تقرير / مصالح اقتصادية واجتماعية وأخرى تتعلق بالأمن القومي دفعت بغداد للوقوف إلى جانب دمشق في محنتها

مصادر قريبة من الأسد لـ «الراي»: الفتنة ستلتهم دولاً أخرى بينها الكويت...أنقرة تلعب دور «المرشد» للإسلاميين الصاعدين..الحريري: استهداف الوحدة الفرنسية رسالة من دمشق

تاريخ الإضافة الإثنين 12 كانون الأول 2011 - 6:32 ص    عدد الزيارات 2306    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

 
لم تستبعد محاولة اغتياله لكنها أكدت أن «سورية لن تتغير»
مصادر قريبة من الأسد لـ «الراي»: الفتنة ستلتهم دولاً أخرى بينها الكويت
بيروت - من علي مغنية ووسام أبو حرفوش
كشفت مصادر قريبة جداً من الرئيس السوري بشار الاسد لـ«الراي» انه سيلقي خطاباً، وصفته بـ «المهم» قبل عيد الميلاد، يتناول فيه الدور السلبي لدول الجامعة العربية ولبعض الأطراف اللبنانية حيال الأحداث الجارية في سورية.
ونقلت هذه المصادر عن الأسد ان «مجازر حقيقية حصلت اخيراً لاسيما في حمص»، متحدثاً عن «وجود عدد لا يستهان به من المسلحين في أنفاق في حمص ارتكبوا هذه المجازر».
وقالت المصادر عينها ان «الرئيس السوري يخشى انزلاق الاوضاع الى حرب طائفية، وهو غير مرتاح لدور العلماء المسلمين لمساهمتهم في التحريض، ويعمل على حض علماء السنّة والشيعة على التعاون لوأد الفتنة».
واشار الأسد - بحسب المصادر القريبة منه - الى ان «ألسنة الفتنة لن تحرق سورية فحسب بل لبنان والكويت والعراق والسعودية والبحرين والمنطقة برمّتها، وعندها سيكون من الصعب إطفاء الحريق».
ولفتت هذه المصادر من العاصمة السورية الى ان «الأسد يقرّ بأخطاء حصلت في أداء بعض المسؤولين السوريين، وبضعف الاعلام الرسمي غير المهيأ لمجابهة حملة شرسة يشارك فيها اكثر العرب مع الغرب واسرائيل لإسقاط النظام».
وقالت المصادر لـ «الراي» ان الأسد يحرص في مجالسه على التأكيد انه لم يفاجأ كثيراً بحجم المؤامرة ضد سورية، وخصوصاً بعد اتهامها من اسرائيل وحلفائها بمساعدة المقاومة خلال حرب الـ33 يوماً في يوليو 2006، وتَوعُّد سورية بأنها ستدفع الثمن».
واعتبر الأسد، بحسب تلك المصادر ان «دور بعض الدول العربية غير مستغرب، لكونها تقوم بما هو مطلوب منها في الضغط عليه للتنحي»، كاشفاً عن دولة بعينها «اتصلت بدول عربية عدة شاركت اخيراً بالتصويت ضد سورية لإرغامها على هذا التصويت عبر تهديدها بأن الدور سيأتي اليها اذا لم تقف مع العقوبات ضد سورية»، لافتاً الى ان «بعض تلك الدول اتصلت بنا موضحة موقفها الحقيقي، ومعلنة انها لن تلتزم بقرار العقوبات رغم موافقتها عليها».
وتحدثت المصادر عينها عن ان الرئيس السوري لن يتهاون مع الدور التركي في المسّ بأمن بلاده واستقرارها، رغم انه يدرك ان «سياسة (رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان) و(وزير خارجيته احمد داود اوغلو) لا تتماشى مع آراء كل السياسيين الاتراك»، لافتاً الى ان «تركيا خسرت الساحة الاقتصادية السورية وستخسر قريباً ساحات اخرى مهمة جداً لها بسبب الموقف الموحد لدول الممانعة».
