تقارير..الحركات الجهادية في آسيا الوسطى: خطر خرج عن السيطرة!.عن فيتو الفقهاء في العراق!.....مصير قانون الانتخاب اللبناني بعد... الانتخابات الأميركية

الأرامل في العراق: جيش عتاده اليتامى وسواتره البكاء... عـددهـن يعـادل سـكان خمـس دول عـربيـة... عدد أرامل العراق حوالي 1.5 مليون امرأة

تاريخ الإضافة الخميس 4 تشرين الأول 2012 - 5:50 ص    عدد الزيارات 2569    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

الأرامل في العراق: جيش عتاده اليتامى وسواتره البكاء... عـددهـن يعـادل سـكان خمـس دول عـربيـة... عدد أرامل العراق حوالي 1.5 مليون امرأة
جريدة السفير...عمر الجفال
إيقاع طبول الحرب المستمرَّة منذ أكثر من ثلاثة عقود في أرض الرافدين خلَّفت جيشاً من النساء الأرامل. جيش هو الأضعف في معادلة الحروب العراقية العبثيّة التي كلّما هدأت قعقعتها، نهضت عنقاؤها من رماد الضّحايا لتعلن بدء حلقة جديدة من مسلسل الحروب.
وإذا كان الشّاعر العراقي محمَّد مظلوم قد خلّف أرملة هي الحياة بكاملها: «أيتها الحياة، يا أرملتي» في قصيدة كتبها على ظهرِ دبابة في ذروة الحرب العراقية - الإيرانية، فإن كثيرين غيره كانت خساراتهم أقلّ، حين خلَّفوا وراءهم نساء أرامل من لحم ودم، وثكالى، وأيتاما بعضهم لم يروا آباءهم.
حرب الخليج الثانية هي الأخرى لم تكن شهيّتها للموت أقلّ من الأولى، إذ فور انتهائها باندحار الجيش العراقي أمام الجحافل الدولية، أنتجت ثورة شعبيّة في وسط وجنوبي العراق، فتحت الباب مشرَّعاً أمام إعدامات نظام صدام حسين، وأمام غولة الموت، التي حرصت على أن تترك ستمئة ألف أرملة عراقية خلال الحربين، بحسب الدكتور عزو محمد عبد القادر ناجي، الذي خصَّص كتاباً كاملاً عن فوضى تلك الحروب العبثيَّة.
ومنذ معارك الحرب الأولى، بدأت قوافل الشهداء القادمين من جبهات الحرب ملفوفين بأعلام الوطن، تتوزَّع في مدن العراق مخلِّفة جدراناً من الخرق السَّوداء التي كست الشوارع إعلاناً عن موتهم المبكِّر. هكذا عاش العراق، على مدى أكثر من ثلاثة عقود، واقعا بدا مريراً، خاصّة في سنوات الحصار الاقتصادي الذي فرضته الأمم المتَّحدة ودام أكثر من 12 عاماً، وهي حرب ايضاً لكن بوسائل أخرى. وإذ كانت الأمور تزداد تعقيداً، لجأت بعض هؤلاء الأرامل إلى ممارسة أول مهنة في التاريخ. وبعضهن شددن بطونهن إلى ظهورهن وتحمّلن الجوع من دون أن يأكلن أثداءهن.
وإذا كان قانون أورنمو - الذي سبق قانون حمورابي بثلاثة قرون - يقضي بحماية الفقراء والأرامل والأيتام من ظلم الأقوياء، فإن الفترة التي تلت احتلال العراق عام 2003 سنّت قوانينها الخاصّة، وأعطت الشرعية لظهور جيش جديد من الأرامل من دون أي حماية، لكنه هذه المرَّة جيش أكثر عدداً، جيش عتاده اليتامى، وسواتره البكاء الصامت.
خطوات أولى نحو.. الموت
فور سقوط نظام الرئيس صدام حسين، أُشيعت الفوضى وانتشر السلاح وعمَّ الإرهاب. تناسل الحسّ الثّأري لدى عامّة الناس، خرج إلى الشوارع من عانى ظلم النظام المنهار ليأخذ بثأره الذي بقي دفيناً في الصدور على مدى ثلاثين عاماً من حكم نظام صنِّف من بين أبشع الدكتاتوريات في العالم. خلَّف هؤلاء المنتقمون قوافل من القتلى وعدداً جديداً من الأرامل أضيف إلى قائمة أرامل الحرب. إلا أن الأمر اختلف هنا قليلاً، إذ كان نظام صدّام يمنح عائلة الشهيد في الحرب العراقية - الإيرانية قطعة أرض في مسقط رأس الشهيد مصحوبة بقرضٍ مصرفي للبناء وسيَّارة من الصناعات اليابانيَّة، ما جعل من الأرملة هدفاً للزواج وإن كان زواج مصلحة، خاصَّة أن قراراً صدر آنذاك يمنح بموجبه من يتزوج بأرملة الشهيد مبلغاً قدره 25 ألف دينار، أي ما يعادل 25 ألف دولار في ذلك الوقت، في حين أن أرامل قتلى الثأر من رجال النظام المنهار لم يجدن سوى قارعة الطريق ملاذاً من الخوف والجوع.
