هل الاستقالة الرد المناسب؟!

تاريخ الإضافة الجمعة 15 تشرين الأول 2010 - 6:35 ص    عدد الزيارات 595    التعليقات 0

        

هل الاستقالة الرد المناسب؟!
غسان جواد
 

 

من يعرف قواعد لعبة الشطرنج جيدا، في وسعه ان يدرك متى تبدأ اللعبة ومتى تنتهي ومتى يجب انهاؤها عندما تقفل ولا يعود في وسعك ان تنقل حجرا من مكانه، لا انت ولا خصمك الذي يلعب معك· هذه اللعبة في ثراثها مستلهمة من تاريخ الحروب القديمة، والسياسات التي كان يجري تأسيسها على محاصرة القلاع والتقدم نحوها ببطء وذكاء حتى تستسلم او تنهار·

اللعبة في لبنان اقفلت، ولم يعد اي طرف قادرا على تحريك حجر من مكانه الا اذا جرى وضع اسس جديدة تحترم الاصول وتراعي مصالح الجميع ولا تدفع بأحد نحو الانتحار· وعلى هذا الاساس نفهم ونتفهم الدعوات التي اطلقت مؤخرا والتي نصحت رئيس الحكومة سعد الحريري بالاستقالة·

تراكمت الاخطاء في حق رئيس الحكومة ومنصبه، منذ ما بعد الانتخابات النيابية عندما فاز سعد الحريري بالاكثرية النيابية مجددا بخلاف كل ما اشاعته قوى المعارضة انذاك، وخرج كي يعلن انه ضمانة سلاح المقاومة وانه يمد يده الى الطرف الاخر ويريد ان يطوي صفحة الماضي، وفي قراءة سريعة لما جرى منذ التكليف الاول لسعد الحريري ثم التكليف الثاني وصولا الى لحظة تطويقه <بملف شهود الزور> والحملة على المحكمة الدولية نخرج بنتيجة اولية ومبدئية مفادها ان على رئيس الحكومة ان يستقيل للاسباب التالية:

اولا: في التكليف (الاول) ثم في التكليف (الثاني) لم تسمّ كتلتا الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير الحريري رئيسا مما اضعف هذا التكليف (شيعيا) وجعله محتاجا في كل عمل الحكومة الى غطاء شيعي (على القطعة) حتى لا يقال ان تكليفه ليس ميثاقيا ولا شرعيا على غرار تجربة حكومة الرئيس السنيورة· وعليه فإن عملية اضعاف رئيس الحكومة بدأت عند هذه النقطة·

ثانيا: الاصرار على صيغة ملتبسة في شكل ومضمون الحكومة والخروج بتسوية غير مفهومة وغير واضحة جعلت من احد الوزراء اقوى من رئيس الحكومة نفسه ضمن هذه التركيبة· وهذا ما جرى ادغامه مع بيان وزاري اخذ فيه الطرف الاخر ما يريد ولم يعط رئيس الحكومة وفريقه الا الكلام والشكليات كما سيظهر لاحقا عند فتح ملف المحكمة الدولية وتمويلها والتعاطي معها·

ثالثا: عدم ملاقاة رئيس الحكومة في منتصف الطريق في رحلة انفتاحه على سوريا وتخطيه كل الحواجز والعقبات بدءا من شارعه وصولا الى قيادات حزبه، بل على العكس يجري كل يوم تمرير رسائل تهديد ووعيد وصلت الى حدود ان صحيفة معارضة نشرت على صفحتها الاولى نصا قالت ان على الحريري ان يتلوه كي يظل في موقعه او حتى لا تنهار البصرة فوق رأسه· وهنا تصح الاشارة الى ان سوريا طرف وليست في الوسط ودورها حيال رئيس الحكومة لا يزال سلبيا بل شديد السلبية بالرغم من كل ما حصل·

رابعا: عدم الالتزام بالبيان الوزاري كسلة واحدة تتضمن شرعنة لسلاح المقاومة كما تتضمن شرعنة للمحكمة الدولية وسبل تصرف لبنان معها· الامر الذي يطيح ببيان الحكومة كاملا·