ونقلت المصادر عن الأسد قوله ان «الوضع في سورية لم يخرج عن السيطرة»، من دون ان ينفي وجود «تيارات مناوئة للنظام ما زالت تعمل في مدن عدة»، وهو - اي الرئيس السوري - لم يفقد السيطرة على الوضع رغم دعم الغرب للمعارضة في شكل او آخر من دون التدخل المباشر على الارض.
غير ان المصادر رأت في دور البعثات الديبلوماسية بعض أوجه الدعم الغربي للتيارات المناوئة للنظام، وأدرجت عودة بعض السفراء الغربيين (الاميركي والفرنسي) الى دمشق في اطار تقديم جرعة دعم مستقبلية من «الادرينالين» للمعارضة التي تحتاج وبحسب وجهة نظر الغرب الى اعادة تنظيم تتيح لها فعالية اكثر على الارض في اطار خطتها لزعزعة النظام.
ولم تستبعد المصادر القريبة جداً من الأسد لجوء المستفيدين من سقوط النظام السوري الى اغتيال الرئيس السوري لقلب الأدوار وضعضعة الوضع الداخلي، لكنها تستطرد قائلة «بغض النظر عن واقعية هذه الفرضية واحتمالها والاجراءات الاستثنائية التي اتُخذت لحماية الأسد، فان فشل مثل هذه العملية او نجاحها لن يغيّر من خط سورية ولن يأتي بالمعارضة الى الحكم».
وختمت المصادر بقول الرئيس الأسد انه لم يستعمل حتى الآن ما لديه من أوراق «كالجولان ولبنان والأكراد والعراق والعلويين الأتراك وكل قوى الممانعة من المحيط الى الخليج»
 
           
حماده: صفير وتويني كانا في رأس لائحة المطلوب تصفيتهم
الحريري: استهداف الوحدة الفرنسية رسالة من دمشق ومذلّ ومخزٍ الموقف العراقي إزاء الملف السوري
بيروت - «الراي»
وصف الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري الانفجار الذي استهدف آلية تابعة للكتيبة الفرنسية العاملة في اطار «اليونيفيل» بانه «رسالة سورية».
وأبدى الحريري في حوار مع متتبعيه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي أسفه للعنف في سورية «حيث سقط يوم الجمعة ما يزيد على أربعين قتيلاً»، متسائلاً «كيف يمكن لأي شخص أن يقف الى جانب النظام السوري؟»، ومشدداً على أنّ التاريخ لن يرحم الذين ساندوا ما وصفه بانه «آلة القتل».
وفيما جزم «أنّ النظام السوري سيسقط عاجلاً أم آجلاً»، وصف الموقف العراقي ازاء الملف السوري بانه «مذل ومخز»، مستغرباً «كيف يمكن أن يصدر موقف من هذا النوع من شعب عانى الأمرّين على مدى تاريخه».
ورداً على سؤال، أكد أنه يوافق على أنّ عدم التمديد لمفتي عكار الشيخ أسامة الرفاعي من مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني يعود لكون الاول يقف الى جانب «الثورة السورية»، واصفاً هذا القرار بانه «خطأ كبير يجب أن يصحّح».
وعن تلويح أفرقاء الأكثرية في الحكومة بفتح ملف شهود الزور، قال: «فليفتحوا ما يريدون واذا أرادوا أن أذهب الى المحكمة فأنا جاهز، ولكن هل هم جاهزون؟!».
وفي حين أكد أنه سيعود الى لبنان قبل الرابع عشر من شهر فبراير المقبل (الذكرى السابعة لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري)، تمنى رداً على شعار «لبّيك يا نصرالله» الذي يرفعه مؤيدو حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله «أن يأتي يوم يرفع فيه جميع اللبنانيين شعاراً واحداً هو «لبّيك يا لبنان».
وفي سياق متصل، تعرّض الحريري لعملية «قرصنة» الكترونية اذ ان شخصاً مجهول الهوية قام بانتحال موقعه على «تويتر» عبر صفحة مزورة تستنسخ الحساب الأصلي (ويتم من خلالها شتم دول عربية ولبنانيين)، ولكن مع زيادة حرف على اسم الحريري بالانكليزية.