أرامل تحت مظلة الديموقراطية
تتمدد عقارب الحروب في البيت العراقي لتوزع سمّها في أركانه بدون تمييز بين عرق أو دين أو مذهب. لكن عقارب ما بعد الاحتلال الأميركي عام 2003 نوَّعت سمومها أيضاً. بدأ فصل القتل على أساس المهنة، فقضى عدد كبير من الأكاديميين والأطبّاء والطّيارين وأساتذة الجامعات، ثم بدأ الفصل الأخطر، الطائفي، الذي تم خلاله القتل على الهوية. كانت أعداد القتلى كبيرة. وبطبيعة الحال فإن أعداد الأرامل أخذت بالاتساع، إذ تشير دراسة صدرت عن «منظمة الإغاثة العالمية» الى ان «ثلاثا من كل خمس أرامل في العراق فقدن أزواجهن في سنوات العنف التي تلت غزو العام 2003». وتقول الدراسة إن «10 في المئة من نساء العراق اللواتي يقدر عددهن بـ1,5 مليون امرأة، أرامل». وحذَّرت الدراسة من أن «العصابات الإجرامية والمجموعات الإرهابية ربما تحاول تجنيد الأرامل اليائسات، وان تجاهل معاناتهن من الممكن أن يؤدي بهن إلى الدعارة والمخدرات والإرهاب». ويؤكد التقرير أن «الدولة العراقية أهملت الأرامل بمشكلاتهنّ الكبيرة».
وفي عام 2005 أصدرت وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي إحصائية قالت فيها ان «عدد الأرامل في البلاد يبلغ نحو مليون أرملة». إلا أن الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال لم تنتبه لمعاناتهن، إذ ان 83 ألف أرملة فقط من هذا العدد المرعب يتسلمن راتب الحماية الاجتماعية البالغ 65 ألف دينار عراقي (نحو 50 دولاراً)، ما يجعلهن تحت خط الفقر، إذ لا يسدُّ هذا المبلغ مجرد احتياجاتهن الغذائية، فما بالك بالاحتياجات الإنسانية الأخرى.
وبالرغم من تسارع أحداث العنف في عام 2005 وما تلى ذلك، ومنها الاقتتال الطائفي وتمدّد تنظيم القاعدة، إلا أن الإحصائيَّة الرسميَّة للحكومة العراقيَّة تغرد خارج سرب الحقيقة، إذ تقول وزارة المرأة في حزيران/يونيو 2011، ان هناك أكثر من مليون أرملة في البلاد، وهو ذات العدد الذي أوردته إحصائية وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي عام 2005. فهل توقف القتل واستتب الأمن في العراق خلال السنوات الفاصلة بين إحصائيات الوزارتين؟ أم هي فوضى الأرقام التي تطمس الحقائق أو تضخِّمها بحسب متطلبات صراع الكتل السياسية؟ قد يكون الجواب في بحث الدكتورة كاترين ميخائيل الذي أعدَّته لـ«مكتب الأمم المتَّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» في جنيف والذي تؤكد فيه أن «90 إلى 100 امرأة عراقية يترملن كل يوم نتيجة أعمال القتل والعنف الطائفي والجريمة المنظمة في العراق»، هو الأقرب إلى الصواب... والأكثر فجيعة.
البرلمان العراقي الذي يبدو عاجزاً أمام المشاكل المستعصية على الحل بسبب الفساد الإداري والمالي الذي ينخر جسد الدولة، حاول رمي الكرة في الملعب الاجتماعي، حيث يقترح عدد من النواب تشجيع ظاهرة تعدد الزوجات من خلال سن تشريع يسهل الحصول على قروض مالية. لكن الطامة الكبرى بحسب منظمات مدنية معنية بحقوق المرأة هي المتاجرة بمعاناة النساء الأرامل من أجل الاستحواذ على أصواتهن. وتقول الناشطة في مجال حقوق الانسان هناء أدور إن للاقتراح جوانب عديدة مثيرة للجدل، فإلى جانب تشجيعه على الزواج المخادع، فهو يخالف القانون العراقي، وإن «عدم الاستقرار السياسي وتدهور المعايير الأخلاقية» في العراق هما سبب هذه الاقتراحات التي تعارض القوانين والأخلاق برأيها، إذ تجعل من المرأة «سلعة» سهلة الشراء والاستفادة منها لأنها تضعها في منزلة متدنية عن الرجل وتعرضها للتعسف الذكوري. أما عضو البرلمان أشواق الجاف فتقول ان عدد الأرامل في العراق «يعادل سكان خمس دول عربية هي جزر القمر وجيبوتي وقطر والبحرين والإمارات العربية المتَّحدة»، وتوصي بالإسراع في تشريع «قانون صندوق الأيتام في العراق» للتخفيف عن كاهل الأرامل.
صحيح أن الارامل في العراق جيش عتاده اليتامى، وسواتره البكاء الصامت، لكنه وفق هذا العدد الكبير يستطيع أن يحدد ملامح الكتلة النيابية الأكبر في الانتخابات البرلمانية المقبلة، لا سيما بعد انتشار ثقافة الحقوق والواجبات (دستورياً) التي عرَّت على نحو واسع المتشدقين بشعارات الحرية والعدل والمساواة من أمراء الطوائف، فهل يحسم جيش الأرامل معركة الانتخابات المقبلة؟
أم المعارك
كان صدام حسين قد خاض حرباً أسماها "أم المعارك". كانت تلك حرب متعلَّقة ببلاد كاملة، إلا أن "سلامّة" وجدت نفسها أمّاً لمعارك لا تعنيها. بدأت سلامة أولى معاركها مع الحياة حين قدَّمت زوجها قربانا على مذبح الحرب العراقية-الإيرانية. خلَّف زوجها الذي قُتل عام 1982، ثلاثة أولاد. استطاعت سلاّمة أن تُعيلهم عبر عملها في تنظيف المنازل والمدارس، وحينما حلَّ عام 2003 فقدت أبنها البكر ماجد إثر طلق ناري طائش. وبينما لم يجفَّ حزن ماجد في قلب أمه، سارع أبنها الأصغر حميد، المتزوِّج حديثاً عام 2008 من فتاة عمرها 16 عاماً، للحاق بأخيه في انفجار في منطقة بغداد الجديدة.
