قبل أن تنقض حماس غزلها من بعد قوة.... هل لا تزال فلسطين قضية الأمة الأولى؟...

تاريخ الإضافة الجمعة 11 حزيران 2021 - 12:24 م    عدد الزيارات 833    التعليقات 0

        

قبل أن تنقض حماس غزلها من بعد قوة.... هل لا تزال فلسطين قضية الأمة الأولى؟...

ياسر عبد العزيز.... قد يعتقد البعض أن السؤال بديهي، وأن فلسطين ما زالت قضية الأمة الأولى، لكن الحقيقة أن الأمر لم يعد كذلك، وإن ظلت فلسطين والقدس في قلب اهتمام الشعوب العربية والإسلامية، فالقضية إن لم تكن مسألة إنسانية في المقام الأول ترتبط باحتلال وتطهير عرقي، وإزالة شعب من أرضه وإحلاله بشذاذ الأرض، الذين أُتِي بهم من كل حدب وصوب، وهو ما جعل غير العرب وغير المسلمين يتعاطفون مع القضية، فإنها قضية أرض عربية إسلامية احتلت، وواجب المروءة استعادتها، ولأن العرب والمسلمين تجمعهم وحدة اللغة والثقافة والدين من قبله، فإنهم مجبرون بموجب هذه العوامل أن يفزعوا من أجل نصرة سكان الأرض المحتلة، ولما كان الدين حاضرا في أزمة فلسطين بالنسبة للمسلمين في أقصاهم، وكنيسة المهد بالنسبة للمسيحيين العرب وحتى الغربيين، فإن التحرك لتخليص مقدساتنا واجب ديني.

لكن السؤال لا يزال قائما، هل ما زالت فلسطين قضية الأمة الأولى؟ فالحرائق المشتعلة في بلداننا جعلت كل مهتم بإطفاء بيته، وهو ما لا يمكن أن ينكر عليه، وأظن أن إشعال الحرائق في أغلب بلدان الأمة العربية وإشغال باقي الأمة بمشاكل لا طاقة لهم بها، مع وضع الحل بيد الكيان المحتل، فمن الحكام العرب من قضى في تطبيعه ومنهم من ينتظر.

المقاومة من قبل ومن بعد حماس

لم تقف المقاومة في فلسطين منذ اللحظة الأولى لاحتلال أراضيها، وهنا الحديث لا ينسحب على المقاومة الفلسطينية، ولكن عن المقاومة العربية والاسلامية، فمنذ اللحظة الأولى هبت الحكومات العربية من أجل الدفاع عن فلسطين، ولا تكاد تجد شبرا على أرض فلسطين إلا وارتوى من دم جندي أو مقاتل عربي أو مسلم، فالكل انخرط من أجل تخليص الأرض من براثن الاحتلال، ولعل هذا ما جعل القضية الفلسطينية من القضايا الأولى عند العرب والمسلمين، ولما كانت فلسطين هي الأقدم كقضية جامعة في تاريخ العرب والمسلمين فقد ظلت في وجدان العرب برمزيتها، وهو ما جعل الأنظمة العربية، تدفع بالمال والسلاح للمقاومة وتستضيفها على أراضيها كمقر أو منطلق، ومع اعتراف العرب ثم المجتمع الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية الجامعة، في حينها، لأغلب الفصائل المقاومة، أصبحت المقاومة أكثر تنظيما، وظل الأمر على ما هو عيه حتى اختارت المنظمة خيار أوسلو، فظهرت حركة المقاومة الإسلامية في غزة والضفة كبديل مقاوم، وجدت الدعم من بعض الدول العربية والإسلامية، ولم تجده من الباقي لظروف سياسية وتموضعات لا تتفق مع إمكانية دعم مقاومة مسلحة، واستفادت إيران ومحورها الذي استطاعت تشكيله في الثلاثين سنة الماضية من هذه الثغرة، وتماهت مع المقاومة وأصبحت ظهيرا لها، تمده بالسلاح والمال والتدريب، مع ذلك ظلت المقاومة قبل حماس وبعدها تحظى برصيد شعبي على مستوى الأمة العربية والإسلامية، وهو ما تظهره من حين لآخر أنباء استشهاد المقاوم (س) من دولة كذا والذي انخرط في الحركة منذ كذا أو الذي ساهم في تطوير كذا، ما يؤكد أن الأمة مازالت ترى في القضية الفلسطينية محورا مهما للذود عن شرفها، ولعل أيضا الدعم المعنوي من خلال التظاهرات للضغط على الانظمة لمناصرة القضية يؤكد ذلك، وكذا الدعم المالي من الشعوب العربية والإسلامية، بعد كل حرب تستهدف فيها المقاومة وحاضنتها الشعبية في غزة، والشاهد أن القضية لا تزال في قلب كل عربي ومسلم لكن..