على صعيد آخر، وعشية الذكرى السادسة لاغتيال النائب جبران تويني في 12 ديسمبر 2005، اكد النائب مروان حماده (خال تويني) ان «البطريرك الماروني السابق الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير وجبران تويني كانا على رأس لائحة المطلوب تصفيتهم وفق تقرير لجنة التحقيق الدولية».
واعلن «ان «ثورة الأرز» مؤتمنة على دم شهدائها وعلى مستقبل الوطن»، مستعيداً «الاستهدافات التي طالت صحيفة «النهار» من خلال استهدافه شخصياً (محاولة اغتياله في الاول من اكتوبر 2004) وسمير قصير (اغتيل في 2 يونيو 2005) واستهداف الرئيس رفيق الحريري الذي عاتبه الرئيس بشار الأسد ثم هدده»، معتبراً «ان اشارة وصول جبران تويني الى بيروت صدرت من المطار المحتل وتكفلت سيارات تحت الطلب المفخخة بالباقي».
تنديد دولي بانفجار صور وارتياح لـ «صمود» باريس في «اليونيفيل»
«تحرّيات» عن المغزى السياسي لاستهداف القوة الفرنسية
بيروت - «الراي»:
يجري في بيروت التدقيق في مضمون الرسالة الدموية التي تلقتها القوة الفرنسية في اطار «اليونيفيل» في جنوب لبنان، والتي كانت اول من امس هدفاً لتفجير اوقع خمسة جرحى في صفوفها. ورغم ان ارض القرار 1701 في جنوب لبنان هي حلبة لصراع «صامت» بين اسرائيل و«حزب الله»، محروس برجال المجتمع الدولي، فإن أصابع الاتهام استدارت في اتجاه سورية. فالرئيس السوري بشار الاسد كان خرج على الملأ في وقت سابق بالتهديد بـ «زعزعة الشرق الاوسط» مع تعاظم الضغوط الدولية والعربية على نظامه، لا سيما بعدما طالبه زعماء الغرب وفي مقدمهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالتنحي. وكشف الوزير السابق محمد بيضون ان مسؤولاً امنياً لبنانياً كبيراً كان نقل رسالة من الاسد الى الفرنسيين بأن الرد سيكون عبر قواتهم في جنوب لبنان، وتالياً فإن بيضون رأى ان «الاسد نفذ تهديده». ومن غير المستبعد ان يكون الاسد سمع بما قاله ساركوزي لأكثر من شخصية لبنانية التقاها، من بينها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حين تحدث عن «ان الاسد انتهى»، وهو ما كرره علنية وزير خارجيته عندما اشار الى «ان ايام الاسد في الحكم معدودة». فهذه الحماوة المتصاعدة جعلت من اتهام سورية بالوقوف وراء التفجير الذي استهدف القوة الفرنسية في جنوب لبنان اقرب ما يكون الى ان «لا دخان من دون نار»، خصوصاً في ضوء التقارير التي كانت تحدثت عن قلق فرنسي من مغبة استهداف «اليونيفيل» قبل وقوع الحادث. واذا كان استهداف الوحدة الفرنسية أحدث مخاوف من امكان ان تردّ باريس بسحب وحداتها من الجنوب بحسب ما كان الرئيس نيكولا ساركوزي حذّر عقب تفجير دورية فرنسية في يوليو الماضي، فان هذه الخشية سرعان ما تلاشت مع تأكيد الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو موقف الوزير آلان جوبيه من ان باريس مصممة على «مواصلة التزاماتها وانها لن تسحب العناصر الفرنسية التابعة لليونيفيل»، علماً ان تقارير اشارت الى أن احتمال عزوف فرنسا عن ترؤس «اليونيفيل» الدولية مطلع السنة المقبلة وارد بقوة.
وفيما اشار فاليرو الى «أن باريس لا تملك حتى الآن معطيات عن وجود رابط بين الانفجار الذي استهدف جنودها والدور الفاعل الذي تضطلع به فرنسا في الملف السوري والاحداث الجارية في سورية»، عبّر الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون الذي يزور بيروت في يناير المقبل عن «قلقه البالغ» من الهجوم الذي تعرضت له «اليونيفيل» قرب مدينة صور، داعياً الى «كشف المتورطين وجلبهم الى العدالة بسرعة».