* كاتب صحافي من العراق
 
الحركات الجهادية في آسيا الوسطى: خطر خرج عن السيطرة!
جريدة السفير...ربى الحسيني
بعد سنوات من محاربة الاتحاد السوفياتي للحركات الإسلامية المتطرفة في «جمهورياته» الجنوبية في آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز الروسي، أطلق المتشددون الإسلاميون لأنفسهم العنان مع انتهاء الحرب الباردة وانهيار المنظومة الاشتراكية، في محاولة لفرض تواجدهم في المنطقة التي تحارب من أجلها قوى إقليمية ودولية بسبب موقعها الجيو ـ استراتيجي بين روسيا والصين والاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط، فضلاً عن مواردها التي لا تحصى.
لكن صعود الإسلام المتطرف لم يكن وليد الصدفة، فهو نتيجة تدخل مخطط من الولايات المتحدة لمحاربة التواجد السوفياتي في البداية في أفغانستان، وثم محاولة روسيا الحفاظ على إرثها التاريخي في تلك الجمهوريات.
ويرى العديد من المحللين أن التخوّف من صعود الإسلام المتطرف في تلك المنطقة ليس سوى مبالغة من الحكومات المحلية، وأيضاً من قبل الغرب، فهو لا يزال إلى حد ما معزولاً في مناطق محددة، خصوصاً في داغستان ووادي فرغانة، بالإضافة إلى المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، حيث استفاد الإسلاميون المتشددون من الاحتلال الأطلسي لتعزيز قدراتهم العسكرية والقتالية تحت عنوان «الجهاد».
وسلطت الهجمات الأخيرة التي استهدفت قوات الأمن في جمهورية إغوشتيا الروسية في شمالي القوقاز الضوء أكثر على تزايد مخاطر أعمال العنف التي تقودها الحركات الإسلامية المتشددة.
أما الهجومان اللذان استهدفا مؤخراً مفتي جمهورية تتارستان الروسية، وأسفرا عن مقتل نائبه ـ علماً بأن الرجلين هما من الإسلاميين المعتدلين المعروفين بمحاربتهما للفكر السلفي المتشدد ـ فقد شكلا إشارة إلى امتداد العنف بين دول آسيا الوسطى والقوقاز والجمهوريات الروسية.
وبحسب ورقة صادرة عن مؤسسة «هيريتاج» في آب الماضي، فإن موسكو بدأت تفقد السيطرة على منطقة شمال القوقاز، خصوصاً أن أولوية الكرملين خلال حرب الشيشان وبعدها اتسمت باستخدام العنف، ودفق مليارات الدولارات التي استفادت منها فقط الحكومات الفاسدة، ما أفسح المجال أمام المتطرفين لإطلاق حملة أكبر تصل إلى روسيا وربما أبعد منها، وذلك عن طريق دمج العناصر الجهادية مع مقاتلين آخرين في آسيا الوسطى وأفغانستان، وهو ما تبدّى خصوصاً في التفجير الذي استهدف مطار دوموديدوفو الدولي في موسكو في العام الماضي، والذي تبنته حركة التمرد الانفصالية التي يقودها «أمير القوقاز» دوكو عمروف، وأسفر عن مقتل 37 شخصاً، فضلاً عن تفجيرين تسببا في مقتل 40 شخصاً في مترو موسكو في العام 2010.
ومن الممكن، أن يكون أحد جوانب دعم روسيا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد هو تخوفه من انتشار القوى السلفية والإسلامية المتطرفة عند حليفها الشرق أوسطي، خصوصاً في ظل توجه عدد كبير من المقاتلين الإسلاميين من آسيا الوسطى والقوقاز للقتال إلى جانب «إخوانهم» في سوريا تلبية لنداء «الجهاد»، بحسب ما نقلته تقارير بحثية وإعلامية.
ومن شأن توغل الجهاديين في سوريا، أن يؤدي إلى تسهيل حركة هؤلاء عبر الحدود بين الشرق الأوسط ومنطقة القوقاز، في ما يشكل خطراً مباشراً للأمن القومي الروسي، وتهديداً للمصالح الاقتصادية والسياسية والعسكرية لروسيا على امتداد هذه البقعة.
أما معهد «ستراتفور» فاعتبر في تقرير صدر الشهر الحالي، أن إلقاء اللوم على الحركات الإسلامية فقط يشير إلى «قصر النظر» وتجاهل للقضايا السياسية والاقتصادية التي تواجهها تلك المناطق، الأمر الذي يوافق عليه وإن بطريقة أخرى الباحث في شؤون آسيا الوسطى في «مركز الدراسات والأبحاث الدولي» في باريس بيرم بالشي، الذي يرى أن الحديث عن صعود الحركات الإسلامية المتطرفة ليس سوى «مبالغة» من الأنظمة الحاكمة والدول الغربية على حد سواء.
ويشرح بالشي، في إحدى دراساته، أن جمهوريات آسيا الوسطى كانت تحت تأثير الثقافة الروسية منذ القرن التاسع عشر، من حركات الفكر الثوري إلى العلمانية ومحاربة الظاهرة الدينية. ولكن منذ العام 1991، أي منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، تحددت العلاقة بين الدين والسياسة على هوى الحكومات عبر استخدام الإسلام لتحديد الهوية، فقد بدأت الدول ببناء المساجد والمدارس الدينية، وإنشاء هيئات رسمية مثل اللجان وإدارات الشؤون الدينية.
