أخبار لبنان..«مشهد الجنائز»: مَنْ يُلجم الغرائز ويعيد اللُّحمة إلى التعايش!..شاحنة «حزب الله» فجّرت نفوساً مشحونة..ووزير الدفاع في مرمى «الرصاص الطائش»..معارضون لـ «حزب الله» يلوّحون بالخروج من النضال السياسي التقليدي «لسنا مستعدين للتعايش مع ميليشيا مسلّحة».. اتهامات للأمن بالانحياز..أميركا وبريطانيا وكندا تفرض عقوبات على رياض سلامة..حدود اللعبة بين حزب الله والجيش والمعارضة..

تاريخ الإضافة الجمعة 11 آب 2023 - 5:01 ص    عدد الزيارات 887    التعليقات 0    القسم محلية

        


«مشهد الجنائز»: مَنْ يُلجم الغرائز ويعيد اللُّحمة إلى التعايش!...

جلسة تشريعية الخميس.. ولندن تنجح بإقناع واشنطن بفرض عقوبات على سلامة

اللواء...هدأت، نسبياً الأوضاع في منطقة الكحالة والمناطق المحيطة بها، وأعيد فتح الاوستراد الذي يربط البقاع (شرقاً) ببيروت (غرباً)، ولم يشُبها سوى الكشف عن إصابة رصاصة أو أكثر سيارة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، لكن النفوس لم تهدأ، واشتدت العصبيات، وبدا المشهد الإنقسامي، والانتقامي موزعاً بين حزب الله وبيئته والاحزاب المسيحية، لا سيما حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، ومحاولة التيار الوطني الحر مراعاة أجواء شارعه، من دون الوصول الى قطيعة مجدداً، تهدّد الحوار السياسي- المستقبلي الجاري مع الحزب. وعند حدود مراجعة المواقف، وارتفاع أصوات نيابية وسياسية من المعارضة، لا سيما المسيحية منها لتنظيم مواجهة سياسية وطنية شاملة مع حزب الله ومشروعه، حدث خرق في الجمود السياسي، والتشريعي، اذ دعا الرئيس نبيه بري الى جلسة تشريعية عند الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس المقبل (17 الجاري) لمناقشة مشاريع واقتراحات قوانين، ابرزها الصندوق السيادي الذي هو حاجة، من المهم اقراره قبل وصول باخرة التنقيب والحفر في منتصف الجاري، وهو يولّد الثقة لدى المجتمع الدولي بلبنان، وقانون الكابيتال كونترول الموجود في الهيئة العامة، وبند يتعلق بانتاج الطاقة المتجددة عبر قرض من البنك الدولي بين 200 و300 مليون دولار، فضلا عن عريضة في موضوع النازحين السوريين لمناقش القرار الاوروبي، حول بقائهم في لبنان. وتأتي هذه الجلسة، بالتزامن مع موقف ايجابي لجمعية المصارف، قيّم فيه اللقاء مع حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري، لجهة السعي لاقرار القوانين اللازمة لحل الازمة المصرفية النظامية، وفي طليعتها الكابيتال كونترول، وإعادة هيكلة المصارف. وفي «مشهد الجنائز» المحزن، طرحت في الأوساط المتابعة مسألة التعايش الوطني مجدداً، وسط اسئلة متناقلة عن كيفية لجم الغرائز المذهبية، التي تخرج من عقالها بين وقت وآخر، وتهدد أواصر التواصل والتعايش بين المجموعات اللبنانية او الطوائف لبعضها خيارات، خارج الاطار الشرعي والدستوري.

تقرير التدقيق الجنائي

اقتصاديا، تسلّم وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل النسخة النهائية الرسمية من التقرير الذي أعدّته شركة «ألفاريز أند مارسال» المتعلق بالتدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان، لصالح الدولة اللبنانية بموجب عقد موقع بين الطرفين، وقد رفعه الوزير الخليل مباشرة ووفق الأصول وشروط العقد الى مقام رئاسة مجلس الوزراء. وسلمت الامانة العامة لمجلس الوزراء بعد ظهر امس، النسخة النهائية للتقرير الاولي للتدقيق الجنائي، وعلى الفور. وبناء لطلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ابلغت الامانه العامة لمجلس الوزراء هذه النسخة الى الوزراء، والى الامانة العامة لمجلس النواب والمديرية العامة لرئاسة الجمهورية.

لندن تقود تحركاً لعقوبات على سلامة

وسط هذه الاجواء المضطربة، كشفت بريطانيا انها قادت تحركاً قضى بأن تنضم اليها الولايات المتحدة الاميركية وكندا، في الحملة على محاربة، وفرض عقوبات منسقة ضد حاكم صرف لبنان السابق رياض سلامة، وثلاثة من المقربين منه، لاقدامهم على تحويل ما يربو على 300 مليون دولار من المصرف. وجاء الاعلان البريطاني، عبر بيان سفارة بريطانيا في لبنان قالت فيه: أن المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا أعلنت اليوم، فرض عقوبات منسقة ضد رياض سلامة حاكم مصرف لبنان السابق، وثلاثة من المقربين منه لدورهم في تحويل ما يربو على 300 مليون دولار من المصرف. واضافت: أن أفعال رياض سلامة استفاد منها هو شخصيا والمقربون منه على حساب الشعب اللبناني. فقد استفاد من عملية الفساد هذه أخوه رجاء سلامة، ومساعدته سابقا ماريان حويك، وآنا كوساكوفا، حيث ملأوا جيوبهم بأموال تعود للشعب اللبناني. وقد فُرض على هؤلاء الأربعة عقوبات تشمل تجميد أرصدتهم وممتلكاتهم ومنع سفرهم. وأوضح البيان: أن هذه العقوبات نسقتها المملكة المتحدة مع اثنتين من شركائنا الأساسيين، الولايات المتحدة وكندا. وهي تدل على التزام المملكة المتحدة بمكافحة الفساد في لبنان. وقال وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني لورد أحمد: رياض سلامة والمقربون منه سرقوا أموال شعب لبنان وحرموا بلدهم من موارد ضرورية لأجل استقراره الاقتصادي والاجتماعي. أضاف: ان المملكة المتحدة ملتزمة بالكفاح لأجل تحقيق العدالة والمساءلة للبنان والشعب اللبناني. والسبيل الوحيد لوضع لبنان على مسار التعافي الاقتصادي الذي هو في أمس حاجة إليه هو أن يعمل قادته للقضاء على الفساد وتطبيق إصلاحات فعلية. وتابع: أن الفساد وانعدام الإصلاح أديا إلى أزمة اقتصادية مدمرة في لبنان – وهي أزمة يعتبرها البنك الدولي واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ المعاصر. وقد أدت هذه الأزمة إلى وقوع أكثر من 80% من سكان لبنان في براثن الفقر. بينما لبنان مرتبته 154 من 180 على مؤشر مدركات الفساد العالمي لمنظمة الشفافية الدولية. وبالفعل، قام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC) بتصنيف الحاكم السابق لمصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، الذي ساهمت أفعاله الفاسدة وغير القانونية في انهيار سيادة القانون في لبنان. وبحسب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، استغل سلامة منصبه في السلطة، على الأرجح، في انتهاك للقانون اللبناني، لإثراء نفسه وشركائه من خلال تحويل مئات الملايين من الدولارات عبر شركات وهمية للاستثمار في العقارات الأوروبية. ويقوم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أيضًا بتصنيف أربعة شركاء مقربين من سلامة، بما في ذلك أفراد من عائلة سلامة ومساعده الأساسي، الذين ساعدوا في إخفاء وتسهيل هذا النشاط الفاسد. وتتخذ الولايات المتحدة هذا الإجراء جنبًا إلى جنب مع المملكة المتحدة وكندا، الشركاء الذين يشاركون الولايات المتحدة رؤيتها للبنان كدولة تحكم لصالح الشعب اللبناني وليس لثروة وطموح الطبقة. قضائيا، تقدّمت الدولة اللبنانية ممثلة برئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة اسكندر بطلب ضد الدولة اللبنانية، طالبة مداعاة الدولة طعنا بتصرفات قاضي التحقيق الاول في بيروت القاضي شربل ابو سمرا، لا سيما لناحية القرار الصادر عنه بتاريخ 2-8-2023، ما سيؤدي عمليّا وفعليّا إلى تجميد ملف التحقيق مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة برمّته، في ظل غياب اكتمال الهيئة العامة لمحكمة التمييز بسبب عدم صدور التشكيلات القضائية.