وقال الناطق باسم الامم المتحدة مارتن نيسيركي في بيان ان الامين العام «يندد بشدة» بالتفجير الذي استهدف آلية لـ «اليونيفيل» قرب صور. واضاف ان «اليونيفيل والسلطات اللبنانية تتعاون عن كثب في التحقيق الجاري، الذي يهدف الى التثبّت من الحقائق»، متوقعاً ان «يعرف المتورطون ويجلبوا الى العدالة بسرعة». واكد ان «هذا الهجوم على اليونيفيل، وهو الثالث منذ مايو 2011، مقلق جداً»، مشدداً على ان «امن العاملين للامم المتحدة في لبنان وسلامتهم ذو اهمية قصوى».
وفي السياق نفسه، ندد أعضاء مجلس الامن الدولي في بيان صحافي «بأقوى العبارات بالهجوم الارهابي على قافلة للقوة الموقتة للامم المتحدة في لبنان مما ادى الى جرح خمسة من حفظة السلام التابعين للامم المتحدة من الكتيبة الفرنسية ومدنييْن اثنين». وعبّروا «عن تعاطفهم مع الجرحى وذويهم».
وبحسب البيان فقد اخذ اعضاء مجلس الامن علماً بـ«التزام لبنان البدء بتحقيق لجلب المتورطين في الهجوم الى العدالة وحماية تحركات اليونيفيل»، ودعوا الى «تعزيز التعاون بين القوات المسلحة اللبنانية واليونيفيل والى انهاء سريع لهذا التحقيق».
ونددوا بـ»كل محاولات تهديد الامن والاستقرار في لبنان»، مؤكدين «تصميمهم على ضمان ألا تمنع اعمال ترهيب كهذه اليونيفيل من تنفيذ مهمتها وفقاً لقرار مجلس الامن الرقم 1701». كذلك دعوا كل الاطراف الى «الامتثال بدقة لواجبهم احترام سلامة اليونيفيل والعاملين الآخرين في الامم المتحدة» والى «ضمان الاحترام التام لحرية تحرك اليونيفيل، طبقاً لمهمتها وقواعد الاشتباك» الخاصة بها.
في موازاة ذلك، تواصلت التحقيقات في انفجار صور وسط معلومات عن ان العبوة التي تم تفجيرها زُرعت على يمين الطريق العام، وتحديدا عند مثلّث بلدات البرج الشمالي وحوش بسمة وصور، وأنّ العبوة هي من صنع محلّي ولا تحتوي أيّ مادة حديدية من شأنها التسبّب باشعال الفتيل، وأنّ مجرّد عصف الانفجار هو ما تسبّب في أضرار في الآلية الفرنسية واسقاط الجرحى. وبناء عليه، نُقل عن مصدر امني ترجيحه ألّا تكون العبوة معدّة للقتل، انّما لتوجيه رسالة معيّنة، مشيرا الى أنّ زنة العبوة بلغت نحو 4 كيلوغرامات من مادة «تي.ان.تي»، وقد تمّ تفجيرها بواسطة صاعق موجّه.
وكشف المصدر أنّ تفجير اول من امس يشبه من حيث التنفيذ، التفجيرين اللذين استهدفا القوّتين الايطالية والفرنسية في شهري مايو ويوليو الماضيين في صيدا، لافتا الى أنّ سيارة مرسيدس شوهدت في الحوادث الثلاثة، وهي تغادر مكان الانفجار اثر وقوعه، وبصورة مفاجئة، وعلى متنها شخصان غريبان عن المنطقة.
وأعلن المصدر أن شهود عيان أفادوا بأنّ شخصين كانا حضرا قبل يومين الى المحيط الذي وقع فيه الانفجار، وبدت لكنتهما عربية غير لبنانية، وقد سألا بعض الأهالي عمّن يسلك الطريق، فرفضوا اعطاءهم الأجوبة.
وعلى خط آخر، اشارت تقارير الى أن مواطنين في بلدة راميا الجنوبية الحدودية تعرضوا لعناصر دورية تابعة للكتيبة الايطالية في «اليونيفيل» وأقدموا على انتزاع كاميرتي تصوير منهم، لكن الجيش اللبناني تدخل على الفور وعمل على حل الاشكال واعادة الكاميرتين الى أصحابهما..