أين المشكلة؟

المشكلة كما ذكرت أنفا تكمن في كم الحرائق المشتعل في ثوب أمتنا، ونظر كل طرف لنفسه على أن قضيته محورية وعليه حلها أولا، فالسوري يعيش منذ عشر سنوات بين القتل والاعتقال والتهجير، كاد فيها أن ينتصر لولا تدخل الإيراني وإعطائه قبلة الحياة لنظام كاد ينتهي، واليمني انتزعت إرادته بانقلاب من ميليشيا موالية لمن أعطى قبلة الحياة لنظام بشار القاتل، فأعطت إيران السلاح وزودتهم بالخبراء لإمعان القتل في أهلهم المقاومين الراغبين في يمن أفضل، فحولته إلى يمن ما قبل التاريخ، واللبناني أول من عاني من دعم إيران لميليشيا تهيمن الآن على القرار تعطل الحياة السياسية وتفرض أجندة طهران على البلد العربي وتفرض معه هوية دخيلة على بلاده، والعراق لحق بلبنان بعد احتلال أمريكا له، ففي غفلة من الزمن سيطرت إيران على مقاليد الأمور من خلال ساسة يقدمون مصلحة طهران على حساب بغداد ولو ضحوا في ذلك ليس فقط بالمكون السني إرضاء لمعتقدات ملالي قم، بل يضحون بالشيعة من أجل مشروع إيران الفارسي التوسعي، وبين كل ذلك تصدر إيران خطاب الدفاع عن فلسطين في ظل تخاذل عربي واضح، بل وتماهي إلى حد التطبيع مع الاحتلال، وهو ما يخفض أسهمها أمام شعوبها ويرفع في المقابل أسهم إيران "راعية المقاومة".

مع وصول الملك سلمان إلى الحكم في 2015 التقى الملك رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل، وهو ما ظنه الكثيرون ومنهم قادة حماس تحولا جذريا، ففرحوا به كثيرا لاسيما وأن اللقاء سبقه تصنيف حماس إرهابية في كل من مصر والإمارات، وتبعه الإفراج عن معتقلي الحركة في سجون السعودية، وبداهة، كان المطلوب أخذ خطوة بعيدا عن إيران، في مقابل تلبية كل ما تحتاجه الحركة، وهي الفترة التي شهدت فتورا بين الحركة وإيران، لكن الشهور مرت، وأتى الجديد من ولي العهد القابض على الكثير من مقاليد الأمور في المملكة على لسان وزير خارجيته بتوصيف حماس إرهابية.

مشكلة حماس تكمن في أنها والمقاومة محاصرة وغير مدعومة وترى في نفسها لا تدافع فقط عن نفسها أو عن فلسطين أو عن المقدسات، ولكن تقوم بواجب نحو الأمة أجمع، ومن ثم فإنه على الأمة أن تضطلع بدورها في حملها ودعمها، ومشكلة حكام العرب في تحولهم مدفوعين بمصالحهم من ناحية وبالضغط الغربي والأمريكي من ناحية أخرى عن قناعات لاتزال حماس تتمسك بها، بل وتريد أن تفرضها مستدلة بالدين والعرف والمروءة، ولذلك ترتمي حماس في حضن من فتح لها ذراعيه ممولا وداعما بالسلاح والعتاد والتدريب، غير آبهة في ذلك بجراحات الأمة، أو هكذا يخيل لمن يرى مواقفها، وهي من غير بديل للمناورة، وهو ما يترك أثرا على المسوى الشعبي.

ومشكلة حكام العرب أنهم يلعبون بورقة فلسطين للتمكين داخليا بإرضاء القطاع الأغلب الأعم من شعوبهم، وإن كانوا يعملون الآن على تقليص تلك الشريحة بعديد الطرق، لعدم تحمل عبء ورقة ضغط تحملها المقاومة، كما أن مشكلتهم الضغط المفروض عليهم والامتيازات المعرضة إن هم تماهوا مع الطرح الغربي للقضية الفلسطينية، وتم دمج المقاومة في العملية التفاوضية قابلة لنتائج الواقع، وتستخدم في ذلك ذهب المعز، فتح المعابر، وسيفه، تشديد الحصار والتصنيف على قوائم الإرهاب واعتقال عناصر الحركة، وصولا لما تراه حلا بقيام دولتين، إحداهما مبتورة مقطعة الأوصال، منزوع الروح، مكبلة، تحتاج وصيا، والوصي بالقطع هو الاحتلال، وهو ما لا ترضاه المقاومة ولا حاضنتها الشعبية ولا أي حر، لكن المشكلة ايضا تكمن في أن الحركة ببياناتها باتجاه إيران تستفز أنظمة عربية كبيرة تتخذ من إيران عدوا، بل وتذيقها إيران من كأس شرورها المر، وهو ما يخلق أزمة حقيقية بين الطرفين.

