هل ينجح حوار التهديد والتخوين؟

تاريخ الإضافة الإثنين 19 تموز 2010 - 8:10 ص    عدد الزيارات 621    التعليقات 0

        

هل ينجح حوار التهديد والتخوين؟
صلاح سلام

لم يعد من السهل تجاهل أجواء التصعيد والتوتر التي تعمل بعض الأطراف السياسية في المعارضة السابقة على تأجيجها لغايات ليست خافية على أحد، وفي مقدمتها زيادة الضغط والإرباك على السلطة الحالية لتأكيد عجزها وعدم قدرتها على الإمساك بدفة القيادة من جهة، ولتبرير المضي في <الطحشة> الحالية، والتقدم للسيطرة على إدارة اللعبة السياسية في البلد، من جهة ثانية!·
 

الإرباك الرسمي يتجلّى بأبشع صوره في عجز الحكومة عن التصدّي للملفات الملحة والضاغطة، وثم من خلال حالة الفوضى والتسيب السائدة في أكثر من مرفق وجهاز حيوي، وكان آخرها مطار بيروت الدولي، بعد انكشاف الحادثة المثيرة للشكوك التي تعرضت لها الطائرة السعودية، فضلاً عن استسلام بعض مواقع السلطة لأطراف سياسية نافذة، إما طوعاً سعياً لمكاسب ومناصب، أو رهباً تجنباً لما أصاب غيرهم من <مشاكل ووجع في الرأس>!·

ومما يزيد من قلق اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، من تفاقم هذه الظاهرة، أن الأطراف <الطاحشة> لمصادرة قرار الدولة تستند إلى إمكانيات وطاقات تفوق تلك المتوفرة للسلطة الشرعية، مالاً وتنظيماً وتسليحاً، بالإضافة إلى أن مواقع الدولة ما زالت تتصرّف وكأنها هي الطرف الأضعف في المعادلة السياسية، وعليها أن تستجيب لمحاولات أصحاب الضغوط المتزايدة باتجاه الهيمنة على مقدرات الدولة وقراراتها، والحجة الجاهزة دوماً هي تجنّب الصدامات المباشرة حفاظاً على وحدة المؤسسات··· كذا!·

  

لا نريد أن ندخل في توصيفات خطاب الأمين العام لحزب الله الأخير، فالكلمات النارية التي تضمنها خطاب السيّد حسن نصر الله تُعبّر عن التوصيفات، وتحدد المعاني، وترسم الأهداف، وهي لا تحتاج إلى مزيد من الشرح والتفسير، خاصة بالنسبة للربط بين مضمون القرار الاتهامي المتوقع صدوره عن المحكمة الدولية، وشبكات التجسس في قطاع الاتصالات، والتي كان آخرها المتهمين العاملين في شركة <ألفا>·

ومع إجماع اللبنانيين على ضرورة تعليق المشانق للعملاء من الخونة والمجرمين، الذين باعوا ولاءهم للوطن، وتنصلوا من دماء إخوانهم الشهداء والمقاومين مقابل حفنة من الدولارات، يصبح السؤال الأكثر إلحاحاً أمام الجميع:

لماذا نلجأ إلى لغة التهديد والتخوين كأسلوب للحوار كلما اختلفت الأطراف السياسية المتنافسة على ملف معين؟·

صحيح أن المحكمة الدولية ليست ملفاً عادياً، ولا هي مسألة يمكن التغاضي عنها بسهولة، ولكن من قال إن المعالجات الاستباقية تحتاج إلى هذا القدر من التصعيد والتوتير، وكأن القرار الاتهامي قد صدر فعلاً، وكأن الفتنة المذهبية أصبحت واقعة لا محالة··· لا سمح الله·