تحليل / سياستها الحيادية مع الجيران انتهت... وتعتبر نفسها «حامية للشعوب المضطهدة» في المنطقة
أنقرة تلعب دور «المرشد» للإسلاميين الصاعدين
اسطنبول - رويترز - مع خروج الجماعات الاسلامية منتصرة في الانتخابات التي اجريت في تونس ومصر والمغرب، قرر «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا في ما يبدو ان يقوم بدور المرشد لها وان يلقي بثقله وراء المعارضة السورية التي تسعى للاطاحة بالرئيس بشار الاسد وهو حليف سابق.
وتنسجم استجابة انقرة لانتفاضات «الربيع العربي» الى حد بعيد مع حلفائها في حلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي الذين كانوا يرفضون سياسة «عدم اثارة المشاكل مع الجيران» التي كان يتبعها «العدالة والتنمية» في السابق وشملت سورية وحليفتها ايران والتي وصفها البعض بأنها ابتعاد لـ«العثمانيين الجدد» عن العلاقات القديمة لتركيا مع الغرب.
وقال مؤلف كتاب صدر حديثا بعنوان «اسلام من دون نقيضين... قضية اسلامية من اجل الحرية» مصطفى اكيول: «اعتقد ان حزب العدالة والتنمية يأمل ان يكون فعليا نموذجا للاسلاميين في المنطقة وان يتحولوا نحو الاعتدال لتصبح احزابا مثل العدالة والتنمية الذي يحترم القيم الاسلامية لكنه يركز بشكل اساسي على التنمية الاقتصادية ولا يؤيد جدول اعمال متشددا».
غير ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وحكومته ينويان التأثير على الاصلاحيين في الاحزاب الاسلامية العربية.
وخلال جولة في سبتمبر، زار خلالها تونس ومصر وليبيا وهي الدول الثلاث التي نجحت في الاطاحة بحكامها المستبدين دافع اردوغان بشدة عن نموذج تركيا كدولة علمانية تمثل درعا يحمي معتقدات الجميع بمن فيهم الاسلاميون.
ويعتبر حزب «النهضة» التونسي حزب «العدالة والتنمية» مصدرا للالهام في حين ينظر جيل جديد من «الاخوان المسلمين» وبخاصة في مصر الى الحزب التركي كمثال يحتذى.
ويقول سولي اوزيل، وهو اكاديمي بارز ومعلق في اسطنبول ان» حزب العدالة والتنمية يريد ان يكون مرشدا لكل هذه الجماعات الاسلامية في مصر والمغرب وتونس».
ولم يحرض الاسلاميون على الانتفاضات العربية التي هزت تونس ومصر وليبيا وسورية واليمن لكن في الشهرين الاخيرين حصلت الاحزاب الاسلامية على المركز الاول في انتخابات برلمانية في المغرب وتونس ما بعد الثورة.
ويريد اسلاميو مصر الذين فازوا بالجولة الاولى من الانتخابات محاكاة هذين الانتصارين لكن من غير الواضح حجم النفوذ الذي يمكن ان يحصل عليه مجلس تشريعي كان «بلا انياب» في ظل بقاء العسكر في السلطة.
وقال سنان اولجين، رئيس مركز ابحاث «ادام» المستقل للابحاث في اسطنبول ان «الربيع العربي اتاح لتركيا فرصة كبيرة لانه سمح لحزب العدالة والتنمية بالحوار مع الجهات السياسية الجديدة الفاعلة على الارض». واضاف: «هناك عامل سياسي موجود هنا. هناك فرصة جيدة قد لا تتوافر لسنوات مقبلة لحزب العدالة والتنمية ليبدأ رعاية هذه الاحزاب في المنطقة»، مؤكدا ان «انقرة ستحرص على تجنب احياء ذكريات البعد العثماني للمنطقة او لعب دور الاخ الاكبر».
