرا؟
- بداية ممتازة. والنقاط التي طرحها رئيس الجمهورية كانت ممتازة أيضا. لقد طرح الرئيس 3 نقاط؛ هي أولا: كيفية الاستفادة من سلاح الحزب في الدفاع عن لبنان، أي أن لا يكون هذا السلاح مرتبطا بالصراع العربي – الإسرائيلي، ولا أن يكون كما قال أحدهم في طهران للدفاع عن إيران إذا ما تعرضت لهجوم على برنامجها النووي. ثانيا: كيفية الوصول إلى حل لإخراج السلاح من المدن. ثالثا: معالجة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وهو الأمر الذي اتفقنا عليه بالإجماع في الجولة الأولى من الحوار عام 2006.
* المشكلة أننا اتفقنا.. ولم يتم تنفيذ أي منها حتى الآن..
- سآخذك إلى مكان آخر. في آيرلندا الشمالية استلزم الأمر 15 سنة للوصول إلى السلم الأهلي بين الكاثوليك والبروتستانت وذلك بجهد بريطاني ودولي مشترك. ليست هناك حلولا سحرية. في النهاية يجب أن نجلس معا. من يحمل السلاح في الجنوب ليس غريبا. أذكر بتجربة مع الفلسطينيين حيث كان يعتبر فريق من اللبنانيين أن الفلسطيني غريب. وجرى قسم من الأحداث في لبنان على خلفية من يؤيد هذا الغريب ويعاديه، وكنا في اليسار نؤيده وكان آخرون يعادونه. لكن هذا السلاح لم يخرج إلا بتسوية. لم تستطع إسرائيل بكل قوتها العسكرية إخراج السلاح إلا بتسوية سياسية على الرغم من أن كل ما أحدثته من خراب ودمار، فكيف الحال إذا كان هذا السلاح مع مواطن لبناني يشعر بقلق. نعم هناك مواطن لبناني يشعر بقلق نتيجة الحدث السوري ويعتبر أن ما يجري مؤامرة دولية على وجوده.
* وفي المقابل، هناك مواطن آخر يشعر بقلق من هذا السلاح..
- عظيم. جرى ما جرى في 7 مايو، لكن من غير المفيد أن نجعل من 7 مايو «كربلاء» ثانية.
* وهذا السلاح يشكل ذريعة لسلاح آخر..
- إذن نحن أمام أفق مسدود. ليس هناك حل إلا بالحوار وتدعيم المؤسسات، ويوما ما سيتم استيعاب هذا السلاح داخل مؤسسات الدولة.
* هل توافق القائلين بأننا نعيش في لبنان نفس الأجواء التي كانت سائدة قبل الحرب الأهلية؟
- لا أوفق، لأننا نكون نستسلم ونسقط إمكانية الحل.
* ألا تخشى الحرب الأهلية؟
- لا أوافق على الاستسلام، علينا أن نبقى مصرين على الحوار والأمل.. لا أوافق على الاستسلام.
* لكن الحوار يبقى منقوصا في ظل غياب بعض أطرافه لأسباب أمنية وغير أمنية؟
- ومن هو غير المستهدف أمنيا ومهدد بشكل أو بآخر؟ فليتواضع البعض.. وحتى إذا كانت هناك مخاطر، فالشعب يستحق منا أن نطمئنه لأنه يشعر بالقلق، ولا يكبر كل واحد نفسه أكبر من اللازم.
* هل توافق على قيام حكومة حيادية كما طرحت قوى «14 آذار»؟
- ماذا يقصدون بحكومة حيادية؟ لم أفهم.. من الذي يستطيع اليوم تأليف حكومة حيادية؟ أما حكومة وحدة وطنية، فأنا موافق عليها، فليتفضل الشيخ سعد الحريري وأهلا وسهلا به. ليس لدي مانع، وأتمنى اليوم قبل الغد أن أغادر هذه الحكومة. إذا كانت قوى «14 آذار» تملك الحل السحري عبر حكومة تكنوقراط أو حكومة حيادية أو حكومة أخرى، فليتفضلوا، كل ما قمت به–ولست نادما–أنني والرئيس نجيب ميقاتي أخرنا الفتنة.. الفتنة قيل إنها ستقع عند صدور القرار الظني (في قضية اغتيال الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري)، وذلك بالتعاون مع رئيس الجمهورية فكانت الحكومة الحالية.
* هذه الحكومة التي تتعرض لانتقادات الحلفاء قبل الخصوم؟
- من يملك أفضل، فليتفضل. أهلا وسهلا بهم.. لا يوجد أسهل من الانتقاد من بعيد.
* هذه حكومة تحمل بذور الخلافات فيها، إنتاجها ضئيل والخلافات مستمرة..
- فلنضع جانبا المشكلات الداخلية الصغيرة.. هناك أمور أكبر بكثير. لقد تم التوافق على مشروع الموازنة وبعض التعيينات. بشيء من التوافق «يمشي الحال».. وأنا لست خائفا.
* هل ستجري الانتخابات إذا استمر الوضع على ما هو؟
- تجري الانتخابات، ولمَ لا؟ وليفز من يملك صدقية أكبر.. لكن في نهاية المطاف لا يمكن أن نلغي حقيقة أن التأزم حول قضية السلاح يحتاج إلى الحوار. الانتخابات لا تلغي الحوار، فالحوار هو مدخل للانتخابات.
* حوار يمهد للانتخابات؟
- الحوار مطلوب لأن هناك حدثا هائلا ومخيفا في سوريا، ولهذا يجب أن ننأى بأنفسنا عن الحدث السوري بالحوار وعدم نبش الجراح السابقة وننظر إلى المستقبل.
* انتخابات وفق أي قانون؟
- القانون هو مجرد تفصيل.. حماية الوطن أهم من كل شيء.
* تقبل بالنسبية تحت هذا العنوان؟
- كل هذا مجرد تفصيل، والتفاصيل سخيفة أمام المخاطر الكبرى المحدقة بالوطن.
 
