القصف السوري لتلكلخ يصيب بلدات وادي خالد اللبنانية ويوقع 4 جرحى لبنانيين....مصادر عراقية لـ «الشرق الأوسط»: 6 عوامل تفسر موقف بغداد الداعم للنظام السوري

مظاهرات عارمة تلف سوريا في جمعة «المنطقة العازلة مطلبنا».. وإحراق صور نصر الله بدمشق

تاريخ الإضافة الأحد 4 كانون الأول 2011 - 5:27 ص    عدد الزيارات 2653    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

سوريا: مظاهرات وإحراق صور نصر الله في قلب دمشق
إدانة دولية لانتهاكات حقوق الإنسان.. والسعودية تجدد مطالبتها بوقف العنف * بايدن: على المجتمع الدولي أن يتحد لعزل الأسد
لندن ـ بيروت: «الشرق الأوسط»
مع تصاعد عزلة النظام السوري جراء الضغوط الدولية، خرجت مظاهرات عارمة في أنحاء سوريا أمس، في جمعة «المنطقة العازلة مطلبنا». وقال ناشطون إن عدد نقاط التظاهر سجل ارتفاعا ملحوظا، حيث تجاوز الـ247 نقطة في مختلف أنحاء البلاد.
وقال ناشطون إن أكثر من 10 أشخاص قتلوا بإطلاق رصاص الجيش على المتظاهرين. وفي دمشق، خرجت مظاهرات في حي الميدان، وأظهر شريط مصور تم تحميله على موقع «يوتيوب» حرق المتظاهرين لصور الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. ويأتي ذلك في ظل استمرار النظام في تصعيد عملياته العسكرية والأمنية ضد الناشطين، لا سيما في منطقة تلكلخ التي تتعرض لاجتياح عسكري منذ 3 أيام، ومنطقة رنكوس في ريف دمشق التي شهدت أعنف حملة عسكرية. وأدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بقوة النظام السوري أمس، بسبب الانتهاكات «الجسيمة والمنهجية» التي ترتكبها القوات السورية وتشمل عمليات إعدام، وقال المجلس إنها ترقى إلى كونها جرائم ضد الإنسانية. إلى ذلك, أعربت السعودية، أمس، عن قلقها إزاء استمرار أعمال العنف التي تشهدها سوريا. وجدد عبد الوهاب عطار، سفير السعودية ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، خلال مداخلته أمام الجلسة الطارئة لمجلس حقوق الإنسان، دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للقيادة السورية بالوقف الفوري للعنف والقيام بإصلاحات، وحثه للسلطات السورية على وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان والاستجابة لقرارات جامعة الدول العربية.
من جهته، طالب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي، وقال إنه آن الأوان أن يتحد المجتمع الدولي لعزل النظام.
مظاهرات عارمة تلف سوريا في جمعة «المنطقة العازلة مطلبنا».. وإحراق صور نصر الله بدمشق
تزايد عدد نقاط التظاهر رغم العمليات العسكرية الواسعة
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
خرج السوريون في مظاهرات زاخمة أمس في جمعة «المنطقة العازلة مطلبنا»، في أنحاء البلاد، وقال ناشطون، إن عدد نقاط التظاهر سجل ارتفاعا ملحوظا، حيث تجاوز الـ247 نقطة في مختلف أنحاء البلاد، من الجنوب إلى الشمال ومن الغرب إلى الشرق.
ويأتي ذلك في ظل استمرار النظام في تصعيد عملياته العسكرية والأمنية ضد الناشطين، لا سيما في منطقة تلكلخ التي تتعرض لاجتياح عسكري منذ ثلاثة أيام، ومنطقة رنكوس في ريف دمشق، والتي شهدت أعنف حملة عسكرية، ولا تزال مغلقة والمعلومات المتوفرة عما يحصل هناك قليلة جدا. وبحسب الناشطين تدور هناك معارك بين الجيش الحر والجيش النظامي، وأنه وصل إلى مستشفى تشرين العسكري بداية المواجهات الأسبوع الماضي نحو ثلاثين جثة من قوى الجيش النظامي وأكثر من ثمانين إصابة، وأن هذه الحصيلة لا تتضمن الخسائر التي وقعت في مواجهات بلدتي كريسة وأم الزنانير، كما تمت الإشارة إلى أن الجيش الحر قام بعملية «نوعية» في بلدة جب الجوز.
وقالت جماعة معارضة أمس، إن منشقين على الجيش السوري قتلوا ثمانية من أفراد مخابرات القوات الجوية في هجوم على قاعدتهم بشمال البلاد. وفي مظاهرات أمس قال ناشطون، إن أكثر من عشرة أشخاص قتلوا بإطلاق رصاص الجيش على المتظاهرين. وفي دمشق خرجت مظاهرات في حي الميدان، وأظهر شريط مصور تم تحميله على موقع «يوتيوب» حرق المتظاهرين لصورة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وتعرضت مظاهرة انطلقت صباح أمس في حي الميدان، قبل الصلاة، لإطلاق نار، ووصف ناشطون المظاهرة بشدة حماس المتظاهرين وتحديهم للشبيحة والأمن الذين ألقوا قنابل مسيلة للدموع لتفريقهم، وجرت ملاحقة المتظاهرين في الأزقة والحارات. وفي حي القابون جرت محاصرة الحي وإغلاق المداخل مع محاصرة كل المساجد، ونشر لدوريات الشبيحة، في الشوارع الرئيسية واحتلال للمستوصف الطبي، منعا لإسعاف الجرحى في حال حدوث إصابات. وفي حي الدحاديل خرجت مظاهرة حاشدة من مسجد أنس بن مالك، وجرى إطلاق نار كثيف لتفريق المتظاهرين أسفرت عن وقوع عدة إصابات. وفي ريف دمشق جرى إطلاق نار على المتظاهرين في دوما وتمت محاصرة المصلين في جامع البغدادي مع إطلاق النار قبل انتهاء الصلاة، مما دفع المصلين في جامع التوحيد إلى التظاهر نصرة للمصلين في البغدادي والتوجه إليهم لدعمهم وتشتيت قوات الأمن، بعدها جرى فرض حالة حظر تجول غير معلن في جميع أحياء المدينة، حيث أجبر الأهالي على التزام منازلهم. وفي درعا وريفها خرجت مظاهرات حاشدة بعد صلاة الجمعة في درعا البلد والصنمين وجاسم وعتمان والغارية الشرقية والجيزة ونافعة وسحم وبصرى الشام وغيرها وقامت قوات الأمن والجيش بشن حملات اعتقالات واسعة في مدينتي جاسم والصنمين، كما قامت بإغلاق المداخل الشرقية لمدينة درعا البلد ومنعت حركة السير. وقال ناشطون إن تعزيزات أمنية كبيرة محملة برشاشات دوشكا دخلت درعا البلد من الطريق الغربي، وشنت حملة اعتقالات ومداهمات في حي الأربعين وفي مدينة جاسم وفي الأخيرة جرى اعتقال نحو 250 شخصا.
وفي محافظة إدلب خرجت مظاهرات في مدينة إدلب وريفها. ففي مدينة أريحا حاصر الجيش المساجد والساحات في المدينة، ومع ذلك خرجت مظاهرة من جامع الفتح الكبير وجرى إطلاق النار كثيف لتفريقها وكذلك في خان شيخون وسراقب وفي كفر نبل جرت حملة اعتقالات واسعة بعد المظاهرة.
وفي مدينة حمص وريفها خرجت مظاهرات في الكثير من الأحياء والمدن. وقال ناشطون في حمص إن انشقاقا حصل صباح أمس في باب عمرو في الحاجز القائم عند المؤسسة الاستهلاكية، حيث انشق نحو 19 عسكري بينهم ضابطين برتبة نقيب وملازم أول. وأدى الانشقاق إلى إطلاق نار كثيف وجنوني عند الحاجز وباتجاه المنازل.