وعرفت الحركات المتشددة - التي حاربت الوجود الروسي قبل الحرب الباردة وبعدها بدعم من الولايات المتحدة ودول الخليج العربي، خصوصاً السعودية – عصراً ذهبياً في بداية التسعينيات في وادي فرغانة الممتد بين أوزباكستان وقرغيزستان وطاجكستان، مستفيدة من المساعدات الخارجية. كما يتواجد الإسلاميون بشكل خاص في أوزباكستان وهي دولة تضم مراكز إسلامية وثقافية تاريخية أهمها سمرقند وبخارى.
ومن أهم تلك الحركات، «حزب التحرير»، و«الحركة الإسلامية في أوزباكستان»، والفصيلان نتاج المتمردين الأفغان الذين قاتلوا الاتحاد السوفياتي بين العامين 1979 و1989.
وتختلف الحركتان بشكل جذري، حيث لجأت «الحركة الإسلامية» إلى الجهاد المسلح، فيما يسعى «حزب التحرير» لاستعادة الخلافة الإسلامية بواسطة الطرق الدعوية وإن بشكل مؤقت.
ويؤكد بالشي أن الحركات الجهادية كانت متمثلة تحديداً برجلين من الأوزبك هما جمعة نامانغاني وطاهر يولداشيف من «الحركة الإسلامية»، اللذين طردا من بلدهما واستقرا في طاجكستان مستفيدين من الحرب الأهلية (1992ـ1997) لإعادة هيكلة حركتهما.
يذكر أنه حين شنّ الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف حملة ضد المتشددين، لجأت غالبية الحركات إلى طاجكستان. وفي ظل غياب الأمن، أصبحت الحدود بين هذه الدولة وبين أفغانستان مركزاً لعمليات «الحركة الإسلامية»، ومن بينها استهداف المصالح الطاجيكية عبر وادي فرغانة، فضلاً عن عمليات أخرى في جنوبي قيرغيزستان وأوزباكستان. وبعد انتهاء تلك الحرب في العام 1997، وجد زعيما «الحركة الإسلامية» من أفغانستان الملجأ المناسب لهما حيث عملا مع تنظيم «القاعدة».
ولكن مقتل نامانغاني، وهو القائد العسكري لـ«الحركة الإسلامية» في العام 2001 بغارة أميركية بعد غزو أفغانستان، تراجعت قوة الحركة، ثم تعرضت لضربة قاسمة في العام 2009 بعد مقتل يولداشيف بصاروخ أميركي.
وبالرغم من كل ذلك، لا يزال لـ«الحركة الإسلامية» تأثير ملحوظ على الحدود الأفغانية الباكستانية، حيث تنشط حركة «طالبان».
يذكر أن الغزو الأميركي في أفغانستان ساهم في انسحاب الحركات الجهادية ـ وإن بشكل علني ـ من آسيا الوسطى، لتجد في الحدود الأفغانية الباكستانية المكان الأنسب لها، فيما فضّل «حزب التحرير» أن يغيب عن الأنظار إلا في مناسبات محددة.
وفي حزيران العام 2010، شهد وادي فرغانة تزايداً في الهجمات العسكرية، خصوصاً في ظل الاشتباكات الإثنية بين الأوزبك والقرغيز، حيث عمدت السلطات القرغيزية إلى شن حملات أمنية موسّعة في الجوار الأوزبكي، بحجة الإسلاميين ولكنها كانت فعلاً موجهة ضد اثنية الأوزبك.
أما في طاجكستان، فبعد الحرب الأهلية، اندمج الإسلاميون مثل «حزب النهضة الإسلامي» في الحكومة وقوات الأمن، فيما قمعت «الحركة الإسلامية» والحركات الجهادية الأخرى. أما الحادث الأكثر أهمية خلال عشر سنوات من الهدوء، فكان فرار حوالي 24 سجيناً من «الحركة الإسلامية» وتوجههم إلى وادي راشت في شمالي البلاد.
ولكن بحسب «ستراتفور» أيضاً، فإن هؤلاء مرتبطون بمجموعات معارضة قاتلت خلال الحرب الأهلية أكثر من كونهم جهاديين. ومن الممكن أن يكون حادث السجن قد عزز أو ساهم في إعادة إنتاج الصراع بين القبائل الطاجيكية، ولكنه لا يدل على ظهور جديد للجهاديين.
وشمالاً، لم تشهد كازاخستان أكبر دول آسيا الوسطى، صعوداً للإسلاميين المتطرفين أو أي صراع معهم في تسعينيات القرن الماضي أو حتى خلال العشر السنوات الماضية. ولكن في العام 2011، بدأت تُشن الهجمات المسلحة في أنحاء البلاد كافة. وبالطبع اتهمت الحكومة المقاتلين الإسلاميين، ولكن توقيت تلك الهجمات تزامن مع صراع سياسي ارتبط بنهاية ولاية الرئيس نور سلطان نزارباييف، ولذلك، فإنه من الممكن أن تكون جزءاً من صراع القوى السياسية المتناحرة.
كذلك، شهدت أوزباكستان وتركمانستان هجمات مماثلة، لكن حكومة الأخيرة استطاعت فرض الأمن ولم تحتج إلى استخدام حجة التطرف الإسلامي، التي لجأت لها أوزباكستان بعد هجوم استهدف سكة الحديد على الحدود الطاجيكية في العام 2011. لكن الكثيرين اتهموا الحكومة بالوقوف وراء الهجوم لمنع العمليات التجارية الحدودية. وهي تواجه اليوم صراعات سياسة داخلية قد تؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار.