رصاص على سيارة سليم

وفي وقت نام البلد على فتنة عين إبل وبعدها الكحالة، استفاق امس على محاولة فتنة اخرى اثر تعرض سيارة وزير الدفاع موريس سليم لاستهداف بالرصاص في منطقة جسر الباشا خلال توجهه الى منزله في سن الفيل. وقد أُصيبت السيارة بعدة طلقات، وكشف الوزير انه بخير وأصيب الزجاج الخلفي لسيارتي بالرصاص. وقال المكتب الإعلامي للوزير سليم: لا نجزم بأن إطلاق النار على السيارة هو محاولة اغتيال أو رصاص طائش.فيما اعلنت مديرية مخابرات الجيش: اننا نتابع ونحقق في حادث تعرض السيارة للرصاص. ولاحقا صدر عن مكتب الوزير سليم ان الشرطة العسكرية والأجهزة الأمنية تقوم بإجراء التحقيق اللازم والكشف على السيارة ومكان الحادث بالتنسيق مع القضاء العسكري المختص». وليلاً، قال سليم ان المرافقة لاحظت سيارة سوداء من دون لوحات تتبع الموكب او تسير على نفس مساره وفي داخلها شخصان:أحدهما يتلفت كأنه في وضع مراقبة، في لحظة إصابة السيارة بالرصاصة، فتابع الموكب سيره ولم يحصل اي حادث اخر. لذلك الأمور متروكة للتحقيق. وفي مشهد الجنائز هذا، برز صوت هادئ للعماد ميشال عون دعا فيه الى التهدئة بدل التحريض، ومدّ جسور الثقة بدل سموم الكراهية، بالتزامن مع إعادة فتح الطريق الدولية بين البقاع وبيروت، ومباشرة الأجهزة الأمنيّة إلى بلدة الكحالة لإجراء مسح أمنيّ لأخذ العيّنات والأدلّة اللازمة حيث انزلقت شاحنة حزب الله ودار اشتباك اسفر عن مصرع شخصين. كما بدأت النيابة العامة العسكرية التحقيقات، على أن تُحدد لاحقا الجهة المخوّلة استكمال التحقيق وفق الاختصاص. واستُأنفت التحقيقات بمحاولة جمع كاميرات المراقبة في المنطقة وتحديد الجهة التي أطلقت النار والجهة التي بدأت بالاطلاق. أما بالنسبة إلى مضمون الشحنة، فالامر ما زال قيد التحقيق. ولاحقاً بدأ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي التحقيق في حادثة الكحالة، وقد تبين بحسب تقرير الطبيب الشرعي أنّ فادي بجاني قضى بثلاث طلقات وأحمد علي قصاص قضى بسبع طلقات. وكشفت التحقيقات الأولية التي ارتكزت على كاميرات المراقبة، عن أن الشاحنة انقلبت بحادث عرضي، وسيحدد عقيقي الجهة المخولة في متابعة التحقيق لاحقاً على ضوء النتيجة، في حين لم يتم تحديد هوية من بدأ بإطلاق النار حتى اللحظة. وفي اول موقف، اعلنت قيادة الجيش ان لدى انقلاب شاحنة تحمل ذخائر على طريق عام الكحالة، حصل إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدى إلى سقوط قتيلين. وقد حضرت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على تطويق الإشكال، وتم نقل حمولة الشاحنة إلى أحد المراكز العسكرية، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص. وبتاريخ 10/8/2023 عند الساعة الرابعة فجرًا، قامت القوة برفع الشاحنة وفتح الطريق بالاتجاهين، فيما يواصل الجيش متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة». وانتشرت العناصر الأمنية وآليات الجيش في نقاط مختلفة قريبة من الكحالة في مناطق مجاورة مثل القماطية والطريق المؤدّية من بسوس إلى عاليه. وقد باشرت عائلة فادي بجاني تقبل التعازي في كنيسة مار انطونيوس في البلدة، على ان يتم تشييعه اليوم بعد إحضار جثمانه من المستشفى. وتمنت عائلته في بيان عدم اطلاق النار خلال التشييع مشيرة الى ان لا مراسم برتوكولية للتشييع والحضور شعبي لكل الناس. ونعى رئيس «حزب الوعد» جو إيلي حبيقة على صفحات التواصل الإجتماعي فادي بجاني. وقد شيّع حزب الله في مأتم حاشد أحمد قصاص في الضاحية الجنوبية بعدما قضى يوم أمس في حادث الكحالة. ورفع المشيّعون لافتات كتب عليها: «المقاومة خيارنا». وقال مسؤول قسم التبليغ والأنشطة الثقافية في حزب الله السيد علي فحص خلال مراسم التشيييع: شهداؤنا حملوا السلاح للدفاع عن لبنان وحماية كل اللبنانييين باختلاف طوائفهم. وأحمد شارك الى جانب اخوانه المقــاومين في الدفاع عن بلدة معلولا وأضاء شمعة أمام كنيستها، لا ليكافأ بالاعتداء عليه بالرصاص والقتل من قبل مسلـحين أمام كنيسة الكحالة. واضاف: أنّ ما حصل هو اعتداء واضح، حيث كان بالامكان أن تمر الشاحنة بعد اصلاحها بشكل طبيعي لكن تدخل المسـلحين بهذه الطريقة هو الذي أدى لحصول هذا الحادث المؤسف. تدخل المسلحين هو عـدوان فاضح. من الذي أعطاهم الحق في اعتراض الشاحنة؟ شهـيدنا قـتل مظلوما في هذا الاعتـداء السافر وغير المبرر. وتابع قائلا: الموضوع اليوم بالكامل بين أيدي القوى الأمنية المختصة ونحن بانتظار التحقيقات والاجراءات التي ستصدر عنهم.

شاحنة «حزب الله» فجّرت نفوساً مشحونة... ووزير الدفاع في مرمى «الرصاص الطائش»

«قطوع الكحالة» وَضَعَ لبنان على «الكوع الأمني» الأخطر

الراي... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- «حزب الله» رَفَع السقف بوجه «التحريض والتعبئة الغبيّة والحاقدة» و«قاصري النظر أو المتورطين بالمشاريع المعادية»

- باسيل صعّد بوجه «حزب الله»: الشعب لا الشخص (فرنجية) يحمي ظهر المقاومة والوحدة الشيعية لا تكفي لتكون بخير

- الجيش أعلن نقل حمولة الذخائر من الشاحنة إلى أحد مراكزه العسكرية

- الجيش كان بين فكّيْ كماشة في الليل العصيب... تجاه الخارج وأمام البيئة المسيحية

- معارضون لـ «حزب الله» يلوّحون بالخروج من النضال السياسي التقليدي «لسنا مستعدين للتعايش مع ميليشيا مسلّحة»

- تشييع عنصر «حزب الله» بهستيريا من رصاص طال مناطق شرق العاصمة... واليوم وداعٌ شعبي في الكحالة لبجاني