ويقول اكيول ان «خبرة تركيا حيث نشأ حزب العدالة والتنمية على انقاض عدة احزاب اسلامية فاشلة ومحظورة لكنه توسع ليشمل عناصر من تيار يمين الوسط وقوميين الى ان الاسلمة يمكن ان تتماشى مع المعايير العلمانية وان هناك طريقا وسطا بين نقيضي الاستبداد والتشدد الاسلامي. ففي القرن الماضي كان الشرق الاوسط يحكمه هؤلاء الدكتاتوريين العلمانيين الذين يقمعون المعارضة بما في ذلك الجماعات الاسلامية واولئك الذين يصبحون اكثر تشددا. اصفهما بالنقيضين.الطريق الوسط هو شيء يمثله حاليا حزب العدالة والتنمية فهو يستعيد احترام الدين ويديره مسلمون ملتزمون لكنه لا يتصور دولة دينية. انه يخلق مساحة للاسلاميين ليصلوا الى مركز المجتمع».
لكن الانتفاضات التي تجتاح العالم العربي هذا العام وضعت ضغطا على الحكومة التركية.
فحزب «العدالة والتنمية» السني الذي يخشى ان يتخذ الصراع في سورية منحى طائفيا مع محاولة الاقلية العلوية الحاكمة تصوير معارضيها على انهم متشددون تبنى بحزم نهجا غير طائفي وهو ما يتضح في تعامله مع جميع الاحزاب في دولة متعددة الطوائف والاعراق مثل لبنان والعراق وحتى البوسنة.
ويعتبر شركاء تركيا الغربيون هذا الدور دورا قيما لا يستطيعون هم ان يلعبوه بسهولة.
وقال ديبلوماسي غربي رفيع المستوى لـ «لرويترز» ان «الاتراك يدركون جيدا ان هناك ميلا لتصويرهم على انهم اللاعب السني الاكبر لكن الامر اكثر تعقيدا من هذا. تركيا لا تريد ان ينظر اليها على انها جزء من هذا التوازن الطائفي ولا تروق لهم فكرة انهم رعاة للسنة».
وادى هذا الى ان تحول الحكومة موقفها في شأن سورية، حيث بذل اردوغان ووزير خارجيته احمد داود اوغلو جهودا مضنية لاقناع بشار الاسد بضرورة قيادة تغيير قبل ان يشمله هذا التغيير.
ومع اتساع نطاق الاحتجاجات المناهضة للحكومة وزيادة عدد القتلى بدرجة كبيرة ادركت تركيا سريعا ان عليها الاختيار. فبعد الفشل في اقناع الرئيس السوري الذي اقام معه اردوغان علاقات خاصة في ادخال اصلاحات خلصت تركيا الى انه يجب تغيير المواقف.
ولم تكتف بذلك بل فتحت ابوابها للتيار الرئيسي للمعارضة السياسية والمسلحة في سورية وهو «المجلس الوطني السوري» و«الجيش السوري الحر» في ابتعاد واضح عن سياستها السابقة التي كانت تتجنب على نحو دقيق ابداء سلوك عدائي تجاه اي من جيرانها.
وقال اولجين: «سياسة الحياد مع الجيران انتهت. هذه بداية سياسة جديدة لمحاولة تصوير نفسها على انها حامية للشعوب المضطهدة في المنطقة. سيكون هناك تركيز اكبر على الاصلاح الديموقراطي وحقوق الانسان. تركيا احرزت تقدما في الحد من نفوذ الجيش في السياسة وتحركت ضد مسؤولي الشرطة بشأن مزاعم التعذيب. لكن منتقدين يتهمون حزب العدالة والتنمية بكبت النقاش الاعلامي وانتقاد الحكومة وهو شيء ينفيه». واضاف: «النتيجة الثانية هي انه ستكون هناك عودة للانحياز للغرب في السياسة الخارجية التركية».
وبعد ان تعرضت لصد من جانب فرنسا والمانيا لمحاولتها الانضمام للاتحاد الاوروبي وجهت لتركيا الدعوة لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الذي سيحدد السياسية تجاه سوريا.
وكان موقف المسؤولين الحكوميين صريحا في شأن هذا التغير الكلي. وقال مسؤول في وزارة الخارجية في انقرة ان تركيا لا يمكن ان تقدم مصالحها وعلاقاتها مع الاسد على مبادئها.
