دفعت الحكومة الاسرائيلية بجنود الاحتياط الى المعركة لتبيّض صورتهم الملطخة منذ حرب تموز

تاريخ الإضافة الجمعة 30 كانون الثاني 2009 - 5:00 م    عدد الزيارات 885    التعليقات 0

        

القدس المحتلة - أمال شحادة 

وتتكرر الصورة : في الثامن عشر من كانون الثاني (يناير) الجاري، علم اسرائيل يرفرف فوق الجنود في آلياتهم العسكرية الزاحفة على رمل غزة وقد ارتسمت ابتسامة النصر على شفاههم. جنود احتياط ونظاميين.
في الثالث عشر من آب (أغسطس) 2006، كنا شاهدنا صوراً مماثلة، ولكن كان الأبرز فيها الأناشيد التي أطلقها الجنود في محاولة للتغطية على ما فقدوه من هيبة في لبنان.
إثر عودتهم من غزة، كانت ابتساماتهم وفخرهم لما خلفوه وراءهم من قتل ودماء تختلف بعض الشيء... فهنا على رمال غزة كانت نشوة النصر أقوى. إذ اقتنعوا بأن عمليتهم نجحت في صهر الرصاص جواً وبراً وبحراً... صهر رصاص على مدنيين لم يرحم بينهم طفلاً ولا امرأة ولا مسنّاً ولا مريضاً. ولكن بالنسبة إلى مصدري الأوامر ومنفذيها، لا تبدو القضية في غاية الأهمية. المهم بالنسبة إليهم ولمن يبحث عن «صور النصر» ، هي تلك المعطيات التي تبرز الفارق في  توازن القوى في هذه الحرب، وفيها انه في مقابل أكثر من 1300 قتيل فلسطيني قتل 13 أسرائيلياً من مدنييـن وجنود. ولمعرفة هول هذه الأرقــام تبسيطاً، تكون النتيجة كالآتي: في مقابـــل كل إسرائيلي قتل في هذه الحرب قتل 100 فلسطيني. وفي المقارنة تعكس هذه المعطيات القوة التي استخدمت في هذه الحرب وعدم التوازن بين طرفي الصراع.
 إنها معطيات يعجز الكلام عن وصف بشاعتها،  لكنها تكون إنعاشاً لقلوب الكثيرين إذا طُرحت من جانب الطرف الإسرائيلي، خصوصاً أولئك الذين  قذفوا الصواريخ أو المدفعية وآلة القتل التي حمل`وها معهم من تل ابيب وهـــم يعلمــــون انهـــا موجهة نحـــو بيوت عائـــلات ليست هـــــدفاً معلناً في العملية العسكرية، لكنها علــى أرض الواقع كانت الأهداف التي عززت مشاعر الإسرائيليين للترويج لنصرهم.
إن القوة التي استخدمت في العدوان على غزة، وبحسب رئيس الحكومة إيهود أولمرت، في كلمة النصر التي ألقاها قبل 3 ساعات من سريان مفعول وقف إطلاق النار، كانت قوة كبيرة جداً  وشملت غالبية ما يملك الجيش من ترسانة في كل وحداته في الاحتياط وفي الجو والبر والبحر.  