فوز ساحق للديموقراطيين يضعهم أمام تحدي إدراك نوع انتصارهم ... نهاية عصر ريغان؟

تاريخ الإضافة الخميس 6 تشرين الثاني 2008 - 9:14 ص    عدد الزيارات 1223    التعليقات 0

        

رونالد براونشتاين
كان العام 1980 المرة الأخيرة التي يحقق فيها مرشّح رئاسي فوزاً ساحقاً منح حزبه في الوقت ذاته مكاسب كبيرةً في الكونغرس. آنذاك، استولى رونالد ريغان على 44 ولاية، وأدخل إلى مجلس الشيوخ 12 عضواً جمهورياً جديداً، وحوالى 30 آخرين الى مجلس النواب.
ولن يتمكن باراك أوباما ورفاقه الديموقراطيون هذا العام من أن يضاهوا ذاك الأداء حتى في أحسن أحوالهم. ومع ذلك قد يحقّق أوباما فوزاً حاسماً في أصوات الكليات الانتخابية والتصويت الشعبي، إذا لم يحقق ماكين أيّ مفاجأة. هذا الفوز سيمنح حزب أوباما فرصةً فعليةً لضمان مكاسب كبيرة في مجلس النواب وربما في مجلس الشيوخ.
أما فوز ريغان الساحق قبل 28 عاماً فشكّل ما يعدّه كثيرٌ من المؤرّخين حدثاً مفصلياً في تاريخ الولايات المتحدة، انتقالاً من حقبة سياسية إلى أخرى. ولو حقّق الديموقراطيون فوزاً مشابهاً، فيبقى السؤال البديهي المطروح ما إذا كان العام 2008 سيشكّل انتقالاً آخر إلى حقبة سياسية تقوم هذه المرة على افتراضات تختلف عن تلك التي سمّاها المؤرّخ شون ويلنتز من جامعة برينستون (في عنوان كتابه الأخير) «عصر ريغان».
ولم يبدّل فوز ريغان معايير المعقول بالنسبة لعهده فحسب، بل للعهود الرئاسية التي تلت أيضاً. فمنذ الكساد الكبير حتى سبعينات القرن الماضي، استند النظام السياسي تلقائياً على وضع برنامج فيديرالي لمواجهة كلّ تحدّ وطني، بدءاً بضمان التقاعد وصـــولاً إلى تنظــــيف البيئة. قبل تلك الحقبة، حتى الرؤساء الجمهوريين أمثال دوايت أيزنهاور وريتشارد نيكسون، رأوا أنّ دورهم يستند إلى إبطاء توسّع الحكومة أكثر مما يستند إلى عكسه.
إلا أنّ هذا الإجماع تبدّد مع انتخاب ريغان رئيساً. فلم ينجح هذا الأخير في الحدّ من نموّ الحكومة بالكامل. خفّض الضرائب وقلّص القوانين، غير أنّه لم يتمكّن من وقف زيادة الإنفاق، وخصوصاً على المنافع. ولكن إصرار ريغان على أنّ «الحكومة هي المشكلة» بلوَر الشكوك التي كان المواطنون يبدونها حيال واشنطن منذ الستينات ونقل الغالبية من الذين يؤيدون توسيع امتداد الحكومة إلى الذين يرغبون في حدّها. وهكذا كبّلَ تراجع الإجماع حول ريغان، بيل كلينتون، الرئيس الديموقراطي الوحيد الذي انتخب منذ العام 1980، كما اكتشف حاكمُ أركنساو السابق هذا متحسّراً حين أدّت معارضة الشعب تدخلاً حكومياً أكبر، إلى فشل مشروعه للرعاية الصحية الشاملة.
إذا كان لفوز ريغان وقعُه الكبير فلأنّ هذا الفوز مثّلَ تلاقي فشلين سياسيين مختلفين. كان أوّل هذين الفشلين تداعي عهد الديموقراطي جيمي كارتر، وثانيهما انهيار نموذج ليبيرالية مجموعة المصالح التي أتت بها الخطة الاقتصادية الجديدة، والتي ارتكز عليها الحزب الديموقراطي منذ عهد فرانكلين روزفلت. وكان الفشل الأوّل فشلاً في الأداء، فيما كان الثاني فشلاً في الأفكار، علماً أنّ إخفاق كارتر الشخصي ساهم أكثر في فوز ريغان في العام 1980.
إلا أنّ الفشل الذي اتّخذ حجماً أكبر مع الوقت فكان الفشل الإيديولوجي، ذلك الإحساس الذي طغى في شكل كبير حتى على كارتر والعديد من الديموقراطيين الشباب بأنّ الليبيرالية التقليدية ما عادت فعّالة في وجه أصعب المشاكل التي تواجهها البلاد.
وحتى لو حقّق الديموقراطيون فوزاً ساحقاً، فلا مفرّ لهم من تحدٍّ يواجهونه، وهو أن يدركوا ما نوع الفوز الذي حقّقوه. لا شكّ في أنّ المكاسب الكبيرة التي سيحقّقها الديموقراطيون ستعكس حكماً قاسياً على أداء جورج بوش الرئاسي. ومع أنّ التاريخ قد يمدح بعض قرارات بوش الناجحة (بما فيها خطة الإنقاذ المالي، ورفع عديد القوات الأميركية في العراق)، فإخفاقاته تتخطّى نجاحاته بأشواط، علماً أنّه يقترب من اليوم الانتخابي مع أعلى معدّل عدم قبول لأي رئيس (71 في المئة) سجّله استطلاع «غالوب».
أما ما يبقى أقلّ وضوحاً فهو ما إذا كان تحقيق الديموقراطيين فوزاً كبيراً سيشكّل تحولاً إيديولوجياً كما حصل في العام 1980. ويرى العديد من الديموقراطيين أنّ أيّ إنجاز هائل يُحقَّق اليوم، بعد انهيار مالي شوّه سمعة الأسواق المتفلّتة من الضوابط، سيعكس رفض العامة لا أداء بوش فحسب، بل أفكار ريغان الخاصة بالحكومة الصغيرة أيضاً. لذلك يرى ويلتز الذي يعرَف عنه عادةً دعمه القضايا الليبيرالية أنّ ما نشهده هو «نهاية عصر ريغان».
إلا أنّ المحافظين يشكّون في ذلك. ويقول بيتر فينر، وهو عضو بارز في مركز الأخلاقيات والسياسة العامة المحافِظ، إنّ «المشكلة سياسية أكثر منها إيديولوجية، وهي تتعلّق بالحزب الجمهوري أكثر مما تتعلّق بالحركة المحافِظة».
وهذا ليس بالجدل الأكاديمي. فلنفترض للحظة أنّ الديموقراطيين سيقودون الحكومة الفيديرالية في العام 2009، فانهم سيميلون على الأرجح إلى تحقيق الإنجازات من خلال برامج وتفويضات وضرائب جديدة، وذلك إذا اعتقدوا أنّهم حقّقوا فوزاً إيديولوجياً لا فوزاً حزبياً فحسب. وإذا فاز أوباما فالسؤال الأول الذي سيعترضه أثناء وضعه استراتيجية حكومته هو: هل يمثّل انتخابه انتصاراً على ماكين وبوش فحسب، أو على الإنجاز الذي سبق لريغان أن حقّقه أيضاً؟

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,081,882

عدد الزوار: 7,620,028

المتواجدون الآن: 0