لبنان فوق صفيح ساخن. عنوانٌ لم يَعُد يحتاج إلى «أدلّة»، بعدما صارتْ «مكشوفةً» عوارضُ دخول البلاد مرحلةً محكومة بـ «قواعد اشتباك» جديدة يطغى البُعد الأمني فيها على الأزمة الرئاسية المستعصية وبتوقيتٍ بالغ الحساسية في المنطقة التي تستعيد وضعية التمترس خلف أكثر من خندقٍ على رقعةٍ متشابكة تطلّ حتى على «ملعب النار» الأوسع في أوكرانيا. وتحت وطأة مظاهر التفلت الأمني المتوالي والمتنقّل، من «هبة النار» في مخيم عين الحلوة (صيدا) التي مازال جمرها تحت الرماد، مروراً بتكشُّف مقتل عضو المجلس المركزي في حزب «القوات اللبنانية» الياس حصروني في عين ابل (الجنوب) عن عملية اغتيال مدبّرة ومحترفة، وصولاً إلى الأحداث الدامية في منطقة الكحالة بين «حزب الله» والأهالي على خلفية انقلاب شاحنة محمّلة بالذخائر تابعة للحزب عند كوعها الشهير، وليس انتهاءً بوقوع وزير الدفاع موريس سليم في مرمى ما رُجّح أنه «رصاص طائش» أصاب سيارته وكان بداخلها شرْق العاصمة وأشيع أنها كانت محاولة اغتيال... بدا من الصعب على الكثيرين الاقتناع بأن هذه التطورات المتلاحقة ليست «متسلسلة» وأنها مجرّد مصادفات «ملعونة». وعاش لبنان أمس، يوماً عصيباً انفلشتْ فيه تشظياتُ «قطوع الكحالة» - الذي يُخشى ألّا يكون انتهى - على الأرض وفي السياسة، بعد ليلٍ من حبْس الأنفاس انطبع بمواجهةٍ غير مسبوقة حول شاحنة أسلحة لـ «حزب الله» كانت في طريقها من البقاع الى بيروت عبر الطريق الدولية (الكحالة) حين انقلبتْ وحاصرها أهالي المنطقة بعدما اشتبهوا بحمولتها، لتتدحرج الأحداث من رمي الحجارة عليها وعلى عناصر الحزب الذين كانوا مولجين بمواكبتها وحمايتها، ثم حصول إطلاق نار أفيد بأنه بدأ في الهواء لردّ الغاضبين، قبل أن يختلط الحابل بالنابل ويندلع اشتباكٌ متبادَل يسقط فيها فادي البجاني (من الكحالة) وأحمد القصاص (من حزب الله)، فيما انتقل التوتر بعدها إلى خط الأهالي - الجيش اللبناني خلال محاولته سحْب الشاحنة ونقل محتوياتها وهو ما اعترض عليه السكان الحانقون. فعلى الأرض تمدّدت أمس أحداث الكحالة وشاحنتها التي استحضر معها البعض «بوسطة عين الرمانة» التي أقلعت على متنها الحرب الأهلية في 13 ابريل 1975.

تشييع وُجّه رصاصه «الطائش» شرقاً

وقد تحوّل التشييع الحاشد للقصاص في الضاحية الجنوبية لبيروت عراضة مسلّحة تخلّلها إطلاق نار وُصف بـ «الهستيري» والكثيف وُجّه رصاصه «الطائش» شرقاً حيث طاول مناطق عدة بينها الحازمية - جسر الباشا، حيث كان يمرّ وزير الدفاع الذي أصاب الزجاج الخلفي لسيارته، وسط تقارير أولية تحدثت عن محاولة اغتيال قبل أن تتراجع هذه الفرضية لمصلحة فرَضيةٍ لا تقلّ إثارة، وهي وقوعه في شِباك فلتان السلاح ونيرانه العشوائية، وإن كانت هذه المرة «موجَّهةً» أكثر ومحمَّلة برسائل لمَن يعنيهم الأمر في ضوء ما عبّرت عنه مشهدية ليل الكحالة الحزين والطويل. وفي السياسة، وفيما كان هدير الواقع الأمني «يثبت» الخشيةَ التي عبّرت عنها التحذيراتُ الخليجية عقب مواجهات عين الحلوة ويعز المخاوف من انتقال البلاد إلى حال من انعدام الجاذبية الأمنية القابلة للتوظيف في أكثر من اتجاه وملف ولا سيما الرئاسي، تفشّت مناخاتُ تصعيدٍ عالٍ متعددّة الجبهة، من «حزب الله»، إلى المعارضة، فـ «التيار الوطني الحر» الذي بدا أنه أصيب في منطقة له حضور شعبي وازن فيها، ويُعتبر البجاني الذي قُتل بأكثر من رصاصة خلال تبادله إطلاق النار مع عناصر «حزب الله» من القريبين منه (ابنته تعمل في قناة أو تي في) كما أنه من المرافقين السابقين للوزير ايلي حبيقة (اغتيل في 2002). فحزب الله الذي لطالما رفع شعار «السلاح يحمي السلاح» و«اليد التي تمتدّ عليه سنقطعها»، رفع السقف على عكس ما توقّعه البعض، حيث وضعت كتلة نوابه ما حصل في الكحالة، ضمن إطار «العبث باستقرار لبنان وتفاقم المشكلات فيه منذ ما بعد 14 أغسطس 2006» (ما يعتبره انتصاراً في حرب يوليو) إلى يومنا هذا و«التعبير الانتقامي المتوالي عن خيبة الدول والقوى التي رعت الإرهاب الصهيوني وحربه العدوانية على لبنان لإخضاع شعبه وإرغامه على الانخراط في مسار التطبيع». ودانت الكتلة بشدة «التوتير المبرمج والظهور الميليشيوي المسلّح الذي شهدته بلدة الكحالة عقب انقلاب شاحنة عند أحد منعطفاتها، وتعرُّض أفرادها للاعتداء في محاولة للسيطرة عليها وإطلاق النار الموجَّه الذي أدّى إلى استشهاد أحد الإخوة، وإعاقة تدخّل الجيش اللبناني ومحاولة منعه من ضبط الاستفزاز»، معتبرة ذلك «نتاج التحريض والتعبئة الغبيّة والحاقدة التي تشكّل مادّة فتنويّة يعمد إلى توظيفها قاصرو النظر أو المتورطون في المشاريع المعادية لمصالح لبنان واللبنانيين»، ولافتة الى أن «هذا التوتير وما نجم عنه هو بعهدة التحقيقات الجارية لتأكيد الوقائع وكشف المتورطين والمحرضين وسوقهم الى العدالة». من جهته، سارع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إلى إجراء «إسقاطاتٍ» لما عبّرت عنه أحداث الكحالة على الملف الرئاسي على طريقة «كنتُ أعلم»، غمز فيها من أن حماية المقاومة لا تكون بشخص الرئيس (سليمان فرنجية) ولا تكفيها أولوية وحدة البيت الشيعي، وذلك في وقت كانت علامات الاستفهام تتطاير حول إذا كن ما جرى على كوع الكحالة سيشكل منعطفاً في الحوار المستعاد بين التيار والحزب ومآلاته المحتملة. وكتب باسيل على منصة «اكس»: «كوع الكحالة له رمزيّته النضالية الكبيرة في وجداننا كلّنا. وما حصل (أول من) أمس له دلالته الكبيرة لجهة أنّه هناك أماكن ومواقع وشعب عصيّ على أي إساءة، ويدلّ على أهميّة ان تكون المقاومة محتضَنة من الشعب اللبناني، وإلا تفقد مناعتها وقوّتها. (مَن) يحمي ظهرها شعب وليس شخص. الدلالة كبيرة أنه لا يكفي أن تكون هناك وحدة شيعية، على أهميتها، كي تكون المقاومة بخير والبلد بخير. والدلالة كبيرة على أهمية الاستراتيجية الدفاعية الوطنية التي تنظّم موضوع السلاح، كي لا يشعر أحد بخطر منه في أي منطقة من لبنان. الطرق والتواصل في قلب البلد أهم بكثير من المحاور والممرّات والمعابر خارجه. صدّقوني، رحمةً بالبلد وبالشهداء، رحم الله شهداء الأمس وأبو يوسف (البجاني) سيبقى يرافقنا، وبتبقى الكحالة وكوعها رمز العنفوان والصمود».