خامسا: ان المعروض على سعد الحريري هو الانتحار السياسي كما عبر النائب نهاد المشنوق وليس تسوية سياسية، وهذا الامر يتجلى ويبرز كل يوم من خلال الشروط القاسية والتطويقية والاستعلائية التي تطلق بوجه رئيس الحكومة·

سادسا: لا يمكن لرئيس الحكومة الذي يمثل في لبنان البعد العربي والامتداد الاسلامي ان يتصرف على طريقة وليد جنبلاط وذلك بالنظر الى الفرق الكبير بين ظروف الرجلين ووضعهما السياسي والتمثيلي والرمزي، وعندما يتصرف زعيم السنة في لبنان كما يتصرف زعماء العشائر والاقليات نكون امام مأزق بنيوي اجتماعي ودولتي غير مستقر وغير محترم·

سابعا: ان المسامحة تأتي بعد ان يعرف المتضرر من هو غريمه وهذا ما يثبته الشرع والقانون والاعراف، والتسوية في هذا المجال تأتي بعد القرار الظني وليس قبله·

ثامنا: استقالة الحريري الان ستضع الجميع امام مسؤولياتهم الجدية، وستجعل من التفاوض على تأليف حكومة جديدة مرحلة تؤسس للاستقرار والتسوية بشروط جديدة تمنع الفتنة والاقتتال الداخليين·

تاسعا: ان اي رجل سياسي سني لا يسعه ان يفكر تفكيرا بالحلول محل سعد الحريري اذا لم يكن لديه غطاء الاخير وبالتالي في وسع رئيس الحكومة ان يجلس في بيته ويقول على طريقة الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب : <امطري انّى شئت فإن خراجك سيعود الي>·

عاشرا: ان جمهور رفيق الحريري (الذي عبر عنه النائب نهاد المشنوق خير تعبير) اصبح يشعر بالمهانة والضعف وبدأ يرفض التمادي في منطق الاخضاع والغلبة والابتزاز وهو يقول اليوم لسعد الحريري <عد الى اهلك> وبعدها نرى·· هذا الجمهور نفسه مستعد ان يحتضن سعد الحريري مجددا عندما يحتاجه، كما فعل مع والده في انتخابات العام 2000، وكما فعل معه في انتخابات عامي 2005 عقب اغتيال رفيق الحريري و2009 عقب السابع من ايار·

احد عشر: عدم تحويل سعد الحريري الى ابو مازن جديد، وعدم تحويل لبنان الى نموذج غزاوي بشكل من اشكال الضعف والخضوع وفقدان المبادرة السياسية· وفي وسعنا هنا الاشارة ايضا إلى ما كتبته صحيفة اسرائيلية واصفة رئيس الحكومة بالضعيف وبأنه قد يلقى مصير والده، وقد لا نبالغ اذا شبهنا ما يجري مع الحريري الاب بما جرى مع الحريري الابن في محطات وانعطافات عديدة كان اخرها التمديد لاميل لحود وكل ما تلاه من ظروف·

الى هذه الاسباب تضاف جملة من الامور التي تفيد بأن الطرف الاخر يستهين بالحريري وبما يمثل ويفرض عليه شروط استسلام مهينة، وعليه فإن الاستقالة تصبح الرد المناسب والمشروع الذي على سعد الحريري ان يرميه في وجه الجميع، لنبدأ لعبة جديدة نظيفة وخالية من الاستعلاء وفرض الشروط· عندها تصبح التسوية ممكنة لكن بتوفر طرفين·· تماما مثل رقصة التانغو··

 

..The Islamic State in Somalia: Responding to an Evolving Threat...

 الجمعة 13 أيلول 2024 - 11:00 ص

..The Islamic State in Somalia: Responding to an Evolving Threat... An Islamic State branch has a… تتمة »

عدد الزيارات: 170,962,588

عدد الزوار: 7,617,755

المتواجدون الآن: 1