وفي ريف حمص تمت محاصرة بلدة القريتين، كما شهدت الرستن حظر تجول عن طريق إطلاق نار كثيف لترهيب الناس ومنع خروجهم من المنازل، مع حملة مداهمات لبعض الأحياء وجرى اعتقال أكثر من 60 شخصا.
وفي مدينة القصير أصيب أربعة أشخاص في إطلاق نار لتفريق المظاهرة الحاشدة التي خرجت هناك للمطالبة بالحماية الدولية والمنطقة العازلة. وفي تلكلخ عادت الاتصالات الجوالة والثابتة بعد عدة أيام من قطعها، وقال ناشطون إن تلكلخ تعرضت يوم أمس إلى قصف عنيف بدأ منذ منتصف ليلة أول من أمس، حيث لا تزال المدينة مطوقة عسكريا. وفي اللاذقية على الساحل السوري، هاجمت قوات الأمن المصلين في جامع الفتاحي وقامت باعتقالات عشوائية بمجرد أن علا صوت التكبير داخل المسجد.
وفي حماه، سمع أصوات انفجارات في حي جنوب الملعب وحي الصابونية، وآخر عند دوار النسر، مع إطلاق رصاص من مجمع حماه الطبي في منطقة المناخ باتجاه مظاهرة خرجت في الحميدية أسفرت عن إصابة الكثير بجراح. وفي دير الزور شرق البلاد، خرجت مظاهرة حاشدة جدا من منطقة المطار وفي البوكمال خرجت مظاهرات من مساجد الرحمن والشرعية والشافعي. وفي القامشلي شمال شرق جرت حملة اعتقالات واسعة واقتحام المنازل في الحي الغربي بعد مظاهرات حاشدة شهدتها القامشلي وعامودا تمت مواجهتها بإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع.
وفي حلب شمال البلاد قامت قوات الأمن والشبيحة بالهجوم على المتظاهرين في حي صلاح الدين، أمام جامع سعد بن أبي وقاص واعتقلت خمسة أشخاص هناك كما هاجمت قوات الأمن متظاهرين أخرجوا في حي هنانو وقامت بإطلاق النار عليهم. وفي ريف حلب خرجت مظاهرات في منطقة أعزاز والباب وعندان وتل رفعت وغيرها تطالب بمنطقة عازلة وحماية المدنيين.
المتظاهرون السوريون يسخرون من المعلم.. ويحيون شبان باب التبانة في لبنان
طالبوا بعقوبات توقف القتل ولا تمهل النظام
لندن: «الشرق الأوسط»
ركزت هتافات المتظاهرين السوريين في جمعة «المنطقة العازلة مطلبنا» على مطلب حماية المدنيين كضرورة ملحة وعاجلة ورفع المتظاهرون في تل رفعت في ريف حلب لافتة كتبوا عليها «نطالب بمنطقة عازلة فورا بدون اجتماع» وكذلك في سائر المظاهرات التي خرجت يوم أمس في أكثر من 247 نقطة تظاهر في مختلف أرجاء البلاد، ومنهم من طالب تركيا بإقامة المنطقة العازلة فكتبوا باللغتين العربية والتركية «نطالب تركيا بإقامة منطقة عازلة».
ولم يتغافل المتظاهرون عن انتقاد الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لاستمرارهما في منح المهل للنظام السوري، وكتبوا في بلدة نصيب في حوران «مهلة - مهلة - مهلة حتى يفنى الشعب السوري». وفي حمص طالبوا بعقوبات توقف القتل وقالوا في تعليق على العقوبات العربية «نريد عقوبات توقف هدر دمائنا.. عقوبات لا تمهل النظام للقتل» وهم يهتفون «ثورة.. ثورة.. سوريا.. ثورة عز وحرية سوريا»، مؤكدين على أن «الثورات العربية جاءت من أجل الكرامة ولتكسير ما بقي من سايكس بيكو» في إشارة واضحة من أهالي نصيب إلى أن الثورات العربية هي ضد الأنظمة التي صنعتها السياسات الاستعمارية في المنطقة. كما حيا المتظاهرون في كل أنحاء البلاد الجيش الحر ودعوا «الشرفاء» في الجيش السوري للالتحاق بالجيش الحر ودعوا المجلس الوطني لدعم الجيش الحر وفي حمص خاطبو المجلس بالقول: «إلى المجلس الوطني اتقوا الله فينا» وقالوا في باب السباع بحمص لبرهان غليون «يا برهان غليون مانك سمعان الشعب بدو حظر طيران».
ولم ينس المتظاهرون في غمرة المطالبة بالحماية وبمنطقة عازلة التهكم على وزير الخارجية السوري وليد المعلم فرفعت لوحات كاريكاتير في مظاهرات عدة تسخر من تصريحات المعلم الأخيرة. وفي تل رفعت تم تصويره وهو يقرع طبلا تمزق تحت ضرباته، أما في الحولة فرفعوا لافتة كتبوا عليها «وليد المعلم كتلة غباء.. من الرأس إلى الحذاء». وفي حمص قالوا «ثبت كذبكم على لسان الطبل». وفي مظاهرات أخرى أرسل السوريون تحياتهم إلى أهالي طرابلس بباب التبانة لقيامهم بفضح بطلان فيلم الفيديو الذي عرضه وليد المعلم أمام وسائل الإعلام عن العصابات المسلحة في سوريا. وبكلمة مقتضبة عبر أهالي حوران عن واقع ما آلت إليه الأمور بأن حان الوقت لنقول نحن إنها انتهت، وكتبوا على لافتة «جاء دورنا لنقول خلصت». أما في دمشق حي الميدان فتوعد المتظاهرون النظام بالقول «شباب الميدان قادمون».
القصف السوري لتلكلخ يصيب بلدات وادي خالد اللبنانية ويوقع 4 جرحى لبنانيين
المرعبي لـ «الشرق الأوسط»: ليتحمل الجيش اللبناني مسؤولياته
بيروت: يوسف دياب
اشتعل الوضع الأمني على الحدود اللبنانية السورية أمس، وتحديدا في منطقة وادي خالد اللبنانية، التي تعرضت لقصف وإطلاق نار كثيفين من الجانب السوري، ما أدى إلى إصابة 4 لبنانيين بجروح مختلفة داخل منازلهم التي أصيبت بالرصاص.
وأعلنت مصادر ميدانية في وادي خالد أن «الوضع المتفجر في مدينة تلكلخ وصلت شظاياه إلى البلدات اللبنانية المواجهة، لا سيما العريضة ووادي خالد». وأكدت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «إطلاق النار من الداخل السوري باتجاه المناطق اللبنانية بدأ عند الساعة العاشرة إلا الربع صباحا (أمس) وامتد بشكل متقطع إلى الثالثة من بعد الظهر، ما أدى إلى إصابة الكثير من المنازل بنيران أسلحة خفيفة ومتوسطة بينها رشقات رشاش 500 وقذائف «ب - 7»، كما أصيب 4 لبنانيين بجروح داخل منازلهم وهم: خلود مصطفى الكريم، عفراء خالد الحسين، أحمد خالد الحسين وإبراهيم شهوان، نقلوا جميعا إلى مستشفى السلام في القبيات لتلقي العلاج».
وأشارت المصادر إلى أن «اشتعال الوضع جاء إثر انشقاق عدد من الجنود عن الجيش السوري النظامي، والاشتباكات التي دارت بين الجيش وهؤلاء المنشقين تبعها تمشيط بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة للحدود من الأمن السوري والشبيحة، تحسبا لفرار البعض منهم نحو الأراضي اللبنانية، ما أدى إلى إصابة عدد ما المنازل اللبنانية وجرح الأشخاص الأربعة». مشيرة إلى أن «الجيش السوري في حال استنفار على الحدود، في حين انتشرت وحدات من اللواء الثاني في الجيش اللبناني والقوات المشتركة المولجة ضبط الحدود في القرى اللبنانية التي تعرضت لإطلاق النار بهدف طمأنة الأهالي».