لا تعايش مع «سلاح الدويلة»

أما المعارضة فكانت في غالبيتها، بما فيها الأحزاب المسيحية، تعتبر أن ما حصل يؤكد المؤكد «لجهة استحالة التعايش مع سلاح الدويلة»، مع توجيه البعض انتقاداتٍ لأداء الجيش اللبناني وكيفية إدارته الواقع على الأرض بعد انقلاب الشاحنة وأسئلة وُجهت إلى قيادته عن مصير شحنة الذخائر التي كانت المؤسسة العسكرية أكدت في بيان لها أنها نُقلت الى أحد مراكزها. وفيما لم توفّر الانتقاداتُ بيانَ الجيش الذي أعلن أنه «لدى انقلاب شاحنة تحمل ذخائر على طريق عام الكحالة، حصل إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدى إلى سقوط قتيلين. وقد حضرت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على تطويق الإشكال (...) وفجر 10/ 8 /2023 قامت القوة برفع الشاحنة وفتح الطريق بالاتجاهين»، فإن أوساطاً مطلعة اعتبرت أن الجيش وقائده العماد جوزف عون كانا بين فكيّ كماشة ليل الأربعاء، نظراً إلى التداعيات السلبية خارجياً لظهور المؤسسة العسكرية «تحمي» شحنة سلاح للحزب (لم يصدر أي توضيح عن طبيعة ما كانت الصناديق تحويه ولا حُسم مصير الشحنة وهل ستبقى بعهدة الجيش أم تعاد إلى الحزب)، ناهيك عن الارتدادات «الحارقة» لعون مسيحياً (هو المطروح اسمه رئاسياً) فيما لو تمادت الصِدامات مع الأهالي على الأرض، والتي أصاب بعضها الإعلام، كما حصل مع مراسل «العربية» في مشهدية عاود السفير السعودي في بيروت وليد بخاري نشرها على منصة «أكس».

نضال وجودي وكياني

وكان موقف رئيس «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل معبّراً عن الأبعاد الخطيرة لما شهدتْه الكحالة وما بعد أحداثها إذ أعلن متوجّهاً «إلى رفاقي الكتائبيين: إعلموا أن حزبكم انتقل الى مرحلة جديدة، وابتداءً من اليوم نضالنا وجودي وكياني ولم يعد نضالاً سياسياً تقليدياً»، مؤكداً «لن نستسلم ونحن بجهوزية للوقوف إلى جانب أهلنا في كل المناطق وإلى جانب مؤسسات الدولة التي يجب أن تطبق القانون وتحقق المساواة، ولسنا مستعدين للتعايش مع ميليشيا مسلّحة في لبنان وهذا ستتبعه خطوات عملية واجتماعات للمعارضة وقرارات، وندعو المعارضة لأن تكون حازمة في هذا الموضوع واتخاذ القرارات اللازمة وإلا لن نكون على قدر المسؤولية». وكان صدر عن منطقة عاليه في «القوات اللبنانية» ليل الأربعاء، بيان جاء فيه: «مرة جديدة يدفع اللبنانيون ثمن التفلت الأمني وانتشار السلاح غير الشرعي، وهذه المرة كانت الكحالة الأبيّة مسرحاً لاستعراض فائض القوة وإطلاق النار المباشر في اتجاه المدنيين». وتتجه الأنظار اليوم إلى مَراسم تشييع البجاني في الكنيسة الواقعة عند كوع الكحالة والتي كانت أجراسها قُرعت خلال المواجهة ليلاً، وقد أصدرت العائلة بياناً أمس، حدد وقائع يوم الوداع الذي سيكون «شعبياً ومن دون أي مراسم بروتوكولية»، مع الطلب «من جميع المحبّين المشاركين في التشييع عدم إطلاق الرصاص إطلاقاً حفاظاً على جلالة الموقف». وكان أهالي الكحالة أصدروا ليلاً بياناً اكدوا فيه «أن مسلحين كانوا يواكبون الشاحنة المحمّلة بالأسلحة أطلقوا النار مباشرة على أبناء الكحالة وتسبّبوا بقتل الشاب فادي بجاني». أما لبنان الرسمي، فحاول «اللحاق» بالأحداث، حيث تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي«مع قائد الجيش ملابسات الحادث الذي حصل في الكحالة وطلب الإسراع في التحقيقات الجارية لكشف الملابسات الكاملة بالتوازي مع اتخاذ الإجراءات الميدانية المطلوبة لضبط الوضع»، داعياً «الجميع الى التحلي بالحكمة والهدوء وعدم الانجرار وراء الانفعالات وانتظار نتيجة التحقيقات الجارية». وأشار وزير الداخلية القاضي بسام مولوي في مداخلة مع قناة «الحدث» الى «التنسيق بشكل دائم مع الجيش لحماية السلم الأهلي فالشعب لا يريد سوى الجيش الشرعي»، مؤكداً «أن قيادة الجيش تفعل ما يجب تحت إشراف القضاء، ولا يمكن للجيش التصرف بمضبوطات شاحنة الكحالة دون إذن قضائي»، ومشدداً «على أن أي تجاوز للشرعية هو مصدر قلق للسلطات».

لبنان يستعجل المواجهة الأهلية بإشكال الكحالة واستهداف وزير الدفاع ...