والنتيجة بحسب «ستراتفور»، هي أن الإسلام «الجهادي» موجود فعلاً، لكنه هُمّش ودُفع باتجاه الحدود الأفغانية الباكستانية. كما أن قوته سيحددها الانسحاب الأميركي من أفغانستان، والمعني هنا بشكل خاص «الحركة الإسلامية» بعد تقارير عن مقتل زعيمها عثمان عادل في آب الماضي.
وبالتالي فإن أي تطورات على الساحة العسكرية في المنطقة، تجب دراستها من منظار صراع القوى السياسية الداخلية والتغيرات السياسية في كل دولة، فضلاً عن الزاوية الإسلامية.
ويستنتج بالشي، أنه بالرغم من أن الحركات المتشددة عرفت نجاحاً خلال السنوات الأولى من استقلال دول آسيا الوسطى في التسعينيات، إلا أنها تراجعت بشكل ملحوظ.
ويعود ذلك لسببين، الأول هو سياسات القمع التي تتبعها السلطات. أما الثاني فهو صعود الإسلام المعتدل المدعوم من الحكومات. فقد سعت الأنظمة إلى «أسلمة» المجتمعات على طريقتها، ولكن ليس «أسلمة» المؤسسات، وبذلك أصبح الإسلام تحت سيطرة الدولة العلمانية. ومن الأمثلة على ذلك، سعي كريمــوف إلى تعزيز دور الصوفية النقــشبندية وتحويلها إلى جزء من الهوية الأوزبكية.
وبالطبع فإن التأثير الأفغاني والباكستاني على دول آسيا الوسطى يعتبر أحد العوامل التي يمكن من خلالها دراسة مواقف الحكومات في مواجهة المخططات المعقدة للمنطقة التي تقودها الدول الكبرى والإقليمية، خصوصاً الولايات المتحدة، التي تتخوف من أن يهدد غياب الاستقرار والسلطة الفاعلة مصالحها على صعد عدة، ومن بينها تهديد أمن حلفائها مثل جورجيا وأذربيجان، علماً بأن الدولتين تواجهان أصلاً مشاكل حدودية إن كان بين جورجيا وروسيا، أو بين أذربيجان وأرمينيا، فضلاً عن ثروة المنطقة من النفط والغاز الطبيعي، ولكونها سوقاً وممراً للبضاعة العالمية.
ربى الحسيني

 

 

 

عن فيتو الفقهاء في العراق!
المستقبل...عبدالحسين شعبان()
لم ينجح البرلمان العراقي للمرّة السادسة خلال الأشهر التسعة الماضية من التصويت على مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا، وذلك على خلفية الجدل المحتدم والاستقطاب المتّصل بشأن منح أربعة فقهاء إسلاميين حق النقض "الفيتو" ضد أي قرار يعتبرونه لا يتطابق مع الشريعة الإسلامية.
اتجاهان أساسيان تبلورا منذ عرض فكرة المشروع على البرلمان، الأول يريد إضفاء مسحة دينية على الدولة ومؤسساتها كجزء من صراعه على مراكز النفوذ، ولا يهمّه إن تحوّلت المحكمة، هذه المؤسسة الدستورية والقانونية والقضائية الرفيعة المستوى إلى مؤسسة أقرب للإفتاء الديني، أو للإفتاء الطائفي، وخصوصاً حين تكون خاضعة لتوجيهات رجال الدين ومن ورائهم الأحزاب الدينية التي ستقوم باختيارهم، حيث ستكون سلطاتهم فوق السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبإمكانهم إبطال وتعطيل أي قرار للمحكمة ذات الاختصاصات الواسعة والمتشعّبة.
يسعى أصحاب هذا الاتجاه المتنفّذ والذي يهادنه كثيرون عبر سياسة القضم التدريجي إلى تديين الدولة المدنية، لا سيما وقد شهدت خلال السنوات المنصرمة عدداً من الخطوات على هذا الصعيد الديني، ذي البعد المذهبي، حيث يتم تسخير الأجهزة الأمنية والخدمية في عدد من المناسبات الدينية لحماية مسيرات وطقوس خاصة، كما يتم تعطيل الدوام الرسمي لعدّة مرّات ولعدّة أيام في السنة وارهاق مرافق الدولة المختلفة، الأمر الذي عاظم من هدر المال العام وخفّض الانتاجية المنخفضة أصلاً، ناهيكم عمّا يثيره من حساسيات بين الطائفتين الاسلاميتين.
ويبرر أصحاب هذا الاتجاه موقفهم بالاستناد إلى الدستور، الذي كرّس في ديباجته إعلاء شأن "القيادات الدينية" و"المراجع العظام" فضلاً عن اعتبار الإسلام "مصدر أساس للتشريع" وعدم جواز سنّ قانون يتعارض مع ثوابت أحكامه. (المادة الثانية). وإنْ كانت الشريعة وأحكامها غير قابلة للتحديد، وهي عرضة للتأويل والتفسير، على أيدي الفقهاء ومدارسهم.
أما الاتجاه الثاني فهو الذي أخذ يتخوّف من اتساع نفوذ الاتجاه الأول، ويعتقد أن خط الدفاع الأخير عن الدولة المدنية، هو القضاء والمحكمة الاتحادية، وإذا ما جرى تديينها أو تطييفها صوب اتجاه معين، فإن الهيمنة المذهبية ستكون شبه كاملة. وهذا الاتجاه داخل البرلمان يمثل الأقلية قياساً بتوازن القوى السائد، لكن بعض الأصوات أخذت ترتفع خارجه، مثيرة مخاوف فئات اجتماعية مختلفة ومتنوعة بما فيها لبعض "الأقليات" أو ما نطلق عليه التنوّع الثقافي. كما شارك في نقد مشروع القانون حقوقيون وأكاديميون وبعض نشطاء المجتمع المدني، فضلاً عن يساريين وعلمانيين من توجهات مختلفة.