وقال المواطن أحمد سليمان، وهو من وادي خالد وأحد الذين أصيبت منازلهم بالنيران السورية، إن «إطلاق النار على المنازل اللبنانية كان مقصودا ومباشرا وليس عشوائيا كما يشاع». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع متوتر وسيئ وهناك قلق كبير لدى الناس الذين يشعرون أنهم متروكون لقدرهم». ولفت إلى أن «المصلين حوصروا داخل المسجد خلال صلاة الجمعة بسبب القصف، في حين جرى إجلاء السكان من المنازل التي أصيبت وكل المنازل المكشوفة والمواجهة لمرمى النيران». وناشد رئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) ووزير الدفاع (غسان غصن) وكل المسؤولين بأن تولي الدولة اللبنانية المناطق الحدودية في الشمال الاهتمام اللازم في هذه الظروف الدقيقة، وأن يكون هناك تواجد دائم للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، لأنها بذلك تطمئن الناس وتمنع أي رد فعل متهور وغير محسوب من الأهالي». واعتبر أن «ما حصل اليوم (أمس) وقبله من حوادث مماثلة هو نتيجة تقصير الدولة اللبنانية ولا مبالاتها».
من جهته اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب معين المرعبي الذي تفقد المنطقة أن «القصف الذي طال المنازل في وادي خالد هو قصف متعمد ومركز». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من خلال معاينتي للبيوت التي أصيبت بنيران الجيش السوري، تبين أن المنازل تعرضت لقنص لأن الطلقات النارية بمعظمها دخلت من النوافذ وأصابت المواطنين الآمنين في منازلهم ومعظمهم من الأطفال، هذا أمر لا يمكن السكوت عنه، ونتمنى على الجيش اللبناني أن يقوم بدوره في حماية الناس، بدل أن يتلهى باتهامنا بالتآمر، ومنع الإعلام من الدخول إلى وادي خالد لرصد ما يفعله شبيحة (الرئيس السوري بشار) الأسد بحق النازحين إلى لبنان». ورأى أن «ما تفعله القوات السورية بحق الآمنين، ليس إلا انتقاما من أبناء وادي خالد بسبب استقبالهم للنازحين السوريين والاهتمام بهم». وشدد على ضرورة أن «يتحمل الجيش اللبناني مسؤولياته وإلا فإن الأهالي سيضطرون للدفاع عن أنفسهم». وردا على سؤال، أوضح أن «هناك تواجدا رمزيا للجيش ولكن ليس بالشكل الكافي، المطلوب انتشار حقيقي لحماية المنازل وأن يتولى الاتصال بالجانب السوري حتى يشعر الأهالي بالأمان»، متمنيا على قيادة الجيش «التراجع عن قرارها بمنع الإعلام من الدخول إلى وادي خالد، وفضح الممارسات التي تجري على الحدود سواء في تلكلخ أو غيرها بحق الشعب السوري البطل».
السعودية تجدد دعوتها لوضع حد لإراقة الدماء في سوريا
سفير المملكة لدى الأمم المتحدة: يجب التزام سوريا بقرارات الجامعة العربية والمبادرات الرامية لحل الأزمة
الرياض: «الشرق الأوسط»
جددت السعودية، أمس، قلقها إزاء استمرار أعمال العنف التي تشهدها سوريا، مطالبة بالوقف الفوري للعنف وقيامها بإصلاحات فورية مع حثها على وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان. وأعربت السعودية عن قلقها إزاء استمرار العنف في سوريا وارتفاع عدد القتلى جرَّاء الأحداث الدامية في سوريا، وأتى هذا التنديد عبر الدكتور عبد الوهاب عطار، سفير المملكة ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، خلال مداخلته أمام الجلسة الطارئة لمجلس حقوق الإنسان حول سوريا، الذي جدد دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود القيادة السورية إلى الوقف الفوري للعنف والقيام بإصلاحات فورية وحثه للسلطات السورية على وضع حد لكافة انتهاكات حقوق الإنسان وتحقيق تطلعات الشعب السوري في الإصلاح والتقدم.
وأوضح الدكتور عطار أن السعودية أكدت مرارا وتكرارا أهمية وضرورة الالتزام بقرارات جامعة الدول العربية والمبادرات الرامية إلى حل الأزمة، مبينا أن أفضل النتائج التي يمكن أن تخرج بها الجلسة الطارئة لمجلس حقوق الإنسان هي دعم مبادرات الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لوضع حد لإراقة الدماء.
بايدن من أنقرة: آن الأوان لأن يتحد المجتمع الدولي لعزل النظام السوري
سوريا تعلق العمل باتفاقية التجارة الحرة مع تركيا ردا على العقوبات التركية
أنقرة - لندن: «الشرق الأوسط»
طالب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يقوم بزيارة إلى تركيا، الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي والسماح بـ«انتقال سلمي» للسلطة في سوريا، ورحب بحزم أنقرة حيال النظام في دمشق. وقال بايدن لصحيفة «حرييت» اليومية، إن «موقف الولايات المتحدة واضح، لا بد أن يوقف النظام السوري القمع ضد شعبه وعلى الرئيس الأسد التنحي عن منصبه».
وأكد بايدن الذي وصل من العراق إلى أنقرة في وقت متأخر أول من أمس، أن حكومته التي كانت حضت الرئيس السوري سابقا على التنحي، أنه يأمل في «انتقال سلمي» للسلطة في سوريا. وتابع بايدن أن «الاستقرار الدائم لا يمكن ضمانه (في سوريا) إلا عندما تكون هناك حكومة تصغي لشعبها وتلبي حاجاته، بدلا من توجيه السلاح إلى مواطنيها». وشدد على «استقرار» سوريا التي تقع على الحدود مع تركيا الدولة الحليفة للولايات المتحدة والعضو في الحلف الأطلسي، والشريك الإقليمي المهم. وأشاد نائب الرئيس الأميركي بالحزم الذي تبديه أنقرة حيال دمشق حليف تركيا السابق، وكذلك بالحوار الذي بدأته مع المعارضة السورية. وأضاف «لقد حان الوقت لكي يتحد المجتمع الدولي لعزل نظام انتهك بصورة منهجية حقوق الإنسان وقمع مظاهرات سلمية».