• اتهامات للأمن بالانحياز... وتزايد الضغوط على القوى السياسية لتقديم تنازلات

الجريدة....منير الربيع ... دخل لبنان في حلقة جهنمية من حلقات النزاع الأهلي نقلت الأمور إلى مراحل متقدمة من التوتر والانقسام، لا سيما بعد وقوع شاحنة «حزب الله» المحمّلة بالأسلحة والذخائر في منطقة الكحالة على الطريق الدولي الواصل بين بيروت والبقاع، والمحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الدفاع موريس سليم، أمس، في منطقة جسر الباشا بعد ساعات فقط من إصداره أوامر بمصادرة الشاحنة، وفتح تحقيق في ملابسات الإشكال بين عناصر الحزب وأهالي البلدة المسيحية. ولمنطقة الكحالة قصص طويلة منذ الحرب الأهلية وما قبلها، فهي المنطقة الاستراتيجية التي تربط جزءاً من الجبل ببيروت كما تربط البقاع بها، وكثيراً ما دارت معارك كبيرة خلال سنوات الحرب، التي استذكرها اللبنانيون إثر اندلاع الإشكال بين أهالي المنطقة وعناصر «حزب الله» المكلفين حمايةَ الشاحنة ما أدى إلى سقوط قتيلين، من الطرفين. وتطرح محاولة استهداف سيارة وزير الدفاع مع اشتباك الكحالة الكثير من التساؤلات حول مصير لبنان وأزمته المتعددة الجوانب، من الشغور الرئاسي إلى الفشل المالي والاقتصادي. ورفَع ما جرى خلال الساعات الماضية منسوب خطاب الأوساط المسيحية المطالِبة بالذهاب إلى الطلاق أو الانفصال والتقسيم، ودعوات اعتماد مبدأ الأمن الذاتي، مادام «حزب الله» يمتلك السلاح ويسير في مختلف المناطق وعلى كل الطرقات. وشمل الهجوم السياسي الجيش اللبناني، الذي جاءت محاولة اغتيال سليم فور إعلانه مصادرة شاحنة «حزب الله» وفتح تحقيق في إشكال الكحالة، إذ اعتبر بعض النواب أن موقفه لم يكن مفهوماً، وكان يجب عليه أن يتصدى لعناصر الحزب ولأهالي المنطقة الذين قطعوا الطريق الدولي وحاولوا منع نقل الشاحنة، إلا أن الجيش أصر على فتح الطريق ونقل الشاحنة، في حين أفادت مصادر قريبة من الحزب بأنه قد تسلّم كل الشحنة التي كانت بداخلها، بينما أكد الجيش أنها أصبحت بحوزته وباشر التحقيقات في خلفيات الحادث. وتُفضي هذه الإشكالات والاشتباكات إلى احتمال من اثنين، إما تزايد الضغوط على كل القوى السياسية بما فيها «حزب الله» ما سيدفعه للذهاب إلى إبرام تسوية سياسية وتقديم تنازلات، وإما استمرار الوضع على حاله مع احتمال أن تكون هذه الأحداث مرشحة للازدياد والارتفاع، خصوصاً في ظل الشحن الموجود بالنفوس وغياب أي حلول سياسية. ولكن استمرار الواقع على حاله سيؤدي إلى المزيد من الترهل والتدهور على مستوى مؤسسات الدولة وقطاعاتها، ما يعني أن الواقع السياسي والاجتماعي سيبقى في حالة انهيار، أما في حال توافرت العناصر للذهاب إلى تسوية، فهذا سيكون نتيجة تدخلات دولية تفرض وقائع جديدة، يرجح البعض أنها ستصب في النهاية في مصلحة قائد الجيش جوزيف عون. ما أظهرته هذه الاشتباكات، المعطوفة على المزيد من التوتر بين «حزب الله» وجهات أغلبيتها مسيحية، هو الوصول إلى حالة متقدمة من القطيعة الاجتماعية، خصوصاً أن أحداث الكحالة، جاءت بعد أيام من مقتل مسؤول للقوات اللبنانية في بلدة عين إبل الجنوبية، وبالتزامن مع توترات تشهدها منطقة جبيل وجرودها بين الشيعة والمسيحيين. هذه التوترات تدفع المسيحيين إلى تصعيد مواقفهم، وتصعّب كل محاولات بعض الأطراف منهم، لا سيما التيار الوطني الحرّ، للذهاب إلى اتفاقات أو تسويات مع الحزب. في هذا السياق، هناك من يربط بين كل هذه الأحداث والتوترات في إطار صراعات أمنية لها أبعاد إقليمية، في ظل التصعيد الأميركي تجاه إيران، لا سيما في سورية من خلال قطع الطريق إلى الحدود العراقية، وإرسال إيران تحشيدات عسكرية إلى هناك في محاولة منها لإعادة فتحه، وذلك لا ينفصل عن ضغوط تتعرض لها دمشق سياسياً ومالياً واقتصادياً وتطوقها حتى في مناطق الساحل. وفي تفاصيل الخبر: بعد ساعات من إعلان الجيش اللبناني مصادرته حمولة شاحنة الذخائر التابعة لحزب الله في بلدة الكحالة، ما أثار توتراً واشتباكاً أدى إلى سقوط قتيلين، تعرض وزير الدفاع موريس سليم أمس، لمحاولة اغتيال بإطلاق النار على سيارته بمنطقة جسر الباشا شرق بيروت. وقال وزير الداخلية بسام مولوي، إن إطلاق النار على سليم «من غير المؤكد إذا كان مقصوداً»، مشدداً على أن «الموضوع لا يزال في بداية التحقيق من أجهزة الأمن والمخابرات تحت إشراف القضاء العسكري». وفي وقت سابق، أعلن الجيش أن تحقيقاً «بإشراف القضاء المختص» فُتح في «الإشكال» الذي وقع في بلدة الكحالة، وطوقته قوة من الجيش أقدمت على نقل حمولة «ذخائر» من شاحنة كانت انقلبت في المكان «إلى أحد المراكز العسكرية». وبدأ الإشكال مساء أمس الأول بعد انقلاب شاحنة تابعة لحزب الله، على كوع طريق الشام الذي يمر ببلدة الكحالة، ويعد المدخل الرئيسي الى العاصمة من منطقة البقاع. وقال مختار الكحالة عبود خليل إن أشخاصاً «يرتدون ملابس مدنية» ضربوا على الفور طوقاً أمنياً حول الشاحنة، ولدى محاولة السكان الاقتراب منها أطلقوا النار فقتل أحد أبناء البلدة فادي يوسف بجاني. لكن حزب الله اتهم «مسلحين بالاعتداء على أفراد الشاحنة في محاولة للسيطرة عليها»، مشيراً إلى أنهم بدأوا «برمي الحجارة أولاً ثم بإطلاق النار، مما أسفر عن إصابة أحد الإخوة المولجين بحماية الشاحنة»، قبل وفاته متأثراً بجروحه. ونعى حزب الله «الشهيد المجاهد أحمد علي قصاص، الذي ارتقى أثناء قيامه بواجبه الجهادي»، وشيعه في منطقة الغبيري بالضاحية الجنوبية لبيروت، أبرز معاقل الحزب. تشيع قصاص في الضاحية أمس (رويترز) وعلى مدى ساعات خلال الليلة الماضية، تجمع عدد من أهالي بلدة الكحالة والقرى المجاورة قرب مكان انقلاب الشاحنة، وقطعوا الطريق ومنعوا الجيش من إخراج الحمولة والشاحنة، احتجاجاً على عبور السلاح في منطقتهم ومقتل مواطن من البلدة، وحمل بعضهم لافتات منددة بـ«الاحتلال الإيراني» للبنان، وأطلقوا هتافات مناهضة لحزب الله. من جهة ثانية، فرضت أمس الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا عقوبات اقتصادية بتهم فساد مالي على الحاكم السابق للبنك المركزي رياض سلامة وأربعة أشخاص مقربين منه. وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن «أنشطة سلامة الفاسدة وغير القانونية ساهمت في انهيار دولة القانون بلبنان». وأكدت الخزانة الأميركية أن سلامة «أساء استغلال موقعه في السلطة، في انتهاك للقانون اللبناني على الأرجح، لإثراء نفسه وشركائه من خلال تحويل مئات الملايين من الدولارات عبر شركات وهمية لاستثمارها في قطاع العقارات الأوروبي»...

«الخزانة الأميركية» تصدر عقوبات مرتبطة بلبنان

الجريدة....أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، اليوم الخميس عقوبات مرتبطة بلبنان. وقالت «الخزانة الأميركية» إن العقوبات تستهدف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، الذي رفض بدوره تلك الاتهامات وتعهد بتحديها. وأوضحت «الخزانة الأميركية» أنّ الولايات المتّحدة وكندا وبريطانيا فرضت سويّاً عقوبات اقتصادية بتهم فساد مالي على الحاكم السابق للبنك المركزي اللبناني رياض سلامة الذي غادر مؤخّراً منصبه من دون أن يتمّ تعيين خلف له. وأفادت بأن «أنشطة سلامة الفاسدة وغير القانونية ساهمت في انهيار دولة القانون في لبنان»، مشيرة إلى أنّها فرضت هذه العقوبات بالتنسيق مع كلّ من بريطانيا وكندا. وسلامة الذي تولّى حاكمية المركزي اللبناني طوال 30 عاماً ملاحق في أوروبا ولبنان بتهم اختلاس أموال، في وقت يُعاني فيه بلد الأرز من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث.

