هل تنأى «حماس» بنفسها عن أزمة إيران؟...

تاريخ الإضافة الثلاثاء 23 تموز 2019 - 7:06 ص    عدد الزيارات 826    التعليقات 0

        

هل تنأى «حماس» بنفسها عن أزمة إيران؟...

القبس...القدس - أحمد عبد الفتاح - استقبل المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، أمس، وفداً من حركة حماس برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، صالح العاروري. وقال المرشد خلال استقباله وفد الحركة: «إن أحد أهم الأسباب للعداء الموجّه ضد إيران يتمثل في قضية فلسطين». كما تطرق خامنئي إلى «صفقة القرن»، التي وصفها بـ«المخطط الخياني الهادف للقضاء على الهوية الفلسطينية»، لافتاً إلى ضرورة التصدي لها. وينتاب الشارع الفلسطيني القلق من الزج بقطاع غزة في أزمة إيران مع الولايات المتحدة، وأثار التصعيد الذي شهدته جبهة قطاع غزة بين حركة حماس وفصائل المقاومة مع إسرائيل قبل أسابيع شبهة وجود علاقة محتملة بينه وبين التوتر المتصاعد في الخليج. ويستمد هذا الاشتباه بالعلاقة بين التصعيد في الخليج وغزة، شرعيته من إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «أن أي هجوم على إيران سيشعل المنطقة بأسرها»، مما يعني من دون مواربة أن الانفجار لن يقف عند حدود الخليج، وستفتح سائر الجبهات من اليمن وحتى قطاع غزة مروراً بالعراق وسوريا ولبنان، كي يقوم كل طرف من أتباع، وأذرع إيران في هذه الدول بقسطه، ويقدم مساهمته في الدفاع عن النظام الإيراني. وما يضاعف هذه الخشية أن الأطراف الفلسطينية الفاعلة بالمشهد السياسي والعسكري في القطاع وإن بدرجات متفاوتة، تعتمد في قوتها وحضورها على الدعم الإيراني المالي والعسكري، وبالتالي فإنها وفي حال انفجار الوضع على جبهة الخليج ستكون مطالبة برد «المعروف لأهله». بيد أن الوضع الفلسطيني في غزة، التي تديرها حركة حماس، أكثر تعقيداً وتشعباً من اختزاله في النفوذ، فإلى جواره يتواجد بقوة لاعبون كثر، وما في أيديهم من أوراق ضغط وقدرة على التأثير على صانع القرار فيه، والمضطر لمراعاة اعتبارات هؤلاء اللاعبين، وعدم ارتكاب مغامرات غير محسوبة في لحظة بالغة الدقة والحساسية. ولئن كانت علاقة «حماس» وارتباطاتها بطهران تدفع للاعتقاد بان لها دوراً مفترضاً في اي مواجهة محتملة في الخليج، فإن ثمة عوامل تفوقها اهمية تذهب باتجاه اخر وترجح عدم التورط في فتح جبهة غزة. اول العوامل التي تدفع بهذا الاتجاه، ولا يخلو من مفارقة، ان حركة «حماس» صاحبة الامر والنهي في القطاع تخوض معركتها الحالية، وتلجأ الى التصعيد والبالونات الحارقة املا في الحصول على تهدئة مقابل تخفيف الحصار، بخلاف خطابها المتخم ببلاغة خطاب المقاومة والتحرير. وهي، إذ قطعت شوطاً على طريق التهدئة، مقابل وعود بتخفيف الحصار، رغم ما يتخللها من تصعيد ومواجهات محدودة، ليست بوارد حرق سفنها، ومغادرة هذا المسار، في ظل اقتراب سكان غزة من حافة المجاعة والانهيار.