وطلب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من بشار الأسد الرحيل وأعلنت حكومته الأربعاء عقوبات ضد نظامه. وأعلنت الولايات المتحدة وتركيا أنهما تخشيان حربا أهلية في سوريا، حيث أوقعت حركة قمع المظاهرات أربعة آلاف قتيل منذ مارس (آذار) بحسب الأمم المتحدة. وكان الرئيس التركي عبد الله غول قال أول من أمس، إن «آخر ما نأمل حصوله في سوريا هو اندلاع حرب أهلية». يذكر أن تركيا حليف تقليدي لواشنطن وعضو في حلف شمال الأطلسي، وقد أعلنت أنقرة عن عقوبات قاسية ضد النظام السوري شملت وقف الصفقات التجارية وقطع العلاقات مع المصرف المركزي السوري. كما تستضيف أنقرة المنشقين عن الجيش السوري، والمجلس الوطني السوري الذي يضم أطيافا من المعارضة. وقال بايدن «نرحب أيضا بمنح الحكومة مجالا في تركيا للمعارضة السياسية السورية». وأضاف «آن الأوان لأن ينضم الجميع في الأسرة الدولية إلى جهود عزل نظام انتهك وينتهك بشكل منهجي حقوق الإنسان ويقمع الاحتجاجات السلمية». وتابع «نتطلع لتوسيع مدى العقوبات الدولية كوسيلة لإحداث التغيير في سوريا». وردا على العقوبات التركية ضدها، أعلنت سوريا أمس أنها علقت العمل باتفاقية التجارة الحرة مع تركيا. ونسبت وكالة الأنباء السورية (سانا) أمس إلى الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية والمغتربين السورية قوله إن القرار جاء ردا على الإجراءات التي أعلنها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في مؤتمره الصحافي أول من أمس (الأربعاء) تجاه دمشق. وقال إن الحكومة السورية «تدرس اتخاذ إجراءات أخرى تتناسب مع ما أعلنه الوزير التركي». وكان داود أوغلو أعلن عن وقف قرض بنك التصدير والاستيراد التركي لتمويل مشاريع البنى التحتية السورية وتعليق العلاقات بين المصرفين المركزيين في البلدين وتجميد الأصول المالية للحكومة السورية ووقف جميع تعاملات الائتمان المالي مع سوريا، إضافة إلى تعليق التعاون الاستراتيجي عالي المستوى مع سوريا. وحول إيران شجع بايدن أنقرة على فرض عقوبات إلى جانب الجهود المبذولة للوصول إلى تسوية تفاوضية. وقال «نواصل دعم الوصول إلى حل دبلوماسي لمخاوفنا فيما يتعلق بإيران، غير أننا نؤمن أيضا بضرورة ممارسة ضغوط على القيادة الإيرانية لضمان التوصل إلى تسوية عبر التفاوض، ولهذا نشجع شركاءنا، ومنهم تركيا، على اتخاذ خطوات لفرض عقوبات جديدة على إيران، مثلما فعلنا ونفعل».
وبشأن ملف مكافحة المتمردين الأكراد في حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره الولايات المتحدة وتركيا وعدة دول أخرى «منظمة إرهابية»، أشار المسؤول الأميركي إلى أن واشنطن ستزيد «الضغوط» على المتمردين الذين كثفوا الهجمات وخصوصا انطلاقا من قواعدهم في العراق. وقدم الأميركيون في الآونة الأخيرة للأتراك طائرات من دون طيار ومروحيات قتالية لهذا الغرض. وقال غل بحسب ما نقلت وكالة «أنباء الأناضول»، إن تعاوننا ضد حزب العمال الكردستاني «سيتواصل بطريقة أكثر حزما».
وقد ألغي اللقاء المتوقع مع أردوغان وكذلك مؤتمرهما الصحافي لأن رئيس الوزراء يتعافى من جراحة في الأمعاء. لكن بايدن سيقوم بزيارته اليوم في مقر إقامته في إسطنبول، بحسب وكالة «أنباء الأناضول». ووصل بايدن بعد الظهر إلى إسطنبول، حيث سيشارك اليوم في قمة لمستثمرين تحت عنوان «حرية الشركة».
وفي حين عبرت الولايات المتحدة عن ارتياحها لفتور العلاقات بين أنقرة ودمشق، فإنها أعربت عن قلقها من التباعد بين تركيا وإسرائيل، وهما حليفتاها، إثر هجوم الجيش الإسرائيلي على سفينة تركية تنقل مساعدات إلى قطاع غزة في 2010.
مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يدين الانتهاكات «الجسيمة والمنهجية» في سوريا.. ويدعو لتدخل دولي
روسيا تحذر المجتمع الدولي من تدخل غير قانوني.. والمندوب السوري يصر على حل الأزمة السورية داخليا
جنيف – لندن: «الشرق الأوسط»
أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بقوة سوريا أمس، بسبب الانتهاكات «الجسيمة والمنهجية» التي ترتكبها القوات السورية وتشمل عمليات إعدام، وقال المجلس إنها ترقى إلى كونها جرائم ضد الإنسانية.
وتبنى المجلس المؤلف من 47 دولة قرارا طرحه الاتحاد الأوروبي بموافقة 37 دولة واعتراض 4 دول منهم الصين وروسيا وامتناع 6 دول عن التصويت. ودعا نص القرار «الهيئات الرئيسية» بالأمم المتحدة إلى النظر في تقرير للمنظمة الدولية توصل إلى أن جرائم ضد الإنسانية ارتكبت، ودعا هذه الهيئات إلى «اتخاذ إجراء مناسب».
دعت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي المجتمع الدولي للتدخل لحماية المدنيين السوريين من حملة القمع الوحشي التي تقوم بها السلطات السورية، لكن سفيري الصين وروسيا انتقدا الدعوة. وقالت بيلاي في كلمتها خلال الجلسة الطارئة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس، لمناقشة الوضع السوري «إن أعداد القتلى في سوريا تجاوز 4 آلاف شخص من بينهم 307 أطفال، وتم اعتقال ما لا يقل عن 14 ألف شخص، خلال 9 أشهر منذ اندلاع الانتفاضة ضد حكومة الرئيس بشار الأسد». وطالبت بيلاي بوقف كافة أعمال القتل والتعذيب وغيرها من أشكال العنف على الفور. وقالت «إن السلطات السورية مستمرة في أعمال القمع وإذا لم تتوقف الآن فإنها يمكن أن تدفع البلاد إلى حرب أهلية شاملة، وفي ضوء فشل السلطات السورية في حماية مواطنيها فإن المجتمع الدولي بحاجة إلى اتخاذ تدابير عاجلة وفعالة لحماية الشعب السوري». ودعت إلى إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وحذرت من الخطر الذي تشكله الهجمات المتزايدة من قبل المنشقين عن الجيش ضد قوات الأمن الموالية للحكومة.
ولم توضح بيلاي الإجراءات التي ينبغي أن تتخذها القوى العالمية لوقف الانتهاكات ضد حقوق الإنسان في سوريا. وكان زعماء غربيون قد تجنبوا في الماضي الإشارة إلى التحرك العسكري على غرار حملة حلف شمال الأطلسي في ليبيا والتي ساعدت في الإطاحة بمعمر القذافي.
وبعد كلمة بيلاي تحدث مبعوثا روسيا والصين اللتين تطوران مشروعات نفطية في سوريا وحذرا من التدخل الأجنبي في سوريا باسم حقوق الإنسان. وعرقلت الحكومتان محاولات دولية لإدانة حكومة الرئيس بشار الأسد مستخدمتين حقهما في نقض قرارات مجلس الأمن الدولي. وقال المبعوث الروسي فاليري لوشينين: «نود أن نحذر من التدخل غير القانوني من جانب قوات خارجية حتى بذريعة حماية حقوق الإنسان. سيكون لهذا عواقب خطيرة لا يمكن معرفة مداها». ودعا لوشينين جميع الأطراف في سوريا إلى وقف العنف.
وأضاف: «نسمع أن قوى خارجية تواصل إذكاء الصراع في سوريا وأنه يتم تنظيم جماعات مسلحة وإرهابية وتزويدها بالسلاح والمال من الخارج». ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن مصدر عسكري لم تذكر اسمه قوله: إن روسيا سلمت صواريخ مضادة للسفن إلى سوريا بعد أيام من دعوة لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة إلى حظر للأسلحة على دمشق.
وقال مندوب الصين هي يافي إنه رغم شعور الصين بقلق بالغ فإن الرؤى بشأن كيفية حل الوضع شديدة التباعد. وقال: «ينبغي لأعضاء الأمم المتحدة اتباع مبادئ وأهداف الأمم المتحدة والامتناع عن حل الخلافات من خلال القوة أو التهديد بها».