لعلّ القلق مشروع وواقعي بسبب ما وصلت إليه حالة العراق في ظل الممارسات الطائفية والقسمة المذهبية والمحاصصة الوظيفية حيث يستمر الشحن المذهبي، واللهاث وراء المكاسب والامتيازات ويستمر الارهاب والعنف والشعور بالتمييز، وكلّها عناصر غير مشجعة على استعادة الثقة المتزعزعة بين الفرقاء.
إن خطوة من قبيل منح الفقهاء الإسلاميين حق النقض "الفيتو" ستكون إشارة مهمة على الإصرار في المضي في طريق الدولة الدينية، بل ستكون القوى الدينية بنجاحها في فرض هذا التوجّه قد قطعت شوطاً بعيداً بذلك، يصعب العدول عنه أو تغييره.
مثل هذا الأمر سيجعل المحكمة الاتحادية العليا باختصاصاتها الواسعة عرضة لتحكّم فئة رجال الدين والقوى الدينية، وخطورة المسألة ناجمة عن الدور الذي مناط بالمحكمة الاتحادية، فهي المختصة بالرقابة على دستورية القوانين وتفسير نصوص الدستور والبت في التنازع بين القوانين الاتحادية، وكذلك البت في التنازع بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية، كما أن مهمتها هي البت في نزاع حكومات الاقاليم والمحافظات، ناهيكم عن البت في الاتهامات التي توجّه إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء. ومن جهة أخرى تصادق على نتائج الانتخابات وتفصل في النزاع بين القضاء الاتحادي وقضاء الأقاليم والمحافظات، وذلك حسب المادة 93 من الدستور العراقي الدائم (النافذ) المُستفتى عليه يوم 15 تشرين الأول (اكتوبر) 2005.
وبطبيعة الحال فإن إخضاع المحكمة الاتحادية باختصاصاتها المذكورة، لحكم الفقهاء سيعني وضع الدولة العراقية بكيانياتها وسلطاتها الثلاث تحت تصرفهم ومن ورائهم الحركة الدينية. وعلى الرغم من اضطرار التوجه السائد لتخفيض سقف مطالبه باقتراح أربعة فقهاء بدلاً ستة من حيث كان توزيعهم (4 شيعة تختارهم مرجعية النجف و2 سنّة يختارهم الوقف السنّي). لكنه تم الاحتفاظ بدورهم السامي، حيث سيكون قرارهم نافذاً بأغلبية 3 فقهاء لإبطال وتعطيل قرار المحكمة الاتحادية.
وإذا افترضنا حسن النية، وأن الأمر ليس مُبيّتاً من لدن الأطراف السياسية الدينية، فلماذا الإصرار على وجود الفقهاء، في محكمة قضائية عليا؟ علماً بأن غالبية المنازعات التي تعرض على المحكمة الاتحادية العليا، تخص القانون العام ومبادئ القانون الدستوري، وهي غير معنيّة بالقانون المدني أو قانون الأحوال الشخصية، لكي تتذرع هذه القوى التمسك بمقاعد الفقهاء الاسلاميين.
وفي العديد من البلدان هناك ما يطلق عليه القضاة الجالسون والقضاة الواقفون، الأولون هم من لهم الولاية الحصرية في إصدار الأحكام، أي أنهم مجازون وحصلوا على شهادات أكاديمية ولديهم تأهيل (خريجو معاهد قضائية وتمرسوا في هذا المجال) ومارسوا القضاء وعُرفوا بحيادهم ونزاهتهم وغير ذلك، في حين أن مهمة القضاة الواقفين هي تعضيد وتعزيز الحكم القضائي بتقديم المشورة، ولا يحق لهؤلاء الاعتراض على الأحكام أو اتخاذ قرار بالفيتو أو ما شابه ذلك، لأن الولاية هي للقضاة الجالسين وليس لغيرهم.
إن المشكلة الأولى والأساسية هي في الدستور الذي بسبب "التوازن غير المتوازن" فيه، طفت مثل هذه الأمور على السطح، وسبق لنا أن أطلقنا عليه خلال مناقشتنا لحيثياته "الدستور غير الممكن دستورياً"، فمن جهة اعتبر الشريعة مصدراً أساسياً للتشريع وعدم سنّ أي قانون يخالف أحكامها(المادة الثانية). ومن جهة أخرى وفي المادة نفسها، أكدّ على عدم جواز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية، وكذلك عدم جواز تعارض أي قانون مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور (وهو تناقض صارخ لاسيما لو حصل الخلاف بينهما في التأويل أو التفسير).
وبخصوص المحكمة الاتحادية كان الدستور قد أشار في المادة 92 (ثانياً) على أن المحكمة "تتشكل من عدد من القضاة، وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون" وهو الأمر الذي يتعكّز عليه أصحاب الاتجاه الأول في قراءة وتفسير للنص.
وحتى الآن فإن آلية اختيار القضاة الـ 17 الذي تم اقتراح عددهم، قد تخضع إلى المحاصصة أو ما يسمى مجازاً "التوافق"، الأمر الذي سيؤثر على استقلالية القضاء باعتبار المحكمة "هيئة قضائية مستقلة مالياً وإدارياً" حسب المادة 92 (أولاً).