ولإبراز «جبروت» الجيش الإسرائيلي خلال هذه العملية، لم يكن صدفة التركيز على جنود الاحتياط. فهؤلاء الذين كلفوا خزينة الدولة العبرية ملايين الدولارات خلال السنتين الأخيرتين في التدريبات، ومن ثم في تجنيد أكثر من عشرة آلاف منهم لحرب غزة، كانوا أبرز وصمة عار للجيش الإسرائيلي بعد حرب لبنان. هؤلاء عندما دخلوا الى غزة، وضعت القيادة أمامهم تحدياً كبيراً في تغيير الصورة التي التصقت بهم بعد حرب تموز. وحرص وزير الدفاع ايهود براك على مرافقتهم بالتدريبات على مدار الأسبوع والى جانبه كاميرا ترصد تحركاته لتكون أقوى دعاية انتخابية له بعد انتهاء الحرب. فأبدع باراك من خلال حركات وابتسامات وتصريحات للكاميرا بتسويق نجاحه وإقناع الإسرائيليين ان جيش الاحتياط في فترته كوزير دفاع ليس ذلك الجيش الذي خاض حرب لبنان. ليس ذلك الجيش الذي اظهر بعد انتهاء الحرب عيوب خجلت منها القيادة السياسية والعسكرية. جيش الاحتياط في عهد براك ليس ذلك الجيش الذي كُشفت عيوبه بعد حرب لبنان عندما راح يتحدث بصراحة بعد أسابيع من انتهاء الحرب كيف جلس في أرض المعركة يبكي على صديق قتل أمامه ولم يتمكن من القيام بواجبه. كيف لم يحتمل الجوع في بلدات الجنوب اللبناني ولم يكن قادراً على حمل حقيبة حاجاته والسير مسافات. وهكذا، فإن جيش الاحتياط في عهد براك ورئيس أركان الجيش غابي اشكنازي، أعاد ذلك الجيش الذي كان يوماً يتمتع بجبروت كواحد من أقوى جيوش العالم حيث اثبت مع وحدات النظامي قدرته على المحاربة والصمود والتصدي، انه ببساطة استطاع في حرب غزة استعادة تلك الهيبة التي فقدها في حرب لبنان.
واستعادة الهيبة لم تقتصر على جيش الاحتياط فحسب. فسلاح الجو الذي خصص له الجيش طوال فترة العملية طاقماً إعلامياً مبدعاً في الترويج لبطولاته في تفجير المباني وملاحقة مطلقي الصواريخ ومنصات قواعدها، خرج من هذه الحرب، وفق ما عكستها بيانات وصور الجيش، منتصراً ويشرب «نخب النصر» حتى الثمالة. فالصور التي حرص الجيش على ترويجها هي أقوى شهادة تؤكد انه تخلص من هاجس لبنان الذي رافقه على مدار سنتين ونصف السنة. فهو اليوم ذو قوة عسكرية جوية قوية.
والصور ذاتها تكررت أيضاً لعمليات سلاح البحرية الذي تحدث بوضوح ان سفينة «حانيت» التي تلقت ضربة قوية في حرب لبنان الثانية أصبحت في حرب غزة، مع ترسانة بحرية كبيرة تشملها معدات استخبارية، قوة بارزة. فإلى جانب العمليات التي اعتمد عليها سلاح البحرية لوحدها نفذ عمليات مركبة بالتنسيق مع وحدات البر والجو وروج الجيش لنجاح عشرات العمليات في «اصطياد» مقاتلي «حماس» وهم ينقلون الصواريخ  والأسلحة وآخرون  في طريقهم نحو وحدة جيش اسرائيلية. وهكذا تكاثرت الصور والتقارير عن عمليات «بطولية» نجح سلاح البحرية في تنفيذها عقب التطويرات التي أدخلت على سفنه البحرية خلال السنتين الاخيرتين.