وتأتي الجلسة بعد تقرير أصدرته لجنة مستقلة للتحقيق أجرت مقابلات مع 223 شخصا وشهودا ومنشقين جاء فيه أن قوات أمنية وعسكرية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية من بينها الاغتيالات والاغتصاب والتعذيب.
وقالت إيلين تشامبرلين دوناهو سفيرة الولايات المتحدة لحقوق الإنسان للصحافيين إن «هناك أدلة على تورط» السلطات السورية في تلك «الأعمال الوحشية» وإنه لا يوجد شك في أن العنف متعمد. وأضافت: «إنه منهجي ومتفش ومن المحتمل أنه يصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية».
وألقى فيصل خباز سفير سوريا في الأمم المتحدة بجنيف ورئيس وفد بلاده في الجلسة التي تستمر يوما، خطابا غاضبا حظي بدعم الصين وروسيا وكوبا. وقال في إشارة إلى إصلاحات ديمقراطية وعدت سوريا بتنفيذها مطلع العام المقبل أن المشكلة السورية لا يمكن أن يحلها إلا السوريون فقط لأنها مشكلة محلية ووطنية، وأضاف أن الحل لا يمكن أن يأتي عبر أروقة المجتمع الدولي فهي مجرد قرارات تصب الزيت فوق النار، وتدين مسودة قرار معدلة وضعها الاتحاد الأوروبي وجرى التوصل إليها بعد مفاوضات شاقة مع الصين وكوبا وروسيا «الانتهاكات الجسيمة والمستمرة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان والحريات الأساسية».
وقال دبلوماسيون إن الهدف هو الاتفاق على رسالة قوية إلى دمشق مرفقة بالدعوة إلى وقف العنف.
وقال الحموي «لقد وقعت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في نفس الفخ الذي وقعت فيه دول أخرى واكتفت بتوجيه انتقادات وتجاهلت ما قدمته الحكومة السورية من حقائق وما أصدرته من تشريعات وقوانين إصلاحية لتحسين واقع الشعب السوري وضمان حياه كريمة لأفراده». وأكد الحموي أن الأزمة في سوريا لا بد من حلها داخليا، وقال: «المشكلة السورية لا يمكن حلها إلا من قبل مواطنين سوريين، فالحل لن يأتي من أروقة المجتمع الدولي لأن تلك القرارات ستسكب المزيد من الزيت على النار». وطالب السفير السوري مجلس حقوق الإنسان بالتزام العدالة والحياد والبعد عن المعايير المزدوجة حرصا على عدم فقدان مصداقيته.
وطالب الناشط السوري رضوان زيادة أثناء الإدلاء بشهادته في الجلسة بأن يتخذ مجلس حقوق الإنسان كل الإجراءات الضرورية لوقف نزيف الدم وحماية المدنيين من النظام السوري وقال «إن الألم يعتصر قلب كل سوري وهو يشاهد تساقط الشهداء يوميا ويراقب المجتمع الدولي سقوط الضحايا دون أن يتخذ الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين وإحالة مرتكبي هذه الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية، بينما تستمر الحكومة السورية في ترديد الأكاذيب عن ما يسمي عصابات مسلحة». وطالب الناشط السوري المجلس بوقف نزيف الدم المستمر وحماية المدنيين من نظام فقد كل شرعيته وتحول إلى عصابة تمتهن القتل.
وحذر زيادة من أزمة إنسانية وصفها بالكارثية في سوريا نتيجة نقص المواد الغذائية والطبية ومنع وصول وقود التدفئة مع استمرار وضع الحواجز الأمنية والعسكرية واعتقال المواطنين بشكل عشوائي. وأضاف: «إنها المرة الأولى في تاريخ المجلس أن يعقد 3 جلسات في أقل من 7 شهور لمناقشة الأوضاع في سوريا لكنه يعجز عن اتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف المجازر اليومية وكأنه يرسل بذلك الرسالة الخاطئة إلى الشعب السوري بأن عليه أن يواجه بشكل أعزل آلة حربية تستخدم فيها كل الأسلحة الثقيلة من أجل القضاء على حلمه في بناء دولة تحترم كرامته وحقوقه».
برهان غليون: أي حكومة تشكلها المعارضة بعد الأسد ستقطع العلاقات مع إيران وتوقف مد حزب الله بالأسلحة
فرنسا تعلن اتخاذها إجراءات لحماية المعارضين السوريين لديها
باريس - لندن: «الشرق الأوسط»
قال برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري، إن أي حكومة تشكلها المعارضة بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد ستقطع العلاقات العسكرية مع إيران وتوقف إمدادات السلاح إلى الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط مثل حزب الله وحماس. وأضاف غليون، في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، نشرت أمس، أن تلك الخطوات ستكون في إطار توجه سوري واسع النطاق للعودة إلى التحالف مع قوى عربية كبيرة في المنطقة. وقال غليون: «لن تكون هناك علاقة خاصة مع إيران»، موضحا أن «قطع العلاقة الاستثنائية يعني قطع التحالف الاستراتيجي، العسكري». وأضاف: «بعد سقوط النظام السوري لن يظل (حزب الله) كما هو الآن».
ودعا غليون في مقابلته مع الصحيفة الأميركية بالعاصمة الفرنسية باريس، المجتمع الدولي إلى أن يتخذ خطوات قوية جديدة بما في ذلك إمكانية إقامة منطقة حظر جوي في سوريا. وذكر الأستاذ الجامعي، (66 عاما)، المقيم بفرنسا، أن الهدف الرئيسي للمعارضة يتمثل في إيجاد آليات لحماية المدنيين ووقف آلة القتل. كما شدد على اتخاذ تدابير فعالة لإجبار النظام السوري على احترام حقوق الإنسان.
ودعا إلى دعم دولي أقوى للمتمردين بما في ذلك فرض منطقة حظر جوي على سوريا. وقال إن «هدفنا الرئيسي هو إيجاد آليات لحماية المدنيين ووقف آلة القتل». وأضاف «نقول إنه بات لزاما اللجوء لإجراءات قوة لإجبار النظام على احترام حقوق الإنسان». وقال غليون إن المعارضة ملتزمة إذا وصلت إلى السلطة في سوريا، استعادة مرتفعات الجولات التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 ولكنها ستسعى لاستعادتها عبر التفاوض وليس عبر الصراع المسلح.
كما قال إنه سيسعى إلى تطبيع العلاقات مع لبنان بعد عقود شابها التوتر بين دمشق وبيروت.
من جهته، قال وزير الداخلية الفرنسي، كلود غيون، أمس، إن فرنسا تعكف على اتخاذ إجراءات لحماية معارضي الحكومة السورية بعد أن تلقى المجلس الوطني السوري الذي يقيم رئيسه بباريس تهديدات في الآونة الأخيرة. وكانت فرنسا قالت في ما سبق إنها لن تتهاون مع ترويع سوريا لنشطاء المعارضة على أراضيها وإنها ستعزز وجود الشرطة في تجمعات المعارضة مستقبلا بعد أن وقعت اشتباكات في الصيف.
وقالت منظمة العفو الدولية إن الدبلوماسيين السوريين في العواصم الأجنبية يشنون حملات للمضايقات والتهديدات ضد المعارضين في الخارج الذين يحتجون أمام سفارات سوريا. وقال غليون للصحافيين بعد لقائه وزير العدل الأميركي إريك هولدر ووزيرة الداخلية الأميركية جانيت نابوليتانو: «يجب أن نحمي كل من قد يتعرض للتهديد... نعلم أن الحكومة السورية عنيفة ولن تتردد في استخدام التهديدات، خاصة ضد من قد يطلب منهم لعب دور في الحركة الديمقراطية السورية الجديدة». وعقب اجتماع مع غليون في وقت سابق هذا الشهر، قال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه إن باريس تعتبر المجلس الشريك الشرعي الذي تريد التعاون معه. وما زالت الشرطة الفرنسية تحقق في أعمال العنف التي وقعت خلال مظاهرة تضامنية في باريس، غير أن كل من تم إلقاء القبض عليهم لا يحملون جوازات سفر دبلوماسية. وقال غليون: «نظرا للاضطرابات في سوريا، فإننا شهدنا عددا مؤكدا من التهديدات للمعارضين السوريين. تم اتخاذ إجراءات لحمايتهم». وأضاف أن أعضاء المجلس الوطني وآخرين يخضعون للحماية. وأحجم عن الحديث بالتفصيل عن الإجراءات التي اتخذت، لكن الشرطة تحرس على مدار الساعة منزل نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام الذي يعيش بالمنفى في باريس.