واضاف: «عندما تفجر الربـــــيع العربي كــان علينا ان نتخذ قرارا. كنا نعلم انه لن يتوقف في تونس لكن سيتفجر في كل مكان. كان علينا ان نتخذ نهجا قائما على المبادئ والا ستكون ازدواجية في المعايير. قررنا ان ندعم هذه الحركات الاجتماعية. وايدنا مطالب وتطلعات الشعب السوري».
لكن حسابات حكومة حزب «العدالة والتنمية» أملاها ايضا اقتناعها بأن ايام الاسد باتت معدودة ومصلحتها طويلة الامد تكمن في بناء علاقات مع القوى الناشئة.
واضاف المسؤول: «نعتقد انه انتهى كزعيم. انه نزيف تدريجي للنظام في سورية».
وقال سولي اوزيل: «تركيا ضخت استثمارات ضخمة في سورية. لقد غضت الطرف عن انتهاكاتها لحقوق الانسان. لكن اذا قررت ان هذا النظام راحل فعليك ان تستثمر في المستقبل».
لكن هناك قلقا واسع النطاق في تركيا من انه كلما طال امد الصراع كلما زاد احتمال نشوب حرب طائفية ومن امتدادها الى تركيا.
وحذرت تركيا بالفعل دمشق من استئناف دعمها لمتمردي «حزب العمال الكردستاني» الذي صعد حملته الانفصالية في جنوب شرق تركيا لكن الحكومة تشتبه بأنه يفعل ذلك الان بتواطؤ سوري.
ويقول اوزيل: «جميع هياكل الصراع الطائفي تخرج من الخزانة. وعندما يسقط النظام لا اتوقع كيف سنتجنب صراعا طائفيا كبيرا ان لم يكن حمام دم. تحاول تركيا حتى الان تبني موقف عالمي..نحن مسلمون لا شيعة او سنة».
وتساءل: «لكن اذا سقط النظام في سوريا وحدث فقدان كامل للسيطرة في دمشق ماذا سيفعل الاكراد السوريون... هل سيسعون للاستقلال... ماذا ستفعل تركيا في ما يتعلق بأكرادها او القتال ضد حزب العمال الكردستاني...»..
تقرير / مصالح اقتصادية واجتماعية وأخرى تتعلق بالأمن القومي دفعت بغداد للوقوف إلى جانب دمشق في محنتها
بغداد - من حيدر الحاج
سال حبر كثير وسيسيل المزيد منه، في محاولة لفهم الموقف الرسمي لنظام الحكم الجديد في العراق حيال «الربيع العربي» بنسخته السورية التي رأى فيها رئيس الوزراء نوري المالكي، أنها تأتي خدمة لاسرائيل، وليس تحررا من النظام «الديكتاتوري» كما في الحالات المصرية، التونسية، وآخرها الليبية.
هذا الموقف الذي أعتبر «داعما» لدمشق على حساب المحتجين، اعتمدته أيضا بدرجة متطابقة الى حد كبير مع رؤية المالكي زعامات سياسية ودينية آخرى مثل، رئيس الجمهورية جلال طالباني ورجل الدين الشاب مقتدى الصدر الذي يتزعم روحيا تياراً سياسياً ذا قاعدة شعبية عريضة، فضلا عن آخرين من قيادات الخط الثاني في الاحزاب الماسكة بالسلطة منذ 2004.
حملة «التعاطف» مع نظام بشار الأسد لها ما يبررها من قبل المقربين للسلطة، فيقول سعد المطلبي عضو ائتلاف «دولة القانون» بزعامة المالكي، ان «مصلحة الأمن القومي العراقي بالدرجة الأساس دفعت رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية وقيادات سياسية ودينية بارزة لاتخاذ موقف موحد مما يحصل في الجارة سورية».
وأضاف المطلبي لـ «الراي» ان «قيادات الدولة العراقية تنظر الى مصالح البلاد الاقتصادية والاجتماعية عند تعاملها مع أي ملف خارجي، وتقدمها على الرؤى الداخلية والسياسة الخارجية»، مؤكدا ان موقف بلاده المعروف من احداث سورية، يستند أيضا على مصالح تجارية واقتصادية خاصة وعامة، فضلا عن العلاقات الاجتماعية التي تربط شعبيهما.