ضبط التصعيد... ويمكن ملاحظة ان الحركة نجحت حتى الآن في ضبط درجات التصعيد، مع اسرائيل تحت سقف «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم». فهي تضغط على اسرائيل ومستوطناتها في غلاف غزة لتخفيف الحصار عن القطاع، ولكنها في الوقت ذاته حريصة على عدم استفزاز اسرائيل الى درجة استدراجها الى مواجهة شاملة سيكون نتيجتها الحاق المزيد من الخراب والدمار بقطاع غزة المدمر اصلاً نتيجة المواجهات السابقة. ثاني هذه العوامل، ان قدرة اسرائيل ورئيس حكومتها بنيامين نتانياهو المثخن بجروح الفشل في اعقاب اخفاقه في تشكيل الحكومة، واضطراره الى اجراء انتخابات جديدة، بالاضافة الى فضائح الفساد التي تطارده، وتكاثر الانتقادات «لمهادنته» حركة «حماس» وقطاع غزة، وتعالي الاصوات المطالبة برحيله، وذهاب البعض الى استنتاج انه في الهزيع الاخير من حياته السياسية، قد تدفعه هذه العوامل الى ارتكاب ما فعله سلفه ايهود اولمرت عندما اقتربت ساعة اجله بسبب تهم فساد مشابهة، الى شن عدوان على القطاع املاً في ترميم صورته في عيون جمهور اليمين، وتحسين فرص نجاحه في الانتخابات القادمة اواسط شهر سبتمبر القادم، املاً في الاستمرار على رأس الحكومة، والنجاة من مصير اولمرت بالنوم خلف القضبان. ومن دون شك، فإن هذا الاعتبار مأخوذ في حسبان قيادة «حماس»، وهم يقرأون كل يوم سيل التصريحات التي يدلي بها قادة عسكريون وامنيون حاليون وسابقون ويطالبون بها نتانياهو بعملية جذرية ضد قطاع غزة وانهاء حكم «حماس» له، والعودة الى سياسية اغتيال قادتها، وبالتالي فعلى الرغم من كثرة التهديات التي يطلقها قادة «حماس» والناطقون باسمها، فإنها في واقع الامر تؤشر الى عكسها، بدليل انها دائماً مذيلة بالتأكيد على ضرورة حمل اسرائيل على الالتزام بالتهدئة واستحقاقاتها، لان التوتر الذي يضرب المنطقة بأسرها قد يشكل بيئة مناسبة لنتانياهو لتنفيذ مطالبات السفاحين في اسرائيل بالانقضاض على غزة.

مروحة التحالفات... وفي عداد العوامل الرادعة لاحتمال تورط «حماس» في اي نزاع يندلع في الخليج، ان مروحة حلفاء «حماس» بالتراضي كما هو الحال مع الدوحة وأنقرة، او بالاكراه كما هو مع القاهرة يقفون على مسافات واسعة، وان من مواقع مختلفة، من طهران في ازمتها مع واشنطن، خاصة ان تهديدات الاولى للثانية، ستكون ساحة فعلها ان وقعت، منطقة الخليج، اي ستكون ضد دول ومصالح عربية، وهو ما لا تجرؤ «حماس» على ارتكابه، لانه سيؤدي في حال انحيازها لطرف غير عربي ضد دول عربية الى عزلها عربياً، وسقوطها فسطينياً. وفي هذا السياق، لا يفوت المتابع ملاحظة ان قادة «حماس»، بما في ذلك من يعتبرون من المقربين من طهران، ويحظون بدعمها المباشر، التزموا جانب الحذر، واقتصدوا كثيراً في تصريحاتهم التي تتناول الازمة في الخليج، بما يشي بانهم يفضلون التزام الحياد و «النأي بالنفس» عن هذه الازمة. بيد ان حذر حركة «حماس» لا يختزل جميع مواقف القوى الفاعلة في قطاع غزة من ازمة الخليج. فحركة «الجهاد الاسلامي» وهي الحليف الاقرب لطهران تشكل تحدياً حقيقياً لقدرة «حماس» على ضبط الوضع في القطاع، إذ يكفي اطلاق عدة صواريخ «مجهولة المصدر» باتجاه المستوطنات الاسرائيلية بدعوى اجبار اسرائيل على فك الحصار او لاي سبب اخر، لاشعال جبهة غزة، والتورط في الصراع الاقليمي الراهن. خلاصة القول، ان الدعم الإيراني لحركة «حماس» على مختلف الصعد على الرغم من انه بالغ الحيوية في تعزيز قدراتها العسكرية، ودعمها المالي، الا انه لا يرقى الى مستوى ارتكاب خطيئة التورط في تمديد نزاع محتمل في الخليج الى جبهة غزة.

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,349,757

عدد الزوار: 6,887,924

المتواجدون الآن: 85