وتعد فرنسا من أقوى الأصوات التي تضغط لاستصدار قرار من الأمم المتحدة لتهديد سوريا بعقوبات إذا لم توقف حملتها العنيفة. وهي تضغط الآن لإقامة ممرات إنسانية لإمداد سكانها بالمساعدات.
من جهتها، أعلنت إيطاليا أنها تعتزم إجراء اتصالات بالمعارضة السورية ممثلة في المجلس الوطني السوري في القريب العاجل. وذكرت وكالة «أكي» الإيطالية للأنباء أمس أن وزير الخارجية جوليو تيرسي دي سانتاجاتا صرح بذلك في بروكسل مساء أول أمس. وكان رئيس المجلس الوطني السوري قد زار العاصمة الإيطالية روما في 11 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للمشاركة في مؤتمر «الديمقراطية والمستقبل» بمقر مجلس النواب.
كما وصف الوزير الإيطالي الأوضاع في سوريا بأنها «غير قابلة للتنبؤ في الوقت الراهن»، مشيرا إلى أن «النظام السوري لم يستجب للضغوط الأخيرة الممارسة من جانب المجتمع الدولي». وكان تيرسي قد قال خلال جلسة استماع برلمانية الأربعاء الماضي إن الرئيس السوري بشار الأسد «فقد أي شرعية ومصداقية»، ورأى أن «علاقة الأسد مع الشعب السوري أضحت غير قابلة للتسوية». وأعلن تيرسي أن بلاده لم تكن متحمسة لفرض عقوبات على سوريا، «ولكنها تبقي المسار الذي يتعين سلكه في حالة ارتكاب خروقات خطيرة».
العقوبات الأوروبية تستهدف صحيفة «الوطن» وموقع «شام برس».. و«شل» تعلن تعليق أنشطتها في سوريا
شملت أيضا مركز الدراسات والبحوث العلمية والعديد من الفروع التابعة له لدعمها الجيش السوري
بروكسل - لندن: «الشرق الأوسط»
بدأ الاتحاد الأوروبي أمس تفعيل جولة جديدة من العقوبات بحق سوريا، إذ فرض إجراءات تقييدية ضد وزراء ومسؤولين عسكريين ووسائل إعلام وشركات نفط سوريا. وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وافقوا أول من أمس على توقيع العقوبات الجديدة. وتستهدف هذه العقوبات الشركة العامة للبترول السورية، وشركة «سترول»، وشركة «الفرات للنفط» وهي مشروع مشترك تابع للشركة العامة للبترول. والشركات الثلاث من بين 11 كيانا و12 شخصا من القيادة السورية تم إدراجهم على قائمة سوداء للاتحاد الأوروبي تهدف الآن إلى وقف مشاريع شركات النفط العملاقة في سوريا.
وكانت «رويال داتش شل» أول المستجيبين، وقد أعلنت أمس أنها ستوقف أنشطتها في سوريا تنفيذا للمجموعة الجديدة من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على البلاد. وقال متحدث باسم الشركة «أولويتنا الرئيسية هي سلامة العاملين بالشركة.. نأمل أن يتحسن الوضع سريعا لكل السوريين».
وتلعب الشركات الأوروبية دورا كبيرا في قطاع النفط السوري، وستؤدي هذه الخطوة إلى تحجيم عمليات الشركات التي تمتلك أسهما في شركة «الفرات» وتشارك في مشروعات التنقيب التي تشرف عليها الشركة العامة للبترول.
وبهدف كبح سيطرة الأسد على الاقتصاد، جمد الاتحاد الأوروبي أيضا أصول وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار ووزير المالية محمد الجليلاتي. ولن يتمكن أي منهما من السفر إلى الاتحاد الأوروبي ما دامت العقوبات قائمة. وقال الاتحاد الأوروبي إن عشرة مسؤولين من الجيش السوري والحرس الجمهوري والرئاسي والقوات الجوية وإدارة الأمن السياسي فرضت عليهم أيضا نفس القيود لدورهم في أعمال العنف في مدينة حمص معقل المظاهرات الاحتجاجية.
وتشمل العقوبات الجديدة محطة «شام برس» التلفزيونية وصحيفة «الوطن» الرسمية، لما سماه الاتحاد بمشاركة تلك الهيئات في «حملات لنشر معلومات مغلوطة والتحريض على العنف ضد المتظاهرين». وصحيفة الوطن أسسها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 ثلاثة رجال أعمال، ويعمل فيها 120 شخصا بينهم مدير و52 صحافيا. وقال دبلوماسي أوروبي، بحسب وكالة الأنباء الألمانية «الصحيفة قريبة من السلطة في هذا البلد الذي تواجه فيه الصحافة صعوبات، وكانت الوحيدة التي يمكن أن تجد فيها شيئا يستحق القراءة لأنها تملك مصادرها الخاصة، في حين أن بقية الصحف مملة جدا». ولخص الأمر بقوله «في الواقع هذه الصحيفة يعدها صحافيون في حين أن منافساتها يعدها موظفون». وبحسب الوكالة الألمانية، بلغت خسائر الصحيفة هذا العام نحو 1.7 مليون دولار. وطالت العقوبات أيضا موقع «شام برس» الإخباري على الإنترنت الذي يملكه الصحافي علي جمالو.
واستهدفت العقوبات أيضا مركز الدراسات والبحوث العلمية والعديد من الفروع التابعة له لدعمها الجيش السوري. وفي محاولة للحد من قدرة الأسد على قمع المعارضة، استهدف الاتحاد الأوروبي أيضا مركز أبحاث وعدة شركات تساعده على الحصول على معدات حساسة. وقال الاتحاد الأوروبي إن هذه المؤسسة «تساعد الجيش السوري على الحصول على معدات تستخدم بشكل مباشر في مراقبة وقمع المتظاهرين».
واتخذ الاتحاد الأوروبي منهجا تدريجيا في استهداف الموارد المالية السورية في الأشهر القليلة المقبلة، وهو ما يرجع بشكل كبير إلى مخاوف بعض الحكومات الأوروبية من تداعيات ذلك على المصالح الأوروبية، بالإضافة إلى مخاوف من تضرر الشعب السوري أيضا.
ومهد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أيضا لفرض قيود واسعة على النشاطات التي تستطيع شركات الاتحاد الأوروبي العمل فيها داخل سوريا، لتشمل كل شيء من بيع برامج أجهزة الحاسب الآلي وحتى التأمين والمعاملات المالية مع مصارف سوريا وقطاعات الطاقة بها. وكانت تقارير قد نشرت تفيد بأن شركات أوروبية تبيع معدات مراقبة إلكترونية للنظام السوري الذي يستخدمها لتتبع الناشطين عبر الإنترنت.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، اتفقت أوروبا على وقف استيراد النفط الخام السوري، لكنها أرجأت التطبيق الكامل لهذه الإجراءات إلى منتصف نوفمبر استجابة لضغط إيطاليا التي تعتمد بشدة على الإمدادات السورية. وأعطى الدعم الدولي المتنامي للعقوبات قوة دافعة جديدة لإجراءات الاتحاد الأوروبي لا سيما بعد قرار الجامعة العربية فرض عقوبات اقتصادية على الأسد.