إن ملف المحكمة الدولية بالغة الحساسية والتعقيد، يحتاج إلى كثير من التروي والتبصر، طالما أن لا أحد في الداخل يرغب في استخدامه <شمّاعة> لقضايا أخرى، وطالما ان لا أحد في الداخل يهوى اللعب بنيران الفتن الطائفية والمذهبية، وطالما، ولعل هذا الأهم، أن الحكمة ما زالت موجودة عند أصحاب الإيمان، وأن روح التضحية ما زالت موجودة عند أصحاب الالتزام الوطني·

* * *

غير أن الخطورة، كل الخطورة، تكمن في مضمون وأبعاد السيناريو المنسوب للعماد ميشال عون وخلاصته أن المحكمة ستصدر قراراً اتهامياً ضد حزب الله، تعقبه فتنة داخلية، يستغلها العدو الإسرائيلي لشن حرب على الحزب، الذي يصبح بين نارين: نار الفتنة في الداخل، ونار العدوان الصهيوني جنوباً·

صاحب السيناريو لم يتوقف عند هذه <الرؤية> بل ذهب بعيداً عندما طالب السيّد نصر الله بأن يقوم بضربة استباقية تغيّر قواعد اللعبة الداخلية الحالية، وتطيح بالحكومة الائتلافية، التي بين أعضائها من هو متآمر مع سيناريو الفتنة والعدوان ··· كذا

· ولم يكتف عون بكل ذلك بل دعا الأمين العام لحزب الله بالتدخل للسيطرة على المناطق المسيحية التي من المتوقع أن تشهد تحركات ضد التيار العوني!·

ليس مستغرباً أن يُؤكّد عون انه هو صاحب هذا السيناريو المريع، الذي يعني في حال حدوثه، ليس تدمير آخر مكونات الدولة وحسب، بل أيضاً القضاء على أسس استمرار لبنان كوطن نهائي لجميع أبنائه، وفق ما نص عليه اتفاق الطائف·

وعلى سيرة اتفاق الطائف، يبدو أن العماد عون لم <يهضم> بعد الكثير من بنود ميثاق السلام الذي أنهى عقداً ونصف العقد من الحروب المدمرة والعبثية بين اللبنانيين، والذي وضع حداً لتمرد عون واغتصابه للسلطة في قصر بعبدا·

فرغبة <الجنرال> الاطاحة بالحكومة بعيداً عن المسالك الدستورية، وتشجيع حزب الله على استخدام قواته المسلحة مرّة أخرى لحسم الخلافات السياسية، والاستقواء بسلاح المقاومة على خصومه في الشارع المسيحي، كلها إشارات تؤكد تربص عون للاطاحة ليس بالسلطة الشرعية وحسب، بل وباتفاق الطائف، وكأنه يدعو إلى انقلاب على دستور الطائف، يُعيد عقارب الساعة إلى الوراء!·

* * * ولعل من حسن حظ المخلصين، والمتمسكين بأسنانهم بالأمن والاستقرار، أن تكون الزيارة الرابعة لرئيس الحكومة والوفد الوزاري الموسع إلى دمشق، على هذا القدر الكبير من النجاح، الذي أعاد العلاقات الأخوية بين البلدين إلى سكتها الصحيحة، ووضع حداً للمصطادين في المياه العكرة، ولكل الذين يراهنون على زرع بذور العداء والكراهية بين دمشق وبعض اللبنانيين، وخاصة المسيحيين منهم·

وجاءت زيارة وزيري القوات اللبنانية إلى العاصمة السورية، وما أدليا به من كلام ودي عن العلاقات اللبنانية - السورية، لتؤكد ما سبق وقلناه من قدرة سعد الحريري على أخذ القوات إلى دمشق، كما نجح غيره في اخذ عون إلى قصر المهاجرين، فضلاً عن أهمية ان تكون علاقات سوريا مع كل الأطراف اللبنانية، خاصة المسيحية، جيدة، حتى نستفيد من دروس وعبر المرحلة الماضية، وحتى لا نُكرّر ممارسات وأخطاء الماضي!·

صلاح سلام

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,168,051

عدد الزوار: 7,622,708

المتواجدون الآن: 0