مكاسب حماس ومكاسب إيران

الواقع الملموس يقول إن حماس في تعاطيها مع إيران وتماهيها رابحة، فالحركة التي بدأت ضعيفة مستباحة من قبل الاحتلال أصبح لها أنياب، وسيف القدس شاهد على ذلك، فالانتصار الذي حققته العملية والذل الذي ارتضت به تل أبيب لإيقاف الحرب يجعلها تتمسك بنجاحتها، لاسيما وأن التطور الذي شهدته على المستوى العسكري في انتاج بعض سلاحها المؤثر يجعلها أكثر تمسكا بالطرف الداعم، لقد كان لمقتل قاسم سليماني على يد القوات الامريكية في العراق وتعزية رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية له واصفا إياه بشهيد القدس وقعا سيئا على شعوب سوريا واليمن وشريحة عريضة من شعب العراق وسنة لبنان، كما ساء كل حر لا يقبل جرائم ميليشيات إيران في هذه البلدان، وتجدد حماس عبر ممثلها في اليمن أوجاع تلك الشعوب وتحرك علامات الغضب مرة أخرى بذلك الدرع الذي أهداه للحوثي قاتل الأطفال المنقلب على الشرعية.

لقد خرجت حماس من معركة سيف القدس منتصرة على كل المستويات، وأهم هذه الانتصارات في عودة قضية فلسطين إلى الواجهة، في ظل زخم جماهيري أعاد إلى المقاومة حاضنتها الشعبية التي التفت حولها من طنجة إلى جاكرتا، وكان لها أبلغ الأثر في الضغط على الأنظمة، لكن ممارسات حماس السياسية التي قد لا تمرر من العامة رغم التبريرات ستفقدها تلك الحاضنة المتماهية مع كل خطوة تخطوها لتعطشها لأي إنجاز أو انتصار في ظل حالة الإحباط الممنهج التي تضعهم فيها الانظمة ومن يحركها من الخلف في تقاطع مصالح مصيري لا يمكن أن ينفك فبقاء أحدهما مرتبط بالآخر، كما أن هذه الممارسات قد توصل الحال أن يكفر العامة بما يروه من برجماتية غير مسئولة، لا تكترث بهم غيرها رغم أن الآخر مهتم، ولقد سمعت من أكثر من مثقف عربي يمني وسوري وعراقي، أن الصهاينة لم يضرونا فلماذا نعاديهم!

وهو ما لا يمكن قبوله وستعلق شماعة التطبيع الشعبي بعد إذ على المقاومة البرجماتية، وفي المقابل إيران ترى نفسها رابحة إذ أنها استطاعت أن تتاجر بقضية الأمة وتظهر بمظهر المدافع عن المقدسات، وهو ما حدث في العدوان الصهيوني على لبنان 2006 حيث فتن العرب بحزب الله قبل أن يظهر وجهه الحقيقي في سوريا لاحقا، فالقضية الفلسطينية حصان طروادة الذي يخترق به المشروع الإيراني الفارسي دولنا العربية في وقت تخاذل فيها الجميع، وهو جل ما تريده ولذا تنفق عليه عبر دعم حماس.

قبل أن تنقض حماس غزلها من بعد قوة

وقبل أن تنقض حماس غزلها من بعد قوة أقول ناصحا، إن فقدانكم حاضنتكم الشعبية العربية والإسلامية هو شهادة وفاة لكم مهما دعمت إيران، ومن يكيد لكم من الأمة يمشي في نفس الطريق مع الأسف بشيطنتكم، فالمخطط هو أن تفقدوا الشلال البشري الداعم لتقفوا وحدكم في معركة هي معركة الأمة، وبعدها تتخطفكم بعض الأنظمة العربية من جهة، لتقدمكم قربانا على مذبح الصهيونية العالمية، لتفتح طهران يداها لكم من وهي لا تبعد كثيرا عن كعبة من باعوا أمتهم ليشتروا عروشهم، فكما أن للصهيونية العالمية مشروعها ونحن بضاعته، فإن إيران لها مشروعها ونحن بضاعته، فيتداعى الفسطاطين علينا، ووقتها ستكونون مجرد ورقة تستخدم أينما شاء الملالي وتضيع البوصلة، وستكونون أيضا خنجرا في خاصرة الأمة يطعن به من أراد عرشه على رضا رب العرش، فعلى المستوى الاستراتيجي ما تقومون به الآن سيعود عليكم بالخسران مستقبلا، وترك مساحة بين المقاومة وإيران وعدم التماهي معها، هو العلاج، ولعل الوقت يهون الجرح، في ظل الحب الشعبي الجارف لكم، فلا تفقدوه، فأنتم بالنسبة للشعوب تمثلون الأمل والحلم في ظل عتمة الاحباطات التي يعيشونها.. يقول الشاعر: وكم من طعنة. بالمداراة وبالوقتِ تهون.. استقيموا يرحمكم الله.

 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,772,528

عدد الزوار: 6,914,252

المتواجدون الآن: 104