مصادر عراقية لـ «الشرق الأوسط»: 6 عوامل تفسر موقف بغداد الداعم للنظام السوري
قالت إن هناك شعورا «برد الجميل» للسلطات السورية التي استضافت لسنوات العديد من القيادات العراقية الحالية
باريس: ميشال أبو نجم
تراهن السلطات السورية على دول الجوار المباشر للتخفيف من وطأة العقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضتها الجامعة العربية وتركيا فضلا عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية. ومن بين هذه الدول، يبرز العراق الذي عارض فرض العقوبات وقال علنا إنه لن يطبقها بينما تراجعت تحفظات الأردن وعولت عمان على اللجنة العربية المختصة لتدارس السبل التي تمكنها من ألا يصاب اقتصادها بهذه العقوبات.
ولكن لماذا يقف العراق هذا الموقف الذي لا يعني فقط تخفيف عبء العقوبات عن سوريا بل يعني خصوصا تقديم الدعم للنظام السوري بينما العرب والأسرة الدولية يسعون لعزله وتقليم أظافره؟
تقول مصادر عراقية رسمية إن النظرية التي تعزو الموقف العراقي المهادن والداعم لنظام الأسد للضغوط التي تمارسها حليفته إيران على السلطات في بغداد «المرتهنة» لما يصدر عن طهران «بعيدة كل البعد عن الواقع» ولا تعطي صورة «أمينة» لا لواقع العلاقات القائمة بين بغداد وطهران من جهة ولا لـ«المنطلقات» التي تفسر المواقف العرقية منذ بداية الأزمة السورية قبل نحو تسعة أشهر. كذلك فإن من يرى في موقف الحكومة العراقية «تضامنا» مذهبيا مع القيادة السورية، «بعيد كل البعد»، بحسب المصادر العراقية التي التقتها «الشرق الأوسط»، عن واقع الأمور وعن النظرة العراقية للأزمة السورية.
بداية، تربط المصادر العراقية بين مواقف بغداد وواجب «رد الجميل» للسلطات السورية وخصوصا للرئيس الراحل حافظ الأسد الذي استضاف لسنوات العديد من القيادات العراقية الحالية ومن بينها رئيس الوزراء نوري المالكي الذي عاش في دمشق نحو 15 عاما والرئيس جلال طالباني والعديد من الكوادر الحكومية الحالية. وبشكل عام، فإن بغداد ترى أنه من الضروري «مراعاة» النظام السوري وعدم الانقضاض عليه رغم الاتهامات التي سيقت في السنوات التي تلت سقوط نظام صدام حسين للنظام السوري وتحميله مسؤولية «تصدير الإرهاب» إلى العراق أو على الأقل «غض الطرف» عن الذين كانوا يتخذون الأراضي السورية منفذا للوصول إلى العراق.
ويترافق هذا العامل مع عنصر له أهميته من الزاوية العراقية وهو وجود ما قد يصل إلى 300 ألف عراقي في سوريا في الوقت الحاضر رغم تحسن الأوضاع الأمنية في العراق في السنوات الأخيرة. وتتخوف بغداد من أن ينعكس موقف عراقي معاد للنظام السوري على العراقيين وعلى أوضاعهم ما قد يخلق مشكلة إنسانية واجتماعية وسياسية لبغداد التي لا تحتاج لمشكلات من هذا النوع اليوم وذلك قبل أيام من الانسحاب العسكري الأميركي التام من الأراضي العراقية. وبكلام آخر، فإن بغداد تريد اليوم أن «تأمن شر» دمشق وتبعد عنها أي محاولات لاستغلال «الفراغ» الذي قد يترتب على انسحاب الأميركيين.
وترى بغداد فائدة في التعامل التجاري والاقتصادي مع سوريا بحيث أن أي عقوبات تعمل بها ستنعكس بداية على الاقتصاد العرقي لا بل على حياة المواطن اليومية بالنظر لكثافة العلاقات الثنائية وحاجة العراق للبضائع التي تمر عبر الأراضي السورية.
وتفيد الإحصائيات المتوافرة أن المبادلات التجارية العام الماضي وصلت إلى ملياري دولار ويمكن أن تصل إلى 3 مليارات هذا العام وهي في غالبيتها تذهب من دمشق أو تمر عبرها باتجاه العراق. وهذا يعني أن التزام العراق تنفيذ العقوبات سيزعج بالطبع النظام السوري لكنه سيصيب أيضا العراقيين. ويقدر مكتب الإحصاء السوري بـ52 في المائة صادرات سوريا إلى البلدان العربية بينها 31 في المائة باتجاه العراق.
غير أن للموقف العراقي خلفية سياسية «أخرى» نابعة من نظرة بغداد إلى ما تعتبره «محرك» العمل العربي ضد سوريا في الوقت الحاضر. وترى المصادر العراقية أنه بغياب مصر عن ساحة القرار العربي بسبب انشغالها بشؤونها الداخلية، فإن «دفة القيادة» للجامعة العربية وقعت بأيدي دول مجلس التعاون الخليجي التي تحركها كما تريد. ورغم سقوط النظام الصدامي الذي احتل الكويت واعتدى على الأراضي السعودية، فإن بغداد ما زالت ترى أن هناك «أجواء عدائية» ضدها داخل مجلس التعاون. وتفسر بغداد هذا العداء بالاعتقاد «الخاطئ» وقوامه أن إيران هي المحرك الفعلي لخيوط السياسة العراقية.
يبقى أن القيادة العراقية الحالية، وفق ما تقول المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، ليست راغبة في أن ترى حربا على حدودها الطويلة مع سوريا ولا أن ترى أصوليين من السنة يتسلمون السلطة فيها الأمر الذي ترى فيه خطرا على أمنها ومصدر مشكلات مستقبلية لها وربما تهديدا لموقع الشيعة الجديد في عراق ما بعد صدام. ولذا، فإن تداخل هذه العوامل ببعضها البعض يوفر قراءة «أمينة» لدوافع السياسة العراقية التي لا يمكن قراءتها فقط من زاوية النفوذ الإيراني في بغداد.
 
نصر الله.. اللهم لا شماتة!

طارق الحميد

تخيلوا إلى أي حال وصل الأمر بزعيم حزب الله حسن نصر الله في لبنان! فقد انتهى نصر الله إلى أن الحكومة المحسوبة عليه، أو قل حكومته، هي التي تمول المحكمة المعنية بالتحقيق مع رجاله المتهمين باغتيال الراحل رفيق الحريري، فهل هذه براغماتية سياسية، أم أن نصر الله أوتي الحكمة فجأة؟!
بالطبع فإن الأمر لا هذا ولا ذاك، بل إن نصر الله قبِل مرغما، ومهما قال، وبرر، حيث لم يعتكف وزراؤه، ولم يسقط الحكومة إلى الآن. وقد يكون قبول بن نصر الله من باب المغلوب على أمره، ليس إلا، فقبول حكومة حزب الله في لبنان دفع تكاليف محكمة الحريري المعنية بالتحقيق مع رجال نصر الله نفسه، أي رجال إيران، يعني أمرا من عدة أمور، فإما لأن النظام الأسدي قد ضغط على حزب الله لقبول ذلك، حيث إن النظام الأسدي لا يقبل بأي حال من الأحوال اليوم سقوط الحكومة الوحيدة التي تقوم بمساعدته، وسقوطها يعني أن الأسد سيكون محاصرا اقتصاديا تماما، ولن يكون بوسعه، أي الأسد، الضغط مستقبلا لتشكيل حكومة مثل الحالية في لبنان، فربما يسقط نظام الأسد قبل أن ينتهي التفاوض على تشكيل حكومة لبنانية توفر له، أي النظام الأسدي، ما يحتاج إليه الآن، وليس اليوم أو غدا.