المطلبي أوضح ان المسألة تحكمها أيضا وجود جالية عراقية كبيرة في سورية والحكومة متخوفة على اوضاع هؤلاء في حال حصل ما تحمد عقباه هناك، مؤكدا ان «العراق الجديد يقف ضد عملية تدويل الصراعات الداخلية ويقف ايضا ضد اشراك الغير وعلى الخصوص المجتمع الغربي الذي له علاقات مشبوهة مع الكيان الصهيوني في عملية تخص الوطن العربي».
كما لم ينف المخاوف الرسمية لحكام بلاده مما وصف بالمحيط الاسلامي المتشدد، عندما قال ان «استبدال نظام شمولي متطرف قوميا بنظام شمولي آخر متطرف اسلاميا، لن يكون في مصلحة العراق اطلاقا».
موقف العراق الرسمي الذي غرد خارج سرب الاجماع العربي واصطف الى جانب الموقف الايراني أثار ولا يزال يخلق جدلا داخليا وخارجيا. فعلى الصعيد الداخلي، ولد هذا الموقف الذي لم تطرأ عليه تغيرات ملحوظة منذ لحظة انطلاق الاحتجاجات الشعبية في عدد من المدن السورية قبل تسعة اشهر، سخطا عارما لدى أوساط ثقافية ومجتمعية تجاه الموقف المتبنى من قبل نظام حكم أريد له ان يكون تجربة «ديموقراطية» تستفيد منها دول المنطقة.
والى جانب التفسير الذي قدمه المطلبي وهو «غير مقنع» بالنسبة للكثيرين في داخل وخارج البلاد، هناك اعتبارات عدة ينطلق منها الزعماء العراقيون وغيرهم من الساسة والنواب نحو ما يعتبر أنها «مناصرة» من قبلهم لدمشق.
فدوائر التحليل تتحدث عن خلفيات «طائفية» تقف في مقدمة تلك الاعتبارات، وهو ما اتضح في تصريحات مقربين من رئيس السلطة التنفيذية أو تلك التي عبر عنها في شكل صريح طالباني عندما خشي من صعود التيار الديني المتطرف الى سدة الحكم في جارة بلاده العربية.
كما أن بعض المراقبين تحدثوا عن ما اسموها «اشتراطات» اقليمية وراء موقف بغداد من الازمة السورية، في اشارة الى ما يقال انها «ضغوط» ايرانية مورست على العراق بهذا الصدد وهو الامر الذي تنفيه بغداد مرارا وتكرارا.
في المقابل، اعتبرت نخب عراقية مثقفة ان نظام الحكم الجديد في بلادها ينطلق في موقفه «المثير للجدل» من منظارعقائدي كونه «سليل مرحلة الأيدلوجيات الكبرى المتصارعة في المنطقة العربية... ولايؤمن بالشرعية الثورية التي يكون الشعب، أصلها وفصلها».
أي بمنعى آخر أنه نمط سياسي ينتمي الى حقبة ما قبل ربيع العرب، وهو بذلك «لا يختلف عن زعامات المنطقة العربية المتبرمة بثورة الشعوب».
والى أبعد من ذلك، ذهب البعض في تفسيره لموقف المالكي تحديدا باعتباره الماسك في سدة الحكم، من باب «الوفاء الشخصي» و«رد الجميل» الى نظام آل الأسد (الاب وابنه) كون الاول آواه في سنوات الهجرة السياسية القسرية من العراق، بينما كان الابن أكبر الداعمين لتولي المالكي رئاسة الوزراء مرة ثانية.
أما في ما يتعلق بالسخط الخارجي لموقف العراق الرسمي من الازمة السورية، فكثيرة هي علامات الاستفهام التي وضعتها الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية حيال تعامل بغداد مع ما يحصل في سورية، لاسيما وأن الموقف الداعم الذي اتخذته الحكومة العراقية اثار الاستغراب والحيرة أيضا لدى كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا..

المصدر: جريدة الرأي العام الكويتية

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,858,156

عدد الزوار: 7,648,072

المتواجدون الآن: 0