سوريا: دولة علوية واحدة ذات رسالة خالدة

عبد الله بن بجاد العتيبي... جريدة الشرق الاوسط... العبارة في العنوان هي تحوير لشعار حزب البعث الأشهر «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة» والتحوير ليس مني، ولكنه من الضابط الدرزي سليم حاطوم الذي كان حليفا لحافظ الأسد ثم انقلب عليه فأعدمه الأسد.
إن الطائفية المقيتة تبدو من أفضل أسلحة إيران السياسية داخليا وإقليميا؛ داخليا الأمر ظاهر ولا يحتاج إلى دليل من نص الدستور إلى فعل السلطة اليومي، وإقليميا فهي تمارس هذه اللعبة الخطرة في سوريا واليمن والبحرين، كما لعبتها سابقا في لبنان والعراق، وكما تهدد بها على الدوام، ولكن ممارسة الطائفية على المستوى الداخلي، أي داخل الدولة، قد سبقها بها حافظ الأسد في سوريا وسلمها من بعده لابنه بشار الذي صار رئيسا بديلا لباسل.
إن سوريا وإيران مستمرتان في تلك السياسة، وهما وأتباعهما في المنطقة يحاولون وصم كل من يتطرق للموضوع الطائفي وعلاقته بالصراع في سوريا بأنه مع الطائفية حتى وإن تناول ذلك بحقائق تاريخية وتحليل علمي، وهي لعبة أصبحت مكشوفة، فالموضوع الطائفي في سوريا وإن كان شائكا يجب أن يكون على الطاولة كتاريخ وكواقع، وأن يتم التعامل معه بالحكمة والعقل بعد المعرفة والوعي.
في تاريخ سوريا الحديث كان موضوع الطائفية حاضرا بقوة، ففي العهد العثماني كانت معارضة الشعب والمفكرين العرب حينها ترتكز على معارضة العثمانيين باعتبارهم مستبدين ودون أي حضور للبعد الطائفي، غير أن بعض الأقليات كان لديها شعور آخر بأن ذلك كان حكما أجنبيا، وهذا التفريق يوضحه ما تجلى لاحقا في زمن الانتداب الفرنسي لسوريا حين سعى لبناء دويلة للأقليات وعلى رأسها الأقلية العلوية في جبال العلويين، هذه المنطقة التي تم تغيير اسمها لاحقا لتصبح اللاذقية، فقد سعى الانتداب الفرنسي حينها لتجنيد أبناء الأقليات في الجيش عبر «القوات الخاصة للشرق الأدنى» التي أنشأها ورعاها، في زمن كان أهل المدن السنيون يحتقرون العمل في الجيش كمهنة وهو ما أضر بهم لاحقا، وقد أدت تلك القوات «إلى تأسيس تقليد عسكري علوي أصبح مركزيا في صعود الطائفة اللاحق» (باتريك سيل: ص69). بعد الاستقلال السوري، وبعكس أهل المدن السنيين، انخرط كثير من أبناء الأقليات وسكان الريف في حزب البعث وفي الجيش: في حزب البعث الذي يرى مطاع صفدي أنه «في الأصل حركة طائفية» فقد عانى قادته كثيرا في نقله إلى المدن وإلى الأكثرية السنية، أما الجيش فقد انتهكت عقيدته العسكرية باكرا بعد الاستقلال لتصبح ولاءات ضباطه موزعة بين الأحزاب الآيديولوجية والولاءات العشائرية والطائفية.
في هذا السياق وعلى هذا النسق أنشأ حافظ الأسد مع أربعة آخرين كلهم من الأقليات، ثلاثة علويين: محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد، وإسماعيليان: عبد الكريم الجندي وأحمد المير «اللجنة العسكرية» التي تطورت لاحقا ليحكم حافظ سوريا من خلالها.
بعد انقلاب البعث 1963 بدا لصلاح جديد وحافظ الأسد أن الاستقطاب الطائفي للأقليات في الحزب والجيش هو سبيلهما الأمثل لاعتلاء السلطة، وحين انحاز جديد للسيطرة على الحزب اتجه الأسد للسيطرة على المؤسسة العسكرية، وحين نشب الصراع بينهما لاحقا كان الأسد هو الأقوى وصاحب الكلمة الفصل ففرض نفسه بقوة الجيش الذي سيطر عليه عبر ولاءات الأقلية والطائفية التي كونها ووثق بها.