وإذا كانت ثمة خشية لدى بعضهم على الإسلام حيث راح يتشبث بموقع متميز للفقهاء يمنحهم بموجبه حق الفيتو، فمثل هذه الخشية غير واردة بل وغير واقعية، فالدولة المدنية العراقية، وبغض النظر عمن حكمها طيلة الثمانين عاماً ونيّف الماضية قبل الاحتلال الأمريكي للعراق العام 2003، لم تشرّع أي قانون يتناقض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وهو الأمر الذي يبدو أن التعكز عليه هو بمثابة شماعة بوجه أي قرار أو قانون لا يتوافق مع بعض المصالح الحزبية أو الطائفية الخاصة. وإذا كان البعض يحاجج بقانون رقم 188 بشأن الأحوال الشخصية وحقوق المرأة في العهد الجمهوري الأول (حكم عبد الكريم قاسم) فإن المسألة خضعت للتفسير والتأويل أيضاً.
من حق المحكمة أن تستشير خبراء بصفة دائمة أو مؤقتة أو في حالات معينة، وعندها سيكون رأي الخبير ليس كرأي القاضي، وهذا الأخير هو صاحب القرار، وهكذا فإن رأي الخبير (في الفقه الإسلامي أو في القانون) سيكون غير ملزم حتى وإذا أخذنا بنص المادة 92 التي اعتبرت المحكمة تتكون من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون...!
إن استقلال القضاء وفصل السلطات وتداولية السلطة سلمياً هو المدماك الأساس الذي لا غنى عنه للدولة العصرية، ولا يمكن تحت أي حجة أو ذريعة إعطاء رجال دين سلطات فوق سلطات القضاء أو تعطيل سير عمله واختصاصه، لتكييفه مع رأي هذا الفقيه أو ذاك، مهما أوتي من علم ومقدرة ودراية وخبرة، سواء كانت باسم "تشخيص مصلحة النظام" أو "ولاية الفقيه" أو "مجلس قيادة الثورة "كما كان سابقاً أو غيرها، فالأمر ليس سوى التغوّل على دور القضاء واستقلاله، فالقضاء هو أحد أهم أعمدة الدولة القانونية وحصنها الأمين، وستكون محاولة مثل تلك التي تريد اعطاء حق الفيتو للفقهاء مجاراة لفرض توجه سياسي أو مذهبي على مفاصل الدولة الأساسية، أقرب إلى اغتصابها من أي شيء آخر.
() كاتب وباحث من العراق
 
مصير قانون الانتخاب اللبناني بعد... الانتخابات الأميركية
بيروت - «الراي»
في الوقت الذي عكست مواقف القوى السياسية اللبنانية من قانون الانتخاب الجديد الصعوبات الكبيرة التي تحول دون ايّ توقعات ايجابية بالتوصل الى وضع مثل هذا القانون في فترة قصيرة، بدا ان ثمة سباقاً حاراً بدأت معالمه تتضح تدريجياً بين العوائق الكبيرة التي تعترض إنجاز القانون وضرورة حسم هذا الملف وبتّه قبل مطلع السنة المقبلة.
وفي هذا السياق، اكدت مصادر نيابية واسعة الاطلاع لـ «الراي» ان المشاورات الجانبية التي اجريت في الايام الاخيرة بين العديد من الكتل النيابية ورئاسة مجلس النواب أظهرت ان هناك حاجة واقعية ملحة للانتهاء من مناقشات اللجان النيابية وجلساتها وبتّ قانون الانتخاب في فترة الشهرين المقبلين كي يحال مشروع القانون على الهيئة العامة للبرلمان قبل نهاية دسيمبر. ومع ان رئيس مجلس النواب نبيه بري كان صرح علناً قبل يومين برفضه إلزام مجلس النواب بأيّ مهلة او موعد لإنجاز هذا القانون، فان المصادر أشارت الى ان هذا الموقف هو مبدئي فقط باعتبار ان ليس في الدستور او في النظام الداخلي للبرلمان ما يلزمه بمهلة مماثلة، ولكن على الصعيد العملي ثمة اتجاه عام يدفع في اتجاهه بري نفسه الى تسريع جلسات اللجان وإنجاز المناقشات قبل ان ترمى كرة الحسم النهائي في مرمى الهيئة العامة للمجلس.
ولكن المصادر تشكك في ظل الظروف الحاضرة في قدرة مجلس النواب على تولي هذه المهمة في ظل عامل اساسي هو ازدياد حدة الانقسامات حول المشاريع المطروحة والمحالة على المجلس. اذ في غضون اسبوع واحد فصل بين جلسة اللجان المشتركة التي عقدت الاسبوع الماضي والجلسة التي عقدتها يوم امس، صار امامها اربعة مشاريع هي، مشروع الحكومة ومشروع قوى 14 آذار ومشروع العماد ميشال عون ومشروع النائب نبيل دو فريج. وتعتبر المصادر ان جوهر الصراع بات محصوراً بين مشروعيْ الحكومة وقوى 14 آذار المسيحية اي الدوائر الـ 13 مع النسبية او الدوائر الـ 50 مع النظام الاكثري، وهو امر يدلل بوضوح على ان مجمل الصراع اللبناني العريض بات محصوراً بالخلاف الناشىء حول هذين المشروعين.