إلقاء زجاجة مولوتوف على السفارة السويدية في بيروت الزجاجة لم تنفجر.. والمنفّذ تمكن من

الجريدة....ألقى شخص مجهول زجاجة مولوتوف على واجهة السفارة السويدية في بيروت، من دون أن تنفجر، وفق ما أفاد مصدر دبلوماسي وكالة فرانس برس الخميس، في خطوة جاءت بعد دعوات لطرد السفيرة على خلفية تدنيس وحرق المصحف في ستوكهولم. وقال مصدر دبلوماسي من السفارة، متحفظاً عن ذكر اسمه، «نؤكد أنه تمّ إلقاء زجاجة مولوتوف على واجهة سفارتنا مساء أمس الأربعاء من دون أن تنفجر». وأضاف «تمكن المنفّذ من الفرار»، من دون أن ذكر أي تفاصيل إضافية. وتقع السفارة السويدية في وسط بيروت، واتخذت القوى الأمنية في وقت سابق إجراءات في محيطها الشهر الماضي خشية من أي اعتداء، بعد تكرار حادثة تدنيس القرآن وحرقه في ستوكهولم. وفي ستوكهولم، أفادت وزارة الخارجية وكالة فرانس برس أن «طاقم السفارة بخير» وأنها على «تواصل مستمر معه». وجاءت الحادثة بعدما أثار تدنيس القرآن تنديداً واسعاً وغضب دول عدة، على وقع مطالبات بطرد سفراء السويد. وفي العراق، أضرم محتجون النار في مبنى السفارة بعد اقتحامه. وفي لبنان، دعا الأمين العام لحزب الله إلى طرد السفيرة السويدية من بيروت، ولبى مناصروه الشهر الماضي دعوة وجّهها للاعتصام عقب صلاة الجمعة في المساجد احتجاجاً على تدنيس القرآن.

الجيش اللبناني يؤكد رفع الشاحنة المنقلبة في منطقة «الكحالة»

الجريدة...أعلنت قيادة الجيش اللبناني اليوم الخميس رفع الشاحنة التي انقلبت في منطقة «الكحالة» بجبل لبنان وتسببت بحدوث اشتباكات وإطلاق نار أسفر عن سقوط قتيلين. وقالت قيادة الجيش في بيان إن قوة من الجيش عملت على نقل حمولة الشاحنة إلى أحد المراكز العسكرية وفتحت تحقيقاً بإشراف القضاء المختص. وأضاف البيان ان قوة من الجيش عملت على رفع الشاحنة فجر اليوم وفتحت الطريق أمام المارة، مؤكداً أن الجيش يقوم «بمتابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة». وكانت منطقة «الكحالة» قد شهدت في وقت سابق من مساء أمس الأربعاء توتراً إثر انقلاب شاحنة وحصول إطلاق نار وسقوط قتيلين أحدهما من أبناء البلدة والآخر من مرافقي الشاحنة بحسب وسائل إعلام محلية. ورفض أهالي البلدة فتح الطريق قبل جلاء الحقيقة ومعرفة ما الذي كانت تنقله الشاحنة في ظل شكوك بأنها كانت تحتوي على ذخائر.

اتساع الانتقادات لسلاح «حزب الله»

أميركا وبريطانيا وكندا تفرض عقوبات على رياض سلامة

بيروت: «الشرق الأوسط».. عكست ردود الفعل في لبنان على حادثة شاحنة «حزب الله» التي كانت محملة بالذخيرة تصعيداً بين الحزب وخصومه واتساع الانتقادات لانتشار سلاحه في مختلف المناطق اللبنانية. وكان لافتاً أن «التيار الوطني الحر»، الحليف الوحيد للحزب خارج الطائفة الشيعية، انضم إلى منتقدي سلاحه، إذ شكّل حادث الشاحنة في منطقة لها رمزيتها المسيحية، وسقوط قتيل من أنصار «التيار»، إحراجاً غير مسبوق له، وطرح أسئلة حول العلاقة بين الطرفين. وفي موقف يعبّر عن امتعاض «التيار» من تفلّت سلاح الحزب، قال في بيان عن الحادث: ما حصل في بلدة الكحالة جرس إنذار للخطر المحدق بدولة تتحلّل ومجتمع يتشنّج. كما أكد عضو المجلس السياسي في «التيار» وليد الأشقر أن «تغطية سلاح الحزب محصورة بدوره في مواجهة الخطر الخارجي وليس دوره في الداخل». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية قلنا إن وجهة السلاح نحو إسرائيل، لكن عندما يوجّه إلى الداخل نتحفّظ عليه». إلى ذلك، قال رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل «إننا غير مستعدين للتعايش مع ميليشيا مسلحة في لبنان». وأضاف «لبنان في موقع خطر ولا يُمكن أن نكمل على هذا النحو، فنحن نصل إلى نقطة اللاعودة والمشاكل المتنقّلة في كلّ المناطق مترابطة مع بعضها وهي نتيجة وجود سلاح خارج إطار الدولة». وقال الجميل: «نعرف قيمة الشهادة والحرب وقسوتها وهذا ما نحذّر منه كي لا نقع فيها مرّة جديدة». في سياق آخر، فرضت الولايات المتحدة، بالتزامن والتنسيق مع كندا وبريطانيا، عقوبات على الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة وأفراد من أسرته والمقربين منه، في خطوة بدت متكاملة أيضاً مع إجراءات قانونية اتخذتها دول أوروبية عدة، بغية مساءلة سلامة ومعاونيه عن تورطهم في قضايا «فساد» بهدف «الإثراء غير المشروع».