لم يكن حافظ الأسد على قدر من الاستعجال ليصرح بما قاله رفيقه السابق محمد عمران بأن «الفاطمية يجب أن تأخذ دورها» ولكنه فعل على الأرض ما يزيد على ذلك، ثم لم يزل وعي الأسد يتجه باتجاهات أكثر ضيقا؛ فمن الاعتماد على الأقليات عموما إلى الاعتماد على الفاطمية إلى تخصيص العلوية وصولا إلى العشائرية ثم العائلية لإدارة الجيش والبلاد.
لقد قام حافظ الأسد بعد انقلاب البعث 1963 بتصفيات متتالية لضباط الجيش كالتالي: «تصفية أبرز الضباط السنيين 1966 والدروز 1966 والحورانيين 1966 - 1968 والإسماعيليين 1968 - 1969»، ثم «اعتمد الأسد إلى حد كبير بعد 1971 على ضباط من عائلته الشخصية أو عشيرته أو أبناء المناطق المجاورة لقريته» (نيقولاس فان دام: الصراع على السلطة في سوريا: ص131) حيث ذكر بتفاصيل موثقة قصة هذا الانتقال والتصفيات مع أرقام إحصائية جديرة بالقراءة والتحليل.
استمر هذا الوعي الطائفي لدى حافظ الأسد حتى بعد استحواذه الكامل على السلطة، وكما كان هذا واضحا في قناعاته فقد كان واضحا لدى بعض القادة العرب الذين تعاملوا معه، ففي قناعاته يذكر عبد الحليم خدام أنه في الشأن اللبناني «كان يعتبر الطائفة الشيعية هي الأكثر قربا من النظام» وأن «القيادات السياسية للمسلمين السنة في لبنان لا يؤتمن لها»، وفي مواقف القادة العرب كان السادات يسمي نظام الأسد بـ«البعث العلوي» ونقل عن «فيصل» أن الأسد «بعثي علوي، وأحدهما ألعن من الآخر».
هذه مجرد إشارات سريعة لتاريخ سوريا الحديث، وكيف استخدم النظام الطائفية على نحو شرس في الحزب والجيش وصولا للحكومة والدولة.
في هذا السياق يمكن قراءة الموقف الروسي الذي يذكرنا بالطائفية في الشأن السوري بشكل معكوس، لا لشيء إلا ليواصل جهده ليرد «جميل أفغانستان» لأميركا، اقتداء برؤية بريجنسكي الذي كان يرى في أفغانستان ردا على «جميل فيتنام» الروسي، ولا شك أن الموقف من ليبيا القذافي يشكل مرارة حاضرة له، ومن هنا سيكون على إدارة أوباما أن تدفع ثمنا تاريخيا جراء موافقتها على تشكل قوة عظمى جديدة معادية لها على المستوى الدولي تكون سوريا نواتها.
إن نار الطائفية حين تشتعل لا تعرف حدودا من عقل أو سياسة، بل إنها تأكل الأخضر واليابس، وتجر الجميع لدوامتها، ولن تقف عند حدود سوريا، ولكنها ستصل لحدود روسيا، وسترمي بشررها على الغرب كله، فهي حين تتحول لقوة سياسية فلا يمكن التنبؤ بآثارها.
إن الطائفية شر مستطير، وفتنة محتمة، وهي إحدى أمارات التخلف الحضاري، ومع الرفض الكامل لها كمنطق سياسي، غير أن ممارستها بكل هذه البشاعة في سوريا لا بد أن تدفع باتجاه شعور الأكثرية بها ما يعني انتشاءها بدلا من تخفيفها، وحينذاك سيكون الثمن غاليا على الجميع.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Iran: Death of a President….....

 الأربعاء 22 أيار 2024 - 11:01 ص

Iran: Death of a President…..... A helicopter crash on 19 May killed Iranian President Ebrahim Ra… تتمة »

عدد الزيارات: 157,695,900

عدد الزوار: 7,076,420

المتواجدون الآن: 56