والتفسير الآخر لقبول حزب الله بتمويل محكمة الحريري هو خشية الحزب، والذي شن هجوما عنيفا على ميقاتي من قبل، ونفس الأمر فعله حلفاء حزب الله بلبنان، أن يخلف ميقاتي في الحكومة القادمة رئيس وزراء لبناني صلب مثل فؤاد السنيورة، على خلفية ما يحدث بسوريا، وهذا يعني حشر حزب الله في «كورنر»، بل إن الأسوأ من كل ذلك بالنسبة لحزب الله، وهذا متوقع بالطبع، أن يضطر حسن نصر الله إلى طلب ودّ سعد الحريري من أجل أن يقوم بتشكيل الحكومة، ليلعب سعد دور والده بحفظ ماء وجه الحزب كما فعل الحريري الأب مرارا، قبل أن يُغدر، وهذه ستكون قاسية على بن نصر الله، فالظروف تغيرت بالمنطقة، وتحديدا بسوريا، وهنا مربط الفرس، فتخوف بن نصر الله أصبح من حيث يأمن، أي دمشق، حيث استيقظ المارد هناك.
وهنا قد يقول قائل بأن دولة الرئيس ميقاتي قد لعب لعبة حافة الهاوية مع حزب الله، وأراد أن يصطاد بحجر تمويل محكمة الحريري الدولية عدة عصافير، فإما أن تسقط الحكومة اللبنانية ويخرج ميقاتي منتصرا أمام ناخبيه، وسنة لبنان، وبالطبع العالم العربي، وإما أن يمول ميقاتي حقوق المحكمة، وتبقى الحكومة ويكون الرجل القوي، غير التابع لحزب الله، وكل المؤشرات تقول إن ما حدث، أي سداد حقوق محكمة الحريري، وخصوصا في حال استمرت الحكومة اللبنانية، لا يعني أن ميقاتي قد اصطاد عصافير بحجر المحكمة، ولسبب بسيط جدا، وهو أن السبب الرئيسي لصمت حزب الله على تمويل محكمة الحريري هو الحفاظ على أمر أكبر، وهو النظام الأسدي، والذي يمثل بقاؤه ضمانة لبقاء حزب الله.
لكن ما علينا التنبه له اليوم هو أن ألم تمويل محكمة الحريري على حزب الله اليوم، وتحديدا حسن نصر الله، يعد أقسى كثيرا من حجم الألم الذي شعر به سعد الحريري يوم ذهب إلى دمشق للقاء بشار الأسد بقصر تشرين، فيكفي نصر الله اليوم ألما وإحباطا أنه هو من بات يمول محكمة طالما وصفها بالصهيونية، وعملها محاكمة رجاله!
ولذا، فلا يملك المرء إلا أن يقول لحسن نصر الله: اللهم لا شماتة!
 
سوريا.. اختبار للمنطقة

طه أوزهان

في أعقاب الحصار المفروض على سوريا من قبل جامعة الدول العربية، يواجه نظام حزب البعث عصرا جديدا. وثبت أن سوريا إزاء أصعب اختبار في الربيع العربي، حيث وصلت حاليا لنقطة اللاعودة. ورغم السياسات الغربية خلال الأعوام الخمسة أو الستة الماضية والتي كانت تعمل على فرض العزلة على نظام بشار الأسد، حاول النظام السوري البقاء من خلال مساعدة تركيا له، فقد ألقت تركيا لسوريا حبل النجاة لتنقذ نفسها من الفوضى من خلال زيارات أردوغان لسوريا وكذلك زيارات داود أوغلو التي بلغت 61 زيارة، لكن الأسد لف الحبل حول عنقه.
ما يحدث في سوريا أمر مؤسف للشرق الأوسط. مع ذلك من المفارقة أن تعد هذه الأحداث نموذجا لاختبار سياسي فارق. لقد انقلبت الأوضاع السياسة في المنطقة رأسا على عقب خلال عام واحد فقط. الوضع الحالي للمعارضة السورية هو نفسه وضع الحكومة العراقية منذ ثمانية أعوام، فاللاعبون العراقيون أنفسهم، الذين عانوا من المذابح إبان حكم حزب البعث بزعامة صدام حسين، والذين اشتكوا من سوريا خلال فترة ما بعد الاحتلال بل وطلبوا وساطة تركيا عندما زادت التوترات، هم من يدعمون اليوم نظام الأسد.
على الجانب الآخر، وجهت لإيران الكثير من الانتقادات بسبب الصمت على المذابح التي ارتكبت في حماه خلال السنوات الخمس الأولى من الثورة الإسلامية. والآن تخفق إيران في اختبار حماه الثاني. لقد خاضت إيران أكثر حروب القرن العشرين دموية مع نظام آخر لحزب البعث، لكنها ترى الآن أن بقاء النظام السوري «مصلحة قومية». ويواجه لاعبان آخران الاختبار وهما حزب الله وحماس اللذان يعدان جزءا من «محور المقاومة» في الشرق الأوسط. وغض حزب الله، بوجه خاص، طرفه عن المذابح التي يرتكبها نظام الأسد وطالب ببقاء النظام، مما شكك الناس في شرعية حزب الله وشعبيته التي اكتسبها على مدار 30 عاما من صراعه مع إسرائيل. وتواجه حماس، من جهة أخرى، ضغوطا كبيرة وتحاول جاهدة الخروج من مستنقع سوريا دون مماطلة.
من المفارقة أن الضرر الواقع على هؤلاء اللاعبين من انحيازهم لحزب البعث خلال الأشهر القليلة الماضية كان أكبر من الضرر الواقع عليهم من إسرائيل خلال الثلاثين عاما الماضية. وتعبر إسرائيل بوضوح عن عدم ارتياحها للثورة المصرية التي تعد نقطة فاصلة في الربيع العربي. لقد وضعت إسرائيل خططا تقوم على «نظام مبارك من دون وجود مبارك» في مصر. مع ذلك خابت توقعاتها، وبالتالي بدأت إسرائيل تفكر في كيفية مواجهة سوريا من دون نظام حزب البعث بدلا من إضعاف الأسد.
وبدلا من التعامل مع ما يحدث في سوريا حاليا، تهتم الولايات المتحدة بأن أيا كان الطرف الرابح، فلن يكون الولايات المتحدة. ومع انهيار الأنظمة، التي عملت كعازل يفصل بين الولايات المتحدة وشعوب المنطقة، الواحد تلو الآخر في ظل الربيع العربي، تحاول الإدارة الأميركية تحديد كيف يمكن للحركات الشعبية أن تغير النظام الذي تم إرساؤه بعد معاهدة كامب ديفيد.
وتمثل تركيا الخط المحدد للشرعية. فقد عارضت في الماضي فرض العزلة والحصار على سوريا، بينما تؤكد الآن على ضرورة اتخاذ الخطوات الشرعية من أجل وضع حد لما يرتكبه نظام الأسد من مذابح. وتعبر تركيا بوضوح عن معارضتها لأي تدخل غربي في سوريا خشية أن يؤدي إلى احتلال على شاكلة الاحتلال الأميركي للعراق. مع ذلك، طالما تشاطر الشعب السوري المعذب بآلامه ومعاناته، فسوف تتفادى أزمة الشرعية التي يواجهها اللاعبون الفاعلون الآخرون في المنطقة. وقد ثبت على مدار التاريخ أن الشرعية هي الأهم دائما.
* بالاتفاق مع صحيفة
«حرييت ديلي نيوز» التركية
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,857,378

عدد الزوار: 7,648,058

المتواجدون الآن: 0