حادثة شاحنة «حزب الله» تقلق حليفه المسيحي

«التيار الحرّ»: ليكن سلاح المقاومة ضدّ إسرائيل لا المدنيين

الشرق الاوسط....بيروت: يوسف دياب.. شكّل انقلاب الشاحنة المحمّلة بالذخائر والتابعة لـ«حزب الله»، إحراجاً غير مسبوق للتيّار الوطني الحرّ، الحليف الوحيد للحزب، خصوصاً أن الحادثة وقعت في منطقة لها رمزيتها المسيحيّة، وأسفرت عن سقوط قتيل من أنصار «التيار» بالإضافة إلى قتيل آخر من «حزب الله»، وطرحت أسئلة حول مستقبل العلاقة بين الطرفين، وما إذا كان الحزب فقد الغطاء المسيحي لسلاحه، الذي طالما أمّنه التيار المسيحي منذ 6 فبراير (شباط) 2006 عبر «تفاهم مار مخايل» الذي وقّعه الرئيس ميشال عون مع أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله. وفي أوّل تعليق على اشتباكات الكحّالة، اعتبر «التيار الوطني الحر» أن «ما حصل عند كوع بلدة الكحالة جرس إنذار للخطر المحدق بدولة تتحلّل ومجتمع يتشنّج». ووجّه انتقاداً مباشراً للحزب، وقال: «رحم الله (أبا يوسف) فادي بجاني (الضحية الذي سقط في الكحالة) وكلّ ضحية سقطت نتيجة قصور من (حزب الله) أو القوى الأمنية ومحاولة استغلال من المزايدين من سياسيين وإعلاميين». وأضاف بيان التيار الحرّ: «إننا إذ نعزّي أهل الشهيد بجاني وعموم أهالي الكحالة الحبيبة نعلن تضامننا معهم، ونعتبر الدولة بأجهزتها الأمنية والقضائية مسؤولة عن ضبط الوضع وإجراء التحقيقات وكشف الحقيقة». وأعلن رفضه «لكلّ استغلال للحادثة المؤلمة بهدف توتير الأجواء والتسبب بفتنة يسعى إليها كثيرون في الداخل والخارج، وأي استغلال للأحداث، طارئة كانت أو مفتعلة، يدعونا كلبنانيين إلى الإسراع في حلّ مشاكلنا، فقط بالحوار البنّاء والهادف، لأن أي فتنة هي بمثابة انتحار جماعي سيعمل التيار مع العقلاء على منعها». وفي أوضح موقف يعبّر عن امتعاض هذا الفريق المسيحي من تفلّت سلاح الحزب ودوره في الداخل، اعتبر عضو المجلس السياسي في «التيار الوطني الحرّ» وليد الأشقر، أن «تغطية سلاح الحزب محصورة بدورها في مواجهة الخطر الخارجي وليس في الداخل». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية قلنا إن وجهة السلاح نحو إسرائيل لكن عندما يوجّه إلى الداخل نتحفّظ عليه». ورأى أنه «عندما يستعمل هذا السلاح ضدّ أبناء بلدة الكحالة المدنيين والآمنين، لا نقبل به وسيكون لنا موقف علني رافض له». ورأى الأشقر أن «المقاومة تمارس مهمّة خارجية هي الدفاع عن الوطن بوجه إسرائيل، ولا نقبل أن يصوّب سلاحها إلى المدنيين في الكحالة أو أي بلدة لبنانية أخرى». منتقداً ما سماه «تقصير الجيش اللبناني والقوى الأمنية»، معتبراً أنه «لو كان التدخل أسرع من ذلك لما سقط ضحايا ولما وصلت الأمور إلى هذا الحدّ من التأزم والاحتقان». من جهته، استبعد رئيس «لقاء سيّدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، أن يؤدي حادث الكحالة إلى افتراق بين التيار الوطني الحرّ و«حزب الله»، وتوقّع أن «يتعامل التيار معه كحادث عابر لا يفسد في الودّ قضية». ورأى سعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كلّ الرأي العام اللبناني بدأ ينظر بعين القلق لسلاح حزب الله، وهذا ما برز مع الدروز في بلدة شويا الجنوبية، ومع السنة في منطقة خلدة، والآن مع المسيحيين في الكحالة». وأشار إلى أن «قلق التيار من سلوك الحزب شيء وفكّ التحالف شيء آخر». وقال: «لا يمكن أن نبني على ما حصل نهايات سياسية لعلاقة الطرفين، خصوصاً أن جبران باسيل (رئيس التيار الوطني الحرّ) لم يعد لديه أي حليف سياسي، خصوصاً أنه حاول فتح قنوات تواصل مع أطراف داخلية وخارجية وحتى مع الأميركيين فلم يجد من يستوعبه». ولا تزال حادثة الكحالة ترخي بثقلها عن الوضع الأمني، ونبّه سعيد إلى أن «منطقة الكحالة تشكّل امتداداً لطريق عسكرية تبدأ من داخل طهران وتصل إلى بيروت وجنوب لبنان، وإيران خاضت من أجلها حروباً في العراق وسوريا ولبنان ولن تتنازل عن هذه البقعة التي تربط طهران بالبحر المتوسّط». واعتبر رئيس «لقاء سيّدة الجبل» أن «الخاسر الأكبر مما حصل في الكحالة هو الجيش اللبناني الذي كان يمثل في العقل الباطني المسيحي الدرع الوحيدة المتوفرة بسبب تركيبته وقيادته المسيحية». واستغرب كيف أنه «بدل أن يحمي الجيش الناس حمى الميليشيات ونقل حمولة الشاحنة من الذخائر إلى شاحنات أخرى وربما نقلها إلى مخازن (حزب الله)، وبدل أن يكون حليف الناس أظهر أنه حليف ميليشيا حزب الله». أما الكاتب والباحث السياسي توفيق شومان، المطلع على أجواء «حزب الله»، فأكد أن الحادثة «وضعت البلاد فوق بؤرة من القلق الأمني، لكن احتواء تداعياتها كان سريعاً، والجيش اللبناني بذل جهوداً فوق العودة لاحتواء الموقف». وإذ اعترف بأن ما حصل «طرح أسئلة عن مصير علاقة (حزب الله) بالتيار الوطني الحر خصوصاً أن الضحية فادي بجاني من أنصار التيار»، قال شومان لـ«الشرق الأوسط»: «لا أظن أن تؤدي هذه الحادثة إلى إقفال الأبواب المفتوحة بين التيار والحزب، فثمة قرار عالي المستوى بين الطرفين لتوسيع أرضية الحوار التي تشمل عناوين عدة من بينها رئاسة الجمهورية»، متوقعاً «تجاوز هذا القطوع لأن لا مصلحة لأحد الجانبين بالعودة إلى الوراء، أي إلى مرحلة التشنج التي عرفتها العلاقة بينهما بعد انتهاء الولاية الرئاسية للعماد ميشال عون في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وعلى ذلك فإن حادثة الكحالة لن تشكل سداً يمنع الحوار الجاري بين الحزب والتيار، مع الإشارة إلى التواصل القائم بين رئيس التيار جبران باسيل وقياديين من الحزب لمعالجة آثار بعض المواقف التي أطلقها مسؤولون في التيار».

حدود اللعبة بين حزب الله والجيش والمعارضة

الاخبار..تقرير هيام القصيفي .. انتقال ملف الكحالة الى القضاء لا يعفي من تداعياته السياسية. الحوادث المتنقلة ودور حزب الله وتصعيد القوى المعارضة، تضع اللعبة السياسية على خط المواجهة التي كشفت حجم اهتراء لبنان أمنياً.....

لا تكفي 48 ساعة لإعادة رسم ما حصل في الكحالة. ليس المقصود هنا الوقائع الأمنية التي سبقت الحادثة وتلتها. ثمّة محاولات بدأت ليل الأربعاء، واستكملت أمس، لرسم المشهد السياسي المتعلق بحزب الله والجيش، وبالقوى السياسية التي إمّا نأت بنفسها، أو دخلت على خطّ ما جرى في سعي لتظهير حجم الخصومة لحزب الله والجيش معاً. يشكل طريق الشام، كما طريق الجنوب، طريقاً حيويّاً لحزب الله. وليس سلوكه نحو سوريا، أو من سوريا الى بيروت، مفاجئاً. لكن، نادراً ما أعطى الحزب، علناً، إطاراً أمنياً للطريق، على غرار ما كان يحصل على طريق الجنوب، إذ كان واضحاً بمنع إقفاله في تظاهرات 17 تشرين أو إثر حادثة خلدة، ولا يزال إلى الآن تحت المعاينة في الناعمة أو خلدة. طريق الشام مختلف بحيثيّاته، وبتقاطعاته من «بيروت الشرقية» الى الجبل الدرزي والبلدات البقاعية السنية والشيعية، من دون إغفال أنه - في الجزء الممتدّ من بيروت الإدارية الى ضهر الوحش - منطقة أمنية عسكرية، تعدّ حديقة خلفية للجيش اللبناني، حيث تنتشر مواقعه ومراكزه ونقاطه العسكرية. مع ذلك، سلوك الحزب الطريق، صعوداً ونزولاً، معروف خلال حرب سوريا وفجر الجرود، وكذلك عمليات نقل عناصره وسلاحه.