حرب نفسية

استبقت القيادتان السياسية والعسكرية في إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية في غزة بحرب داخلية نفسية أدخلت فيها الإسرائيليين الى وضع أظهرت «حماس» فيها كقوة عظمى تساوي بقدراتها قوة «حزب الله» وركزت خلال حديثها على مواصلة تعزيز قدراتها العسكرية وامتلاكها الصواريخ والدعم الذي تحظى به من «حزب الله» وإيران، بالإضافة إلى التحذير من خطر ان تتحول غزة الى ولاية إيرانية محاذية للحدود الإسرائيلية. وعلى مدار أشهر طويلة، قارن عسكريون وسياسيون وضعية غزة بجنوب لبنان، سواء في الفترة الممتدة بين الانسحاب الاسرائيلي عام 2000 وحتى حرب تموز (يوليو) ثم الفترة التي تلت قرار مجلس الأمن الدولي 1701. وبحسب تقارير كثيرة، حاولت القيادة إقناع الإسرائيليين بأنه في حال تقررت محاربة «حماس»، فإن المعارك ستكون صعبة وخطيرة. وبين النقاط والسطور، نشرت التلميحات الى ان الجيش الإسرائيلي اليوم، خصوصاً الاحتياط، يستعد لمثل هذه المواجهات. وهو على مدار السنة يتدرب مستخلصاً في ذلك العبر من حرب لبنان الثانية. وكما قال الكاتب عاموس غلبواع،  ترسخت في أذهان الإسرائيليين فكرة الدخول الى غزة كمن في انتظاره كارثة... حتى أصبحت إيماناً دينياً. إذ شملت التقارير:
- «حماس» قدرة عسكرية نوعية.
- مقاتلوها الذين تدربوا في إيران ينتظرون الجيش الإسرائيلي بعيون مليئة بالقتل.
- لها منظومات دفاعية متينة وستالين غراد هي لعبة أطفال بالقياس إليهم.
- الجيش الإسرائيلي سيتكبد خسائر فادحة للغاية لمئات القتلى وآلاف الجرحى. الدبابات ستحترق والجبهة الداخلية ستصبح جحيماً.
وقالوا في حربهم النفسية هذه: «إذا دخلنا القطاع، فلن نعرف كيف نخرج. سنسقط في وحل غزة كما سقطنا في الوحل اللبناني. ستندلع انتفاضة ثالثة وحشية وسيسقط رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. قالوا وقالوا... وفي ملخص السطر الأخير هناك صعوبة «الانتصار في غزة».
التقارير الإسرائيلية هذه لم تكن بعيدة زمنياً عن موعد انطلاق العملية العسكرية «الرصاص المصبوب»، والتي تميزت بعنصر المفاجأة في بدايتها. ولكن كما رآها البعض، فإن إثارة هذه التقارير جاءت لتكون الفرصة ممكنة للحديث عن «جبروت الجيش الإسرائيلي». فأمام ما أثاره من  قوة وقدرات لـ «حماس» لا تقل عن  قدرة «حزب الله»، أحرز الجيش الإسرائيلي تفوقاً كبيراً عليه. وفي هذا يلخص: «لم نعد ذلك الجيش الذي فقد هيبته في حرب لبنان لتكتمل صـورة النصر ونشوتها. وهنا يحذر غلبواع من خطر الثمالة من النصر، ويقول: «محظور أن نبدأ بالاعتقاد أن ما كان صحيحاً وجيداً للساحة الغزية سيكون صحيحاً لساحات قتالية أخرى. ويجدر بنا أن نتذكر جيداً ان النصر العسكري لم يترجم بعد الى انجاز سياسي حقيقي. الاختبار السياسي الحقيقي لا يزال أمام القيادة السياسية الثلاثية عندنا وأمام القيادة المستقبلية.
وفي جانب المقارنة، يقول الكاتب عاموس هرئيل: «من دون شك فإن رئيس أركان الجيش غابي اشكنازي وقائد المنطقة الجنوبية، يواف غلانط أدارا المعركة على مستوى جيد ولا يقاس بالطريقة التي أديرت فيها حرب تموز في لبنان». ولكن لفت هرئيل: «علينا الانتباه إلى ان الحديث لا يدور عن ذات الخصم وعلينا الحذر من استخلاص استنتاجات مغلوطة بالنسبة إلى شكل المواجهة التالية في لبنان، إذا اندلعت. الجيش الإسرائيلي استخدم في غزة خمسة ألوية فقط في منطقة صغيرة. لا توجد صعوبة في التوفير لمثل هذه القوة تغطية كبيرة من سلاح الجو، الاستخبارات والنقليات. كما أن التهديد على الجبهة الداخلية كان صغيراً نسبياً».
ويصل هرئيل في تحذيره الى أبعد من ذلك، قائلاً: «صحيح ان إسرائيل قدمت في غزة عرضاً جوهرياً، ينبغي أن نأمل في أن يردع «حماس» عن هجمات أخرى على أراضيها. وجيشنا  استخدم الكثير من القوة والقليل من الحيلة. وهنا ينبغي علينا ان نطرح إذا لم تكن إسرائيل مددت الحرب لزمن أطول مما ينبغي فرسخت بذلك فكرة صمود «حماس». وهنا علينا الحذر من نسيان وجود مشاكل أكبر. فعلى مدى الزمن الذي قصفنا فيه غزة، لا بد من ان أجهزة الطرد المركزي في نتناز (إيران) كانت تواصل عملها»

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,082,585

عدد الزوار: 7,620,045

المتواجدون الآن: 0