وتضيف المصادر انه بغض النظر عن التباينات العميقة القائمة في صلب المشروعين لجهة تقسيم الدوائر الانتخابية او النظام الانتخابي (اكثري او نسبي) فان المناخ السياسي الاوسع المتصل بظروف لبنان سيلعب دوراً مؤثراً وقوياً للغاية في توقيت اللحظة الحاسمة لفضّ الخلاف الانتخابي وهو الامر الذي لن يحصل بطبيعة الحال الا بعد توافق سياسي عريض يشكّل انعكاساً لتفاهم اقليمي - دولي على الوضع اللبناني. وكان لافتاً في هذا السياق ان نائب رئيس البرلمان فريد مكاري اعلن عقب انتهاء جلسة اللجان المشتركة امس ان «هناك تباينا كبيرا في الآراء
(...) والتوافق السياسي وحده سيوصل الى اقرار قانون انتخاب».
وتبعاً لذلك، بدا واضحاً ان اياً من القوى اللبنانية في معسكريْ 14 آذار و8 آذار ليست غافلة تحديداً عن التطورات الضخمة المتلاحقة في سورية والتي يظهر معها كأن دورة الاحداث هناك دخلت احدى المراحل الاشد خطورة في توجيه دفة الازمة. وهذا العامل يتحكم بمجمل الوضع الداخلي اللبناني ولو لم يعترف بذلك اي فريق. وانطلاقاً من هذه الخلفية يدرك الجميع ان ما بعد نوفمبر المقبل، اي موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، قد تكون هناك مفترقات متوقعة اساسية في مسار الازمة السورية بدليل ان حدة الصراع في سورية في الاسبوع الاخير بدت الى تصاعد استثنائي مما يضع الحسابات اللبنانية بدورها امام مرحلة ترقب وتوجس اكثر من اي وقت. وهو امر يستتبع في رأي هذه المصادر استبعاد اي تطور اساسي في الشهرين المقبلين باعتبار ان لبنان اسوة بكل العالم سينتظر مآل الازمة السورية وتطوراتها قبل ان تقدم القوى اللبنانية السياسية على بت ملف قانون الانتخاب و«ملحقاته» السياسية التي تتصل بالتوازنات داخل الحكومة الجديدة وصولاً الى الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2014، هذا في حال افتراض قدرة هذه القوى على هذا الحسم، وعدم نشوء معطيات جديدة تنعكس على مجمل الوضع الداخلي بما فيه مصير قانون الانتخاب.
وكانت جلسة اللجان المشتركة التأمت امس على وقع تقارير عن محاولة سيبذلها نائب رئيس البرلمان لحصر النقاش بين طبيعة النظام المطلوب أكثري ام نسبي، وحجم الدوائر مصغرة أو متوسطة او دائرة واحدة، مع سعي للاقتراح على النواب بتجاوز الخلافات السياسية والبنود الخلافية وتركها جانباً لمزيد من الاتصالات والمشاورات، والبدء في مواد المشروع التطبيقية.
وخلال الجلسة سادت نقاشات لم تخلُ من الحدة تركّزت على الدوائر الانتخابية وطبيعة النظام الانتخابي وتمترس خلالها كل فريق حول موقفه، وهو ما عبّر عنه مكاري بإعلانه انه «ظهر خلال النقاش تباين كبير في الآراء ووجهات النظر وتناقض الطروحات خاصة لجهة طبيعة النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر، وقد أجمع المجتمعون على ان التوافق السياسي سيكون الاساس للوصول الى قانون انتخابي يمثل جميع اللبنانيين مهما طالت النقاشات».
وفي موازاة ذلك، لفت ما نقلته صحيفة «السفير» عن مسؤول رسمي سوري أبدى عتبه الشديد على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لكنه تجنب الخوض في التفاصيل، موحيا بان في فم دمشق ماء، قائلاً: «لولا وجود «حزب الله» في الحكومة لكان لنا كلام آخر في سلوكها حيال الازمة السورية»، لافتا الى ان حضور الحزب في هذه الحكومة يجعلنا محرجين ويفرض علينا ان نصمت في كثير من الاحيان».
وأشار المسؤول السوري الى ان الحدود مع لبنان «لم تكن يوما مشرعة ومستباحة كما هي في عهد الحكومة الحالية، مع تقديرنا للجيش اللبناني الذي يحاول القيام بواجباته ضمن الامكانيات المتاحة امامه».
وفي قضية الوزير السابق ميشال سماحة، لفت الى ان الملف «غامض وينطوي على أكثر من قطبة مخفية وعلامة استفهام»، مؤكداً في اشارة الى اتهام القضاء اللبناني لسماحة واللواء السوري علي مملوك بنقل متفجرات في سيارة الوزير السابق والتخطيط لتفجيرات في عكار ان سورية «ليست بحاجة الى مثل هذه العمليات الامنية، وليست بحاجة الى تكليف شخصية مثل ميشال سماحة بأدوار أمنية او بنقل متفجرات»، متسائلا عن الجدوى من عمليات كهذه، والفائدة التي يمكن ان تجنيها منها سورية بالمقارنة مع السلبيات وهي كبيرة. وأضاف: «ما الذي يمكن ان يحققه تفجير عبوات في الشمال، حتى لو كانت تستهدف مجموعات من المعارضة السورية، في حين ان المعركة التي نخوضها هي أكبر من ذلك بكثير وأشد تعقيداً».
واعتبر المسؤول السوري ان ما نُسب الى سماحة في التحقيقات ليس صحيحا، «ولا نعلم الاسباب التي دفعته الى الادلاء بما قاله إذا كان فعلا قد أدلى بالاعترافات المنسوبة اليه»، مشيراً إلى أن ما تعرض له سماحة يوحي بان هناك من تصرف معه على اساس ان «وظيفته» قد انتهت ويجب شطبه من المعادلة، داعيا الى التوقف امام هذا الاستنتاج.
 

المصدر: مصادر مختلفة

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,099,630

عدد الزوار: 7,054,812

المتواجدون الآن: 71