المذكرات السورية في ميزان القانون الدولي

تاريخ الإضافة الأربعاء 6 تشرين الأول 2010 - 7:23 ص    عدد الزيارات 562    التعليقات 0

        

المذكرات السورية في ميزان القانون الدولي
ملاحظات عن صلاحية المحاكم وآلية التبليغات

 على وقع مروحة ردود محلية ودولية، سلكت مذكرات التوقيف السورية الصادرة في حق 33 شخصية لبنانية خطا قضائيا بلوره مجلس الوزراء باحالة الملف على وزير العدل إبرهيم نجار. ورغم ان بوادر الفصل هذا لاحت مع الكلام الذي اطلقه السفير السوري علي عبد الكريم علي من دارة رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، بتأكيده الطابع القضائي للمذكرات واستمرار العلاقة مع رئيس الوزراء سعد الحريري، بقي المضمون السياسي للخطوة طاغيا، مع تعدد الرسائل الناجمة عنها. وبذلك، تعود العلاقات اللبنانية - السورية مجددا الى دائرة الضوء، ولا سيما منذ خطوة تأطيرها ديبلوماسياً بتبادل السفراء بين البلدين. ومعها، يتبادر سؤال اساسي مفاده اي انعكاس للخطوة السورية على هذه العلاقات؟ وكيف يتعامل القانون الدولي مع حالات مماثلة؟
تثير خطوة اصدار المذكرات عددا من النقاط، بحسب الاستاذ في القانون الدولي الدكتور شفيق المصري، في مقدمها صلاحية المحاكم السورية في هذا المجال، ولا سيما لجهة تبيان ما اذا كانت هذه المحاكم تملك صلاحية عالمية. وهنا، تبرز قضية تتناول قدرة هذه المحاكم على قبول ملف جنائي، وخصوصا اذا كان صاحبه لا يحمل جنسية بلد المحكمة، واذا كان الحادث او الفعل الجرمي وقع خارج اقليم المحكمة.
عمليا، تبين التجربة، وبعد استعادة سريعة للتاريخ الدولي الحديث، قبول عدد من المحاكم الاوروبية ملفات مماثلة. واول ما يتبادر الى الاذهان في هذا المجال، قبول محاكم اسبانية وبلجيكية، على سبيل المثال لا الحصر، دعاوى افراد فلسطينيين ضد اسرائيليين في الاراضي المحتلة. وعليه، تدلل هذه الحالات، بحسب المصري، على امكان شروع القضاء السوري في خطوات على شاكلة اصدار مذكرات توقيف غيابية، شرط ان يمنح قانون البلاد المحاكم الوطنية ولاية عالمية.
نقطة ثانية تسلط عليها المبادرة السورية الضوء، وتتعلق بعنوان النزاع "الاعرض" اي شهود الزور، او ما يعرف بالاشخاص الذين تولوا تضليل التحقيق. وفي هذا الباب، يبدو فك الارتباط صعبا بين التطور الجديد والتحقيق الجاري، و"ليس المحاكمة"، كما يحرص المصري على التوضيح، باعتبار ان المحكمة ما زالت في مسار التحقيق.
قانونا، تترجم ارتدادات الخطوة السورية تداخلا يطاول ثلاثة جهات.
اولها المحكمة الدولية، وثانيها القضاء اللبناني وخصوصا انطلاقا مما يتردد عن صلاحيته في محاكمة من ضلل التحقيق - ويتوقع ان ترد هذه النقطة في مطالعة وزير العدل- الى طرف ثالث هو القضاء السوري.
واذا كان القضاء اللبناني يبقى الاولى في النظر في مسألة شهود الزور، لا سيما اذا بينت مطالعة وزير العدل ان هذه الخطوة تندرج ضمن صلاحياته بحسب المصري، فان التداخل "المثلث" الاطراف يترتب عن نظام المحكمة.
ومعلوم ان المحكمة باشرت عملها في الاول من آذار 2009، وفقا لنظام يشمل الملفات المتعلقة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن ان يتناول القضاء اللبناني هذه المسألة، من دون ان تتعارض خطوته مع التزامه التعاقدي مع منظمة الامم المتحدة في شكل عام والمحكمة الدولية في نوع خاص؟
ولا تبدو الامور اكثر بساطة بالنسبة الى القضاء السوري، وخصوصا في مرحلة يتواصل فيها التحقيق، ولم يتخللها بعد رفع لائحة الاتهام الى المحكمة الدولية. ومعلوم ان المدعي العام دانيال بلمار كان اعلن في وقت سابق انه في صدد رفع هذه اللائحة في حينه، مما يعني، مرة اخرى، على قول المصري، اننا ما زلنا في مرحلة ما قبل المحكمة.
امر اساسي يحرص الخبير في القانون الدولي على اعادة التذكير به في هذا المجال، ويتعلق بوضع مجلس الامن المحكمة تحت الفصل السابع في القرار 1636 الذي يفرض على سوريا تعاملا كاملا مع التحقيق. وفيما يتساءل ما اذا كان التعاون السوري ينسجم مع مضمون القرار السابق، يذكر بأن مهمة بت المسألة تعود الى القضاء الدولي.
 في التدرج المنطقي للامور، تبرز في مرحلة ثالثة آلية التبليغات وكيفية حصولها، اذ تكشف الاجراءات المتبعة النقاب عن مجموعة مفارقات ابرزها: اعلان وزير العدل انه لم يتبلغ اي معطى يتعلق بمذكرات التوقيف في شكل رسمي، رغم وجود اتفاق قضائي بين لبنان وسوريا يعود الى عام 1951. وهنا، تثار تساؤلات عن مدى مراعاة الاصول في هذه المذكرات.
وحتى مساء امس، ارتكز تبليغ المذكرات على معلومات صحافية في شكل اساسي، الامر الذي يجعلها تبدو في مكان ما وكأنها غير رسمية بتعبير المصري. وحده تصريح السفير السوري علي عبد الكريم علي خرق "الجلبة" الاعلامية، باعلانه من دارة النائب جنبلاط في كليمنصو ان المذكرات لها "جانب قضائي صرف"، مؤكدا استمرار العلاقة مع رئيس الوزراء سعد الحريري وكذلك الحوار.
وفي القاموس الديبلوماسي، تترجم اقوال السفير السوري اقرارا سوريا رسميا بالمذكرات، على قول الخبير في القانون الدولي، ولاسيما ان علي يمثل الدولة السورية امام السلطات اللبنانية، مشيرا الى ان أصول التبليغ تفرض في الحالة اللبنانية - السورية، اتباع احد منطقين. أولهما ان يصار الى اعلام وزارة الخارجية بالمذكرات عبر السفارة السورية، لتتولى بدورها ابلاغ المسؤولين في وزارة العدل، فيما يجيز الثاني ابلاغ وزارة العدل على ان يتم التواصل مع الجهات المعنية مباشرة، انطلاقا من الاتفاق القضائي اللبناني- السوري.
وأي دور للانتربول في تنفيذ هذه المذكرات اذاً؟
 عموما، يستجيب الانتربول لطلبات تتناول في شكل اساسي ملاحقة محكومين، كما انه يتأكد من استيفائها المعايير الدولية ويتحاشى التعاطي في الملفات ذات الطابع السياسي او الديني او العرقي. الا ان المصري يرى في المقابل لجوء القضاء السوري الى الانتربول ممكنا، معتبرا ان خطوة كهذه قد تعد مقدمة لمحاكمة غيابية.
 

ريتا صفير     

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,051,692

عدد الزوار: 7,619,640

المتواجدون الآن: 0