بهذا المعنى، يصبح طريق الشام أساسيّاً للحزب، وأي حادثة، على غرار حادثة الكحالة، تعني له الكثير، كما عنت له حادثة شويا وردود الفعل بعدها على الطريق المذكور. ولكن، مع فوارق أساسية، تكمن في استخلاص الحزب والجيش معاً عِبَراً مما حصل. لا شك في أن الحصيلة الأولية هي أن البلد كشف عن اهترائه في شكل فاضح، لم يكن أيٌّ من المسؤولين راغباً في تصديقه، بخلاف الصورة السياحية التي يراد منها تغطية العجز والانهيار الأمني. ودلّت خطورة ما جرى، في جزء أساسي، على الغياب الفاضح للسلطة السياسية في ظل حكومة تصريف الأعمال. لعبت الصدفة دورها في تزامن الكشف عن حادثة عين إبل مع حادثة الكحالة، لكنّ خلاصتهما واحدة، إذ أثبتتا مرة أخرى، بعد أشهر من المماحكات والتشنّجات، أن النفوس مشحونة سياسياً وطائفياً الى حدّ أوصل الى سقوط قتيلَين من أهل الكحالة ومن حزب الله. ورغم أن الشحن الإعلامي والسياسي ساهم في تكبير صورة الحدث، إلا أن ذلك لا يعني أن ما حصل مجرّد فعل وردة فعل. هناك أبعد من ذلك في السياسة، ويتعدّى تأقلم اللبنانيّين مع حوادث إطلاق النار وسقوط قتلى. ثمّة شعور لدى بعض من رصد الواقعة، من جوانبها المختلفة، بأنّ تفسّخ الساحة اللبنانية لم يعد يحتاج الى بؤر أمنيّة واسعة التفجير. تعدّد حوادث إطلاق النار وسقوط قتلى وعمليات تصفية وخطف كلّها تنذر بأنّ من الممكن خلق ساحة أمنية متوترة من دون حرب كبرى، تعطي النتيجة نفسها في تهيئة مرحلة التفلّت الأمني عبر حوادث متنقلة. في موازاة ذلك، يصبح حزب الله عنصراً أساسياً في الإشارة إليه صراحة، الأمر الذي يجعل من إطلاق النار على عناصره، للمرة الأولى بعد حادثة الطيونة، وبعد توجيه الاتهامات إليه في ذكرى تفجير المرفأ، وكأنه يؤشّر الى أنّ التعرّض له لم يعد من المحرّمات. فما كسر في السياسة تجري محاولة كسره على الأرض. ليست حادثة الكحالة مدبّرة، بحسب وقائعها الأمنية. لكنّ التعامل معها من جانب الحزب ومن جانب خصومه، يربط ما جرى وما سبقه وكأنه إيذان بمرحلة جديدة من التقاطعات الإقليمية، وهو أمر لا بدّ أن يجد ترجمته في الواقع المحلي. ما يجري على خطّ السعودية وإيران وواشنطن لم يمرّ بالكحالة، لكنّه يغطي حوادث متنقلة ويعطي هامشاً لردود الفعل.

كل ذلك يقود الى أن إحدى خلاصات ما جرى تكمن في كيفية تعاطي القوى السياسية التي تقف موقفاً واضحاً ضد الحزب، مع المواجهة السياسية من الآن وصاعداً، في شكل مختلف، والأهم في التعامل مع أيّ حادث أمني في إطار توقّعات قد تكون خطرة. مراقبة أمنية للحادثة تطرح أسئلة عن ثُغَر أمنية حصلت منذ أن وقعت الشاحنة وحتى انفجار الوضع. لا ينسّق حزب الله مع الجيش أو القوى الأمنية في تنقلاته المتعلقة بنقل السلاح، لكن عادة يجري التواصل لدى وقوع حوادث أمنية. تأخّر التواصل، ساهم في إذكاء التوتر لساعات. لكن مقارنة ما حصل في شويا يطرح أسئلة عن إرباك حصل في التعاطي مع الحادث من جانب عناصر الحزب، لأنّ الحادث وقع في منطقة «مقفلة» جغرافياً، ولو على طريق دولية، وفي بيئة «معادية» للحزب، وهذه عناصر تساهم في الإرباك. في المقابل، لم يكن التشنّج أحادياً. فمحاولة التعرّض للشاحنة قبل حضور الجيش وبعده ضاعفت من التوتّر، علماً أن تبرير الحزب هو أن الشاحنة تمرّ في طريق دولية، وبقرار مغطّى من الحكومة في إطار «عمل المقاومة»، ولم تكن تمرّ في شوارع البلدة. كل ذلك يبقى في إطار التحقيق القضائي. لكنّ الخلفيات السياسية في مكان آخر، فالحصيلة الأولى لما جرى أصابت الجيش في العمق. جواب الجيش أنه فور تبلّغه بالحادثة، عمد الى الحضور بكثافة: أوّلاً عبر مديرية المخابرات، وثانياً عبر قطع عملانيّة، وبتوجيهات محدّدة بضرورة ضبط الوضع الأمني والعمل على التهدئة ومنع تدهور الوضع. كل ذلك تمّ في إطار جوٍّ من الاتصالات السياسية عبر قيادة الجيش ومديرية المخابرات مع القوى السياسية كافةً لضبط الوضع. لكن ذلك لم يمنع تعاطي قوى سياسية مع أداء الجيش على أنه فئوي منحاز الى حزب الله، والمستفيدان اثنان من ذلك: التيار الوطني الحر ومعارضو حزب الله الذين كانوا الى الأمس يتعاطون مع ترشيح قائد الجيش على أنه ثابت كمرشح تسوية، في رفع سقف التصويب عليه، واعتبار أنه منذ سنوات لم يقترف مثل هذا الخطأ في تغطية حزب الله.

تفسّخ الساحة اللبنانية لم يعد يحتاج إلى حرب كبرى، إذ تكفي حوادث كحادثة الكحالة

الحصيلة الثانية، هي أن القوى المعارضة وجدت نفسها مرة أخرى في مقدّم المشهد، ولكن من دون برنامج عمل سياسي. بدا واضحاً أن قوى أساسية في المعارضة خفّفت من الضغط السياسي لمصلحة تهدئة واضحة في الاتصالات التي جرت معها. وعلى عكس ما أشار إليه بيان الحزب من إطلاق ميليشيات النار على عناصره، لم تكن التغطية لما جرى حزبية بالمطلق. ومن قاد الاتصالات يعرف أن رفع منسوب التحذير من الميليشيات سياسي بحت، ويهدف الى رفع مستوى المواجهة السياسية ليس إلا. والمعارضة بذلك تجد نفسها أمام مجموعة أحداث متنقّلة، لكنها تصوّب على المرحلة السياسية المقبلة، فلا تستنفد مواجهتها مبكراً. في موازاة ذلك، سيكون حزب الله أمام مرحلة قياس نوعية المخاطر التي استجدّت على أكثر من خط. الأكيد أن مراجعة أمنية ستكون على الطاولة لأن أيّ حدث مماثل ولو كانت نسبته واحداً في المئة، كحادثة الكحالة، من دون إطار محكم أمني، سيضاعف من مخاطر المواجهة مع خصومه، والطريق الى سوريا والبقاع طويلة، ويمكن أن يستفيد منها أيّ طرف في أيّ منطقة أخرى. لكنّ الأهمّ بالنسبة إليه يكمن في مكان آخر: كيف تحوّلت ردّة الفعل عليه حتى من حلفائه سياسياً وأمنياً إلى ورقةِ مواجهةٍ مكشوفة؟...



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..روسيا تتأهب لمواجهة «الناتو» وتتوعد بولندا وفنلندا..شويغو: الغرب نشر 360 ألف جندي و650 طائرة بالقرب من حدود «دولة الاتحاد»..حرب أوكرانيا تقترب من «الناتو» عبر البحر الأسود..ألمانيا تعتقل مواطناً بتهمة التجسس لصالح روسيا..واشنطن تحظر على الشركات الأميركية الاستثمار بقطاع الذكاء الاصطناعي في الصين..حلّ البرلمان في باكستان تمهيداً لانتخابات يغيب عنها خان..

التالي

أخبار سوريا..إيران أنفقت 50 مليار دولار بسوريا وتستعيدها كديون..قتلى وجرحى باشتباكات بين القوات السورية و«داعش» في البوكمال.. انفجارات قوية بالقاعدة الأميركية في ريف الحسكة الجنوبي..الاتفاقات الأخيرة مع إيران لم تسهم بحلحلة أزمات السوريين..

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 172,053,643

عدد الزوار: 7,657,388

المتواجدون الآن: 0